خليج أبحر
خليج "أبحر" هوأحد الشواطئ الجميلة لمدينة جدة، يقع الخليج في شمال المدينة على بعد يقل عن 30 كيلومتراً من وسطها التاريخي القديم. ويبلغ طوله 11 كيلومتراً تقريباً بعرض يتفاوت بين 300 ـ 500 متر. وكان إلى زمن قريب بعيداً عن نطاق العمران غنياً بأنواع شتى من الحياة الفطرية. لكن ذلك الحال ما لبث حتى تغير بعد الانتشار التدريجي للسيارات ما شجع البعض منهم على قضاء إجازة يوم الجمعة والأعياد على ضفتي الشرم للاستمتاع بجمال الطبيعة في بيئة ساحرة, هادئة, ونظيفة. يومئذ, أي في نهاية الخمسينيات من القرن الميلادي الماضي, لم تكن هناك ملكيات أوحيازات خاصة تذكر على السواحل بل كان المبدأ السائد في الجلوس والمتعة "مناخ لمن سبق". من طبيعة الحال لم تخلُ تلك الرحلات من مصاعب لوعورة الطرق وكثرة السباخ وكان مألوفاً حتى ترى السيارات غاطسة حتى نصفها هنا وهناك وحولها أصحابها في حالة فزع في انتظار من ينقذهم قبل حتى يلفهم ظلام الليل. ولا يزال الكثير في جدة ممن عاصروا تلك الحقبة يختزن في ذاكرته مواقف طريفة من تلك الإجازات .
خط الرحالة ابن جبير الذي عاش في القرن السادس الهجري: «أرسينا بمرسى يعهد بأبحر, وهوعلى بعد يوم من جدة, وهومن أحب المراسي وضعاً وذلك حتى خليجاً من البحر يدخل إلى البر والبر مُطيف به, من كلتا حافتيه, فترسي الجلاب منه في قرارة مكنة هادئة. فلما كان سحر يوم الإثنين بعده أقلعنا منه على بركة الله تعالى بريح فاترة, والله الميسر ولا رب سواه. فلما جنَّ الليل أرسينا على مقربة من جدة وهي بمرأى العين منا. وحالت الريح صبيحة يوم الثلاثاء بعده بيننا وبين دخول مرساها, ودخول هذه المرسى قاسي المرام بسبب كثرة الشعاب والتفافها».