محمد بن إدريس الشافعي

عودة للموسوعة
محمد بن إدريس الشافعيّ
تخطيط لاسم الإمام الشافعي ملحوق بنادىء الرضا عنه
أبوعبد الله، عالم العصر، ناصر الحديث، إمام قريش، الإمام المجدد، فقيه الملة
الولادة سنة 150 هـ / 767 م
غزة، فلسطين، بلاد الشام
الوفاة في آخر ليلة من رجب سنة 204 هـ / 820 م
مصر
مبجل(ة) في الإسلام: أهل السنة والجماعة
المقام الرئيسي القاهرة، مصر
النسب أبوه: إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف
أمه: فاطمة بنت عبد الله الأزدية
أولاده الذكور: أبوعثمان وأبوالحسن
أولاده الإناث: فاطمة وزينب

أبوعبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م) هوثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب الممضى الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس فهم أصول الفقه، وهوأيضاً إمام في فهم التفسير وفهم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ الفهماءُ من الثناء عليه، حتى نطق فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل: إنه هوإمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض فهماً».

وُلد الشافعيُّ بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهوابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهوابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب الفهم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهوفتىً دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للفهم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب الفهم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يفهم الممضى الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (الممضى المالكي) وفقه العراق (الممضى الحنفي). عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لفهم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي خطه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر ممضىه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ الفهم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.

نسبه

  • هو«أبوعبد الله، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهوقريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ».

يجتمع مع الرسولِ محمدٍ في عبد مناف بن قصي، وقيل: «وهوابن عم النبي محمد، وهوممن تحرم عليه الصدقةُ من ذوي القربى الذين لهم سهم مفروض في الخُمس، وهم بنوهاشم وبنوالمطلب».

أما نسبه من جهة أمه ففيه قولان:

  • الأول: أنها أزدية يمنية، واسمها فاطمة بنت عبد الله الأزدية، وهوالقول السليم المشهور الذي انعقد عليه الإجماع، وكل الروايات التي رُويت عن الشافعي في نسبه تذكر على لسانه حتى أمَّه من الأزد.
  • الثاني: أنها قرشية علوية، أي من نسل علي بن أبي طالب، وهذه الرواية شاذةٌ تخالف الإجماع، وقد نطق فخر الدين الرازي في هذا المقام: «وأما نسب الشافعي من جهة أمه ففيه قولان: الأول وهوشاذ رواه الحاكم أبوعبد الله الحافظ، وهوحتى أم الشافعي رضيَ الله تعالى عنه هي فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، والثاني المشهور أنها من الأزد».

مولده ونشأته

مولده

ولد الشافعي بغزة في بلاد الشام سنة 150 هـ، وعلى ذلك اتفق رأي الجمهرة الكبرى من مؤرخي الفقهاء ومحرري طبقاتهم، ولكن وُجد بجوار هذه الرواية من يقول: إنه وُلد بعسقلان بالقرب من غزة، بل وُجد من يتجاوز الشام إلى اليمن، فيقول: إنه وُلد باليمن.

غزة عام 1862 م.
وُلد الشافعي بغزة عام 150 هـ، وحملته أمه إلى مكة عندما كان عمره سنتين.

وسبب هذا الاختلاف أنه قد روي عن الشافعي ثلاثُ روايات هي:

  1. أنه وُلد بغزة، فعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه نطق: نطق لي محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: «ولدت بغزة سنة خمسين (يعني: خمسين ومائة)، وحُملت إلى مكة وأنا ابن سنتين».
  2. أنه وُلد بعسقلان، فعن عمروبن سواد أنه نطق: نطق لي الشافعي رضيَ الله عنه: «ولدت بعسقلان، فلما أتى علي سنتان حملتني أمي إلى مكة، وكانت نهمتي في شيئين، في الرمي وطلب الفهم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من العشرة عشرة»، وسكتَ عن الفهم، فقلت له: «أنت والله في الفهم أكثر منك في الرمي».
  3. أنه وُلد باليمن، فعن عبد الرحمن بن أبي حاتم أنه نطق: سمعت محمداً بن إدريس يقول: ولدت باليمن، فخافت أمي علي الضيعة، ونطقت: «ألْحِقْ بأهلك فتكون مثلهم، فإني أخاف حتى يُغلب على نسبك»، فجهزتني إلى مكة، فقدِمتها وأنا ابن عشر أوشبهِها، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب الفهم، فيقول لي: «لا تعجل بهذا وأقبل على ما ينفعك»، فجعلت لذتي في هذا الفهم وطلبه حتى رزق الله منه ما رزق. نطق الإمام المضىي: «قوله: "باليمن" غلط، إلا حتى يريد به القبيلة، وهذا محتملٌ لكن خلافُ الظاهر».

وقد حاول الفهماء الجمع بين هذه الروايات، نطق ابن كثير: «فهذه ثلاث روايات في بلد مولده، والمشهور أنه ولد بغزة، ويُحتمل أنها بعسقلان التي هي قريب من غزة، ثم حُمل إلى مكة صغيراً، ثم انتقلت به أمه إلى اليمن، فلما ترعرع وقرأ القرآن بعثت به إلى بلد قبيلته مكة فطلب بها الفقه، والله أفهم». ونطق الحافظ ابن حجر في الجمع بين الروايات السابقة: «والذي يجمع بين الأقوال: أنه ولد بغزة عسقلان، لأن عسقلان هي الأصل في قديم الزمان، وهي وغزة متقاربتان، وعسقلان هي المدينة. ولما بلغ سنتين حوَّلته أمُّه إلى الحجاز ودخلت به إلى قومها، وهم من أهل اليمن لأنها كانت أزدية، فنزلت عندهم، فلما بلغ عشراً خافت على نسبه الشريف حتى يُنسى ويضيعَ فحوَّلته إلى مكة».

وأما زمان مولده: فقد اتفقت الروايات على أنه ولد سنة 150 هـ، وهوالعام الذي توفي فيه الإمام أبوحنيفة، وقيل: «ولد في اليوم الذي توفي فيه أبوحنيفة»، إلا حتى ابن كثير نطق: «ولا يكاد يصح هذا ويتعسر ثبوته جداً».

نشأته

نشأ الشافعي في أسرة فقيرة كانت تعيش في فلسطين، وكانت مقيمة بالأحياء اليمنية منها، وقد توفي أبوه وهوصغير، فانتقلت أمُّه به إلى مكة خشية حتى يضيع نسبه الشريف، وقد كان عمرُه سنتين عندما انتقلت به أمه إلى مكة، وذلك ليقيمَ بين ذويه، ويتثقفَ بثقافتهم، ويعيشَ بينهم، ويكونَ منهم.

منظر عام لمكة، حيث نشأ الشافعي وترعرع.

عاش الشافعي في مكة عيشة اليتامى الفقراء، مع حتى نسبه كان رفيعاً شريفاً، بل هوأشرف الأنساب عند المسلمين، ولكنه عاش عيشة الفقراء إلى حتى استقام عودُه، وقد كان لذلك أثرٌ عظيمٌ في حياته وأخلاقه.

لقد حفظ الشافعي القرآن الكريم وهوفي السابعة من عمره، مما يشير على ذكائه وقوة حفظه، ثم اتجه إلى حفظ الحديث النبوي، فحفظ موطأ الإمام مالك، نطق الشافعي: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين».

وكان الشافعي يستمع إلى المحدِّثين، فيحفظ الحديث بالسمع، ثم يخطه على الخزف أوالجلود، وكان يمضى إلى الديوان يستوعب الظهور ليخط عليها، والظهور هي الأوراق التي كُتب في باطنها وتُرك ظهرها أبيض، وذلك يشير على أنه أحب الفهم منذ نعومة أظفاره. نطق الشافعي: «لم يكن لي مال، فكنت أطلب الفهم في الحداثة، أمضى إلى الديوان أستوهب منهم الظهور وأخط فيها»، ونطق: «طلبت هذا الأمر عن خفة ذات اليد، كنت أجالس الناس وأتحفظ، ثم اشتهيت حتى أدون، وكان منزلنا بمكة بقرب شِعب الخَيْف، فكنت آخذ العظام والأكتاف فأخط فيها، حتى امتلأ في دارنا من ذلك حبان».

وروي عنه أيضاً أنه نطق: «كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المفهم، وكان المفهم قد رضي من أمي حتى أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس الفهماء، فأحفظ الحديث أوالمسألة، وكان منزلنا بمكة في شِعب الخَيْف، فكنت أنظر إلى العظم فأخط فيه الحديث أوالمسألة، وكانت لنا جرة عظيمة، إذا امتلأ العظم طرحته في الجرة».

رحلته إلى البادية

إضافةً إلى حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، اتجه الشافعي إلى التفصُّح في اللغة العربية، فخرج في سبيل هذا إلى البادية، ولازم قبيلة هذيل، نطق الشافعي: «إني خرجت عن مكة، فلازمت هذيلاً بالبادية، أتفهم كلامها، وآخذ طبعها، وكانت أفصح العرب، أرحل برحيلهم، وأنزل بنزولهم، فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار، وأذكر الآداب والأخبار». ولقد بلغ من حفظه لأشعار الهذليين وأخبارهم حتى الأصمعي الذي له مكانة عالية في اللغة نطق: «صححت أشعار هذيل على فتى من قريش ينطق له محمد بن إدريس».

إن القبيلة التي ضوى إليها الشافعي هي هذيل، وهم يوصفون بأنهم أفصحُ العرب، نطق مصعب بن عبد الله الزبيري: قرأ علي الشافعي رضيَ الله عنه أشعار هذيل حفظاً ثم نطق: «لا تخبر بهذا أهل الحديث فإنهم لا يحتملون هذا»، نطق مصعب: وكان الشافعي رضيَ الله عنه يسمر مع أبي من أول الليل حتى الصباح ولا ينامان، نطق: وكان الشافعي رضيَ الله عنه في ابتداء أمره يطلب الشعر، وأيام الناس، والأدب، ثم أخذ في الفقه بعد، نطق: وكان سبب أخذه أنه كان يسير يوماً على دابة له، وخلْفه محررٌ لأبي، فتمثل الشافعي رضيَ الله عنه بيت شعر، فقرعه محررُ أبي بسوطه ثم نطق له: «مثلك يمضى بمروءته في مثل هذا، أين أنت من الفقه؟»، فهزه ذلك، فقصد لمجالسة الزنجي بن خالد مفتي مكة، ثم قدم علينا فلزم مالك بن أنس رحمَه الله.

عودته إلى مكة والإذن له بالإفتاء

لما عاد الشافعي إلى مكة تابعَ طلبَ الفهم فيها على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين، فبلغ مبلغاً عظيماً، حتى أذن له مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة بالفتيا، فقد روي عن مسلم بن خالد الزنجي أنه نطق للشافعي: «أفت يا أبا عبد الله، فقد والله آن لك حتى تفتي»، وهوابن خمس عشرة سنة، وقيل: وهوابن ثماني عشرة سنة، وقيل: وهوابن دون عشرين سنة.

رحلته في طلب الفهم

رحلته إلى المدينة المنورة

لما انتشر اسم إمام المدينة مالك بن أنس في الآفاق، وتناقلته الركبان، وبلغ مبلغاً عظيماً في الفهم والحديث، سمت همة الشافعي إلى الهجرة إلى المدينة المنورة في طلب الفهم. ومما روي عن الشافعي في هذا المقام أنه نطق: «فارقت مكة وأنا ابن أربع عشرة سنة، لا نبات بعارضي من الأبطح إلى ذي طوى، فرأيت ركباً فحملني شيخ منهم إلى المدينة، فختمت من مكة إلى المدينة ست عشرة ختمة، ودخلت المدينة يوم الثامن بعد صلاة العصر، فصليت العصر في مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولذت بقبره، فرأيت مالك بن أنس رحمه الله متزراً ببردة متشحاً بأخرى، يقول: «حدثني نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر»، يضرب بيده قبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فلما رأيت ذلك هبته الهيبة العظيمة».

منظر عام للمدينة المنورة، حيث هاجر الشافعي وتفهم على يدي إمامها مالك بن أنس.

ومضى الشافعي إلى الإمام مالك، فلما رآه الإمامُ مالكٌ نطق له:

يا محمدٌ اتق الله، واجتنب المعاصي، فإنه سيكون لك شأن من الشأن، إذا الله قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بالمعصية.

ثم نطق له: «إذا ما اتى الغد تجيء ويجيء ما يقرأ لك». يقول الشافعي: «فغدوت عليه وابتدأت حتى أقرأ ظاهراً، والكتاب في يدي، فحدثا تهيبت مالكاً وأردت حتى أبتر، أعجبه حسن قراءتي وإعرابي، فيقول: «يا فتى زد»، حتى قرأته عليه في أيام يسيرة».

وقد روي عن الشافعي أنه نطق: قدمت على مالكٍ وقد حفظت الموطأ ظاهراً، فقلت: «إني أريد حتى أسمع الموطأ منك»، فنطق: «اطلب من يقرأ لك»، وكررت عليه فقلت: «لا، عليك حتى تسمع قراءتي، فإن سهل عليك قرأت لنفسي»، نطق: «اطلب من يقرأ لك»، وكررت عليه، فنطق: «اقرأ»، فلما سمع قراءتي نطق: «اقرأ»، فقرأت عليه حتى فرغت منه. وحكى الإمام أحمد عن الشافعي أنه نطق: «أنا قرأت على مالك وكانت تعجبه قراءتي»، نطق الإمام أحمد: «لأنه كان فصيحاً»، ونطق ابن كثير: «وكذلك كان حسن الصوت بتلاوة القرآن».

وفي رواية أخرى عن الشافعي أنه نطق: وقدمت على مالك وقد حفظت الموطأ، فنطق لي: «أحضر من يقرأ لك»، فقلت: «أنا قارئ»، فقرأت الموطأ حفظاً، فنطق: «إن يك أحدٌ يفلح فهذا الغلام».

وبعد حتى روى الشافعي عن الإمام مالك موطأه لزمه يتفقهُ عليه، ويدارسُه المسائلَ التي يفتي فيها الإمام، إلى حتى توفي الإمامُ سنة 179 هـ، وقد بلغ الشافعي شرخ الشباب، ويظهر أنه مع ملازمته للإمام مالك كان يقوم برحلات في البلاد الإسلامية يستفيد منها، ويتفهم أحوال الناس وأخبارهم، وكان يمضى إلى مكة يزور أمه ويستنصح بنصائحها.

رحلته إلى اليمن وولايته بأرض نجران

لما توفي الإمام مالك، وأحس الشافعي أنه نال من الفهم أشطراً، وكان إلى ذلك الوقت فقيراً، اتجهت نفسه إلى عمل يكتسب منه ما يدفع حاجته، ويمنع خصاصته، وصادف في ذلك الوقت حتى قدم إلى مكة المكرمة والي اليمن، فحدثه بعض القرشيين في حتى يصحبه الشافعي، فأخذه ذلك الوالي معه، ويقول الشافعي في ذلك: «ولم يكن عند أمي ما تعطيني ما أتحمل به، فرهنت داراً فتحملت معه، فلما قدمنا عملت له على عمل»، وفي هذا العمل تبدومواهب الشافعي، فيشيع ذكرُه عادلاً ممتازاً، ويتحدث الناس باسمه في بطاح مكة. ولما تولى الشافعي ذلك العمل أقام العدل، وكان الناس يصانعون الولاة والقضاة ويتملقونهم، ليجدوا عندهم سبيلاً إلى نفوسهم، ولكنهم وجدوا في الشافعي عدلاً لا سبيل إلى الاستيلاء على نفسه بالمصانعة والملق، ويقول هوفي ذلك: «وليت نجران وبها بنوالحارث بن عبد المدان، وموالي ثقيف، وكان الوالي إذا أتاهم صانعوه، فأرادوني على نحوذلك فلم يجدوا عندي».

رحلته إلى بغداد ومحنته

لما هبط الشافعي باليمن، ومن أعمالها نجران، كان بها والٍ ظالم، فكان الشافعي يأخذ على يديه، أي ينصحه وينهاه، ويمنع مظالمه حتى تصل إلى من تحت ولايته، وربما نال الشافعي ذلك الوالي بالنقد، فأخذ ذلك الوالي يكيد له بالدس والسعاية والوشاية. وفي ذلك الزمانِ الذي كان فيه الحكمُ للعباسيين، كان العباسيون يُعادون خصومَهم العلويين، لأنهم يُدلون بمثل نسبهم، ولهم من رحم الرسول محمد ما ليس لهم، فإذا كانت دولة العباسيين قامت على النسب، فأولئك يَمُتُّون بمثله، وبرحم أقرب، ولذا كانوا إذا رأوا دعوة علوية قضوا عليها وهي في مهدها، ويقتلون في ذلك على الشبهة لا على الجزم واليقين، إذ يرون حتى اغتال بريء يستقيم به الأمر لهم، أولى من هجر مُتَّهمٍ يَجوز حتى يُفسد الأمنَ عليهم.

اتى والي نجران العباسيين من هذه الناحية، واتهم الشافعي بأنه مع العلوية، فأوفد إلى الخليفة هارون الرشيد: «إن تسعة من العلوية تحرَّكوا»، ثم نطق في كتابه: «إني أخاف حتى يخرجوا، وإن ها هنا رجلاً من ولد شافع المطلبي لا أمر لي معه ولا نهي»، وقيل أنه نطق في الشافعي: «يعمل بلسانه ما لا يقدر عليه المقاتل بسيفه»، فأوفد الرشيد حتى يَحضرَ أولئك النفرُ التسعةُ من العلوية ومعهم الشافعي. وينطق أنه اغتال التسعة، ونجا الشافعي؛ بقوة حجته، وشهادة القاضي محمد بن الحسن الشيباني، أما قوة حجته فكانت بقوله للرشيد وقد وجه إليه التهمةَ بين النطع والسيف: «يا أمير المؤمنين، ما تقول في رجلين أحدهما يراني أخاه، والآخر يراني عبده، أيهما أحب إلي؟»، نطق: «الذي يراك أخاه»، نطق: «فذاك أنت يا أمير المؤمنين، إنكم ولد العباس، وهم ولد علي، ونحن بنوالمطلب، فأنتم ولد العباس تروننا إخوتكم، وهم يروننا عبيدهم».

وأما شهادة محمد بن الحسن الشيباني فذلك لأن الشافعي استأنس لما رآه في مجلس الرشيد عند الاتهام، فذكر بعد حتى ساق ما ساق حتى له حظاً من الفهم والفقه، وأن القاضي محمداً بن الحسن يعهد ذلك، فسأل الرشيدُ محمداً، فنطق: «له من الفهم حظٌ كبير، وليس الذي رُفع عليه من شأنه»، نطق: «فخذه إليك حتى انظرَ في أمره»، وبهذا نجا.

كان قدوم الشافعي بغداد في هذه المحنة سنة 184 هـ، أي وهوفي الرابعة والثلاثين من عمره، فكانت هذه المحنة خيراً له، فقد وجَّهته إلى الفهم بدل الولاية وتدبير شؤون السلطان، ذلك بأنه هبط عند محمد بن الحسن، وكان من قبلُ يسمع باسمه وفقهه، وأنه حاملُ فقه العراقيين وناشرُه، وربما التقى به من قبل. أخذ الشافعي يفهم فقه العراقيين، فقرأ خط الإمام محمد وتلقاها عليه، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز وفقه العراق، اجتمع له الفقه الذي يغلب عليه النقل، والفقه الذي يغلب عليه العقل، وتخرج بذلك على كبار الفقهاء في زمانه، ولقد نطق في ذلك ابن حجر: «انتهت رياسة الفقه في المدينة إلى مالك بن أنس، فرحل إليه ولازمه وأخذ عنه، وانتهت رياسة الفقه في العراق إلى أبي حنيفة، فأخذ عن صاحبه محمد بن الحسن حملاً، ليس فيه شيء إلا وقد سمعه عليه، فاجتمع فهم أهل الرأي وفهم أهل الحديث، فتصرف في ذلك حتى أصَّل الأصول، سقطَّد القواعد، وأذعن له الموافق والمخالف، واشتهر أمره، وعلا ذكره، وارتفع قدره حتى صار منه ما صار».



هذه الموضوعة جزء من سلسلة:


وقد كان الشافعي يلزم حلقة محمد بن الحسن الشيباني، نطق الشافعي: «أنفقت على خط محمد بن الحسن ستين ديناراً، ثم تدبرتها، فوضعت إلى جنب جميع مسألة حديثاً (يعني: رداً عليه)»، ولكنه كان مع ذلك يعتبر نفسه من صحابة مالك، ومن فقهاء ممضىه، وحملة موطأه، يحامي عليه ويذب عنه ويدافع عن فقه أهل المدينة، ولذلك كان إذا قام محمد من مجلسه ناظر أصحابه، ودافع عن فقه الحجازيين وطريقتهم، نطق الشافعي: «...وكان محمد بن الحسن جيد المنزلة، فاختلفت إليه وقلت: هذا أشبه لي من طريق الفهم، فلزمته، وخطت خطه، وعهدت قولهم، وكان إذا قام ناظرت أصحابه»، ولعله كان لا يناظر محمداً نفسَه إعظاماً لمكان الأستاذ، ولكن محمداً بلغه أنه يناظر أصحابه، فطلب منه حتى يناظره، فاستحيا وامتنع، وأصر محمد، فناظره مستكرهاً في مسألة كَثُرَ استنكارُ أهل العراق فيها لرأي أهل الحجاز، وهي "مسألة الشاهد واليمين"، فناقش الشافعيُ محمداً فيها، ويقول الرواة من الشافعية حتى الفلحَ كان للشافعي.

عودته إلى مكة ووضع أصول الفقه

أقام الشافعي في بغداد تلميذاً لابن حسن، ومناظراً له ولأصحابه على أنه فقيه مدني من أصحاب مالك، ثم انتقل بعد ذلك إلى مكة، ومعه من خط العراقيين حِملُ بعير، ولم يذكر أكثرُ الرواة مدة إقامته في بغداد في هذه القدمة، ولا بد أنه أقام مدة معقولة تكفي للتخرج على أهل الرأي ومدارستِهم، ولعلها كانت نحوسنتين.

عاد الشافعي إلى مكة، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، والتقى به أكبر الفهماء في موسم الحج، واستمعوا إليه، وفي هذا الوقت التقى به أحمد بن حنبل، وقد أخذت شخصية الشافعي تظهر بفقه جديد، لا هوفقهُ أهلِ المدينةِ وحدَهم، ولا فقهَ أهلِ العراقِ وحدَهم، بل هومزيج منهما وخلاصةُ عقل الشافعي الذي أنضجه فهم الكتاب والسنة، وفهمُ العربية وأخبار الناس والقياس والرأي، ولذلك كان من يلتقي به من الفهماء يرى فيه عالماً هونسيجٌ وحدَه.

أقام الشافعي بمكة في هذه القدمة نحواً من تسع سنوات، ولا بد حتى الشافعي بعد حتى رأى نوعين مختلفين من الفقه، وبعد حتى ناظر وجادل، عثر أنه لا بد من وضع مقاييس لفهم الحق من الباطل، أوعلى الأقل لفهم ما أقرب للحق، فإنه ليس من المعقول بعد حتى شاهد وعاين ما بين نظرِ الحجازيين والعراقيين من اختلاف، ولأصحاب النظرين مكانٌ من احترامه وتقديره، حتى يحكمَ ببطلان أحدِ النظرين جملةً من غير ميزان ضابط دقيق، لهذا فكَّر في استخراج قواعد الاستنباط، فتوافر على الكتاب يعهد طرق دلالاته، وعلى الأحكام يعهد ناسخها ومنسوخها، وخصائص جميع منهما، وعلى السنة يعهد مكانها من فهم الشريعة، وفهم سليمها وسقيمها، وطرق الاستدلال بها، ومقامها من القرآن الكريم، ثم كيف من الممكن أن يستخرج الأحكام إذا لم يكن كتاب ولا سنة، وما ضوابط الاجتهاد في هذا المقام، وما الحدود التي تُرسَم للمجتهد فلا يعدوها، ليأمن من شطط الاجتهاد. لأجل هذا طال مقامه، مع أنه كان صاحب سفر، فهولا بد في هذه الأثناء قد انتهى إلى وضع أصول الاستنباط وخرج بها على الناس، ولعله عندما انتهى إلى قدر يصحُّ إخراجُه وعرضُه للجمهرة من الفقهاء، سافر إلى بغداد التي كانت عشَّ الفقهاء جميعاً، إذ ضَؤلَ أمرُ المدينة بعد وفاة الإمام مالك، وبعد حتى صار ببغداد أهلُ الرأي وأهلُ الحديث معاً.

رحلته الثانية إلى بغداد

كتاب الرسالة: أول كتاب صُنف في أصول الفقه، خطه الشافعي مرتين، الأولى في بغداد، والثانية في مصر.

قدم الشافعي بغداد للمرة الثانية في سنة 195 هـ، وقد قدم وله طريقةٌ في الفقه لم يسبق بها، واتى وهولا ينظر إلى الفروع يفصِّل أحكامَها وإلى المسائل الجزئية يفتي فيها فقط، بل اتى وهويحمل قواعد كلية، أصَّل أصولها، وضبط بها المسائل الجزئية، فقد اتى إذن بالفقه فهماً كلياً لا فروعاً جزئيةً، وقواعدَ عامةً لا فتاوىً وأقضيةً خاصةً، فرأت فيه بغداد ذلك، فانسال عليه الفهماء والمتفقهون، وطلبه المحدثون وأهل الرأي جميعاً. وفي هذه القدمة ذُكر أنه ألف لأول مرة من كتاب الرسالة الذي وضع به الأساس لفهم أصول الفقه. وقد رُوي حتى عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي وهوشاب حتى يضع له كتاباً يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقرآن والسنة والإجماع والقياس وبيان الناسخ والمنسوخ ومراتب العموم والخصوص، فوضع الشافعي كتاب الرسالة وبعثه إليه، فلما قرأه عبد الرحمن بن مهدي نطق: «ما أظن حتى الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل»، وقيل حتى الشافعي قد صنف كتاب الرسالة وهوببغداد، ولما عاد إلى مصر أعاد تصنيف كتاب الرسالة.

أخذ الشافعي ينشر بالعراق تلك الطريقةَ الجديدةَ التي استنَّها، ويجادلُ على أساسها، وينقد مسائل الفهم على أصولها، ويؤلف الخط وينشر الرسائل، ويتخرج عليه رجالُ الفقه، ومكث في هذه القدمة سنتين، ثم عاد بعد ذلك إليها سنة 198 هـ وأقام أشهراً فيها، ثم اعتزم السفر إلى مصر، فرحل إليها، وقد وصل سنة 199 هـ.

أما سببُ تقصيرِه الإقامةَ في بغداد في هذه القدمة الأخيرة، مع أنها كانت عشَّ الفهماء، وقد صار له بها تلاميذُ ومريدون، والفهم ينتشر بين ربوعها، ولم يكن لمصر في ذلك الوقت مكانةٌ فهميةٌ كمكانة بغداد أوتقاربها، فهوأنه في سنة 198 هـ كانت الخلافة لعبد الله المأمون، وفي عهد المأمون ساد أمر لا يستطيب الشافعيُ الإقامةَ في ظله، وهوحتى المأمون كان من الفلاسفة المتحدثين، فأدنى إليه المعتزلة، وجعل منهم كُتَّابَه وحُجَّابَه وجلساءَه، والمقرَّبين إليه الأدنين، والمحكَّمين في الفهم وأهله، والشافعي كان ينفر من المعتزلة ومناهج بحثهم، ويفرض عقوبة على بعض من يخوض مثل خوضهم، ويتحدث في العقائد على طريقتهم، فما كان لمثل الشافعي حتى يرضى بالمقام معهم، وتحت ظل الخليفة الذي مكَّن لهم، حتى أدَّاه الأمرُ بعد ذلك إلى حتى أنزل بالفقهاء والمحدثين المحنة التي تسمى محنة خلق القرآن، وروي حتى المأمون عرض على الشافعي حتى يولِّيَه القضاء، فاعتذر الشافعي.

رحلته إلى مصر

لم يَطِبْ للشافعي المقامُ ببغداد، وكان لا بد من الرحيل منها، ولم يجد مهاجَراً ولا سَعةً إلا في مصر، ذلك حتى واليَها عباسيٌ هاشميٌ قرشيٌ، نطق ياقوت الحموي: «وكان سبب قدومه إلى مصر حتى العباس بن عبد الله بن العباس بن موسى بن عبد الله بن عباس نادىه، وكان العباسُ هذا خليفةً لعبد الله المأمون على مصر». ولقد نطق الشافعي عندما أراد السفر إلى مصر:

لقد أصبحتْ نفسي تتوق إلى مصرِ ومن دونها بترُ المهامةِ والفقرِ
فواللـه ما أدري، الفوزُ والغنى أُساق إليها أم أُساق إلى القبرِ

قدم الشافعي مصر سنة 199 هـ، ومات فيها سنة 204 هـ، وقد رُوي عن الربيع بن سليمان أنه نطق: ونطق لي يوماً (يقصد الشافعي): «كيف هجرت أهل مصر؟»، فقلت: «هجرتهم على ضربين: فرقةٌ منهم قد مالت إلى قول مالك، وأخذت به واعتمدت عليه وذبَّت عنه وناضلت عنه، وفرقةٌ قد مالت إلى قول أبي حنيفة، فأخذت به وناضلت عنه»، فنطق: «أرجوحتى أقدم مصر إذا شاء الله، وآتيهم بشيء أشغلهم به عن القولين جميعاً». نطق الربيع: «فعمل ذلك والله حين ولج مصر».

ولما قدم الشافعي مصر هبط على أخواله الأزد، نطق ياسين بن عبد الواحد: لما قدم علينا الشافعي مصر، أتاه جَدِّي وأنا معه فسأله حتى ينزلَ عليه، فأبى ونطق: «إني أريد حتى أنزل على أخوالي الأزد»، فنزل عليهم. وقد ذكر الإمام أحمد حتى الشافعي قصد من نزوله على أخواله متابعةَ السنةِ فيما عمل النبي حين قدم المدينة من النزول على أخواله، فقد هبط النبي حين قدم المدينة على بني النجار، وهم أخوال عبد المطلب.

ونطق هارون بن سعد الأيلي: ما رأيت مثل الشافعي، قدم علينا مصر، فنطقوا: «قدم رجلٌ من قريش»، فجئناه وهويصلي، فما رأيت أحسنَ صلاةً منه، ولا أحسنَ وجهاً منه، فلما قضى صلاته تحدث، فما رأيت أحسنَ كلاماً منه، فافتتنَّا به.

مجادلته لمخالفيه وأسلوبه في ذلك

بعد قدوم الشافعي إلى بغداد سنة 195 هـ، بل قبل ذلك في دراسته بمكة، كان صاحبَ طريقة جديدة في الفقه، وصاحبَ آراءٍ جديدةٍ فيه تنفصل عن آراء الإمام مالك، ولكنه لم يتجهْ إلى آراء مالك بنقد أوتزييف، بل كان يُلقي بآرائه خالفت أووافقت رأيَ مالك من غير نقد له، ولذلك كان يُعَدُّ من أصحاب مالك، وإن كان في جملة آراءه ما يخالفه قليلاً أوكثيراً، كما خالف بعضُ أصحاب مالك مالكاً، وكما خالف بعضُ أصحاب أبي حنيفة شيخَهم، ولكن وقع ما اضطر الشافعي إلى حتى يتجه لآراء شيخه مالكٍ بالنقد، ذلك أنه بلغه حتى مالكاً تُقدَّس آثارُه وثيابُه في بعض البلاد الإسلامية، وأن من المسلمين أناساً يُتحدَّث إليهم بحديث رسول الإسلام محمد، فيُعارضون الحديث بقول مالك، فتقدم الشافعي الذي لقبه الفهماء في عصره بناصر الحديث، ووجد طريقاً معيَّناً ليسلكَه، وهوحتى ينقدَ آراءَ مالك، ليفهم الناسُ حتى مالكاً بشرٌ يخطئ ويصيب، وأنه لا رأي له مع الحديث، فألف في ذلك كتاباً سماه "خلاف مالك"، ولكنه تردد في إعلانه وفاءً لمالكٍ شيخِه وأستاذِه، والذي كان يقول عنه طوال حياته أنه الأستاذ، يتردد بين إرشاد الناس لما رآه أخطاءً لمالك، وهويخشى على السُنَّة من تقديس الناس له، وبين الوفاء له، فطوى الكتاب لمدة سنة وهومتردد، ثم استخار فنشره.

ويروي الفخر الرازي: «أن الشافعي إنما وضع الكتاب على مالك لأنه بلغه حتى بالأندلس قلنسوة لمالك يُستقى بها، وكان ينطق لهم نطق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيقولون قولَ مالك، فنطق الشافعي: «إن مالكاً آدمي قد يخطئ ويغلط»، فصار ذلك داعياً للشافعي إلى وضع الكتاب على مالك، وكان يقول: «كرهت حتى أعمل ذلك، ولكني استخرت الله تعالى فيه سنة»».

أدى نقدُ الشافعي للإمام مالك إلى وقوعه في المتاعب والمصاعب، وذلك لأن الإمامَ مالكاً كان له المكانُ الأولُ بين المجتهدين في مصر، فثار على الشافعي المالكيون ينقُدونه ويجرِّحونه ويطعنون عليه، حتى مضى جمهرتُهم إلى الوالي يطلبون إخراجَه، ويقول في ذلك الرازي: «لما وضع الشافعيُّ كتابَه على مالك مضى أصحابُ مالك إلى السلطان والتمسوا منه إخراج الشافعي». ولم ينقد الشافعي آراء مالك فقط، بل نقد مِن قبلُ آراءَ العراقيين أبي حنيفة وأصحابِه وغيرِهم من فقهاء العراق، كما نقد آراءَ الأوزاعي، وكان لكل هؤلاء أنصارٌ من رجال الفقه في عهده، يتعصبون لهم وينافحون عنهم، فبنقدهم انبثق على الشافعي البثقُ الكبيرُ من الجدل والمناظرة، فكان يجادل ويصاول، من غير حتى يمسَّ صاحبَ الرأي بسوء.

كان الشافعي يميل في جداله دائماً إلى نصرة الحديث ورجال الحديث، مع فهمه بالجدل وأساليبه، وقد بهت أهلَ الرأي في أول التقائه بهم في بغداد سنة 184 هـ، ويقول الرازي في ذلك:

الناس كانوا قبل زمان الشافعي فريقين: أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، أما أصحاب الحديث فكانوا حافظين لأخبار رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، إلا أنهم كانوا عاجزين عن النظر والجدل، وحدثا أورد عليهم أحد من أصحاب الرأي سؤالاً أوإشكالاً سقطوا في أيديهم عاجزين متحيرين، وأما أصحاب الرأي فكانوا أصحاب النظر والجدل، إلا أنهم كانوا عاجزين عن الآثار والسنن، وأما الشافعي رضيَ الله عنه فكان عارفاً بسنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، محيطاً بقوانينها، وكان عارفاً بآداب النظر والجدل قوياً فيه، وكان فصيحَ الكلام، قادراً على قهر الخصوم بالحجة الظاهرة، وآخذاً في نصرة أحاديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكل من أورد عليه سؤالاً أوإشكالاً أجاب عنه بأجوبة شافية كافية، فانبتر بسببه استيلاءُ أهل الرأي على أصحاب الحديث.

ولما أصَّل الأصولَ ووضع القواعدَ، عثر حتى بعض الفقهاء من أهل الحجاز يخرج على هذه الأصول ولا يتقيد بها، ومنهم شيخه الإمام مالك، فوجده يأخذ بالأصل ويهجر الفرع، ويأخذ الفرع ويهجر الأصل، فجادل أهل الحجاز أيضاً، وبذلك قضى حياته كلَّها في نضال لأجل فقه الشريعة الإسلامية.

وفاته

عندما أراد الشافعي السفر إلى مصر نطق هذه الأبيات:

لقد أصبحتْ نفسي تتوق إلى مصرِ ومن دونها بترُ المهامةِ والقفرِ
فواللـه ما أدري، أللفوزُ والغنى أُساق إليها أم أُساق إلى القبرِ

قيل: فوالله لقد سيق إليهما جميعاً. كما عثر الشافعي حتى اصحاب الممضى المالكي يتعصبون بشدة للامام مالك ويقدمونه في الفقه على حديث رسول الله، نطق الامام البيهقي «إن الشافعي إنما وضع الخط على مالك (أي في الرد على مالك) لأنه بلغه حتى ببلاد الأندلس قلنسوة كانت لمالك يُستسقى بها. وكان ينطق لهم: "نطق رسول الله". فيقولون: "نطق مالك". فنطق الشافعي: "إن مالكاً بَشَرٌ يخطئ". فنادىه ذلك إلى تصنيف الكتاب في اختلافه معه». ثم ألف الإمام الشافعي كتاباً يرد به على الإمام مالك وفقهه، فغضب منه المالكيون المصريون بسبب الكتاب وأخذوا يحاربون الشافعي، وتعرض للشتم القبيح المنكَر من عوامهم، والنادىء عليه من فهمائهم. يقول الكندي: لما ولج الشافعي مصر، كان ابن المنكدر يصيح خلفه: «دخلتَ هذه البلدة وأمرنا واحد، ففرّقت بيننا وألقيت بيننا الشر. فرّقَ الله بين روحك وجسمك» . واصطدم كذلك بأحد تلاميذ الامام مالك المقربين ممن ساهم بنشر ممضىه في مصر، وهوأشهب بن عبد العزيز. وكان أشهب يدعوفي سجوده بالموت على الإمام الشافعي. وروى ابن عساكر عن محمد بن عبد الله بن عبدِ الْحَكَمِ أَنَّ أَشْهَبَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ أَمِتْ الشَّافِعِيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ أَبْقَيْتَهُ اِنْدَرَسَ مَذْهَبُ مَالِكٍِ". وروى ذلك ابن مندة عن الربيع أنه رأى أشهب يقول ذلك في سجوده. ثم قام المالكية بضرب الإمام الشافعي ضرباً عنيفاً بالهراوات حتى تسبب هذا بقتله وعمره 54 عاماً فقط، ودُفن بمصر.

وينطق حتى سبب موت الشافعي هوسقم البواسير الذي أصابه، فقد روى الربيع بن سليمان حالَ الشافعي في آخر حياته فنطق: «أقام الشافعي ها هنا (أي في مصر) أربع سنين، فأملى ألفاً وخمسمئة ورقة، وخرَّج كتاب الأم ألفي ورقة، وكتاب السنن، وأشياء كثيرة كلها في مدة أربع سنين، وكان عليلاً شديد العلة، وربما خرج الدم وهوراكب حتى تمتلئ سراويله وخفه (يعني من البواسير)». ونطق الربيع أيضاً: ولج المزنيَّ على الشافعي في سقمه الذي توفي فيه فنطق له: «كيف أصبحت يا أستاذ؟»، فنطق: «أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقاً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله وارداً، ولسوء عملي ملاقياً». نطق: ثم رمى بطرفه إلى السماء واستبشر وأنشد:

إليك إلـهَ الخلـق أرفــع رغبتي وإن كنتُ يا ذا المن والجود مجرماً
ولما قسـا قلبي وضـاقت مذاهبي جعلت الرجـا مني لعفوك سُلَّمــاً
تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنتــه بعفوك ربي كان عـفوك أعظمــا
فما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تزلْ تـجـود وتعـفومنةً وتكرُّمـــاً
فلولاك لـم يصمِـد لإبلـيسَ عابدٌ فكيف وقد أغوى صفيَّك آدمـــاً
فياليت شعــري هل أصير لجنَّةٍ أهنـــا وأمـا للسعير فأندمــا
فلله دَرُّ العـــارفِ الـنـدبِ إنه تفيض لفرط الوجد أجفانُه دمـــاً
يقيـم إذا مـا الليلُ مدَّ ظلامَــه على نفسه من شدة الخوف مأتمـاً
فصيحاً إذا ما كـان في ذكـر ربه وفيما سِواه في الورى كان أعجمـاً
ويذكر أيامـاً مضـت من شبابـه وما كان فيها بالجهـالة أجرمـــا
فصار قرينَ الهم طولَ نهـــاره أخا السُّهْد والنجوى إذا الليلُ أظلمـا
يقول: حبيبي أنـت سؤلي وبغيتي كفى بك للراجـيـن سؤلاً ومغنمـاً
ألـستَ الذي غذيتني وهــديتني ولا زلت منَّـانـاً عليّ ومُنعـمــاً
عسى من لـه الإحسانُ يغفر زلتي ويستر أوزاري ومـا قـد تقدمــا
تعاظمني ذنبـي فأقبلت خاشعــاً ولولا الرضـا ما كنتَ يارب منعمـاً
فإن تعفُ عني تعفُ عـن متمرد ظلوم غشــوم لا يـزايـل مأتمـاً
فإن تنتـقـم مني فلست بآيـسٍ ولوأدخلوا نفسي بجــرمٍ جهنمـاً
فجرمي عظيمٌ من قديم وحــادث وعفوُك يأتي العبدَ أعلى وأجسمــا
حوالَيَّ فضلُ الله من جميع جانـب ونورٌ من الرحمن يفترش السمــا
وفي القلب إشراقُ المحب بوصله إذا قارب البـشرى وجاز إلى الحمى
حوالَيَّ إينــاسٌ من الله وحـده يطالعني في ظلـمـة القبر أنجُمــاً
أصون ودادي حتى يدنِّسَـه الهوى وأحفظ عـهدَ الـحب حتى يتثلَّمــا
ففي يقظتي شوقٌ وفي غفوتي مُنى تلاحـق خـطوي نـشوةً وترنُّمـاً
ومن يعتصم بالله يسلمْ من الورى ومن يرجُهُ هـيهات حتى يتندمـــا
مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة

ومات الشافعي، في آخر ليلة من رجب سنة 204 هـ، وقد بلغ من العمر أربعة وخمسين عاماً، نطق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري: «وُلد الشافعي سنة خمسين ومائة، ومات في آخر يوم من رجب، سنة أربع ومائتين، عاش أربعاً وخمسين سنة»، ونطق الربيع بن سليمان: «توفي الشافعي ليلة الجمعة، بعد العشاء الآخرة بعدما صلى المغرب آخر يوم من رجب، ودفناه يوم الجمعة، فانصرفنا، فرأينا هلال شعبان، سنة أربع ومائتين».

ضريحه

ضريح الإمام الشافعي (أوقبة الإمام الشافعي) تعبير عن غرفة تشغل مسطحاً مربعاً محاطاً بأربعة حوائط سميكة، وبُنيت قبة على ذلك المربع، تصل إلى ازدياد 27 متراً من سطح الأرض، وتتكون القبة من طبقتين: الأولى خشبية داخلية، والثانية خارجية مصنوعة من الرصاص، وللضريح ثلاثة محاريب تتجه نحومكة، عند حائط اتجاه قبلة الصلاة، وهناك باب في جميع من الحائطين الشرقي والشمالي، والحوائط الداخلية مغطاة بالرخام. وقد بنى السلطان صلاح الدين ناووساً (تابوتاً) وضعه فوق قبر الإمام الشافعي في عام 574 هـ الموافق 1178 م، والناووس مصنوع من خشب الساج الهندي، ومزخرفٌ بحُلْية دقيقةٍ وآياتٍ من القرآن، وبعد ذلك بُني مسجدٌ يضم ضريح الإمام الشافعي، ويوجد فوق قمة القبة من الخارج عشارى من النحاس الأصفر، وترمز إلى عِلم الإمام الشافعي. ويعد هذا الضريحُ واحداً من أكبر الأضرحة المفردة في مصر.

أخلاقه وصفاته

هذه الموضوعة جزء من سلسلة الإسلام عن:

الذكاء وغزارة الفهم

لقد شغل الشافعيُّ الناسَ بفهمه وعقله، شغلهم في بغداد وقد نازل أهل الرأي، وشغلهم في مكة وقد ابتدأ يَخرج عليهم بفقه حديث يتجه إلى الكليات بدل الجزئيات، والأصول بدل الفروع، وشغلهم في بغداد وقد أخذ يفهم خلافات الفقهاء وخلافات بعض الصحابة على أصوله التي اهتدى إليها.

فقد أوتي الشافعي فهم اللغة العربية، وأوتي فهم الكتاب، ففَقِهَ معانيه، وطبَّ أسراره ومراميه، وقد ألقى شيئاً من ذلك في دروسه، نطق بعض تلاميذه: «كان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شاهد التنزيل»، وأوتي فهم الحديث، فحفظ موطأ مالك، وضبط قواعد السُّنَّة، وفهم مراميها والاستشهاد بها، وفهم الناسخ والمنسوخ منها، وأوتي فقه الرأي والقياس، ووضع ضوابط القياس والموازين، لفهم سليمه وسقيمه، وكان يدعوإلى طلب العلوم، فقد كان يقول: «من تفهم القرآن عظمت قيمته، ومن خط الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه فهمه».

وكان مجلسه للفهم جامعاً للنظر في عدد من العلوم، نطق الربيع بن سليمان:

كان الشافعي رحمَه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح، فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا واتى أهل الحديث، فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا واتى أهل العربية والعروض والنحووالشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار.

ومما روي عن ذكائه أنه كان ذاتَ مرةٍ جالساً مع الحميدي ومحمد بن حسن يتفرسون الناس، فمر رجل فنطق محمد بن الحسن: «يا أبا عبد الله انظر في هذا»، فنظر إليه وأطال، فنطق ابن الحسن: «أعياك أمره؟»، نطق: «أعياني أمره، لا أدري خياط أونجار»، نطق الحميدي: فقمت إليه فقلت له: «ما صناعة الرجل؟»، نطق: «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط».

وقد وصف أبوزكريا السلماسي فهمه فنطق:

جمع أشتات الفضائل، ونظم أفراد المناقب، وبلغ في الدين والفهم أعلى المراتب، إذا ذُكر التفسيرُ فهوإمامه، أوالفقهُ ففي يديه زمامه، أوالحديثُ فله نقضه وإبرامه، أوالأصولُ فله فيها الفصوص والفصول، أوالأدبُ وما يتعاطاه من العربية العرب فهومبديه ومعيده، ومعطيه ومفيده، وجهه للصباحة، ويده للسماحة، ورأيه للرجاحة، ولسانه للفصاحة، إمام الأئمة، ومفتي الأمة، والمصباح الزاهر في الظلمة، في التفسير ابن عباس، وفي الحديث ابن عمر، وفي الفقه معاذ، وفي القضاء علي، وفي الفرائض زيد، وفي القراءات أُبَيّ، وفي الشعر حسان، وفي كلامه بين الحق والباطل فرقان.

التواضع والكرم

كان الشافعي متواضعاً مع كثرة فهمه وتنوعه، ومما يشير على ذلك قوله: «ما ناظرت أحداً فأحببت حتى يخطئ، وما في قلبي من فهم إلا وددت أنه عند جميع أحد ولا ينسب إلي»، وعن الربيع بن سليمان أنه نطق: «سمعت الشافعي، ودخلت عليه وهومريض، فذكر ما وضع من خطه، فنطق: لوددت حتى الخلق تفهمه، ولم ينسب إلي منه شيء أبداً»، وعن حرملة بن يحيى أنه نطق: سمعت الشافعي يقول: «وددت حتى جميع فهم أعلَمه تعلَمه الناس، أوجر عليه ولا يحمدوني». ونطق أحمد بن حنبل: نطق لنا الشافعي: «أنتم أفهم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث سليماً فأفهموني، كوفياً كان أوبصرياً أوشامياً، حتى أمضى إليه إذا كان سليماً».

كما كان الشافعي معروفاً بالكرم والسخاء، ومن ذلك ما نطقه الربيع بن سليمان: تزوجت، فسألني الشافعي: «كم أصدقتها؟»، فقلت: «ثلاثين ديناراً»، فنطق: «كم أعطيتها؟»، قلت: «ستة دنانير»، فصعد داره، وأوفد إلي بصرَّة فيها أربعة وعشرون ديناراً. ونطق عمروبن سواد السرحي: كان الشافعي أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام، فنطق لي الشافعي: «أفلستُ في عمري ثلاث إفلاسات، فكنت أبيع قليلي وكثيري، حتى حليّ ابنتي وزوجتي، ولم أرهن قط».

الورع والعبادة

كان الشافعي ورعاً كثير العبادة، فقد كان يختم القرآن في جميع ليلة ختمة، فإذا كان شهر رمضان ختم في جميع ليلة منها ختمة، وفي جميع يوم ختمة، وكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة. وعن الربيع بن سليمان المرادي المصري أنه نطق: «كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة، جميع ذلك في صلاة».

ونطق الحسين بن علي الكرابيسي: «بتُّ مع الشافعي ثمانين ليلة، كان يصلي نحوثلث الليل، لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوّذ بالله منها، وسأل النجاة لنفسه ولجميع المسلمين، وكأنما جُمع له الراتىُ والرهبةُ».

ومما روي عن ورعه ما نطقه الحارث بن سريج: «أراد الشافعي الخروج إلى مكة، فأسلم إلى قصّارٍ ثياباً بغداديةً مرتفعةً، فسقط الحريق، فاحترق دكان القصار والثياب، فاتى القصارُ ومعه قومٌ يتحمل بهم على الشافعي في تأخيره ليدفع قيمة الثياب، فنطق له الشافعي: قد اختلف أهل الفهم في تضمين القصّار، ولم أتبين حتى الضمان يجب، فلست أضمنك شيئاً».

{|style=" ; background-color:transparent; margin:auto auto;"
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديعُ
لوكان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيعُ
في جميع يوم يبتديك بنعمة منه وأنت لشكر ذاك مضيعُ


محمد بن إدريس الشافعي

| ونطق الحارث بن سريج: دخلت مع الشافعي على خادم للرشيد، وهوفي بيت قد فرش بالديباج، فلما وَضع الشافعيُ رجلَه على العتبة أبصره (أي أبصر الديباج)، فرجع ولم يدخل، فنطق له الخادم: «ادخل»، فنطق: «لا يحل افتراشُ هذا»، فقام الخادمُ متمشياً، حتى ولج بيتاً قد فرش بالأرمني، فدخل الشافعي، ثم أقبل عليه فنطق: «هذا حلال، وذاك حرام، وهذا أحسن من ذاك وأكثر ثمناً منه»، فتبسم الخادم، وسكت.

وعن الربيع بن سليمان أنه نطق: نطق الشافعي: «ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعةً اطّرحتها (يعني فطرحتها)؛ لأن الشبعَ يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة». ونطق الربيع بن سليمان: «كان الشافعي جزَّأ الليل ثلاثة أجزاء: الأول يخط، والثاني يصلي، والثالث ينام».

الحث على طلب الفهم

كان الشافعيُّ يدعوإلى طلب الفهم فيقول: «من تفهم القرآن عظمت قيمته، ومن خط الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبُل قدره، ومن نظر في اللغة رَقَّ طبعُه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه فهمه».

وعن الحميدي أنه نطق: «كان الشافعي من الممكن ألقى علي وعلى ابنه أبي عثمان المسألة، فيقول: «أيكما أصاب فله دينار»»، وعن الربيع بن سليمان أنه نطق: سمعت الشافعي يقول: «طلب الفهم أفضل من صلاة النافلة».

شيوخه

تخطيط لاسم الإمام الشافعي ملحوق بنادىء الرضا عنه

تلقى الشافعي الفقه والحديث على شيوخ قد تباعدت أماكنهم، وتخالفت مناهجهم، حتى لقد كان بعضهم معتزلياً ممن كانوا يشتغلون بفهم الكلام الذي كان الشافعي ينهى عنه، ولقد نال منهم ما رآه خيراً، فأخذ ما يراه واجبَ الأخذ، وهجر ما يراه واجبَ الرد. لقد أخذ الشافعي عن شيوخ بمكة وشيوخ بالمدينة وشيوخ باليمن وشيوخ بالعراق، ومشايخُه الذين روى عنهم كثيرون، أما المشهورون منهم والذين كانوا من أهل الفقه والفتوى فهم عشرون، خمسة مكية، وستة مدنية، وأربعة يمانية، وخمسة عراقية.

أما الذين من أهل مكة فهم:

  1. سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي.
  2. مسلم بن خالد بن فروة الزنجي.
  3. سعيد بن سالم القداح.
  4. داود بن عبد الرحمن العطار.
  5. عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد.

وأما الذين من أهل المدينة فهم:

  1. مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المدني.
  2. إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري.
  3. عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي.
  4. إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي.
  5. محمد بن أبي سعيد بن أبي فُدَيْك.
  6. عبد الله بن نافع الصائغ.

وأما الذين من أهل اليمن فهم:

  1. مُطَرَّف بن مازن الصنعاني.
  2. هشام بن يوسف الصنعاني قاضي صنعاء.
  3. عمروبن أبي سلمة التنيسي، وهوصاحب الأوزاعي.
  4. يحيى بن حسان بن حيان التنيسي البكري، وهوصاحب الليث بن سعد.

وأما الذين من أهل العراق فهم:

  1. محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الحنفي.
  2. وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي.
  3. حماد بن أسامة بن زيد، أبوأسامة الكوفي.
  4. إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم البصري.
  5. عبد الوهّاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي البصري.

ومن هذا السياق يُستفاد حتى الشافعي قد تلقى الفهم على عدد من الشيوخ أصحابِ المذاهب والنزعات المتنوعة، وبذلكقد يكون قد تلقى فقهَ أكثرِ المذاهب التي قامت في عصره، فتلقى فقه الإمام مالك عليه، وكان هوالأستاذ في شيوخه، وتلقى فقه الأوزاعي عن صاحبه عمروبن أبي سلمة، وتلقى فقه الليث بن سعد فقيه مصر عن صاحبه يحيى بن حسان، ثم تلقى فقه أبي حنيفة وأصحابه على محمد بن الحسن الشيباني. إلى غير ذلك اجتمع له فقه مكة والمدينة والشام ومصر والعراق، ولم يجد حرجاً في حتى يطلب الفقه عند من اشتهر بالاعتزال وعُرف أنه لا يَسلُكُ في طلب أصول الاعتقاد مسلك أهل الحديث والفقه، وإن رحلاتِه الفهميةَ جعلته لا يقتصر في دراسته على فقهاء أهل السنة والجماعة الذين دخلوا في طاعة الخلفاء، بل كان يفهم آراء الشيعة وغيرِهم، ويظهر أثر ذلك في ثنائه على بعض فهمائهم، فقد روي عنه أنه نطق: «من أراد الفقه فهوعيال على أبي حنيفة، ومن أراد السِّيَرَ فهوعيال على محمد بن إسحاق، ومن أراد الحديث فهوعيال على مالك، ومن أراد التفسير فهوعيال على مقاتل بن سليمان»، ومقاتل بن سليمان هذا الذي جعله الشافعي إمام التفسير شيعي زيدي.

ذريته

أنجب الشافعي أربعة أبناء هم: محمد (أبوعثمان)، وفاطمة، وزينب من أم واحدة، ومحمد (أبوالحسن) من جاريته المسماة دنانير.

أما محمد بن الشافعي: فهوالشيخ أبوعثمان القاضي، وهوأكبر أولاد الشافعي، ولما توفي والده كان بالغاً مقيماً بمكة، وهوالذي نطق له الإمام أحمد بن حنبل: «إني لأحبك لثلاث خلال: أنك ابن أبي عبد الله، وأنك رجل من قريش، وأنك من أهل السنة». قيل أنه ولي القضاء ببغداد، وقيل حتى هذا غير سليم، إنما ولي القضاء بالجزيرة العربية وأعمالها، وولي أيضاً القضاء بمدينة حلب، وبقي بها سنين كثيرة، وأعقب ثلاثة بنين منهم: العباس بن محمد بن محمد بن إدريس. وقد قيل للشافعي: «ما اسم أبي عثمان؟»، فنطق: «سميته أحب الأسماء إلي: محمداً». ولأبي عثمان مناظرة مع الإمام أحمد بن حنبل في جلود الميتة إذا دُبغت. وعن محمد بن محمد بن إدريس الشافعي أنه نطق: نطق لي أحمد ابن حنبل: «أبوك أحد الستة الذين أدعولهم في السحر». توفي بالجزيرة بعد سنة أربعين ومائتين (240 هـ).

وللشافعي ولد آخر يسمى محمداً أيضاً، وكنيته أبوالحسن، وهومن جارية اسمها دنانير، قيل أنه قدم مصر مع أبيه وهوصغير، فتوفي بها في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين (231 هـ). وأما ابنته فاطمة فقد روي أنها لم تعقب.

تلاميذه والرواة عنه

تلقى كثيرٌ من طلاب الفهم والمتفقِّهين الفهمَ على الإمام الشافعي، كما روى عنه أناسٌ كثيرون منهم:

  1. إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبوثور الكلبي البغدادي.
  2. أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الذهلي وهوأحد الأئمة الأربعة.
  3. إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمروبن إسحاق، أبوإبراهيم المزني المصري، نطق فيه الشافعي: «المزني ناصر ممضىي».
  4. الحارث بن أسد أبوعبد الله المحاسبي، أحد مشايخ الصوفية.
  5. الحارث بن سريج البغدادي أبوعمروالننطق.
  6. حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي أبوحفص المصري.
  7. الحسن بن محمد بن الصباح أبوعلي البغدادي الزعفراني.
  8. الحسين بن علي بن يزيد أبوعلي البغدادي الكرابيسي.
  9. الربيع بن سليمان بن داود الجيزي أبومحمد الأزدي.
  10. الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن تام المرادي، نطق فيه الشافعي: «الربيع راويتي»، وقيل أنه آخر من روى عن الشافعي بمصر.
  11. عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله الأسدي القرشي، الإمام أبوبكر الحميدي المكي.
  12. يوسف بن يحيى القرشي أبويعقوب البويطي المصري، نطق فيه الشافعي: «ليس أحد أحق بمجلسي من أبي يعقوب، وليس أحد من أصحابي أفهم منه».
  13. سليمان بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس، أبوأيوب الهاشمي القرشي البغدادي.
  14. عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون، أبوالحسن الكناني المكي.
  15. بحر بن نصر بن سابق الخولاني، أبوعبد الله المصري.

مصنفاته

كتاب الأم للشافعي

للشافعي الكثير من المصنفات في أصول الفقه وفروعه، أما الخط التي تجمع أصول الفقه وتدل على الفروع فهي:

  1. كتاب الرسالة القديمة (خطه في بغداد)
  2. كتاب الرسالة الجديدة (خطه في مصر)
  3. كتاب اختلاف الحديث
  4. كتاب جمَّاع الفهم
  5. كتاب إبطال الاستحسان
  6. كتاب أحكام القرآن
  7. كتاب بيان فرض الله عز وجل
  8. كتاب صفة الأمر والنهي
  9. كتاب اختلاف مالك والشافعي
  10. كتاب اختلاف العراقيين
  11. كتاب الرد على محمد بن الحسن
  12. كتاب علي وعبد الله
  13. كتاب فضائل قريش

وهناك خط مصنفة في الفروع، وقد جمعت كلها في كتاب واحد اسمه كتاب الأم. وله كتاب في الطهارة، وكتاب في الصلاة، وكتاب في الزكاة، وكتاب في الحج، وكتاب في النكاح وما في معناه، وكتاب في الطلاق وما في معناه، وفي الإيلاء والظهار واللعان والنفقات، أملاها على أصحابه، ورواها عنه الربيع بن سليمان المرادي.

نطق الإمام النووي في بستان العارفين:

قلت: ومن المشهورين بكثرة التصنيف إمامنا الإمام أبوعبد الله محمد بن إدريس الشافعي، والإمام أبوالحسن الأشعري رضي الله تعالى عنهما، وقد عدد الإمام أبوبكر البيهقي - رحمه الله تعالى - مصنفات الشافعي....


ديوان شعره

كان الشافعي أديباً وشاعراً فصيحاً بالإضافة إلى معهدته للعلوم الشرعية الإسلامية، فقد ارتحل الشافعي إلى البادية في صغره، ولازم قبيلة هذيل التي كانت أفصح العرب وتعلَّمَ كلامها، وقد بلغ فهمه في اللغة العربية حتى الأصمعي الذي له مكانة عالية في اللغة نطق: «صححت أشعار هذيل على فتى من قريش ينطق له محمد بن إدريس».

ويتميز شعرُ الشافعي أنه لم يكن يَقصد منه التكسُّبَ أوالتقربَ إلى أصحاب المال والجاه والسلطان، بل كان شعرُه في أغلبه يتناول الحكمة ومناجاة الخالق، والنادىء والاستغفار والتندم على المعاصي. ولذلك انتشر شعره بين الناس، ولا يزال شعره متداولاً حتى الآن، وصارت بعض أبياته أمثالاً يتداولها الناس في حياتهم اليومية.

ومن قصائده المشهورة:

إذا شئتَ حتى تحيا سليماً من الأذى ودينك موفورٌ وعرضك صينُ
لسانُك لا تذكرْ به عورةَ امرئٍ فكلُّك عوراتٌ وللناس ألسنُ
وعينُك إذا أبدت إليك مَعايباً فصُنْها وقلْ يا عينُ للناس أعينُ
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى ودافعْ ولكنْ بالتي هي أحسنُ

وله أيضاً:

دعِ الأيامَ تعملُ مـا تشـــاءُ وطِبْ نفساً إذا حكم القضاءُ
ولا تجزع لحــادثة الليـالي فما لحوادث الدنيـا بقــاءُ
وكن رجلاً على الأهوال جلداً وشيمتُك السماحةُ والوفـاءُ
وإن كثرت عيوبُك في البرايـا وسَرَّك حتىقد يكون لها غطـاءُ
تستَّر بالسخــاء فكلُّ عيـبٍ يغطيه كما قيل السخـاءُ
ولا تُرِ للأعــداء قــطُّ ذلاً فإن شماتة الأعــدا بـلاءُ
ولا ترجُ السماحةَ من بخيـلٍ فما في النار للظمآن مــاءُ
ورزقُك ليس يُنقصه التــأني وليس يَزيد في الرزق العناءُ
ولا حزنٌ يدوم ولا ســرورٌ ولا بؤسٌ عليك ولا رخـاءُ
إذا ما كنتَ ذا قلبٍ قنــوعٍ فأنت ومالكُ الدنيا ســواءُ
ومن نزلتْ بساحته المنايــا فلا أرضٌ تقيه ولا سمــاءُ
وأرضُ الله واسعــةٌ ولكن إذا هبط القضا ضاق الفضاءُ
دع الأيام تغدرُ كلَّ حيــنٍ فما يُغني عن الموت الـدواءُ


فضله وثناء الناس عليه

ثناء النبي محمد عليه

روي عن أبي هريرة عن النبي محمد أنه نطق: «اللهم اهد قريشاً فإن عالمها يملأ طباق الأرض فهماً، اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً»، ونادى بها ثلاث مرات، نطق عبد الملك بن محمد أبونعيم: هذه الصفة لا تنطبق إلا على الشافعي رضيَ الله عنه. وقيل: فأجمعت الأمة على حتى هذا في الشافعي رضيَ الله عنه، فما خرج من قريش فقيهٌ وإمامٌ يبلغ فهمُه جميعَ البلادِ والأكنافِ والأطرافِ، يمناً وحجازاً وشاماً وعراقاً والثغور وخراسان وما وراء النهر إلا الشافعي رضيَ الله عنه.

وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه نطق: إذا سئلت عن مسألة لا أعهد فيها خبراً، قلت فيها بقول الشافعي رضيَ الله عنه، لأنه إمامٌ عالمٌ من قريش، وقد رُوي عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه نطق: «عالم قريش يملأ الأرض فهماً».

ثناء أحمد بن حنبل عليه

نطق عبد الملك الميموني: كنت عند أحمد بن حنبل، وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يحمله، ونطق: يُروى عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس جميع مائة سنة من يقرر لها دينها»، فكان عمر بن عبد العزيز رضيَ الله عنه على رأس المائة، وأرجوحتىقد يكون الشافعي عل رأس المائة الأخرى.

وعن إسحاق بن راهويه أنه نطق: كنا بمكة والشافعي بها، وأحمد بن حنبل بها، فنطق لي أحمد بن حنبل: «يا أبا يعقوب، جالس هذا الرجل (يعني: الشافعي)»، قلت: «ما أصنع به، وسنه قريب من سننا،يا ترى؟ أهجر ابن عيينة والمقبري؟»، فنطق: «ويحك! إذا ذاك يفوت، وذا لا يفوت»، فجالسته.

وعن أحمد بن حنبل أنه نطق: «كانت أقفيتُنا أصحابَ الحديث في أيدي أصحاب أبي حنيفة ما تُنزع، حتى رأينا الشافعي رضيَ الله عنه، وكان أفقه الناس في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ما كان يكفيه قليل الطلب في الحديث». ونطق أحمد بن حنبل: «إني لأدعولمحمد بن إدريس في صلاتي منذ أربعين سنة، فما كان فيهم (يعني الفقهاء) أتبع لحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منه».

ونطق عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: «أي رجل كان الشافعي، فإني أسمعك تكثر من النادىء له؟»، فنطق لي: «يا بني، كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف أومنهما عِوض». ونطق أحمد بن حنبل: «ما أحد أمسك في يده محبرة وقلماً إلا وللشافعي في عنقه مِنَّة».

ثناء بعض الفهماء عليه

أثنى على الشافعي الكثيرُ من الفهماء والفقهاء، وكان مما روي في مدحه والثناء عليه: قول أبوعبيد القاسم بن سلام: «ما رأيت رجلاً أعقل من الشافعي»، وفي رواية: «ما رأيت رجلاً قط أعقل ولا أورع ولا أفصح من الشافعي». ونطق يونس بن عبد الأعلى: «ما رأيت أحداً أعقل من الشافعي، لوجمعت أمة فجعلت في عقل الشافعي، لوسعهم عقله».

ونطق أبوثور: خط عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي رضيَ الله عنه وهوشاب حتى يضع له كتابا فيه معاني القرآن، ويجمع قبول الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ المنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب الرسالة، نطق عبد الرحمن: «ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعوالله للشافعي فيها».

وعن أيوب بن سويد الرملي أنه نطق لما رأى الشافعي: «ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثل هذا الرجل قط». وعن يحيى بن سعيد القطان أنه نطق: «إني لأدعوالله عز وجل للشافعي في جميع صلاة، أوفي جميع يوم». وعن أبي عبد الله نفطويه أنه نطق: «مثل الشافعي في الفهماء مثل البدر في نجوم السماء».

انتشار الممضى الشافعي عبر التاريخ

أماكن انتشار الممضى الشافعي (اللون الأزرق) في العالم

اجتهد الشافعي بمكة، ودرس أهلُ العراق ممضىه، ولكن الفهماء في ذلك الوقت لمقد يكونوا قد سلكوا الطريق الممضىي في دراستهم، بل كان جميع عالم يجتهد فيما يعرض له من المسائل اجتهاداً حراً، وقد يستعين بدراسة غيره، ليستن لنفسه طريقاً، وليكون له رأياً من غير حتى يتقيد بطريق من استعان به، ولا برأيه، ولم يكن ثمة تقليد إلا تقليد العامة لمن يستفتونهم من الفهماء، لذلك لم تصبح هذه البلاد شافعية باجتهاد الشافعي فيها، أودراسته لأهلها.

ولما أخذت ريح التقليد تهب بعد حتى اختار المجتهدون أوبعضُهم طريقة بعض الأئمة في الاجتهاد، ثم صار أهل الإقليم يقلدون إماماً، ويختارون ممضىه، كان الممضى الشافعي قد استقر في مصر، واستقام أهلها على طريقته، إذ شُغل الناسُ بدراسته عن الممضى المالكي الذي كان غالباً، والممضى الحنفي الذي كان معروفاً، لذلك كانت مصرُ المكانَ الذي صدر عنه الممضى الشافعي. وقد اتى في طبقات ابن السبكي عن مصر والشام بالنسبة للممضى الشافعي: هذان الإقليمان مركز ملك الشافعية منذ ظهر ممضى الشافعية، اليد العالية لأصحابه في هذه البلاد، لاقد يكون القضاء والخطابة في غيرهم.

انتشر الممضى الشافعي بعد مقامه في مصر، فظهر في العراق، وكثر أتباعه في بغداد، وغلب على كثير من بلاد خراسان وتوران والشام واليمن، ودخل ما وراء النهر، وبلاد فارس والحجاز وتهامة، وبعض بلاد الهند، وتسرب إلى بعض شمال أفريقيا، والأندلس بعد سنة 300 هـ.

انتشاره في مصر والسودان

فأما مصر التي تعتبر الموطنَ الأولَ للممضى الشافعي، فكان هوالسائدَ فيها بعد حتى تغلب على الممضىين الحنفي والمالكي، واستمر كذلك إلى حتى اتىت الدولة الفاطمية فأبطلت العمل به، وجعلت العمل على مقتضى ممضى الشيعة الإمامية، حتى اتى السلطان صلاح الدين الأيوبي فأسقط سلطانهم، وأحيا المذاهب المعروفة وأبطل العمل بالممضى الشيعي، وجعل للممضى الشافعي الحظَّ الأكبر من عنايته وعناية من اتىوا بعده من الأيوبيين، فقد كانوا جميعاً شافعيةً إلا عيسى بن العادل أبي بكر سلطان الشام، فإنه كان حنفياً.

ولما خلفت دولةُ المماليك البحرية دولة الأيوبيين، لم تنقص خطوة الممضى الشافعي، فقد كان سلاطينها من الشافعيين، إلا سيف الدين قطز الذي كان حنفياً، ولقد كان القضاء على الممضى الشافعي مدة هذه الدولة كسابقتها، إلى حتى أحدث الظاهر بيبرس فكرة حتىقد يكون القضاة أربعة، لكل ممضى قاضٍ يقضي بموجب ممضىه، ولكن جعل للشافعي مكاناً أعلى من سائر الأربعة. واستمرت الحال في دولة المماليك الجراكسة كما كانت في سابقتها حتى سيطر العثمانيون على ملك مصر، فأبطلوا القضاء بالمذاهب الأربعة واختصاص الشافعي بالمكانة العالية، وحصروا القضاء في الممضى الحنفي لأنه ممضىُهم، ولم يزل الأمر كذلك إلى اليوم، إلا أنه قد أُخذ الاقتباسُ من المذاهب الأخرى في الأحوال الشخصية والوقف والمواريث والوصايا، وهي المسائل التي بقي القضاء فيها على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية دون سواها. وإذا كان الممضى الشافعي قد فقد مكانته الرسمية في الدولة، فقد بقيت له منزلته في الشعب المصري، فإنه هووالممضى المالكي قد تغلغلا في نفس الشعب المصري، حتى إذا هذا الشعب يتديَّن في عبادته على مقتضى هذين الممضىين في ريف مصر وقراها إلى يومنا هذا، فالناس في ريف مصر في عباداتهم يختارون هذين الممضىين، والمالكي أغلب صعيد مصر، والشافعي في الوجه البحري.

ويقول أحمد شلبي: «ممضى الشافعي هوممضى الأغلبية الساحقة من سكان مصر»، ولا يزال يُدرس الممضى الشافعي بحماسة في الجامع الأزهر.

وأما في السودان فإن الممضى المالكي هوالسائد، إلا حتى بعض المناطق في شرق السودان كانت شافعية، وقد يعود ذلك إلى تأثير الدول المجاورة بالإضافة إلى مكة واليمن.

انتشاره في بلاد الشام

كان أهل الشام على ممضى الأوزاعي حتى وُلِّي قضاء دمشق بعد قضاء مصر أبوغرسة محمد بن عثمان الدمشقي الشافعي، والذي توفي بدمشق سنة 302 هـ، ولا بد حتى الممضى الشافعي كان قد سرى إلى الشام من مصر، لما بينهما من جوار، وللهجرة التي كان يقوم بها الفهماء، ولكن لأنه أولُ قاضٍ شافعي وُلي قضاء الشام، وكان القاضي قبل ذلك أوزاعياً، فقد عمل بنفوذه على إحلال ذلك الممضى محل ممضى الأوزاعي، وكان يشجع على حفظه ومعهدته بالهبات، فقد رُوي أنه كان يهب لمن يحفظ مختصر المزنيِّ منه مئة دينار. وبتوالي القضاة الشافعيين على الشام أخذ ممضى الأوزاعي في الانقراض، وممضى الشافعي في الغلب، ولم يتم له الغلب في حياة أبي غرسة، بل في عهد من اتىوا بعده من القضاة، فقد استمر ممضى الأوزاعي مع حتى القضاء أُخذ منه، وكان له مكانته في نفس الشعب الشامي، حتى لقد كان له مُفتون، وإن لم يكن له في آخر الأمر قضاة، فقد رُوي أنه في سنة 347 هـ توفي مفتي دمشق على ممضى الأوزاعي أبوالحسن أحمد بن سليمان بن حذلم، وكانت له حلقة كبيرة بالجامع، ويظهر أنه آخرُ مفتٍ لممضى الأوزاعي، ومن هذا يُفهم حتى ممضى الأوزاعي كان بالشام إلى منتصف القرن الرابع الهجري، وأنه لم تتم الغلبة للممضى الشافعي إلا عند ذلك.

انتشاره في العراق

كان لممضى أبي حنيفة مكانُه عند خلفاء بني العباس، لأن القضاة كانوا من الممضى الحنفي منذ حتى ولَّى الخليفة هارون الرشيد القاضي أبا يوسف الحنفي خطة القضاة. ومع ما كان لممضى أبي حنيفة من مكان بالعراق لهذه الرياسة، ولأنه موطن أبي حنيفة ومقامه، كان لممضى الشافعي أيضاً مكان لتلاميذ الشافعي الأولين به، ولهجرة كثيرين من أصحاب الشافعي إلى العراق، ولأن بغداد كانت حاضرة العالم الإسلامي، فكان الفهماء يفِدون إليها من جميع المذاهب ومختلف الآراء، لذلك كلِّه تزاحم الممضى الشافعي وممضى أبي حنيفة، وكانت له بجواره كثرة، وإن لم يكن معتنقوه هم الأكثر، ولكن كان كثيرون من أهل بغداد فيهم تعصب شديد لممضى أبي حنيفة، حتى إذا الخليفة القادر بالله ولى عهد القضاء قاضياً شافعياً، فثار أهل بغداد وانقسموا حزبين: حزب لا يؤيد التعيين وهوالأكثر، وحزب يناصره وهم الأقل عدداً، وسقطت الفتن بينهما، فاضطر الخليفة لإرضاء الأكثرين، وعزل القاضي الشافعيَ وأحل محله حنفياً، وكان ذلك في أواخر القرن الرابع الهجري. ومهما يكن من الأمر فقد كان لممضى الشافعي مكانٌ ببغداد، ولفهمائه منزلة، ولئن بُعِّدوا عن الرياسة، فقد سادوا بالفهم حتى كان أكثرُهم في موضع التجلة من الخلفاء، وإن كان القضاء في غيرهم.

انتشاره في الحجاز وتهامة والأحساء وعسير

يقول تاج الدين السبكي: وأما بلاد الحجاز فلم تبرح أيضاً منذ ظهور ممضى الشافعي، وإلى يومنا هذا في أيدي الشافعية القضاء والخطابة والإمامة بمكة والمدينة، والناس من خمسمائة وثلاث وستين سنة يخطبون في مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ويصلُّون على ممضى ابن عمه محمد بن إدريس، يقنُتُون في الفجر، ويجهرون بالتسمية، ويفردون الإقامة، إلى غير ذلك، وهوصلَّى الله عليه وسلَّم حاضر يُبصر ويَسمع، وفي ذلك أوضح مرشد على حتى هذا الممضى صواب عند الله تعالى.

ويقول أبراهيمُ الإسنويُّ (المتوفى سنة 772 هـ): فإن الشافعي رضيَ الله عنه وأرضاه قد حصل له في أصحابه من السعادة أمورٌ لم تتفق في أصحاب غيره، منها: أنهم المقدمون في المساجد الثلاثة الشهيرة، ومنها: حتى الحدثة لهم في الأنطقيم الفاضلة المشار إليها، وغالب الأنطقيم الكبار العامرة، المتوسطة في الدنيا، المتأصلة في الإسلام، وشعار الإسلام بها ظاهر منتظم، كالحجاز واليمن ومصر والشام والعراق وخراسان وديار بكر وإقليم الروم.

وانتشر الممضى الشافعي في تهامة في مكة المكرمة وجنوبيها من بلاد تهامة وكان الممضى السائد فيها.

وانتشر الممضى الشافعي في الأحساء (المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية)، وكذلك في دول الخليج العربي بشكل عام، تبعاً لبلاد فارس التي كانت حاضنة الممضى. وبعد الغزوالمغولي والحكم الصفوي، هاجر كثيرٌ من الشافعية من بلاد فارس إلى دول الخليج المجاورة واستقروا بها، ويُعد إقليم الأحساء من أبرز التمركزات للشافعية في الجزيرة العربية، واشتهر منهم مجموعة من الفهماء.

وأما في عسير فإن الممضى الشافعي يكاد يغشى معظم المناطق فيها، وهوالممضى السائد فيها إلى جوار الممضى الزيدي.

انتشاره في اليمن

كان انتشار الممضى الشافعي في اليمن في بداية القرن الخامس الهجري، أي بعد استقرار الممضى، وللأيوبيين دور كبير في نشر نادىئم الممضى باليمن، ولفقهاء الشافعية باليمن جهود مشهورة في خدمة الممضى. انتشر الممضى في مخلاف الجند وصنعاء وعدن ومخلاف تهامة ومخلاف حضرموت، وصار ممضىَ الدولِ السُّنِّيَّةِ التي حكمت اليمن، والتي استقرت فيما يعهد باليمن الأسفل، ويتبع له إقليم حضرموت (جنوب اليمن) الذي انتشر فيه الممضى الشافعي أواسط القرن السابع الهجري، والذي يُعد من أبرز الأنطقيم التي استمر بها ممضى الشافعي، ويتميَّزُ مجتمعه بالالتزام التام بأحكامه إلى يومنا هذا، وفي عهد الدولة القعيطية (1271 هـ - 1386 هـ)، كُتب مشروعُ قانونٍ للمحاكم الشرعية مستمدٌّ بأكمله من الممضى الشافعي، وتُعد هذه ظاهرةً فريدةً تميز بها هذا القطر.

ويقول تاج الدين السبكي: ومنهم (أي الشافعية) أهلُ اليمن، والغالب عليهم الشافعية، لا يوجد غير شافعي إلا حتىقد يكون بعض زيدية، وفي قوله: «الإيمان يمان والحكمة يمانية» مع اقتصار أهل اليمن على ممضى الشافعي دليلٌ واضحٌ على حتى الحق في هذا الممضى المطلبي.

انتشاره في البحرين وجنوب عُمان

في البحرين: الممضىان السائدان هما المالكية والشافعية.

وفي جنوب عُمان (ظفار): انتشر فيها الممضى الشافعي بحكم مجاورتها لحضرموت اليمن.

انتشاره في بلاد فارس وخراسان وما ورائهما

دخل الممضى الشافعي بلاد فارس، ويُنطق أنه لم يكن بفارس سوى ممضى الشافعي وممضى داود الظاهري (ظاهرية)، ولم يزالوا شافعيةً أوظاهريةً، والغالب عليهم ظاهرية، ولكن يظهر حتى الممضى الظاهري قد انقرض بعد ذلك، وغلب على الممضى الشافعي الممضىُ الشيعي، فإن فارس اليوم (أي إيران) تعتنق الممضى الإمامي الإثني عشري، وهوممضى الدولة الرسمي، والقضاء فيها على نظامه.

أما بلاد خراسان وسجستان وما وراء النهر، فقد كان الممضى الشافعي له مكانةٌ فيها، وكان الشافعيون يتناظرون مع غيرهم من أصحاب المذاهب التي كانت تسكن هذه البلاد، وأحياناً كان يصل الخلاف إلى اضطراب، كما كان يقع بينهم وبين الشيعة، أوبعض الحنفية والحنابلة أحياناً. ولقد تضافرت الأسباب لانتشار الممضى الشافعي بهذه البلاد، والأساس والعماد هوفهماء الممضى ونشاطُهم، ومحمد بن إسماعيل القفال الكبير الشاسي (المتوفى سنة 365 هـ) هوالذي أدخل ذلك في بلاد ما وراء النهر. ورُوي حتى الحافظ عبد الله محمد بن عيسى المروزي هوالذي أظهر ممضى الشافعي بمرووخراسان بعد أحمد بن سيار، وكان السبب في ذلك حتى ابن سيار حمل خط الشافعي إلى مرو، فأُعجب بها الناس، فنظر عبد الله المروزي في بعضها وأراد حتى ينسخها، فلم يمكِّنه ابن سيار، فباع ضيعة له وخرج إلى مصر، فأدرك الربيع وغيره من أصحاب الشافعي، ورجع إلى مرووابن سيار حيّ، ولقد توفي عبد الله المروزي هذا سنة 293 هـ. وبهذاقد يكون الفهماء هم الذين تولوا نشر ممضى الشافعي ونقله إلى الأنطقيم، ونقل خطه إلى الأنطقيم الشرقية النائية في ذلك الوقت، وكانوا لا يكتفون بنشره بين العامة، بل يُقنعون الولاة والسلاطين به.

انتشاره في كردستان وأرمينية والقوقاز وهجرستان الشرقية

كردستان هي المناطق التي يقطنها الشعب الكردي، وهي منطقة كبيرة تمتد من شمال العراق وجنوب هجريا وشمال سوريا وغرب إيران، وتصل إلى أرمينية والشيشان وداغستان، وغالبيتهم يتبعون الممضى الشافعي، ولهم جهود جليلة في خدمة الممضى.

وأما أرمينية، فالممضى الشافعي هوالممضى الغالب فيها، وذلك لأن أغلب مسلميها من أصل كردي.

كما يسود الممضىُ الشافعي لدى المسلمين في منطقة القوقاز (الشيشان)، بينما يشكل أتباع الممضى الحنفي الأكثرية لدى المسلمين في أعماق روسيا وسيبيريا.

وأما داغستان، وهي تقع بين جبال القوقاز وبحر الخزر (بحر قزوين)، فأهلها يتبعون الممضى الشافعي، وكانت لهم هجرات لطلب الفهم بمكة، خصوصاً في الفترة الأخيرة من عمر الممضى.

وأما هجرستان الشرقية فقد كان الغالب عليها الشافعية، ثم غلب عليها الحنفية أيام العثمانيين.

انتشاره في جنوب شرق آسيا والهند

دخل الممضى الشافعي جنوب شرق آسيا قديماً، وهي تضم: إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسيلان وتايلاند وبروناي، وقد رصد ذلك ابن بطوطة (المتوفى سنة 779 هـ) في رحلته حيث يقول: ذِكر سلطانِ الجاوة: وهوالسلطان الملك الظاهر، من فضلاء الملوك وكرمائهم، شافعيُّ الممضى، محبٌّ في الفقهاء، يحضرون مجلسه للقراءة والمذاكرة، وهوكثير الجهاد والغزو، ومتواضع يأتي إلى صلاة الجمعة ماشياً على قدميه، وأهل بلاده شافعية محبُّون في الجهاد، يخرجون معه تطوعاً، وهم غالبون على من يليهم من الكفار.

وهذه المناطق قد دخلها الممضى الشافعي عن طريق هجرة الحضارمة الذين هاجروا إلى تلك الأماكن، والأغلبية الساحقة من سكان تلك المناطق متممضىون بالممضى الشافعي، ومنذ زمن قديم يرحل أعداد كبيرة من الطلبة الإندونيسيين لطلب الفقه الشافعي، خصوصاً إلى مكة وحضرموت ومصر، ويعد هؤلاء من أبرز المجتمعات التي تتبنى الممضى الشافعي، نظراً لكثرة عددهم وعدم وجود ممضى آخر يُنافس الممضى الشافعي.

وينتشر الممضى الشافعي في جنوب الهند (مليبار): وهي الجزء الجنوبي الغربي من الساحل الهندي، وأغلب سكانه من الشافعية، قُدِّر عددُهم بمليون مسلم، وكانت لهم هجرات لطلب الفهم إلى مكة المكرمة.

انتشاره في المناطق الإفريقية الشرقية

انتشر الممضى الشافعي في الصومال وأريتريا وجيبوتي عن طريق اليمنيين الذين هاجروا إلى هذه المناطق بحكم القُرب، وغالبية سكانها شافعية. وقد رصد ذلك ابن بطوطة بقوله: وسافرتُ من مدينة عدن في البحر أربعة أيام، ووصلت إلى مدينة زيلع وهي مدينة البرابرة، وهم طائفة من السودان شافعية الممضى، وبلادهم صحراء مسيرة شهرين: أولها زيلع، وآخرها مقدشو.

وأما أثيوبيا (الحبشة) فبها قسم كبير من الشافعية، خصوصاً في القسم الجنوبي منها المتاخمِ للصومال، واشتهر منهم مجموعة من الفهماء.

وأما السواحل الشرقية الإفريقية (وهي تنزانيا وكينيا وأوغندا وجزر القمر ومدغشقر) فقد وصل الممضى الشافعي إليها مبكراً في القرن الرابع الهجري تقريباً عبر اليمن، ولا يزال الممضى الشافعي هوالسائد في بلاد شرقي إفريقية اليوم. وقد رصد ذلك ابن بطوطة حيث يقول: ثم ركبت من مدينة مقديشومتوجهاً إلى بلاد السواحل قاصداً مدينة "كلوا" من بلاد الزنوج، فوصلنا إلى جزيرة مَنْبَسَى وهي كبيرة، وهم شافعية الممضى).

المصادر

  1. ^ سير أعلام النبلاء، 8/236
  2. ^ طبقات الشافعيين، باب: ترجمة الشافعي رحمه الله
  3. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص198
  4. ^ طبقات الشافعيين، باب: ترجمة الشافعي رحمه الله، وهذا القول للربيع بن سليمان
  5. ^ المفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى، علي بن نايف الشحود، الجزء أربعة الصفحة 23
  6. منازل الأئمة الأربعة، ص201
  7. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص16
  8. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص14
  9. طبقات الشافعيين، فصل: ذكر مولده ومنشئه وهمته العلية طالما صغره وصباه
  10. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص19
  11. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص18
  12. ^ توالي التأسيس، ص53
  13. ^ توالي التأسيس، ص51-52
  14. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص16-17
  15. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص17
  16. منازل الأئمة الأربعة، ص205
  17. توالي التأسيس، ص54
  18. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص18
  19. آداب الشافعي ومناقبه، ص21
  20. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص20
  21. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص18-19
  22. ^ توالي التأسيس، ص55
  23. ^ هذه رواية ابن أبي حاتم، ثنا الربيع بن سليمان المرادي، عن الحميدي، عن مسلم بن خالد الزنجي، كتاب طبقات الشافعيين
  24. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص30
  25. ^ هذه رواية ابن أبي حاتم، عن أبي محمد ابن بنت الشافعي، عن أبي الوليد، يعني: الجارودي، أوعمه أوأبيه أوكلهم، عن مسلم بن خالد، كتاب طبقات الشافعيين
  26. آداب الشافعي ومناقبه، ص31
  27. ^ هذه رواية الخطيب من وجه آخر عن الربيع، عن الحميدي، عن مسلم بن خالد الزنجي، كتاب طبقات الشافعيين
  28. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص19
  29. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص205-206
  30. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص20
  31. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص22
  32. ^ طبقات الشافعيين، فصل: في رحلته وطلبه الفهم وولايته بأرض نجران وظيفة الحكم
  33. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص23
  34. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص206
  35. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص20-21
  36. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص21
  37. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص25
  38. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص22
  39. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص22-23
  40. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص23
  41. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص24
  42. ^ توالي التأسيس، ص73
  43. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص26
  44. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص25
  45. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص25-26
  46. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص26-27
  47. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص27
  48. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص28
  49. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص28-29
  50. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص29
  51. ^ مناقب الشافعي، ج1 ص237-238
  52. ^ مناقب الشافعي، ج1 ص239
  53. ^ مناقب الشافعي، ج1 ص240
  54. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص29-30
  55. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص30
  56. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص31
  57. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص31-32
  58. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص32
  59. ^ توالي التأسيس، ص177
  60. ^ القضاة للكندي ص428
  61. ^ توالي التأسيس، ص147
  62. ^ توالي التأسيس، ص177-178
  63. ^ ديوان الإمام الشافعي، قصيدة: الرغبة في عفوالله
  64. ^ توالي التأسيس، ص179
  65. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص56
  66. ^ ضريح (أوقبة) الإمام الشافعي، مسقط مصر الخالدة نسخة محفوظة 19 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  67. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص33
  68. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص34-35
  69. منازل الأئمة الأربعة، ص215
  70. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص35
  71. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص212
  72. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص196-197
  73. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص68
  74. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص70
  75. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص93
  76. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص94
  77. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص74
  78. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص226
  79. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص76
  80. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص77
  81. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص78
  82. ^ مناقب الشافعي، ج1 ص242
  83. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص72
  84. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص41
  85. ^ انظر أيضاً: طبقات الشافعيين، فصل في ذكر مشايخه في القراءة والحديث والفقه
  86. ^ توالي التأسيس، ص62-71
  87. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص42
  88. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص48
  89. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص203
  90. ^ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، ج2 ص71-73، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1413 هـ.
  91. ^ طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، ج2 ص71-73
  92. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص55-56
  93. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص56-58
  94. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص58
  95. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص59-60
  96. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص60
  97. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص61
  98. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص62-63
  99. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص63-64
  100. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص64-65
  101. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص65-66
  102. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص66-67
  103. ^ ابن قاضي شهبة، ج1 ص70-72
  104. ^ طبقات الشافعية الكبرى، ج2 ص105
  105. ^ طبقات الشافعية الكبرى، ج2 ص108
  106. ^ طبقات الشافعية الكبرى، ج2 ص85
  107. ^ مناقب الشافعي، ج1 ص246-247
  108. ^ مناقب الشافعي، ج1 ص247-254
  109. ^ "بستان العارفين للنووي". روضة الباحث. مؤرشف من الأصل في 26 يناير 2020.
  110. ^ انظر ديوان الإمام الشافعي.
  111. الموسوعة العالمية للشعر العربي، ديوان الإمام الشافعي
  112. طبقات الشافعيين، فصل في ذكر فضائله وثناء الإئمة عليه رحمهم الله أجمعين
  113. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص221، وذكر ذلك أبونعيم والخطيب البغدادي
  114. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص33
  115. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص42
  116. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص221
  117. منازل الأئمة الأربعة، ص222
  118. ^ آداب الشافعي ومناقبه، ص32
  119. ^ منازل الأئمة الأربعة، ص224
  120. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص394
  121. الشافعي، محمد أبوزهرة، ص394-396
  122. ^ أحمد شلبي، المجتمع الإسلامي (مخطة النهضة المصرية، ط4)، (3/243)
  123. ^ مجموعة مترجمين، دائرة المعارف الإسلامية، 1933 م، (13/76)
  124. ^ حيدر إبراهيم، منطقٌ نُشر في صحيفة الصحافة السودانية، بعنوان (التعليم الديني المضمون والقضايا)، عدد 5181، تاريخ 19/11/2007 م
  125. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص396-397
  126. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص397-398
  127. ^ التاج السبكي، طبقات الشافعية الكبرى(1/326)
  128. ^ الإسنوي، طبقات الشافعية (1/4)
  129. ^ د.عبد الله محمد أبوداهش، أهل تهامة في القرون الإسلامية الوسيطة، (ط1-1999 م)، ص148
  130. ^ انظر: عبد الإله بن حسين العهدج، نبذة مختصرة عن الممضى الشافعي في الإحساء، (نشر المؤلف، ط1، 1427 هـ)
  131. أحمد تيمور باشا، نظرة في تاريخ حدوث المذاهب الأربعة، ص88
  132. ^ الموسوعة اليمنية، مركز دراسات الوحدة العربية ومؤسسة العفيف الثقافية، بيروت، ط2، 2003 م، (3/1676)، ود.حسين العمري، مئة عام من تاريخ اليمن الحديث (دارالفكر، دمشق، ط1، 1405 هـ)
  133. ^ أيمن فؤاد سيد، تاريخ المذاهب الدينية في اليمن (الدار المصرية اللبنانية، ط1، 1408 هـ)، ص63
  134. ^ سقاف علي الكاف، حضرموت عبر أربعة عشر قرنا (مخطة أسامة، بيروت، ط1، 1410 هـ)، ص58
  135. ^ انظر: محمد بن أحمد الشاطري، أدوار التاريخ الحضرمي (دار المهاجر، اليمن، 1994 م، ط3)، (2/401)
  136. ^ بشار يوسف الحادي، فهماء وأدباء البحرين في القرن الرابع عشر الهجري، (بيت البحرين للدراسات، البحرين، ط1، 1416 هـ)، (1/42)
  137. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص398
  138. ^ الشافعي، محمد أبوزهرة، ص398-399
  139. ^ انظر: أحمد خليل، تاريخ الكرد في الحضارة الإسلامية (دار هيروللنشر والطباعة، بيروت، 2007 م)
  140. أحمد تيمور باشا، نظرة في تاريخ حدوث المذاهب الأربعة، ص87
  141. ^ محمد هلوش عثمان، الشيشان مسلمون تحت الاضطهاد، مجلة الرسالة، عدد 4، رجب، 1428 هـ
  142. سنوك هورخرونيه، صفحات من تاريخ مكة المكرمة (2/316)
  143. ^ ابن بطوطة، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، تحقيق عبد الهادي التازي (مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، 1997 م)، (4/114)
  144. ^ سقاف الكاف، حضرموت عبر أربعة عشر قرنا، ص58
  145. ^ أحمد شلبي، المجتمع الإسلامي (مخطة النهضة المصرية، ط4)، (3/245)
  146. ^ سنوك هورخرونيه، صفحات من تاريخ مكة المكرمة (2/323)
  147. ^ ابن بطوطة، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، (2/114)
  148. ^ انظر: محمد الطيب اليوسف، أثيوبيا والعروبة والإسلام عبر التاريخ (المخطة المكية، مكة المكرمة، ط1، 1416 هـ)
  149. ^ د.غيثان جريس ود. السرسيد العراقي، تاريخ الأقليات الإسلامية في العالم (نادي أبها الأدبي، أبها، ط1، 1417)، (1/30)
  150. ^ ابن بطوطة، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، (2/120)

المراجع الرئيسة

  • الشافعي، حياته وعصره - آراؤه وفقهه، المؤلف: الإمام محمد أبوزهرة، الناشر: دار الفكر العربي، الطبعة: الثانية، 1978 م.
  • آداب الشافعي ومناقبه، المؤلف: أبومحمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: 327 هـ)، الناشر: دار الخط الفهمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2003 م.
  • طبقات الشافعيين، المؤلف: أبوالفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774 هـ)، تحقيق: د. أحمد عمر هاشم، د. محمد زينهم محمد عزب، الناشر: مخطة الثقافة الدينية، تاريخ النشر: 1413 هـ - 1993 م.
  • منازل الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، المؤلف: أبوزكريا يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد أبوبكر بن أبي طاهر الأزدي السلماسي (المتوفى: 550 هـ)، المحقق: محمود بن عبد الرحمن قدح، الناشر: مخطة الملك فهد الوطنية، الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2002 م.
  • توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس في مناقب الإمام الشافعي، المؤلف: الحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق: أبوالفداء عبد الله القاضي، الناشر: دار الخط الفهمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م.
  • مناقب الشافعي، المؤلف: أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: السيد أحمد صقر، الناشر: مخطة دار التراث، القاهرة.
  • طبقات الشافعية، المؤلف: أبوبكر بن أحمد بن محمد بن عمر الأسدي الشهبي الدمشقي، تقي الدين ابن قاضي شهبة (المتوفى: 851 هـ)، المحقق: د. الحافظ عبد العليم خان، دار النشر: عالم الخط - بيروت، الطبعة: الأولى، 1407 هـ.

وصلات خارجية

  • الإمام محمد بن إدريس الشافعي - إسلام ويب.
  • الإمام الشافعي - مسقط سيرة الإسلام.
  • ديوان الشاعر: الإمام الشافعي - الموسوعة العالمية للشعر العربي.
  • أماكن ثلاثية الأبعاد: مقام الإمام الشافعي.
تاريخ النشر: 2020-06-02 00:47:47
التصنيفات: أشخاص من غزة, أصوليون, الأئمة الأربعة, القضاء في الإسلام, حقوقيون في القرن 8, حقوقيون في القرن 9, رجال دين في القرن 9, رواة الحديث, شافعية, علماء حديث من الشام, علماء حديث من مصر, علماء دين مسلمون سنة, علماء مسلمون في القرن 2 هـ, فقهاء سنة, كتاب عرب في القرن 8, كتاب عرب في القرن 9, مجددون, مسلمون باحثون عن الإسلام في القرن 9, مواليد 150 هـ, مواليد 767, مواليد في غزة, وفيات 204 هـ, وفيات 820, وفيات في الفسطاط, دارسون في الدولة العباسية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, مقالات مختارة, بوابة الدولة العباسية/مقالات متعلقة, بوابة الحديث النبوي/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة علوم إسلامية/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P213, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P906, صفحات تستخدم خاصية P268

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رفض مصري يوناني لاتفاقات الدبيبة مع تركيا بملف الطاقة والغاز 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:47
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 97%

صاحب فتوى "تبرع المرأة بجزء من زوجها لأخرى": أعتذر عما قلته

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:47
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 99%

نجم الشطرنج الروسي يخسر أمام طفل عمره 10 سنوات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:17
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 94%

هموم الكويت.. في ملفات مجلسنا الجديد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:18:18
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 96%

القوات الأوكرانية تستهدف وسط دونيتسك براجمات "هيمارس" الأمريكية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:06
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 88%

إطلاق سراح مدير محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:33
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 95%

وزيرة بريطانية سابقة تدعو تراس لإجراء انتخابات عامة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:14
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 97%

تصريح سياسي من إيلون ماسك يكبد أسهم شركة تسلا خسائر 8%

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:31
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 85%

كلوب يحبط جماهير ليفربول قبل لقاء غلاسكو في دوري الأبطال

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:18
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 97%

هجمات 30 سبتمبر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:18:17
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

قراءة ليبرالية في نتائج الانتخابات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:18:20
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 89%

قيادي حوثي بارز يصل مأرب ويعلن انشقاقه عن الميليشيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:32
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 92%

ميسي أخطر لاعب في أوروبا هذا الموسم

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:16
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 99%

واشنطن: قلقون ومنزعجون من قمع الأمن الإيراني للاحتجاجات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:17:54
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 87%

غوتيريش يحذر: "فوضى مناخ قادمة" والعالم بصراع "حياة أو موت"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 21:18:16
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 89%

تحميل تطبيق المنصة العربية