براهمان

عودة للموسوعة
أثر قطرة ماء على الماء، التناظر العام لبراهمان وآتمان.

في الهندوسية، يشير مصطلح براهمان (ब्रह्मन् brahman) إلى الروح الفائقة العالمية، وهي الأصل وهي التي تؤيد العالم الظاهري. وفي بعض الأحيان يُشار إلى براهمان على أنه المطلق أوالإله والذي يعد إلهًا. ومن تعاليم حكماء الأوبنشاد حتى براهمان هوالجوهر النهائي للظواهر المادية (بما في ذلك هوية الإنسان نفسه) والذي لا يمكن حتى يتحقق عن طريق الحواس ولكن يمكن حتىقد يكون معروفاً من خلال تطوير الفهم الذاتية.

وقد أشار هذا المصطلح في الأصل إلى قوةٍ أوحقيقةٍ خلَّاقة متأصلة في الترانيم الفيدية، ثم في طقوس تقديم القرابين التي تُنشد فيها تلك الترانيم. وعند ظهور «أوبانيشاد»، صار هذا المصطلح يشير إلى المبدأ الكوني المجرد أوالحقيقة المطلقة. وفي الصوفية الهندوسية براهمان تعني روح الكون، المتعالية والمحايثة. وبالإمكان إيجاز الصوفية الهندوسية الرهبانية على أنها تحقيق التماهي بين الذات في الإنسان وأتمان Atman والإله، براهمن: «هوالكل، وأتمان هوبراهمن». عند رامانوجا Ramanuja وآخرين يوجد اتحاد دون تماهٍ.

مصطلح براهمان

منطقات

  • هندوس
  • تاريخ
بوابة هندوسية

براهمان (Brahman) حدثة سنسكريتية، شقت طريقها إلى الإنجليزية في وقت مبكر، تعود إلى 1481م، ويقصد بها الاسم الذي أطلقه مفهموا وحكماء الأوبانیشاد على الموجود الأسمى، وهم يجسدونه في الإله الخالق براهما، ويضعونه في تابوت مقدس يتألف من براهما «الخالق» وفشنو«الحافظ» وشيفا «المدمر».

ولحدثة براهمان Brahmam معان عديدة، منها «الحدثة المقدسة» و«الفهم المقدس»، و«الرقية» أو«السحر» وهي تنطبق على حدثات وأشعار الريغ - فيدا كما على رقيات وطلاسم الأثارفا - فيدا، وتقابل الريغ - فيدا حدثة فاك Yac بمعنى الخطاب حيث أصبحت مساوية لبراهمان أومرادفا لها واسم فاكا سباتي Vaca spati هوأحد أسماء براهمان سباتي Brahman spati.

مفهوم براهمان

إن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها تعالیم الهندوسية، هي الإيمان بحقيقة واحدة تحوي جميع شيء، وتقوم وراء الإدراك الحسي. وهذه الحقيقة تدعى «براهمان»، ومعناها الحقيقة المطلقة. وهذه الحقيقة المطلقة، هي في الوقت عينه لانهائية ومكتفية بذاتها، وهي الكيان الوحيد الذي يمكن القول إنه موجود حقا. ويقول جورج يونس في تعليقه على الكتاب الذي عربه أناشيد من الشرق: «أما البراهمان فتعني المادة الأولى غير القابلة للتجزُّؤ التي هي في الوقت نفسه إرادة وعقل وحُب. إنها جوهر الأمور والكائنات، إنها الكل، إنها المطلق، إنها الإله».

ويدل براهمن على القدرة العليا المقدسة أوالقدرة الكونية يسكن في أقدس الإنسان. أوفي سويداء أعماقه. هوالطاقة الكامنة في الإنسان ومبدأ الحياة والأعمال، قائم في ما بعد الوعي والحس هواللا-متغير أبدا، کائن فيما بعد الزمان والمكان والحتمية والقياس، أحمل جميع مافي الإنسان بدنيا وباطنيا.

أما عن العلاقة الموجودة بين «برهمن» و«آتمن» فحسب الأوبانشاد، إذا القوة العظيمة المستحثة للكون: «برهمن» والطاقة الروحية للنفس «آتمن» هما في النهاية شيء واحد فباتحادهما تتحقق طرائق تحرير النفس من عبوديتها المولدة أوالمسببة للمعاناة.
ويرى شانكارا حتى "البراهمان" هوالواقع الذي يتيح وجود المظاهر التي تشكل العالم التجريبي، لكنه متجاوز لهذه المظاهر؛ لأنَّ البراهمان، يتجاوز العالم.

و"لا يتوزع البراهمان بين الكائنات، وإنما يحل فيهم وكأنه قد توزع وتقسم، فهوسر وجود جميع الكائنات إذ يحل في جميع القلوب. فبراهمان هوسر الوجود وكل الوجود. وهوسر وجود جميع اللاموجود". وإنَّ براهمان لا تجريبي، ولا موضوعي، وكلي، وهوالجوهر المفكر.

براهمان في الأوبانيشاد

أوم، يرمز في الصوفية الهندوسية الى التأمل. وتقسمه ماندوكيا أبانيشادز الى A، AUM: هي حالة التيقظ. وU هي حالة الوعي الحالم. وM حالة الوعي النائم.

إنَّ هذا الوجود الكامل، أوالحقيقة الكلية، تدعي عموما باسم براهمان، ولم تجرِ أية محاولات لتعريف براهمان بشكل محدد. والتوصيفات تتباین، بعض الرسائل ومعظمها من أزمنة لاحقة، تصور البراهمان کنوع من الألوهية المنعم عليها بالشخصية:

«خالد هووموجود کرب، ذكي، موجود في جميع الوجود، حارس هذا العالم، هل هومن يحكم هذا العالم على الدوام»

تمزج مقاطع عديدة بلا تمييز الدلالات الشخصية واللاشخصية لهذه الحقيقة النهائية. ونجد الدلالة الشخصية في مقاطع أخرى وقد تم اللجوء إليها من باب العادة أوكتنازل أمام مخيلة مضطربة أكثر من أي شيء آخر. ويوصف «الواحد اللا محدود "بأنه" هوالذي يوقظ هذا العالم».

«في البدء كان هذا العالم براهما [ن]. الواحد اللامحدود - لا محدود بالنسبة للشرق، ولا محدود بالنسبة للشمال.. لا محدود بالنسبة لكل الجهات غير قابلة للاستیعاب تلك النفس،غير محدودة، لم تولد، ولا يجوز التفكير بها ولا تأملها هوالذي روحه المكان! وعندما يتحلل العالم هووحده من يبقى مستيقظا، ومن ذلك المكان بكل تأكيد، يوقظ هذا العالم الذي هوكتلة فكر، إنه هومن يفكر فيه، وفيه يختفي، إنه ذلك الشكل المشع الذي يعطي الحرارة في هاتيك الشمس، وهوالنور المتلألئ في نار بلا دخان، ونار المعدة التي تطهوالطعام، لهذا السبب قيل: هومن هوفي النار، وهومن هوهنا في القلب، وهومن هوفي هاتيك الشمس - هوشيء واحد».

تشير بعض الرسائل المبكرة عادة إلى براهمان باعتباره شيئا محايداً، بلا حركة أوإحساس، النطقب اللاشخصي الذي منه صدر العالم والذي إليه سيعود مع مرور الوقت. هذا الـ«هو» هذا «الشيء الواحد» هوالأساس المتين لكل شيء.

«حقا إذا هذا العالم بأكمله هوبراهما [ن].

فليعد المرء في سكينة باعتباره المصدر الذي اتى منه،

والذي فيه سيذوب، وبه يتنفس».

مشكلة الضمائر

تُظهر كتابات الأوبانیشاد المتأخرة وعيا بالمشكلة التي يطرحها الاستعمال المتبادل للضميرين هو(للعاقل he)، وهو(لغير العاقل it). فإن ما كان هو(he) فهوالله، فإن هو(it)قد يكون عندئذ خارج حدود ذلك، ولوأنه لا يزال شاملا لله. في مصطلحات المفهم إكهارد، المتصوف من العصور الوسطى، فإن هو(it)  هو(«الله وراء الله»). لذلك، تجعل كتابات الأوبانیشاد هذه تمييزا بين براهمان ظاهر في صورة إنسان (هوhe)، وبراهمان غير ظاهر (هوit) هكذا تقول أوبانیشاد مايتري (Maitri):"هنالك شكلان اثنان حقا للبراهمان، الذي له صورة والذي لا صورة له، الآن، الذي له صورة هوغير حقيقي أوغير حقيقي بشكل كامل، والذي لا صورة له هوحقيقي لأي حقيقي في النهاية".

في نسبة اللاحقيقة النسبية هذه إلى البرهان المصور، لدينا تلميح إلى عقيدة متأخره معقدة هي عقيدة المايا، وطبقا لهذه العقيدة، فإن المستور (أوغير الظاهر) هومصدر لكل الأمور والكائنات الظاهرة للعيان وقاعدة لها (أي للعالم ولكل ما فيه، بما في ذلك براهمان الشخصي أوالمصور)، لكن هذه الأمور ليست حقيقة في كليتها البراهمان المستور هووحده الحقيقي بالمطلق ولا يفنی.

استخدمت بعض كتابات الأوبانیشاد مصطلحات أخرى لجعل هذا التمييز واضحا، فنطقت، وهي تقابل مسألة كيف من الممكن أن يمكن لموجود لا صورة له ولا عمل حتى يخلق عالما من الصور المرئية والمتغيرة، إذا البراهمان المستور عبر عن قوته الخلاقة المتأصلة في ذاته بإنتاج هيراميا غاربها (Hiramya garbha)، أو«البيضة المضىية» التي ظهرت عند فجر الخلق على «بحر البراهمان» وأصبحت الإله الخالق الفعال، براهما (Brahma)(1). وخلق براهما العالم من خلال «القوة السحرية» (مايا) المتأصلة في البراهمان. وباعتباره إلها شخصيا يحتل مركزا مرموقا، فقد أخذ لقب إشفارا (Ishvara) أوالرب، وهولقب منح لشيفا المدمر وفشنوالحافظ في سياقات أخرى.

ساغونا ونیرغونا براهمان

في جهد إضافي للتوضيح، تقول بعض كتابات الأوبانیشاد المتأخرة إذا الإله الشخصي هوساغونا براهمان Saguna Brahman، أو«براهمان ذوالصفات»، بينما البراهمان المستور والمجهول والخالد اللا محدود هونیرغونا براهمان Nirguna Brahman، أو«براهمان بلا صفات». الأخير غير قابل للوصف لدرجة حتى الإشارات إليه يجب حتى تكون بالتجريد والسلب؛ ويجد المرء نفسه مضطرا للقول عنه إنه «نیتي، نيتي» (أي لا هذا ولا ذاك). من جهة أخرى، يمكن حتىقد يكون ساغونا براهمان (ذوالصفات) معروضا وموصوفا في آن، فهوالإله الرب المسيطر في السموات والذي يستجيب لحب الناس وصلواتهم.

واضح إذن حتى نیرغونا براهمان المستور الذي لا صورة له، هوالمصدر النهائي للعالم الخارجي، وساغونا براهمان الظاهر شخصية هوالمصدر المباشر للعالم الخارجي كما إذا براهمان وباعتباره it, he فإن براهمان هوالعنصر المكون والحضور المتفشي في جميع ما موضوعي، أي في جميع ما خارج عنا، أوفي تام عالم الطبيعة الذي تمنحنا إياه حواسنا.

تعريف أعمق

في المحادثة التي وردت في أوبانیشاد بربهادارانیاکا (Brihadaranyaka Upanishad) بین غارغیا بلکي (Gargya Balaki)، البرهمي الذائع الصيت، وملك البيناريس (Benares)، الكشاتريا الذي يتفوق عليه في الفهم الفلسفي، نجد تعريفا أبعد للبراهمان باعتباره الحقيقة الواقعة داخل، وما وراء الشمس، والقمر، والبرق، والمكان، والريح، والنار، والماء، والمرايا والأصوات المترددة الأصداء، والنواحي المتنوعة للسموات، والظلال، والأجسام.

وتتمتع كتابات أوبانیشادية أخرى بذات المنحى العام. فجميع الأمور والمخلوقات هي أطوار أصلية لذلك الواحد. "فإذا ما قمنا بسحب الأسفل ومد الأعلى، نجد حتى البراهما [ن] هوحقا هذا العالم بكامله، أوهذا الامتداد الأكثر اتساعا».

لكن ذلك هونصف الحقيقة فقط. براهمان هوجميع ما ذاتي أيضا، وكامل العالم الداخلي للعقل والشعور والإرادة ووعي الذات أي جميع ما تقترن به الذات الدفينة، فكل ما يجري في نفس الإنسان، وحتى النفس ذاتها، هي اطوار «لذلك الواحد».

براهمان أتمان

سوان (هانسا، हंस) هورمز براهمان أتمان في الأيقونات الهندوسية.

المصطلح المستخدم للدلالة على النفس الباطنة هنا هوأتمان، وهذه حدثة تستخدم فلسفيا لتدل على نفس الإنسان الخفية والدفينة باعتبارها متميزة عن جسده وأعضائه الحسية والعقلية؛ أي إنها تشير إلى النفس المنزهة وليس إلى النفس العملية (Jiva) التي تتطور خصائصها العقلية والنفسية داخل الجسم وتكون معلومة من خلال الخبرة الحسية، وتصر الكثير من كتابات الأوبانیشاد على حتى هناك، وخلافا للاعتقاد السائد بالفردية المطلقة للنفس الإنسانية، اقترانا عمليا بين براهمان وأتمان، وأن ذلك هوسليم بالنسبة لكل وأي أتمان، سواء أكان في الإنسان، أوالوحش، أوالحشرة، أوالزهرة، أوالسمك، أوفي أي شيء آخر.

ويصرخ مستقصٍ متلهفٍ في (بريهادارانیاكا) قائلا: "ياجنفالكيا (Yajnavalkya)، اشرح لي عنه، ذلك الذي هوالبراهما [ن] الحاضر وليس خارج مداركنا، ذلك الذي هوبمثابة النفس في جميع الأمور". ويأتيه الجواب:

"هومن يسكن في الأرض.. وفي الماء.. وفي النار.. والجو.. والريح.. والسماء.. والشمس.. وقطاعات السموات.. والقمر والنجوم.. والفضاء.. والظلمة.. والنور.. هومن يسكن في الأمور كلها، ومع ذلك فهومختلف عن الأمور كلها، هومن تجهله الأمور كلها، هومن تجهله الأمور كلها، من يسيطر من الداخل على الأمور كلها - إنه نفسك، المسيطر الباطني، الخالد... هومن يسكن في النفس.. في الخطاب.. والعين.. والأذن.. والعقل.. والجلد... والفهم.. إلا أنه شيء مختلف عن الفهم.. إنه الرائي الذي لا يرى، والسامع الذي لا يسمع، والمفكر الذي لم يفكر فيه، الفهيم الذي لا يفهم. ليس هناك من راء سواه. ليس هناك من سامع سواه .. ولا من مفكر.. ولا من فاهم.. إنه نفسك، المسيطر الباطني، الخالد". توحي مثل هذه الفقرة بالنتيجة التي سيؤدي إليها هذا النوع من المحاكمة العقلية. فالنفس الحقيقية للإنسان وتلك التي للعالم (براماتمان أوالنفس الكلية) هما شيء واحد؛ إنهما متطابقان. وقد جرى التعبير عن هذه المطابقة في أوبانیشاد شاندوجيا في المعادلة «تاب تفام آسي» التي تعني «إنه أنت»! وبحدثات أخرى، النفس الكلية هي المادة ذاتها التي تتشكل منها النفس الإنسانية. إنها الوجود الكلي (سات)، والوعي (سيت)، والبركة (أناندا)، وهي أيضا عکس ذلك. إذ لا شيء يحدث في ذات الفرد لا نجد له مصدرا وأرضية في الذات الكلية. لذلك يمكننا موازنة براهمان، الكل الموضوعي، وأتمان الذات الباطنة، نطلق على الحقيقة النهائية من الآن فصاعد تسمية براهمان - أتمان، معترفين بذلك بأن الموضوعي والذاتي هما شيء واحد.

قد لاقد يكون بالإمكان القول حتى ذلك هوما خرجت به کل رسائل الأوبانیشاد. فبعضها لا يمضى بعيدا إلى هذا الحد، وهي تقول بالتوحيد وليس بالأحرى بوحدة الوجود. ولا يصل أية منها تماما على مستوى العقيدة الفيدانتية التي ترى حتى العالم بأسره هوإما وهم کامل، أو«رياضة»، أو«مسرحية»، أو«فن النفس الكلية الخلاقة»، وذلك لأن براهمان - أتمان وحده هوالموجود.

نفخة براهمان

ويبقى هناك اعتراف بحقيقة ثانوية للعالم؛ فالأخير اتى نفخة من براهمان - أتمان وتخللته کینونته، ومع ذلك، من الممكن لا توحي "نفخ فيه"، ولا «تخللته» بوحدة مترابطة للوجود قائمة بين الذاتي والموضوعي. غير حتى رسالة بريهادارنیاکا تصر بالأحرى بوضوح على أنه بالرغم من حديثنا عن الأمور والذوات على أنها فيوضات من براهمان - أتمان، أوخليقته، أوبنی يتخللها، فإن جميع الأمور هي في النهاية براهمان - أتمان، وتقول رسالة أخرى بعبارات مؤثرة(2):

«إن نفسي هذه الموجودة داخل القلب هي أصغر من حبة أرز، أوحبة شعير، أوبذرة خردل، أوحبة ذرة بيضاء، أونواة حبة ذرة بيضاء؛ إذا نفسي هذه الموجودة داخل القلب هي أكبر من الأرض، وأكبر من الجو، وأكبر من السماء، وأكبر من العوالم.. إذا نفسي هذه الموجودة داخل القلب هي براهمان».

لم يقف مفكروالأوبانیشاد عند ذلك، وبما أنهم يفهمون حتى فلسفتهم متجذرة في الصوفية، وليس في درس عن الفهم فقط، نطقوا: إنه عندما «تفهم» النفس الإنسانية تماهيها الكامل مع براهمان، فإنها تمجد هذه الفهم بمشاعر من الوحدة تصل إلى حد الوجد. إذا اختبار هذه الفهم الأكيدة تم التعبير عنه باعتباره أمراً لا يمكن وصفه، وحالة من السعادة المطلقة:

«حيث ترتد الحدثات، هي والعقل، دون حتى تصل إلى غاياتها».

التماهي في براهمان

إن معظم كتاب مصنفات الأوبانیشاد كانوا بلا شك على فهم بتقنيات تحقیق مثل هذا التماهي أوالذوبان الكامل، في البراهمان، إذا لم يشاركوا هم أنفسهم في ممارستها. كان العارف للبراهمان المنتظر سیجلس بموجب هذا التدبير يتأمل بعقل هادئ وتفكير عميق سعيا لأن يعهد حقا ولا يُكوِّن مجرد رأي أواعتقاد، إنه يريد حتىقد يكون على يقين روحي بأنه هووالشجرة بقربه يشكلان شيئا واحدا لأنهما طوران من أطوار الواحد، أي أنهما باختصار، براهمان - أتمان لا شيء غير ذلك.

إن يقين مثل هذه الوحدة يأتيه عندماقد يكون في حالة الغيبوبة وليس في حالة الوعي. وفي طلبهم لمشابهات لهذه الحالة، أعني مفكروالأوبانیشاد المتأخرون عن وجود ثلاث حالات عقلية يمكن مقارنتها بها: حالة الوعي الاستيقاظي، وحالة النوم الحالم، وحالة النوم العميق بلا أحلام. كلها حالات وعي، لكن من وجهة كونها نماذج لاختبار الحقيقة والواقع نجد أنها ثلاثتها تعاني من قصور، ولا سيما الحالتان الأوليان لأنه نجد فيهم إلحاحا لوعي مزدوج من الذاتي والموضوعي، والنفس وغير النفس، والأنا واللا أنا.

إن حالة النوم العميق بلا أحلام هي الأقرب لإعطاء مماثلة لحالة الاتحاد مع براهمان لأنها تمثل غوصا مرتدا إلى نوع من اللاوعي الذي لا نعود نميز فيه بين الذاتي والموضوعي، لكن حالة رابعة من الوعي الذي يؤكد الحالات الثلاثة الأولى - إلا أنه يتخطاها، وهوالوعي الصرف، الذي يتجلی کاملا فقط مع اختبار الاتحاد مع براهمان (وتدعى نوريا أوكاتوريا). وينظر إلى هذه الحالة باعتبارها أرقى من جميع حالات العقل الأخرى لأنها تمثل حالة الوجود النقي للنفس، عندما تكون النفس في صفاء الوجود. لقد عهدها مفسر عصري من الهند بأنها «وعي وجداني صرف حيث ليس هناك من فهم بالأمور الداخلية أوالخارجية». وتتضمن الماندوكيا أوبانیشاد تعريفا مهما لها يقول:

«الحالة الرابعة ليست تلك التي تكون على وعي بالذاتي، ولا تلك التي تكون على وعي بالموضوعي، ولا تلك التي تكون على وعي بالاثنين معا، ولا تلك التي هي مجرد وعي بسيط، ولا تلك التي هي كتلة قادرة على الإحساس الكلي، ولا تلك التي هي ظلمة كاملة. إنها خفيفة ، منزهة، والجوهر الوحيد للوعي بالذات، وتمام العالم».

وليس العالم والذات مفقودین من الوجود في حالة «التوريا» كما هوالحال في نوم عميق بلا أحلام، ولكن الذات والعالم موجودان معا في جوهرهما النقي، وخاليان من جميع تشويه ووهم، ويختبران باعتبارهما متوحدين مع كينونة براهمان - أتمان حيث توجد حقيقتهما الواقعة وتدوم، إذا اختبار مثل حالة الوعي هذه يعني الحصول على الموكشا (moksha)، أوالتحرر النهائي من دورة إعادة الولادة (التناسخ).

إنحلال العالم

هنالك عقيدة نشأت خلال هذه الفترة تفسح المجال الانحلال دوري أوتعليق النفوس والعالم بأسرهن وهذه هي النظرية الشهيرة القائلة بتدمير العالم وإعادة خلقه بشكل دوري. فالعالم، طبقا لهذه النظرية، ينحل ويذوب مع نهاية جميع فترة من وجود الخلق (أوکالبا kalpa)، حيث تنتقل جميع النفوس الموجودة في العالم من الأجساد التي تحل بها إلى حالة من الوجود المؤجل، وبعد فترة من العدم المطلق والسكون (برالايا Pralaya)، يعود العالم إلى حالة الكينونة والوجود مرة ثانية، وتعود الأنفس الساكنة منذ زمن إلى تقمص تجسيدات جديدة في هيئات نباتية وحيوانية وإنسانية وآهلة وشياطين، كما تتشكل الطبقات الاجتماعية من جديد، وتجري إعادة كتابة الفيدا، ثم تصل (کالبا) أخرى إلى نهايتها المحتومة مع قيام التاريخ بإعادة نفسه المرة تلوالأخرى، تتضمن مثل هذه المفاهيم الكثير من بذور فلسفة المستقبل. فأنظمة الفلسفة الهندوسية العظيمة الست كانت ستنشأ من هذه الثمار الأولى للتأمل،يا ترى؟ لقد انطلق العقل الهندي عمليا نحوالعمق.

هوامش

1. هناك تنوع في كتابات الأوبانیشاد حول ما إذا كانت هذه المادة هي مادة عقلية أم مادة مادية.

2. واضح حتى ذلك كان شعورا واسع الانتشار مع بدايات الهندوسية، التي أعطت تفوقا لقانون کارما حتى أعلى من ذلك الذي للمفكرين من أصحاب الأوبانیشاد وأتباعهم.

انظر أيضًا

  • أتمان
  • أوم
  • الهندوسية
  • إيشفارا (Ishvara)
  • جيفا (Jiva)
  • اليوجا

مراجع

  1. ^ The Oxford Dictionary of World Religions, ed. John Bowker, OUP, 1997
  2. ^ Both terms are used by Radhakrishnan
  3. ^ The phrase 'Divine Ground' was in modern times coined by ألدوس هكسلي in his widely read comparative study of mysticism The Perennial Philosophy. Divine Ground (Paul Tillich popularized the expression 'Ground of Being' to refer to God) is a neutral term to express the common experience of mystics in diverse religious traditions of an Absolute Ground in which phenomena appear to have their root and origin. Theistic religions refer to this ground as God or Godhead whereas Eastern transtheistic religions use terms such as طاوية, Dharmakaya or Clear Light. Among modern authors who use the expression 'Ground' is Tibetan Buddhist teacher Sogyal Rinpoche (see his book The Tibetan Book of Living and Dying)
  4. ^ pp.77, Radhakrishnan, S, The Principal Upanisads, HarperCollins India, 1994
  5. ^ كيم نوت. الهندوسية: مقدمة قصيرة جدًّا. ص 31: مؤسسة هنداوي، ترجمة أميرة علي عبد الصادق مراجعة مصطفى محمد فؤاد. CS1 maint: location (link)
  6. ^ جون فيرغسون. الموسوعة الصوفية والديانات السرية. ص 63. CS1 maint: location (link)
  7. ^ مونيس بخضرة. التفكير في الثقافات. ص 113. CS1 maint: location (link)
  8. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع، الطبعة الرابعة 2017. ص 19. CS1 maint: location (link)
  9. ^ جورج يونس. أناشيد من الشرق- مختارات دينية وثنية. ص 30. CS1 maint: location (link)
  10. ^ رامي جورج شلمي. الخلاص والزمن في روايات الريحاني وجبران ونعيمة: كتاب خالد، والأجنحة المتكسرة، واليوم الأخير. ص 342. CS1 maint: location (link)
  11. ^ مونيس بخضرة. التفكير في الثقافات. ص 113-114. CS1 maint: location (link)
  12. ^ كامل سعفان. معتقدات اسيوية: [العراق-فارس-الهند-الصين-اليابان]. ص 166: دار الندى للنشر والتوزيع والطباعة, 1999 - 342 من الصفحات. CS1 maint: location (link)
  13. ^ مجلة فصول. مجلة فصول, المجلد 13،الأعداد 1-2. ص 24: الهيئة المصرية العامة للكتاب،, 1994. CS1 maint: location (link)
  14. ^ عدنان بن دريل. مجلة المجادلة. ص 76: صباحيات عبد الناصر دمشقي 1974 - 151 من الصفحات. CS1 maint: location (link)
  15. ^ جون فيرغسون. الموسوعة الصوفية والديانات السرية. ص 56. CS1 maint: location (link)
  16. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 42. CS1 maint: location (link)
  17. فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 43. CS1 maint: location (link)
  18. فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 44: تكوين. CS1 maint: location (link)
  19. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 45: تكوين. CS1 maint: location (link)
  20. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 45. CS1 maint: location (link)
  21. ^ Lindsay Jones (2005), Encyclopedia of religion, Volume 13, Macmillan Reference, (ردمك 978-0028657332), page 8894, Quote: "In Hindu iconography the swan personifies Brahman-Atman, the transcendent yet immanent ground of being, the Self."
  22. ^ Denise Cush (2007), Encyclopedia of Hinduism, Routledge, (ردمك 978-0415556231), page 697
  23. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 45-46. CS1 maint: location (link)
  24. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 47: تكوين. CS1 maint: location (link)
  25. فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 47. CS1 maint: location (link)
  26. ^ فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 48: تكوين. CS1 maint: location (link)
  27. فراس السواح. موسوعة تاريخ الأديان. الكتاب الرابع. ص 49. CS1 maint: location (link)

وصلات خارجية

  • A Note on Attā in the Alagaddūpama Sutta. K. R. Norman – Studies in Indian Philosophy LD Series, 84 – 1981
  • Recovering the Buddha's Message. R. F. Gombrich
  • Detailed essays on Brahman at Hinduwebsite.com
  • Worship of the Supreme Brahman from Mahanirvana Tantra
  • Essays on Brahman at lawsofbrahman.com
تاريخ النشر: 2020-06-02 04:50:38
التصنيفات: أسماء الله, فلسفة هندية, مفاهيم إلهية, مفاهيم فلسفية هندوسية, أسماء في إله الهندوسية, CS1 maint: location, CS1: long volume value, مقالات تحتوي نصا بالسنسكريتية, صفحات بها وصلات إنترويكي, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, بوابة الهندوسية/مقالات متعلقة, بوابة فلسفة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حصاد 2021.. «الرعاية الصحية»: 3.77 مليون خدمة طبية ببورسعيد

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:40
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 60%

ندى بهجت تطرح أولى أغانيها «انسى» احتفالًا برأس السنة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:07
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

القومي لحقوق الإنسان ينعي جابر عصفور: فقدنا أحد أعمدة الثقافة والتنوير

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:59
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

أمير المصرى يكشف سبب موافقته على فيلم «ريتسا»: محظوظ

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:10
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

بايدن يهنئ بوريك على فوزه بانتخابات الرئاسة التشيلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:15
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

ريم مصطفى تحتفل برأس السنة «فى نص الليل» بالسعودية (صور)

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:02
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

ضبط 19 ألف لتر زيوت سيارات مجهولة وتشميع المصنع في الجيزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 66%

صحيفة إسبانية تحدد 9 تحديات صعبة تواجه المغرب عام 2022

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:25:01
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 82%

صاحب «مهرجان شيماء»: «بحضر أغنية مرات خالى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 50%

جهود «حماية المنافسة» للتعاون مع «الكوميسا» والدول الإفريقية 2021

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

تباين في الإصابات اليومية بفيروس كورونا بعدد من الدول العربية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:25
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

4 أيام حبس لـ 19 تاجر مخدرات عقب ضبطهم في حملة بالقليوبية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:48
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

ماهي آداب المعاملة مع الله تعالى؟.. على جمعة يجيب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:25:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

الصحة :6 إجراءات وقائية تحميك من التقلبات الجوية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:56
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

«الصحة» تستعد لتأمين احتفالات رأس السنة بـ6 إجراءات

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:36
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

ختام قافلة «الاستراتيجية والأمن القومي» بقصر ثقافة تحيا مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:25:00
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

وزير الأوقاف: «سيدة الشهامة» نموذجًا مشرفا للمرأة المصرية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:50
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

الفرق بين الكريسماس وعيد الميلاد المجيد ورأس السنة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:25:23
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 54%

الصحة: 450 وحده تقدم الخدمة المجانية ضمن برنامج رعاية كبار السن

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

الخارجية الأمريكية تطالب المسافرين للخارج بوضع خطط للطوارئ

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:21
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

كندا تخاطر بتفشي «أوميكرون» لإنقاذ المنظومة الصحية من الانهيار

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:23
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

حصاد2021.. التعليم: إنتاج 32 فيديو لدعم الموهوبين

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:10
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الغربية لمتابعة شفط مياه الأمطار

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

اليونان: أنفقنا أكثر من 300 مليون يورو على اختبارات الكشف عن «كورونا»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 69%

بين الإنذار والعزل.. إصدار قرارات تأديبية في حق 8 قضاة

المصدر: طنجة 7 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:24:23
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

كشف ملابسات فيديو مشاجرة انتحل فيها شخص صفة ضابط شرطة بالجيزة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2021-12-31 16:23:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية