تأويل

إن هذه الموضوعة أوهذا القسم مختلف عليها. راتى طالع الخلاف في صفحة النقاش. (مايو2016)

التأويل من المصطلحات المختلف عليها في علوم الدين والقرآن عند المسلمين فمنهم من نطق:يطلق في القرآن والسنة ويراد به التفسير، كما يراد به الحقيقة التي يؤول إليها الأمر أوالخبر. تأويل الكلام هوالرجوع به إلى مراد المتحدث، وهوعلى قسمين: الأول: بيان مراد المتحدث، وهذا هوالتفسير. الثاني: الموجود الذي يؤول إليه الكلام، أي ظهور المتحدث به إلى الواقع المحسوس. وهناك من نطق بأن التفسير غير التأويل مثل قول (الثعلبي):التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أومجازاً، والتأويل تفسير باطن اللفظ.

مصطلح التأويل

التأويل في اللغة هوالإرجاع. أوّلَ الشئ أي أرجعه، وآل إليه الشئ أي عاد إليه . إذن فحدثة (آل) (إيالاً) و(أيلولةً) و(مآلاً) تعني عاد وصار و(آل) عنه تعني ارتد. و(آل) على القوم تعني ولي عليهم فهم رعاياه ويرجعون اليه وهومسئول عنهم. و(أوّل) الشئ إليه أرجعه، و(أوّل) الكلام يعني فسره... فكأن التأويل هوإرجاع للحدثة المرادة إلى أصل أبعد من المعنى الحرفي لها. أي حتى التأويل إرجاع أبعد من إرجاع المفردة العادية، أو، قل، هوإرجاع ثنائي، أولا يتم إرجاع الحدثة إلى الذهن لفهم معناها، ثم يتم إرجاع المعنى إلى ما وراء المعنى المصطلح عليه للتوصل إلى (معنى المعنى).

ولعله لا توجد حدثة في العربية أثارت جدلا بين الباحثين مثل حدثة تأويل. فهي الحدثة التي امتازت بفتح الأفق واكتشاف المثير والجديد، كما أنها هي نفسها التي أظهرت الطوائف الإسلامية باختلافها الموضوعي وغير الموضوعي الذي وصل حد الاقتتال، كما هي بذاتها التي أخرجت المدارس النقدية والفكرية والفنية المتميزة ودارت حولها أفكارها ومفاهيمها، وهي (هي) التي تثير جدلا واسعا الآن بين مفكري العصر الحديث، وهي (هي) التي عن طريقها يبلغ الأديب والفقيه ذروة غاياته.

ولفهم التأويل أكثر لا بد من التطرق لعدد من المصطلحات اللغوية التي تتبع لحدثة تأويل مثل (الدلالة) و(التفسير) و(اللغة).

التأويل عند أهل السنة

التأويل عند الإمام الطبري

للتأويل عند الإمام الطبري اهتمام بالغ، حيث أطلق لفظ التأويل في بداية تفسير جميع آية، فيقول: "القول في تأويل قوله تعالى" ثم يأخذ في التفسير. وقد اتى في مقدمته حتى تأويل جميع القرآن على ثلاثة أوجه.

يقول الإمام أبوجعفر محمد بن جرير الطبري في مقدمة تفسيره جامع البيان في تأويل آي القرآن:

قد قلنا فيما مضى من كتابنا هذا في وجوه تأويل القرآن، وأن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة:

أحدها لا سبيل إلى الوصول إليه، وهوالذي استأثر الله بفهمه، وحجب فهمه عن جميع خلقه، وهوأوقات ما كان من آجال الأمور الحادثة، التي أبلغ الله في كتابه أنها كائنة، مثل: وقت قيام الساعة، ووقت نزول عيسى ابن مريم، ووقت طلوع الشمس من مغربها، والنفخ في الصور، وما أشبه ذلك.

والوجه الثاني: ما خص الله بفهم تأويله نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته، وهوما فيه مما بعباده إلى فهم تأويله الحاجة، فلا سبيل لهم إلى فهم ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لهم تأويله.

والثالث منها: ما كان فهمه عند أهل اللسان الذي هبط به القرآن، وذلك فهم تأويل عربيته وإعرابه، لا يوصل إلى فهم ذلك إلا من قبلهم.

فإذ كان ذلك كذلك، فأحق المفسرين بإصابة الحق - في تأويل القرآن الذي إلى فهم تأويله للعباد السبيل - أوضحهم حجة فيما تأول وفسر، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه: إما من جهة النقل المستفيض، فيما عثر فيه من ذلك عنه النقل المستفيض، وإما من جهة نقل العدول الأثبات، فيما لم يكن فيه عنه النقل المستفيض، أومن جهة الدلالة المنصوبة على صحته; وأصحهم برهانا - فيما ترجم وبين من ذلك - مما كان مدركا فهمه من جهة اللسان: إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة، كائنا من كان ذلك المتأول والمفسر، بعد حتى لاقد يكون خارجا تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وفهماء الأمة.

وتفسير الطبري من أكبر خط التفسير، يقع في ثلاثين جزءاً، وهومطبوع عدة طبعات. وهوتفسير تام فسّر فيه الطبري القرآن الكريم آية آية، وحدثة حدثة. وهويقسِّم السورة إلى مجموعات، تضم جميع مجموعة آية أوأكثر، ويبدأ تفسير جميع مجموعة بقوله: (القول في تأويل قوله تعالى...)، ثم يُبَيِّن المعنى في إيجاز بأسلوبه وعبارته، ثم يقول: (وبمثل الذي قلنا في تأويل الآية نطق جماعة من أهل التأويل)، ويعقب ذلك مباشرة بقوله: (ذِكْر مَنْ نطق ذلك) فيذكر الروايات المنقولة في الآية أوالحدثة التي يفسرها عن النبي أومفسري الصحابة والتابعين وتابعيهم. وإذا كان هناك اختلاف في تفسير شيء من القرآن بين أهل التفسير فإنه يقول: (وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله... فنطق بعضهم... ونطق آخرون).

التأويل الإسلامي الحديث

إن التأويل (حركة) متصاعدة لا تتوقف فإذا توقفت تحتم وجود تجاوز زمكاني للنص لهذا فإن النص لا يعيش الا في ظل التأويل.. ومن هنا ظهرت في العصر الحديث حركات إسلامية (فردية)عديدة تبنت مفهوما جديدا للنص القرآني كما ظهر مفكرون أصحاب وجهات نظر مغايرة لمألوف التراث الإسلامي ولعل تاريخ هذه الحركة الفكرية الجديدة قد استهلت بالإمام محمد عبده الذي قاد هجمة شرسة على مؤسسة الدين الرسمية في البلاد (الأزهر) ومما نطقه عن الأزهر (مكثت عشرة أعوام أنظف رأسي عن قاذوراته ولم أستطع).. ولعل هذه القطيعة العجيبة بين شيخ أزهري وبجدته كان سببها الرئيس هي تأويلاته الحداثوية التي لاقت اعتراضا شرسا من اصحاب العمامات. يقاسم الشيخ محمد عبده ريادته الدكتور طه حسين الذي أحدث ثورة في عالم الفكر الديني ومن أشهر مظاهر ثورته كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي رفض فيه ما نحل للشعراء الجاهليين من أشعار من قبل المفسرين وكتاب السيرة. وهناك أيضا محمد عمارة الذي تأثر بأفكار المعتزلة وحقق لهم الكثير من الخط المهمة ومن أبرز خطه (التراث في ضوء العقل). وهناك المحرر (علي حرب) الذي تناول أزمة الحداثة والفكر الإسلامي، وهناك أيضا المحررة فاطمة المرنيسي. وهناك أيضا الدكتور نصر حامد أبوزيد الذي كاد حتى يكلفه تأويله حياته الزوجية ففر وزوجته إلى المهجر..

ولكن يمكننا حتى نقول بأن أشهر نادىة التأويل في العصر الحديث وأهمهم هوالأستاذ محمود محمد طه وتأتي أهمية طه من أنه الوحيد من جميع نادىة التجديد والتنوير الذي أصبغ على أفكاره صفة التنظيمية فانشأ جماعة الاخوان الجمهوريين التي انتشرت في السودان منذ منتصف القرن الماضي. كما حتى طه قد امتاز بتأويله المترابط للنص الديني وربطه لذلك التأويل بالحياة العامة فهورجل دين ينظر للحياة الحديثة من داخل الدين. ويتحدث عن رؤيته الحديثة في شأن الدولة وسياستها واقتصادها وحكمها من منظور تأويلي تجديدي لاقى استحسان الكثيرين في الاوساط التنويرية ولكنه أيضا قوبل باستهجان وغضب الكثيرين في الدوائر الدينية الرسمية مثل الأزهر ورابطة العالم الإسلامي.

انظر أيضاً

فهم التفسير
التفسير بالرأي
التفسير الإشاري الصوفي

مراجع

^ معنى التأويل الذي لا يفهمه إلا الله والتأويل المذكور في كلام المتأخرين مسقط ابن تيمية نسخة محفوظة 14 يوليو2007 على مسقط واي باك مشين.
^ من رسالة مفهوم التفسير للشيخ مساعد الطيار
^ Holy Quran World - Quran GPS نسخة محفوظةتسعة مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
^ المعجم الوجيز :ص30
^ قصي مجدي سليم:بحث التأويل وتطور مفهومه في النص الديني والأدبي
^ كتاب: أصول التفسير وقواعده، تأليف: خالد بن عبد الرحمن العك، الناشر: دار النفائس، الطبعة الثانية: 1986م، ص: 57.
^ محمد بن جرير الطبري. "تفسير الطبري". شبكة إسلام ويب. مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 2018.
^ كتاب: محاضرات في علوم القرآن، تأليف: الدكتور غانم قدوري الحمد، الناشر: دار عمار، الطبعة الأولى: 2003م، ص: 188-189.
^ تعني هنا بني جلدته- والبجدة هي الأرض
^ لمزيد من التوسع راجع خط محمود محمد طه بمسقط الفكرة الجمهورية نسخة محفوظة 08 يوليو2006 على مسقط واي باك مشين.