علم المستقبل

عودة للموسوعة

فهم المستقبليات أوالدراسات المستقبلية (بالإنجليزية: Futures studies أوFuturology)‏ هوفهم يختص بالمحتمل والممكن والمفضل من المستقبل، بجانب الأمور ذات الاحتماليات القليلة لكن ذات التأثيرات الكبيرة التي يمكن حتى تصاحب حدوثها، حتى مع الأحداث المتسقطة ذات الاحتماليات العالية، مثل انخفاض تكاليف الاتصالات، أوتضخم الإنترنت، أوزيادة نسبة شريحة المعمرين ببلاد معينة، فإنه دائما ما تتواجد احتمالية "لا يقين" (بالإنجليزية: Uncertainty)‏ كبيرة ولا يجب حتى يستهان بها. لذلك فإن المفتاح الأساسي لاستشراف المستقبل هوتحديد وتقليص عنصر "لا يقين" لأنه يمثل مخاطرة فهمية. وخلال الثمانينات والتسعينات تطور فهم دراسات المستقبل، لتضم مواضيع محددة المحتوى وجدول زمني للعمل ومنهج فهمي، يتحدث مع عالم اليوم، الذي يتسم بتغيير متسارع.

مبادئ الدراسات المستقبلية

  1. استخلاص عبرة من الماضي من خلال دراسة أبرز التطورات على المستويين الدولي والإقليمي وما ينتج عنها من تأثيرات مثل: الفرص المُتاحة، القيود المفروضة أوالتهديدات والمخاطر الناجمة، بهدف تحديد صورة مستقبلية.
  2. تصور وضع مستقبلي، لعقدين أوثلاثة عقود، لتحديد بالتفصيل الأهداف والمصالح، وذلك باستخدام النماذج الرياضية الحديثة.
  3. تجنب أي انحياز أيديولوجي، والانطلاق من المسلمات والافتراضات المتفق عليها من مختلف الاتجاهات البحث الفهمي والفكري والعقائدي والتكنولوجي؛
  4. تعيين القدرات اللازمة لإنجاز أي مسار مستقبلي، وحساب النفقات اللازمة والمخاطر. وكذلك تحديد الآليات اللازمة للتنمية والتي ينبغي حتى تضم أهداف معروفة فهميا، وتطوير الخبرات الفهمية في مجال إدارة المشاكل المعقدة؛
  5. الهجريز على عوامل التنمية في مختلف القطاعات، لتحقيق بشكل فعال الأهداف؛
  6. اعتماد سيناريوهات مختلفة، معدة سلفا، لجميع الحالات الطارئة المحتملة، والتي تخزن للسماح بعد ذلك يستخدمها من صانعين القرار، وفقاً لحجم الأزمة المستقبلية المحتملة. هذه العوامل تساعد بشكل رئيسي على تحديد واحدة من أربعة نماذج رئيسية.

نماذج الدراسات المستقبلية الأربعة

النموذج البديهي

يعتمد على الخبرة العملية ولكنة يفتقر من وجود قاعدة كبيرة من البيانات والمعلومات. مستمد فقط من رؤية بديهية ناتجة عن خبرة ذاتية. وهومحاولة للتعهد على التفاعلات المستمدة من قضية معينة. فإن الحدس في هذه القضية ليست مصدر إلهام لكنها تقدير يعتبره الباحث مناسبا لبعض الحالات المستقبلية المحتملة؛

النموذج الاستكشافي

يشير إلى مستقبل ممكن من خلال مثال يوضح العلاقات والتشابكات؛ وهذه العلاقات والتشابكات تقوم على ثلاثية الماضى والحاضر والمستقبل والعلاقة التناغمية القائمة بينهم فمستقبلنا نرسمه في حاضرنا وحاضرنا كان مستقبل ماضينا

النموذج الاستهدافي أوالمعياري

وهوتطوير للنموذج البديهي، ولكنة يستفيد من مختلف التقنيات الفهمية المستخدمة.

نموذج التغذية العكسية

يركز هذا النموذج على جميع المتغيرات في إطار موحد يجمع النموذجيين السابقين، وذلك على شكل ردود عمل ولهذا فهويعتمد على التفاعل، على عدم نسيان الماضي وعلى عدم تجاهل الأسباب الموضوعية التي من الممكن تتدخل لتغيير مسار المستقبل. فهويجمع، بما فيها البحوث الاستكشافية، البيانات والوقائع والبحث التنظيمي، وأنه يعلق أهمية خاصة على الإبداع والخيال والتقدير. هذا النموذج يمثل خطوة إلى الأمام للبحث المنهجي المستقبلي.

السيناريو

السيناريوالمستقبلي هوأحد نتاج الفهم الحديث يقوم أساساً على دراسة الجدوى، وهذا يعني السيطرة على الخطة، إمكانية استمراريتها، الوفاء بالتزاماتها المادية، توفير القيادة التقنية والتغلب على العقبات الخارجية التي قد توقف السيناريوفي إحدى مراحلة، في نهاية المطاف فوائد السيناريو، وإذا كان من المجدي حتى يواصل أوايقافة، حمل مستوى التطور الفهمي في المجال قيد الدراسة. السيناريوالذي لا يأتي من لا شيء، لكنه يعتمد بشكل رئيسي على منظومة كبيرة من البيانات المبرمجة والمخزنة والتي يتم تحديثها باستمرار وفقا للتغيرات في جميع الميادين.

السيناريو:

  • هوفرع رئيسي من فهم المستقبل وظيفته هووصف لمختلف الأحداث المحتملة وتحليل نتائجها.
  • هووصف لوضع مستقبلي وسبل إدارته.
  • هوقصص عن المستقبل يضم الماضي والحاضر.
  • هووصف لمستقبل محتمل، أكثر من كونه تسقطات محتملة لمستقبل عملي.
  • السيناريوهوسلسلة من الافتراضات لأحداث مقبلة
  • صورة متناسقة لمستقبل محتمل
  • يعهد بأنه نظام عمل مبرمج للاستجابة على الأحداث والتطورات الرئيسية داخل إطار من التخطيط المستقبلي للدولة أومؤسسة، وذلك بهدف تحقيق النجاح في المستقبل.

التعريف الفهمي المقترح للسيناريوهو: وصف لوضع مستقبلي ممكن أومرغوب فيه، وتوضيح خصائص المسار أوالمسارات التي تؤدي اليه، بدءا من الوضع الراهن، أومن وضع ابتدائي مفترض.

خصائص السيناريو

  • كتابته تتطلب إبداع وخيال فكري عميق.
  • يستند على منهج فهمي دقيق للحصول على الحقائق.
  • يستند على أحداث رئيسة واقعية.
  • يقوم على تحقيق أهداف وطنية أوسياسية أوعسكرية أواقتصادية "، أوالوصول إلى أقرب ما يمكن من هذه الأهداف."
  • عدد السيناريوهات يمكن حتىقد يكون من اثنين إلى أربعة
  • تتم صياغته بسرية كبيرة في بيانات يستخدمها المتخصصين في المجالات المحتفلة المتعلقة.
  • يعتمد على حشد من الفهماء والخبراء

أقسام السيناريو

ينقسم السّيناريوإلى قسمَين:

  1. صنع الأزمة: هذا هوسيناريوإيجابي يفرض إرادته، من خلال خلق أزمة معينة، تهدف إلى إجبار الطرف الآخر على قبول قرار ما. هذا السيناريويتسم بإجراءات إيجابية فاعلة، ويفرض مواقف محددة على قيادة الطرف الآخر للتعامل معها، ومن خلال ذلك، ينفذ القرار. العقد الماضي شهد الكثير من هذا النوع من السيناريو، سواء في الخليج أوفي مناطق أخرى من العالم.
  2. لقاءة الأزمة: تتمثل كإجراءات سلبية (دفاعية) وإيجابية (هجومية)، نشطة للتعامل مع الأحداث الخارجية أوالداخلية، لتسخير الإمكانات، لتحديد الأسلوب ولتوظيف الأشخاص والمنظمات التي يفترض أن تعالج مراحل الأزمة. هذا السيناريولا بد منة للحفاظ على استمرارية وسلامة 'الدولة والمؤسسات، وعدم تعرضهم لصدمات قوية.

هذا السيناريويضم جميع القطاعات الأخرى، مثل: دراسات الجدوى وخطط مستقبلية. ويمكن فهم الكيفية التي تمكن من تحويل الأزمة من سلبية إلى إيجابية، وتحقيق الهدف المستقبلي المقترح.

طرق بناء السيناريوهات المستقبلية

  • 1 الطريقة الحدسية (اللانظامية)
  • 2 الطريقة النظامية (النموذجية)
  • 3 الكيفية التفاعلية (التفاعل بين الحدسية والنموذجية)

الدراسات المستقبلية العربية: اتجاهات وملامح أولية

نشأت الدراسات المستقبلية، أوعلوم المستقبل بشكلها الحالي نشأة غربية، ويترتب على هذا عدة نتائج يتسقط بروزها في الكتابات العربية، فنشوء الدراسات المستقبلية في الغرب يترتب عليه عدة ردود عمل ما بين متريب، مندهش، معجب، ورافض، ومن يريد حتى تكون لدينا مثل هذه الدراسات لنفس الدواعي، أولنفس الأهداف، أولدواعي وأهداف مختلفة، ومن ثم تظهر المواقف الرافضة تماماً، المنبهرة تماما، الاستطلاعية، المهتمة الناقدة، التوفيقية، المؤصلة، الخ. جميع ردود العمل تلك من المتسقط حتى تنعكس على خريطة التصنيفات والتوجهات في الكتابات التي حاولت أوتحاول التعريف بدراسات المستقبل. 1- من حيث مفهوم الدراسات المستقبلية: " دراسة المفاهيم: تعد من أفضل الطرق لتقييم أي فهم من العلوم، فكل العلوم تعتمد على المفاهيم، فهي الأفكار التي حملت أسماء. وهي التي تحدد السؤال الذي يسأله الباحث، وتحدد كذلك الإجابة عليه، وهي البناء الأساسي الذي تؤسس عليه النظريات. فالفهم دائماً يبدأ بتشكيل المفاهيم التي تصف العالم. إذ أنه قبل شرح الظواهر لابد من وصفها، فالسؤال...لماذا،يا ترى؟ لابد حتى يأتي بعد... ماذا؟" بالنظر لمفهوم الدراسات المستقبلية في إطار عدد من الكتابات التي اهتمت بالتعريف بالدراسات المستقبلية، يمكن التمييز بين عدد من الاتجاهات على النحولآتي:

  • اتجاه يسعى للتعريف بها كما نشأت في سياقها الغربي:
  • اتجاه ينقل تعريفها ومراحل التغير والتحول التي مرت بها بهدف التعريف بها:

ويبدوهذا الاتجاه بدهياً، إذا ما أخذنا في الاعتبار حتى الدراسات المستقبلية بشكلها الحالي نشأت وانتشرت في السياق الغربي، ومن ثمقد يكون طبيعياً البدء بالتعريف بها في سياقها.

  • اتجاه ينقل المفهوم ومراحل التحول من أجل التعريف أولاً والدعوة لتبنيها كما هي ثانياً.

ويلاحظ حتى التفريق بين الاتجاهين هوتفريق لغرض التحليل، إذ عملياً قد يصعب تحديد ما إذا كان المحرر يدعوضمناً إلى تبني الدراسات المستقبلية الغربية بنفس المفهوم والمنهج ولنفس الدواعي والأهداف أم لا، حيث حتى نقل المفهوم دون نقده قد يفتح الباب لفهم ذلك الموقف على أنه قبول للمفهوم، أوقبول المفهوم يعني الموافقة على مضمونه ومحتواه" ودواعيه وأهدافه.

2. اتجاه يبرز اهتماماً بكيفية تبني الدراسات المستقبلية: وهويقارن بالاعتراف بأهمية الدراسات المستقبلية أيضاً أهمية الأخذ في الاعتبار عنصر الملاءمة وأهمية التأصيل.

  • اتجاه يحمل في ثناياه محاولة التوفيق *(إن صح التعبير)، وبيان أهمية الدراسات المستقبلية، فهوفي معرض التعريف بالدراسات المستقبلية يحرص على حتى يؤكد أنها ليست محاولة تنبؤ أوافتراء على الغيب (ويلاحظ هنا تكرار التأكيد على حتى الدراسات المستقبلية لا تنافي الإيمان بالغيب وبالقضاء والقدر)، ويشير إلى أهمية وحاجة العالم العربي/الإسلامي/العالم الثالث إلى تطوير (دراساته المستقبلية).
  • اتجاه يحاول التأصيل و/أوتسكين الدراسات المستقبلية كمفهوم وكمجال دراسة في إطار رؤية إسلامية للمستقبل ويعبر عن ذلك مثلاً المركز الإسلامي للدراسات المستقبلية والأهداف التي وضعها له وينعكس ذلك في الفصلية التي يصدرها، وهولا يمثل المساهم الوحيد في هذا المضمار سواء في محاولة التأصيل أوالدعوة لأهميته.

وإذا كان كلا الاتجاهين (أ) و(ب) يتفقان في ضرورة حتىقد يكون لنا دراسات مستقبلية عربية/إسلامية، فأين موضع الاختلاف الذي سوغ للفصل بينهما؟ يأتي الاختلاف في تكييف تلك الضرورة، فمثلاً الاتجاه (أ) سيركز على المحصلة النهائية لوجود أوعدم وجود دراسات مستقبلية في عالمنا العربي/الإسلامي، وسيبرز أهمية الدواعي والأهداف الخاصة بالواقع العربي الإسلامي...فتأتي الدواعي والضرورات في إطار: "رسم مستقبلنا قبل حتى يرسمه لنا آخرون"، "غياب العالم العربي/الإسلامي عن خريطة الإسهام في الدراسات المستقبلية". أما الاتجاه (ب) يدعوإلى أويحاول حتى يبين مسقط الاهتمام بالمستقبل ضمن منظومة أكبر، فتكون الضرورات ليست مرتبطة فقط بالمحصلات النهائية للدراسات المستقبلية، بل بالتأصيل لها من ناحية المفهوم وبيان مسقطه من خريطة المفاهيم الأوسع المرتبط بها، والإطار المرجعي، وبالطبع الإطار المنهجي...أوإجمالاً مسقط الدراسات المستقبلية - مفهوماً، ورؤية، ومنهجاً، ودواعي وأهدافاً - في المنظور المعهدي الإسلامي.

2- من حيث رؤية الدراسات المستقبلية كمجال دراسة (دواعي وأهداف الدراسة): تربط بعض الكتابات بين الدراسات المستقبلية والمفاهيم الكبرى المرتبطة بها مثل الزمن، التاريخ، رؤية العالم، وإذا أخذنا في الاعتبار التقسيم السابق في التعامل مع الدراسات المستقبلية سنجد بعض الكتابات التي تربط بينها وبين المفاهيم الإسلامية الكبرى والمفاهيم العامة الأخرى، إلا حتى كثيراً ممن تعرض للمفاهيم الكبرى المتعلقة بالدراسات المستقبلية تعرض لتلك المفاهيم المصاغة في السياق الغربي، وقد يحدث هذا متعلقاً بإشكالية النقل، فكثير من تلك الكتابات إذ تحاول التعريف بالدراسات المستقبلية لا تمضى أبعد من ذلك للتأصيل لها، ومن ثم فإن نقل ماهيتها كما نشأت في الغرب بدون التأصيل لعلاقتها بالواقع لا يلزم المحرر بالتأصيل للمفاهيم الكبرى وعلاقتها بالدراسات المستقبلية لأن النقل لا يعبر في الأغلب الأعم عن الإطار النظري المتكامل بقدر ما يعرض الصورة النهائية.

على مستوى آخر نجد عدداً من الكتابات تقوم بدلاً من الربط، بالخلط...فالمتتبع لعدد من الكتابات التي تتناول الدراسات المستقبلية (وليس جميعها) يمكن حتى يضل طريقه بمنتهى السهولة بين عدد من المفاهيم المرتبطة ولكن المتنوعة في نفس الوقت، حيث يتم التعامل مع الدراسات المستقبلية والوعي بالمستقبل والتخطيط للمستقبل والتفكير الاستراتيجي والرؤية المستقبلية وغيرها كأنها تعني نفس الشيء، وتلك المفاهيم على ارتباطها الوثيق لا يجب حتى يتم التعامل معها جميعاً كأنها واحد، لأن وجود مشروعات تخطيطية - مثلاً - لا يعني بالضرورة وجود رؤية استراتيجية ورؤية مستقبلية؛ ووجود أوغياب مشروعات للدراسات المستقبلية قد لا يعكس وجود أوغياب رؤية مستقبلية...فان كانت الثانية توفر إطاراً ضرورياً للأولي، فإن غياب الدراسة قد لا يعني بالضرورة غياب الرؤية، وفي نفس الوقت لا يكفي القيام بمشروع مبهر لاستشراف مستقبل مجتمع ما لنتخذه دليلاً على حتى هذا المجتمع يتمتع برؤية مستقبلية...الخ.

يثور أيضاً (في إطار التقسيم السابق) تساؤل حول فكرة استيراد أواستعارة الدراسات المستقبلية، وعلاقته بـ"موضة المفاهيم"، استعارة المفهوم كما هوبدون النظر في اعتبارات الملاءمة والمناسبة، وهوما يؤدي بعد فترة إلى الرجوع للتساؤل عن أزماته فيظل دائماً على أجندة الإشكاليات لا كأداة مساعدة ولكن كموضوع إشكالي في حد ذاته، وقد يتجلى ذلك في دائرية التعرض للموضوعات المتعلقة بالدراسات المستقبلية، فنجد كتابات تتحدث عن وعي المستقبل عند العرب وإشكالياته وغيابه، ثم تأتي أخرى تتحدث عن أهمية الدراسات المستقبلية والتعامل الفهمي العقلاني مع المستقبل العربي، ثم الاضطلاع بمشروعات بحثية في الدراسات المستقبلية وما يصاحبها من منطقات ودراسات التعريف بدراسات المستقبل وتقييم تلك المشروعات، لتنتهي بعض دراسات أحد المشروعات (لمركز دراسات الوحدة العربية) إلى نتيجة حتى المستقبل كقضية لم يدخل في الوعي العربي لتبدأ من حديث دورة كتابات المستقبليات بالحديث عن إشكالية كبرى وهي قضية الوعي العربي بالمستقبل، و"بزوغ فهم المستقبل" مرة أخرى والتعريف مجددا بالدراسات المستقبلية وأهميتها...الخ.

هناك ملاحظة أخرى تتعلق بنقل دواعي الدراسات المستقبلية وأهدافها، إذ نشأت الدراسات المستقبلية الغربية لدواعٍ استراتيجية تزامناً مع الصدام العسكري بين معسكري الحرب الباردة، حيث تطورت الدراسات المستقبلية " في أحضان المؤسسات العسكرية والشركات المتعددة الجنسية، وارتبطت أغلب الدراسات بتلك المؤسسات والشركات بحيث ظلتا تحتكران ثلثي الدراسات المستقبلية...إن أكثر من 66% من الفهماء العاملين في ميدان البحث الفهمي ينشطون في مجال الأسلحة، أي الميدان السلبي للحضارة." هذه الأولوية الاستراتيجية تطبع دواعي وأهمية القيام بدراسات مستقبلية في بعض الكتابات، فمثلاً نجد.." في إطار مصر والوطن العربي فان الدراسات المستقبلية لها أكثر من سبب. فهناك إسرائيل والاختلال الاستراتيجي المتزايد في المنطقة...وهناك آثار الكساد العالمي على الثورة النفطية...وهناك ضرورة الاستعداد منذ اليوم لحقبة ما بعد النفط...".

ليس الغرض من هذه الملاحظة التقليل من شأن التحديات الاستراتيجية والأمنية ودورها في الدراسات المستقبلية، أوالعلاقة بين الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، لكنها تتخوف حتىقد يكون نقل الدراسات المستقبلية كمفهوم - من ناحية- قد صاحبه نقل لنفس الأولويات وبنفس الدواعي التي سوغت لوجودها في سياق مختلف، فيغلب على قائمة الدوافع المؤسسة للدراسات المستقبلية اعتبارات الدفاع والأمن القومي (على أهميتها) دون إدماجها في منظومة متكاملة من الدواعي، والأهداف أيضا.

هذا الاقتطاع يفسر وجود نادىوى لمراجعة مفهوم الاستراتيجية ذاته ليوسع من مجاله حتى يغطي مساحات لم يكن يتعامل معها من قبل، فإذا كان الدفاع والأمن القومي هما محور الاهتمام التقليدي للدراسات الاستراتيجية، فإن ذلك قد لا يمثل أولويات بالنسبة لأقطار العالم الثالث، أوبمعنى أدق يجب حتى تسكن هذه الاهتمامات في إطار تام من المشكلات والأولويات. ومن ناحية أخرى يوجد تخوف من حتى تكون الدراسات المستقبلية كمجال دراسة رد عمل فقط للخطوات الاستراتيجية التي يتخذها الآخر فتأتي مشروعات دراسات مستقبلية كبرى رداً على "أول دراسة مستقبلية أنجزت في المنطقة (التي) صدرت في إسرائيل فترة الستينات"، من دون إدراك مماثل لتحديات -مهمة أيضا- لكن هذه المرة ذاتية.*

3-من حيث الإطار المرجعي: الإشكالية هنا - مرة أخرى – هي كيفية التعامل مع مجال دراسة برز في الغرب وفرض أمام كتاب غير غربيين موقف رد العمل تجاهه. تختلف الكتابات طبقاً لأطرها المرجعية اختلافاً قد يعد انعكاساً للاتجاهات العامة في العلوم الاجتماعية العربية التي سعت لتحديد نموذجها المعهدي Paradigm الخاص أو"الأصولية المنهجية الجديدة" على حد التعبير الوارد في أحد كتابات الأستاذ السيد يسين...فهوفي إطار تتبع حركة الفهم الاجتماعي العربي لاحظ تهاوي نموذج معهدي Paradigm والدخول في عملية إبداع لآخر جديد، وحدد ملامح النموذج المعهدي القديم الذي استمد من فهم الاجتماع الغربي ومن ثم تبنى عدداً من أفكاره ومسلماته، وحدد بداية النقد لهذا النموذج المعهدي بالتساؤلات والشكوك لتلك الأفكار الرئيسية المشهجرة: كصلاحية الاعتقاد في فهم اجتماعي متحرر من القيم، حياد الباحث تجاه مشكلته البحثية في لقاء التزام الباحث...الخ. إلا حتى ما يعنينا هنا هوالمسارات الثلاثة التي اتخذتها عملية بناء نموذج معهدي حديث كما يحددها وهي ثلاث اتجاهات تتنافس في إطار عملية تشكيل هذا النموذج المعهدي:

محاولة تشكيل نموذج معهدي ماركسي لتحل محل الأصوليات المنهجية (النماذج المعهدية) الوضعية والوظيفية. اتجاه تأسيس فهم اجتماع عربي يدعوإلى بناء نموذج معهدي عربيقد يكون أكثر ملاءمة لدراسة المجتمع العربي، بدلاً من الاعتماد على النظريات الغربية وعلى طرق البحث المستوردة التي لا تعين على الفهم العميق للمشكلات الاجتماعية العربية.

الاتجاه الثالث يقدم نموذج معهدي إسلامي ليحل محل النماذج الغربية، أوالأجنبية، أوالمغتربة. وفي محاولةٍ للربط بين تلك الملاحظات حول تلك النماذج المعهدية البازغة والمتنافسة –كما صنفها الأستاذ السيد يسين- وبين تصنيفات الكتابات السابق توضيحها، وبين الأهداف التي ارتأتها تلك الكتابات ضرورية لتبني الدراسات المستقبلية، وفي إطار إدراك حتى تلك الأهداف والأولويات لا تخلو(ولا يجب لها حتى تخلو) من اعتبارات قيمية، بل قد تأتي من مواقف أيديولوجية في بعض الأحيان؛ يمكننا حتى نلحظ: اتجاه يعبر عن اهتمامات قومية عربية، ومن ثم تغلب الاعتبارات الاستراتيجية وأهداف التكامل القومي العربي، على تفسير أهمية الدراسات المستقبلية العربية، وفي بعض الحالات قد يسيطر هاجس اللحاق بركب الدول المتقدمة وتزايد الرهان على العقلانية والتعامل مع الواقع كما هولا كما ينبغي حتىقد يكون.

اتجاه يهتم بمشاكل التنمية المستقلة، والإعلاء من الاعتبارات الاقتصادية-الاجتماعية في إطار يعكس مقولات مدرسة التبعية.

اتجاه يهتم بالمنظور الحضاري الإسلامي، يهتم بأهمية تفعيل النظر الاستشرافي في صياغة فهمية وفي إطار الرؤية الكونية التوحيدية، وبمستقبل الإسلام/الأمة الإسلامية، وقد ينطلق من قناعة حتى الدراسات المستقبلية يجب حتى تكون حساسة معهدياً ومرتبطة بالسياق الحضاري والثقافي، ومن ثم تكون دراسات مستقبلية حضارية.

4- من حيث الإطار المنهجي: يلاحظ بصدد عدد من الكتابات التي أرادت التعريف بالدراسات المستقبلية أنها تمر مرور الكرام فيما يتعلق بالمناهج، ونستطيع حتى نرد ذلك إلى تعقد مسألة المنهج عموماً، وفي الدراسات المستقبلية على وجه الخصوص، فمن ناحية تتفق عدد من الكتابات على أنه لا يوجد اتفاق على مسألة المنهج، ومن ناحية أخرى هناك إشكالية الطبيعة البينية للدراسات المستقبلية التي تجعل منهجها يصطبغ بمنهج الحقل الفهمي الذي تتم فيه، نجد في لقاء ذلك حتى المشروعات البحثية المستقبلية الكبيرة أولت مسألة المنهج اهتماماً أكبر، وإن كان على سبيل تحديد وتعيين المنهج الذي سيتم اتباعه في الدراسة، فنجد على سبيل المثال مشروع "استشراف الوطن العربي" حاول صياغة منهجية، تراعي "الاستفادة من خبرة ونتائج ومجهودات بحثية مستقبلية أخرى تمت في الغرب، أوفي العالم الثالث، أوبواسطة منظمات دولية أوفي الوطن العربي" مع الحذر من المناهج والأساليب الشائعة في الفكر الاقتصادي الغربي، ومحاولة إبداع في مناهج بديلة وليس فقط الهروب من المناهج والأساليب المستعارة... ومن هنا تم تبني موقف نقدي من المصطلحات ومضامينها والوصول إلى منهج مركب (التحليل المستقبلي) أوالاستشراف.

أما تلك الكتابات التي تتحدث عن الدراسات المستقبلية – وليست دراسات مستقبلية في حد ذاتها- وتعرضت لمسألة المنهج نجدها تنقسم إلى:

  • كتابات تعرض للمناهج الغربية بالرصد والشرح والتوضيح. (فتوضح أنواع السيناريوهات، أوتتحدث عن تكنيك دلفي...الخ).
  • كتابات تؤكد ضرورة بناء منهاجية تتفق والإطار المرجعي (تتفق و"ما قبل المنهج")، مثال: محمد بريش (حاجتنا إلى علوم المستقبل)، ود. أحمد صدقي الدجاني...الخ.
  • كتابات تخطوفوق ذلك لمحاولة اقتراح / تأصيل لمنهجية إسلامية.

مثال:- الاهتمام بالاتجاه السنني والمنظور المقاصدي. -محاولة تأصيل منهاجية لدراسة المستقبل مع الاستفادة بمقولات اقتراب تحليل النظم لدراسة مستقبل الإسلام. - التعامل مع الدراسات المستقبلية الإسلامية كحالة من مجال الدراسات المستقبلية الحضارية التي تجاوز ذكرها، مثال: تقسيم د. سهيل عناية الله للاقترابات المعهدية للدراسات المستقبلية إلى ثلاث: التنبؤي (يهدف للربط المباشر بين المعلومات والنظرية لأجراء تنبؤات)، الثقافي التأويلي (الذي يمكن من خلاله عقد مقارنات من خلال مقاربات ثقافية مختلفة)، والنقدي (الذي يخطوأبعد من ذلك لكي يجعل من وحدات التحليل ذاتها إشكالية لامعطى)...ويرتبط المدخل الثقافي والمدخل النقدي بفكرة الدراسات المستقبلية الحضارية Civilizational Future Studies، التي تقول حتى وراء الحقائق الإمبريقية سياقاً ثقافياً وأن وراء ذلك رؤى للعالم. ومن ثم يجب الاهتمام بتأثير رؤى العالم المتنوعة ليس فقط على الدراسات المستقبلية ولكن أيضاً على كيفية تخيل المستقبل، والخروج من أطر التشبيهات المجازية الغربية (المستقبل كفوضى، أوكلعبة الزهر...الخ) عن طريق أساليب وأدوات تكسر من الأطر الحالية (أسئلة ماذا لو، تحليل القضايا البازغة...الخ).

تجدر الإشارة هنا إلى حتى محاولة التصنيف هذه لا تهدف إلى الإيحاء بوجود اتجاهات مستقبلية مستقرة ومتمايزة، فتمايز الاتجاهات يأتي في إطار استقرار وتواتر الأدبيات التي تعبر عنها ولا يمكن اعتبار حتى مجال الدراسات المستقبلية الإسلامية قد شهد هذا القدر من التواتر والاتساق والتراكم...فهناك في الواقع درجة عالية من التداخل بين تلك الاتجاهات، مما يعني حتى تلك التوجهات ليست جزراً منعزلة، بل دوائر قد تتقاطع وتتداخل في مناطق وتتمايز في أخرى.

ليست هذه الملاحظة من قبيل الحجة الاعتذارية التي يكثر استخدامها وهي معضلة قلة ما خط عن موضوع الاهتمام، فقلة المكتوب في الواقع لا تمثل معضلة هذا الموضوع (أوأي موضوع: فـ"كثرة التأليف في العلوم عائقة عن التحصيل")، بل إذا من المدهش تعدد الكتابات حول موضوع حديث وغير مطروق كهذا، ولكن تكمن المشكلة في الكيف لا الكم، الذي يعكس هنا حالة من عدم وضوح الوجهة والتي تعكس حالة مجال الدراسة نفسه. يمكن من خلال تتبع جانب من تلك الكتابات ملاحظة نمط دائري في تناول الموضوعات، وهوما تجاوز الإشارة إليه ورده إلى فكرة المسارعة لاستيراد الدراسات المستقبلية (كمفهوم ومجال دراسة) وتطبيقها بشكل يتغاضى عن اعتبارات الملائمة والدواعي والضرورات والأهداف مما يجعلها على أجندة البحث كإشكالية لاكأداة مساعدة ومفسرة.

بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة أيضا إلى التعامل مع أكثر من مفهوم كأنه يعبر عن معنى واحد، فالرغبة في ربط فكرة الدراسات المستقبلية بالوعي المستقبلي وغيرها من المفاهيم المهمة المرتبطة، والتعامل معها جميعاً في نفس الوقت يجعل المتابع مضطراً لبذل جهد مضاعف لاكتشاف الروابط (والتي تكون عادة الهدف من استنادىء جملة المفاهيم في نفس الموضع)، ولاكتشاف الفروق،* وهذا التداخل في المفاهيم يعوق إمكانيات التراكم، فالتحديد شرط أساسي للبناء، سواء اتى هذا البناء عن طريق الاتفاق أوالاختلاف، فبدون هذا التحديد يدخل الاتفاق في إطار التكرار لا الإضافة، ويأتي الاختلاف لبناء جزر منعزلة بدلاً من المساهمة في خلق حالة من العصف الذهني. وتعتبر تلك الحالة من العصف الذهني أساسية لخلق أي قابلية للتراكم، فالأفكار والرؤى ستظل كما هي طالما لم تتعرض لعمليات متتابعة من الصقل وذلك بلقاءتها أمام الأفكار الأخرى*، وكذلك الإسهامات في أي مجال بحاجة إلى عمليات متتالية من الصقل والتطوير والتلاقح...وبالتطبيق على مجموعة الكتابات موضع المتابعة، يمكن الملاحظة حتى أكثر الكتابات تحفيزاً على التفكير وإثارةً للأسئلة، كانت تلك الكتابات التي اتىت في إطار تقييم المشروعات (سواء العربية أوالعالمية)، وأعمال المحاضرات والندوات التي كانت تفسح مجالاً للمناقشة وحرية لنقد الأفكار والاجتهادات المطروحة.

هل يعني وجود أزمة في التراكم عدم الإمكانية من الاستفادة من تلك الكتابات؟ 5 – قضايا إشكالية في الدراسات المستقبلية العربية إن البتر بعدم إمكانية الاستفادة من الكتابات العربية والإسلامية يمثل بخساً لتلك الكتابات والتي مثلت –في معظمها، وعلى الرغم من الملاحظات عليها- محاولات جادة للتعريف وبالإشارة لأهمية الدراسات المستقبلية، وعلى الرغم من تعدد الاتجاهات إلا أنه تظل هناك-كما تجاوز الذكر- درجة من التداخل بين تلك الاتجاهات، مما يعني حتى تلك التوجهات ليست جزراً منعزلة، بل دوائر قد تتقاطع وتتداخل في مناطق وتتمايز في أخرى، وهذا التقاطع والتداخل والتمايز قد يتيح لنا مساحات وسبل للاستفادة وذلك من خلال تناول عدد من الإشكاليات التي ظهرت من خلال تتبع الكتابات:

المصطلح العربي: يرى د. إبراهيم العيسوي أنه لم يتحقق تراكم بالقدر الكافي على مستوى المفاهيم والمصطلحات، حيث لم يتم إنجاز أية دراسة مستقبلية خلال ما يقترب من عقد كامل، وأنه على الرغم من الوجود الدائم للمنشغلين بمسميات الأمور إلا أنهم عادة ماقد يكونون هم أقل الناس صلة بصناعة مضمون الشيء المسمى. ولعل تلك الملاحظة تعبر عن اختلاف وجهات جميع من المهتمين بالدراسات المستقبلية والعاملين عليها، حيث يوجد مساحة فاصلة تمنع اكتمال دائرة الاعتماد المتبادل بين النظرية والتطبيق وكأن جميع فريق يتحدث في جزيرة منفصلة عن موضوع منفصل. عبرت عدة كتابات عن إشكالية عدم الاتفاق على مصطلح واحد للتعبير عن الدراسات المستقبلية، من المستقبلية إلى فهم المستقبل...إلى آخر ذلك من المسميات، وعزت ذلك إلي عدم الاتفاق على المصطلح الأجنبي (في اللغة الإنجليزية والفرنسية)، لاختلاف الرؤى والدلالات الكامنة خلف جميع مصطلح من تلك المصطلحات الأجنبية ومن ثم تنتقل تلك الاختلافات لنظيرتها العربية من خلال الترجمة. (ولا نملك هنا إلا الإشارة مرة أخرى إلى فكرة استيراد الإشكاليات مع استيراد المفهوم)

ومع ذلك ثمة اجتهادات حول المصطلح العربي تتمحور في معظمها حول مصطلح الاستشراف: الاستشراف لغة يعني "تحديد النظر إلى الشيء بشكل يجعل الناظر أقوى على إدراكه واستبيانه، كأن يبسط الكف فوق الحاجب كالمستظل من الشمس، أوحتى ينظر إليه من شرفة أومكان مرتفع، أويمد عنقه ويسدد بصره نحوه، جميع ذلك يعمله للإحاطة بشكل الشيء والتدقيق في ماهيته."

يفرق مشروع "استشراف مستقبل الوطن العربي" بين المصطلحات طبقاً للمناهج المتنوعة في دراسة المستقبل التي تعبر عنها، فيفرق بين إطلاق النبؤات (يفترض حتى المستقبل محتوم ومحدد سلفاً والمطلوب هوالكشف عنه)، وإجراء التنبؤات (بناء قاعدة صلبة من المقدمات وتبنى عليها النتائج في صورة قدر محتوم)، التخطيط للمستقبل، المستقبليات (هجرز على البعد التكنولوجي، وبالتالي تبعد عن الشمولية المطلوبة ولا تعطي للعوامل الإنسانية القدر نفسه من الوزن في استطلاع مردودها على ما عداها)، أما الاستشراف فهوللدلالة علي منهج مركب يسعى لإجراء مجموعة من التنبؤات المشروطة، أوالمشاهد التي تفترض الواقع تارة، والمأمول فيه تارة أخرى، وتتمثل خصائص هذا المنهج في: الشمولية، تجنب التحيز، الجمع بين الأسلوبين الكمي وغير الكمي، الترابط بين الأنساق وعدم الاكتفاء بنسق وحيد شامل، والقدرة على استخدام أسلوب المحاكاة.

أما من حيث دلالة المصطلح، فمن المهم الإشارة إلى ملاحظة مهمة أوردها د.محمد بريش: وعلى الرغم من أننا نميل إلى الاستمساك باسمٍ لعلوم المستقبل تضرب جذوره اللغوية في لغة العرب الأوائل، فإننا لا نسعى إلى نهج أسلوب إسقاط التعابير المعاصرة على مفردات تراثنا اللغوي، ولن نحاول عبثاً تحميل التاريخ ما لا يحتمل، وندخل على التراث ما ليس فيه، فنتصنع أصولاً إسلامية أوتراثية لعلوم المستقبل الحديثة، أونختزل نصوصاً للبرهنة على تجاوز العرب والمسلمين في ميدان الاهتمام بالمستقبل.

التفريق بين مفاهيم مختلطة

يفرق سهيل عناية الله (ربما بشكل غير مباشر) بين الدراسات المستقبلية والرؤية، ويربط الأخيرة بعنصر الخيال والتخيل، فالرؤية لا تتساءل فقط عما قد يحدث عليه المستقبل بل عما يجب حتىقد يكون عليه هذا المستقبل أيضا، ومن ثم تتضمن الرؤية قدراً من الانفصال عن الحاضر بما يصعب معه الوصول إليها من خلال نماذج المحاكاة)، وعلى هذا النحوفإن الرؤية غير مقصورة على التحليل الفكري فقط بل وتأتي من خلال وسائل الفهم والتعبير الأخرى كالشعر والفن..الخ. ويتزايد إدخال عنصر الخيال في الرؤية عندما تتحول بعض صور المستقبل الممكنة إلى محالة بسبب هيمنة رؤية معينة للعالم تنفي شرعيتها.

برغم محورية دور الخيال في تحقيق قدر من الانفصال عن الواقع، فإن هذا الانفصال لا ينسحب على الأطر المرجعية، إذ يظل النموذج المعهدي الإسلامي Paradigm نقطة الانطلاق لعملية الرؤية. يمثل النموذج المعهدي الإسلامي إطار الرؤية، يحددها ولكن لا يخضعها لأحداث معينة مثل الثأر من فرد أوأمة أوحضارة. وعليه يمثل هذا الإطار عنصر فصل وربط: يرتبط بجوهر خبرة المسلمين، وينفصل عن قيود الحاضر ومن ثم تصبح الرؤية ذات توجه مستقبلي وليس تخيلياً محضاً.

كما يفرق سهيل عناية الله (هذه المرة بشكل مباشر) بين الدراسات المستقبلية والتخطيط، عملى الرغم من ارتباط نموالدراسات المستقبلية واكتسابها الشرعية بنموالحاجة للتخطيط القصير والطويل الأجل، فإن هذا لا يعني حتى الدراسة المستقبلية مرادفة للتخطيط، فالاستشراف له مسقطه من التخطيط وناتجه الذي يتجاوزه، فهناك اختلافات في: - المدى الزمني، حيث إذا الدراسات المستقبلية ذات توجه أطول مدى. - التخطيط يلتزم بمستقبل واحد معين، أما الدراسات المستقبلية ترى المستقبل تعددياً مفتوحاً. (أي إذا كان التخطيط يضيق من خيارات المستقبل، فان الدراسات المستقبلية تبتغى توسيعها ومن ثم فهي تجعل من الافتراضات الأساسية إشكالية) -التخطيط عملية تتم من القمة إلى الأسفل، أما الدراسات المستقبلية تفاعلية تتضمن تعدد المشاركين قدر الإمكان. - توجد مساحة في الدراسات المستقبلية للأخلاقيات (ما يجب حتىقد يكون عليه المستقبل؟) بدلا من مستقبل غير ملتزم. - الدراسة المستقبلية حساسة معهدياً، ومفتوحة للتفسيرات المتعددة للواقع، وتتعدد بها المستويات (الأحداث، وأسبابها ورؤى للعالم الكامنة تحت عملية الفهم والاكتشاف) -التخطيط مرتبط بصانع القرار، بينما الدراسة المستقبلية مرتبطة برؤية وإرادة. - كما حتى التخطيط يرى في المستقبل صورة أفضل لنموذج الحاضر، بينما ترى الدراسة المستقبلية الحاجة إلى تصور مستقبلات مختلفة عن الحاضر. ويفرق د. محمد بريش بين الاستراتيجية والدراسة المستقبلية والتخطيط (مع بيان أهمية العلاقة بينهما): [فـ]الاستراتيجية قد تترادف أحياناً مع التخطيط، لكن التخطيط يتضمن عدة عمليات، فالتخطيط أسلوب فني يسعى من خلاله التنظيم أوالإدارة إلى تحديد الأهداف، وتحديد المسار، وتقدير الموارد البشرية والمادية، واختيار البدائل، ووضع القواعد، ورصد الميزانيات، ووضع البرنامج المفصل للجداول الزمنية، جميع هذا يسمى تخطيطاً، لكن الاستراتيجية تأتي بعد تحديد الأهداف. فالتخطيط يضم ضمن ما يضم من العمليات انتقاء الأهداف واختيارها ووضعها، لكن الاستراتيجية هي كيفية الوصول إلى تلك الأهداف.

فضلاً عن ذلك فإن الاستراتيجية عادة ما تكون مرنة ومفتوحة على أكبر عدد ممكن من الاحتمالات والبدائل التي تمت دراستها بناء على استشراف المستقبل وتسقط ردود عمل الخصم.وما دامت "الاستراتيجية" هي فن قيادة المعارك، فهي تعتمد أساساً على استقراء الواقع واستشراف المستقبل.

إشكالية الأدوات المنهجية

ثمة إشكالية على مستوى المنهجية تتمثل في تفاوت المواقف بين عرض للمنهجيات الغربية (والتي عادة ما تنحصر في الأدوات المنهاجية)*، والدعوة إلى تطوير منهجيات مستقلة، ومحاولة تطوير هذه المنهجيات المستقلة في بعض الكتابات (تهتم بمستوى المنهجية والمنهج وليس بالضرورة الأدوات المنهجية)، تلك الإشكالية اتىت في بعد منها كانعكاس لأزمة المنهجية في الدراسات المستقبلية الغربية حيث تشير عدد من الكتابات على عدم وجود منهج متفق عليه في الدراسات المستقبلية.

تتعلق بهذه الإشكالية على مستوى المنهجية والمنهج، إشكالية أخرى تتعلق بالأدوات المنهجية: فيشير ضياء الدين سردار في مستهل كتابه The Future of Muslim Civilization حتى الأدوات الجديدة للدراسات المستقبلية لها قيمة، إلا أنه لا يجب الاعتماد عليها تماما فنشأتها الغربية تحملها تحيزات وأحكاماً غربية، هي بالتأكيد مفيدة في تحليلاتنا، لكن استخدامها يحتاج درجة من الوعي بالأطر التي نشأت فيها، ومن ثم إدراك أنها قد تنتج مستقبلات بديلة لا تناسب الاحتياجات والأهداف والقيم الإسلامية. وفي نفس المعنى – ولكن في إطار أوسع يضم الدراسات السياسة الإسلامية- أشار البعض إلى حتى عمليات الاستفادة من المنهجيات الغربية في مجال الأدوات على وجه الخصوص مهمة لكن في سياق وعي باللياقة المنهاجية والفاعلية. في هذا الإطار، برزت إشكالية الأدوات المنهجية في عدة كتابات في إطار المفاضلة بين الأدوات الكمية والكيفية، أوبالتأكيد على ضرورة الجمع بينهم: المناهج الكمية (لتفضي إلى الدقة) والكيفية (لتفضي إلى الرؤية). وهنا يطرح رأي فكرة حتى دقة النتائج لا ترتبط بأسلوب التحليل ولكن بعمق هذا التحليل (سواء كان كمياً أوكيفياً)، وأنه إذا لم يتم وضع ضوابط منهجية صارمة يسهل الوقوع في أخطاء فهمية. ويرى د. المهدي المنجرة حتى التحليل الكمي فترة ضرورية لضبط المؤشرات وتجسيم الرؤى، وأن المبالغة في استخدام أساليب كالنمذجة الرياضية مثلاً لا يرجع إلى المنهج، بل إلى كيفية استخدامه دون مراعاة حدوده.

تجدر الإشارة إلى حتى الدراسات المستقبلية بدأت تأخذ شرعية كـ"فهم" بقابلية تطبيق الأدوات الكمية في دراسة المستقبل، حتى لا تتهم بأنها عملية تخيلية محضة، إلا أنه لا يجب الخلط - في هذا الإطار- بين الدقة التي توفرها الأساليب الكمية والموضوعية التي تدعيها أحياناً، فإذا اعترفنا بالمقولة الشائعة بأن الأرقام لا تكذب، فان ذلك لا يعني بالضرورة أننا لا نستطيع حتى نكذب بالأرقام، ومن ثم فإن اللجوء للتكميم قد يحدث ابتغاءً للدقة لكن ليس بالضرورة الموضوعية، ويكون أيضا بادراك حتى المبالغة في تطبيق الأساليب الكمية قد يقف عائقاً أمام رسم صورة سليمة للواقع، حيث يصبح من الصعب الأخذ في الاعتبار الظواهر التي لا تقبل بطبيعتها الخضوع للتكميم.

مسقط الدراسات المستقبلية بين العلوم

إشكالية أخرى متعلقة بالدراسات المستقبلية، هي مسقطها بين العلوم، وتلك الإشكالية تتباين بخصوصها الكتابات: يرى د. المهدي المنجرة أنها ليست بفهم وإن استعانت منهجياتها ببعض العلوم الدقيقة والاجتماعية، ويتفق معه في ذلك د. أحمد صدقي الدجاني حيث يرى أنها وإن لم تكن فهماً بمفهوم الفهم التجريبي فإنها تحاول اعتماد مناهج فهمية تنأى بها عن التنبؤ. ويرى د. محمود زايد نقلاً عن "أوسيب فليختهايم" حتى "فهم" المستقبل ليس من العلوم البحتة كالرياضيات، وإنما هوكفهم الاجتماع الذي يقوم على نوع من المعارف الدقيقة عن الإنسان وعالمه.

ضمن الاتجاه الذي يري الدراسات المستقبلية فهماً يرى د. ماجد فخري أنها فهم استناداً إلى أنها لها موضوع محدد (وهوالكائن الممكن أي الذي لم يوجد بعد ولكنه قابل للوجود في الزمان المستقبل)، ومنهج (التجربة والاختبار: من خلال خبرة الأجيال الماضية، الاستدلال والاستقراء، والتعميم) مما يؤدي إلى الخروج بأحكام عامة متماسكة منطقياً. وإلى آخر ذلك من اتجاهات تتأرجح بين اعتبار حتى للمستقبل "فهم" أوباعتباره" فلسفة"، أوباعتباره "فناً"، واتجاهات تسكنه ضمن فهم التاريخ أوضمن فهم اجتماع التاريخ...الخ.

في هذه الإشكالية يتناول هاني محمد خلاف مسقط المستقبلية في بنيان الفهم، فيقرر أنها لا تمثل فهماً مستقلاً، لأن موضوع الفهم فيها غير محدد (قد تتناول ظواهر اجتماعية وقد تتناول ظواهر طبيعية)، كما حتى فكرة الظاهرة التي تدرسها (المستقبل) غير موجودة بالأصل، ويرى حتى هذا لا ينتقص من قيمة الدراسات المستقبلية في بنيان الفهم حيث حتى المستقبلية يمكن حتى تكون فلسفة ويمكن حتى تكون منهجاً.

يمكن اعتبار الدراسات المستقبلية أسلوباً لدراسة ظاهرة ما، فهذا التكييف يأخذ في اعتباره الطبيعة البينية للدراسات المستقبلية واستخدامها في مجالات مختلفة (لدراسة ظاهرة طبيعية-أواجتماعية)، مما يفسر أيضا عدم الاتفاق على مناهج محددة للدراسات المستقبلية إذ إنها بالضرورة تعتمد في دراسة ظاهرة ما على مناهج واقترابات الحقل الذي يهتم بتلك الظاهرة. لكن إذا كان الأمر كذلك فما الجديد الذي تقدمه الدراسات المستقبلية،يا ترى؟ فكل حقل فهمي يهدف من وراء تطوير نظرياته الوصف والتفسير والتنبؤ بمسار الظاهرة في المستقبل، والظواهر الاجتماعية ومنها السياسية ليست استثناء من هذا الطموح، فلماذا تفرد أهمية خاصة للدراسات المستقبلية؟

تأتي خصوصية الدراسات المستقبلية وأهميتها في موقفها من الزمن (لا من وجهة نظر فلسفية ولكن من وجهة نظر منهجية) فعادة ما يعد الزمن متغيراً مستقلاً ويؤخذ كمعطى، ولكن الدراسات المستقبلية تأخذ الزمن بصــورة جديـة، كإشكالية لا كمعطى، وتنظر إليه على أنه متغيـر تابع للخبرة الإنسانية والحضارية. هنا تأتي أهمية التفريق بين الدراسات المستقبلية ووظيفة التنبؤ في العلوم الاجتماعية *والذي عادة ما يثير أسئلة من قبيل كيف من الممكن أن نقيّم نجاح أوإخفاق الدراسات المستقبلية،يا ترى؟ وتتم الإجابة بالربط بين نجاح أوفشل النظريات الاجتماعية في التنبؤ. فتقييم (وتقويم) نظرية ماقد يكون في مدى قدرتها على التفسير والفعالية والقدرة على التنبؤ وترجع نتائج عملية التقييم تلك، في إطار تغذية استرجاعية لتقويم النظرية (في إطار اختبار النظرية)، في ضوء مدى ملائمتها لدراسة الواقع.

أما الدراسات المستقبلية فإنها لا تهدف للتنبؤ، بل إلى فتح مجالات المستقبل من خلال تحليل افتراضي بالإجابة على التساؤل: ماذا لو..؟، بالتالي فنجاح أوفشل الدراسات المستقبلية لا يقيّم بدقة التسقطات، وتحقق نبؤات* ،حيث إنها لا تهدف إلى كتابة تاريخ المستقبل، "والمجتمع الذي تقع فيه الأزمات على نفس الوتيرة التي يرصدها المستقبلي...مجتمع أليق بالمستقبلي حتى يغادره ويرحل عنه."

هل يمكن ان تكون الدراسات الميتقبلية امتداد لدراسات أخرى ممتدة في تراثنا العربي الإسلامي،يا ترى؟ يهجرز مجال الاهتمام هنا أيضا في "الدراسات" المستقبلية، بالمعنى الذي يسعى إلى مستوى معين من الانضباط المنهجي...وعليه لا يجري البحث في جميع أشكال الإنتاج الفكري ذات التوجه المستقبلي على أهميتها...فنحن بمحاولتنا البحث عما إذا كانت الدراسات المستقبلية تعتبر امتداد لدراسات أخرى وجدت طريقاً لها في مصادرنا التراثية لا نسعى لاختزال التراث لصالح اجتهادات فكرية معاصرة، وأيضاً لا نسعى لإعادة تعريف الدراسات المستقبلية بشكل يتفق مع ما نجده من إنتاج فكري في التراث لإضفاء الشرعية عليها...فابتداءً يجب حتى نشير إلي ما تجاوز ذكره في التمهيد من علاقة أشكال الإنتاج الفكري بالواقع، مما يجعل لكل شكل من أشكال الاهتمام بالمستقبل شرعية وجوده التي تستند إلي ارتباطه في ظروف واقعه والسياق الذي يؤدى إلي إنتاجه...ومن هنا لا نهدف إلى القفز فوق محددات وديناميات الواقع واختزال المساحة الزمنية من أجل اثبات تصور مسبق بتطابق الدراسات المستقبلية مع نماذج تراثية (أيا كانت المسميات)، ومن ثم إضفاء شرعية على الأولي أوتعظيم شأن الثانية...لأن تبرير وجود أي منهما إنما يأتي في ارتباطها بواقعها وقدرتها على فهمه وتفسيره وإصلاحه.

إلا أنه في هذا الإطار تجدر الإشارة إلى نماذج وأنماط مهمة ذات توجه مستقبلي في مصادرنا التراثية: نموذج اليوتوبيا (المدينة الفاضلة) وما يشابهها من اجتهادات فكرية تحاول المقارنة بين واقع واقتراح واقع بديل. نموذج أدب النصيحة كنقد للواقع المعاش. نموذج الأزمة: كشفها، رؤيتها وكيفية الخروج منها. نموذج فكرة المهداوية والتأرجح بين البشارة والأسطورة. نموذج التأصيل النظري للسنة في فكر ابن خلدون. وتأتي أهمية الإشارة لتلك النماذج في التراث الإسلامي لا لذاتها ولكن كتعبير عن العوامل التي أدت إلى ظهورها وانتشارها، فظهورها ليس مجرد تعبير عن النزوع الفطري للاهتمام بالمستقبل ولكن تحكمه عوامل تعكس كيفية تعامل الإنسان مع واقعه وفقاً لرؤية معينة للعالم، ولدوره ومسئوليته فيه. تلك العوامل يربطها د. سيف الدين عبد الفتاح بثقافة " النظر" حين يؤصل لها ويبينها، فأهم تلك العوامل تتمثل في النظر الإصلاحي، والنظر التدبيري، والنظر السنني، والنظر المقاصدي. النظر الإصلاحي والنظر التدبيري يرتبط كلاهما بمفهوم السياسة، فالسياسة باعتبارها القيام على الأمر بما يصلحه، تجعل للنظر الإصلاحي دلالات استشرافية من حيث إصلاح وضع غير مرغوب للخروج إلى وضع مرغوب، والنظر التدبيري يأتي مكملاً للنظر الإصلاحي بالجمع بين عنصري الوعي والسعي...أي بإضافة عنصر الحركة والعمل الإيجابي. ويأتي جميع من النظر الإصلاحي والتدبيري في إطار النظر السنني والنظر المقاصدي....الأول يؤصل للنظر الاستشرافي في إطار الوعي بالسنن المتحكمة في حركات ومجالات الكون والتاريخ والنفس والاجتماع، والثاني يتكامل مع النظر السنني بالانتنطق الي الغايات العامة التي يُسعى إليها.

بتكامل تلك العوامل: الإصلاح، والتدبير في إطار الوعي بالسنن والمقاصد تشكلت رؤية إسلامية للعالم (وللمستقبل بشكل خاص) أنتجت في إطار تفاعلها مع الواقع تلك التوجهات المستقبلية المعبرة عن النظر الاستشرافي. هنا تبرز أهمية التمييز بين الدراسات المستقبلية والاهتمام بالمستقبل (أوالنزعة المستقبلية)، فلا يوجد عصر أوحضارة تخلومن النزعة المستقبلية إلا حتى خصائص وظروف واقعها تحكم أشكال الاهتمام به، ومن هنا لا يتم طرح التساؤلات من قبيل: هل الحضارة العربية الإسلامية أثبتت من خلال إنتاجها الفكري أنها حضارة ذات توجه مستقبلي أم لا، فمثل هذه التساؤلات لا تجد ما يسوغها، إلا من الممكن في حالات اختبار أطروحات معنية تتخذ مواقف منطلقة من مقولات الحتمية سواء الثقافية أوغيرها،* وهوبأي حال من الأحوال يخرج من مجال الاهتمام في هذه الموضوعة.

هذا العرض السابق كان ضروريا لطرح تساؤل محدد هل يمكن التحدث عن الدراسات المستقبلية الإسلامية كامتداد طبيعي للدراسات التاريخية الإسلامية،يا ترى؟ ولكن قد يظل التساؤل مطروحاً لما التاريخ بالذات،يا ترى؟ وللإجابة عليه تلزم توطئة أخرى تتناول علاقة الدراسات المستقبلية بالتاريخ... ينطلق د. أحمد صدقي الدجاني في تعريفه للدراسات المستقبلية من كونها "امتداد[اً] للدراسة التاريخية...وهي تتناول بالحديث المستقبل من خلال النظر في الحاضر والماضي... [و]هي محاولة فهمية تتكامل فيها الدراسات لفهم جوانب صورة الحاضر وتحليلها والتعهد على مجرى الحركة التاريخية من خلال دراسة الماضي وملاحظة سنن الكون، والانطلاق من ذلك كله إلى استشراف المستقبل وتشوفه وصولاً إلى طرح رؤية له. وتتضمن هذه الرؤية تسقطات يحتمل حدوثها كاستمرار للحركة التي تحكم الواقع القائم، وبدائل وخيارات وأحلاماً يجرى التطلع لتحقيقها بممارسة العمل."

القيام بالدراسة المستقبلية لا يعني فصل حلقات الزمن الثلاث بالهجريز على المستقبل، بل يتم النظر للزمن بحلقاته الثلاث (الماضي والحاضر والمستقبل) بشكل متوازن، وبنفس القدر من الاهتمام. تجري دراسـة ظواهر الماضي في إطار فهم التاريخ، ومن هنا تظهر أهمية العلاقة بين الدراسة التاريخيـة والدراسة المستقبلية، حيث تعتبر الدراسات المستقبلية في كثير من الأحيان امتداداً للدراسة التاريخية، فإذا كان فهم التاريخ يحـاول تطوير علل وأسباب للظواهر الاجتماعية الماضية، فان تلك العلل والأسباب لا تنطبق فقط على الأحداث التاريخية ولكن يمكن حتى تفسر أيضا أحداث ووقائع مستقبلية افتراضية.

أهمية الاهتمام بالدراسة التاريخية

ا) النظرة الفلسفية للتاريخ: تختلف طبيعة وشكل وهدف الدراسة المستقبلية تبعاً لاختلاف النظرة الفلسفية لحركـة التاريـخ، وأيضا لدور الإنسان وما يمكن حتى يصنعه، فرؤية مجتمع ما للتاريخ كخط صاعد، أوهابط أودائري سيقيد بالضرورة طبيعة رؤية المستقبل ومدي تنوع وانفتاح البدائل المستقبلية الافتراضية. والتصور العام لدور الإنسان سيؤثر لا محالة على هدف الدراسة المستقبلية، فدراسة منطلقة من تصور سلبي لقدرة الإنسان قد تنزع لطابع يبغي التنبؤ ويكرس ثقافة الانتظار، بينما دراسة منطلقة من تصور إيجابي لدور الإنسان ستكون أقرب إلى التخطيط أوالإدارة بالأهداف.

ب) فهم هدف المجتمع: لدراسة التاريخ أهمية أخرى تتمثل في أهمية تاريخ الأفكار التي تدفع الناس في اتجاه معين، وفهم القيم التي اتىت من الماضي، والتعليل التاريخي لسبب وكيفية تأثر الناس بهذه القيم، عملم تاريخ الأفكار "هي التي تمكن الدارس المستقبلي من التعهد على الأهداف التي بلورها المجتمع الذي يدرسه." قد تظهر فائدة مهمة لذلك، لأنه في أحيانقد يكون هدف المجتمع مختلفاً تماما عما يتم صياغته من خطط ورؤى لهذا المجتمع، حيث يحدث انفصال بين الفئة التي تحتكر صياغة تصور المستقبل وبين هدف المجتمع، وهنا، وعن طريق الدراسة التاريخية، يستطيع الباحث حتى يلحظ وجود انفصال أواتساق بين أهداف المجتمع، وبين التصورات والخطط التي تصاغ لمستقبله.

يرتبط بهذا أيضا دور التاريخ في صياغة النموذج فيكون للمجتمع (أوفئة منه) تصور عن العصر المضىي، أوالنموذج المثالي الذي عليه حتى يقترب منه أويستفيد منه، أويعيد تحليله وصياغته ليشكل نموذج المستقبل. ج) دراسة العوامل المؤثرة على الظاهرة موضع الاهتمام: تأتي أهمية ثالثة للدراسة التاريخية وهي "تتبع جذور الواقع الحاضر في الماضي لفهم أصوله، والنظر في التفاعلات التي جرت بين عوامله الثابت منها والمتغير، وصولا إلى التعهد بعمق على جميع منها وتحديد مجرى الحركة التاريخية للأحداث التي شكلته، والوقوف أمام السنن التي تحكم هذه الحركة."

فالدراسة المستقبلية تعتمد على دراسة ظاهرة، والقيام بتحليل افتراضي (بطرح أسئلة من قبيل ماذا لو...؟) عن طريق تغيير عامل أوبعض العوامل المؤثرة في الظاهرة؛ فلكي تكون الدراسة قريبة من معطيات الواقع يحتاج الباحث إلى وضع يده على طبيعة تأثير المتغير، وفهم أي المتغيرات أكثر تأثيرا على الظاهرة موضع الدراسة في المجتمع موضع الدراسة، ولكي يستطيع الوصول لذلك يجب حتى يقوم بدراسة تاريخية لفهم أي العوامل كانت أكثر تأثيراً على الظاهرة (تاريخياً)،يا ترى؟ ولماذا،يا ترى؟ ويتعذر فهم تلك العلاقات من دون الدراسة التاريخية، لأن الظاهرة السياسية غير مكتملة تتشابك فيها العوامل، فيصعب تحديد العوامل المؤثرة والأقل تأثيرا...وبهذا المعني يظهر لنا لما التاريخ هوالمعمل بالنسبة للباحث السياسي.

إذن للدراسات المستقبلية علاقة وثيقة بالتاريخ والدراسة التاريخية فكلاهما يفهم الزمن، بل إذا محاولات إدراج دراسة المستقبل ضمن المباحث الفهمية ارتبطت بمحاولة تشبيهه بفهم التاريخ، فان كان " لهذا الفهم، وموضوعه الماضي، قواعد ومناهج وأغراض مسلمة، فلماذا لاقد يكون لدراسة المستقبل قياساً عليه، قواعده ومناهجه وأهدافه أيضا؟"

ما يعنينا فيما يتصل بالدراسة المستقبلية هوكيفية دراسة المسلمين للتاريخ، والموقف الذي يتخذه المجتمع المسلم تجاه ماضيه، والمساحة التي يعطيها لفاعلية التاريخ في حاضره. فما يؤثر على المستقبل هوكيفية دراسة الماضي، وتنمية الوعي والإحساس بالتاريخ.

مصادر

أولاً: باللغة العربية

الخط

  • أحمد صدقي الدجاني، "رؤى مستقبلية عربية للثمانينات"، دار المستقبل العربي، القاهرة، الطبعة الثانية 1983.
  • د. حسن محمد وجيه، "تحديات الدور المصري وآفاق المستقبليات...ما بين التنبؤ...والنبؤات!..[دراسة من منظور لغويات التفاوض]، المخطة الأكاديمية، القاهرة، 2003.
  • د.خير الدين حسيب، "مستقبل الأمة العربية: التحديات والخيارات"، التقرير النهائي لمشروع استشراف مستقبل الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، 1988
  • د. رضوان سليم، "نظام الزمان العربي: دراسة في التاريخيات العربية-الإسلامية"، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 2006.
  • د. سيف الدين عبد الفتاح، "الدراسات المستقبلية في عالم المسلمين: بين نهاية التاريخ (عمر أمة الإسلام) وصدام النبؤات...دراسة نقدية من منظور السنن"، "الأمة في قرن (2000-2001) الكتاب السادس"، مخطة الشروق الدولية، ص ص 375-470.
  • د. ضياء الدين زاهر، "مقدمة في الدراسات المستقبلية: مفاهيم-أساليب-تطبيقات"، سلسلة مستقبليات، الكتاب الأول، مركز الكتاب للنشر، المركز العربي للتعليم والتنمية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2004.
  • عبد الرحمن بن محمد بن خلدون،" مقدمة ابن خلدون"، دار الأرقم بن أبى الأرقم، بيروت لبنان.
  • عبد الرحيم حسن (محرر)، "آراء في فقه التخلف...العرب والغرب في عصر العولمة"، دار الساقي، الطبعة الأولى، بيروت، 2002.
  • عبد العزيز الدوري، "نشأة فهم التاريخ عند العرب"، الأعمال الكاملة للدكتور عبد العزيز الدوري (2)، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى 2005
  • د. عبد العليم عبد الرحمن خضر، "المسلمون وكتابة التاريخ: دراسة في التأصيل الإسلامي لفهم التاريخ"، الدار العالمية للكتاب الإسلامي والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الثانية ،1995
  • أ. د. علي الدين هلال وأ. د. محمود إسماعيل محمد (محرران)، "اتجاهات حديثة في فهم السياسة"، المجلس الأعلى للجامعات: اللجنة الفهمية للعلوم السياسية والإدارة العامة ،1999
  • علي أومليل، "الخطاب التاريخي: دراسة لمنهجية ابن خلدون"، دار التنوير والمركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، 1985.
  • أ.د. علي جمعة محمد، "الطريق إلي التراث الإسلامي، مقدمات معهدية ومداخل منهجية"، نهضة مصر، الطبعة الأولى 2004.
  • عماد الدين خليل، " حول تشكيل العقل المسلم"، الدار العالمية للكتاب الإسلامي والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الخامسة، 1995
  • د. عمروالشوبكي (محرر) "إسلاميون وديموقراطيون: إشكاليات بناء تيار إسلامي ديموقراطي"، مركز الدراسات السياسة والاستراتيجية، القاهرة 2004.
  • قدري حافظ طوقان، "وعي المستقبل"، دار الفهم للملايين، بيروت، 1953
  • قسطنطين زريق، "نحن والمستقبل"، دار الفهم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى، 1977
  • مالك بن نبي، "مشكلات الحضارة: القضايا الكبرى"، ندوة مالك بن نبي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1991.
  • مالك بن نبي، "مشكلات الحضارة: معضلة الأفكار في العالم الإسلامي"، ترجمة د. بسام بركة ود.أحمد شعبو، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1988.
  • مالك بن نبي، "مشكلات الحضارة:وجهة العالم الإسلامي"، ترجمة عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق، 1981.
  • مالك بن نبي، "ميلاد مجتمع... الجزء الأول... شبكة العلاقات الاجتماعية"، ترجمة عبد الصبور شاهين، ندوة مالك بن نبي، دار الفكر، دمشق، 1974.
  • د. محمد عابد الجابري، "بنية العقل العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم الفهم في الثقافة العربية"، نقد العقل العربي (2)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة السابعة، 2004
  • د. محمد عابد الجابري، " الخطاب العربي المعاصر...دراسة تحليلية نقدية"، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة السادسة، 1999.
  • د. محمود عبد الفضيل، "حوار مع المستقبل"، كتاب الهلال، العدد 531، مارس 1995
  • د. مصطفى حجازي، " التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور"، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، الطبعة التاسعة، 2005.
  • د.نصر محمد عارف، "نظريات السياسة المقارنة ومنهجية دراسة النظم السياسية العربية: مقاربة ابستمولوجية"، جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية، ليزبرج، فيرجينيا، الطبعة الأولى، 1998.
  • د. هادي نعمان الهيتي، "إشكالية المستقبل في الوعي العربي"، مركز الدراسات الوحدة العربية، بيروت 2003
  • هشام شرابي (محرر)، "العقد العربي القادم: المستقبلات البديلة"، مركز الدراسات العربية المعاصرة، جامعة جورجتاون، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولي، 1986
  • أ.د. نادية محمود مصطفى وأ.د. سيف عبد الفتاح (محرران)،" دورة المنهاجية الإسلامية في العلوم الاجتماعية حقل العلوم السياسية نموذجاً"، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ومركز الحضارة للدراسات السياسية، سلسلة المنهاجية الإسلامية، ومركز الحضارة للدراسات السياسية، سلسلة المنهاجية الإسلامية، 2002
  • د. نيفين عبد المنعم مسعد (محرر)، "ندوة الدراسات المستقبلية العربية: نحواستراتيجية مشهجرة"، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، معهد البحوث والدراسات العربية، 1998

الدوريات

  • د. أحمد جدي، "الفكر العربي والمستقبل: مدخل إشكالي ومنهجي"، الوحدة، السنة السابعة، العدد 81، يونيو1991، الرباط، ص ص92-101.
  • د. أحمد صدقي الدجاني، "دراسة المستقبل برؤية مؤمنة مسلمة"، المسلم المعاصر، مؤسسة المسلم المعاصر والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، السنة السادسة عشرة، العدد 62، نوفمبر، ديسمبر، يناير 1991/1992،ص 113-133.
  • حسام الدين الالوسي، "الزمان في الفكر الديني والفلسفي القديم"، عالم الفكر، المجلد الثامن، العدد الثاني، 413-490.
  • د. خلدون الشمعة، "تعريفات حول المستقبلية: سوسيولوجيا المستقبل بين المستقبلية وفهم المستقبل"، ملف " المستقبلية فهم العلوم"، الفكر العربي، مجلة الإنماء العربي للعلوم الإنسانية، بيروت العدد العاشر، السنة الأولى، إبريل 1979، ص ص 210-215
  • د. رمضان بسطاويسي محمد،" بزوغ فهم المستقبل"، العربي، العدد 559، يونيو2005،ص ص 30-34.

سهيل عناية الله،" استشراف مستقبل الأمة"، إسلامية الفهم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، السنة الخامسة، العدد السابع عشر، صيف 1420هـ/1999، ص ص 43-88

  • صفوت كمال، "مفهوم الزمن بين الأساطير والمأثورات الشعبية: دراسة اثنولوجية"، عالم الفكر، المجلد الثامن، العدد الثاني، ص ص 211-233
  • ضياء موسى، "التواصل مع المستقبل"، المستقبلية، العدد الأول، صيف 2000،ص ص 231-283.
  • عبد الرحيم الموسوي، "النزعة المستقبلية من الخرافة إلى الفهم"، المستقبلية، العدد الأول، صيف 2000، ص ص 17-35.
  • د. عطية حسين أفندي، "استقراء المستقبل: دراسة أولية في فهم وليد"، منبر الحوار، السنة السادسة، العددان 21 و22 صيف وخريف 1991، ص ص 75-103.
  • د. علي أصغر الكاظمي، "نهاية السياسة والأسطورة الأخيرة"، المستقبلية، السنة الأولى، العدد الثالث خريف 2004، ص ص 171-199
  • د.علي الدين هلال، "التعريف بدراسات المستقبل"، السياسة الدولية 1988، ص ص 68-69.
  • على المؤمن، "المستقبلية ورهانات التحكم بعالم الغد"، المستقبلية، العدد الأول، صيف 2000، ص ص 5-16
  • فاضل الموسوي، "رؤية مستقبلية"، المستقبلية، العدد الأول، صيف 2000، ص ص 201-212.
  • كريم جبر حسن، "الوعي بالمستقبل"، المستقبلية، العدد الأول، صيف 2000 ص ص 232-230
  • د. ماجد فخري، "تطور فكرة المستقبل في العصور القديمة والحديثة"، الفكر العربي، مجلة الإنماء العربي للعلوم الإنسانية، بيروت العدد العاشر، السنة الأولى، إبريل 1979، ص ص 10-25.
  • د. محمد باقر حشمت، "الحضارة والثقافة...وآفاق البنى المستقبلية"، المستقبلية، السنة الأولى، العدد الأول، ربيع 2001,185-201.
  • محمد بريش، "حاجتنا إلى علوم المستقبل"، المسلم المعاصر، مؤسسة المسلم المعاصر والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، السنة السادسة عشرة العدد 61، أغسطس-سبتمبر- أكتوبر 1991، ص ص 45-88.
  • د. محمود زايد، "فهم المستقبل في وقتنا الحاضر"، الفكر العربي، مجلة الإنماء العربي للعلوم الإنسانية، بيروت العدد العاشر، السنة الأولى، إبريل 1979، ص ص 26-40.
  • محمود عبد الفضيل، "الجهود العربية في مجال استشراف المستقبل "نظرة تقويمية"، عالم الفكر المجلد الثامن عشر، العدد الرابع، يناير-مارس 1988، ص ص 51-72
  • مسعود ضاهر، "قسطنطين زريق والمنهج المستقبلي في فهم التاريخ"، المستقبل العربي، السنة التاسعة العدد 95 ص ص 24-33
  • المهدي المنجرة، "من أجل استعمال ملائم للدراسات المستقبلية"، عالم الفكر، المجلد الثامن عشر، العدد الرابع يناير-مارس 1988، ص ص 3-6.
  • د. نادر الفرجاني، "حول استشراف المستقبل للوطن العربي: رؤية نقدية للجهود المحلية والخارجية"، المستقبل العربي، السنة الثالثة، العدد 15، مايو1980، ص ص68-81
  • هاني محمد خلاف، "المستقبلية بين المنهج الفهمي والفكر الشرقي"، السياسة الدولية، العدد 50، أكتوبر 1977، ص ص 6-21
  • د. أحمد صدقي الدجاني، "الدراسة التاريخية والمستقبلية في التراث العربي الإسلامي"، محاضرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، 1990.
  • د. سيف الدين عبد الفتاح، " إشكالية العلاقة مع السلطة: قراءة في نصوص تراثية ومنهاجية مقترحة"، سلسلة بحوث سياسية، مركز البحوث والدراسات السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، إبريل 1997.

مواقع الإنترنت

  • إبراهيم أبوشوك، فهم التاريخ إشكاليات المنهجية ومشروعات الأسلمة، إسلامية الفهم، العدد 24:

http://www.eiiit.org/article_read.asp?articleID=602&catID=256&adad=289 (31-3-2005)

  • محمد بريش،" تعميق الفهم في الفكر الاستراتيجي: مدخل إلى التغيير الثقافي"

http://www.eiiit.org/articles.asp?dad=271 (31-3-2005)

  • المهدي المنجرة، (حوار) مستقبل الوطن العربي، الآداب، السنة 47، العدد 11-12، نوفمبر-ديسمبر 1999، ص 13- 14.

http://www.elmandjra.org/aladabe7.htm (8-5-2006) http://www.al-watan.com/data/20060415/index.asp?content=fwriter#2 (17-5-2006) دراسات مقارنة بين الأدب الفارسي والآداب الأخرى، سيرة حي بن يقظان http://www.irib.com/worldservice/arabicRADIO/pages/Programs/progcontent.asp (27/3/2006) http://www.mostaqbaliya.com/about-arabic.htm (6-10-2005)

ثانياً: باللغة الإنجليزية

خط

da Vinci, Leonardo, "Prophecies and other Literary Writings", Translated by J.G. Nicholas, Hesperus Press Limited, London, 2002, Morewedge, Parviz (editor), "Neoplatonism and Islamic Thought", International society for Neoplatonic studies, State University of New York press, 1992. Sardar, Ziauddin, "The Future of Muslim Civilization", Croom Helm, London,1979. Other: Encyclopaedia Britannica 2005, CD-ROM, entries: Epic:General characteristics, Early patterns of development in the ancient Middle East, Uses of the epic. Geertz, Cliford Gilgamesh Islām: Epistemology, History of philosophy, Prometheus The teachings of Ibn Tufayl Encyclopaedia Wikipedia: Utopianism last accessed in 8/4/2006.

= Articles

-Sohail Inayatullah, Five Futures for Muslims, futurebrief, http://www.metafuture.org/articles/Five Futures for Muslims.pdf (31-3-2006) -Sohail Inayutallah, Pedagogy, Culture and Futures Studies http://www.metafuture.org/Articles/PEDAGOGY,%20CULTURE%20AND%20FUTURES%20STUDIES.htm (31-3-2006) -Sohail Inayatullah, Alternative Futures for the Islamic Ummah http://www.metafuture.org/Articles/AltFuturesUmmah.htm (31-3-2006) Inayatullah، Sohail, An Introduction to Futures Studies, Alternative Global and South Asian Future، http://www.metafuture.org/Articles/introduction_future_studies.htm (31-3-2006) Milojevic, Ivana and Inayatullah, Sohail "Futures Dreaming: Challenges From Outside and on the Margins of the Western World", http://www.metafuture.org/Articles/Futures_Dreaming.htm (16-5-2006) -Mahdi Elmandjra, Futures of the Islamic World: Future studies: needs, facts and prospects, Symposium on "the Future of the Islamic World", Algiers, 4-7 May, 1990. http://www.elmandjra.org/Futures.htm (8-5-2006)

من فهماء المستقبليات المشهورين

  • ستيفن هوكينغ
  • ميتشيوكاكو
  • المهدي المنجرة

انظر أيضا

  • التنبؤ
  • التنبؤ الرجعي
  • تنبؤ التهديدات
  • تقنيات المستقبل

مصادر

  • الدراسات المستقبلية

مراجع

  1. ^ "Futurology". Wordnet Search 3.1. Princeton University. مؤرشف من الأصل في ثلاثة مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 16 مارس 2013.
  2. ^ . The Oxford Dictionary of Philosophy (باللغة الإنجليزية). futurology. 2008. مؤرشف من الأصل في 11 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 25 يناير 2020. Mainly a pseudo-science, given the complexities of social, political, economic, technological, and natural factors. Invalid |script-title=: missing prefix (مساعدة)
  3. ^ William, F. Williams (2013-12-02). . صفحات 122–123. ISBN . مؤرشف من الأصل فيعشرة يوليو2017. Many scientists reject the notion of futurology being a science, while others quibble at the use of the unscholarly word 'futurology'.
تاريخ النشر: 2020-06-02 04:10:54
التصنيفات: علم المستقبل, اقتصاديات الطاقة, تفكير توقعي, تنبؤ, علوم المستقبل, علوم زائفة, هندسة المدن, أخطاء CS1: script parameters, صفحات بها مراجع بالإنجليزية (en), مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, بوابة علم الاجتماع/مقالات متعلقة, بوابة زمن/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

استمرار تسجيل إصابات ووفيات جراء (كورونا) في مختلف أنحاء العالم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:20:51
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

تعرف على أسماء وأماكن محطات الأتوبيس الترددي BRT

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:30
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

بعد 20 عامًا من البحث.. اكتشاف طريقة جديدة لتجديد شباب جلد الإنسان

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:57
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

موجة حر استثنائية تلهب غرب أوروبا

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:58
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

مواعيد قطارات السكة الحديد المكيفة والروسى بالوجهين البحرى والقبلى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:21:37
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 39%

نبيلة عبيد: أفضل قضاء العيد وسط بنات أشقائي في المنزل - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:20:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

ضربها نيزك من الفضاء.. ما لا تعرفه عن البحيرة الأشهر فى مرسى علم (صور)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:21:38
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 37%

شاهد.. شخص يدخل الملعب على حمار بنهائي كأس دولة إفريقية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:16:57
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 93%

حبس وغرامة 100 ألف جنيه.. عقوبة إلحاق المصريين بالعمل بدون ترخيص

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

برواتب تصل إلى 5500 جنيه.. القوى العاملة تتلقى طلبات 2752 فرصة عمل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:33
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

ردع إيران وبرنامجها أولوية.. بايدن يعد إسرائيل بوثيقة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:16:41
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 95%

ألمانيا تؤكد التوقف عن شراء النفط والفحم الروسيين قريباً

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:16:53
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 91%

"التعليم" تحدد قواعد المفاضلة فى التعيين بمسابقة 30 ألف معلم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:21:38
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 41%

بالمبلغ المتفق عليه.. تويتر تقاضي ماسك لإتمام الصفقة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:02
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 96%

على الكسار «بربرى الفن» وهذه قصة ابتكاره لشخصية «عثمان عبد الباسط»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:20:52
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

تفاصيل غرق شاب فى مياه قناطر زفتى بالغربية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:20:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

مصرع 7 أطفال بينهم 6 أشقاء فى حادث سقوط تروسيكل بترعة غرب الأقصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:21:39
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 39%

متحور جديد يظهر في الهند وعلماء الفيروسات يوصون بتدابير وقائية

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

لوغانسك تتوقع إقامة علاقات دبلوماسية مع سورية قريبا

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:59
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

«المركزي للإحصاء»: 63 % من نساء العالم يستخدمون وسيلة منع الحمل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:31
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

لا تتضمن استخدام الأدوية.. علاج بديل لتخليص الجسم من الألم

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:17:58
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

بايدن يغادر واشنطن متوجهاً إلى الشرق الأوسط

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-13 06:16:41
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 88%

تحميل تطبيق المنصة العربية