لقمان الحكيم كان رجلاً حكيما، ذُكر في القرآن وأطلق اسمه على سورة لقمان، وقد عاصر داود وعهد بالحكيم، ولد وعاش في بلاد النوبة ، ووصايا لقمان هي إحدى القصص القرآنية التي تتحدث عن حكمة لقمان، وتتمثل في الحكمة التي وهبها الله للقمان الحكيم، وتعدّ لدى المسلمين من أروع الحكم والمواعظ، إذ كانت حكمته تأتي في مواضعها، وحسب خط التفسير حتى لقمان كان أهون مملوك على سيده، ولكن الله تعالى منّ عليه بالحكمة فغدا أفضلهم لديه.

التعريف بلقمان الحكيم

نسبه وعمله

هولقمان بن ياعور ابن اخت أيوب، أوابن خالته، وهومن أسوان بمصر, وقد نطق فيه خالد ابن الربيع أنه كان نجارا، وقيل أنه كان خياطا، وقيل أنه كان راعيا، وقد عاصر داوود, أخذ منه الفهم وقد أعطاه الله الحكمة عندها. وذكر المسعودي أنه ولد على عشر سنين من ملك داود عليه السلام ولم يزل باقياً في الأرض، مظهراً للحكمة والزهد إلى أيام يونس بن متى عليه السلام. وليس في القرآن الكريم أية إشارة تمكن من تحديد عصره.

جعله خليفة بالأرض

ونطق رسول الله: " إذا لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله، فمن عليه بالحكمة ". نودي بالخلافة قبل داود، فقيل له يا لقمان، هل لك حتى يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس بالحق،يا ترى؟ نطق لقمان: إذا أجبرني ربي عزَّ وجل قبلت، فإني أفهم أنه إذا عملت ذلك أعانني وفهمني وعصمني، وإن خيرني ربي قبلت العافية ولا أسأل البلاء، فنطقت الملائكة: يا لقمان لِمَ،يا ترى؟ نطق: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من جميع مكان، فيخذل أويعان، فإن أصاب فبالحري حتى ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومنقد يكون في الدنيا ذليلاً خير من حتىقد يكون شريفاً ضائعاً، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا، فانتبه فتحدث بها .

حكمته

المشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبي، نطق ابن كثير : "كان جمهور السلف على أنه لم يكن نبيّاً، وإنما يُنقل كونه نبياً عن عكرمة" ، وقد ذكره الله في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هوأحب الخلق إليه وهوأشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به حتى نطق: (يا بني لا تشرك بالله إذا الشرك لظلم عظيم) فنهاه عنه وحذره منه وقد نطق البخاري: حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله نطق: لما نزلت (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) شق ذلك على أصحاب رسول الله ونطقوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟! فنطق رسول الله: (إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول لقمان يا بني لا تشرك بالله إذا الشرك لظلم عظيم) رواه مسلم من حديث سليمان بن مهران الأعمش به.

ثم اعترض تعالى بالوصية بالوالدين وبيان حقهما على الولد وأكده وأمر بالإحسان إليهما حتى ولوكانا مشركين ولكن لا يطاعان على الدخول في دينهما إلى حتى نطق مخبرا عن لقمان فيما وعظ به ولده:  يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ   ينهاه عن ظلم الناس ولوبحبة خردل فإن الله يسأل عنها ويحضرها حوزة الحساب ويضعها في الميزان كما نطق تعالى: (إن الله لا يظلم مثنطق ذرة) ونطق تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثنطق حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) وأبلغه حتى هذا الظلم لوكان في الحقارة كالخردلة ولوكان في جوف صخرة صماء لا باب لها ولا كوة أولوكانت ساقطة في شيء من ظلمات الأرض أوالسموات في اتساعهما وامتداد أرجائهما لفهم الله مكانها إذا الله لطيف خبير أي فهمه دقيق فلا يخفى عليه الذر مما تراآى للنواظر أوتوارى كما نطق تعالى: (وما تسقط من ورقة إلا يفهمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) ونطق: (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) ونطق: (عالم الغيب لا يعزب عنه مثنطق ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) وقد زعم السدي في خبره عن الصحابة حتى المراد بهذه الصخرة الصخرة التي تحت الأرضين السبع إلى غير ذلك حكى عن عطية العوفي وأبي مالك والثوري والمنهال بن عمر وغيرهم وفي صحة هذا القول من أصله نظر ثم إذا في هذا هوالمراد نظر آخر فإن هذه الآية نكرة غير فهم فلوكان المراد بها ما نطقوه لنطق فتكن في الصخرة وإنما المراد فتكن في صخرة أي صخرة كانت كما نطق الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله نطق: (لوحتى أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان).

ثم نطق: (يا بني أقم الصلاة) أي أدها بجميع واجباتها من حدودها وأوقاتها وركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها وما شرع فيها واجتنب ما ينهي عنه فيها.

ثم نطق: (وامر بالمعروف وانه عن المنكر) أي بجهدك وطاقتك أي إذا استطعت باليد فباليد وإلا فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك. ثم أمره بالصبر فنطق: (واصبر على ما أصابك) وذلك حتى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في مظنة حتى يعادى وينال منه ولكن له العاقبة ولهذا أمره بالصبر على ذلك ومعلوم حتى عاقبة الصبر الفرج وقوله: (إن ذلك من عزم الأمور) التي لا بد منها ولا محيد عنها وقوله: (ولا تصعر خدك للناس) نطق ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك ويزيد بن الأصم وأبوالجوزاء وغير واحد معناه: لا تتكبر على الناس وتميل خدك حال كلامك لهم وكلامهم لك على وجه التكبر عليهم والازدراء لهم. نطق أهل اللغة وأصل الصعر داء يأخذه الإبل في أعناقها فتلتوي رؤوسها فشبه به الرجل المتكبر الذي يميل وجهه إذا وقع الناس أوحدثوه على وجه التعظم عليهم نطق أبوطالب في شعره:

ونطق عمروبن حيي التغلبي:

وقوله: (ولا تَمشِ في الأَرضِ مَرَحاً إنّ اللّهَ لا يُحِبُ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ) ينهاه عن التبختر في المشية على وجه العظمة والفخر على الناس كما نطق تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا). ثم نطق: (واغضض من صوتك) يعني إذا تحدثت لا تتكلف حمل صوتك فإن أحمل الأصوات وأنكرها صوت الحمير وقد ثبت في السليمين الأمر بالاستعاذة عند سماع صوت الحمير بالليل فإنها رأت شيطانا ولهذا نهى عن حمل الصوت حيث لا حاجة إليه ولا سيما عند العطاس فيستحب خفض الصوت وتخمير الوجه كما ثبت به الحديث من صنيع رسول الله فأما حمل الصوت بالأذان وعند النادىء إلى الفئة للقتال وعند الإهلاك ونحوذلك فذلك مشروع.

فهذا مما قصه الله عن لقمان في القرآن من الحكم والوصايا النافعة الجامعة للخير المانعة من الشر وقد وردت آثار كثيرة في أخباره ومواعظه وقد كان له كتاب يؤثر عنه يسمى بحكمة لقمان.

وصايا لقمان

وصايا لقمان لابنه وذكره في القرآن

ذكر القرآن لقمان باسمه صراحة في سورة باسمه (سورة لقمان) وفيها يوصي ابنه بوصايا خلدها القرآن، نطق تعالى:  وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ  وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ  وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ  يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ  يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ  وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ  وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ  سورة لقمان، الآيات: 13-19.

اسم ابن لقمان

نطق السهيلي: اسم ابنه ثاران، في قول الطبري والقتبي. ونطق الكلبي: مشكم. وقيل أنعم، حكاه النقاش. وذكر القشيري حتى ابنه وامرأته كانا كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما. قلت: ودل على هذا قوله: (لا تشرك بالله إذا الشرك لظلم عظيم)

من حكم لقمان المأثورة

• وأول ما ظهر من حكمته: أنه كان مع سيده، فدخل سيده الخلاء فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إذا طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد، ويورث الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فاقعد هوينا وقم. فخرج سيده وخط حكمته على باب الخلاء. وقيل: كان سيده يقامر، وكان على بابه نهر جار، فلعب يوما بالنرد على حتى من قمر صاحبه استهلك الماء الذي في النهر كله أوافتدى منه! فقمر سيد لقمان، فنطق له القامر: اشرب ما في النهر وإلا فافتد منه! نطق: فسلني الفداء،يا ترى؟ نطق: عينيك افقأهما أوجميع ما تملك،يا ترى؟ نطق: أمهلني يومي هذا. نطق: لك ذلك. فأمسى كئيبا حزينا، إذ اتىه لقمان وقد حمل حزمة حطب على ظهره فسلم على سيده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيده، وكان سيده إذا رآه عبث به فيسمع منه الحدثة الحكيمة فيعجب منه، فلما جلس إليه نطق لسيده: ما لي أراك كئيبا حزينا،يا ترى؟ فأعرض عنه فنطق له الثانية مثل ذلك، فأعرض عنه ثم نطق له الثالثة مثل ذلك فأعرض عنه، فنطق له: أبلغني فلعل لك عندي فرجا،يا ترى؟ فقص عليه السيرة، فنطق له لقمان: لا تغتم فإن لك عندي فرجا، نطق: وما هو،يا ترى؟ نطق: إذا أتاك الرجل فنطق لك اشرب ما في النهر، فقل له أشرب ما بين ضفتي النهر أوالمد،يا ترى؟ فإنه سيقول لك اشرب ما بين الضفتين، فإذا نطق لك ذلك فقل له احبس عني المد حتى أشرب ما بين الضفتين، فإنه لا يستطيع حتى يحبس عنك المد، وتكون قد خرجت مما ضمنت له. فعهد سيده أنه قد صدق فطابت نفسه، فأعتقه.
• ومن حكمته كما روى ابن جرير حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن خالد الرَّبَعِيّ نطق: كان لقمان عبدًا حبشيا نجارا، فنطق له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة. فذبحها، فنطق: أخْرجْ أطيب مُضغتين فيها. فأخرج اللسان والقلب، فمكث ما شاء الله ثم نطق: اذبح لنا هذه الشاة. فذبحها، فنطق: أخرج أخبث مضغتين فيها. فأخرج اللسان والقلب، فنطق له مولاه: أمرتك حتى تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك حتى تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما. فنطق لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خَبُثا.

قبره

اتى في معجم البلدان:

• بطبرية من المزارات في شرق بحيرتها قبل سليمان بن داود عليهما السلام،
• ومشهور أنه في بيت لحم في المغارة التي فيها مولد عيسى وفي شرق بحيرة طبرية قبر لقمان الحكيم وابنه،
• وله باليمن قبر.
• وقيل حتى قبره بمنطة بلجرشي بقبيلة غامد في قرية تدعى حزنة.

والله أفهم بالسليم منها.

طالع أيضاً

• وصايا لقمان

المراجع

وصلات خارجية

• طريق الإسلام، تسجيل لمحمد المصري، بعنوان: وصايا لقمان.