معضلة الوعي

معضلة الوعي هي مسألة تفسير وجود كائنات واعية تعيش تجارب ذاتية، وكيف ولماذا تفرق الحالات المحسوسة الداخلية الذاتية مثل الحرّ والألم عن الحالات غير الذاتية غير المحسوسة كما في جهاز منظم الحرارة أوآلة التحميص. أراد الفيلسوف ديفي تشالمرز الذي صكّ مصطلح «معضلة» الوعي حتى يقابلها بـ «المسائل السهلة» التي تفسر القدرة على تمييز المعلومات وإدماجها ورواية الحالات الذهنية وهجريز الانتباه وغير ذلك. تعدّ المسائل السهلة سهلةً إلى حدٍّ ما لأن جميع ما يتطلبه حلها هوتحديد الآلية التي تجري بها الوظيفة. بعبارة أخرى: مهما كان فهمنا لهذه الظواهر رديئًا ومهما كانت هذه الظواهر معقدة، فإنه بإمكاننا في النهاية حتى نعتمد في حلها على المناهج الفهمية المعتمدة. يقول تشالمرز إذا مسألة التجربة مختلفة عن هذه الظواهر وإنها «سوف تستمرّ حتى إذا استطعنا شرح جميع هذه الوظائف القريبة منها».

ولكنّ وجود «المعضلة» محل جدل. فقد قبلها بعض فلاسفة العقل مثل جوسيف ليفينوكولين مكغينونيد بلوك، وبعض فهماء الأعصاب الإدراكيين ومنهم فرانسيسكوفاريلا وغيوليوتومومي وكريستوف كوتش. ولكن وجود المعضلة لم يزل محل نقاش بين بعض فلاسفة العقل الآخرين مثل دانييل دينيت وماسيموبيغليوتشي وكيث فرانكش وبعض فهماء الأعصاب الإدراكيين الآخرين مثل ستانيسلاس ديهين وبيرنارد بارس.

صيغة تشاملرز

المعضلة

في ورقته «في لقاءة مسألة الوعي» (1995) خط تشاملرز:

من المسلّم به الذي لا ينكره أحد حتى بعض الكائنات كائنات مجرّبة. ولكن السؤال: كيف من الممكن أن كانت هذه الأنظمة محالّ تجربة -سؤال معقد. لما نعيش تجربة بصرية أوصوتية عندما تنخرط أنظمتنا الإدراكية في عملية معالجة المعلومات البصرية أوالصوتية،يا ترى؟ لما نشعر بالاكتئاب العميق،يا ترى؟ لما نشعر بالعلامات الموسيقية،يا ترى؟ كيف من الممكن أن يمكن حتى نشرح قدرة شيءٍ من الأمور على إثارة صورة ذهنية أوحثّ تجربة شعورية،يا ترى؟ من المتفق عليه على نطاق واسع حتى الأمر يُبنى على أساس جسمي، ولكننا لا نملك أي تفسير مقنع لكيفية ظهوره ولا سببه. لما كان على المعالجة الجسمية حتى تنتج حياة داخلية غنية بالمشاعر،يا ترى؟ إذا العقل يقضي بأنها لم يكن عليها حتى تنتج هذا، ولكن الحقيقة أنها أنتجت.

في الورقة نفسها، خط:

إن معضلة الوعي الحقيقية هي معضلة التجربة. فإننا عندما نفكر أونحسّ نعالج معلومات معينة، ولكن في الأمر جانبًا ذاتيًّا آخر.

المسائل السهلة

يصنع تشاملرز لقاءةً بين المعضلة وعدد من المسائل السهلة التي يقدمها الوعي وهويقرّ بأن هذه المسائل السهلة بحاجة إلى عمل تجريبي صعب، ولكنه يسميها مسائل سهلة لأنها مستطاعة الحل من خلال الطرق الفهمية المعتمدة. ويركّز تشاملرز على حتى هذه المسائل السهلة تشهجر كلها في أنها تفسير لوجود قدرة، أوإجراء وظيفة ما أوسلوك. قدّم تشاملرز هذه القائمة من المسائل السهلة:

القدرة على تمييز المنبهات البيئية وتصنيفها والتفاعل معها.
قدرة النظام الإدراكي على إدماج المعلومات.
القدرة على رواية الحالات الذهنية.
قدرة النظام على الوصول إلى حالاته الداخلية.
هجريز الانتباه.
السيطرة المتقنة على السلوك.
التفريق بين النوم واليقطة.

صيغ أخرى

من الصيغ الأخرى لمعضلة الوعي:

«لماذا كانت بعض الكائنات محالّ تجربة؟»
«لم وُجد الوعي بالمعلومات الحسية أصلًا؟»
«لم وجدت التجربة الذاتية؟»
«لمَ وُجد عنصر ذاتي في التجربة؟»
«لماذا لم نكن زومبيّات متفلسفة؟»

ونطق الفيلسوف رامي مجيد عام 2016 إذا معضلة الوعي في الحقيقة مرتبطة بـ «هدفين تفسيريين»:

[م.ج] المعالجة الجسمية التي أنتجت تجارب لها طبيعة ظاهراتية.
[ق] قدراتنا الظاهراتية موجودة بطريقة أوبأخرى.

أما الحقيقة الأولى فتتعلق بالارتباط بين الجسمي والظاهراتي (بعبارة أخرى: كيف من الممكن أن ولماذا كانت بعض التجارب الجسمية تجارب محسوسة)، وأما الثانية فتتعلق بطبيعة الظاهراتي في نفسه (بعبارة أخرى: كيف من الممكن أن نحس بالحالة المحسوسة؟).

سوابق تاريخية

إن لمعضلة الوعي سوابق تاريخية أقدم من تشاملرز بكثير، أشار إليها تشاملرز نفسه.

خط الفيزيائي والرياضي إسحاق نيوتن عام 1672 في رسالة أوفدها إلى هنري أولدنبرغ:

ليس سهلًا علينا حتى نعهد على أي نحويمكن للضوء حتى يبعث في عقولنا الشعور باللون.

خط جون لوك الفيلسوف والفيزيائي في منطقة عن الفهم الإنساني (1690):

قسّم المادة إلى أجزاء دقيقة صغيرة كما ترغب (وهوما نميل إلى الظن أنه سيجعلها متاحة للتفكير) وغيّر في كمياتها وحركاتها ما أحببت -اجعلها كالكوكب أوكحجر النرد أوكالمخروط أوالموشور أوالأسطوانة أوغير ذلك، ولتكن أبعادها جزءًا من مليون جزءٍ من نقير، لن تستطيع بعد جميع هذا حتى تفرّق بين عمل هذه المادة المقسمة والمادة التي أبعادها بالبوصات أوالأقدام، فهذا كظنك أنك إذا جمعت جزيئات كبيرة كثيرة من المادة بأعداد مخصوصة وحركات مخصوصة من الأمور الدقيقة التي توجد في أي مكان، استطعتَ حتى تنتج حسًّا وفكرًا وفهم. ستتضارب الأمور الدقيقة هذه وتدافع ويقاوم بعضها بعضًا كما تعمل الأمور الكبيرة، وهذا جميع ما يمكنها عمله، من المحال فهم حتى المادة، سواء بالتقسيم أودونه، تستطيع من نفسها حتى تنتج حسًّا وإدراكًا وفهم، فإذا كان هذا، يتضح حتى الحس والإدراك والفهم خصيصة لم تنفصل منذ الأزل عن المادة وعن جميع جزءٍ منها.

خط العالم الموسوعي والفيلسوف غوتفريد ليبنيز عام 1714، وهومثال سُمّي ثغرة ليبنيز:

لا بد من الاعتراف بأن الإدراك وما يعتمد عليه لا يمكن تفسيره من وجهة النظر الميكانيكية، أي باستخدام الأعداد والحركات. وإذا افترضنا آلة مصممة من أجل حتى تفكر وتشعر وتدرك، فإنها لا بد حتى تكون ذات حجمٍ ضخم حتى تجمع هذه الخصائص كلها، وقد يبلغ حجمها حتى المرء يستطيع دخولها كما يدخل إلى مصنع أوطاحونة هواء. فإذا كان هذا، فإننا عندما نبحث في داخل هذه الآلة، سنجد أجزاءً يعتمد بعضها في عمله على بعض، ولكننا لن نجد شيئًا يفسّر الإدراك.

إجابات

نشأ من صياغة تشاملرز لمعضلة الوعي نقاش كبير في فلسفة العقل وفي البحث الفهمي أيضًا. تقبل بعض الإجابات حتى المعضلة حقيقية وتحاول حتى تطوّر نظرية للوعي تستطيع حل المعضلة، وتحاول الإجابات الأخرى حتى تظهر حتى تفريق المعضلة عن المسائل السهلة تفريقٌ لا يصمد أمام التحليل. أما النوع الثالث من الإجابات، فهوحتى معضلة الوعي حقيقية ولكن ليس في مقدور الوعي الإنساني حلها.

حلول مقترحة

اقتُرحت حلول كثيرة لحل معضلة الوعي. من هذه الحلول: الاختزالية الضعيفة، وهي الرأي القائل أنه لما كانت معضلة الوعي مسألة لا يمكن للتقدم الفهمي حلها، فإن ذلك راجع إلى خطأ في فهمنا لا إلى معضلة وجودية. من الحلول المقترحة الأخرى الحل القائل إذا الوعي شيء قائم بنفسه غير حادث من العمليات الجسمية مثل جوانب الحياة الأخرى. يرى أصحاب الفلسفة الثنائية حتى الوعي إما أنه خصيصة غير جسمية منفصلة عن الدماغ، وإما أنه خصيصة غير جسمية للدماغ. أما الروحية الكاملة والأحادية المحايدة فيرون حتى الوعي جوهري في المادة. يرى تشاملرز حتى الحل المناسب هوبقاء المعضلة سؤالًا مفتوحًا، ولكنه يميل إلى حل يشبه الحل الثنائي أوما يسميه «الأحادية من النمط إف» (وهي تضم الروحية الكاملة والأحادية المحايدة)، وقد رفض تشاملرز الاختزالية الضعيفة.

المراجع

^ Levine, Joseph (2009-01-15). "The Explanatory Gap". The Oxford Handbook of Philosophy of Mind. doi:10.1093/oxfordhb/9780199262618.003.0017. مؤرشف من الأصل في 29 يوليو2019.
^ McGinn, Colin (20 February 2012). "All machine and no ghost?". نيوستيتسمان. مؤرشف من الأصل في 29 يوليو2019. اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2012.
^ Block, Ned (2002). "The Harder Problem of Consciousness". The Journal of Philosophy. 99 (8): 391–425. doi:10.2307/3655621. JSTOR 3655621. مؤرشف من الأصل في 26 مايو2020.
^ Varela, F. J. (1996-04-01). "Neurophenomenology: a methodological remedy for the hard problem". www.ingentaconnect.com. مؤرشف من الأصل في 29 يوليو2019. اطلع عليه بتاريخ 29 يوليو2019.
^ Tononi, Giulio; Koch, Christof (March 2015). "Consciousness: here, there and everywhere?". Philosophical Transactions of the Royal Society B: Biological Sciences. 370 (1668): 20140167. doi:10.1098/rstb.2014.0167. PMC 4387509. PMID 25823865.
^ Koch, Christof; Marcello Massimini; Boly, Melanie; Tononi, Giulio (July 2016). "Integrated information theory: from consciousness to its physical substrate". Nature Reviews Neuroscience. 17 (7): 450–461. doi:10.1038/nrn.2016.44. ISSN 1471-0048. PMID 27225071.
^ Massimo Pigliucci (2013). "What hard problem?" (PDF). Philosophy Now (99). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2 أكتوبر 2017.
^ Frankish, Keith (2016). "Illusionism as a Theory of Consciousness" (PDF). Journal of Consciousness Studies. 23 (11–12): 11–39. مؤرشف من الأصل (PDF) فيخمسة يناير 2019. اطلع عليه بتاريخ 20 ديسمبر 2018.
^ Edelman, Gerald; Gally, Joseph; Baars, Bernard (2011). "Biology of Consciousness". Frontiers in Psychology. 2 (4): 4. doi:10.3389/fpsyg.2011.00004. PMC 3111444. PMID 21713129.
^ Majeed, Raamy (September 2016). "The hard problem & its explanatory targets". Ratio. 29 (3): 298–311. doi:10.1111/rati.12103.
^ Chalmers, David (January 1997). "Moving forward on the problem of consciousness". Journal of Consciousness Studies. 4 (1): 3–46. مؤرشف من الأصل فيتسعة ديسمبر 2019.
^ Seager, William; Allen-Hermanson, Sean (2010). . Metaphysics Research Lab, Stanford University. مؤرشف من الأصل فيستة مارس 2020.
^ Locke, John (1722). The works of John Locke: in three volumes. 1. London: Printed for A. Churchill, and A. Manship, and sold by W. Taylor in Pater-noster-Row. صفحة 293.
↑ Weisberg, Josh. "The Hard Problem of Consciousness". Internet Encyclopedia of Philosophy. ISSN 2161-0002. مؤرشف من الأصل في ثلاثة مايو2020. اطلع عليه بتاريخ 11 سبتمبر 2018.
^ Calef, Scott (2014). . ISSN 2161-0002. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 08 فبراير 2019.
↑ Chalmers, David J. (2003). Stich, Stephen P.; Warfield, Ted A. (المحررون). (PDF) (الطبعة 1st). Malden, MA: Blackwell Publishing Ltd. ISBN . مؤرشف من الأصل (PDF) في 09 أكتوبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 21 يناير 2018.