العصور الوسطى

عودة للموسوعة
صَليب ماتيلد تَمَّ صُنعه مِن أجل ماتيلد آبيس إيسن (973-1011)، الذي ظَهَر راكِعاً أمامَ العذراء والطفل في لوحة المينا. على الأرجح صنعت في كولونيا أوإسن، يُظهِر الصَّليب العَديد مِن تِقنيات العُصور الوُسطى: صب النحت المجازي، والصغر، والمينا، وتلميع الأحجار الكريمة والإعداد، وإعادة استخدام النقش الكلاسيكي والأحجار الكريمة المنقوشة.
فارس من العصور الوسطى أثناء استحمامه.

العُصُورُ الوسطى أوالقُرُونُ الوسطى هي التسمية التي تُطلق على الفترة الزمنية في التاريخ الأوروبي التي امتّدت من القرن الخامس حتّى القرن الخامس عشر الميلادي. حيث بدأت بانهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية واستمرّت حتى عصر النهضة والاستكشاف. وتعتبر فترة العصور الوسطى هي الفترة الثانية بين التقسيمات التقليدية للتاريخ الغربي: الفترة القديمة، والوسطى، والحديثة. وتنقسم العصور الوسطى نفسها إلى ثلاثة فَترات: الفترة المُبكّرة، والمتوسّطة، والمُتأخّرة.

في أواخِر العصور القديمة، بدأ السُكان بالهجرة والنزوح، وقلّ أعدادُهم، وقد استمرّت هذه الحالة في بدايات العصور الوسطى. وقد أقام الغزاة البرابرة، بالإضافة إلى الكثير من الشعوب الجرمانية، ممالك جديدة على ما تظل من الإمبراطورية الرومانية الغريبة المنهارة. وخلال القَرن السابِع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللتان كانتا ذات يوم جُزءاً من الإمبراطورية الرومانية الشرقية أصبحتا تحت حُكم الدولة الأمويّة. وقد استمرّت الإمبراطورية البيزنطية لفترةٍ في الشَرق وبَقيَت كأحد القوى العُظمى هُناك.

اتّحدت مُعظَم المَمالِك في الغَرب بالمؤسّسات السياسية الرومانية القليلة التي كانت موجودةً آنذاك. وقد بُنيَت الأديرة على نِطاقٍ واسِعٍ كحملاتٍ لتنصير أوروبا الوثنيّة. كما ظَهرت في أواخِر القرن الثامن وبدايات القرن التاسِع الإمبراطورية الكارولنجية تحت سُلالَة الكارولنجيون الإفرنج، وقد غطّت مُعظَم أراضي أوروبا الغربيّة، ولكنّها انهارَت على وَقع الحروبِ الأهليّة إلى جانِب الغزوات الخارجيّة من فالفايكنج في الشمال والمجريّون من الشرق والسارسيون من الجنوب.

تزايد عددُ سُكّان أوروبا بشكل كبير خِلال الفترة المتوسّطة التي بدأت بعد عام 1000 ميلاديّاً بسببِ الابتكارات التكنولوجية والزراعية التي سمحت بازدهار التجارة متصاحبة بحقبة القروسطية الدافئة التي سمحت بازدياد المنتوج الزراعي. وقد كانَت المانورالية -وهي عملية تنظيم الفلاحين في قرى مدينة بالعمل والإيجار للنبلاء- والإقطاعيّة -وهي النظام السياسي حيث كان الفرسان والنبلاء من المستوى المتندني مدينون بالخدمة العسكرية للأسياد في لقاء الحق بإستئجار الأراضي والضيع- كانَ هَذان المَمضىان المُتّبعان في تنظيم المجتمعات خلال افترة المُتوسّطة من العصور الوسطى.

تخلّلت تلك الفترة كذلك ما يُعهد الآن بالحملات الصليبيّة، وكانَت بدايةُ التبشير بها عام 1095، وكانَت عبارَة عن مُحاولاتٍ عَسكريّة من مسيحيي غَربِ أوروبا للسَيطَرة على الأراضي المُقدّسة الشرق أوسطية من المسلمين. أمّا الحياةُ الفكريّة فقد تأثرت بالفلسفة المدرسية القائمة على ربط العقل بالإيمانيات. ومن أبرَزِ إنجازات ومشاهير تلك الفترة كان لاهوت وفلسفة توما الأكويني، ولوحات جوتو، وأشعار دانتي وتشوسر، ورحلات ماركوبولو، والفنّ المِعماري القوطي الجلي في هندسة كاتدرائية مِثلَ كاتدرائية شارتر.

الفَترة المُتأخّرة من العصور الوسطى اتّسمَت بالمصاعِب والمعاناة والكوارِث التي لحقتها، فالمجاعات والطاعون والحروب قد هدّدت تعداد السكان في أوروبا الغربية، فبين عامي 1341 - 1350 سَلبَ طاعون الموت الأسود حياة ثُلثِ سُكّان أوروبا، كما لَعِبَ التنازُع والهرطقة والانشقاق داخِل الكنيسة الكاثوليكية والحروب الأهلية وثورَات الفلّاحين في الممالك، جميعُها كانَت أسباباً سيئة في الفترة المُتأخّرة. في النهاية، أدّى التَطوّر التِقَني والثقافي إلى إعادة تشكيل المُجتَمع الأوروبي، مما أسدَل السِتَارَ عن العصور الوسطى معلنةً بذلك بداية العصر الحديث.

أصل التسمية والحُقَب التاريخيّة

العصور الوُسطَى هي إحدى الحُقَب الثلاث الذي يُقسّم إليه التاريخ الأوروبي، وهي: العصر الكلاسيكي القديم، والعصور الوسطى، والعصر الحديث.

قسّم مُؤرّخوذلك العصر التاريخَ المعروف إلى سِتّ عصور أوما يُعرَف بـِ عصر الإمبراطوريّات الأربعة، وقد اعتَبروا عَصرَهُم هوالأخير قبلَ نهايَة العالم. وعِندما كانوا يتحدّثون عن زمانِهم، كانوا يَصِفونَ أنفُسَهم أنّهم من العصر الحديث. ففي ثلاثينيّات القرن الرابِع عشر، اعتَبَر الشاعِر فرانشيسكوبتراركا عصور ما قَبل المسيحية عُصوراً أثريّة أوغابِرة، بينَما اعتَبَر ما بَعد ذلك عَصراً جديداً. وقد كانَ ليوناردوبروني أوّل مُؤرّخ يَستخدِم التَقسيم الزمني الثلاثي لتلك الحقبة في كتابه تاريخ الشعب المزدهر (بالإنجليزية: History of the Florentine People)‏ وذلك في عام 1442. ظهر المُصطلَح الذي يُعبّر عن العصور الوسطى لأوّل مرّة في اللغة اللاتينية عام 1469م، وهو(باللاتينية: media tempestas) والتي تعني حرفيّاً الموسم الوسيط. وكانَ المُصطَلح في تغيّرٍ مُستَمر على مَرّ التاريخ، حتّى ظهر مُصطَلح "العصور الوسطى" (باللاتينية: medium aevum) (بالإنجليزية: middle ages)‏ بمعناه ولفظِه الحاليّ عام 1604، وسُجّل لأوّل مرّة في 1625. ويُشارُ أيضاً لهذه الحُقبَة بالتعبير (بالإنجليزية: medieval period)‏ وهومشتق من التعبير (باللاتينية: medium aevum). وقد تمّ اعتماد التقسيم الزَمَني الثلاثي على يَد المؤرخ الألماني كريستوف سيلاريوس في القَرن السابِع عَشر وذلكَ عندما قسّمها إلى ثلاث عصور: قديمة، ووسطى، وحديثة.

الشائِعُ أنّ بدايَة العصور الوسطَى هومن عام 476 حيثُ أنّ أوّل من أشارَ إليها هوالمُؤرّخ بروني. وبِشكلٍ عام، يُعتَبر عام 1500 تقريباً نهايَةً للعصور الوسطى على خِلافٍ بين المُؤرّخين حولَ تاريخ محدد. حيثُ حتى ذلك يَعتَمِد على السياق التاريخي، فأحداثٌ كَرحلَة كريستوفر كولومبوس للأمريكتين عام 1492، أوفَتحُ القُسطَنطينِيَّة عام 1453 على يَد الدولَة العُثمانيّة، أوحركة الإصلاح البروتستانتي عام 1517 قَد تُستخدَم لتحديدٍ زمنيٍ أكثَر دقّة. أمّا أغلّب المُؤرّخونَ الإنجليز يَعتَبِرون معركة بوسوورث عام 1485 هيَ نهايَة تلك الحقبة. وبالنِسبَة للأسبان، فليسَ لديهم تاريخٌ يتّفقونَ عليه ليكونَ نهايَةً لتلكَ الحُقبَة، ولكن بشكلٍ عام، فالنهايَةُ المُعتَمدة لديهم هيَ خِلالَ أعوام 1516 (وفاة الملك فيرديناند الثاني) و1504 (وفاة الملكة إيزابيلا الأولى) و1492 (سقوط غرناطة). يُذكَر أنّ مُؤرّخوا اللغات الرومانسيّة يَميلون إلى تَقسيم العصور الوسطى إلى عصور عُليا ودُنيا؛ بينما المُؤرّخونَ الناطِقون بالإنجليزيّة قد تأثّروا بِنُظرائِهم الألمان في تقسيمها إلى ثلاثة فَترات: الفترة المُبكّرة، والمتوسّطة، والمُتأخّرة. في القَرن التاسِع عَشر، تمّ تَسمية العُصور الوسطى باسم العصور المظلمة، ولكن مع اعتماد التقسيمات تمّ اقتصار استخدام هذا المصطلح على العصور الوسطى المبكرة، على الأقل بين المؤرخين.

الإمبراطورية الرُّومانية المُتأخّرة

منحوتَة Portrait of the Four Tetrarchs، وهيَ إحدَى المنحوتات في أواخِر الإمبراطوريّة الرومانيّة والتي تُمثّل نظامَ الحُكم الرباعي، وهي الآن موجودَة في البندقية.

حقّقت الإمبراطوريّة الرومانية أقصى إتّساعٍ لها في القرن الثاني الميلادي، والقَرنين اللاحِقَين شَهِدا تراجُعاً بَطيئاً لِلسَطوَةِ الرومانيّة على مناطقها النائية. وقد كانَ القرنُ الثالِث الميلادي فَترة اضّطرابٍ سياسي، فالتَضخّم الاقتصادي والغزووالحروب الأهليّة، أدّى إلى عدمِ ثباتٍ في الحُكم  فلا يأتي قيصر ويمكُث قليلاً حتّى يغتَصِب منه العرش قيصر جديد. إضافةً إلى تَراكُم النَفقاتِ العسكريّة خصوصاً للقاءة الساسانيين، التي تَجدّدت في أواسِط ذاك القرن. حيثُ أنّ الجيشَ تَضاعَف، واستُبدِلَت الكتائِب بوحدات الخيّآلة ووحدات أصغر. وقد أدّت الحاجَة للدَخل إلى زيادَةٍ في الضرائِب وانخفاضٍ في ملكيّة الأراضي والمنزلةِ الاجتماعيّة، وهذا الانخفاض أدّى إلى تَحمّل الأفراد أعباءً أكثر. كانت الإدارة المركزية بحاجة لموظفين أكثر ليتعاملوا مع حاجات الجيش، مما أدى إلى شكاوي من المدنيين حتى عدد جامعي الضرائب أكثر من عدد دافعي الضرائب.

قامَ القيصَر الروماني ديوكلتيانوس في عام 286 بتقسيم الإمبراطوريّة إداريّاً إلى نِصفَين شَرقي وغربي، غيرَ أنّها كانَت تُعتَبر واحِدة في نَظرِ سُكّانِها وحُكّامِها. حيثُ أنّ التشريعات القانونيّة والإداريّة الصادِرة من النِصفِ الغربيّ مَثلاً تكون مُعتَبرة في النِصفِ الآخر. في عامِ 330، وبعدَ الحربِ الأهليّة، قام قسطنطين الأول بتحويلِ مدينَة بيزنطة لتُصبِحَ عاصِمةً للإمبراطوريّة الشرقيّة وصارت تُعرَفُ باسم القسطنطينية. يُذكَر أنّ إصلاحات ديوكلتيانوس زادَت من قوّة الحكومَة من الناحيَة البيروقراطيّة، فأصلَحت الضرائِب، وزادَت من قوّة الجيش، مما أكسَب الحكومَة مزيداً من الوقت، لكن لم يؤدّي لِحَلّ مشاكِلها كالضرائب الجائرة، وانخفاض مُعدّلات الولادة، بالإضافة إلى الضغوط من قبل الآخرين على حدود الدولة. كَثرةُ الحروب بينَ القياصِرة المُتنازعين في مُنتَصف القرن الرابع أدّت إلى انسياب الجنود من ثغور الإمبراطورية وبالتالي اختراق أعدائها لها. وكانت مُحصّلة القرن الرابع استقرار المجتمع الروماني على أُسس اختَلَفت عن العهد الكلاسيكي السابق، حيثُ اتّسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتآكلت حيوية المدن الصغرى. وطرأ أيضاً تَغييرٌ آخر وهوَ التنصر، أوبالأحرَى تنصر الإمبراطورية، حيثُ استَغرَق ذلِك من القرن الثاني حتّى القرن الخامس على نحوتدريجي.

خريطَة توضّح حدودَ الدول الأوروبيّة عام 450.

في عام 376، وإثرَ فِرارهِم من شُعوب الهون، سَمَح الإمبراطور فالنس للقوط الشرقيين بالاستِقرار في ثراسيا (تراقيا) البلقانية الخاضعة للروم، لكنّ استقرارَهُم هُناك لم يَمرّ بِسلام؛ وعِندما أساء الضُبّاط الروم التعامُل مع الموقِف، بدأ القوط الشرقيّون حَملات الغزووالنَهب، وقَتلوا الإمبراطور أثناء مُحاوَلته قَمع اضّطراباتِهم وذلك في معركة أدريانوبل فيتسعة أغسطس 378. كما كانَت التهديدات الشماليّة من قِبَل التحالُفات القَبليّة والانقسامات داخِل الإمبراطوريّة تُشكّل خَطراً، خصوصاً تلكَ التي كانَت داخِل الكَنيسَة. ففي عام 400، غَزا القوط الغربيّون الإمبراطوريّة الغربيّة، وعلى الرُغمِ من صدّهم عن إيطاليا بادئ الأمر، إلّا أنّهم وَصلوا مَدينَة روما عام 410. وبحلولِ عام 406، عَبَرت شعوبُ الآلان والوندال والسويبيون بلاد الغال. وخِلالَ السنوات الثلاث التالية، انتَشَروا خِلالَ الغال حتّى عَبَروا جِبالَ البرانس إلى ما يُعرَف اليوم بإسبانيا. فابتدأ حينها ما عُرِفَ تاريخيّاً باسم عصر الهِجرة، حيثُ أنّ قبائِلَ مُختَلفة مُعَظَمهم من الجرمان قد انتَقَلوا عَبرَ أوروبا كُلّها، فالفرنج والألامانيون والبرغنديون انتهى بِهم المُقام في شمالِ بلادِ الغال، أمّا الآنجل والساكسون والجوت استقرّوا فيما يُعرَف اليوم ببريطانيا. في ثلاثينيّات القرن الخامِس، بدأ الهونيّون غزوهم للإمبراطوريّة يترأسُهم مَلِكَهُم أتيلا الهوني الذي قادَهُم إلى غَزوالبلقان في 442 و447 والغال في 451 وإيطاليا عام 452. واستمرّ التهديد الهوني قائماً حتّى وفاةِ الملك أتيلا عام 453 وما تبعه من تفكك قبائل الهون. وقد أحدَثت تِلك الغزوات تغييراً كامِلاً للطبيعة السياسيّة والسُكّانيّة للإمبراطوريّة الرومانيّة الغربيّة.

مع نهايَة القَرن الخامِس، تقسّمت الإمبراطوريّة الغربيّة إلى فرقٍ سياسيّة صغيرة محكومَة من القبائِل الغازيَة في بدايات القَرن. وكانَت نهايَتُها عام 476 وذلك بعدَ القضاء على آخر أباطرتها رومولوس أوغستولوس. أمّا الإمبراطوريّة الشرقيّة التي عُرِفت فيما بعد باسم الإمبراطوريّة البيزنطية بعد سقوطِ ندّها الغربيّة، كانَ لها مِقدار ضئيل من السيطرة على جارَتِها المُتساقِطة. حافظَ القياصِرة البيزنطيين على السيادَة على أراضيهم. ولم يَجرؤ أحد من ملوك الممالِك التي ظَهرت على إثرِها حتى يُعلِنَ نفسَه إمبراطوراً على النِصف الغَربي، ولم تستَمر سيطرة البيزنطيين على الأراضي الغربيّة باستثناءِ مُحاولات جستينيان الأول استرداد شبه الجزيرة الإيطالية وأطراف البَحر المتوسّط.

العُصور الوُسطى المُبَكرة

مُجتَمعات جَديدة

الهجريبَة السياسيّة والسُكّانيّة لأوروبا الغربيّة تغيّرت بعد تَفكّك الإمبراطوريّة الرومانية، وكانَت الهِجرات في تلك الفترة توصَف بأنّها غَزوات، فقد كانَت حَملاتٍ عسكريّة وهجرةُ شعوبٍ كاملة نحوَ الإمبراطوريّة، وقد واجَهت تلك الهجرات رَفضاً من عِليَة الشَعب الرومي الغربي تمثّلت في بذلهم للمال لدعم الجيش لإيقاف الهِجرة. وكانَ القياصِرة في القرنِ الخامِس مُتَحكّمٌ بِهم من خلال القادة العسكرييين من أمثال ستيليكووأسبار وريسيمر وغوندوباد، وقد كانَ أغلَبُهم أصولُهم ليسَت روميّة، وعندما انهارَت الدولَة كانَ الملوكُ من بَعدِهم على هذه الحال أيضاً. والمُصاهرات بينَ الروم والملوك الجُدد صارَت شائعة. أدّى ذلك إلى امتزاجِ الثقافة الرومانيّة بعاداتِ القبائل الغازية وظهور سياسات جديدة، وشَمِل ذلك المجالِس الشعبيّة التي تُمّكن أفراد القبائل الأحرار من الخوض في موضوعات سياسية بشكل أكبر مما كان معروفاً وقت الدولة الرومانية. ومن آثار ذلك الامتزاج أنّ الأدوات التي كانوا يَستَخدِمونها صارت مُتشابهة. وقد قلّت الضرائب كذلك، فكثيرٌ مِن الكيانات السياسيّة تَخلّت عن دَعمِ جِيوشِها عن طريق الضرائب واستَبدلتها بِمَنحها الأراضي والإيجارات؛ بمعنى أنّه كانَ هُناكَ حاجةٌ قَليلةٌ للضرائِب مما نَتَج عنه تآكل النظام الضريبي. كما انتَشَرت الحروبُ بين وداخل الممالك، وانخَفضت العبوديّة إثر تدني الإمداد، وأصبحت المجتمعات ريفية.

نقود معدنيّة تعودُ لزمن ممكلة القوط الشرقيين وعليها رسم ثيودوريك العظيم.

ما بينَ القرنِ الخامِس والثامن وبسبب الهجرات، قَدِمت شعوبٌ جديدة ملأت الفراغ السياسيّ الذي خلّفته حكومة روما المركزيّة. إحداهم هم القوط الشرقيون، وقد استَوطنوا إيطاليا في أواخِر القرن الخامِس تَحت حُكمِ ثيودوريك الذي أقامَ مملكةً جَمعت بينَ القوط والطليان واستمرّت حتّى وفاتِه.بلادُ الغال استوطنها البورغنديون، وبعدَ دمار حكومَتهم على يد الهون عام 436 أنشأوا مملكة جديدة في العقد التالي في المنطقة الواقِعة بين ما يعهد اليوم بجنيف وليون، قامت دولة قوية للبورغنديين في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس. وفي شمال الغال، أقام الفرنجة والبريطينيون كيانات سياسية صغيرة، تَمركزت مملكة الفرنجة في شمال شرق الغال تحت حُكم أوّل ملوكها شيلدريك. وتحت حُكمِ ابنه كلوفيس، توسّعت مملكة الفرنجة، واعتَنقت النصرانية. أما البريطينيون فقد استوطَنوا شبه جزيرة بريتاني -تختلف عن بريتانيا-. كما نشأت ممالِك أُخرى مثلَ مملكة القوط الغربيين في شبه الجزيرة الإيبيرية، والمملكة الوندالية في شمال أفريقيا وجُزر البحر المتوسّط. استقرّت شعوب اللومبارد في شمال إيطاليا في القرن السادس. فاتىت بدلاً عن مملكة القوط، وأقاموا مملكتهم الخاصة، وفي نهايات القرن السادس، أُعِيدَ تشكيل تلك المجموعات إلى نظام ملكي مستدام.

جَلبت تِلك الغزوات والهِجرات مَجموعات عرقيّة جديدة إلى أوروبا واختلَف توزيعُهم من مَنطقةٍ لأخرى. ففي الغال على سبيل المثال، استقرّ المُهاجِرون بكثافةٍ أكبر في الجُزء الشماليّ الشرقي عنه في الجنوب الغربي، واستقرّت شعوبُ السلاف في وَسط وشرق أوروبا والبلقان، وصاحَب ذلكَ الاستيطان إلى تَغيّرٍ في اللغات. فاللّغة اللاتينية للدولة الروميّة الغربية تمّ استبدالها بلغاتٍ مُختَلِفَة على الرُغمِ مِن كونِها مَبنيّة على تِلك اللاتينية، وقد عُرِفَت باسم اللغات الرومنسية. استغرق التحوّل من اللاتينيّة إلى تِلكَ اللغات عدّة قرون. أما في أوروبا الشرقيّة، فقد استمرّت اللغة اليونانيّة هي لُغة الإمبراطوريّة البيزنطيّة، ولكن هِجرات الشعوب السلافيّة أضافَت اللغات السلافية لأوروبا الشرقية.

بَقاء بيزَنطَة

لوحَة فسيفساء تُظهِر جستينيان الأول مع أسقُف رافينا مع حَرسِه وخَدمه.

شَهِدَت أوروبا الغربيّة قيام ممالِكَ جديدة، وبقيت الإمبراطوريّة الرومانيّة الشرقية سَليمَة، بل وشَهِدَت نَهضةً اقتصاديّة استمرّت حتى بدايات القرن السابع. وكانَت الاحتجاجات والغزوات فيها أقل في القِسم الشرقيّ منها، وأغلَبها كانَت في البلقان. وكانَ القرنُ الخامِس قرنَ سلامٍ بينَ الروم وأعدائِهم الدائمين الفُرس الساسانيون. وقد اتّسَمت الإمبراطورية الشرقية بتوثيق العلاقاتِ بينَ الدولة والكنيسة المسيحية، مع إيلاء المسائل الفقهية أهمية في السياسة الشرقية بخلاف أوروبا الغربية؛ وشَمِلت التطورات القانونية تدوين القانون الروماني، وأول تدوين كان قانون ثيادوسيوس الذي اكتمل في 438. في عَهدِ الإمبراطور جستينيان الأول، دُوِّنَ قانونٌ آخر حديث عُرِفَ باسم قانون جستنيان. أشرَفَ جستينيان على بِناءِ آيا صوفيا في القسطنطينية واستِرجَاع شَمال أفريقيا من الوندال واسترجاع إيطاليا من القوط الشرقيين، الذي يحكمهم بيليساريوس المتوفى عام 565. غيرَ أنّ خُطّتَه لاسترجاعِ إيطاليا لم يُحالِفها الحظ، فانتِشار الطاعون عام 542 أدّى إلى حتى تَلتَزِم جيوش جستنيان النهج الدفاعي أكثر. وبعدَ موتِ الإمبراطور، أحكَمَ البيزنطيون قَبضَتهُم على غالبيّة إيطاليا وشمال أفريقيا، وحازوا موطِأ قدمٍ لهم في جنوب أسبانيا. تَعرّضَت فُتوحات جستينيان لانتقاداتٍ مِن قِبَل المُؤرّخين لإفراطِه في تَوسّع مَملَكَتِه مِمّا مَهّد الطريق للفتوحات الإسلامية، ولكِن العَديد من الصُعوبَات التي واجَهها خلفاء جستينيان لم تكن بسبب الإفراط في فرض الضرائب لدفع ثمن حروبه، بل للطبيعة المدنية للإمبراطورية، الأمر الذي جعل من الصعب عليه زيادة القوات.

في الإمبراطورية الشرقية، أدى التغلغل البطيء للسُلاف في البلقان إلى مصاعب أخرى. بدا الأمر صغيراً في البداية، ولكِن في أواخِر أربعينيات القرن السادس عاش السلاف في مناطق تراقيا وإليريكوم، وقد هزمت قبائل السلاف الجيش الإمبراطوري عام 551 قرب أدرنة. وفي أواخِر ستينات القرن السادس، بدأ الآفاريون توسيع قاعدتهم من على الضفة الشمالية لنهر الدانوب. وبحلول نهاية القرن السادس، كانوا القوة المهيمنة على أوروبا الوسطى وقادرة على إجبار القياصِرة الشرقيين دفعَ الجزية، وظلّ نُفوذُهم قويّ حتّى عام 796. مُشكلةٌ أُخرى ظهرت نتيجَة اشهجر الإمبراطور موريس في السياسة الفارسية وذلك عندما تَدخّل في النزاع حول خلافة العرش الفارسي. أدّى ذلِك إلى فترةٍ من السلام، ولكن عندما أُطيحَ بموريس فيما بعد غزت فارس بيزنطة، وخلال عهد الإمبراطور هرقل حكم قطاعاً كبيراً من الإمبراطورية تضم مصر وسوريا وآسيا الصغرى. حتى شنّ هجمته المضادة الناجحة ضد الفرس. وبحلول عام 628، ضَمِن هرقل معاهدة سلام مع الفُرس واسترد جميع أراضيه المفقودة؛ إلى غير ذلك بَقيَت الإمبراطوريّة الشرقيّة في حالةِ سلامٍ لفترة من الزمن.

مُجتَمع أوروبا الغربيّة

في أوروبا الغربيّة، ومع اضمحلالِ عائلات النُخبَة الرومانيّة القديمة، حلّ مكانَها عائلاتٌ مشاركة في الشأن الديني أكثَر من الشأن الدنيوي. وقد تَناقَصْت القيمَة المُعطاة للتَعليم والثقافة اللاتينية، بينما ظلّت أهميّة فهم القراءة والكتابة حيثُ أصبَحتْ مهاراتٍ عمليّة بدلاً من كونِها مَحصورةٌ في العوائِل الراقيَة. يُذكَرُ أنّه في القَرن الرابِع، حَلُمَ جيروم بأنّ الرَب وبّخه كونَه يَقضي وقتاً أطولَ في قراءَة كُتُب شيشرون أكَثر من قراءتِه للإنجيل. وقد تكرّر نَفسُ الحُلم مع غريغوري التوري في القَرن السادِس، ولكن هذه المرّة، انتُقِدَ لتعلّمِه خط المجموع. وبِحلولِ أواخِر القَرن السادِس، أصبَحت الموسيقى والفن هي الوسيلة الرئيسية للتعليم الديني في الكنيسة بدلاً من الخط. وقد ذَهبَت مُعظَم الجُهود الفكريّة نحومحاكاة الفِكر الكلاسيكي، ولكن تمّ تأليف بعض الأعمال الأصليّة، جنباً إلى جَنب مع تُراثِ شفهيّ فُقِدَ مع الوقت. وتُعتَبر كِتابات سيدونيوس أبوليناريس، وكاسيودوروس، وبوثيوس مِثالاً لأدب ذلك العصر.

أخذت التغييرات أيضاً مكانا بين العوام، فهجرزت الثقافة الأرستقراطية في الحفلات العظيمة التي عُقِدَت في القاعات بدلاً من الهجريز على المساعي الأدبية. وكانت ملابس الأثرياء مرصعة بالمضى والمجوهرات. وقد اتّخذ الأمراء والملوك بطانة من المقاتلين الذين شكلوا العمود الفقري للقوات العسكرية. وكانت الروابط العائلية مهمة، كما كانت قيم الولاء والشجاعة والشرف، أدّت هذه العلاقات إلى انتشار التنازع في المجتمع الأرستقراطي، ومن الأمثلة تلك التي خطها غريغوري مما جرى في الغال الميروفينجي، وغالباً ما انتهت تلك الخلافات سريعاً. النساء شاركنَ في المجتمع الأرستقراطي كزوجات وأمهات، مع دور بارز لأم الحاكم خاصة في الغال الميروفينجي. كان هناك في المجتمع الأنجلوسكسوني نقص في عدد الأطفال الحكام ما أدى إلى قلّة النساء كأمهات ملكات، ولكن تم التعويض عن ذلك النقص عن طريق الدور المتزايد للأديرة، وفقط في إيطاليا لم تكن المرأة تحت وصاية دائمة من قريبها الذكر.

نموذج لقُرى العصور الوسطى في بافاريا.

مُجتَمع الفلاحين لم يتم توثيقة مثل الأثرياء النبلاء. مُعظَم المعلومات المتاحة للمؤرخين حصلوا عليها من فهم الآثار؛ وقد تبقّى عدد قليل من السجلات المكتوبة توثق حياة الفلاحين قبل القرن التاسع. ومعظم أوصاف الطبقات الدنيا أتت إما من الأحكام القانونيّة أومن أدباء الطبقات العليا. كانَت أنماط حيازة الأراضي في الغرب ليست واحدة؛ وكانت بعض المناطق مجزأة إلى حد كبير بين الإقطاعيين، ولكن في مناطق أخرى كان من الطبيعي وجود كتل متجاورة واسعة من الأراضي. تلك الاختلافات سمحت لتشكيلة مُتّسعة وكبيرة من مجتمعات الفلاحين الفقراء، بعضها كان يُهيمِن عليها مُلاك الأراضي من الأرستقراطيين وغيرهم، وبعضها كانَت مُستقلّة بذاتها. وقد تعددت المستوطنات أيضاً بكثرة، بعض الفلاحين عاشوا بمستوطنات كبيرة بلغ عدد المستوطنين فيها 700 نسمة، وآخرين عاشوا بمجموعات صغيرة مكونه من عائلات قليلة وغيرهم عاشوا بمزارع منعزلة منتشرة فوق الريف. وكان هناك أيضاً مناطق حيث كان النمط مزيجًا من إثنين أوأكثر من تلك الأنظمة. على خلاف الفترة الرومانيه المتأخرة، لم يكن هناك فرق واضح بين الحالة القانونية للفلاح والنبيل، حيثُ كان من الممكن لعائلات الفلاحين الأحرار حتى يصعدوا إلى طبقة النبلاء في غضون عدة أجيال من خلال الخدمة العسكرية لأحد النبلاء الأقوياء.

تغيّرت الحياة والثقافة في مدينة الروم بشكل كبير في بداية العصور الوسطى، عملى الرغم من حتى المدن الإيطالية بقيت مأهولة، إلا حتى حجمها تقلص بشكل كبير. تراجع عدد سكان روما على سبيل المثال من مئات الآلاف إلى حوالي 30,000 نسمة مع نهاية القرن السادس. وتحولت المعابد الرومانية إلى كنائس مسيحية وبقيت أسوار المدينة قيد الاستخدام. في شمال أوروبا، تقلّص حجم المدن أيضاً، بينما تعرضت الأثار المدنية وغيرها من المباني العامة للنهب من أجل توفير مواد البناء. وغالباً ما أدّى تأسيس الممالك الجديدة لنموالمُدن وتحويلها إلى عواصم. على الرغم من وجود مجتمعات يهودية في المدن الرومانية، إلا حتى اليهود عانوا من فترات اضطهاد بعد تحوّل الإمبراطورية إلى المسيحيّة، رسمياً تم التعامل معهم بتسامُح إذا كان هناك جهود لتحويلهم عن دينهم، وفي بعد الأحيان كان يتم تشجيعهم للعيش في أماكن جديدة.

ظُهور الإسلام

حدود الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، حيثُ يُمثّل اللون الغامق توسع الدولة الإسلامية في عهد الرسول محمد 622-632، واللون الأفتح توسع الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين 632-661، والأفتح توسع الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الأمويين 661-750.

كانت المعتقدات الدينية في الإمبراطورية الشرقية وبلاد فارس في حالة تغير مستمر خلال أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع. وقد دانت الغالبيَّة العُظمى من أهالي الشَّام قبل الفتح الإسلامي بالمسيحيَّة، وكان هُناك قسمٌ صغير يدينُ باليهوديَّة. وعند ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربيّة على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدأت الفتوحات الإسلاميّة تتوسّع خارِج الجزيرة العربيّة بعد وفاته. قامَت القوّات الإسلاميّة بشن حملاتٍ عسكريّة أدت في نهاية المطاف إلى فناء الدولة الفارسيّة وسيطرة المسلمين على بلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا تلك المناطق التي كانَ أغلبها تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية الشرقيّة، واستمرّت الفتوحات الإسلاميّة إلى حتى وصلت إلى شبه الجزيرة الأيبيريّة التي عُرفَت تاريخيّاً باسم الأندلس.

وصل الفتح الإسلامي إلى ذروته في منتصف القرن الثامن الميلادى، فقد انهزمت القوات الإسلامية في معركة بلاط الشهداء عام 732 وأدى ذلك لاسترجاع الجزء الغربى من فرنسا بواسطة الفرنجة؛ لكن كان السبب الأساسى في وقف النموالإسلامي في أوروبا هوسقوط الخلافة الأموية وقيام الخلافة العباسية في أثرها. قام العباسيون بنقل عاصمة الخلافة إلى بغداد وكانوا أكثر اهتماماً بالشرق الأوسط من أوروبا، وفقدوا السيطرة على أجزاء من الأراضى الإسلامية. حيثُ سيطَر أحفاد الأمويون على شبه الجزيرة الأيبيرية، والأغالبة سيطروا على شمال أفريقيا، والطولونيون أصبحوا حكام على مصر. في منتصف القرن الثامن الميلادي، نشأت أنماط تجارية في البحر الأبيض المتوسط بين العرب والفرنجة التي استبدلت الأنماط الرومانية القديمة في التجارة، الفرنجة بادلوا الأخشاب، الفرو، السيوف، والعبيد في لقاء الحرير والمنسوجات الأخرى، البهارات، والمعادن الثمينة من العرب.

التِّجارة والاقتِصاد

الهجرات والغزوات في القرنَي الرابع والخامس عطّلت شبكات التجارة في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. توقّفت السلع الأفريقية التي يتم استيرادها إلى أوروبا، اختفت في البداية من الداخل وبحلول القرن السابع لم توجد إلا في عدد قليل من المدن مثل روما أونابولي. وبنهاية القرن السابع، وتحت تأثير الفتوحات الإسلامية، لم يعد للمنتجات الأفريقية أي أثر في أوروبا الغربية. وكان استبدال البضاعة من التجارة مع المنتجات المحلية اتجاهاً في جميع أنحاء الأراضي الرومانية القديمة التي سقطت في العصور الوسطى المبكرة. وهذا كان ملاحظاً خاصة في الأراضي التي لا تُحاذي البحر الأبيض المتوسط، مثل شمال الغال أوبريطانيا. السلع غير المحلية التي تظهر في السجل الآثاري هي عادة ما تكون السلع الفاخرة. أما في الشمال الأوروبي؛ كانت شبكات التجارة محلية فقط، وكانت البضائع المنقولة إجمالا يسيرة، مع قليل من الفخار أوالمنتجات المعقدة الأخرى. وحول البحر الأبيض المتوسط، ظل الفخار سائدًا، ويبدوأنه كان يُتاجَر به عبر شبكات متوسطة المدى، ولا يُنتَج محليا فقط.

كانت الولايات الجرمانية المتنوعة في الغرب تستخدم عملات تحاكي تلك العملات الرومانية الموجودة والأشكال البيزنطية. وظلّت تُصَك من المضى حتى نهاية القرن السابع، عندما استُبدِلت بعملات من الفضة. كانت العملة الإفرنجية الفضية الأساسية تسمى الدينار أودينير، بينما كانت تسمى العملة الأنجلوسكسونية بنس. من هذه المناطق، انتشر الدينير أوالبنس إلى باقي أوروبا خلال الفترة ما بين 700 إلى 1000، عملات النحاس والبرونز لم تكن مستعملة بعد، ولا حتى المضى فيما عدا جنوب أوروبا.

الكَنسية والرَّهبنة

قبل الفتوحات العربية كانت الديانة المسيحية عامل توحيد رئيسي بين شرق وغرب أوروبا ولكن فتوحات شمال أفريقيا بترت الاتصالات البحرية بين تلك المناطق. وازدياد الكنيسة البيزنطية أدى إلى اختلاف في اللغة، والعادات، والطقوس الدينية من الكنيسة الغربية. حيثُ استخدمت الكنيسة الشرقية اللغة اليونانية بديلاً عن اللاتينية الغربية. وظهرت الخلافات اللاهوتية والسياسية، وظهرت الكثير من القضايا في بدايات القرن الثامن مثل حرب الأيقونات، وزواج رجال الدين، وسيطرة الدولة على الكنيسة، وقد اتسعت الخلافات إلى حد حتى الاختلافات الثقافية والدينية كانت أكبر من أوجه التشابه. التصادم الأول بين الكنيستين كان عام 1054، عندما سقطت مصادمات بين البابوية والبطريركية القسطنطينية على مدى سيادة البابوية وطرد بعضهم البعض، مما أدى إلى تقسيم المسيحية إلى كنيستين، وأصبحتا كنيسة كاثوليكية رومانية وكنسية أرثوذكسية شرقية.

رسمَة تُظهر البابا غريغوري الأول يُملي رسالة إلى وزيره في القرن الحادي عشر.

هيكلية كنيسة الإمبراطورية الرومانية نجت من التحركات والغزوالغربي بشكل سليم، ولكن منصب البابا كان بعين الاعتبار وبعض الأساقفة الغربيين نظروا إلى أسقف روما لغرض القيادة من ناحية دينية أوسياسية. وكان الكثير من الباباوات قبل عام 750 أكثر اهتماماً بالشؤون البيزنطية والخلافات اللاهوتية الشرقية. النسخ المؤرشفة من الرسائل الخاصة بالبابا غريغوري الكبير (590-604) نجت، هذه الرسائل تزيد عن 850 رسالة، كانت الغالبية العظمى منها معنية بشؤون إيطاليا أوالقسطنطينية. الجزء الوحيد من أوروبا الغربية الذي امتلكت البابوية نفوذاً فيه كان هوبريطانيا، حيث أوفد غريغوري بعثة عام 597 لتحويل الأنجلوساكسونيين (القبائل الجرمانية التي غزت وسكنت بريطانيا) إلى المسيحية. وكان المبشرون الأيرلنديون هم الأكثر نشاطاً في غرب أوروبا في الحقبة ما بين القرنين الخامس والسابع، حيث اتّجهوا في البداية إلى إنجلترا وإسكتلندا ومن ثم إلى بقية القارة. في ظل الرهبان كولومبا وكولومبانوس، قاما بتأسيس الأديرة، ودرَسوا اللاتينية واليونانية، وخطوا مصنفات فهمانية ودينية.

شَهِدت بدايات العصور الوسطي بروز الرهبنة في الغرب. تم تحديد شكل الرهبنة الأوروبية بواسطة الأفكار والتنطقيد التي نشأت مع آباء الصحراء من مصر وسوريا. وكانت مُعظَم الأديرة الأوروبية من النوع الذي يركز على تجربة المجتمع مع الحياة الروحية، وتدعى الرهبنة السينوبيتيكية، وكان رائدها هوباخوميوس (292–348) في القرن الرابع. ثُمّ انتقلت مبادئ الرهبنة من مصر إلى أوروبا الغربية في القرنين الخامس والسادس من خلال أدب الهاجيوجرافي -أدب كتابة سِيَر القديسين- مثل حياة أنطوني. القدّيس بندكت النيرسي (480-547) خط القانون البندكتيني -نسبة لاسمه- للرهبنة الغربية خلال القرن السادس، موضّحاً بالتفصيل المسؤوليات الإدارية والروحية لمُجتَمع الرهبان بقيادة رئيس الدير. كانَ للأديرة والرهبان عميق الأثر في الحياة السياسية والدينية في بدايات العصور الوسطى، في حالات عديدة بوصفِها ضامن لأراضي العائلات ذات النفوذ القوي، وكمراكز نادىية ودعم ملكي في المناطق المحتلة حديثاً، وكقواعد للبعثات التنصيرية. كانوا البؤر الرئيسية وأحياناً الوحيدة للتعليم ومحوالأمية في بعض المناطق. فمثلاً الكثير من المخطوطات المتبقية والتي سقطت في أيدينا من الأعمال الكلاسيكية اللاتينية تم نسخها في الأديرة في بدايات العصور الوسطى. وكان الرهبان أيضاً مؤلفين لمصنفات جديدة، بما في ذلك التاريخ واللاهوت، وغيرها من القضايا، كُتِبت بواسطة مؤلفين مثل القديس بِيدا (672-735) الذي وُلد في شمال إنجلترا وخط في أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن.

الإمبروطورية الكارولنجية

إمبراطوريَّة الفرنجة ما بين عاميّ 481 و814م.

مملكة الفرنجة في بلاد الغال الشمالية انقسمت إلى ممالك عُرِفت باسم أوستراسيا، ونيوستريا، ومملكة بروغندي خلال القرنَين السادس والسابع، وجميعُها يَحكُمها الميروفنجيون، الذين ينحدرون من كلوفيس الأول. وقد كان القرن السابع فترة مضطربة من الحروب بين أوستراسيا ونيوستريا. وقد استُغلّت تلك الحرب من قِبَل بيبان الأول (580-640) رئيس بلدية القصر لأوستراسيا الذي أصبح القوة الدافعة وراء العرش الأوستراسي. لاحقاً وَرِثَ أفرادُ أسرته المخط كمستشارين وأوصياء. واحد من ذريته، شارل مارتل (686-741) هوالذي انتَصر في معركة بلاط الشهداء وأوقَف زحف جيوش المسلمين. كانت بريطانيا العظمى مُقسّمة إلى دويلات صغيرة تهيمن عليها ممالك نورثمبريا، ومرسيا، ويسيكس، وشرق أنجليا، التي تنحدر من الغزاة الأنجلوسكسونية. وكانت الممالك الصغيرة في ذلك الوقت ويلز وأسكتلندا لا تزال تحت سيطرة البريطانيين الأصليين وشعب بيكتس. وكانَت إيرلندا مُقسّمة إلى وحدات سياسية أصغر، عادة ما يُشار إليها بأنها ممالك قبلية تحت سيطرة ملوك. ووصَل عدد مُلوكِهم لـ 150 ملك على اختلاف أهميتهم.

الأسرة الكارولنجية التي عُرفت بأنّهم خُلفاء شارل مارتل، سيطروا على المملكة الأوستراسية والنيوسترية رسمياً في عهد بيبان القصير(752–768). وحينَ وفاتِه ترَك مملكته في أيدي ولديه الاثنين شارل (768–814) وكارلومان (768–771). عندما توفي كارلومان لأسباب طبيعية، شارل مَنع خلافة ابن كارلومان الشاب ونصّب نفسه كملك لاتحاد أستراسيا ونيوستريا. شارل المعروف في كثير من الأحيان بـ كارل الكبير أوشارلمان، شرعَ في برنامج التوسع المنهجي في 774 لتوحيد جزء كبير من أوروبا، وسيطَر في النهاية على ما عُرفَ اليوم بأنّها بحود فرنسا الحديثَة وشمال إيطاليا، وسكسونيا. في 774، غزا شارلمان اللومبارد، التي حرر البابوية وشهد بدايات الدولة البابوية.

قصر شارلمان في آخن. انتهى بناؤه في 805.

يُعتبر تتويج شارلمان كإمبراطور يوم عيد الميلاد الـ800 نُقطَة تحوّل في تاريخ العصور الوسطى، علامة على عودة الإمبراطورية الرومانية الغربية، منذ حكم الإمبراطور الجديد على جزء كبير من المنطقة التي كان يُسيطر عليها الأباطرة الغربيون. كما أنّه يُمثّل تغييراً في علاقة شارلمان مع الإمبراطورية البيزنطية، حيث حتى لقب الإمبراطوريّة الكارولنجية تؤكّد تكافؤها مع الإمبراطورية البيزنطية. هناك الكثير من الاختلافات بين الإمبراطورية الكارولنجية التي نشأت حديثاً وكل من الإمبراطورية الرومانية الغربية القديمة والإمبراطورية البيزنطية الحديثة. كانت أراضي الفرنجة ريفية الطابع، مع عدد قليل من المدن الصغيرة. وكان مُعظم الناس فلّاحين لديهم مزارعهم الخاصّة، مع حركة تجاريّة صغيرة، عكس الإمبراطورية الرومانية القديمة التي كانت حركة التجارة فيها كبيرة مع البلدان المحيطة بالبحر المتوسط.

النَّهضة الكارولنجية

كانت بلاط شارلمان في آخن مركز إحياء ثقافي يشار إليها أحيانا باسم "النهضة الكارولنجية". وشهدت تلك الفترة الفترة زيادة في محوالأمية، وتطورات في مجال الفنون والعمارة والتشريع القانوني، وكذلك دراسات دينية. الراهب الإنجليزي ألكوين (735-804) دُعي إلى آخن وقدّم خدماته التعليمية في أديرة نورثمبريا. وقد استخدم مخط شارلمان أسلوباً جديداً في الكتابة يُعهد اليوم باسم الأسلوب الكارولنجي، وقد صار أسلوباً مُتعارفاً عليه في الاتصالات في أنحاء أوروبا. شارلمان وبرعاية من الكنيسة، فرض النموذج الروماني لخدمة الكنيسة، فضلاً عن الغناء الغريغوري في الموسيقى الطقسية للكنائس. كان الباحثون في هذه الفترة يقومون بنشاطات تعليميّة مهمة مثل النسخ وتسليم ونشر الأعمال الأساسية حول الموضوعات الدينية والفهمانية، وذلك بهدف تشجيع التفهم، فأدّى ذلك لإصدار أعمال دينية وخط فهمية جديدة. قام اللغويون في تلك الفترة بإجراء تعديل كبير على اللغة اللاتينية الكلاسيكية إلى شكل أكثر مرونة لتناسب احتياجات الكنيسة والحكومة. وبحلول عهد شارلمان، اختلفت اللغة كثيراً عن الكلاسيكية التي سُميت لاحقاً بـلاتينية العصور الوسطى.

تَفكّك الإمبراطورية الكارولنجية

التقسيمات الإقليمية للإمبراطورية الكارولنجية عام 843، 855، 870.

كان شارلمان قد خطّط لمواصلة التقليد الفرنجي بأن يُقسّم المملكة بين جميع ورثته، ولكنّه لم يتسطع القيام بهذا. وقبل وفاته عام 814 توّج ابنه خلفاً له. عهد لويس الأول دام لـ26 عاماً وتميّز بكثرة الانقسامات والانشقاقات في الإمبراطورية بين أبناءه، وقامت ثلاث حروب أهليّة بين لويس وأبناءه للسيطرة على أجزاء مختلفة من الإمبراطورية، انتهت بإعطاء لويس ابنه البكر لوثر الأول (795-855) الإمبراطورية الأراضي الإيطاليّة. وقسم لويس بقيّة الأراضي بين لوثر وابنه الأصغر شارل الأصلع (823-877). تولى لوثر مملكة الفرنجة الشرقية، التي تضم كلاً من ضفتي نهر الراين والشرق، وشارل مملكة الفرنجة الغربيين مع الإمبراطورية إلى الغرب من منطقة الراين وجبال الألب. لودفيش الجرماني الابن الأوسط الذي كان متمرداً لآخر الأمر، سُمح له بالحفاظ على بافاريا تحت سلطان أخيه الأكبر. إلى غير ذلك قُسّمت الأراضي المُتنازع عليها. بيبين الثاني الآكتيني (823-864) حفيد الإمبراطور، تمرّد آكيتين، في حين كان لودفيش الجرماني حاول ضمّ فرنجا الشرقيّة. في النهاية، توفّي لويس الأول ودخلت الإمبراطورية في حالة من الفوضى السياسية. إذ قامت حربٌ أهلية أخرى استمرّت لـ3 سنوات.

بموجب معاهدة فيردان عام 843 بين الأخوة الثلاث، قُسّمت المملكة بين ثلاثتهم، حصل لوثر على الجزء الأوسط من الإمبراطورية، وهوما أصبح فيما بعد الأراضي المنخفضة ولورين وألزاس وبورغونيا وبروفنسا وإيطاليا والضفة الإمبراطورية الشرفية، دون حتى يمتلك أكثر من قيادة اسمية. واستلم لودفيش الجزء الشرقي وهوالجزء الأكبر والذي أصبح لاحقاً ألمانيا تحت شكل الإمبراطورية الرومانية المقدسة. واستلم شارل القسم الغربي وهوالجزء الأكبر مما سيصبح فرنسا. قام أحفاد شارلمان وأحفادهم بتقسيم ممالكهم بين أحفادهم، مما أدى في نهاية المطاف إلى فقدان جميع التماسك الداخلي للممالك. وبحلول عام 987، أُزيلت السلالة الكارولنجية من الحُكم وتم تتويج أوغوكابيه (941-996) ملكاً على البلاد. وفي الأراضي الشرقية كانت الأسرة الحاكمة قد انقرضت في عام 911 مع وفاة آخر ملوكها الشرعيين لودفيش الطفل واختيار كونراد الأول (881-918) ملكاً.

مع جميع تلك الحربوالأهلية، رافَق تفكك الإمبراطورية الكارولنجية غزوات وهجرات، ومداهمات من قبل قوى خارجية. فقد تم الاستيلاء على السواحل الشمالية والمحيط الأطلسي من قِبَل الفايكينج الذين قاموا أيضاً باقتحام الجزر البريطانية واستوطنوا هناك وكذلك في آيسلندا. في عام 911، حصل زعيم الفايكنج رولو(845-932) على إذن من ملك الفرنجة شارل الثالث (879-929) ليستقر فيما أصبحت تدعى الآن بنورماندي. وكانت الأجزاء الشرقية من ممالك الفرنجة وخصوصا الجرمانية منها والإيطالية، تحت اعتدائات مستمرة من المجريين حتى تم هزيمة الغزاة في معركة ليشفيلد في سنة 955. كما أدّى تفكك الدولة العباسية لتقسيم العالم الإسلامي لدويلات صغيرة، بدأ البعض منها بالتوسّع نحوَ إيطاليا وصقلية، وغزوالأجزاء الجنوبيّة من مملكة الفرنجة والأندلس.

مَمَالِك جديدة، وعَودَة بيزنطة

أوروبا عام 814.

أدت الجهود المبذولة من قبل الملوك الإقليميين لمحاربة الغزاة إلى تشكيل كيانات سياسية جديدة. في إنجلترا الانجلوسكسونية كان الملك ألفريد العظيم (849-899) في أوآخر القرن التاسع قام بعقد اتفاق مع غزاة الفايكنغ وكنتيجه قامت مستوطنات دنماركية في نورثومبريا ومريكا ومناطق من شرق أنجيلا. في منتصف القرن العاشر نجح الفرد في غزونورثومبريا ومكّن أنجلترا من السيطرة على معظم مناطق غرب بريطانيا العظمى. وفي شمال بريطانيا، كينيث ماك ألبين وحّد قبائل البيكتس والسكوتس في مملكة ألبا. في بدايات القرن العاشر قامت دولة الأتونيين في ألمانيا وساهمت بعودة المجريين للقابلة. هذه الجهود كللت بتتويج أوتوالأول عام 962 كإمبراطور روماني مقدس. في عام 972، حصل على اعتراف المجتمع بلقبه من قبل الإمبراطورية البيزنطية، وذلك بسبب مع زواج ابنه أوتوالثاني (955-983) بِـ ثيوفانوابنة الإمبراطور البيزنطي السابق رومانوس الثاني (938-963). وبأواخر القرن العاشر، كانت إيطاليا في يَد الأوتيين وذلك بعدد فترة من عدم الاستقرار. وأمضى أوتوالثالث (980-1002) أغلَب فترة حكمه في مملكته. أما مملكة الفرنجة الشرقية كانت مقسمة أكثر على الرغم من بقاء السلطة للملوك إلا أنها شكلية فقط والسلطة السياسية أصبحت بيد اللوردات المحليين.

خلال القرنين التاسع والعاشر في أسكندنافية، نمت ممالك مثل السويد والدنمارك والنرويج بجهود تبشرية حيث مكنتهم من السيطرة والسيادة على الأراضي. وبحلول القرن الجديد عام 1000، اعتنق غالبية الملوك النصرانية، إلا حتى هناك من لم يعتنقها كذلك. المستعمرات الأسكندنافية توسعت في أنحاء أوروبا أيضاً. وبالإضافة للمستعمرات في أيرلندا ونورماندي، تم استعمار جزء من أراضي ما تعهد الآن بآيسلند وروسيا. استوطن التجار والغزاة السويديين أسفل أنهار وسهول روسيا، وحاولوا أيضاً الاستيلاء على القسطنطينية في عامَي 860 و907. أقامت إسبانيا النصرانية ممالك أستورياس وليون عن طريق التوسع شمالاً بمساحات صغيره في شبة الجزيرة الأيبيرية ومن ثم التوسع ببطئ جنوباً في حروب مع الدولة الأموية خلال القرنين التاسع والعاشر.

لوحة عاجية أوتونية من القرن العاشر تصور المسيح يستقبل كنيسة من أوتوالأول

في أوروبا الشرقية انتعش الاقتصاد البيزنطي أثناء حكم الإمبراطور باسل الأول (811-886) وخليفته ليوالسادس (886- 912) وقسطنطين السابع (905-959) والسلالة المقدونية. وبعد انتعاش التجارة قام الأباطرة بمراقبة التنمية التجارية بواسطة إدارة منظمة في جميع محافظة. وقد أُعيد تنظيم الجيش، مما مكّن الأباطرة جون الأول وباسل الثاني من توسيع حدود الإمبراطورية من جميع الجهات. كانت القاعة الإمبراطورية مركزاً لإحياء العلوم الكلاسيكية، وهي حركة تاريخية تُعهد بعصر النهضة المقدونية. كما أدت جهود المُبشّرين من رجال الدين الغربيين والشرقيين إلى اعتناق المورافيين والبلغار والبوهيميين والبولنديين والمجريين والسولفاكيين من روس كييف للنصرانية. بلغاريا التي تأسست في 680، بلغت أقصى اتّساع لها من بودابست إلى البحر الأسود ومن نهر الدنيبر في أوكرانيا الحديثة إلى البحر الأدرياتيكي. وبحلول عام 1018، استسلم آخر النبلاء البلغاريين إلى الإمبراطورية البيزنطية.

الفَن والعَمارة

صفحة من كتاب كيلز، التذهيب تم إنشاؤها في الجزر البريطانية في أواخر القرن الثامن أوأوائل القرن التاسع

شيد عدد قليل من المباني الحجرية الكبيرة بين البازيليكا القسطنطينية في القرن الرابع والقرن الثامن، على الرغم من حتى الكثير من المباني الصغيرة تم بناؤها خلال القرنين السادس والسابع. مع بداية القرن الثامن، قامت إمبراطورية كارولنجيان بإحياء شكل الكاتدرائية في العمارة. إحدى ميزات الكاتدرائية هي استخدام المقبرة، أو"الأسلحة" لمبنى على شكل الصليب المتعامد مع الصحن الطويل. وتضم الخصائص الجديدة الأخرى للعمارة الدينية التصالب (كنيسة) ومدخلا أثرياً إلى الكاتدرائية، عادة ما تكون في الطرف الغربي من المبنى.

تم إنتاج الفن الكارولنجي لمجموعة صغيرة من الشخصيات حول المحكمة، والأديرة والكنائس التي دعمتها. وقد هيمنت عليه الجهود المبذولة لإستعادة الكرامة وكلاسيكية الفن للإمبراطورية الرومانية والفن البيزنطي، ولكنه تأثر أيضاً بالفن الجزيري للجزر البريطانية.

الفن المعزول أكمل طاقة السلتيك الايرلندي وأنماط زخرفة الأنجلوسكسونية الجرمانية مع أشكال البحر الأبيض المتوسط كالكتاب، ونشرت الكثير من الخصائص الفنية لبقية الفترة من القرون الوسطى. إذا الأعمال الدينية الباقية من العصور الوسطى المبكرة هي مخطوطات تذهيب في معظمها، والمنحوتات، مصنوعة أصلا لأعمال المعادن التي ذابت منذ ذلك الحين. وكانت الأجسام في المعادن الثمينة أرقى أشكال الفن، ولكن جميعها كانت تضيع باستثناء عدد قليل من الصلبان مثل الصليب لوثير، الكثير من ريليكواريز، والموجودات مثل مدفونات أنجلوساكسون في ساتون هوووالأحجار من جوردون من ميروفينجيان فرنسا، غوارازار من إسبانيا القوطية وناجيسنتميكلوس بالقرب من الأراضي البيزنطية. هناك الكثير من الناجين من الدبابيس الكبيرة في الشظية أوشكل بينانولار التي كانت بترة رئيسية من الزينة الشخصية للنخب، بما في ذلك الايرلندية تارا بروش. وكانت الخط المزينة بشكل كبير في معظمها خط الإنجيل، وقد نجا عدد كبير منها، بما في ذلك الكتاب المقدس كيلز، وكتاب لينديسفارن، والدستور الإمبراطوري أوريوس القديس إمرام، الذي يعد واحدا من القلة التي تحتفظ ب "كنزها" من المضى المرصع بالجواهر. يظهر حتى محكمة شارلمان كانت مسؤولة عن قبول النحت التذكاري الضخم في الفن المسيحي، وبحلول نهاية الفترة القريبة من الأرقام بالحجم الطبيعي مثل جيروكروس كانت شائعة في الكنائس الهامة.

التَّطورات العَسكرية والتكنولوجية

خِلال الإمبراطورية الرومانية في وَقتٍ لاحِق، كانَت التَّطورات العَسكرية الرَّئيسية مُحاولات لإنشاء قُوة سلاح الفُرسان فعالة، فضلاً عن التطوير المُستمر لأنواع القوات المتخصصة للغاية. كان تَشكيل جُنود مِن طراز كاتافراكت مُدرعة بِشكل كبير كسلاح خيالة مِن السمات الهامة للجيش الروماني في القرن الخامس. كان لدى مختلف القبائل الغازية اختلافات في التَّركيز عَلى أنواع الجُنود - بدءًا مِن الغزاة الأنجلوساكسونيين المشاة في بريطانيا إلى الفاندال والقوط الغربيين، الذين كان لديهم نسبة عالية من سلاح الفرسان في جيوشهم. خلال فترة الغزوالمبكر، لم يتم إدخال الرِكاب في الحرب، مما حد من فائدة سلاح الفرسان كقوات للصدمات لأنه لم يكن من المُمكن وَضع القوة الكامِلة لِلحصان والراكب خلف الكرات التي ضربها الفارس. أكبر تغيير في الشؤون العسكرية خلال فترة الغزوكان اعتماد القوس المركب الهونيكي بدلاً من القوس المركب سكيثيا الأقدم والأضعف. تطور آخر هوزيادة استخدام لونجزوردس والاستبدال التدريجي لدرع النطاق عن طريق درع البريد ودروع لاميلار.

بدأت أهمية سلاح المشاة والفرسان الخفيفة في الانخفاض خلال الفترة الكارولنجية المبكرة، مع تزايد سَيطرة النُّخبة مِن سلاح الفرسان الثقيل. انخفض استخدام التجنيد الإجباري من الميليشيات من السكان الأحرار على مدى فترة كارولينجيان. على الرغم من حتى معظم الجيوش الكارولنجية تم هجريبها، يظهر حتى نسبة كبيرة خلال الفترة المبكرة قد تم هجريبها للمشاة، وليس سلاح الفرسان الحقيقي. استثناء واحد كان الأنجلوسكسونية انجلترا، حيث كانت لا تزال جيوش تتألف من الضرائب الإقليمية والمعروفة باسم فيرد، والتي كانت تقودها النخب المحلية. في التكنولوجيا العسكرية، كان أحد التغييرات الرئيسية هوعودة القوس، والذي كان معروفًا في العصر الروماني وعاد إلى الظهور كسلاح عسكري خلال الجزء الأخير من العصور الوسطى المبكرة. تغيير آخر هوإدخال الرِّكاب، مما زاد من فعالية سلاح الفرسان كقوات للصدمات. كان التقدم التكنولوجي الذي كان له آثار خارج نطاق الجيش هوحدوة الحصان، والتي سمحت باستخدام الخيول في التضاريس الصخرية.

العُصور الوُسطى المتأخرة

المُجتَمع والحَياة الاقتصادية

مَخطوطة فَرنسِيَّة ممضىة تَعودُ إلى القُرون الوُسطى تُوَضِّح الطبقات الثَّلاث لِمُجتمع القرون الوسطى: أولئك الذين صلوا (رجال الدين) أولئك الذين قاتَلوا (الفرسان)، وأولئك الذين عَمِلوا (الفلاحين). كانت العلاقة بين هذه الطبقات تحكمها الإقطاعية والمانورالية.(لي ليفريس دوسانتي، القرن الثالث عشر)

كانَت العُصور الوُسطى العُليا فترة توسع هائلة للسكان. ازدادَ عَدد سُكان أوروبا المُقدر مِن 35 إلى 80 مَليون نَسمة بين 1000 و1347، عَلى الرغم مِن أنَّ الأسباب الدَّقيقة لَم تَتضح بَعد: فَقد تَمَّ اقتِراح كُل مِن التِّقنيات الزِّراعية المُحَسنة، وانخِفاض العبيد، والمناخ الأكثر مُلائَمَة ونَقص الغَزو. ما يُقرب مِن 90% مِن السُّكان الأوروبيين لا يَزالونَ مِنَ الفَّلاحين الريفيين. لَم يَستَقِر الكثيرون في المَزارِع المَعزولة ولكنّهم تَجمعوا في مُجتمعات صَغيرة، تعهد عادة باسم العزبة أوالقرى. كانَ هؤلاء الفلاحون في كَثير مِن الأحيان خاضِعين لأباطرة نُبلاء وكانوا يدينون لَهم بالإيجارات والخدمات الأخرى، في نظام يُعهد باسم "مانورالية". بَقِيَ هُناك عَدد قَليل مِن الفلاحين الأحرار طوالَ هذه الفَترة وما بَعدها، مَع وُجود المَزيد مِنهم في َمناطق جنوب أوروبا مُقارنة بالشمال. كما ساهَمَت مُمارسة التعاقد، أوجلب أراضي جديدة إلى الإنتاج من خلال تَقديم حَوافِز لِلفلاحين الذينَ استوطنوها في تَوسيع السكان.

كان نظام الحقول المفتوحة يمارس عادةً في مُعظم أوروبا، خاصَة في "شمال غرب ووسط أوروبا". كانَ لِلمُجتمعات الزراعية المفتوحة ثلاث خصائص أساسية: كانت حصص الفلاحين الفردية على شَكل شرائط مِن الأرض ومُبعثرة بَين الحُقول المُختلفة التي تَنتمي إلى القصر؛ تَمَّ تَدوير المَحاصيل مِن سنة إلى أخرى للحفاظ على خصوبة التربة. واستخدمت الأراضي المشهجرة لرعي الماشية وغيرها من الأغراض.

شَملت قِطاعات أُخرى مِن المُجتَمَع: النبلاء ورِجال الدِّين. استَغَل النبلاء سواء كانوا مِنَ النُّبلاء أوالفرسان البُسَطاء، العزبة والفلاحين، على الرَّغم مِن أنهم لَم يَكونوا يَمتَلِكون الأراضي بِشَكلٍ كامِل ولكنهم مُنحوا حُقوقًا لِلدخل مِن مانور أوأراضٍ أخرى من قبل السائد عبر نظام الإقطاع. خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر أصبَحت هذه الأراضي أوالإقطاعيات وِراثِية، وفي مُعظَم المَناطِق لَم تَعد قابِلة لِلقسمة بَينَ جميع الورثة كما كان الحال في أوائل العصور الوسطى. بدلاً من ذلك، ذَهبت مُعظم الإقطاعات والأراضي إلى الابن الأكبر. بُنِيَت هَيمنة النبلاء في سَيطرَتِهم عَلى الأرض، وخِدمتهم العَسكرية كَفُرسان، والسيطرة على القلاع، والحصانات المتنوعة من الضرائب أوغيرها بَدأ في القَرنين التاسع والعاشر بناء القلاع التي كانَت في البِداية مِن الخشب ولكن في وقت لاحق مِنَ الحجر، استجابةً لاضطراب الوقت، ووفرَت الحِمايَة مِن الغُزاة، بالإضافة إلى إتاحَة الفُرصة أمام الدِّفاع عَن اللوردات مِن المُنافسين. سَمحت السيطرة على القلاع للنبلاء بِتَحدي المُلوك أوغيرهم من سادَة الحُكم. كان الملوك وطبقة النبلاء أعلى رتبة تُسَيطر عَلى أعداد كبيرة مِن عامة الناس ومَساحات كَبيرة من الأرض، فضلاً عَن النُّبلاء الآخرين. كانَ النبلاء الأقل سُلطة عَلى مَناطق أصغَر مِن الأرض وعَدد أقل من الناس. كانَ الفُرسانُ أدنى مَستوى من النبلاء؛ كانوا يُسيطرون ولكنَّهم لا يَملِكون الأرض، وكان عَليهم حتى يخدموا النبلاء الآخرين. تَمَّ تَقسيم رِجال الدِّين إلى نوعين: رِجال الدين الفهمانيين والذين عاشوا أنحاء مختلفة من العالَم، ورِجال الدين المُنَتظمين والذين عاشوا تَحت حُكم ديني وكانوا عادةً من رهبان. ظلَّ الرهبان طُوال هذه الفَترة يُشكِّلونَ نِسبة صَغيرة جِداً مِنَ السكان، وعادةً ما يَقل عَن 1%. تَم اختِيار مُعظم رِجال الدين المُنتظمين مِن طَبقة النبلاء، وهي الطبقة الاجتِماعِية نَفسها التي كانَت بِمثابة أرض التَّجنيد لِلمُستويات العُليا مِن رِجال الدين العِلمانيين. وكثيرًا ما كانَ يَتِم اختيار كهنة الرعية المَحلية مِن طَبقة الفَلاحين. كانَ رِجال البَلدة في وَضع غَير عاديٍ إلى حد ما، حيثُ لَم يَتناسبوا مَع التَّقسيم التَّقليدي ثُلاثي الأوجه للمجتمع، الذي كان بمجمله النبلاء ورجال الدين والفَلاحين. خِلال القَرنين الثاني عشر والثالث عشر، تَوَسعت أعداد المُدن بِشكل كَبير مَع نُموالمُدن القائِمة وإنشاء مَراكِز سُكانية جَديدة. ولكِن في جَميع العُصور الوسطى لَم يَتجاوز عَدد سُكان المُدن 10٪ من إجمالي السكان.

مخطوطة بلجيكية تَوضيحية مِن القرن الثالث عشر لِحوار بين اليهودي "موسى" (في قبعة يهودية مُدببة) والمسيحي بيتروس ألفونسي

انتشر اليهود في أوروبا خِلالَ الفَترة. تَم تَأسيس المُجتَمَعات في ألمانيا وانجلترا في القَرنين الحادي عشر والثاني عشر، لكن اليهود الأسبان الذين استَقروا طويلاً في إسبانيا تَحتَ حُكم المسلمين، تَعرضوا لِلحُكم المَسيحي وزادوا الضَّغط مِن أجل التَّحول إلى المسيحية. كان معظم اليهود محصورين في المدن، حيث لم يكن مسموحًا لهم بامتلاك الأرض أوحتىقد يكونوا فلاحين.(بالإضافة إلى اليهود) كان هناك غير مسيحيين آخرين على أطراف أوروبا - سلاف وثنيين في أوروبا الشرقية والمسلمين في جنوب أوروبا.

طالَبنَ النساء في القرون الوسطى رسميًا بأن يَكُنَّ تابِعات لِبعض الذكور، سواء كان أبًا أوزوجًا أوقريبًا آخر. كانَت الأرامل اللَّواتي غالباً يُسمح لَهُن بِالسيطرة عَلى حَياتهن الخاصة، لكنها لا تَزال مُقيدة بِشكل قانوني. يَتألف عَمَل المرأة عمومًا من منزل أومهام أخرى مائلة محليًا. كانَت النِّساء الفلاحات في العادة مَسؤولات عن رِعاية الأسرة ورِعاية الأطفال، فضلاً عن البستنة وتَربية الحَيوانات بالقُرب مِن المَنزِل. يمكن حتى تُكمِل ولج الأسرة عَن طريق الغزل أوتختمر في المنزل. في وقت الحَصاد، كان من المتسقط أيضًا حتى يساعدوا في العمل الميداني. كانت النساء التابعات للبلديات مثلهن مثل الفلاحات، مسؤولات عن الأسرة، ويمكنهن أيضاً المشاركة في التجارة. كانت الصَّفقات المَفتوحة لِلنساء تَختلف حَسب البلد والفترة. كانت النساء النبيلات مسؤولات عن إدارة الأسرة، وكان مِنَ المُتَسقط مِن حين لآخر حتى يَتعاملنَ مَع العقارات في غياب أقاربهن الذكور، لكنهن عادةً ما كن محصورات في المشاركة في الشؤون العسكرية أوالحكومية. وكان الدور الوحيد المُتاح أمامَ النِّساء في الكنيسة هودور الراهبات، حيثُ لَم يَكُن بإمكانِهنَّ حتى يُصبِحن مِن الكهنة.

أدى نُهوض المُدن ذي الحكم الذاتي إلى تَحفيز النموالاقتصادي وخَلق بيئة لأنواع جَديدة مِنَ الرابِطات التِّجارية في شمال إيطاليا|وسط وشمال إيطاليا وفي الفلمنك. دخلت المُدن التِّجارية عَلى شواطئ بحر البلطيق في اتفاقيات معروفة باسم الرابطة الهانزية، وجمعت الجمهوريات البحرية الإيطالية مثل فينيسيا وجنوة وبيزا تجارتها في جميع أنحاء البحر المتوسط.

تم إنشاء المَعارِض التِّجارية الكُبرى وازدهرت في شَمال فرنسا. خِلال هذه الفَترة، مِما يَسمح لِلتجار الإيطاليين والألمان بالتجارة مع بعضهم البعض وكذلك التُّجار المحليين. في أواخر القرن الثالث عشر كانَت الطُّرق البَرية والبَحرية الجَديدة إلى الشرق الأقصى رائدة، وصفت بشكل مشهور في رحلات ماركوبولوالتي خطها أحد التجار، ماركوبولو(ت 1324). إلى جانب الفُرص التجارية الجَديدة التي مَكنت التَحسينات الزراعية والتِكنولوجية مِن زيادة غِلة المَحاصيل، مما سَمَح بِدوره بِتوسيع شَبكات التجارة. جلبت التجارة المتزايدة أساليب جديدة للتعامل مع المال، وسك النقود المضىية مرة أخرى في أوروبا، أولاً في إيطاليا وبعد ذلك في فرنسا وبلدان أخرى. ظهرت أشكال جديدة من العقود التجارية، مما يسمح بمشاركة المخاطر بين التجار. تحسين أساليب المحاسبة، جزئياً من خلال استخدام مسك الدفاتر المزدوجة القيد؛ ظهرت خطابات الاعتماد أيضًا مما يتيح سهولة نقل الأموال.

صُعود قُوة الدَّولة

أوروبا والبحر الأبيض المتوسط عام 1190

كانَت العُصور الوُسطى العُليا هِي الفَترة التَكوينية في تاريخ الدَّولة الغَربية الحَديثة. عَزز المُلوك في فرنسا وإنجلترا واسبانيا قُوتهم وأقاموا مُؤسسات حاكِمَة دائِمة. أصبَحت المَمالك الجَديدَة مثل المجر وبولندا بعد تَحولِهم إلى المسيحية قوى أوروبا الوسطى. استقر المجريون في المجر حوالي 900 تحت الملك أرباد (د. 907) بَعد سِلسلة من الغزوات في القرن التاسع. كانت البابوية التي ربطت بأيدولوجية الاستقلال عن الملوك الفهمانيين، قد أكَدت في البِداية عَلى زَعمها بالسُّلطة الزَّمنية عَلى العالَم المَسيحي بأسره؛ بلغ النظام الملكي البابوي ذروته في أوائل القرن الثالث عشر في إطار البابوية من الأبرياء الثالث (البابا 1198 - 1216).الحروب الصليبية الشمالية وتقدمت الممالك المسيحية والأوامر العسكرية إلى مناطق وثنية في السابق في شمال شرق بحر البلطيق وفنلندا جَلَبت الاستيعاب القَسري لِلعديد مِنَ الشعوب الأصلية في الثقافة الأوروبية.

في أوائل العُصور الوسطى العُليا، حُكمَت ألمانيا مِن قبل سلالة الأوتونية، التي ناضَلَت لِلسيطرة عَلى الدوقات القَوِية الحاكِمة على الدوقية الإقليمية التي تعود إلى فترة الهجرة. في عام 1024 استبدلت بهم سلالة ساليان التي اشتهرت مع البابوية في عهد الإمبراطور هنري الرابع (حكم 1084-105) على تعيينات الكنيسة كجزء من الجدل حول الاستثمار. استمر خلفاؤه في النضال ضد البابوية وكذلك النبلاء الألمان. تبعت فترة من عدم الاستقرار وفاة الإمبراطور هنري الخامس (حكم 1111 - 25)، الذي توفي من دون ورثة إلى حتى تسلم فريدرش الأول بربروسا (حكم من 1155 إلى 1909) العرش الإمبراطوري. على الرَّغم مِن أنَّه حكم بشكل فَعال ظَلَت المَشاكِل الأساسية قائِمة، واستمر خُلفاؤه في النضال حتى القرن الثالث عشر. نشأ فريدريك الثاني حفيد بربروسا (حكم من 1220 إلى 1250) والذي كان أيضاً وريث عرش صقلية من خلال والدته بشكل متكرر مع البابوية. كانت محكمته مشهورة بفهمائها وكان غالباً ما يتهم بالهرطقة. قابل هووخلفاؤه الكثير من الصعوبات، بما في ذلك غزوالمغول إلى أوروبا في منتصف القرن الثالث عشر. حطم المغول أولاً إمارات ولاية كييف ثم غزوا أوروبا الشرقية في 1241 و1259 و1287.

في ظِلِّ سلالة الكابيتيون بَدَأت إيل دوفرانس بِبطءٍ في تَوسيع سُلطَتِها عَلى طَبقَة النبلاء؛ لِلسَّيطرة أكثَر عَلى البلادِ في القَرنين الحادي عشر والثاني عشر. قابلوا مُنافِسًا قَويًا في دوق نورماندي، حَيثُ قامَ في عام 1066 بغزوإنجلترا (حكم 1066–87) تَحَت قِيادة وليام الفاتح (دوق 1035-1087) وإنشاء إمبراطورية عَبر القَنوات التي استَمرت في أشكال مُختلفة، في جميع أنحاء العصور الوسطى. استقر النورمان أيضًا في صقلية وجنوب إيطاليا، وعِندما هَبَط روبرت جيسكارد (المتوفى عام 1085) هُناك في عام 1059، وأسس الدوقية فأصبحت فيما بعد تعهد باسم مملكة صقلية. في عَهد سُلالة هنري الثاني ملك إنجلترا (حَكم من عام 1154 إلى عام 1989) ونَجله ريتشارد الأول (حكم من 1189 إلى 1989)، حَكم مُلوكُ إنجلترا مَساحاتٍ كَبيرة مِن فرنسا، التي أتت إلى العائلة بزواج هنري الثاني من إليانور آكيتاين (ت 1204) وريثة لمعظم جنوب فرنسا

خَسِرَ ريتشارد شَقيقه الأصغر جون (حكم من 1199 إلى 1216)، ونورماندي، وبقية مُمتلكات الشمال الفرنسي في عام 1204 إلى الملك الفرنسي فيليب الثاني أغسطس (حكم من 1180 إلى 1223). أدى هذا إلى الخِلاف بَين النُّبلاء الإنجليز، في حين دُفِعت صَلاحيات جون المالية لِدفع ثَمن مُحاولاته غَير الناجِحة لإستِعادة نورماندي عام 1215 إلى ماغنا كارتا، وهوالميثاق الذي أكَدَّ حُقوق وامتِيازات الرِّجال الأحرار في إنجلترا. في عهد هنري الثالث (حكم 1216–1272) نجل جون، قدمت تنازلات أخرى إلى النبلاء وتضاءلت السُّلطة المَلكية. استمرت الملكية الفرنسية في تَحقيقِ المَكاسب ضِدَّ النُّبلاء في أواخر القرنين الثاني عشر والثالث عشر، حَيث جَلبت المَزيد مِنَ الأراضي داخل المملكة في ظل حكم الملك الشخصي ومركز الإدارة الملكية. تحت حكم لويس التاسع (حكم 1226 - 70)، ارتفعت الهيبة الملكية إلى آفاق جديدة حيث خدم لويس التاسع كوسيط لِمعظم أوروبا.

بَدَأت الدول المسيحية في إيبيريا، التي كانت محصورة في الجُزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة، في ردعها ضد الدول الإسلامية في الجنوب وهي فترة عهدت باسم ريكونكويستا(سقوط الأندلس). بحلول عام 1150 تقريبًا، اندمج الشَّمال المَسيحي في المَمالِك الخَمس الرَّئيسية في ليون، وقشتالة، ومملكة أرغون، ومملكة نبرة، والبرتغال. ظلت مقاطعة أيبيريا الجنوبية تَحتَ سَيطرة الدول الإسلامية، في البداية تَحتَ حُكم الدولة الأموية في الأندلس، التي انفصلت عام 1031 إلى عَدد مُتنقل مِن الدُّوَل الصَّغيرة المَعروفة باسم ملوك الطوائف، والتي قاتَلَت مع المسيحيين حتى أعادَت الخلافة الموحدية إنشاء حُكمٍ مَركزيّ عَلى جنوب ايبيريا في 1170s. تقدمت القُوى المسيحية مَرة أخرى في أوائل القرن الثالث عشر، وبَلغت ذُروَتها في أسر إشبيلية في عام 1248.

الحَملات الصَّليبية

بنيت قلعة الحصن (حمص) خلال الحروب الصليبية لفرسان الإسبتارية

استَولى السلاجقة الأتراك عَلى جُزءٍ كَبيرٍ مِنَ الشرق الأوسط في القرن الحادي عشر، واحتُلَّت بلاد فارس خِلال الأربعينيات مِنَ القرن العشرين، وأرمينيا في ستينيات القرن التاسع عشر، والقدس في عام 1070. وفي عام 1071، هَزَم الجيش الهجري الجيش البيزنطي في معركة ملاذكرد وأسَرَ الإمبراطور البيزنطي رومانوس الرابع (حكم 1068-71). كانَ الأتراك آنذاك أحرارًا في غزوآسيا الصغرى، التي وَجَّهَت ضَربةً خطيرةً للإمبراطوريّة البيزنطية عن طريق الاستيلاء عَلى جزءٍ كبيرٍ مِن سُكانها وقلبها الاقتصادي. على الرَّغم من حتى البيزنطيين أعادوا تجميع أنفسهم واستعادوا بعض الشيء، إلا أنهم لم يستردوا آسيا الصغرى بالكامل وكانوا في الغالب في مسقط دفاعي. قابل الأتراك أيضاً صعوبات، فقد السيطرة على القدس إلى الفاطميين في مصر ويعانون من سلسلة من الحروب الأهلية الداخلية. كما قابل البيزنطيون بلغاريا، والتي انتشرت في أواخر القرن الثاني عشر والثالث عشر في جميع أنحاء البلقان.

كانَت الحروب الصليبية تَهدِف إلى الاستيلاء عَلى القدس مِن السَّيطرة الإسلامية. أعَلن البابا أوربانوس الثاني(البابا 1088-99) عَن الحملة الصليبية الأولى في مجلس كليرمون في عام 1095 استجابة لِطَلب مِن الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأول كومنينوس(حكم 1081-1118)؛ للمساعدة في لقاءة المزيد من التقدم الإسلامي. تم تعبئة عشرات الآلاف من الناس من جميع مستويات المجتمع في جميع أنحاء أوروبا واستولت على القدس في عام 1099. إحدى سمات الحروب الصليبية كانَت مذابح ضِدَّ اليهود المَحَليين التي حَدَثت غالِباً عِندَما غادَرَ الصليبيون بلِادَهُم مِن أجلِ الشَّرق. كانت هذه الهجمات وحشية بشكل خاص خلال الحملة الصليبية الأولى، عندما تم تدمير الجاليات اليهودية في كولونيا، وماينتس، وفورمس، وتعرضت مُجتَمعات أُخرى في المُدُن بَين نَهري سين والراين إلى الدمار. كانت الحروب الصليبية أساس نوع حديث من التنظيم العسكري الرهباني، الأوامر العسكرية لفرسان الهيكل وفرسان الإسبتارية، التي دمجت الحياة الرَّهبانية بالخدمة العَسكرية.

عَزَّزَ الصَّليبيون فُتوحاتِهم بدول صليبية خِلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، كانَت هُناكَ سِلسِلَة مِنَ الصِّراعات بَينَ تِلكَ الدُّوَل والدول الإسلامية المُحيطَة بِها. أدت الاستِئنافات مِن تِلكَ الدُّوَل إلى مَزيدٍ مِن الحملات الصليبية، مِثل الحملة الصليبية الثالثة، التي دَعَت لِمُحاوَلة استِعادَة القدس والتي تَمَّ الاستيلاء عَليها من صلاح الدين (ت. 1193) في عام 1187. في عام 1203 تَمَّ تَحويل الحملة الصليبية الرابعة من الأرض المقدسة إلى القسطنطينية، واستَولَت عَلى المَدينة في عام 1204، وأقامَت الإمبراطورية اللاتينية للقسطنطينية وأضعفت بِدرجة كبيرة الإمبراطورية البيزنطية. استعاد البيزنطيون المَدينة في عام 1261، لكنَهم لَم يَستردوا قُوَتَهم السابقة. بِحُلول عام 1291 تَمَّ القَبض عَلى جَميع الدُّول الصليبية وأجبِرَت عَلى النُّزول مِن البر الرئيسي، عَلى الرُّغم مِن حتى مملكة بيت المقدس الفَخرية بَقِيَت عَلى جزيرة قبرص لِعدة سَنوات بَعد ذلك.

نادى البابَوات إلى إقامَة حُروب صَليبية في أماكِن أخرى إلى جانِب الأراضي المُقدسة: في إسبانيا وجنوب فرنسا وعلى طول بحر البلطيق. أصبحت الحروب الصليبية الإسبانِية تَنصَهِر مَع استرداد إسبانيا من المسلمين. على الرُّغم مِن أنَّ فرسان الهيكل وفرسان الإسبتارية شارَكوا في الحملات الصليبية الإسبانية، فَقَد تَمَّ تَأسيس أوامر دينية عسكرية إسبانية مشابهة، أصبَحَ مُعظَمها جزءًا مِن أمرين رَئيسيين من فرسان قلعة رباح وفرسان سانتياغومع بِداية القرن الثاني عشر. ظلت أوروبا الشمالية أيضًا خارِج النُّفوذ المَسيحي حَتى القرن الحادي عشر أوما بعده، وأصبَحَت مَكانًا صَليبيًا كَجُزء مِن الحروب الصليبية الشمالِية في القرنين الثاني عشر والرابع عشر. هذه الحروب الصليبية أنَتَجَت أيضًا النِّظام العَسكري، أخوة السيف الليفونيون، وفرسان تيوتون، على الرُّغم مِن تَأسيسه في الولايات الصَّليبِية، رَكز الكَثير مِن نَشاطِه في بحر البلطيق بعد عام 1225، وفي عام 1309 نَقَل مَقره إلى مارينبورغ في بروسيا.

الحَياة الفِكرية

أدت التَّطورات في الفلسفة واللاهوت إلى زِيادَة النَّشاط الفِكريّ خلال القَرنِ الحادي عشر. كانَ هُناك جَدَلٌ بَين الواقعيين والمسلمات حَولَ مَفهوم "الكون". تَمَّ تَحفيز الخِطاب الفَلسَفِي مِن خِلال إعادَة اكتِشاف أرسطووتَركيزه عَلى التجريبية والعقلانية. قَدَّم عُلماء مِثل بيار أبيلار الذي (تُوفي عام 1142) وبيتر لومبارد الذي (توفي عام 1164) المَنطِق الأرسطيّ في اللاهوت. في أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر انتَشَرَت مدارس الكاتدرائية في جَميع أنحاء أوروبا الغربية، مِما يُشيرُ إلى تَحوُل التَّفهم مِن الأديرة إلى الكاتدرائيات والبَلدات. وبِدَورِها، استُبدلت مَدارس الكاتدرائية بالجامعات المَنشأة في المُدُن الأوروبية الكُبرى. اندَمَجَت الفَلسفة واللاهوت في المدرسة، كَمُحاولة من عُلماء القَرنين الثاني عشر والثالث عشر للتوفيق بَينَ النُّصوص المَوثوقة، أبرَزُها أرسطووالكتاب المقدس. حاوَلَت هذه الحَركة استِخدام نَهج نِظامي لِلحقيقة والعَقل وبَلَغت ذُروَتَها في فِكر توما الأكويني (ت 1274)، الذي كَتَبَ الخلاصة اللاهوتية.

عالِم مِنَ القُرون الوُسطى يَصنعُ قِياسات دَقيقة في رَسم مَخطوط مِنَ القَرن الرابع عشر

انتشرت المروءة وروح المحبة في المحاكم الملكية والنبيلة. تم التعبير عن هذه الثقافة باللغات العامية بدلاً من اللاتينية، وشكلت القصائد والقصص والأساطير والأغاني الشعبية التي تنتشر عن طريق تروبادور أوالمتجولون. وكثيرًا ما كانت القصص مكتوبة في أغاني البطولة، أو"أغاني الأعمال العظيمة"، مثل نشيد رولاند أوأغنية هيلدبراند. كما تم عمل التواريخ الفهمانية والدينية. ألّف جيفري مونماوث (د. سي 1155) "His Historia Regum Britanniae" وهومجموعة من القصص والأساطير حول الملك آرثر. كانت الأعمال الأخرى أكثر وضوحًا في التاريخ، مثل أوتوفون فرايسينج (المتوفى 1158) الذي شرح تفاصيل أعمال الإمبراطور فريدريك بارباروسا، أوويليام من مالمسبيري (المتوفى 1143) جيستا ريجوم على ملوك إنجلترا.

فيما يَتَعَلَّق بِالدِّراساتِ القانونيَّة المُتَقَدِّمة خِلالَ القرنِ الثاني عشر، فَقد تَمت دِراسة كُل مِن القانون الفهماني والقانون الكنسي. في العصور الوسطى العليا تقدم القانون الفهماني، أوالقانون الروماني بِشكلٍ كَبيرٍ باكتِشافِ قانون جستنيان في القرن الحادي عشر، وبِحلول عام 1100 كان يَتِم تَدريس القانون الروماني في جامعة بولونيا. ما أدى إلى تَسجيل وتَوحيد الرُّموز القانونية في جَميع أنحاء أوروبا الغربية ودُرِّسَ القانون الكنسي أيضًا. في عام 1140 خط راهب اسمه جراتيان وهومدرس في بولونيا (القرن الثاني عشر)، أنه أصبح النص المعياري للقانون الكنسي هومرسوم جراسيانو.

كانَ استِبدال الأرقام الرومانية بنظام الأرقام العشري، واختِراع الجبر مِن بَين نَتائِج التَّأثير الإغريقي والإسلامي على هذه الفترة في التاريخ الأوروبي، مِما سَمَحَ بالرياضيات المُتَقَدمة. تَقَدم فهم الفلك بَعدَ تَرجَمة بطليموس للمجسطي من اليونانية إلى اللاتينية في أواخر القرن الثاني عشر. كما تَمَّت دِراسَة الطب خاصَةً في جنوب إيطاليا، حيث أثر الطب الإسلامي على المدرسة الطبية الساليرنية.

التِّكنولوجيا والناحِية العَسكرية

صورة لكاردينال هيومن سان شير خطها توماسودا مودينا عام 1352، أول تصوير معروف للنظارات

ازدادَ النموالاقتصادي والابتِكارات في طُرق الإنتاج في أوروبا في القَرنَيْن الثاني عشر والثالث عشر. وشَمَلت التَّطورات التِكنولوجِية الرَّئيسية اختِراع الطاحونة الهوائية، والسَّاعات الميكانيكية الأولى، وتَصنيع المَشروبات الرُّوحية المُقطَّرة، واستِخدام الأسطرلاب. كما اختُرِعت نَظارات مُقعرة في عام 1286 عَلى يَد حرفي إيطالي غير معروف.

أدى تَطوير نِظام تَناوب ثُلاثيّ لزراعة المحاصيل إلى زِيادة استِخدام الأرض كُل نِصف عام في إطار النِّظام القَديم ذي المَجالين إلى الثُلثين بِموجب النِّظام الجَديد، مَع ما يَتَرتب عَلى ذلك مِن زِيادةٍ في الإنتاج. سَمَحت عَملية تَطوير المحراث الثَّقيل باستِزراع تُربة ثَقيلة بِشكل أكثَر كَفاءة، وساعَدَ ذلك عَلى انتِشار طَوق الحِصان، مِما أدّى إلى استِخدام خُيول الجولف بَدلاً من الثيران. حيثُ حتى الخيول أسرَع من الثيران وتَحتاج إلى قَدَر أقَل من المراعي، وهي العَوامِل التي ساعَدَت عَلى تَنفيذ نِظام الحُقول الثلاثة.

تَمَّ بِناء الكاتدرائيات والقلاع باستِخدام تِكنولوجيا البِناء المُتَقدمة، مِما أدّى إلى تَطوير المَباني الحَجَريّة الكَبيرة. وشَمَلت الهياكِل الإضافية قاعات المَدينة الجَديدة والمَنازِل والجُسور والحَظائر العَشر. تَحَسن خلق القوارب باستِخدام طَريقَة الضِّلع واللَّوح بَدَلاً مِنَ النِّظام الرُّوماني القَديم مِنَ النُّتوء واللِّسان. وشَمَلَت التَّحسينات الأخرى للسفن استِخدام الأشرِعَة الراحِلة ودفة التوجيه الصارِمَة، وكِلتاهُما زادَت السُّرعة التي يُمكن حتى تُبحِرَ بِها السفن.

ازدادَ استِخدام المُشاة بِأدوار مُتَخَصصة في الشُّؤون العَسكرية. جنباً إلى جنب مَع سِلاح الفُرسان الثَّقيل الذي لا يَزالُ مُهَيمِنًا، غالبًا ما ضَمت الجُيوش نَواقِل الأرصِفَة المركّبة والمشاة، بالإضافة إلى خبراء التفجير والمهندسين. تزايدت الأقواس التي كانَت مَعروفَة في العُصور القَديمة المُتأخرة، جُزئياً بِسبب الزِّيادة في حَرب الحصار في القَرنَين العاشِر والحادي عَشر.

أدى الاستِخدام المُتزايِد لِقَوس النشابتين خِلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر إلى استِخدام الخوذات المغلقة، والدروع الثقيلة، وكذلك دِرع الحِصان. كانَ البارود مَعروفًا في أوروبا بِحُلول مُنتَصف القَرن الثالث عشر مع استِخدام مُسجل في الحرب الأوروبية من الإنجليز ضد الاسكتلنديين في عام 1304، عَلى الرُّغم من أنه كانَ يُستَخدم فَقط كَمُتفجر وليس كَسِلاح. كانَ يَتِم استِخدام المدافع في الحِصار في عام 1320، وكانت البنادق اليدوية مُستَخدَمة في عام 1360.

العَمارة والفَن والموسيقى

العمارة الرومانسكية في ماريا لاش بألمانيا

أدى بِناءُ الكَنائس والأديرة إلى تَطوير العَمارَة الحَجَريّة التي وَضَعت أشكالًا رومانيّة عامِية في القرن العاشر، والتي اشتق مِنها مُصطَلح "الرومانسك"، تَمَّ إعادَة تَدوير المَباني الحَجَريّة الرومانِية والحجارة لموادها. في بِدايَة فَترة عمارة الرومانسك، ازدهر النَّمط وانتَشَر في جَميع أنحاء أوروبا في شَكلٍ مُتجانس بِشكل مَلحوظ. قبل عام 1000، كانَت هُناكَ مَوجةٌ كَبيرةٌ مُتوجهة لِبناء الكنائس الحجرية في جَميع أنحاء أوروبا. تَحتوي المَباني الرومانية عَلى جُدران حَجرية ضَخمة، وفَتَحاتٍ تَعلوها أقواس نصف دائرية، ونَوافِذ صغيرة خاصة في فرنسا، وأقبية حجرية مُقَوسة. أصبَحَت البوابة الكَبيرة ذات المنحوتات الملونة والارتفاع العالي سِمة مَركزية لِلقابلات خاصة في فرنسا، وكثيراً ما كانَت تيجان الأعمدة منحوتة بِمَشاهدٍ سَردية مِنَ الوُحوش والحَيوانات المُبتكرة. وفقًا لمؤرخ الفن دودويل، "جميع الكنائس تقريبًا في الغرب كانَت مُزينة بِلوحاتٍ جِداريّة"، والتي بَقِيَت قَليلة عَلى قَيد الحياة. مع تَطور عَمارة الكَنائِس، تَمَّ تَطوير النَّموذج الأوروبي المُمَيز لِلقلعة وأصبَحَ أمرًا حيويًا للسياسة والحرب.

كاتدرائية ليون المثال على العمارة القوطية الداخلية في فرنسا

كانَ الفَن الرومانِسكي وخاصَةً المعدني منها الأكثر تطوراً في فَن موسان، حَيثُ أصبَحَت الشَّخصيات الفَنية المُتميزة ظاهِرَة بِما فيها نيكولاس أوف فردان (1205)، ويُنظَر إلى النمط الكلاسيكي تَقريباً في أعمال مِثلَ الخَط في لييج، حَيثُ يَتناقَض مَع الحَيوانات، كانت الأناجيل والكتاب المقدس والأشكال النَّموذَجِية لِلمَخطوطات الفاخِرَة، وازدَهَرَت اللَّوحات الجِدارِيّة في الكنائس، غالبًا ما كانَت تَتبع مُخططًا مَع حكم آخر على الجدار الغربي، والمسيح في الطَّرف الشرقي، ومَشاهد تَوْراتِيّة روائية أسفل الصحن، أوعلى سَطح السقف المعقود.

طَوَّر المهندسون الفرنسيون الطراز القوطي، الذي يَتَمَيز باستِخدام العقود، والأقواس المدببة، والنادىئِم الطَّائرة، ونوافذ الزجاج الملون الكَبيرة في أوائِل القَرن الثاني عشر. تَم استِخدامه بِشكلٍ رئيسيٍ في الكنائس والكاتدرائيات واستَمر استِخدامُها حَتى القَرن السادِس عَشر في مُعظم أنحاء أوروبا. تَشمَل الأمثِلة الكلاسيكية لِلهندسة المِعمارية القوطية كاتدرائية شارتر وكاتدرائية ريمس في فرنسا بالإضافة إلى كاتدرائية ساليسبري في إنجلترا. أصبح الزجاج الملون عُنصرًا حاسمًا في تَصميم الكنائس، التي استمرت في استخدام اللَّوحات الجِدارية الواسِعة، والآن فُقِدَت كُلُّها تَقريبًا.

انتَقَلَت إضاءَة المَخطوطَة تَدريجياً مِنَ الأديرة إلى ورشات العمل، وفقًا لـ جانيتا بينتون "بِحُلول عام 1300، اشتَرى مُعظَم الرهبان كُتُبهم في المتاجر" ، وتَمَّ تَطوير كتاب الساعات كَشكل مِن أشكال التعبد. وظل العَمَل المَعدني هُوَ أرقى أشكال الفن بالإضافة لأسعار معقولة نسبيًا للأشياء مثل الذخائر والصلب. في إيطاليا أحدثَت ابتِكارات سيمابوودوتشيو، مَتبوعَةً بـ "جوتو" (د. 1337)، زيادَة كبيرَة في التَّطور والتصوير الجصي. أدى الازدهار خلال القرن الثاني عشر إلى زِيادة إنتاج الفَن العِلماني. العَديد مِنَ الأمور العاجِيّة المَنحوتة مِثل قِطَع الألعاب، والأمشاط، وقد نَجَت شَخصيات دينية صَغيرة.

حَياة الكَنيسة

أسس فرنسيس الأسيزي، الذي رَسَمَه بونافينتورا بيرلنجيري الرهبنة الفرنسيسكانية عام 1235 .

أصبَحَ الإصلاحُ الرَّهبانيُّ قَضِيةً مُهِمة في القَرنِ الحادي عَشر، حَيثُ بَدَأت النُّخَب تَشعرُ بالقَلق مِن الرهبان الذَّين لَم يَلتَزِموا بالقَواعِد التي تَربُطُهم بِحياةٍ دينيةٍ بَحتة. تَأسَّست كلوني آبي في ماكون الفرنسية في عام 909 كَجُزءٍ مِن إصلاحات كلونياك، وهِيَ حَرَكة أكبَر لِلإصلاحِ الرَّهبانيّ استِجابة لِهذا الخَوف. وسُرعانَ ما أسَّسَت كلوني سُمعَةً طَيبة مِنَ التقشف والدقة. سَعَت إلى الحِفاظِ عَلى جَودةٍ عاليةٍ لِلحياة الرُّوحيّة بِوَضع نَفسِها تَحتَ حِماية البابوية وبانتِخاب رَئيس الدير الخاص بها دونَ تَدخل مِنَ العِلمانِيّين، وبالتالي الحِفاظ عَلى الاستِقلال الاقتِصاديّ والسياسيّ من اللوردات المَحَلِيّين.

دير سينانوك في جورد بفرنسا

كانَ لِلإصلاحِ الرَّهبانيّ دَورَاً مُهِماً في إلهام التَّغيير في الكنيسة الفهمانية. حَيثُ تَمَّ جَلب المُثُل العُليا التي استَنَدَ إليها إلى البابَوِية بِوساطة البابا ليون التاسع (البابا 1049-1054)، وَقُدِّمَت إيديولوجية الاستِقلال الدِّيني الذي أدى إلى الجَدَل حَولَ الاستِثمار في أواخر القرن الحادي عشر. شَمل ذلك البابا غريغوري السابع (البابا 1073-1085) والإمبراطور هنري الرابع؛ الذي تَصادَمَ في البِداية حَولَ التعيينات الأسقَفِيَّة، وهُوَ النِّزاع الذي تَحوَّلَ إلى مَعركةٍ حَولَ أفكار التَّعَبُد، والزَّواج الكَهنوتي، والسيمونية. رَأى الإمبراطور حِمايَة الكنيسة واحدةً مِن مَسؤولياتِه بِالإضافة إلى الرَّغبة في الحِفاظِ عَلى الحَق في تَعيين خِياراتِه الخاصَّة كأساقفة داخِل أراضيه، لكنَّ البابَوية أصرَّت عَلى استِقلال الكنيسة عَن اللُّوردات العِلمانِيين. ظَلَّت هذه القضايا دونَ حَل بَعدَ حَل وَسط 1122 المَعروفة باسم "كونفوردات الديدان". يُمَثِل النِّزاع مَرحَلة مُهِمة في إنشاءِ نِظام مَلكيّ بابويّ مُنفَصِل عَن السُّلطات المُساوية. كانَ لَها أيضًا نَتيجة دائِمة لِتَمكين الأمَراء الألمان عَلى حِساب الأباطرة الألمان. كانَت العُصور الوُسطى العُليا فَترةً مِنَ الحَركات الدِّينية العَظيمَة. إلى جانب الحُروب الصَّليبِيّة والإصلاحات الرَّهبانِيّة، سَعى النَّاس إلى المُشاركة في أشكال جَديدة ِمِنَ الحَياة الدّينيّة. وقَد تَأسّسَت الرَّهبانِية الجديدة، بِما في ذلك سارذوسيانس والسيسترسية. تَوَسعت الأخيرة بِسرعة خاصَةً في سَنواتِها الأولى تَحتَ إشراف برنارد من كليرفو(ت 1153). تَشَكَّلَت الأوامِر الجَديدة استِجابةً لِشعورِ العِلمانِيين بأنَّ الرهبنة لَمْ تَعُد تُلَبي احتِياجات الأشخاص العادِيين، الذين أرادوا دُخولَ الحَياةِ الدّينية والعَودة إلى الرهبنة الراعية الأبسَط لِلمَسيحيّة المُبَكرة، أوالعَيش حياة رسولية. تَلقت مواقع الحج القديمة مِثلَ روما والقدس وكاتدرائية سانتياغودي كومبوستيلا أعدادًا مُتزايِدة مِنَ الزُّوار، وارتَفَعَت المَواقِع الجَديدة مِثل مونتي غارغانووباري.

في القرن الثالِث عَشر صَدرت أوامِر البابَوية -الفرنسيسكان والدومينيكانية - الذَّين أقسَموا نَذر الفقر وكَسب عيشهم بالتسول من البابوية. كما حاوَلَت الجماعات الدِّينيّة مِثلَ الولدينيسية العودَة إلى حَياة المسيحية المُبَكرة في مُنتصف القَرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر، لكنَّهم أدانوا عَلى أنَّها هِرطقية مِنَ البابوية. انضم آخرون إلى الكاثار، وهي حَرَكة هِرطقة أخرى أدانَتها البابَوية. في عام 1209، تَمَّ التَبشير الحملة الصليبية على الكثار، والصليبية الألبينوسية التي قاطَعَتهُم مَع مَحاكِم التَّفتيش في القَرون الوسطى.

أواخر العُصور الوُسطى

الحَرب والمَجاعة والطاعون

تَمَيَّزَت السَّنوات الأولى مِنَ القَرنِ الرَّابِع عشر بالمجاعات، وبَلَغَت ذُروَتَها في المجاعة الكبرى (1315 - 1317). تَضَمَّنَت مسببات المَجاعَة الكُبرى الانتِنطق البَطيء مِنَ الفَترة الدَّافِئة في العُصور الوُسطى إلى العَصر الجليديّ الصَّغير، والذي تَرَكَ السُّكان عُرضةً لِلخَطَر عِندما تَسبب سوءُ الأحوالِ الجوية في فَشَل المَحاصيل. كانت السنوات 1313-1314 و1317-1321 مُمطِرةً بِشكلٍ مُفرط في جَميع أنحاء أوروبا، مِما أدّى إلى فَشَل المَحاصيل عَلى نِطاق واسِع. كانَ تَغيُّر المناخ الذي أدى إلى انخِفاض مُتَوسط درجة الحرارة السنوية لأوروبا خلال القرن الرابع عشر ـ مصحوبًا بتباطؤ اقتصادي.

إعدام بَعض زعماء الجاكية، وهي مخطوطة من القرن الرابع عشر لكرونك دوفرانس أودي سانت دينيس

في عام 1347 أُتبعت هذه الاضطرابات بالموت الأسود، وهُوَ وباء انتَشَر في جميع أنحاء أوروبا خِلالَ السَّنوات الثلاث التالِية.

كانَ عَدد الوَفيات عَلى الأرجَح حَوالي 35 مليون شَخص في أوروبا، حَوالي ثُلث السُّكان. كانَت المُدُن شَديدةَ الصُّعوبة بشكل خاص بِسبب ظُروفِها المُزدَحِمَة. تُركت مَساحاتٌ كَبيرةٌ مِن الأراضي مَسكونة بَعض الشيء، وفي بَعضِ الأماكِن تُرِكَت الحُقول دُونَ عمل. وارتَفَعَت الأجور حيثُ سَعى المُلاك إلى إغراء انخِفاض عَدد العُمال المُتاحين في حُقولِهم. ومِن المَشاكل الأخرى انخِفاض الإيجار وانخِفاض الطَّلب عَلى الغذاء، وجَميعُها يَتَحول إلى دَخلٍ زراعيّ. كما شَعر العامِلون في المَناطِق الحَضَرية بِأنَّ لَهُم الحَق في الحُصول عَلى المَزيد مِنَ الأرباح، واندَلَعَت انتِفاضات شعبية في جميع أنحاء أوروبا.

كانَ مِن بَين الانتِفاضات الجاكية في فرنسا، وثورة الفلاحين في إنجلترا، والثورات في مدن فلورنسا في إيطاليا وغنت وبروج في الفلمنك. أدت صدمة الطاعون إلى زِيادة التَّقوى في جَميع أنحاء أوروبا، يَتجلى مِن خِلال تَأسيس الجَمعيات الخَيرية الجَديدة، وإضفاء الصِّفة الذاتية عَلى السلاطين، وتكميم اليهود. كانَت الشُّروط غَير مُستقرة حتى قَبل عَودةِ الطاعون. استمر في ضرب أوروبا بِشكلٍ دوريّ في العُصورِ الوُسطى.

المُجتَمَع والاقتِصاد

انزَعَجَ المُجتَمَع في جميع أنحاء أوروبا من الاضطرابات الناجمة عن الموت الأسود. تم التَّخلي عَن الأراضي التي كانَت مُنتجة بِشكلٍ هامشيّ، حَيثُ تَمَكن الناجونَ مِنَ الحُصولِ عَلى مَناطقَ أكثرَ خُصوبةً. عَلى الرَّغم مِن أنَّ العُبودية انخَفَضَت في أوروبا الغربية، إلا أنَّها أصبَحَت أكثَر شُيوعًا في أوروبا الشرقية، حَيثُ فَرَضَها المُلاك عَلى أولئك المُستَأجِرين الذين كانوا أحرارَ في السابق. تَمَكن مُعظَم الفَلاحين في أوروبا الغربية مِن تَغيير العَمَل الذي كانوا يِدينونَ بِهِ في السابق إلى مالكي العقارات إلى إيجارات مُقابِل عائِد نَقدي. انخَفَضت نِسبة الأقنان بين الفلاحين مِن نِسبةٍ عاليةٍ من 90% إلى ما يقارب 50% بنهاية الفَترة. وأصبَحَ المُلاك أكثَرَ وعيًا بِالمَصالح المُشتَرَكة مَع غَيرِهم مِن مالكي الأراضي، وانضموا مَعاً لأخذ الامتيازات من حُكوماتِهم. وبدعوة من المُلاك، حاوَلَت الحُكومات تَشريعَ العَودةِ إلى الظُروف الاقتِصادية التي كانَت مَوجودةً قَبل الموت الأسود. أصبح رجال الدين وغيرهم أكثَرَ إلمامًا بالقراءة والكتابة، وبدأ السُّكان الحَضريون في تَقليد اهتِمام النُّبلاء بالفُروسية.

تم طرد اليهود من إنجلترا عام 1290 ومن فرنسا عام 1306. على الرُّغم مِن السماحِ بِعودةِ البَعض إلى فرنسا، إلا أنَّ مُعظمهم لَم يَرحلوا وهاجَر الكثير من اليهود إلى الشرق، واستقروا في بولندا والمجر. تَمَّ طَرد اليهود من إسبانيا في عام 1492، وتَفَرقَوا إلى هجريا وفرنسا وإيطاليا وهولندا. استَمَرَّ صُعود الأعمالِ المَصرفية في إيطاليا خلال القرن الثالث عشر طوال القرن الرابع عشر. الكثير من الشركات البَنكِية اقترَضت المال للملوك في خطر كبير، حيث تم إفلاس البعض عندما تخلف الملوك عن سداد قُروضِهم.

عَودة الدَّولة

خريطة أوروبا في عام 1360

ارتَفَعَت الدول القومية القَوِيّة في جَميع أنحاءِ أوروبا في أواخِر العُصورِ الوُسطى، لا سيما في إنجلترا وفرنسا والمَمالِك المَسيحيّة في شبه الجزيرة الأيبيرية: تاج أرغون وتاج قشتالة والبرتغال. عَززت الصِّراعات الطَّويلة في تِلكَ الفَترة السَّيطرة المَلَكية على مَملكَتِهم وكانَت صعبة لِلغاية عَلى الفلاحين. استفادَ المُلوك مِنَ الحَرب التي وُسَّعت التَّشريعات المَلَكِية وزَادت الأراضي التي يُسيطِرون عَليها مُباشرةً. يَتَطلب دَفع ثَمن الحُروب حتى تُصبح طُرق فَرض الضرائب أكثر فعالية وكفاءة، وغالبًا ما يزدادُ مُعدَّل الضرائب. سُمِح بالحُصول على مُوافَقة دافعي الضرائب لهيئات تمثيلية مِثلَ البرلمان الإنجليزي والفرنسيات العامة لِلحُصولِ عَلى السُّلطة.

جان دارك في القَرنِ الخامِس عشر

خلال القرن الرابع عشر، سَعى المُلوكُ الفَرنسيونَ إلى تَوسيعِ نُفوذِهِم عَلى حِسابِ الحيازاتِ الإقليميّة لِلنبلاء. واجَهوا صُعوباتٍ عِندَ مُحاولة مُصادرة مُمتَلَكاتِ المُلوكِ الإنجليز في جنوب فرنسا، مِما أدى إلى حرب المائة عام، التي شُنَّت مِن 1337 إلى 1453. في وَقتٍ مُبَكرٍ مِنَ الحَرب فازَ الإنجليز بِقِيادة إدوارد الثالث (حكم 1327-1377) وابنِه إدوارد الأمير الأسود (ت 1376)، بِمَعارك مثل كريسي وبواتييه، واستَولوا عَلى مَدينَة كاليه، مُعظَم التَّوتُرات الناتِجَة عن فرنسا أدَّت إلى تَفكُّك المملكة الفرنسية خِلالَ السنوات الأولى مِن الحَرب. في أوائل القرن الخِامس عَشر، اقتَرَبَت فرنسا مَرةً أخرى مِنَ الحَل، ولكن في أواخر عام 1420 أدَّت النَّجاحات العَسكريّة التي حَقَّقَها جان دارك (د. 1431) إلى انتِصار الفَرنسيين والاستيلاءِ عَلى آخر مُمتَلكاتِهِم الإنجليزيّة في جنوب فرنسا عام 1453.

حيثُ كانَ عَدد سُكان فرنسا في نِهاية الحُروب نِصف ما كان عَليه في بِداية النِّزاع. وكانَ لِلحُروب تَأثيرٌ إيجابيّ عَلى الهَوية الوطنية الإنجليزية، حيثُ قامَت بالكَثير مِن أجل دَمج الهويات المَحلية المُختلفة في المَثل الأعلى لِلغة الإنجليزية. ساعَد الصِّراع مَع فرنسا أيضًا على خلق ثَقافةٍ وطنيةٍ في إنجلترا مُنفصلة عَن الثَّقافة الفرنسية، والتي كانَت في السابق التَّأثير المُسيطر. بدأت هيمنة القَوس الطَّويل الإنجليزي في المَراحِل الأولى من حرب المائة عام، وظَهَرَ المَدفع في ساحَة المَعركة في كريسي في عام 1346.

استَمَرت الإمبراطورية الرومانية المقدسة في الحُكمِ في ألمانيا، لكنّ الطَّبيعة الانتِخابية لِلتاج الإمبراطوري كانَت تَعني أنَّه لَم تَكُن هُناك أُسرة دائِمة يُمكِن حتى تَتَشكل حَولَها دَولةٌ قويةٌ. إلى الشرق نَمَت بقوة مَمالِك بولندا والمجر وبوهيميا. في أيبيريا استمرت المَمالِك المَسيحيّة في الحُصولِ عَلى أرضٍ مِن المَمالِك الإسلاميّة في شبه الجزيرة؛ رَكزَّت البرتغال على التَّوسع في الخارِج خِلال القَرن الخامِس عشر، في حين كانَت المَمالِك الأخرى تُمَزقها الصُّعوبات على الخِلافة المَلكية وغَيرها مِن المَخاوِف. بَعدَ خَسارة حرب المائة عام، عانت إنجلترا من حَربٍ أهليةٍ طويلةٍ عُرِفَت باسم حرب الوردتين، والتي استَمرت في التسعينيات من القرن التاسع عشر وانتهت فقط عندما أصبح هنري تيودور (حكم 1485-1509 هنري السابع) الملك والسلطة الموحدة مع فوزه على ريتشارد الثالث (حكم 1483 - 148) في معركة بوسوورث في عام 1485. في الدول الإسكندنافية قامت مارغريتا الأولى الدانماركية (في الدنمارك 1387–1412) بِتَوحيد النرويج والدنمارك والسويد في اتحاد كالمار، والذي استمر حتى عام 1523. كانت القوة الهائِلة حَولَ بحر البلطيق هي الرابطة الهانزية، وهي اتحاد كونفيدرالي تجاري تم تداوله من أوروبا الغربية إلى روسيا. خرجت اسكتلندا من الهيمنة الإنجليزية تحت قيادَة ملكها روبرت الأول (حكم 1306 - 1329)، الذي حَصَل عَلى الاعتِرافِ البابويّ بِملكه في عام 1328.

انهيار بيزَنطة

على الرُّغم من حتى أباطرة باليولوج استعادوا القسطنطينية من الأوروبيين الغربيين في عام 1261، إلا أنَّهم لَم يَتمكنوا مِن استِعادَة السَّيطَرة عَلى الكَثير مِنَ الأراضي الإمبراطورية السابِقة. وعادَةً ما كانوا يُسيطرون فَقط عَلى جُزءٍ صغيرٍ مِن شبه جزيرة البلقان بالقرب من القسطنطينية والمدينة نفسها، وبعض الأراضي الساحِلية على البحر الأسود وحَول بحر إيجه. كانَت الأراضي البيزَنطية السابِقة في البلقان مُقَسَّمة بَينَ مملكة صربيا الجديدة والإمبراطورية البلغارية الثانية ومدينة البندقية. كانَت قُوة الأباطرة البيزنطيين مُهَددة مِن قَبيلة تُركية جَديدة، العثمانيين الذين أسسوا أنفُسَهم في الأناضول في القرن الثالث عشر وتوسعت بشكل مطرد طوال القرن الرابع عشر. تَوَسع العُثمانيون باتِّجاه أوروبا، مِما أدَّى إلى تَقليص بلغاريا إلى دولة تابعة بحلول عام 1366 واستولوا على صربيا بَعد هَزيمَتها في معركة قوصوه عام 1389. وتَجمع الأوروبيون الغربيون مَع المَسيحيين في البلقان وأعربوا حملة جديدة في عام 1396؛ تم إرسال جيش عظيم إلى البلقان، حيث هُزم في معركة نيقوبولس. تم فتح القسطنطينية أخيراً على يد العثمانيين في عام 1453.

الجَدَل داخِل الكَنيسة

غي البولوني يتوج البابا جريجوري الحادي عشر

خِلالَ اضطراب القَرنِ الرَّابِع عَشر، أدَّت الخِلافات داخِل الكَنيسة إلى بابوية أفينيون عام 1309 - 767، كما أُطلِقَ عَليها "القبائل البابلية للبابوية" (إشارة إلى الأسر البابلي لليهود)، ومِن ثُمَّ إلى الانشقاق الغربي، الذي استَمر مِن عام 1378 إلى عام 1418، عِندما كانَ هُناكَ اثنانِ مِنَ الباباوات الثلاثة المتأخرين، جميع مِنهُما مَدعومٌ من ولاياتٍ عدة. عَقَدَ المَسؤولون الكنسيون في مجمع كونستانس في عام 1414، وفي العام التالي خَلع المَجلس أحد الباباوات المُتنافِسين، وَلَم يَتبق سِوى اثنين من المُدَّعين. وتَبِعَ ذلك المَزيد مِنَ التَّرشيحات، وفي نوفمبر عام 1417 انتَخَبَ المَجلِس مارتن الخامس (البابا 1417-1731) كبابا.

كانَت الكَنيسَة الغَربية مُمَزقة بِسبب الخِلافات اللاهوتية إلى جانب الانقِسام، والتي تَحوَّل بَعضُها إلى بدع. وقد تَمَّت إدانَة جون ويكليف (ت 1384)، وهوعالم لاهوت إنكليزي، باعتِبارِه مُهرطقًا في عام 1415؛ لتعليمه أنَّه يَجِب على العِلماني الوُصول إلى نَص الكتاب المقدس وكذلك لِعَقد وِجهات النَّظر حَول القربان المقدس التي كانَت مُخالِفة لِعَقيدة الكَنيسة. أثرت تَعاليم ويكليف على اثنين من الحَرَكات الهَرطقية الرَّئيسية في العُصور الوُسطى التالية: لولاردي في إنجلترا وهوسيون في بوهيميا. بَدَأت الحَركة البوهيمية بِتَدريسِ يان هوس الذي أُحرِق على الحصة في عام 1415 بعد إدانته من قِبل مجلس كونستانس. على الرغم من حتى هدف الحملة الصليبية نجا بعد العصور الوسطى. ظهرت بدعة أخرى، مثل الاتهامات ضد فرسان الهيكل التي أسفرت عن قمعهم في عام 1312 وتقسيم ثرواتهم العظيمة بين الملك الفرنسي فيليب الرابع (حكم 1285-1314) وهوسبيتالس.

عَمَدَت البابَوِية إلى تَنقيحِ المُمارَسة في القداس الإلهي في أواخر العصور الوسطى، مُعتبرة حتى رِجالِ الدّين وَحدهم سُمِح لَهم بِمشاركة النبيذ في الإفخارستيّا. واصل الفهماني مُمارَسات الحج، وتبجيل الآثار، والإيمان بقوة الشَّيطان. كَتَب المتصوفون مثل ميستر إكهرت (ت 1327) وتوما الكمبيسي (ت 1471) أعمالًا علّمت الفهمانيين لِلهجريز عَلى حَياتِهم الرُّوحِية الدَّاخِلية، التي أرسَت الأساس لِلإصلاح البروتستانتي. إلى جانب التصوف، أصبح الإيمان بالسحر والسحر منتشراً على نطاق واسع، وبحلول أواخر القرن الخامس عشر، بدأت الكنيسة في إضفاء المصداقية على المخاوف الشعبية من السحر بإدانة ساحِراتِهم في عام 1484 ونشرها عام 1486 من كِتاب مطرقة الساحرات، وهوالكُتيب الأكثر شَعبيةً لِمطاردي السَّحرة.

الفهماء والمثقفون والاستكشاف

قادَ اللاهوتِيّون مِثلَ جون دانز سكوطس (ت 1308)ووليم الأوكامي (المتوفى عام 1348) خلالَ العُصورِ الوُسطى المُتأخرة، كانَت رَدة فِعلٍ ضِدَّ المَدرسة واعتَرضوا عَلى تطبيق العقل للإيمان. هجرزت جهودهم على فِكرة المثالية الأفلاطونية عَن "الكون". إذا إصرار أوكام عَلى أنَّ العقل يَعمَل بِشكلٍ مُستقلٍ عن الإيمان، يَسمَح بِفَصل العِلم عَن اللاهوت والفلسفة. تَمَيَّزت الدِّراسات القانونِية بالتَّقدم المُطرد لِلقانون الرُّوماني في مَجالات الفقه التي كانَ يَحكُمها القانون المَعهدِي. الاستِثناء الوَحيد لِهذا الاتِّجاه كانَ في إنجلترا، وظَلَّ القانون العام مَرموقًا. قامت دُول أخرى بِتَدوين قوانينَها. تَم إصدار قوانين في قشتالة وبولندا ودوقية ليتوانيا الكبرى.

رجال الدين يَدرُسون فهم الفلك والهندسة بفرنسا في أوائِل القَرن الخامِس عَشَر

بَقِيَ التَّعليم يُرَكز عَلى تَدريب رِجال الدِّين في المُستقبل. بَقِيَ التَّفهم الأساسي للحروف والأرقام هومُقاطَعة الأسرة أوكاهِن القَرية، ولكن المواضيع الثَّانَوِية للثريوم - القَواعِد والخَطابة والمَنطق - دُرِّست في مَدارس الكاتدرائية أوفي المَدارس التي تُوفرها المُدن. انتشرت المدارس الثانوية التجارية، وكانَ لَدى بَعض المُدن الإيطالية أكثَرَ مِن مُؤسسة واحدة. انتَشرت الجامِعات في جميع أنحاء أوروبا أيضاً في القرنين الرَّابع عشر والخامِس عشر. ارتَفَعت مُعدلات محوالأمية، لكنها كانت منخفضة. أعطت إحدى التَقديرات مُعدل مَعهدة القراءة والكتابة من 10% من الذكور و1% من الإناث في عام 1500.

ازدادَ نَشر الأدب العامي مع دانتي أليغييري (ت 1321)، فرانشيسكوبتراركا (ت 1374) وجيوفاني بوكاتشيو(ت 1375) في إيطاليا في القرن الرَّابع عشر، وجيفري تشوسر (ت 1400)، وويليام لانغلاند(العاصمة 1386) في انجلترا، وفرانسوا فيلون (د. 1464) وكريستين دي بيزان (العاصمة 1430) في فرنسا. ظلَّ الكَثير مِن الأدب الديني في طَبيعته، وعَلى الرُّغم مِن أنَّ الكَثير مِنها استمر مكتوبًا باللاتيني، فَقَد تَمَّ تَطوير طَلب جَديد لِحياة القِديسين ومَناطق عبادة أُخرى في اللغات العامية. تَمَّ تَغذية هذا مِن خِلال نُموحَركة الإخلاص الحديث، وأبرزها في تَشكيل الإخوة مِن الحَياة المشهجرة، ولكن في أعمالِ الصُّوفية الألمانية مثل مايستر ايكهارت ويوهانس تاولر (ت 1361). وضع المسرح أيضاً في ستار مسرحية الأسرار التي وضعتها الكنيسة. في نهاية الفترة أدى تَطور المطبعة في حوالي عام 1450 إلى إنشاء دور نشر في جميع أنحاء أوروبا بحلول عام 1500.

في أوائِل القَرن الخامِس عَشر، بَدَأت دُول شبه الجزيرة الأيبيرية بِرِعاية الاستِكشاف خارِج حُدود أوروبا. أوفد الأمير هنري الملاح من البرتغال (المتوفى 1460) بعثات اكتَشَفت جزر الكناري، وجزر الأزور، والرأس الأخضر خِلال حياته. بَعدَ وَفاته استمر الاستِكشاف؛ سافَرَ بارتولوميودياز (د. 1500) حول رأس الراتى الصالح في عام 1486 وأبحر فاسكودا جاما (ت 1524) حول أفريقيا إلى الهند في عام 1498. رَعت المَلكيّات الإسبانية المُشهجرة في قشتالة وأراغون رِحلة الاستكشاف التي قام بها كريستوفر كولومبس (ت 1506) في عام 1492 التي اكتشفت الأمريكتين. رعى التاج الإنجليزي تحت قيادة هنري السابع رحلة جون كابوت (توفي عام 1498) في عام 1497، والتي هبطت على جزيرة كيب بريتون.

التَّطورات التِكنولوجية والعَسكرية

التقويم الزراعي عام 1470، من مخطوطة بيترودي كريسينزي

كانَ زيادَة استِخدام المشاة والفرسان الخفيفة واحداً مِن التَّطورات الرَّئيسية في المَجال العَسكري خِلال أواخر العصور الوسطى. كما استخدم الإنجليز رماة الأعمدة الطويلة، لكن الدُّول الأخرى لَم تَكُن قادِرةً عَلى خَلق قُوات مُماثلة بِنَفس النَّجاح. تَمَّ تَطوير دِرع اللَوحة لِحماية الجنود من النشاب وكذلك المَدافِع المَحمولة التي تَم تَطويرها. وصلت الدرع الصفيحية إلى بُروز جَديد مَع تَطوير المشاة الفَلمنكية والسويسرية المُسلحين وغيرها من الرماح الطويلة.

في الزراعة سَمح الاستِخدام المُتزايد لصوف الأغنام ذي الألياف الطويلة بربط خيوط أقوى. بالإضافة إلى ذلك، استُبدِلت العجلة الدوارة التوزيع التقليدي لِلغَزل الصُّوفي، مما أدى إلى إنتاج ثلاثة أضعاف. كان التحسن التكنولوجي لا يَزالُ يُؤثِر بِشكلٍ كبيرٍ عَلى الحَياة اليَومية مثل استخدام الأزرار لإغلاق الملابس، مِما أتاحَ هجريبًا أفضَل دونَ الحاجَة إلى لِباس الدانتيل عَلى مرتديها. تم تنقيح طواحين الهواء مع بناء طاحونة البرج، مما يَسمح بِتدوير الجُزء العُلويّ من الطاحونة المحيطة لِلقاءة الاتجاه الذي كانَت الرِّياح تَهُب مِنه. ظهر الفرن اللافح حوالي عام 1350 في السويد، مما أدى إلى زيادة كمية الحديد المُنتَج وتَحسين نَوعيته. يَحمي قانون البراءات الأول لعام 1447 في البندقية حقوق المخترعين في اختراعاتهم.

الفَن والعَمارة في العُصور الوُسطى المتأخرة

مشهد فبراير من مخطوطة تريس ريشس هيريز دودوك دي بيري التي تعود إلى القرن الخامس عشر

تَتَطابق العُصورُ الوسطى المُتأخرة في أوروبا كَكُل مَع الفَترات الثَّقافية في فترة 1300 وعصر النهضة في إيطاليا. واصلت شمال أوروبا وإسبانيا استخدام الأساليب القوطية، والتي أصبَحَت أكثرَ تفصيلاً في القرن الخامِس عشر، حَتى نِهاية الفَترة تقريباً. كانَت العمارة القوطية أسلوبًا قاسيًا وصل إلى معظم أوروبا في العقود 1400، مُنتِجةً رَوائع مِثل ساعات دوق بيري الغنية. استَمَر الفَن العِلماني في جميع أنحاء أوروبا في الزيادة من حيث الكَمية والنَّوعية، وفي القرن الخامس عشر أصبحت الطَّبقات التِّجارية في إيطاليا والفلمنك من الرُّعاة المُهمين، بالإضافة إلى مجموعة متنامية من السلع الفاخرة مثل المجوهرات، والعاج، والفخار. كما ضمت هذه الأمور أيضًا الخزف الإسباني-المغربي الذي أنتجته مُعظمها خزفيات المدجن في إسبانيا. على الرُّغم مِن أنَّ مَجموعات المُلوك كانَت تَمتلك مَجموعات ضخمة مِنَ اللَّوحات، إلا حتى هُناك القَليل يَبقي على قَيد الحياةِ باستثناء الكأس المضىية الملكية. تَطوير صِناعة الحرير الإيطالي، بحيث لم تَعد هُناكَ حاجَة للكنائس والنخب الغربية للاعتماد على الواردات من بيزنطة أوالعالم الإسلامي. أصبح هناك صناعة فاخرة كبرى في فرنسا وفيلدرز قماش النجود من مجموعات مِثلَ السيدة ويونيكورن.

أدَّت مُخططات المنحوتات الخارجية الكبيرة للكنائس القوطية المُبَكرة إلى مَزيدٍ من النحت داخل المبنى، حيث أصبحت المقابر أكثر تَفصيلاً، وأحيانًا كانَت بَعضُ المَعالم الأخرى مِثل المَنابر مَحفورةً بِسخاء، كما هُوَ الحال في منبر جيوفاني بيسانوفي سانت أندريا. أصبَحَت أشكال التَّحطين الخشبي المُلونة أوالمَنحوتة شائعة، خاصةً وأن الكنائس قد أنشَأت العَديد من المصليات الكنسية. كانَت اللَّوحات الهولَندية المُبكرة لفَنانين مثل يان فان إيك (ت 1441) وروجير فان در فايدن (المتوفى عام 1464) تنافس إيطاليا، كما عملت المخطوطات الشمالية المضاءة، والتي بدأت في القرن الخامس عشر يتم جمعها على نطاق واسع بواسطة النخب الفهمانية، الذين كلفوا أيضاً الكُتب العِلمانية، وخاصة التاريخ. من حوالي 1450 كتابًا مطبوعًا، أصبحت الخط ذات شعبية كبيرة، رُغمَ أنَّها باهِظة الثمن. كانَ هُناك حَوالي 30,000 نُسخة مُختلفة من الأعمال المَطبوعة قبل عام 1500، في الوقت الذي كُلِّفت المَخطوطات المُضيئة فَقط من الملوك وعدد قليل من الآخرين. كانَت بتر الخشب الصغيرة جدًا ميسورة ومُتوفرة حَتى من قبل الفلاحين في أجزاء من شمال أوروبا من منتصف القرن الخامس عشر. وزودت النقوش الأكثر تكلفة سوقًا أكثر ثراءً مع مجموعة متنوعة من الصور.

التَّصورات الحَديثة

رَسم تَوضيحي مِن القُرون الوسطى لكروية الأرض في نسخة من القرن الرابع عشر من L'Image du monde

غالبًا ما كانَ يَتِم تَصوير فترة العصور الوسطى عَلى أنها "زمن الجهل والخرافات" التي وَضعت "حدثة السُّلطات الدِّينية عَلى التَّجربة الشَّخصية والنَّشاط العقلاني". كان التراث من عصر النهضة والتنوير حينَما قارن العُلماء مَوقفا فكريًا مَع تلك الفَترة مِنَ القرون الوسطى. شَهِد فهماء عصر النهضة العُصور الوسطى كَفترة انحِدار من الثقافة العالية والحضارة في الفَترة الكلاسيكية. رَأى عُلماء التنوير سَبباً أعلى من الإيمان، وبالتالي نظروا إلى العصور الوسطى بأنها مقتطعة من الجهل والخرافات.

يُجادِلُ آخرون بأنَّ العقل كان يوضع عموماً في مرتبة عالية خلال العصور الوسطى. كَتب المُؤرخ العِلمي إدوارد جرانت: "إذا تَمَّ التَّعبير عَن أفكار عقلانية ثورية في القرن الثامن عشر، فقد أصبَحت مُمكنة فَقط بِسبب تَنطقيد القُرون الوسطى الطَّويلة التي أثَبتت استخدام العقل كأحد أبرز الأنشطة البشرية". خِلافاً لِلاعتقاد السائد، كَتب ديفيد ليندبيرغ، "إن الباحِث في العُصور الوسطى المُتأخرة نادرًا ما عانى من القُوة القَسرية لِلكنيسة وكانَ مِنَ المُمكن حتى يَعتبر نَفسه حُرًا (خاصَة في العُلوم الطَّبيعية) لِمُتابعة العقل والملاحظة في أي مكان يقوده".

يَعكس الكاريكاتير في هذه الفترة أيضًا في بَعض المَفاهيم الأكثر تحديدًا. هُناك اعتِقادٌ خاطِئ، انتشر لأول مرة في القرن التاسع عشر وما زال شائعا جدًا هُوَ أنَّ جَميع النَّاس في العُصور الوُسطى كانوا يَعتقدون أنَّ الأرض كانَت مُسطحة. هذا غير سليم، حيث نطق المُحاضرون في الجامعات في العُصور الوسطى أنَّ الأدلة أظهَرَت أنَّ الأرض اعتبرت كرويّة. يقول ليندبيرغ ورونالد نمبرز الباحث الآخر في تلك الحقبة، أنه "بالكاد كان هناك عالم مسيحي في العصور الوسطى لم يَعتَرِف بِكروية الأرض بل ويعهد محيطها التقريبي". مفاهيم خاطئة أخرى مثل "حظر الكنيسة للتشريح خلال العصور الوسطى"، و"صعود المسيحية اغتال الفهم القديم"، أو"الكنيسة المسيحية في العصور الوسطى قَمع نُموالفَلسفة الطبيعية"، كلها استشهد بها كَنماذج الأساطير الشائِعة عَلى نِطاق واسِع والتي لا تَزال تُمَرَّر كحقيقة تاريخية، على الرُّغم مِن أنَّها لا تَدعَمها البُحوث التَّاريخية الحاليَّة.

طالِع أيضاً

  • التسلسل الزمني للعصور الوسطى
  • عصور وسطى مبكرة
  • عصور وسطى متأخرة
  • عصور وسطى متوسطة
  • مطبخ العصور الوسطى
  • عمارة العصور الوسطى
  • دور النساء في العصور الوسطى
  • الفهم الإسلامي في العصور الوسطى
  • التأثير الإسلامي على أوروبا خلال العصور الوسطى

هوامِش

مُلاحظات

  1. ^ وهوتاريخ طَرْد آخر أباطِرة الرومان الغربيّة من إيطاليا.
  2. ^ كانَت الأعمال المَرجعيّة عام 1883 مَثلاً يُعادِل فيها لَفظ العصور المُظلمة مع العصور الوسطَى، ولكن بِدءاً مع ويليام باتون كير عام 1904، فإن مُصطَلح العصور المظلمة اقتَصَر استِخدامُه عادَةً على الجُزء الأوّل من فَترة العصور الوسطى. عملى سَبيل المثال، موسوعة بريتانيكا الصادِرة عام 1911 تُعرّف العصورة المُظلِمة بهذه الطريقة.
  3. ^ يُعرَف هذا النِظام بالحُكمِ الرُباعي.
  4. ^ اندَلعت ثورة القوط بعدما صارَ القادَة الرومان يَبيعونَ الطعام والمُستلزمات الأُخرى للقوط بأسعارٍ عاليَة، وكانَت الشرارة حينما حاوَل أحد قادَة الرومان أسرَ قائِد قوطيّ كرهينَة.
  5. ^ أحيانَاً يُشار على أنّها انتَهت في 480 حيثُ أنّ يوليوس نيبوس كانَ ما يزال يعتَبر نَفسَه القيصر وكان مُستولي على دالماسيا.
  6. ^ تمَ اكتِشافُ قبره عام 1653، وكانَ يحوي على بضائع وأسلحة وكميّة كبيرة من المضى.
  7. ^ كان هناك مُحاولة لإعادة توحيد المملكة من قِبَل تشارلز البدين في 884، وقد نجح في هذا ظاهرياً على الرغم من أنّ المدن الرئيسيّة واللفات لم يتم دمهم عمليّاً. ثُم أطيحَ بتشارلز في 887 وتوفي في يناير 888.
  8. ^ يُعهد نمط الوراثة هذا بالبكورية.
  9. ^ في فَرنسا وألمانيا والدول المنخفضة، كانَ هُناك نَوعٌ آخر من "النبلاء" هم "الوزراء"، الذينَ كانوا في الواقِع فُرسانًا غير حصريين. يَنحدرون مِنَ الأقنانِ الذينَ خَدموا كَمحاربين أومَسؤولين حكوميين، الأمر الذي زاد من مكانة جاز لأحفادهم بامتلاك الإقطاعيات.
  10. ^ بَقِيَ عَددٌ قَليلٌ مِنَ الفَلاحين اليَهود عَلى الأرض تَحت الحُكم البيزنطي في الشرق وكذلك البَعض تحت حكم البُندقية، وكانت الاستثناء في أوروبا
  11. ^ اتخذت هاتان المَجموعَتان - الألمان والإيطاليون - مَناهِج مُختلفة لِترتيبات التَّداوُل الخاصة بهما. تَعاونت معظم المُدن الألمانية في الرابطة الهانزية، على النقيض من دول المدن الإيطالية التي انخرطت في صراع داخلي.
  12. ^ غالبًا ما تسمى هذه المجموعة من الأراضي الإمبراطورية الأنجوية.
  13. ^ كانَت اليانور قَد تَزوجت مِن لويس السابع ملك فرنسا، ولكن تم إلغاء زقابلم في عام 1152.
  14. ^ أعرب القداسة لويس كان عام 1297 من البابا بونيفاس الثامن.
  15. ^ تم تشكيل الأوامر الدينية العسكرية مثل فرسان الهيكل وفرسان الإسبتارية ولعبوا دورًا مكملاً في الولايات الصليبية .
  16. ^ انتشر إلى شَمال أوروبا بِمقدار 1000، وَوَصل إلى بولَندا بِحلول القرن الثاني عشر.
  17. ^ يَتِم بِبُطء إعادَة تَحميل الأقواس النائية، مما يحد من استخدامها في ساحات القتال المفتوحة. في حالات الحِصار، لا يَكونُ البطء عائقًا كبيرًا، حيث يمكن حتى يختبئ crossbowman خلف التحصينات أثناء إعادة التحميل.
  18. ^ كان الإجماع التاريخي على مدى المائة عام الماضية هوحتى الموت الأسود كان شكلاً من أشكال طاعون دملي، لكن بعض المؤرخين بدأوا في تحدي هذه النظرة "نظريات الموت الأسود" في السنوات الأخيرة.
  19. ^ إحدى المدن في ألمانيا، فقدت 90% من سكانها بالموت الأسود.
  20. ^ كما وقع مع عائلة باردي وعائلة بيروتسي في عام 1340 عندما تنكر الملك إدوارد الثالث ملك إنجلترا قروضهم له.
  21. ^ رُبما اتىَ لَقَب إدوارد مِن دِرعه الأسوَد، وكانَ أوَّل مَن استَخدمه جون ليلاند في 1530 أو1540.
  22. ^ بقيت كاليه باللغة الإنجليزية حتى عام 1558.
  23. ^ حدثة "dunce" مشتقة من اسم Duns Scotus.
  24. ^ كانَت هذه العَجَلة لا تَزالُ بَسيطةً، لأنها لم تَقم بَعدُ بتضمين عَجلة بدواسة لتحريف وسحب الألياف. لَم يَتِم تحسينه حتى القرن الخامس عشر.

مراجع

  1. "ترجمة ومعنى (middle ages ) في قاموس المعاني". قاموس المعاني. مؤرشف من الأصل في 20 أغسطس 2018. اطلع عليه بتاريخ 20 أغسطس 2018.
  2. Power Central Middle Ages p. 304
  3. Mommsen "Petrarch's Conception of the 'Dark Ages'" Speculum pp. 236–237
  4. ^ Singman Daily Life p. x
  5. ^ Knox "History of the Idea of the Renaissance" نسخة محفوظة 12 ديسمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  6. Bruni History of the Florentine people p. xvii
  7. ^ Miglio "Curial Humanism" Interpretations of Renaissance Humanism p. 112
  8. ^ Albrow Global Age p. 205
  9. Murray "Should the Middle Ages Be Abolished?" Essays in Medieval Studies p. 4
  10. ^ Flexner (ed.) Random House Dictionary p. 1194
  11. ^ "Middle Ages" Dictionary.com نسخة محفوظة 15 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  12. ^ See the titles of Watts Making of Polities Europe 1300–1500 or Epstein Economic History of Later Medieval Europe 1000–1500 or the end date used in Holmes (ed.) Oxford History of Medieval Europe
  13. ^ Davies Europe pp. 291–293
  14. ^ See the title of Saul Companion to Medieval England 1066–1485
  15. ^ Kamen Spain 1469–1714 p. 29
  16. ^ Mommsen "Petrarch's Conception of the 'Dark Ages'" Speculum p. 226
  17. ^ Tansey, et al. Gardner's Art Through the Ages p. 242
  18. ^ Cunliffe Europe Between the Oceans pp. 391–393
  19. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 3–5
  20. Heather Fall of the Roman Empire p. 111
  21. Brown World of Late Antiquity pp. 24–25
  22. ^ Collins Early Medieval Europe p. 9
  23. ^ Collins Early Medieval Europe p. 24
  24. ^ Cunliffe Europe Between the Oceans pp. 405–406
  25. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 31–33
  26. ^ Brown World of Late Antiquity p. 34
  27. ^ Brown World of Late Antiquity pp. 65–68
  28. ^ Brown World of Late Antiquity pp. 82–94
  29. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 47–49
  30. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 56–59
  31. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 80–83
  32. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 59–60
  33. Cunliffe Europe Between the Oceans p. 417
  34. ^ James Europe's Barbarians pp. 67–68
  35. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 117–118
  36. ^ Wickham Inheritance of Rome p. 79
  37. ^ Wickham Inheritance of Rome p. 86
  38. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 116–134
  39. ^ Brown World of Late Antiquity pp. 122–124
  40. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 95–98
  41. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 100–101
  42. ^ Collins Early Medieval Europe p. 100
  43. Collins Early Medieval Europe pp. 96–97
  44. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 102–103
  45. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 86–91
  46. ^ Coredon Dictionary of Medieval Terms p. 261
  47. ^ James Europe's Barbarians pp. 82–85
  48. James Europe's Barbarians pp. 77–78
  49. ^ James Europe's Barbarians pp. 79–80
  50. ^ James Europe's Barbarians pp. 78–81
  51. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 196–208
  52. ^ Davies Europe pp. 235–238
  53. ^ Adams History of Western Art pp. 158–159
  54. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 81–83
  55. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 200–202
  56. Bauer History of the Medieval World pp. 206–213
  57. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 126, 130
  58. ^ Brown "Transformation of the Roman Mediterranean" Oxford Illustrated History of Medieval Europe pp. 8–9
  59. ^ James Europe's Barbarians pp. 95–99
  60. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 140–143
  61. ^ Brown World of Late Antiquity pp. 174–175
  62. ^ Brown World of Late Antiquity p. 181
  63. ^ Brown "Transformation of the Roman Mediterranean" Oxford Illustrated History of Medieval Europe pp. 45–49
  64. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 189–193
  65. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 195–199
  66. ^ Wickham Inheritance of Rome p. 204
  67. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 205–210
  68. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 211–212
  69. ^ Wickham Inheritance of Rome p. 215
  70. ^ Brown "Transformation of the Roman Mediterranean" Oxford Illustrated History of Medieval Europe pp. 24–26
  71. ^ Gies and Gies Life in a Medieval City pp. 3–4
  72. Loyn "Jews" Middle Ages p. 191
  73. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 143–145
  74. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 149–151
  75. ^ Reilly Medieval Spains pp. 52–53
  76. ^ Brown "Transformation of the Roman Mediterranean" Oxford Illustrated History of Medieval Europe p. 15
  77. ^ Cunliffe Europe Between the Oceans pp. 427–428
  78. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 218–219
  79. ^ Grierson "Coinage and currency" Middle Ages
  80. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 218–233
  81. ^ Davies Europe pp. 328–332
  82. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 170–172
  83. ^ Colish Medieval Foundations pp. 62–63
  84. ^ Lawrence Medieval Monasticism pp. 10–13
  85. ^ Lawrence Medieval Monasticism pp. 18–24
  86. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 185–187
  87. ^ Hamilton Religion in the Medieval West pp. 43–44
  88. ^ Colish Medieval Foundations pp. 64–65
  89. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 246–253
  90. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 347–349
  91. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 158–159
  92. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 164–165
  93. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 371–378
  94. ^ Brown "Transformation of the Roman Mediterranean" Oxford Illustrated History of Medieval Europe p. 20
  95. Backman Worlds of Medieval Europe p. 109
  96. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 117–120
  97. ^ Davies Europe p. 241
  98. ^ Colish Medieval Foundations pp. 66–70
  99. ^ Loyn "Language and dialect" Middle Ages p. 204
  100. Bauer History of the Medieval World pp. 427–431
  101. ^ Backman Worlds of Medieval Europe p. 139
  102. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 356–358
  103. ^ Collins Early Medieval Europe p. 397
  104. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 141–144
  105. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 144–145
  106. ^ Bauer History of the Medieval World pp. 147–149
  107. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 378–385
  108. ^ Collins Early Medieval Europe p. 387
  109. ^ Davies Europe p. 309
  110. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 394–404
  111. ^ Davies Europe p. 317
  112. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 435–439
  113. ^ Whitton "Society of Northern Europe" Oxford Illustrated History of Medieval Europe p. 152
  114. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 439–444
  115. ^ Collins Early Medieval Europe pp. 385–389
  116. ^ Wickham Inheritance of Rome pp. 500–505
  117. ^ Davies Europe pp. 318–320
  118. ^ Davies Europe pp. 321–326
  119. ^ Crampton Concise History of Bulgaria p. 12
  120. ^ Curta Southeastern Europe pp. 246–247
  121. ^ Nees Early Medieval Art p. 145
  122. ^ Stalley Early Medieval Architecture pp. 29–35
  123. ^ Stalley Early Medieval Architecture pp. 43–44
  124. ^ Cosman Medieval Wordbook p. 247
  125. ^ Stalley Early Medieval Architecture pp. 45, 49
  126. ^ Kitzinger Early Medieval Art pp. 36–53, 61–64
  127. ^ Henderson Early Medieval pp. 18–21, 63–71
  128. ^ Henderson Early Medieval pp. 36–42, 49–55, 103, 143, 204–208
  129. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 41–49
  130. ^ Lasko Ars Sacra pp. 16–18
  131. ^ Henderson Early Medieval pp. 233–238
  132. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom pp. 28–29
  133. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 30
  134. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom pp. 30–31
  135. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 34
  136. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 39
  137. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom pp. 58–59
  138. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 76
  139. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 67
  140. Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 80
  141. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom pp. 88–91
  142. ^ Whitton "Society of Northern Europe" Oxford Illustrated History of Medieval Europe p. 134
  143. ^ Gainty and Ward Sources of World Societies p. 352
  144. ^ Jordan Europe in the High Middle Ages pp. 5–12
  145. Backman Worlds of Medieval Europe p. 156
  146. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 164–165
  147. ^ Epstein Economic and Social History pp. 52–53
  148. ^ Pounds, N. J. G. (1990), An Historical Geography of Europe, Cambridge: Cambridge University Press, p. 166
  149. ^ "Open-field System", Encyclopedia Britannica https://www.britannica.com/topic/open-field-system, accessed 19 Jul 2018 نسخة محفوظة 2019-06-29 على مسقط واي باك مشين.
  150. ^ Barber Two Cities pp. 37–41
  151. ^ Cosman Medieval Wordbook p. 193
  152. Davies Europe pp. 311–315
  153. ^ Singman Daily Life p. 3
  154. Singman Daily Life p. 8
  155. ^ Hamilton Religion on the Medieval West p. 33
  156. ^ Singman Daily Life p. 143
  157. ^ Barber Two Cities pp. 33–34
  158. ^ Barber Two Cities pp. 48–49
  159. ^ Singman Daily Life p. 171
  160. ^ Epstein Economic and Social History p. 54
  161. ^ Singman Daily Life p. 13
  162. Singman Daily Life pp. 14–15
  163. ^ Singman Daily Life pp. 177–178
  164. ^ Epstein Economic and Social History p. 81
  165. ^ Epstein Economic and Social History pp. 82–83
  166. ^ Barber Two Cities pp. 60–67
  167. ^ Backman Worlds of Medieval Europe p. 160
  168. ^ Barber Two Cities pp. 74–76
  169. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 283–284
  170. ^ Barber Two Cities pp. 365–380
  171. ^ Davies Europe p. 296
  172. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 262–279
  173. ^ Barber Two Cities pp. 371–372
  174. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 181–186
  175. ^ Jordan Europe in the High Middle Ages pp. 143–147
  176. ^ Jordan Europe in the High Middle Ages pp. 250–252
  177. ^ Denley "Mediterranean" Oxford Illustrated History of Medieval Europe pp. 235–238
  178. ^ Davies Europe p. 364
  179. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 187–189
  180. ^ Jordan Europe in the High Middle Ages pp. 59–61
  181. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 189–196
  182. ^ Davies Europe p. 294
  183. ^ Backman Worlds of Medieval Europe p. 263
  184. ^ Barlow Feudal Kingdom pp. 285–286
  185. ^ .Loyn "Eleanor of Aquitaine" Middle Agesp. 122
  186. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 289–293
  187. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 286–289
  188. ^ Davies Europe pp. 355–357
  189. ^ Hallam and Everard Capetian France p. 401
  190. Davies Europe p. 345
  191. ^ Barber Two Cities p. 341
  192. ^ Barber Two Cities pp. 350–351
  193. ^ Barber Two Cities pp. 353–355
  194. ^ Kaufmann and Kaufmann Medieval Fortress pp. 268–269
  195. ^ Davies Europe pp. 332–333
  196. ^ Davies Europe pp. 386–387
  197. Riley-Smith "Crusades" Middle Ages pp. 106–107
  198. ^ Lock Routledge Companion to the Crusades pp. 397–399
  199. Barber Two Cities pp. 145–149
  200. ^ Payne Dream and the Tomb pp. 204–205
  201. ^ Lock Routledge Companion to the Crusades pp. 353–356
  202. ^ Lock Routledge Companion to the Crusades pp. 156–161
  203. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 299–300
  204. ^ Lock Routledge Companion to the Crusades p. 122
  205. ^ Lock Routledge Companion to the Crusades pp. 205–213
  206. ^ Lock Routledge Companion to the Crusades pp. 213–224
  207. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 232–237
  208. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 247–252
  209. Loyn "Scholasticism" Middle Ages pp. 293–294
  210. ^ Colish Medieval Foundations pp. 295–301
  211. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 252–260
  212. Davies Europe p. 349
  213. ^ Saul Companion to Medieval England pp. 113–114
  214. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 237–241
  215. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 241–246
  216. ^ Ilardi, Renaissance Vision, pp. 18–19
  217. ^ Backman Worlds of Medieval Europe p. 246
  218. ^ Ilardi, Renaissance Vision, pp. 4–5, 49
  219. Epstein Economic and Social History p. 45
  220. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 156–159
  221. ^ Barber Two Cities p. 68
  222. ^ Barber Two Cities p. 73
  223. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 125
  224. ^ Singman Daily Life p. 124
  225. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 130
  226. Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom pp. 296–298
  227. ^ Benton Art of the Middle Ages p. 55
  228. ^ Adams History of Western Art pp. 181–189
  229. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 58–60, 65–66, 73–75
  230. ^ Dodwell Pictorial Arts of the West p. 37
  231. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 295–299
  232. ^ Lasko Ars Sacra pp. 240–250
  233. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 91–92
  234. ^ Adams History of Western Art pp. 195–216
  235. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 185–190; 269–271
  236. ^ Benton Art of the Middle Ages p. 250
  237. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 135–139, 245–247
  238. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 264–278
  239. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 248–250
  240. ^ Hamilton Religion in the Medieval West p. 47
  241. Rosenwein Rhinoceros Bound pp. 40–41
  242. ^ Barber Two Cities pp. 143–144
  243. ^ Morris "Northern Europe" Oxford Illustrated History of Medieval Europe p. 199
  244. ^ Barber Two Cities pp. 155–167
  245. ^ Barber Two Cities pp. 185–192
  246. ^ Loyn "Famine" Middle Ages p. 128
  247. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 373–374
  248. ^ Epstein Economic and Social History p. 41
  249. ^ Backman Worlds of Medieval Europe p. 370
  250. Schove "Plague" Middle Ages p. 269
  251. ^ Epstein Economic and Social History pp. 171–172
  252. ^ Singman Daily Life p. 189
  253. ^ Backman Worlds of Medieval Europe pp. 374–380
  254. ^ Epstein Economic and Social History pp. 184–185
  255. ^ Epstein Economic and Social History pp. 246–247
  256. Keen Pelican History of Medieval Europe pp. 234–237
  257. ^ Vale "Civilization of Courts and Cities" Oxford Illustrated History of Medieval Europe pp. 346–349
  258. ^ Loyn "Jews" Middle Ages p. 192
  259. ^ Keen Pelican History of Medieval Europe pp. 237–239
  260. ^ Watts Making of Polities pp. 201–219
  261. ^ Watts Making of Polities pp. 224–233
  262. ^ Watts Making of Polities pp. 233–238
  263. ^ Watts Making of Polities p. 166
  264. ^ Watts Making of Polities p. 169
  265. ^ Loyn "Hundred Years' War" Middle Ages p. 176
  266. ^ Barber Edward pp. 242–243
  267. ^ Davies Europe p. 545
  268. ^ Watts Making of Polities pp. 180–181
  269. ^ Watts Making of Polities pp. 317–322
  270. ^ Davies Europe p. 423
  271. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 186
  272. ^ Watts Making of Polities pp. 170–171
  273. ^ Watts Making of Polities pp. 173–175
  274. ^ Watts Making of Polities p. 173
  275. ^ Watts Making of Polities pp. 327–332
  276. Watts Making of Polities p. 340
  277. ^ Davies Europe pp. 425–426
  278. ^ Davies Europe p. 431
  279. ^ Davies Europe pp. 408–409
  280. ^ Davies Europe pp. 385–389
  281. ^ Davies Europe p. 446
  282. ^ Thomson Western Church pp. 170–171
  283. ^ Loyn "Avignon" Middle Ages p. 45
  284. ^ Loyn "Great Schism" Middle Ages p. 153
  285. ^ Thomson Western Church pp. 184–187
  286. ^ Thomson Western Church pp. 197–199
  287. ^ Thomson Western Church p. 218
  288. ^ Thomson Western Church pp. 213–217
  289. ^ Loyn "Knights of the Temple (Templars)" Middle Ages pp. 201–202
  290. ^ Davies Europe pp. 436–437
  291. ^ Davies Europe pp. 433–434
  292. Davies Europe pp. 438–439
  293. ^ Singman Daily Life p. 224
  294. ^ Keen Pelican History of Medieval Europe pp. 282–283
  295. ^ Davies Europe p. 445
  296. ^ Davies Europe p. 451
  297. ^ Davies Europe pp. 454–455
  298. ^ Davies Europe p. 511
  299. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 180
  300. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 183
  301. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 188
  302. ^ Nicolle Medieval Warfare Source Book: Warfare in Western Christendom p. 185
  303. ^ Epstein Economic and Social History pp. 193–194
  304. ^ Singman Daily Life p. 36
  305. ^ Singman Daily Life p. 38
  306. ^ Epstein Economic and Social History pp. 200–201
  307. ^ Epstein Economic and Social History pp. 203–204
  308. ^ Epstein Economic and Social History p. 213
  309. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 253–256
  310. ^ Lightbown Secular Goldsmiths' Work p. 78
  311. ^ Benton Art of the Middle Ages pp. 257–262
  312. ^ British Library Staff "Incunabula Short Title Catalogue" British Library نسخة محفوظة 28 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  313. ^ Griffiths Prints and Printmaking pp. 17–18; 39–46
  314. ^ Lindberg "Medieval Church Encounters" When Science & Christianity Meet p. 8
  315. ^ Davies Europe pp. 291–293
  316. ^ Grant God and Reason p. 9
  317. ^ Quoted in Peters "Science and Religion" Encyclopedia of Religion p. 8182
  318. Russell Inventing the Flat Earth pp. 49–58
  319. ^ Grant Planets, Stars, & Orbs pp. 626–630
  320. ^ Lindberg and Numbers "Beyond War and Peace" Church History p. 342
  321. ^ Numbers "Myths and Truths in Science and Religion: A historical perspective" Lecture archive نسخة محفوظة 11 أكتوبر 2017 على مسقط واي باك مشين.

مراجع أساسيّة

  • Adams, Laurie Schneider (2001). A History of Western Art (الطبعة Third). Boston, MA: McGraw Hill. ISBN .
  • Albrow, Martin (1997). The Global Age: State and Society Beyond Modernity. Stanford, CA: Stanford University Press. ISBN .
  • Backman, Clifford R. (2003). The Worlds of Medieval Europe. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Barber, Malcolm (1992). The Two Cities: Medieval Europe 1050–1320. London: Routledge. ISBN .
  • Barber, Richard (1978). Edward, Prince of Wales and Aquitaine: A Biography of the Black Prince. New York: Scribner. ISBN .
  • Barlow, Frank (1988). The Feudal Kingdom of England 1042–1216 (الطبعة Fourth). New York: Longman. ISBN .
  • Bauer, Susan Wise (2010). The History of the Medieval World: From the Conversion of Constantine to the First Crusade. New York: W. W. Norton. ISBN .
  • Benton, Janetta Rebold (2002). Art of the Middle Ages. London: Thames & Hudson. ISBN .
  • British Library Staff (8 يناير 2008). "Incunabula Short Title Catalogue". المخطة البريطانية. مؤرشف من الأصل في 21 نوفمبر 2016. اطلع عليه بتاريخثمانية أبريل 2012.
  • Brown, Peter. The World of Late Antiquity AD 150–750. New York: W. W. Norton & Company. ISBN .
  • Brown, Thomas (1998). Holmes, George (المحرر). The Transformation of the Roman Mediterranean, 400–900. Oxford, UK: Oxford University Press. صفحات 1–62. ISBN .
  • Bruni, Leonardo (2001). Hankins, James (المحرر). History of the Florentine People. 1. Cambridge, MA: Harvard University Press. ISBN .
  • Colish, Marcia L. (1997). Medieval Foundations of the Western Intellectual Tradition 400–1400. New Haven, CT: Yale University Press. ISBN .
  • Collins, Roger (1999). Early Medieval Europe: 300–1000 (الطبعة Second). New York: St. Martin's Press. ISBN .
  • Coredon, Christopher (2007). A Dictionary of Medieval Terms & Phrases (الطبعة Reprint). Woodbridge, UK: D. S. Brewer. ISBN .
  • Cosman, Madeleine Pelner (2007). Medieval Wordbook: More the 4,000 Terms and Expressions from Medieval Culture. New York: Barnes & Noble. ISBN .
  • Crampton, R. J. (2005). A Concise History of Bulgaria. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Cunliffe, Barry (2008). Europe Between the Oceans: Themes and Variations 9000 BC-AD 1000. New Haven, CT: Yale University Press. ISBN .
  • Curta, Florin (2006). Southeastern Europe in the Middle Ages 500-1250. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Davies, Norman (1996). Europe: A History. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Denley, Peter (1998). Holmes, George (المحرر). The Mediterranean in the Age of the Renaissance, 1200–1500. Oxford, UK: Oxford University Press. صفحات 235–296. ISBN .
  • Dodwell, C. R. (1993). The Pictorial Arts of the West: 800–1200. New Haven, CT: Yale University Press. ISBN .
  • Eastwood, Bruce (2007). Ordering the Heavens: Roman Astronomy and Cosmology in the Carolingian Renaissance. Boston, MA: Brill. ISBN .
  • Epstein, Steven A. (2009). An Economic and Social History of Later Medieval Europe, 1000–1500. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Flexner, Stuart Berg (المحرر). The Random House Dictionary of the English Language: Unabridged (الطبعة Second). New York: Random House. ISBN .
  • Gainty, Denis; Ward, Walter D. (2009). Sources of World Societies: Volume 2: Since 1500. Boston, MA: Bedford/St. Martin's. ISBN .
  • Geary, Patrick J. (1988). Before France and Germany: The Creation and Transformation of the Merovingian World. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Gies, Joseph and Gies, Frances (1973). Life in a Medieval City. New York: Thomas Y. Crowell. ISBN . صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  • Grant, Edward (2001). God and Reason in the Middle Ages. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Grant, E. (1994). Planets, Stars, & Orbs: The Medieval Cosmos, 1200–1687. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Grierson, Philip (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Coinage and currency. London: Thames and Hudson. صفحات 97–98. ISBN .
  • Griffiths, Antony (1996). Prints and Printmaking. London: British Museum Press. ISBN .
  • Hallam, Elizabeth M.; Everard, Judith (2001). Capetian France 987–1328 (الطبعة Second). New York: Longman. ISBN . صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  • Hamilton, Bernard (2003). Religion in the Medieval West (الطبعة Second). London: Arnold. ISBN .
  • Heather, Peter (2006). The Fall of the Roman Empire: A New History of Rome and the Barbarians. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Henderson, George (1977). Early Medieval (الطبعة Revised). New York: Penguin. OCLC 641757789.
  • Holmes, George, المحرر (1988). The Oxford History of Medieval Europe. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Ilardi, Vincent (2007). Renaissance Vision from Spectacles to Telescopes. Philadelphia: American Philosophical Society. ISBN .
  • James, Edward (2009). Europe's Barbarians: AD 200–600. Harlow, UK: Pearson Longman. ISBN .
  • Jordan, William C. (2003). Europe in the High Middle Ages. New York: Viking. ISBN .
  • Kamen, Henry (2005). Spain 1469–1714 (الطبعة Third). New York: Pearson/Longman. ISBN .
  • Kaufmann, J. E. and Kaufmann, H. W. (2001). The Medieval Fortress: Castles, Forts and Walled Cities of the Middle Ages (الطبعة 2004). Cambridge, MA: De Capo Press. ISBN . صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  • Keen, Maurice (1988) [1968]. The Pelican History of Medieval Europe. London: Penguin Books. ISBN .
  • Kitzinger, Ernst (1955). Early Medieval Art at the British Museum (الطبعة Second). London: British Museum. OCLC 510455.
  • Knox, E. L. "History of the Idea of the Renaissance". Europe in the Late Middle Ages. Boise State University. مؤرشف من الأصل في 03 فبراير 2012. اطلع عليه بتاريخ 25 ديسمبر 2012.
  • Lasko, Peter (1972). Ars Sacra, 800–1200. New York: Penguin. ISBN .
  • Lawrence, C.H (2001). Medieval Monasticism: Forms of Religious Life in Western Europe in the Middle Ages (الطبعة Third). Harlow, UK: Longman. ISBN .
  • Lightbown, Ronald W. (1978). Secular Goldsmiths' Work in Medieval France: A History. London: Thames and Hudson. ISBN .
  • Lindberg, David C.; Numbers, Ronald L. (1986). "Beyond War and Peace: A Reappraisal of the Encounter between Christianity and Science". Church History. 55 (3): 338–354. doi:10.2307/3166822. JSTOR 3166822.
  • Lindberg, David C. (2003). Lindberg, David C. and Numbers, Ronald L. (المحررون). The Medieval Church Encounters the Classical Tradition: Saint Augustine, Roger Bacon, and the Handmaiden Metaphor. Chicago, IL: University of Chicago Press. ISBN . صيانة CS1: يستخدم وسيط المحررون (link)
  • Lock, Peter (2006). Routledge Companion to the Crusades. New York: Routledge. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Avignon. London: Thames and Hudson. صفحة 45. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Eleanor of Aquitaine. London: Thames and Hudson. صفحة 122. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Famine. London: Thames and Hudson. صفحات 127–128. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Great Schism. London: Thames and Hudson. صفحة 153. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Hundred Years' War. London: Thames and Hudson. صفحة 176. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Jews. London: Thames and Hudson. صفحات 190–192. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Knights of the Temple (Templars). London: Thames and Hudson. صفحات 201–202. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Language and dialect. London: Thames and Hudson. صفحة 204. ISBN .
  • Loyn, H. R. (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Scholasticism. London: Thames and Hudson. صفحات 293–294. ISBN .
  • "Middle Ages". Dictionary.com. 2004. مؤرشف من الأصل في 06 سبتمبر 2015. اطلع عليه بتاريخسبعة أبريل 2012.
  • Miglio, Massimo (2006). Mazzocco, Angelo (المحرر). Curial Humanism seen through the Prism of the Papal Library. Leiden: Brill. صفحات 97–112. ISBN .
  • Mommsen, Theodore (أبريل 1942). "Petrarch's Conception of the 'Dark Ages'". Speculum. 17 (2): 226–242. doi:10.2307/2856364. JSTOR 2856364.
  • Morris, Rosemary (1998). Holmes, George (المحرر). Northern Europe invades the Mediterranean, 900–1200. Oxford, UK: Oxford University Press. صفحات 175–234. ISBN .
  • Murray, Alexander (2004). "Should the Middle Ages Be Abolished?". Essays in Medieval Studies. 21: 1–22. doi:10.1353/ems.2005.0010.
  • Nees, Lawrence (2002). Early Medieval Art. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Nicolle, David (1999). Medieval Warfare Source Book: Warfare In Western Christendom. London: Brockhampton Press. ISBN .
  • Numbers, Ronald (11 مايو2006). "Myths and Truths in Science and Religion: A historical perspective" (PDF). Lecture archive. The Faraday Institute for Science and Religion. مؤرشف من الأصل (PDF) في 20 يناير 2013. اطلع عليه بتاريخ 25 يناير 2013.
  • Payne, Robert (2000). The Dream and the Tomb: A History of the Crusades (الطبعة First paperback). New York: Cooper Square Press. ISBN .
  • Peters, Ted (2005). Jones, Lindsay (المحرر). Science and Religion. 12 (الطبعة Second). Detroit, MI: MacMillan Reference. صفحة 8182. ISBN .
  • Power, Daniel (2006). The Central Middle Ages: Europe 950–1320. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Reilly, Bernard F. (1993). The Medieval Spains. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Riley-Smith, Jonathan (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Crusades. London: Thames and Hudson. صفحات 106–107. ISBN .
  • Rosenwein, Barbara H. (1982). Rhinoceros Bound: Cluny in the Tenth Century. Philadelphia, PA: University of Pennsylvania Press. ISBN .
  • Russell, Jeffey Burton (1991). Inventing the Flat Earth-Columbus and Modern Historians. Westport, CT: Praeger. ISBN .
  • Saul, Nigel (2000). A Companion to Medieval England 1066–1485. Stroud, UK: Tempus. ISBN .
  • Schove, D. Justin (1989). Loyn, H. R. (المحرر). Plague. London: Thames and Hudson. صفحات 267–269. ISBN .
  • Singman, Jeffrey L. (1999). Daily Life in Medieval Europe. Westport, CT: Greenwood Press. ISBN .
  • Stalley, Roger (1999). Early Medieval Architecture. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Tansey, Richard G.; Gardner, Helen Louise; De la Croix, Horst (1986). Gardner's Art Through the Ages (الطبعة Eighth). San Diego, CA: Harcourt Brace Jovanovich. ISBN . صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
  • Thomson, John A. F. (1998). The Western Church in the Middle Ages. London: Arnold. ISBN .
  • Vale, Malcolm (1998). Holmes, George (المحرر). The Civilization of Courts and Cities in the North, 1200–1500. Oxford, UK: Oxford University Press. صفحات 297–351. ISBN .
  • Watts, John (2009). The Making of Polities: Europe, 1300–1500. Cambridge, UK: Cambridge University Press. ISBN .
  • Whitton, David (1998). Holmes, George (المحرر). The Society of Northern Europe in the High Middle Ages, 900–1200. Oxford, UK: Oxford University Press. صفحات 115–174. ISBN .
  • Wickham, Chris (2009). The Inheritance of Rome: Illuminating the Dark Ages 400–1000. New York: Penguin Books. ISBN .

قراءة موسعة

  • Ames, Christine Caldwell (فبراير 2005). "Does Inquisition Belong to Religious History?". American Historical Review. 110 (1): 11–37. doi:10.1086/531119.
  • Cantor, Norman F. (1991). Inventing the Middle Ages: The Lives, Works, and Ideas of the Great Medievalists of the Twentieth Century. New York: W. Morrow. ISBN .
  • Davis, R. H. C., المحرر (1981). The Writing of History in the Middle Ages: Essays Presented to Richard William Southern. 0-19-822556-3: Oxford University Press. ISBN . CS1 maint: location (link)
  • Fleischman, Suzanne (أكتوبر 1983). "On the Representation of History and Fiction in the Middle Ages". History and Theory. 23 (3): 278–310. JSTOR 2504985.
  • Gurevich, Aron (1992). Howlett, Janet (translator) (المحرر). Historical Anthropology of the Middle Ages. Chicago: University of Chicago Press. ISBN .
  • Spiegel, Gabrielle M. (يناير 1990). "History, Historicism, and the Social Logic of the Text in the Middle Ages". Speculum. 65 (1): 59–86. doi:10.2307/2864472. JSTOR 2864472.
  • Smith, Julia (2005). Europe After Rome: A New Cultural History, 500-1000. Oxford, UK: Oxford University Press. ISBN .
  • Stuard, Susan Mosher (1987). Women in Medieval History and Historiography. Philadelphia, PA: University of Pennsylvania Press. ISBN .
  • Sullivan, Richard E. (أبريل 1989). "The Carolingian Age: Reflections on its Place in the History of the Middle Ages". Speculum. 64 (2): 267–306. doi:10.2307/2851941. JSTOR 2851941.
  • Van Engen, John (يونيو1986). "The Christian Middle Ages as an Historiographical Problem". American Historical Review. 91 (3): 519–552. doi:10.2307/1869130. JSTOR 1869130.

وصلات خارجية

  • العصور المظلمة من الموسوعة العربية العالمية
  • جيفري تشوسر من الموسوعة العربية العالمية
  • "موسوعة أورب على الانترنت لدراسات القرون الوسطى" عدة منطقات أكاديمية عن القرون الوسطي.
  • "المتاهة" عدة مصادر لدراسات القرون الوسطى.
  • "نت سيرف" مصادر علي الإنترنت عن القرون الوسطى.
  • دي ري ميلتري: مجتمع التاريخ العسكري في القرون الوسطى.
  • خرائط تفاعلية لحقبة العصور الوسطى.
  • "عوالم العصور الوسطي" مصادر تعليميه من المخطة البريطانية بما في ذلك دراسات المخطوطات الجميلة في العصور الوسطى.
  • قوائم العصور الوسطي أخبار ومنطقات عن الفترة.
تاريخ النشر: 2020-06-02 00:03:11
التصنيفات: العصور الوسطى, العصور المظلمة, القرن 10 في أوروبا, القرن 11 في أوروبا, القرن 12 في أوروبا, القرن 13 في أوروبا, القرن 14 في أوروبا, القرن 15 في أوروبا, القرن 5, القرن 6 في أوروبا, القرن 7 في أوروبا, القرن 8 في أوروبا, القرن 9 في أوروبا, تاريخ أوروبا حسب الحقبة, تنصير, عصور تاريخية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون, صيانة CS1: يستخدم وسيط المحررون, CS1 maint: location, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, وصلات إنترويكي بحاجة لمراجعة, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P268, بوابة أوروبا/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ/مقالات متعلقة, بوابة العصور الوسطى/مقالات متعلقة, بوابة فنون مرئية/مقالات متعلقة, بوابة الحرب/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

صباح الخير يا مصر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:22:32
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

القومي لثقافة الطفل يحتفل بأعياد الطفولة في مستشفى الأطفال

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:22:28
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

الوحدة‏.. ‏والزواج

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:22:30
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

أردوغان يزور الجزائر وملفات حارقة على أجندة لقاء تبون

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:12:45
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 80%

منتخب الشباب يواجه المغرب فى ختام بطولة شمال أفريقيا.. اليوم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:43
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 41%

مصرع جنود إسرائيليين على يد زملائهم في معارك غزة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:13:03
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 76%

زينة الداودية تثير الجدل بتصريح “مثير”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:12:51
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 81%

أسعار الفراخ في بورصة الدواجن اليوم الثلاثاء 21-11-2023 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:20:56
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

نمو صادرات كوريا 2.2 % خلال أول 20 يوما من نوفمبر

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:13
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 48%

النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:53
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 37%

زامبيا وتنزانيا يتقدمان على “أسود الأطلس”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:12:56
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 77%

المصرى يكسب.. 12مشهدا متطابقا بين فيلم "إشاعة حب" والنسخة الأمريكية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:32
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 47%

نيكاي ينخفض وسط عمليات بيع لأسهم شركات السيارات بسبب ارتفاع الين

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:07
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 46%

أماكن سقوط الأمطار اليوم.. وموعد استقرار حالة الطقس - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:20:50
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر 2023.. وعيار 21 يسجل 2765 جنيها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:46
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 37%

نفاد جميع تذاكر شهر نوفمبر لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة بمدينة سيدنى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:57
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 49%

إسرائيل تستدعى سفيرها لدى جنوب أفريقيا بسبب شكوى الجنائية.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-21 09:23:50
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 41%

تحميل تطبيق المنصة العربية