كاشغر أوقشغر أوقاشغر إحدى أشهر مدن هجرستان الشرقية وأهمها، وكانت عاصمة لهذا الإقليم، ولها مركز عظيم في التجارة مع روسيا.

وقد اجتاحت هجرستان الشرقية القوات الصينية الشيوعية سنة 1949م واحتلتها، فأطلق عليها الصينيون اسم (سينكيانج) وهي حدثة صينية تعني: المستعمرة الجديدة، وتبعهم بهذه التسمية الأوروبيون وبعض المصادر العربية الحدينة، إلا حتى أهل هجرستان الشرقية المسلمون يحبون حتى تسمى بلادهم باسمها القديم: هجرستان الشرقية، ولا يحبون تسميتها بالاسم الصيني الجديد.

وقد لعبت هجرستان الشرقية دوراً تاريخياً مهماً في التجارة العالمية. وكان طريق الحرير المشهور يمر بها، وهوالطريق الذي كان يربط بين الصين، أبعد بلاد العالم القديم، والدولة البيزنطية.

وبدأ الإسلام يدخل هجرستان الشرقية على عهد عبد الملك بن مروان سنة 86هـ ست وثمانين الهجرية (705م)، ولكن البلاد أصبحت إسلامية حكومة وشعباً سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة الهجرية (964م) بدخول السطان ستوق بغراخان الإسلام، فضم الإسلام البلاد كافة.

التمهيد للفتح

بتر قتيبة بن مسلم الباهلي النهر – نهر جيحون - في سنة أربع وتسعين للهجرة (712م) متوجهاً إلى فرغانة. وفرغانة اسم مدينة واسم إقليم. وإقليم فرغانة من أنطقيم نهر سيحون في بلاد ما وراء النهر، متاخمة لهجرستان، وليس فما وراء النهر أكثر قرى من فرغانة، وربما بلغ حد القرية فترة لكثرة أهلها وانتشار مواشيهم وزروعهم.

أما فرغانة المدينة فكثيرة الخيرات، كثيرة القرى والحقول والمزارع، بينها وبين سمرقند خمسون فرسخاً.

واصطدمت قوات قتيبة بقوات أهل فرغانة في مدينة خجندة إحدى مدن إقليم فرغانة، فقاوم أهل فرغانة ومن معهم من الهجر القادمين مدداً لهم من مدينة كاشغر المجاورة، وكانت مقاومتهم شديدة اضطر قتيبة على الاشتباك بهم مراراً، وفي جميع مرةقد يكون الظفر فيها للمسلمين. وأخيراً انتهت مقاومة أهل فرغانة وحلفائهم الباسلة، ففتح المسلمون الإقليم كافة.

وكان سبب حشد أهل فرغانة قواتهم الضاربة في خجندة، هولأنها أول مدن إقليم فرغانة من الغرب، وهي على حدود إقليم الصغد الشرقية التي فتحها المسلمون من قبل، فهي الخط الدفاعي الأول عن إقليم فرغانة.

وخجندة ، بلدة مشهورة بما وراء النهر، تقع على شاطئ نهر سيحون، بينها وبين سمرقند عشرة أيام شرقاً، وهي مدينة نزهة، ليس بذلك الصقع أنزه منها، وفي وسطها نهر جار، ولأهلها سفن يسافرون بها في سيحون، وتقوم على ضفة سيحون اليسرى.

ولعل مسقط هذه المدينة القريب من إقليم الصغد الذي فتحه المسلمون قبل اليوم، وتيسر وسائط النقل فيها، وكثرة موادها الغذائية، وأهميتها القصوى لإقليم فرغانة، هي أبرز مسببات حشد قوات إقليم فرغانة على أرضها، وقبول المعركة الدفاعية الحاسمة عن إقليم فرغانة في ربوعها.

الفتح

كان الاحتفاظ بإقليم فرغانة بيد المسلمين، يقضي على المسلمين فتح منطقة كاشغر التي تقع شرقي إقليم فرغانة، ويقطنها الهجر كما يقطنون إقليم فرغانة. وفي سنة ست وتسعين الهجرية (714م) غزا قتيبة مدينة كاشغر، وهي أدنى مدائن الصين وأقربها إلى فرغانة.

وسار قتيبة من مروعاصمة خراسان على رأس جيشه، وحمل الناس عيالاتهم لتستقر في سمرقند.

وعبر الجيش الإسلامي نهر جيحون، فاستخدم قتيبة رجلاً على معبر النهر، ليمنع من يرجع من جنده إلا بجواز منه وبموافقته الخطية.

ومضى جيش المسلمين إلى فرغانة، مروراً بسمرقند، حيث أبقى الناس عيالاتهم فيها بحماية المسلمين من أهل سمرقند، وكان الإسلام قد انتشر فيها انتشاراً سريعاً موفقاً.

وفي فرغانة، أكمل قتيبة استعدادات جيشه للقتال، وأوفد إلى (شعب عصام) الفَعَلَة لتمهيده، حتى يجتاز الجيش بسهولة ويسر وسرعة، فأكمل العملة مهمتهم، وأبلغوا قتيبة بإكمالها.

والعملة هم سلاح الهندسة، كما نطلق عليه اليوم في المصطلحات العسكرية الحديثة: وهم الذين يمهدون الطرق، ويبنون القناطر والجسور، ويزيلون العقبات الطبيعية، ويؤمّنون وسائط اجتياز الأنهار، ويشرفون على العبور والمعابر.

ويبدوحتى (شعب عصام) أووادي عصام، عارض من العوارض الطبيعية الوعرة، يعرقل مسيرة الجيش بقوات كبيرة، ويقع بين فرغانة والحدود الصينية القديمة.

وتقدم قتيبة على رأس جيشه من فرغانة، سالكاً الطريق التجارية التي تربط مدينة فرغانة بمدينة كاشغر، ماراً بجنوب بحيرة (جاتيركول) السوفييتية حالياً، على الحدود الصينية-السوفييتية، مقتحماً ممر (تيهجر) في هجرستان الشرقية.

وبعث قتيبة مقدمة أما جيشه إلى كاشغر، فتقدمت حتى وصلت إلى هدفها، بعد حتى أزاحت المقاومات الطفيفة التي صادفتها في طريقها، وغنمت وسبت.

وأوغل قتيبة حتى قارب حدود الصين القديمة، ففتح كاشغر، وجنغاريا الواقعة على حدود منغوليا، وترفان على مقربة من الحدود المنغولية، وخوتن الواقعة شمالي التبت وكشمير، وقانوالتي تقع تماماً في منتصف الصين الحالية.

ولكن المصادر العربية المعتمدة تقتصر على فتح كاشغر في هذه السنة ولا تقدم التفاصيل الإضافية الأخرى عن فتوح المدن الصينية الأخرى.

المفاوضات

بات الاصطدام بين المسلمين من جهة وبين ملك الصين من جهة ثانية وشيكاً، فطلب ملك الصين التفاوض بين الجانبين، وعرض التفاوض على قتيبة، فقد أوغل قتيبة حتى قارب الصين واخترق حدودها الغربية، فخط إليه ملك الصين: «ابعث إلي رجلاً شريفاً يخبرني عنكم وعن دينكم»، فوافق قتيبة على طلب ملك الصين.

واختار قتيبة من بين رجال جيشه اثني عشر رجلاً، لهم جَمال وألسن وبأس وتجمّل وصلاح، وأمر لهم بعُدّة حسنة ومتاع حسن من الخز والوشى وغير ذلك وخيول حسنة، وكان منهم هُبيرة بن مشمرج الكلابي مفوّهاً سليط اللسان، ونطق لهم: «إذا دخلتم على ملك الصين، فأفهموه أني حلفتُ أني لا أنصرف حتى أطأ بلادهم، وأختم ملوكهم، وأجبي خراجهم»..

وسار وفدُ قتيبة إلى ملك الصين، عليهم هبيرة بن مشمرج الكلابي، فلما قدموا الصين، نادىهم ملكها، فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل، وتطيبوا ولبسوا الأردية، ودخلوا على الملك، وكان عنده عظماء قومه، فأخذوا أماكنهم في مجلسه، فلم يحدث الملك الوفد ولا أحد ممن عنده.

ولما انصرف الوفد من مجلس الملك، نطق الملك لمن حضره: «كيف رأيتم هؤلاء؟» نطقوا: «رأينا قوماً ما هم إلا نساء».

وبالطبع نطق من حول الملك ما يحب الملك حتى يسمع، لا ما يجب على الملك حتى يسمع، أسوة من حول أصحاب السلطان في جميع زمان وكل مكان.

وفي غد نادىهم الملك إلى مجلسه، ولبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف –ألبسة من خزّ مربعة لها أعلام- وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم: ارجعوا.

ونطق الملك لأصحابه بعد انصراف وفد المسلمين: كيف من الممكن أن رأيتم،يا ترى؟ فنطقوا: هذه أشبه بهيئة الرجال من تلك.

وفي اليوم الثالث نادىهم الملك إلى مجلسه أيضاً، فشدوا سلاحهم، ولبسوا البيض –الخوذ والمغافر- (جمع مِغفر)، وهوزرد ينسج على قدر الرأس، يلبس تحت القلنسوة.. وأخذوا السيوف والرماح والقسي، وركبوا خيولهم العربية المطهمة الأصيلة.

ونظر إليهم ملك الصين، فرأى أمثال الجبال المقبلة، فلما دنوا من مجلس الملك، ركزوا رماحهم ثم أقبلوا مشمرين.

وقيل لهم قبل حتى يدخلوا على الملك: »ارجعوا..« لِما ولج في قلوب الملك ومن معه من رجال الصين وقادتها من خوف ورهبة.

وانصرف الوفد عائداً إلى مستقره، بعد حتى أخذوا رماحهم واستعادوا سلاحهم وامتطوا خيولهم، ثم دفعوا الخيل حضراً –عدْوذووثب، وهوركض الخيل بأقصى سرعتها، كالذي يجري في سباق الخيل- كأنهم يتطاردون، فنطق الملك لأصحابه: كيف من الممكن أن ترونهم،يا ترى؟ فنطقوا: ما رأينا مثل هؤلاء!

وفي مساء ذلك اليوم، بعث ملك الصين إليهم، حتى ابعثوا إليّ زعيمكم. فبعثوا إليه هبيرة، فنطق له الملك: قد رأيتم عظم ملكي، وأنه ليس أحد يمنعكم مني، وأنت في يدي بمنزلة البيضة في كفي، وإني سائلكم عن أمر، فإن لم تصدقوني قتلتكم.

وما كان هبيرة بحاجة إلى التهديد والوعيد، وليس هومن الرجال الذين يخيفهم التهديد والوعيد، فهولا يكذب أبداً حتى ولواغتال على حتى يكذب لا على ألا يكذب، فلا مجال لتهديده بالقتل إذا لم يصدق.

وسأل الملك هبيرة: لما صنعوا في الزي الأول ما صنعوا، ثم الزي الثاني، والزي الثالث؟

وكان جواب هبيرة: أما زيّنا الأول، فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا، وأما الثالث فزيّنا لعدوّنا.

ونطق الملك: ما أحسن ما دبرتم دهركم، فانصرفوا إلى صاحبكم، فقولوا له: ينصرف، فإني قد عهدت حرصه وقلة أصحابه، وإلا بعثتُ عليكم من يهلككم ويهلكه.

وإذا كانت الجبال الراسيات تهتز قيد أنملة من خطرات النسيم العليل، فإن هبيرة قد اهتز يومئذ من وعيد الملك وتهديده، فلا بد له من حتى يبلغ هذا الملك رسالة قتيبة بقوة وأمانة وصدق، فنطق للملك في ثقة كاملة وهدوء تام: كيف من الممكن أنقد يكون قليل الأصحاب مَن أول خيوله في بلادك، وآخرها في منابت الزيتون! وكيفقد يكون حريصاً من خلّف الدنيا وغزاك؟

وأما تخويفك بالقتل، فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل، فلسنا نكرهه ولا نخافه.

واستخذى الملك في مجابهة قولة الحق، فنسي تهديده ووعيده، ثم تساءل في قول ليّن رقيق: فما الذي يُرضي صاحبك،يا ترى؟ فأجابه هبيرة بقول فصل لا مساومة فيه: إنه حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم، ويختم ملوككم، ويُعطَى الجزية.

واستخذى الملك إلى درجة الانهيار بعد حتى سمع حدثة الحق تزهق الباطل، فنطق: فإنا نخرجه من يمينه: نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطأه، ونبعث أبناءنا فيختمهم، ونبعث له مالاً يرضاه..

ونادى الملك بصحاف من مضى فيها تراب من أرض الصين، وبعث بحرير ومضى وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجاز الوفد فأحسن جوائزهم، فقدموا على قتيبة الذي قبل الجزية، وختم الغلمان، وردّهم إلى الملك، ووطئ تراب الصين.

وقد لجأ الوفد الإسلامي إلى تبديل أزيائهم للتأثير في معنويات ملك الصين ومن معه، مما أدّى إلى انهيار معنويات الصينيين واستجابتهم لمطالب المسلمين.

حقيقة الفتح

المؤرخون العرب يذكرون حتى مدينة كاشغر هي أدنى مدائن الصين، ولكن البلدانيين العرب يذكرون أنها من مدن هجرستان. وما أخطأ المؤرخون العرب، لأن حدود الصين كانت تمتد غرباً فتضمّ حدودُها هجرستان الشرقية بكاملها، أوجزءاً منها في حالة اشتداد قوة ملوك الصين، وتنحسر تلك الحدود نحوالشرق، فتستقل هجرستان الشرقية بحدودها الطبيعية، أوتمتد حدود هجرستان الشرقية فتضم إليها أجزاء من الصين، في حالة قوة ملوك هجرستان وضعف ملوك الصين. وما أخطأ البلدانيون العرب القدامى في ذكرهم حتى مدينة كاشغر من مدن هجرستان الشرقية، فهي في الواقع كذلك أصلاً، ولكنها تدخل في حدود الصين تارة، وتكون خارج حدودها تارة أخرى.

وقد ظلت هجرستان الشرقية خاصة عرضة لهجمات الصينيين حتى أصبحت اليوم من أجزاء الصين كما هومعلوم.

ومن مراجعة تاريخ هجرستان الشرقية القديم يتضح لنا حتى منطقة كاشغر والمناطق التي حولها التي امتدت الفتوحات الإسلامية إليها، كانت ضمن دولة (كول تورك) التي كانت من سننة 552 م إلى سنة 745 م، ومعنى هذا حتى الفتح الإسلامي في هجرستان سنة ست وتسعين الهجرية (714 م) كان على عهد تلك الدولة الهجرية التي كانت في عداء مستمر مع جارتها الشرقية الصين، وكانت على ولاء تام مع بلاد ما وراء النهر، وخاصة مع إقليم فرغانة، لأن العنصر الهجري كان يسيطر على هذا الإقليم، فكان تعاونه مع هجرستان الشرقية تعاوناً وثيقاً.

ويذكر لنا تاريخ هجرستان الشرقية القديم، حتى الاضطرابات ضمت هجرستان الشرقية سنة إحدى وعشرين ومائة الهجرية (738 م)، فاستغل الصينيون هذه الاضطرابات واعتدوا على هجرستان الشرقية وضمّوها إلى بلادهم.

ولكن الأتراك من سكان هجرستان الشرقية تمكنوا من الحصول على المعونات العربية الإسلامية سنة أربع وثلاثين ومائة الهجرية (751 م) على عهد الدولة العباسية في بغداد، وتمكنوا بهذا العون من إنقاذ بلادهم من حكم الصين، وهزموا الصينيين في معركة (تالاس) المشهورة.[2]

يتضح من ذلك حتى الفتح الإسلامي في كاشغر والمدن الأخرى جرى في هجرستان الشرقية لا في الصين، ولكن ملك الصين الذي عثر سرعة تقدم الفتوح الإسلامية ووصولها إلى حدوده الغربية مباشرة في حينه، سعى لإرضاء الفاتحين خوفاً من اختراق بلاده وفتحها، فقدم ما قدم لقتيبة إرضاء له ولمن معه من المجاهدين، وصدّاً لتيارهم الجارف بالتي هي أحسن.

الشهيد..

والسبب الحقيقي لعودة قتيبة وجيشه عن حدود الصين الغربية، كما تذكر المصادر التاريخية المعتمدة، هووصول خبر وفاة الوليد بن عبد الملك، وتولّي سليمان بن عبد الملك الخلافة بعده، وكان ذلك سنة ست وتسعين الهجرية[3] وكان الوليد مؤيداً لقتيبة وسنداً له أسوة بقادة الحجاج بن يوسف الثقفي كافة، وكان سليمان يكرههم ولا يميل إليهم، لأن الوليد بن عبد الملك أراد حتى ينزع أخاه سليمان بن عبد الملك عن ولاية العهد ويجعل بدله عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ابنه، فبايعه على خلع سليمان الحجاجُ وقتيبة وقادة الحجاج الآخرون.

وعاد قتيبة بمن معه من جيش المسلمين، فقتل في فرغانة سنة ست وتسعين الهجرية، وهي في طريق عودته إلى خراسان، فنطق رجل من العجم: ما معشر العرب، قتلتم قتيبة! والله لوكان قتيبة منا فمات لجعلناه في تابوت فكنا نستسقي به ونستفتح إذا غزونا!

ونطق أحد رجالات العجم بعد مقتل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة: يا معشر العرب، قتلتم قتيبة ويزيد وهما سيدا العرب!

رثاء وشعر في قتيبة

ورثا قتيبة كثير من شعراء العرب، فنطق الفرزدق:

أتاني ورحلي بالمدينة سقطة * لآل تميمٍ أقعدتْ جميع قائم

ونطق عبد الرحمن بن جمانة الباهلي:

كأنّ أبا حفص قتيبة لم يَسْرِ * بجيشٍ إلى جيش ولم يَعْلُ منبرا

ولم تخفق الرايات والقوم حوله * وقوف، ولم يشهد له الناسُ عسكرا

دعته المنايا فاستجاب لربّه * وراح إلى الجنات عِفّاً مطهّرا

فما رزئ الإسلامُ بعدَ محمّد * بمثل أبي حفص، فيبكيه عبْهَرا

وعبهرا: اسم ولد لقتيبة.

ونطق جرير في رثاء قتيبة:

ندمتم على اغتال الأمير ابن مسلمٍ * وأنتم إذا لاقيتم الله أندَمُ

لقد كنتم في غزوه في غنيمة * وأنتم لمن لقيتم اليومَ مغنَمُ

على أنه أفضى إلى حور ربّه * وتُطبق بالبلوى عليكم جهنمُ

والشعر في رثائه كثير، والثناء عليه أكثر، ولكنه كان أكبر من جميع رثاء وثناء، فآثاره باقية، وفتوحه عظيمة، وأعماله لا تبلى.

يكفي حتى نذكر حتى مساحة فتوحه تبلغ أربعين بالمائة من مساحة الاتحاد السوفييتي[4] وثلاثاً وثلاثين بالمئة من مساحة الصين الشعبية في الوقت الحاضر.وأن سكان المناطق التي فتحها في بلاد ما وراء النهر وهجرستان الشرقية ضمن الاتحاد السوفييتي والصين لا يزالون مسلمين حتى اليوم، يتبركون بقراءة القرآن الكريم، ويعتزون بالعربية لغة والإسلام ديناً، بالرغم مما يلاقونه من عنت شديد ومحن وعناء.

مجلة الأمة، العدد 50، صفر 1405 هـ

[1] بلاد ما وراء النهر كان نهر جيحون القديم يعد الحد الفاصل بين الأقوام الناطقة بالفارسية والهجرية، أي إيران وتوران، فما كان من شماله، أي وراءه، من أنطقيم سمّاها العرب: ما وراء النهر، وهونهر جيحون، وكذلك سمّوها: الهيطل.

[2] إسماعيل حقي شن كولر – قضية هجرستان الشرقية، ص 64-65.

[3] المضىي، العبر ص 114

[4] هذا قبل سقوطه في أوائل التسعينات من القرن الماضي.

معرض صور

مراجع