يحيى بن شرف النووي

عودة للموسوعة
يحيى بن شرف النووي
تخطيط لاسم الإمام النووي
محيي الدين، أبوزكريا، شيخ الشافعية، قطب الأولياء، «شيخ الإسلام والمسلمين، وعمدة الفقهاء والمُحدّثين، وصفوة الأولياء والصالحين»
الولادة المحرم، 631هـ \ 1233م
نوى، حوران، بلاد الشام
الوفاة 24 رجب 676هـ \ 1277م
نوى، حوران، بلاد الشام
مبجل(ة) في الإسلام: أهل السنة والجماعة
المقام الرئيسي نوى، محافظة درعا، سوريا
النسب أبوه: شرف بن مُرِّي الحزامي النووي

أبوزكريا يحيى بن شرف الحزامي النووي الشافعي (631هـ-1233م / 676هـ-1277م) المشهور باسم "النووي" هومُحدّث وفقيه ولغوي مسلم، وأحد أبرز فُقهاء الشافعية، اشتهر بخطه وتصانيفه الكثيرة في الفقه والحديث واللغة والتراجم، كرياض الصالحين والأربعين النووية ومنهاج الطالبين والروضة، ويوصف بأنه محرِّر الممضى الشافعي ومهذّبه، ومنقّحه ومرتبه، حيث استقر العمل بين فقهاء الشافعية على ما يرجحه النووي. ويُلقب النووي بشيخ الشافعية، فإذا أُطلق لفظ "الشيخين" عند الشافعية أُريد بهما النووي وأبوالقاسم الرافعي القزويني.

ولد النووي في نوى سنة 631هـ، ولما بلغ عشر سنين جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن تفهم القرآن الكريم وحفظه، حتى ختم القرآن وقد قارب البلوغ، ومكث في بلده نوى حتى بلغ الثامنة عشر من عمره، ثم ارتحل إلى دمشق. قدم النووي دمشق سنة 649هـ، فلازم مفتي الشام عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري وتفهم منه، وبقي النووي في دمشق نحواً من ثمان وعشرين سنة، أمضاها كلها في بيت صغير في المدرسة الرواحية، يتعلّم ويُعلّم ويُؤلف الخط، وتولى رئاسة دار الحديث الأشرفية، إلى حتى وافته المنية سنة 676هـ.

اسمه ولقبه ونسبه

تقع مدينة نوى شمال غربيّ سهل حوران، وتتبع إدارياً لمحافظة درعا وتبعد عن مدينة دمشق 85 كيلومتراً وعن مدينة درعا 40 كيلومتراً

هوأبوزكريا يحيى بن الشيخ أبي يحيى شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزام الحزامي النووي، كان هناك من يزعم حتى نسبته "الحزامي" إلى الصحابي حزام بن خويلد، وقد صحح ذلك النووي نفسه، فقد ذكر حتى بعض أجداده كان يزعم أنها نسبة إلى حزام أبي حكيم الصحابي، نطق: «وهوغلط».

وأما لقبه: فقد لُقب بمحيي الدين، وكان يكره حتى يُلقب به تواضعاً، أولأن الدين حي ثابت دائم غير محتاج إلى من يحييه، حتىقد يكون حجة قائمة على من أهمله أونبذه، نطق أبوالعباس الإشبيلي: وصح عنه أنه نطق: «لا أجعل في حل من لقبني محيي الدين».

أما أبوه فهو: شرف بن مُرِّي، كان دُكّانياً بنوى، أي كان له دُكّان يبيع فيها ويشتري، ووصفه تلميذ النووي علاء الدين بن العطار بقوله: «الشيخ الزاهد الورع ولي الله»، ونطق المضىي: «وكان شيخاً مباركاً»، ولما توفي سنة 685هـ صُلّي عليه صلاة الغائب، وهذا يشير على شهرة صلاحه، وقد عاش بعد وفاة ابنه تسع سنين وقد جاوز السبعين.

يُنسب الناس إلى بلد ما ليتعهدوا به، ونسبة الإمام النووي إلى نوى عكس ذلك، فقد عهدت بلده به، فما ينطلق اسمه على أفواه فهماء الفقه والحديث ولا كنيته ولقبه، وإنما تنطلق نسبته فيقولون: "النووي" أو"النواوي"، وكان هويخطها بخطه: "النووي". وقد نطق الشاعر أبوحفص بن الوردي في بلدة نوى والنووي:

لُقّيتِ خيراً يا نوى وحُرستِ من ألم النوى
فلقد نشا بكِ زاهدٌ في الفهم أخلصَ ما نوى
وعلى عداه فضله فضلَ الحبوب على النوى

ونوى كانت في عصر النووي قاعدة الجولان من أرض حوران من أعمال دمشق، وقد هبط "حزام" جد النووي الأعلى فيها على عادة العرب، فأقام بها وصارت له ذرية كثيرة.

مولده ونشأته

ولد الإمام النووي في نوى في العُشر الأوسط من المحرم (وقيل في العُشر الأول) سنة 631هـ، وعاش في كنف أبيه ورعايته، «وكان أبوه في دنياه مستور الحال، مباركاً له في رزقه، فنشأ النووي في ستر وخير وبقي يتعيش في الدكان لأبيه مدةً» كما يقول المضىي. ولما بلغ النووي من العمر سبع سنين، كان نائماً ليلة السابع والعشرين من رمضان بجانب والده، فانتبه نحونصف الليل، يقول والده: وأيقظني، ونطق: «يا أبتي، ما هذا الضوء الذي قد ملأ الدار؟» فاستيقظ أهله جميعاً فلم نرَ كلنا شيئاً، نطق والده: «فعهدت أنها ليلة القدر».

ولما بلغ النووي عشر سنين جعله أبوه في دكان، فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، وفي سنة نيف وأربعين وستمائة مرّ بقرية نوى الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، فرأى النووي وهوابن عشر سنين، والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم، وهويهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، يقول الشيخ ياسين: فسقط في قلبي محبته، فأتيت الذي يُقرئه القرآن فوصيته به، وقلت له: «هذا الصبي يُرجى حتىقد يكون أفهم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به»، فنطق لي: «أمنجم أنت؟» فقلت: «لا، وإنما أنطقني الله بذلك»، فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه إلى حتى ختم القرآن، وقد ناهز الاحتلام. وقد مكث النووي في بلده نوى حتى بلغ الثامنة عشر من عمره، ثم ارتحل إلى دمشق.

طلبه الفهم في دمشق

قدم النووي دمشق سنة 649هـ، إذ قدم به والده أبويحيى وعمره ثماني عشرة سنة، وكانت مدينة دمشق محجّ الفهماء وطلبة الفهم من أقطار العالم الإسلامي، وما كان يُرى أنه يمكن حتى يستكمل عالم فهمه ما لم يؤمَّ إحدى عواصم العالم الإسلامي، وقمر هذه العواصم حينئذ دمشق. وكانت فراسة الشيخ المراكشي في النووي، وبُدوّ النجابة عليه، واشتعال الرغبة فيه لطلب الفهم، جميع ذلك حدا بأبيه حتى يصطحب ولده إلى دمشق ليأخذ الفهم عن كبار فهمائها.

الجامع الأموي في دمشق قديماً

كان أول ما اهتم النووي به بعد حتى بلغ دمشق حتى يصل حبله بأحد الفهماء يلازمه ويقرأ عليه، ثم حتى يجد له مأوى، ويظهر حتى أول ما قصده عند دخوله دمشق جامعها الكبير، وكذلك كانت عادة الغرباء يؤمون قبل جميع شيء المساجد، ولقي النووي أول من لقي من الفهماء خطيب الجامع الأموي وإمامه الشيخ جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربَعي الدمشقي (المتوفى عام 689هـ)، وما اجتمع إليه حتى عرّفه مقصده ورغبته في طلب الفهم، فأخذه وتوجه به إلى حلقة مفتي الشام تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن ضياء الفزاري المعروف بابن الفركاح، فقرأ عليه دروساً وبقي يلازمه مدة، وهذا أول شيخ للنووي.

في هذه الفترة التي أمضاها النووي عند شيخه ابن الفركاح يقرأ عليه، لم يكن له موضع يأوي إليه كما يأوي أمثاله من طلبة الفهم في المدارس الكثيرة المبثوثة في دمشق، فسأل النووي شيخه ابن الفركاح موضعاً يسكنه، ولكن لم يكن بيد شيخه من المدارس سوى الصارمية، ولا بيوت لها، فدلّه شيخه ابن الفركاح على الكمال إسحاق بن أحمد المغربي بالرواحية، فتوجه إليه ولازمه واشتغل عليه، ومنحه الشيخ في هذه المدرسة بيتاً لطيفاً، عجيب الحال، فسكنه واستقر فيه، واستمر فيه حتى مات، نطق اليافعي: «وسمعت من غير واحد أنه إنما اختار النزول بها على غيرها لحلها»، إذ هي من بناء بعض التجار، وكان قوته بها جراية المدرسة لا غير، والجراية: خبز يُوزّع على الطلبة جميع يوم، بل كان يتصدق منها، ثم هجر تعاطيها.

أقام النووي في دمشق نحواً من ثماني وعشرين سنة، ومعنى هذا أنه حين قدم دمشق كان عمره ثماني عشرة سنة. وحين قدمها لم يهجر الإقامة بها جميع هذه المدة إلا للحج، أوزيارة قبر الإمام الشافعي، أوبلده نوى لصلة أهله، وكل هذه الفترة أمضاها في بيت صغير في المدرسة الرواحية، يتعلّم ويُعلّم ويُؤلف الخط، إلى حتى وافته المنية.

حَجّه



هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

بعد نحوسنتين من قدوم النووي إلى دمشق، صحبه أبوه إلى الحج، يقول النووي: «فلما كانت سنة إحدى وخمسين (أي 651هـ) حججت مع والدي، وكانت وقفة جمعة، وكان رحيلنا من أول رجب»، نطق: «فأقمت بمدينة رسول الله نحواً من شهر ونصف». ونطق ابن العطار: نطق لي والده رحمه الله: «لما توجهنا من نوى للرحيل أخذته الحُمى فلم تفارقه إلى يوم عهدة»، نطق: «ولم يتأوّه قط، فلما قضينا المناسك ووصلنا إلى نوى، ونزل إلى دمشق، صبّ الله عليه الفهم صباً، ولم يزل يشتغل بالفهم ويقتفي آثار شيخه المذكور (يقصد الشيخ المراكشي) في العبادة من الصلاة وصيام الدهر والزهد والورع وعدم إضاعة شيء من أوقاته إلى حتى توفي رحمه الله».

ونطق السخاوي وغيره إنه حج مرتين، وفهموا ذلك من قول الكمال الدميري فقد نطق: إنه حج مرة أخرى، ويستأنس أيضاً من قول ابن كثير في تاريخه «أنه حج في مدة إقامته بدمشق، ولما عاد من حجة الإسلام لاحت عليه أمارات النجابة والفهم، وتزود بمدد من الله في بيته الحرام وبركات من رسول الله ».

جِدّه في طلب الفهم

حين استقر النووي في المدرسة الرواحية واطمأنت نفسه في مسجده أقبل على طلب الفهم بكل ما يعتلج بقلبه وعقله من شغف عثر واستعداد، ولقد كان ذلك منه مضرب المثل، ومثار العجب، نطق النووي: «وبقيت سنتين لم أضع جنبي على الأرض». ويقول المضىي: «وضُرب به المثل في إكبابه على طلب الفهم ليلاً ونهاراً، وهجره النوم إلا عن غلبة، وضبط أوقاته بلزوم الدرس أوالكتابة أوالمطالعة أوالتردد على الشيوخ». وذكر قطب الدين اليونيني أنه كان لا يضيع له وقت في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالفهم، حتى إنه في ذهابه في الطريق وإيابه يشتغل في تكرار محفوظة أومطالعة، وإنه بقي على التحصيل على هذا الوجه ست سنين.

وحكى بدر الدين بن جماعة أنه سأله عن نومه، فنطق: «إذا غلبني النوم استندت إلى الخط لحظة وأنتبه». ويقول النووي في مقدمة كتابه روضة الطالبين وعمدة المفتين: «فإن الاشتغال بالفهم من أفضل القرب وأجل الطاعات، وأهم أنواع الخير وآكد العبادات، وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات، وشمَّر في إدراكه والتمكن فيه أصحاب الأنفس الزكيات، وبادر إلى الاهتمام به المسارعون إلى المكرمات، وسارع إلى التحلي به مستبقوالخيرات، وقد تظاهر على ما ذكرته جمل من آيات القرآن الكريمات، والأحاديث السليمة النبوية المشهورات، ولا ضرورة إلى الإطناب بذكرها هنا لكونها من الواضحات الجليات.».

هذا وقد أثمر النووي في الفهم من السنة الأولى، فقد حفظ التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي في نحوأربعة أشهر ونصف، ثم حفظ ربع العبادات من المهذب لأبي إسحاق أيضاً في باقي السنة، وعَرَض حفظه لكتاب التنبيه على محمد بن الحسين بن رزين قاضي القضاة بالديار المصرية، وذلك سنة 650هـ.

ثم إنه كان في أول طلبه للفهم يقرأ جميع يوم اثني عشر درساً على المشايخ شرحاً وتسليماً: درسين في الوسيط، وثالثاً في المهذب، ودرساً في الجمع بين السليمين، وخامساً في سليم مسلم، ودرساً في اللُّمَع لابن جني في النحو، ودرساً في إصلاح المنطق لابن السكيت في اللغة العربية، ودرساً في التصريف، ودرساً في أصول الفقه تارة في اللمع لأبي إسحاق الشيرازي، وتارة في المنتخب لفخر الدين الرازي، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين. نطق النووي: «وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، وإيضاح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي واشتغالي وأعانني عليه».

الفقه

كتاب طبقات الفقهاء الشافعية للإمام تقي الدين بن الصلاح، تهذيب الإمام النووي، تنقيح الإمام المزّي.

أخذ النووي الفقه الشافعي عن كبار فهماء عصره، وبفترة وجيزة حفظ الفقه وأتقنه، وعهد قواعده وأصوله، حتى عُرف بذلك بين العامة والخاصة، ولم يمضِ وقت كبير حتى كان عَلَم عصره في حفظه للممضى، وإتقانه لأقوال فهمائه، وأعهدهم بفهم الخلاف، وأحقهم بأنقد يكون محرر الممضى.

يقول عبد الرحيم بن الحسن الإسنوي في طبقاته: «وهو(أي النووي) محرر الممضى ومهذبه، ومنقحه ومرتبه، سار في الآفاق ذكره، وعلا في العالم محله وقدره، صاحب التصانيف المشهورة المباركة النافعة»، ويقول ابن كثير عنه: «شيخ الممضى، وكبير الفقهاء في زمانه»، ويقول المضىي: «كان رأساً في فهم الممضى»، ويقول قاضي صفد محمد بن عبد الرحمن العثماني عن النووي: «شيخ الإسلام، بركة الطائفة الشافعية، محيي الممضى ومنقحه، ومن استقر العمل بين الفقهاء فيه على ما يرجحه». ويقول أبوالعباس شهاب الدين بن الهائم في مقدمة "البحر العجاج شرح المنهاج": «الإمام العلامة الحافظ، الفقيه النبيل، محرر الممضى ومهذبه، وضابطه ومرتبه». ويقول تلميذه ابن العطار: «كان حافظاً للممضى الشافعي وقواعده وأصوله وفروعه، ومذاهب الصحابة والتابعين، واختلاف الفهماء ووفاقهم وإجماعهم، وما اشتهر من ذلك جميعه وما هُجر، سالكاً في كلها طريقة السلف».

وكان النووي، مع سعة فهمه وقوة براهينه، لا يرى الجدال ولا يحب أهله ويعرض عنهم، نطق المضىي في سير أعلام النبلاء: «وكان من سعة فهمه عديم النظير، لا يرى الجدال، ولا تعجبه المبالغة في البحث، ويتأذى ممن يجادل ويعرض عنه»، ونطق في موضع آخر: «كان لا يتعانى لغط الفقهاء وعياطَهم (أوغياظَهم) في البحث بل يتحدث بتؤدة ووقار».

الحديث

يعد كتاب رياض الصالحين للنووي واحداً من أشهر خط الحديث النبوي الشريف

تميّز النووي عن غيره من المُحَدّثين بأنه فقيه الأمة، وقلما اجتمع لعالم تبحُّرٌ في الفقه وإتقانٌ لعلوم الحديث، يقول ابن العطار: «سمع البخاري ومسلماً وسنن أبي داود والترمذي، وسمع النسائي بقراءته، وموطأ مالك، ومسند الشافعي، ومسند أحمد بن حنبل، والدارمي وأبي عوانة الأسفراييني وأبي يعلى الموصلي، وسنن ابن ماجة والدارقطني والبيهقي، وشرح السنة للبغوي، ومعالم التنزيل له في التفسير، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار، والخطب النباتية، ورسالة القشيري، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب، وأجزاء كثيرة غير ذلك»، يقول ابن العطار: «نقلت ذلك جميعه من خط الشيخ رحمه الله».

وقد روى النووي أشهر هذه الخط بالسند العالي إلى الأئمة المؤلفين، وقد شهد له بالفهم في الحديث كثير من الفهماء، يقول المضىي: «وهو(أي النووي) سيد هذه الطبقة»، ويقول ابن العطار: «... حافظاً لحديث رسول الله ، عارفاً بأنواعه كلها، من سليمه وسقيمه وغريب ألفاظه وسليم معانيه واستنباط فقهه»، ويقول المضىي أيضاً: «مع ما عليه من المجاهدة بنفسه والعمل بدقائق الورع والمراقبة، وتصفية النفس من الشوائب، ومحقها من أغراضها، كان حافظاً للحديث وفنونه ورجاله وسليمه وعليله، رأساً في فهم الممضى».

كما كان للإمام النووي تلاميذ كثر، نطق ابن العطار: «وسمع منه خلق كثير، من الفهماء والحفاظ والصدور الرؤساء، وتخرج به خلق كثير من الفقهاء، وسار فهمُه وفتاويه في الآفاق، وسقط على دينه وفهمه وزهده وورعه ومعهدته وكرامته الوِفاق»، ونطق المضىي: «وحدّث عنه ابن أبي الفتح، والمزي وابن العطار»، كما أخذ عنه المحدث أبوالعباس أحمد بن فرح الإشبيلي، كان له ميعاد عليه يوم الثلاثاء والسبت، شرح في أحدهما سليم البخاري وفي الآخر سليم مسلم. ومنهم أيضاً: الرشيد إسماعيل بن المفهم الحنفي، وأبوعبد الله محمد بن أبي الفتح الحنبلي، وأبوالفضل يوسف بن محمد بن عبد الله المصري ثم الدمشقي، وغيرهم كثير.

العقيدة

كان النووي كغالبية فهماء الشافعية يعتقد بعقيدة الأشاعرة من أهل السنة والجماعة، إذ إذا كتابه "شرح سليم مسلم" فيه الكثير من العقائد على أصول أهل السنة الأشاعرة، وقد صرح اليافعي وتاج الدين السبكي أنه أشعري، ونطق المضىي في تاريخه: «إن ممضىه في الصفات السمعية السكوت، وإمرارها كما اتىت، وربما تأول قليلاً في شرح مسلم كذا»، نطق: «والتأويل كثير في كلامه». وللإمام النووي مؤلف في التوحيد، وهي رسالة سماها المقاصد.

وقد بين النووي في كتابه "المقاصد" سبعة مقاصد وخاتمة، المقصد الأول: في بيان عقائد الإسلام وأصول الأحكام ومما ذكر فيه قوله: «أول واجب على المكلف فهم الله تعالى وهي: حتى تؤمن بأن الله تعالى موجود ليس بمعدوم، قديم ليس بحادث، باقٍ لا يطرأ عليه العدم، مخالف للحوادث لا شيء يُماثله، قائم بنفسه، لا يحتاج إلى محل ولا مخصص، واحد لا مشارك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، له القدرة والإرادة والفهم والحياة والسمع والبصر والكلام، فهوالقادر المريد العالم الحي السميع البصير المتحدث.
أوفد بفضله الرسل، وتولاهم بعصمته إياهم عما لا يليق بهم، فهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها، منزهون عن جميع مُنفِّر طبعاً كالجذام والعمى، يأكلون ويشربون وينكحون، وهم أفضل الخلق على الإطلاق، أوتفصيل في الملائكة. وأعلى الكل مَن ختم الله به النبوة، ونسخ بشرعه الشرائع، نبينا محمد ، وأصحابه خير القرون، وأفضلهم أبوبكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. ونؤمن بجميع ما أُخبرنا به على لسان نبينا محمد ، كالملائكة، والخط السماوية، والسؤال، والبعث، والحشر، وهول الموقف، وأخذ الصُحُف، والوزن والميزان، والصراط، والشفاعة، والجنة، والنار، وكل ما عُلم من الدين بالضرورة فالإيمان به واجب، والجاحد له كافر...»

اللغة

كان النووي إماماً في اللغة العربية، ويدل كتاباه "تحرير التنبيه" و"تهذيب الأسماء واللغات" على تمكنه بفهم اللغة تمكناً قل نظيره في نظرائه في عصره، يقول ابن قاضي شهبة في كتابه "طبقات النحاة واللغويين": «أبوزكريا النووي الفقيه، الحافظ اللغوي، شيخ الإسلام، صاحب التصانيف المشهورة، كان إماماً في اللغة والنحو، قرأ ذلك على الشيخ جمال الدين بن مالك، ونقل عنه في تصانيفه، وصنف تهذيب الأسماء واللغات، وهجره مسودّة، وهويشير على تبحره في فهم اللغة، وكذلك كتابه التحرير على كتاب التنبيه، فذكرته بسبب ذلك».

محاولة اشتغاله بالطب

نطق الإمام النووي: «وخطر لي الاشتغال بفهم الطب، فاشتريت القانون (لابن سينا) وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم علي قلبي، وبقيت أياماً لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري: من أين ولج علي الداخل،يا ترى؟ فألهمني الله حتى الاشتغال بالطب سببه، فبعت في الحال الكتاب المذكور، وأخرجت من بيتي جميع ما يتعلق بفهم الطب، فاستنار قلبي ورجع إلي حالي، وعدت لما كنت عليه أولاً».

شيوخه

هذه الموضوعة جزء من سلسلة الإسلام عن:

كان للنووي شيوخ متعددون في جميع فهم اشتغل به، وخصوصاً فهمي الفقه والحديث، فإنهما غاية الغايات من فهمه، وبهما كان إمام عصره.

في الفقه

يقول النووي في معرض ذكر شيوخه في الفقه وتسلسلهم إلى إمام ممضىه الإمام الشافعي ثم إلى النبي محمد:

«فأما أنا فأخذت الفقه قراءة وتسليماً وسماعاً وشرحاً وتعليقاً عن جماعات، أولهم شيخي الإمام المتفق على فهمه وزهده، وورعه وكثرة عبادته، وعظم فضله وتميزه في ذلك على أشكاله، أبوإبراهيم إسحاق بن أحمد بن عثمان المغربي ثم المقدسي رضي الله عنه وأرضاه، وجمع بيني وبينه وبين سائر أحبابنا في دار كرامته مع من اصطفاه. ثم شيخنا أبومحمد عبد الرحمن بن نوح بن محمد بن إبراهيم بن موسى المقدسي ثم الدمشقي، الإمام العارف الزاهد العابد الورع المتقن، مفتي دمشق في وقته رحمه الله. ثم شيخنا أبوحفص عمر بن أسعد بن أبي غالب الربعي الإربلي الإمام المتقن رضي الله عنه. ثم شيخنا أبوالحسن سلّار بن الحسن الإربلي ثم الحلبي ثم الدمشقي، المجمع على إمامته وجلالته وتقدمه في فهم الممضى على أهل عصره بهذه النواحي رضي الله عنه.»

في الحديث

من شيوخ النووي في الحديث: إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي ثم المصري ثم الدمشقي، نطق النووي: «صحبته نحوعشر سنين، لم أرَ منه شيئاً يُكره». ومنهم: أبوإسحاق إبراهيم بن أبي حفص عمر بن مضر الواسطي، ومنه سمع جميع سليم مسلم بن الحجاج. ومنهم: الشيخ زين الدين أبوالبقاء خالد بن يوسف بن سعد النابلسي، والرضي بن البرهان، وشيخ الشيوخ عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري الحموي الشافعي، وزين الدين أبوالعباس بن عبد الدائم المقدسي، وأبوالفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، يقول ابن العطار: «وهوأجل شيوخه». ومنهم أيضاً: قاضي القضاة عماد الدين أبوالفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الحرستاني خطيب دمشق، وتقي الدين أبومحمد إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي يسر التنوخي، وغيرهم.

في أصول الفقه

يقول ابن العطار: «قرأ (يعني فهم الأصول) على جماعة، أشهرهم وأجلهم العلامة القاضي أبوالفتح عمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التفليسي الشافعي رحمه الله، قرأ عليه المنتخب للإمام فخر الدين الرازي، وبترة من كتاب المستصفى للغزالي، وقرأ غيرهما من الخط على غيره».

في النحوواللغة

قرأ النووي النحوعلى الشيخ أحمد بن سالم المصري، إذ قرأ عليه كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت بحثاً، وكذا كتاباً في التصريف. وقرأ على ابن مالك كتاباً من تصنيفه وعلق عليه شيئاً، وقرأ على الفخر المالكي كتاب اللمع لابن جني.

رئاسة دار الحديث الأشرفية

تعد دار الحديث الأشرفية أشهر دار في بلاد الشام لفهم الحديث، وقد فتحها الملك الأيوبي الأشرف مظفر الدين موسى بن محمد العادل في ليلة النصف من شعبان سنة 630هـ، وجعل شيخها تقي الدين بن الصلاح، ووقف عليها الملك الأشرف الأوقاف، وجعل بها نعل النبي محمد، ومن شرط واقفها في الشيخ أنه إذا اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدراية قُدّم من فيه الرواية، وظاهرٌ حتى من اجتمع فيه الرواية والدراية أولى بمشيختها ممن فيه إحداهما، والمتعارف عليه ألا يلي مشيختها إلا عظيم وقته بالفهم وخصوصاً فهمَ الحديث، ومن لُقب بشيخ دار الحديث فقد نال في الفهم أجلَّ الألقاب.

والظاهر حتى النووي لم يطلب رئاسة دار الحديث، بل دفعها عنه، ولم يقبلها إلا بعد جهد، ويدل على ذلك ما خطه في رسالة لابن النجار حين هدده هذا بإنطقته منها نطق: «أوما فهمتَ لوأنصفتَ كيف من الممكن أن كان ابتداءً أمرها،يا ترى؟ أوما كنتَ حاضراً مشاهداً أخذي لها؟». يقول قطب الدين اليونيني: «ونشر بها (أي النووي) فهماً جماً، وأفاد الطلبة»، ونطق: «والذي أظهره وقدمه على أقرانه ومن هوأفقه منه: كثرة زهده في الدنيا، وعظم ديانته وورعه، وليس فيمن اشتغل عليه من يلتحق به».

وقُرئ عليه سليما البخاري ومسلم بدار الحديث الأشرفية سماعاً وبحثاً، وقرئ عليه الرسالة للقشيري، وصفة الصفوة، وكتاب الحجة على تارك المحجة لنصر المقدسي بحثاً وسماعاً، يقول ابن العطار: «وحضرت معظم ذلك، وعلقت عنه أشياء في ذلك وغيره، فرحمه الله ورضي عنه». ونطق تاج الدين السبكي: نطق والدي: «إنه ما دخلها (أي دار الحديث الأشرفية) أحفظ من المزي، ولا أورع من النووي وابن الصلاح»، ونطق تاج الدين أيضاً: «ودرّس (أي النووي) بدار الحديث الأشرفية وغيرها ولم يتناول فلساً واحداً».

وفاته

في الثلث الأخير من ليلة الأربعاء في الرابع والعشرين من رجب، سنة ست وسبعين وستمائة، توفي الإمام النووي، يقول التاج السبكي: «لما توفي النووي بنوى ارتجت دمشق وما حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً، وأحيوا ليالي كثيرة لسنته». ونطق ابن العطار: «... فسار إلى نوى وزار القدس والخليل عليه السلام، ثم عاد إلى نوى، وسقم عقب زيارته لها في بيت والده، فبلغني سقمه فمضىت من دمشق لعيادته، ففرح رحمه الله بذلك، ثم نطق لي: «ارجع إلى أهلك»، وودعته وقد أشرف على العافية يوم السبت العشرين من رجب سنة ست وسبعين وستمائة، ثم توفي في ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من رجب، فبينا أنا نائم تلك الليلة إذا منادٍ ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة: «الصلاة على الشيخ ركن الدين المسقط»، فصاح الناس لذلك النداء، فاستيقظت فقلت: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، فلم يكن إلا ليلة الجمعة عشية الخميس إذ اتى الخبر بموته رحمه الله، فنودي يوم الجمعة عقب الصلاة بموته، وصلي عليه بجامع دمشق، فتأسف المسلمون عليه تأسفاً بليغاً، الخاص والعام، والمادح والذام».

ودُفن الإمام النووي في قريته نوى، وقبره ظاهر يُزار. ومما أُثر من خبره أنه لما دنا أجله ردّ الخط المستعارة عنده من الأوقاف جميعها. نطق قطب الدين اليونيني: «ولما وصل الخبر بوفاته لدمشق، توجه قاضي القضاة عز الدين محمد بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة على قبره»، نطق: «وكان يسأل حتى يموت بأرض فلسطين، فاستجاب الله تعالى منه».

رثاؤه

نطق الإمام المضىي: ورثاه غير واحد، يبلغون عشرين نفساً بأكثر من ستمائة بيت. وممن رثوه أبوالعباس أحمد بن إبراهيم بن مصعب، وأول قصيدته:

أكتم حزني والمدامع تُبديه لفقد امرئ جميع البرية تبكيه

ومنهم الأديب نجم الدين أبوالعباس أحمد بن عماد الدين محمد بن أمين الدين التغلبي، وأول مرثيته:

أعينيّ جودا بالدموع الهواملِ وجودا بها كالساريات الهواطلِ

ورثاه بعض فضلاء الحنفية وأول مرثيته:

مُصاب أصاب القلب والجفن أرّقا وخطب أتى بالحزن والصبر فرّقا

ورثاه محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر الحنفي الأربلي بقصيدة طويلة أولها:

عَزّ العزاءُ وعمّ الحادث الجللُ وخاب بالموت في تعميرك الأملُ
واستوحشتْ بعدما كنتَ الأنيس لها وساءها فقدك الأسحار والأصلُ
وكنتَ تتلوكتابَ الله معتبراً لا يعتريك على تكراره مللُ
قد كنت للدِّين نوراً يُستضاء به مسدداً فيه منك القولُ والعملُ
وكنت في سنّة المختار مجتهداً وأنت باليُمن والتوفيق مشتملُ
وكنت زيناً لأهل الفهم مفتخراً على جديدٍ كساهُم ثوبُك السملُ
وكنت أسبغهم ظلاً إذا استعرت هواجرُ الجهل والأظلال تنتقل
كساك ربُّك أثواباً مجمَّلةً يضيق عن حصرها التفصيلُ والجملُ
أسلى كمالُك عن قومٍ مضوا بدلاً وعن كمالك لا مسلى ولا بدلُ
فمثلُ فقدكَ ترتاع القلوبُ له وفقدُ مثلك جرحٌ ليس يندملُ
زهدت في هذه الدنيا وزخرفها عزماً وحزماً فمضروبٌ بك المثلُ

شخصيته وصفاته

الزهد والورع

نطق ابن العطار: نطق لي شيخنا محمد بن عبد القادر الأنصاري: «لواستوعب القشيري صاحب الرسالة شيخكم (يعني النووي) وشيخه (يعني أبا إسحاق إبراهيم بن عثمان المغربي) لما قدّم عليهما في ذكره لمشايخها أحداً، لما جمع فيهما من الفهم والعمل والزهد والورع، والنطق بالحكمة وغير ذلك».

ويقول المضىي: «وكان مع تبحره في الفهم، وسعة معهدته بالحديث والفقه واللغة وغير ذلك بما قد سارت به الركبان، رأساً في الزهد، قدوةً في الورع»، ونطق أيضاً: «كان عديم الميرة والرفاهية والتنعم، مع التقوى والقناعة والورع الثخين، والمراقبة لله في السر والعلانية، وهجر رعونات النفس من ثياب حسنة، ومأكل طيب، وتجمل في الهيئة». ونطق رشيد الدين إسماعيل بن المفهم الحنفي: «عذلته في عدم دخوله الحمام، وتضييق عيشه في أكله ولباسه وجميع أحواله، وقلت له: «أخشى عليك سقماً يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده»، فنطق لي: «إن فلاناً صام وعبد الله تعالى حتى اخضرّ عظمه»، نطق: فعهدت أنه ليس له غرضٌ في المقام في دارنا ولا التفاتٌ لما نحن فيه». ومن ورع النووي أنه كان لا يأكل من فاكهة دمشق، كما اتفق على ذلك من أرخ له، يقول ابن العطار: وسألته عن ذلك فنطق: «إنها كثيرة الأوقاف والأملاك لمن هوتحت الحجر شرعاً، ولا يجوز التصرف في ذلك إلا على وجه الغبطة والمصلحة، والغبطة لليتيم والمحجور عليه، والناس لا يعملونها إلا على جزء من ألف جزء من الثمرة للمالك، فكيف تطيب نفسي؟».

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

كان النووي كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول المضىي: «كان عديم المثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وقد أجمع المترجمون له على أنه كان لا يبالي في أمره ونهيه لومة لائم، بل لا يبالي الإهانة والموت، ولا يَكبُر عندَه أحدٌ عن النصيحة، حتى الفهماء والأمراء والملوك، يقول ابن العطار: «وكان لقاءاً للملوك والجبابرة بالإنكار، لا يأخذه في الله لومة لائم، وكان إذا عجز عن اللقاءة خط الرسائل، وتوصل إلى إبلاغها». ويقول المضىي: «وكان يقابل الملوك والظلمة بالإنكار، ويخط إليهم ويخوفهم بالله تعالى».

مناصحته للظاهر بيبرس

ومن أشهر قضايا النووي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوفه في وجه الملك الظاهر بيبرس البندقداري في قضية الحوطة على الغوطة، نطق القطب اليونيني: «إنه واقف الظاهر غير مرة بدار العدل بسبب الحوطة على بساتين دمشق وغير ذلك»، ونطق ابن كثير: «إنه قام على الظاهر في دار العدل في قضية الغوطة لما أرادوا وضع الأملاك على بساتينها، فرد عليهم ذلك، ووقى الله شرها بعد حتى غضب السلطان، وأراد البطش به، ثم بعد ذلك أحبه وعظمه، حتى كان يقول: أنا أفزع منه».

عندما خرج الظاهر بيبرس لقتال التتار بالشام طلب فتاوى الفهماء بأنه يجوز أخذ مال من الرعية ليستنصر به على قتال العدو، فخط له فقهاء الشام بذلك، وقتل خلقاً كثيراً من الفهماء بسبب إفتائهم له بعدم الجواز، فنطق: «هل بقي أحد؟» فنطقوا: «نعم، بقي الشيخ محيي الدين النووي»، فطلبه فنطق: «اخط خطك مع الفقهاء»، فامتنع ونطق: «لا»، فنطق: «ما سبب امتناعك؟» فنطق: «أنا أعهد أنك كنت في الرق للأمير بندقدار، ولا يناسبك مال، ثم مَنّ الله عليك وجعلك ملكاً، وسمعت حتى عندك ألف مملوك كلهم عنده حياصة من مضى، وعندك مئتا جارية، لكل جارية حق من الحلي، فإذا أنفقت ذلك كله، وبقيت مماليكك بالبنود الصوف بدلاً عن الحياصات المضى وبقيت الجواري بثيابهن دون الحلي، ولم يبق في بيت المال شيء من نقد أومتاع أوأرض، أفتيتك بأخذ المال من الرعية، وإنما يُستعان على الجهاد وغيره بالافتقار إلى الله تعالى، واتباع آثار نبيه »، فغضب السلطان من كلامه ونطق: «اخرج من بلدي» يعني دمشق، فنطق: «السمع والطاعة»، وخرج إلى نوى، فقيل للملك: «ما سبب عدم قتلك له؟» فنطق: «حدثا أردت قتله أرى على عاتقه سَبْعَين يريدان افتراسي فأمتنع من ذلك»، أي إذا خوفه منه كان بهذه المثابة، وكثيراً ما صرح أنه يخافه. ولما رأى النووي حتى اللقاءة لم تُجدِ نفعاً عمد إلى الكتابة إليه بأسلوب فيه ترغيب وترهيب، فخط إليه وسقط معه بعض الفهماء، وكان مما خطه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، نطق الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [51:55]، ونطق تعالى: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾، ونطق تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [5:2]، وقد أوجب الله على المكلفين نصيحة السلطان أعز الله أنصاره، ونصيحة عامة المسلمين، ففي الحديث السليم عن رسول الله أنه نطق: «الدين النصيحة، لله ولكتابه ورسوله، وأئمة المسلمين وعامتهم»، ومن نصيحة السلطان، وفّقه الله لطاعته وتولاه بكرامته، حتى يُنهى إليه الأحكام إذا جرت على خلاف قواعد الإسلام، وأوجب الله تعالى الشفقة على الرعية والاهتمام بالضعفة وإزالة الضرر عنهم، نطق الله تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [15:88]... وقد أنعم الله تعالى علينا وعلى سائر المسلمين بالسلطان أعز الله أنصاره، فقد أقامه الله لنصرة الدين، والذب عن المسلمين، وأذل له الأعداء من جميع الطوائف، وفتح عليه الفتوحات المشهورة في المدة اليسيرة، وأسقط الرعب منه في قلوب أعداء الدين وسائر المارقين، ومهّد له البلاد والعباد، وقمع بسببه أهل الزيغ والفساد، وأمده بالإعانة واللطف والسعادة، فلله الحمد على هذه النعم المتظاهرة والخيرات المتكاثرة، ونسأل الله الكريم دوامها له وللمسلمين، وزيادتها في خير وعافية آمين. وقد أوجب الله شكر نعمه، ووعد الزيادة للشاكرين، فنطق تعالى: ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾، وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة على أملاكهم أنواع من الضرر، لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثبات لا يلزمهم، فهذه الحوطة لا تحل عند أحد من فهماء المسلمين، بل من في يده شيء فهوملكه، لا يحل الاعتراض عليه، ولا يكلف بإثباته. وقد اشتهر من سيرة السلطان أنه يحب العمل بالشرع، ويوصي نوابه به، فهوأولى من عمل به، والمسؤول: إطلاق الناس من هذه الحوطة والإفراج عن جميعهم، فأطلقهم أطلقك الله من جميع مكروه...»

فغضب السلطان من هذه الجرأة عليه، وأمر ببتر رواتبه وعزله عن مناصبه، فنطقوا له: «إنه ليس للشيخ راتب وليس له منصب»، ولما رأى الشيخ حتى الكتاب لم يفده، سار بنفسه إلى السلطان وقابله وحدثه كلاماً شديداً، فأراد السلطان حتى يبطش به، «فصرف الله تعالى قلبه عن ذلك وحمى الشيخ، وأبطل السلطان أمر الحوطة، وخلَّص الله تعالى الناس من شرها» على قول المؤرخين المسلمين.

صفته الشكلية

نطق المضىي في وصف الإمام النووي: «كان أسمر كث اللحية، ربعة مهيباً، قليل الضحك، عديم اللعب، بل جدّاً صرفاً، يقول الحق وإن كان مُراً، لا يخاف في الله لومة لائم»، ووصفه المضىي أيضاً بأن لحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة، ونطق الإسنوي: «كان في لحيته شعرات بيض، وعليه سكينة ووقار في البحث مع الفقهاء». وأما ملبسه، فيقول المضىي في "تاريخ الإسلام": «وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء من الحوارنة لا يؤبه له، عليه شبختانية صغيرة»، ونطق في كتاب "تذكرة الحفاظ": «ملبسه ثوب خام، وعمامة شبختانية صغيرة»، ونطق أيضاً: «وكان يلبس الثياب الرثة، ولا يدخل الحمام، وكانت أمه ترسل له القميص ونحوه ليلبسه».

معيشته

كان النووي خشن العيش، قانعاً بالقوت، تاركاً للشهوات، صاحب عبادة وخوف، وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة، وقوته من قِبَل والده، يُجري عليه في الشهر الشيء الطفيف، وكان لا يشرب إلا مرة بالسحر، فقد هجر جميع ملاذّ الدنيا من المأكول، إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، وهجر الفواكه جميعها، وكان لا يأكل في اليوم والليلة سوى أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، وإذا استهلك فلا يشرب الماء المبرد. نطق ابن العطار: «ورأيت رجلاً من أصحابه قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع من أكلها ونطق: أخشى حتى ترطب جسمي وتجلب النوم»، ونطق السخاوي: «ونحوه عدم تعاطيه البلح على عادة الدمشقيين». والمشهور حتى الإمام النووي لم يتزوج قط.

مؤلفاته

مخطوطة للأربعين النووية في مخطة تشستر بيتي بإيرلندا

مما يميز حياةَ الإمام النووي الفهمية غزارةُ إنتاجه، فقد اعتنى بالتأليف وبدأه عام 660هـ، وكان قد بلغ الثلاثين من عمره، وله الكثير من المؤلفات، مع أنه عاش نحوست وأربعين سنة فقط، فقد هجر من المؤلفات ما لوقُسم على سنيّ حياته لكان نصيب جميع يوم كراستين، ولقد حُكي عنه أنه كان يخط حتى تكل يده فتعجزه، فيضع القلم ثم ينشد:

لئن كان هذا الدمعُ يجري صبابة على غير سُعدى فهودمع مُضيّع

نطق الكمال الأدفوي: «كل ذلك (أي تصنيف مصنفاته) في زمن يسير وعمر قصير»، ونطق ابن العطار: «وانتفع الناس بسائر البلاد بتصانيفه، وأكبوا على تحصيل تواليفه، حتى رأيت من كان يشنؤها (يبغضها) في حياته، مجتهداً في تحصيلها والانتفاع بها بعد موته، فرحمه الله ورضي عنه، وجمع بيننا وبينه في جناته».

وقد ألف النووي في علوم شتى: الفقه والحديث وشرح الحديث والمصطلح واللغة والتراجم والتوحيد وغير ذلك، وتتميز مؤلفاته بالوضوح وصحة التعبير وانسيابه بسهولة وعدم تكلف، يقول المضىي: «إن عبارته أبسط من كلامه»، وأسلوبه أسلوب عصره مع عذوبة في الألفاظ، حتى إذا ابن مالك النحوي الشهير اشتهى حتى يحفظ المنهاج إعجاباً بما يخط ويؤلف. ومؤلفات النووي ثلاثة أقسام: قسم أنجزه وأتمه، وقسم أدركته الوفاة قبل حتى يتمه، وقسم غسل أوراقه أي محاها، وكانوا يغسلونها لأمر ما ولا يتلفونها لحاجتهم إلى ورقها. وما زالت مؤلفاته حتى الآن تحظى باهتمام المسلمين، وينتفعون بها في سائر البلاد.

مؤلفات أتمها

  • المنهاج في شرح سليم مسلم بن الحجاج.
  • روضة الطالبين وعمدة المفتين (في الفقه).
  • منهاج الطالبين وعمدة المفتين (في الفقه).
  • رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين (في الحديث).
  • الأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار.
  • التبيان في آداب حملة القرآن.
  • التحرير في ألفاظ التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي (في اللغة).
  • العمدة في تسليم التنبيه.
  • الإيضاح في المناسك (في الفقه).
  • إرشاد طلاب الحقائق إلى فهم سنن خير الخلائق (في مصطلح الحديث).
  • التقريب والتيسير في فهم سنن البشير النذير (في مصطلح الحديث).
  • الأربعون النووية (في الحديث).
  • بستان العارفين (في الرقائق).
يعد كتاب شرح سليم مسلم للنووي أحد أشهر الخط التي شرحت السليمين.
  • مناقب الشافعي.
  • مختصر أسد الغابة (في التراجم).
  • الفتاوى أوالمسائل المنثورة.
  • أدب المفتي والمستفتي.
  • مسائل تخميس الغنائم.
  • مختصر التذنيب للرافعي.
  • دقائق الروضة.
  • دقائق المنهاج.
  • تحفة طلاب الفضائل (في التفسير والحديث والفقه واللغة).
  • الترخيص في الإكرام والقيام (في الفقه).
  • مختصر آداب الاستسقاء.
  • رؤوس المسائل.
  • مسألة نية الاغتراف.


مؤلفات لم يتمها

  • المجموع شرح المهذب لأبي إسحاق الشيرازي (في الفقه).
  • تهذيب الأسماء واللغات (في اللغة والتراجم).
  • بترة من شرح الوسيط لأبي حامد الغزالي.
  • بترة من شرح سليم البخاري.
  • بترة يسيرة من شرح سنن أبي داود، منشورة باسم: الإيجاز في شرح سنن أبي داود
  • بترة في الإملاء على حديث الأعمال بالنيات.
  • كتاب الأمالي (في الحديث).
  • الخلاصة في أحاديث الأحكام.
  • مسوّدة من طبقات الفقهاء: وقد بيّضه الحافظ المزي.
  • بترة من التحقيق (في الفقه): وصل فيه إلى باب صلاة المسافر.
  • تحفة الطالب النبيه (في الفقه).
  • جامع السنة.
  • مهمات الأحكام (في الفقه).
  • الأصول والضوابط (في أصول الفقه).

وقد زاد إسماعيل باشا البغدادي في كتابه "هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين" من مؤلفات النووي: الإشارات في بيان الأسماء المهمات في متون الأسانيد، تحفة الوالد ورغبة الرائد، خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام، روح المسائل في الفروع، عيون المسائل المهمة، غيث النفع في القراءات السبع، المبهم من حروف المعجم، مرآة الزمان في تاريخ الأعيان.

كتاب المنهاج

كتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين للنووي.

هذا الكتاب في الفقه من أكثر خط النووي تداولاً بين الفهماء والطلبة، اختصره مؤلفه من كتاب "المحرر" للرافعي، وله فيه تسليمات واختيارات، يقول ابن العطار: وقد حفظه بعد موته خلق كثير. ويقول الشيخ علي الطنطاوي: انتشرت خط الإمام النووي في الأقطار، وعمّ النفع بها في حياته وبعد مماته، فكتابه المنهاج مثلاً لا يُحصى عدد من حفظه، لحسن اختصاره وعذوبة ألفاظه، وأكثرَ الفهماء والناظمون القول في مدحه على ذلك، حتى سارت أقوالهم فيه مسير الأمثال، من ذلك ما نطقه البرهان الجعبري:

لله دَرُّ إمام زاهد ورع أبدى لنا من فتاوى الفقه منهاجاً
ألفاظه كعقود الدر ساطعة على الرياض تزيد الحسن إبهاجاً
أحيا لنا الدين "محييه" فألبسه بما تنوّع من تصنيفه تاجاً

ونطق تاج الدين السبكي في أول البترة التي شرحها منه: «هذا الكتاب في هذا الوقت، هوعمدة الطلبة وكثير من الفقهاء في فهم الممضى». يقول علي الطنطاوي: «ولا يزال كذلك إلى أيامنا هذه. وقد اشتغل به شرحاً أوتعليقاً أونظماً أكثرُ من أربعين من فقهاء الشافعية، عدّهم السخاوي، ومن هذه الشروح ما موجود معروف، ومنها ما ضاع».

رياض الصالحين

يعد كتاب "رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين" للنووي أشهر خط الحديث النبوي الشريف في الوعظ والاعتبار وأكثرها انتشاراً. وقد جمع فيه النووي ما ذكره في المقدمة، إذ نطق:

«فرأيت حتى أجمع مختصراً من الأحاديث السليمة، مشتملاً على ماقد يكون طريقاً لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلاً لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعاً للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين: من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك من مقاصد العارفين. وألتزم فيه ألا أذكر إلا حديثاً سليماً من الواضحات، مضافاً إلى الخط السليمة المشهورات، وأصدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشح ما يحتاج إلى ضبط أوشرح معنى خفي بنفائس من التنبيهات.»

الروضة

من الخط الكبيرة المعتمدة في الممضى الشافعي "الروضة"، اختصرها النووي من كتاب الإمام الرافعي "شرح الكبير"، ولقد أثنى على الروضة الأئمة، فنطق الأذرعي: «هي عمدة أتباع الممضى في هذه الأمصار، بل سار ذكرها في النواحي والأقطار، فصارت كتاب الممضى المطول، وإليها المفزع في النقل وعليها المعول، فإليها يلجأ الطالب النبيه، وعليها يعتمد الحاكم في أحكامه والمفتي في فتاويه، وما ذاك إلا لحسن النية وإخلاص الطوية». وقد عُني بالروضة جماعة من الفهماء واشتغلوا بها اختصاراً وتعليقاً، ولقد عزم النووي قبل وفاته على غسلها (محوها) كما غسل غيرها، فقيل له: «قد سارت بها الركبان»، فنطق: «في نفسي منها أشياء»، وكان يريد مراجعتها وتحريرها فلم يتسع له العمر.

شرح سليم مسلم

يعد كتاب شرح سليم مسلم للنووي واحداً من أشهر الخط الإسلامية، حتى قيل: «ما عهد الناس شرحاً لكتاب في الحديث أتقن وأوفى وأبرع - مع اختصار - من كتاب شرح سليم مسلم للنووي، فإنه لم يدع لقارئه مهما يبلغ فهمه سؤالاً في سره أوفي علنه إلا ووجد جوابه فيه، من درس السند إذا كان فيه ما يبحث، ومن لغة وما يتعلق بها، ومن تسمية لما يجهل اسمه، ومن شرح المعنى، ومما يستنبط من الحديث، ومن نطق بظاهر الحديث ومن خالف وما حجته، مع فوائد كثيرة وعلوم غزيرة لا تستقصى».

ويقول علي الطنطاوي: «وأما شرح مسلم فهوكتاب جليل، لا أعهد في الشروح أجلّ منه إلا شرح ابن حجر على البخاري»، ونطق ابن كثير: «إنه جمع فيه شروح من سبقه من المغاربة وغيرهم». ونطق السخاوي: «وقد استدرك شيخنا (يعني ابن حجر العسقلاني) على الشيخ مواضع كان غرضُه إقرارَها بالتأليف فما اتفق له، وكان شديد الأدب معه حتى سمعته مراراً يقول: لا أعهد نظيره».

المجموع شرح المهذب

كتاب المجموع شرح المهذب للنووي.

أما شرح المهذب فقد وُصف بأنه أعظم ما خط النووي في الفقه، لم يُصنّف في ممضى الشافعية على مثل أسلوبه. نطق الإسنوي وابن الملقن: «ليته أكمله ونقصت خطه كلها». ونطق ابن كثير في تاريخه: «إنه لوكمل لم يكن له نظير في بابه، فإنه أبدع فيه وأجاد، وأفاد وأحسن الانتقاد، وحرر الفقه في الممضى وغيره، والحديثَ على ما ينبغي، واللغة والعربية، وأشياء مهمة، لا أعهد في خط الفقه أحسن منه. نطق: على أنه يحتاج إلى أشياء كثيرة تزداد عليه، وتضاف إليه». ونطق العثماني (قاضي صفد): «إنه لا نظير له، ولم يصنف مثله، ولكن ما أكمله ولا حول ولا قوة إلا بالله، إذ لوأكمله ما احتيج إلى غيره (أي في فقه الشافعية)، وبه عهد قدره واشتهر فضله».

ثناء الفهماء عليه

أثنى كثير من الفهماء والفقهاء والمحدثين والزاهدين على الإمام النووي، فقد وصفه ابن العطار بقوله:

«شيخي وقدوتي، الإمام ذوالتصانيف المفيدة والمؤلفات الحميدة، أوحد دهره وفريد عصره، الصوّام القوّام، الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، صاحب الأخلاق الرضية والمحاسن السنية، العالم الرباني المتفق على فهمه وإمامته، وجلالته وزهده، وورعه وعبادته، وصيانته في أقواله وأفعاله وحالاته، له الكرامات الطافحة، والمكرمات الواضحة، والمؤثر بنفسه وماله للمسلمين، والعالم بحقوقهم وحقوق ولاة أمورهم بالنصح والنادىء في العالمين، مع ما عليه من المجاهدة لنفسه،... قد صرف أوقاته كلها في أنواع الفهم والعمل، فبعضها للتصنيف، وبعضها للتعليم، وبعضها للصلاة، وبعضها للتلاوة والتدبر، وبعضها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.»

ونطق الشيخ أبوعبد الرحيم محمد الإخميمي: «كان الشيخ محيي الدين رحمه الله سالكاً منهاج الصحابة رضي الله عنهم، ولا أفهم أحداً في عصرنا سالكاً على منهاجهم غيره». ونطق المضىي: «الشيخ الإمام القدوة، الحافظ الزاهد، العابد الفقيه، المجتهد الرباني، شيخ الإسلام، حسنة الأنام»، ونطق ابن كثير: «الشيخ الإمام، العلامة الحافظ، الفقيه النبيل، محرر الممضى وممضىه، وضابطه ومرتبه، أحد العباد والفهماء الزهاد، كان على جانب كبير من الفهم والعمل والزهد والتقشف، والاقتصاد في العيش والصبر على خشونته، والتورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه ولا قبله بدهر طويل». ونطق الشيخ شمس الدين بن الفخر الحنبلي: «كان إماماً بارعاً حافظاً متقناً، أتقن علوماً جمة وصنف التصانيف الجمة، وكان شديد الورع والزهد، تاركاً لجميع الرغائب من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك وتين»، وأرخه الشيخ قطب الدين اليونيني ونطق: «كان أوحد زمانه في الفهم والورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش، واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة، فحُكي عن الملك الظاهر أنه نطق: أنا أفزع منه».

ونطق تاج الدين السبكي في ترجمة الإمام النووي:

«شيخ الإسلام، أستاذ المتأخرين، وحجة الله على اللاحقين، والداعي إِلى سَبِيل السالفين. كَانَ يحيى رَحمَه الله سيداً وَحَصُوراً، وليثاً على النَّفس هصوراً، وزاهداً لم يبال بخراب الدُّنْيَا إِذا صير دينه ربعاً معموراً، لَهُ الزّهْد والقناعة، ومتابعة السالفين من أهل السنة والجماعة، والمصابرة على أَنْوَاع الْخَيْر، لَا يصرف سَاعَة فِي غير طَاعَة، هَذَا مَعَ التفنن فِي أَصْنَاف الْعُلُوم، فقهاً ومتونَ أَحَادِيث وَأَسْمَاءَ رجال ولغةً وتصوفاً وَغيرَ ذَلِك.»

ولعل من أجمع ما قيل في الثناء عليه ما نطقه تلميذه الآخر أبوالعباس بن فرح: «كان الشيخ محيي الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، جميع مرتبة منها لوكانت لشخص شدت إليه آباط الإبل من أقطار الأرض، المرتبة الأولى: الفهم والقيام بوظائفه، الثانية: الزهد في الدنيا، الثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». ونقل تاج الدين السبكي عن والده تقي الدين السبكي: أنه لما سكن في قاعة دار الحديث الأشرفية في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، كان يخرج في الليل إلى إيوانها ليتهجد تجاه الأثر الشريف، ويُمرغ وجهه على البساط، وهذا البساط من زمان الأشرف الواقف، وعليه اسمه، وكان النووي يجلس عليه وقت الدرس، فأنشدني الوالد لنفسه:

وفي دار الحديث لطيفُ معنى على بُسط لها أصبووآوي
عساني حتى أمس بحُرّ وجهي مكاناً مسّه قدمُ النواوي

خط عن النووي

غلاف كتاب "المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي" لشمس الدين السخاوي

لقد اعتنى الفهماء والباحثون قديماً وحديثاً بترجمة الإمام النووي، وأفرده بالترجمة غير واحد في خط مستقلة، ومنهم:

  • تلميذه علاء الدين علي بن إبراهيم بن داود ابن العطار الشافعي، في كتاب "تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين".
  • شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، في كتاب "المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي".
  • جلال الدين السيوطي، في كتاب "المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي".
  • محمد بن الحسن اللخمي، في أربع ورقات كما نطق السخاوي.
  • كمال الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن الشافعي القاهري المعروف بابن إمام الكاملية، في جزء سماه "بغية الراوي في ترجمة الإمام النواوي".
  • أبوالفضل النويري خطيب مكة، في جزء سماه "تحفة الطالب والمنتهي في ترجمة الإمام النووي".
  • شمس الدين محمد بن الفخر عبد الرحمن بن يوسف البعلي.
  • أحمد بن محمد السُّحَيمي المصري الشافعي.
  • عبد الغني الدقر (معاصر)، في كتاب "الإمام النووي: شيخ الإسلام والمسلمين، وعمدة الفقهاء والمحدثين".
  • علي الطنطاوي (معاصر)، في كتاب "الإمام النووي"، ضمن سلسلة أعلام التاريخ.
  • محمود رجا مصطفى حمدان (معاصر)، في أطروحته للدكتوراة بعنوان "الإمام النووي وأثره في الفقه الإسلامي".
  • شحادة حميدي العمري، في أطروحته للماجستير بعنوان "الإمام النووي وجهوده في التفسير".
  • أحمد عبد العزيز قاسم الحداد، في أطروحته للماجستير بعنوان "الإمام النووي وأثره في الحديث وعلومه".
  • يعقوب كوج يغيت، في أطروحته للماجستير بعنوان "محيي الدين النووي: حياته وآثاره ومنهجه في شرح سليم مسلم".
  • حميد الداودي، له أطروحة بعنوان "الإمام النووي المحدث الفقيه من خلال كتابيه المجموع والمنهاج".

الهوامش

  1. ^ المدرسة الصارمية: هي مدرسة داخل باب الجابية قبلي القلعة في حي كان يسمى «حي سيدي عمود» وبانيها هوصارم الدين جوهر، وقد دُرست في زمن بعيد وأصبحت بيوتاً، وحي سيدي عمود كله أحرقه الفرنسيون أيام الثورة السورية سنة 1344هـ، ولا يزال موضعه ينطق له الحريقة في هذه الأيام.
  2. ^ المدرسة الرواحية: مدرسة مكانها شرقي مسجد ابن عروة الذي هولصيق الجامع الأموي من ناحية بابه الشرقي شمالي جيرون.

المراجع

  1. ^ الإمام النووي، عبد الغني الدقر، الطبعة الرابعة، 1415هـ - 1994م، دار القلم، دمشق نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ "إذا أُطلق الشيخان عند الشافعية يراد بهما النووي والرافعي". مؤرشف من الأصل في 21 أكتوبر 2018.
  3. ^ من المراد بالشيخين عند الأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة - مسقط طريق الإسلام نسخة محفوظةتسعة أبريل 2019 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ الأعلام، خير الدين بن محمود الزركلي الدمشقي، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، دار الفهم للملايين، بيروت، لبنان، ج8 ص149 نطقب:20170809214303/http://shamela.ws/browse.php/book-12286 نسخة محفوظة 15 مارس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  5. نزهة المتقين شرح رياض الصالحين، مجموعة من الفهماء، الطبعة الرابعة عشر، 1407هـ-1987م، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص9-12 نسخة محفوظةعشرة يناير 2020 على مسقط واي باك مشين.
  6. تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، الطبعة الأولى، 1428هـ-2007م، الدار الأثرية، عمان، الأردن، فصل في نسبه ونسبته، ص39-42 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  7. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، أسرته ومولده ونشأته، ص19-24 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  8. ^ "تسليم التنبيه ويليه تذكرة النبيه في تسليم التنبيه، ج1 ص12". مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2020.
  9. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، الطبعة الأولى، 2005م، دار الخط الفهمية، بيروت، لبنان، ص10-11 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  10. تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في مولده ووفاته، ص42-43 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  11. تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في مبدأ أمره واشتغاله، ص44-51 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  12. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص11 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  13. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، رحلته إلى دمشق وتحصيله الفهم، ص25-36 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  14. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص12 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  15. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، حليته وبعض أخباره، ص148-156 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  16. ^ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، المضىي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ-1987م، الطبعة الأولى، ج50 ص248 نسخة محفوظة 25 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  17. ^ علوالهمة، محمد بن أحمد المقدم، دار الإيمان، مصر، 2004م، ص168 نسخة محفوظة 11 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  18. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل، ص64 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  19. ^ روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبوزكريا يحيى بن شرف النووي، المخط الإسلامي، 1412هـ-1991م، ص4 نسخة محفوظة 23 أكتوبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  20. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص13-14 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  21. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، العلوم التي برع فيها وآثاره، ص47-74 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  22. ^ تذكرة النبيه في تسليم التنبيه، عبد الرحيم الإسنوي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ-1996م، ص40 نسخة محفوظة 14 أبريل 2020 على مسقط واي باك مشين.
  23. ^ البداية والنهاية، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، دار عالم الخط، 1424هـ-2003م، ص540 نسخة محفوظة 11 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  24. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، السخاوي، مسقط الوراق نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  25. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في الخط التي سمعها، ص60-61 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  26. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص18 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  27. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، مسقط الوراق نسخة محفوظة 25 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  28. ^ تذكرة الحفاظ، المضىي، ج4 ط20، ص1472 نسخة محفوظةثمانية مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  29. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل، ص63 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  30. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص44 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  31. ^ المقاصد، الإمام النووي، الطبعة الثالثة، 1422هـ-2001م، مخطة الغزالي، دمشق، ص11-19 نسخة محفوظة 25 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  32. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص14 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  33. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، شيوخه، ص37-46 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  34. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في ذكر شيوخه في الفقه، ص52-57 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  35. ^ طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، ج8 ص122 نسخة محفوظة 11 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  36. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في شيوخه الذين سمع منهم، ص62-63 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  37. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في شيوخه الذين أخذ عنهم أصول الفقه، ص58 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  38. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل فيمن أخذ عنه اللغة والنحووالتصريف، ص58-59 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  39. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، المدارس التي سكنها أوتولاها أوتفهم بها، ص75-86 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  40. ^ لمنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، السخاوي، مسقط الوراق نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  41. ^ طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، مسقط مشكاة للخط الإسلامية نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  42. ^ سكب العبرات للموت والقبر والسكرات، سيد بن حسين العفاني، الطبعة الأولى، 1420هـ-2000م، مخطة معاذ بن جبل، مصر، ص306 نسخة محفوظةثمانية مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  43. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، وفاته وما قيل فيه، ص197-209 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  44. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل، ص95-98 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  45. ^ ذيل مرآة الزمان، اليونيني، مسقط الوراق نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  46. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل في ذكر المراثي التي رثاه بها الفهماء، ص114-153 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  47. ^ انظر أيضاً: تأملات في سيرة إمام، شبكة صيد الفوائد، مشعل بن عبد العزيز الفلاحي نسخة محفوظة 24 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  48. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل، ص66-69 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  49. ^ ومنهم: ابن كثير وابن العماد وابن العطار والمضىي والسخاوي.
  50. ^ الإمام النووي، عبد الغني الدقر، الرباني الزاهد، ص87-103 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  51. ^ المنهل العذب الروي، شمس الدين السخاوي، مسقط المخطة الكاملة، ص28 نسخة محفوظة 18 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  52. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، فصل، ص98-113 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  53. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ص104-135 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  54. ^ تذكرة الحفاظ، المضىي، دار الخط الفهمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ-1998م، ج4 ص176 نسخة محفوظة 11 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  55. ^ لمنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، السخاوي، مسقط الوراق نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  56. ^ المنهل الراوي من تقريب النوواي، تحقيق مصطفى الخن، دار الملاح، ،ص16 نسخة محفوظةثمانية مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  57. ^ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، شمس الدين المضىي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1407هـ-1987م. نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  58. ^ شذرات المضى في أخبار من مضى، ابن العماد الحنبلي نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  59. ^ انظر أيضاً: الفهماء العزاب، عبد الفتاح أبوغدة، مخط المطبوعات الإسلامية، بيروت، 1402هـ-1982م، ص92 نسخة محفوظةتسعة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  60. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، مؤلفات النووي، ص157-190 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  61. ^ الإمام النووي، عبد الغني الدقر، ص169 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  62. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، ص11 نسخة محفوظة 11 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  63. ^ الإمام النووي، علي الطنطاوي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1399هـ-1979م، ص20-21 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  64. ^ الإمام النووي، عبد الغني الدقر، ص172 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  65. ^ رياض الصالحين، النووي، تحقيق: مصطفى عمارة، ص11 نسخة محفوظة ثلاثة أبريل 2020 على مسقط واي باك مشين.
  66. ^ الإمام النووي، عبد الغني الدقر، ص163 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  67. ^ الإمام النووي، علي الطنطاوي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1399هـ-1979م، ص24 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  68. ^ الإمام النووي، عبد الغني الدقر، ص160 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  69. ^ الإمام النووي، علي الطنطاوي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1399هـ-1979م، ص25 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  70. ^ المنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، شمس الدين السخاوي، مسقط الوراق نسخة محفوظة 17 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  71. ^ الإمام النووي، علي الطنطاوي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية، 1399هـ-1979م، ص21-22 نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  72. الإمام النووي، عبد الغني الدقر، ثناء الفهماء عليه، ص136-147 نسخة محفوظة 29 أبريل 2013 على مسقط واي باك مشين.
  73. ^ انظر أيضاً: روضة الطالبين، النووي، دار عالم الخط، 1423هـ-2003م، ص53-54 نسخة محفوظة 14 أبريل 2020 على مسقط واي باك مشين.
  74. ^ روضة الطالبين، النووي، دار عالم الخط، 1423هـ-2003م، ص59 نسخة محفوظةتسعة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  75. ^ يحيى النووي.. المحدث الفقيه - مسقط منطقات إسلام ويب نسخة محفوظة 11 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  76. ^ المنهاج شرح سليم مسلم بن الحجاج - ج 1 - تقديم نسخة محفوظةتسعة مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  77. ^ طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1413هـ، ج8، ص395 نسخة محفوظة 04 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  78. ^ سلسلة المبدعون، طارق السويدان، الحلقة 11، الإمام النووي نسخة محفوظة 26 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  79. ^ طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1413هـ، ج8، ص396 نسخة محفوظة 04 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  80. ^ تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين، علاء الدين بن العطار، من أفرد ترجمة الإمام النووي بكتاب مستقل، ص9-13 نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.

انظر أيضا

  • محمد بن إدريس الشافعي
  • أبوالقاسم الرافعي القزويني
  • ابن إمام الكاملية
  • شافعية

وصلات خارجية

  • الإمام النووي: حياة مع الفهم - مسقط سيرة الإسلام
  • نبذة عن الإمام النووي رحمه الله - مسقط إسلام ويب
  • فوائد تي في: المبدعون: الإمام النووي - طارق السويدان.
  • النووي - المسقط الرسمي للمخطة الكاملة
  • العطر الشذي من ترجمة الإمام النووي لمحمود داود دسوقي خطابي - شبكة الألوكة
تاريخ النشر: 2020-06-02 00:51:12
التصنيفات: شيوخ الإسلام, أشاعرة, ببليوجرافيون, حقوقيون في القرن 13, علماء الرجال, علماء حديث, علماء حديث من الشام, علماء دين مسلمون سنة, فقهاء الشافعية, فقهاء سنة, قضاة شرعيون, كتاب سيرة في القرن 13, مؤرخون في القرن 13, مسلمون باحثون في الإسلام في القرن 13, مواليد 1233, مواليد 1234, مواليد 630 هـ, مواليد 631 هـ, مواليد في نوى, موسوعيون مسلمون, وفيات 1277, وفيات 676 هـ, وفيات 677 هـ, وفيات في نوى, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, صفحات تستخدم خاصية P373, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P213, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P906, صفحات تستخدم خاصية P268, بوابة علوم إسلامية/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة الحديث النبوي/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة الشام/مقالات متعلقة, بوابة سوريا/مقالات متعلقة, بوابة الدولة المملوكية/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

وفاة الفنانة خديجة أسد بعد صراع طويل مع السرطان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:26:17
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

"كيمارك": 30 مليار دولار حجم سوق اللقاحات العالمي في 2025

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:25:59
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

كييف تعترف بسيطرة روسيا على بلدة سوليدار شرقي أوكرانيا

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:26:08
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

سياسي / إصابة فلسطينيين بجروح برصاص جيش الاحتلال بالقدس المحتلة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:28:14
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 51%

اقتصادي / "الأونكتاد " يدعو إلى إنعاش الاقتصاد العالمي

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:28:11
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

بطول 121 كم.. تحسين ورفع مستوى السلامة على طريق «أبو حدرية»

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:25:52
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

هل يعي الأوربيون حجم تضحيات المغرب لاستقرار دول الاتحاد الأوربي؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:25:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

الإسعافات الأولية للمصابين بنوبات الصرع.. نصائح ضرورية

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:25:47
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

غنية بالفيتامينات.. أطعمة تحسِّن صحة العين وتحميها من الالتهابات

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:26:05
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

الأراضي السكنية تتصدر الصفقات العقارية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:24:37
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

وفاة الفنانة خديجة أسد بعد صراع طويل مع السرطان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 00:26:12
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

تحميل تطبيق المنصة العربية