الفجور لغةً:

من فَجَرَ يفجر فُجورًا، أي: فَسَقَ. وهذه المادة تدل على التَّـفَتُّح في الشَّيء، ومنه: انفجَرَ الماء انفجارًا: تفتَّحَ. والفُجْرَة: موضع تفتُّح الماء. ثمَّ كثُر هذا حتَّى صار الانبعاثُ والتفتُّح في المعاصي فُجورًا؛ ولذلك سُمِّي الكَذِب فجورًا. ثمَّ كثُر هذا حتَّى سُمِّي كلُّ مائلٍ عن الحقِّ فاجرًا.

والفجور اصطلاحًا:

نطق الجرجاني: (الفُجُور هوهيئة حاصلة للنفس بها يباشر أمور على خلاف الشرع والمروءة)..

وقيل: (الفُجُور بمعنى: الانبعاث في المعاصي والتوسع فيها).

نطق ابن حجر: (والفاجر يَحْتَمِل حتى يُرِيد به الكافر، ويَحْتَمِل حتى يدخل فيه العاصي).

وقيل: (الفُجُور: اسم جامع لكلِّ شرٍّ، أي: الميْل إلى الفساد، والانطلاق إلى المعاصي).

الفرق بين الفجور وغيره من الصفات الأخرى

الفرق بين الفجور والفِسْق

(الفِسْق: هوالخروج مِن طاعة الله بكبيرة، والفُجُور: الانبعاث في المعاصي والتَّوسُّع فيها،.. فلا ينطق لصاحب الصَّغيرة: فاجرٌ،.. ثمَّ كَثُر استعمال الفُجُور حتى خُصَّ بالزِّنا واللِّواط وما أشبه ذلك).

مواضع ذِكْر الفجور في القرآن

(والفجَّار : جمع فاجر، وهوالإِنسان الكثير الفجور، أى: الخروج عن طاعة الله تعالى، أى: إذا المؤمنين الصادقين الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه، لفى نعيم دائم وهناء مقيم، وإن الفجار الذين نقضوا عهودهم مع الله وفسقوا عن أمره، لفى نار متأججة بعضها فوق بعض، هؤلاء الفجار الذين شَقُّوا عصا الطاعة).

اتى في تفسير السعدي: ({أُولَئِكَ الذين بهذا الوصف {هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ أي: الذين كفروا بنعمة الله وكذبوا بآيات الله، وتجرأوا على محارمه).

((نطق ابن عباس: يعني الكافر يكذب بما أمامه من البعث والحساب. ومما يشير على حتى الفجور هوالتكذيب ما ذكره القتبي وغيره حتى أعرابيًا قصد عمر بن الخطاب وشكا إليه نقب إبله ودبرها، وسأله حتى يحمله على غيرها فلم يحمله؛ فنطق الأعرابي: أقسم بالله أبوحفص عمر ما مسَّها من نقب ولا دبر فاغفر له اللهم إن كان فجر -يعني إذا كان كذَّبَني فيما ذكرتُ-.

وعن ابن عباس أيضا: يُعجل المعصية ويسوف التوبة. وهذا قول مجاهد والحسن وعكرمة والسدي وسعيد بن جبير؛ يقول: يفترض أن أتوب، يفترض أن أتوب، حتى يأتيه الموت على أشر أحواله. وقيل: أي يعزم على المعصية أبدا وإن كان لا يعيش إلا مدة قليلة.

فالهاء على هذه الأقوال للإنسان، وقيل: الهاء ليوم القيامة. والمعنى بل يريد الإنسان ليكفر بالحق بين يدي يوم القيامة. والفجور أصله الميل عن الحق)).

نطق الطَّبري:( ((أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ)) أي: الذين اتقوا الله بطاعته وراقبوه، فحذروا معاصيه. ((كَالْفُجَّارِ)) يعني: كالكفَّار المنتهكين حُرُمَات الله).

مواضع ذِكْر الفجور في السُّنة

مَرَّ رسول الله بجنازة، فنطق: ((مستريح ومستراح منه. نطقوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه،يا ترى؟ نطق: العبد المؤمن يستريح مِن نصب الدُّنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشَّجر والدَّواب)).

نطق الباجيُّ: (قوله لما رأى الجنازة: مستريح ومستراح منه. يريد أنَّ مَن توفي مِن النَّاس على ضربين: ضرب يستريح، وضرب يُسْتَراح منه، فسألوه عن تفسير مراده بذلك، فأبلغ أنَّ المستريح: هوالعبد المؤمن يصير إلى رحمة الله وما أُعِدَّ له مِن الجنَّة والنِّعمة، ويستريح مِن نصب الدُّنيا وتعبها وأذاها، والمستراح منه هوالعبد الفاجر، فإنَّه يستريح منه العباد والبلاد والشَّجر والدَّواب، ويحتمل حتىقد يكون أذاه للعباد بظلمهم، وأذاه للأرض والشَّجر: بغصبها مِن حقِّها وصرفها إلى غير وجهها، وإتعاب الدَّواب بما لا يجوز له مِن ذلك، فهذا مستراح منه) .

نطق رسول الله : ((عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا. وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا)).

نطق المناويُّ: (عليكم بالصِّدق. أي: الزموه وداوموا عليه. فإنَّه مع البرِّ. يحتمل أنَّ المراد به العبادة. وهما في الجنَّة. أي: الصِّدق مع العبادة يُدْخِلان الجنَّة. وإيَّاكم والكذب. اجتنبوه واحذروا الوقوع فيه. فإنَّه مع الفُجُور. أي: الخروج عن الطَّاعة. وهما في النَّار. يُدْخِلان نار جهنَّم).

نطق رسول الله ، نطق: ((أربعٌ مَن كنَّ فيه، كان منافقًا، أوكانت فيه خصلة مِن أربعة، كانت فيه خصلة مِن النِّفاق، حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)).

نطق ابن رجب: (إذا خاصم فجر) يعني بالفجور : حتى يَخرج عن الحق عمدا حتى يصيِّرَ الحق باطلا والباطل حقا، وهذا مما يدعوإليه الكذب، كما نطق النبي : (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار)، وفي السليمين عن النبي : (إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)، فإذا كان الرجل ذا قدرة عند الخصومة –سواء كانت خصومته في الدين أوفي الدنيا– على حتى ينتصر للباطل، ويخيل للسامع أنه حق، ويوهن الحق، ويخرجه في صورة الباطل، كان ذلك من أقبح المحرمات، وأخبث خصال النفاق، وفي سنن أبي داود عن ابن عمر عن النبي نطق: (من خاصم في باطل وهويفهمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع) وفي رواية له أيضا: (ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله).

ذِكْر الفجور في كُتب الفهماء

• ونطق عمر بن الخطاب : (لا تعرضنَّ فيما لا يعنيك، واعتزل عدوَّك، واحتفظ مِن خليلك إلَّا الأمين، فإنَّ الأمين مِن القوم لا يعدله شيء، ولا تصحب الفاجر يعلِّمك مِن فجوره، ولا تفش إليه سرَّك، واستشر في دينك الذين يخشون الله عزَّ وجلَّ).

• نطق الحسن بن علي : (أكيس الكيس التُّقَى، وأحمق الحمق الفُجُور).

• ونطق علي : (الحِرفة مع العفَّة خير مِن الغِنَى مع الفُجُور).

• وعن ابن مسعود موقوفًا: (إنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنَّه قاعدٌ تحت جبلٍ، يخاف حتى يقع عليه، وإنَّ الفاجر يرى ذنوبه كذباب مَرَّ على أنفه، فنطق به هكذا- أي بيده- فذبَّه عنه).

• وعن سفيان نطق: (كان يُنطق: تعوَّذوا بالله مِن فتنة العابد الجاهل، وفتنة العالم الفاجر، فإنَّ فتنتهما فتنة كلِّ مفتون).

• ورُوِي عن الحسين أنَّه نطق: (يا بني؛ ليس مع قطيعة الرَّحم نَمَاء، ولا مع الفُجُور غِنًى).

• وقيل للحسن: (الفاجر المُعْلِن بفجوره، ذِكْرِي له بما فيه غيبة،يا ترى؟ نطق: لا، ولا كرامة).

• ونطق مالك بن دينار: (إنَّ للمؤمن نيَّة في الخير هي أمامه لا يبلغها عمله، وإنَّ للفاجر نيَّة في الشَّرِّ هي أمامه لا يبلغها عمله).

• ونطق سفيان الثوري: (إيَّاك والحدَّة والغضب، فإنَّهما يجرَّان إلى الفُجُور، والفُجُور يجرُّ إلى النَّار).

نتائج وعواقب الفجور

1- خرابٌ للمجتمع لكثرة الأذى فيه:

• نطق الحسن البصري: (إنَّ المؤمن أحسن الظَّنَّ بربِّه فأحسن العمل، وإنَّ الفاجر أساء الظَّنَّ بربِّه فأساء العمل، فكيفقد يكون يحسن الظَّنَّ بربِّه مَن هوشارد عنه، حالٌّ مرتحل في سخطه؟!).

2- انحطاط أخلاق المجتمع:

فالفجور مولد لفجورٍ آخر، والفاجر يسعى في جعل الناس مثله.

• نطق علي : (لا تواخ الفاجر؛ فإنَّه يزيِّن لك عمله، ويحبُّ لوأنَّك مثله، ومدخله عليك ومخرجك مِن عنده شَيْنٌ وعار).

3- يُحبط العمل وطريقٌ موصل للنار:

• نطق رسول الله في الحديث السابق ذكره: ((.. وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار..)).

4- من أخبث خصال النفاق:

• نطق رسول الله ، نطق: ((أربعٌ مَن كنَّ فيه، كان منافقًا، أوكانت فيه خصلة مِن أربعة، كانت فيه خصلة مِن النِّفاق، حتى يدعها)) وذكر منها: ((وإذا خاصم فجر)).

أسباب الفجور

1- ضعف الإيمان، وضعف الوازع الديني:

• نطق تعالى:  قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ   - الحجرات -

2- الغضب:

• ونطق سفيان الثوري: (إيَّاك والحدَّة والغضب، فإنَّهما يجرَّان إلى الفُجُور، والفُجُور يجرُّ إلى النَّار).

3- الكذب:

• نطق رسول الله في حديث تجاوز ذكره: ((... وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار...)).

4- التساهل بالذنوب الصغيرة واستمراؤها وعدم محاسبة النفس عليها، والتوبة منها:

عن سهل بن سعد نطق: نطق رسول الله :

«إيَّاكم ومُحقَّرات الذنوبِ؛ فإنَّما مثَلُ مُحقَّراتِ الذنوبِ كقومٍ نزلوا في بطنِ وادٍ، فاتى ذا بعودٍ، واتى ذا بعودٍ حتى أنضَجوا خُبزَتَهم، وإن مُحقَّرات الذنوبِ متى يُؤخَذُ بها صاحبُها تُهلِكُه».

5- الصُّحْبة السيئة:

• نطق الله تعالى (في سورة الزخرف):  وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ  وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ  حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ  

• ونطق عمر بن الخطاب : (... ولا تصحب الفاجر يعلِّمك مِن فجوره، ولا تفش إليه سرَّك، واستشر في دينك الذين يخشون الله عزَّ وجلَّ).

6- ضعف التربية الإيمانية والأخلاقية:

• نطق الله تعالى (في سورة الشمس):  قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا  وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا  

7- غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

• نطق تعالى (في سورة آل عمران):  وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ  

حِكَم وأقوال في الفجور

1. كان ينطق: (اثنان لا يجتمعان: القُنُوع والحسد، واثنان لا يفترقان أبدًا: الحرص والفُجُور).
2. ونطق بعضهم: (خير الدُّنيا والآخرة في خصلتين: التُّقى والغِنى. وشرُّ الدُّنيا والآخرة خصلتين: الفُجُور والفقر).
3. ونطق أبان بن تغلب: (سمعت امرأة توصي ابنًا لها وأراد سفرًا، فنطقت: أي بني، أوصيك بتقوى الله، فإنَّ قليله أجدى عليك مِن كثير عقلك، وإيَّاك والنَّمائم. فإنَّها تورث الضَّغائن، وتفرِّق بين المحبِّين؛ ومثِّل لنفسك مثال ما تستحسن لغيرك ثمَّ اتَّخذه إمامًا، وما تستقبح مِن غيرك فاجتنبه، وإيَّاك والتَّعرُّض للعيوب فتصير نفسك غرضًا، وخليق ألَّا يلبث الغرض على كثرة السِّهام، وإيَّاك والبخل بمالك، والجود بدينك. فنطقت أعرابيَّة معها: أسألك إلَّا زدته يا فلانة في وصيتَّك. نطقت: إي والله؛ والغدر أقبح ما يعامل به الإخوان، وكفى بالوفاء جامعًا لما تشتَّت مِن الإخاء، ومَن جمع الفهم والسَّخاء فقد استجاد الحُلَّة، والفُجُور أقبح خُلَّة وأبقى عارًا) .
4. ونطق بعض أهل الأدب: (عشر خصالٍ تزري، ومنها تتفرَّع النَّذالة: الحسب الرَّديء، والخُلُق الدَّنيء، وقلَّة العقل، وسوء العمل، ودناءة النَّفس، والجبن، والبخل، والفُجُور، والكذب، والغش للنَّاس والوقيعة فيهم).

الفجور في شعر العرب

• نطق زيد بن عمروبن نفيل :

• ونطق الزُّبير بن عبد المطَّلب:

• نطق أحمد بن يوسف:

انظر أيضا

• فحشاء
• ابتلاء

مراجع