الأدوار الإيقاعية في الشعر العربي

عودة للموسوعة

الأدوار الإيقاعية في الشعر العربي

الأدوار الإيقاعية في الشعر العربي(*)

  • مصطلح الأدوار الإيقاعية يعتبر جديدا في دراسة الشعر العربي، على مختلف المستويات، سواء من حيث المفهوم والدلالة،أومن حيث المكونات والأنواع، أومن حيث التوظيف والتحليل، أومن حيث الأهداف والغايات، إذ لا توجد أية إشارة إلى الأدوار الإيقاعية، فيما وقفنا عليه، من دراسات للشعر العربي، قديما وحديثا، لا وصفا ولا تحليلا ولا استنتاجا، باستثناء ما يتعلق بالدوائر العروضية، التي يمكن حتى تشير ضمنا إلى بعض وظائف الأدوار الإيقاعية.

والواقع حتى توظيف هذا المصطلح، مصطلح الأدوار الإيقاعية، موجودفي الألحان الموسيقية، وفي الموشحات الغنائية، لكن توظيفه في دراسة الشعر العربي مخالف لما هوموجود في مجال الموسيقي، وإن كان يقترب منه اقترابا نسبيا، ومن هنا اعتبر شيئا جديدا في مجال الدراسات الشعرية العربية، بكل ما تعني هذه الحدثة من معنى..!

وفي هذا الإطار سنعمل على تحديد مفهوم الدور الإيقاعي، وبيان مكوناته ووظائفه وأنواعه، مع التمثيل لكل نوع بما يناسب، من الشعر القديم والحديث، ومن التوشيح أيضا، حسب ما يسمح به المقام، وذلك على النحوالتالي:

مفهوم الدور الإيقاعي

يمكن تعريف الدور الإيقاعي بأنه تعبير عن بنية تشكيلية صوتية لغوية شعرية، يحددها عدد النوى اللغوية المكونة لها، وقيمها الحركية، وقراراتها الموسيقية، وعدد وحداتها الإيقاعية المشكلة لها، ونوعها وهجريبها في نسق مؤلف وفق ترتيب خاص، حيث تنشأ من هذا التأليف بنية/أوبنيات إيقاعية متكاملة الأجزاء، لها تشكيلات مستقلة عن غيرها، ذوات بدايات معلومة، ونهايات موسومة، كأنها حلقات مصمتة، أودوائر محكمة، تكون متساوية، أومتغايرة، لكنها تظل متماثلة النغمات، متناسبة النقرات، كما وكيفا، على حد سواء.


أهمية الدور الإيقاعي في النص الشعري

يحتل الدور الإيقاعي أهمية بالغة، في نسيج النص الشعري، حيث ينبغي حتى تتكاثر الأدوار الإيقاعية لتخلق التشكيلة الشعرية الملائمة للقصيدة،فالدور الإيقاعي، بالنسبة للنص الشعري، يشبه إلى حد بعيد خلية واحدة، من مجموع خلايا النحل، وبقية الخلايا هي الأدوار الإيقاعية المتواترة على امتداد النص. ولا بد لأي نص شعري، كيفما كان نوعه، ومهما كان حجمه، من حتى تتكون تشكيلته الشعرية، من دورين إيقاعيين، على الأقل، ولا حد لعدد الأدوارالإيقاعية، في التشكيلة الشعرية.

فالتجربة الإبداعية الشعرية، هي وحدها الكفيلة باختيار أنواع الأدوار الإيقاعية المناسبة، وهي وحدها التي تقررالاقتصار على عدد الأدوار الكافية، لبناء نسيج نصها الشعري، وكل تجربة إبداعية، تنتج نصا لغويا، لا تتكون من أدوار إيقاعية معينة، فإنه لا يمكن اعتبارها تجربة شعرية، بالمعنى الدقيق للشعر، كما لا يمكن حتى يعد انتاجها من الشعر في شيء...!

أنواع الأدوار الإيقاعية

يمكن تصنيف الأدوار الإيقاعية، في الشعر العربي، إلى ثلاثة أنواع، من الأدوار الإيقاعية الأساسية، وهي بصفة إجمالية: الدور الإيقاعي البسيط، كما في الأشطروالأبيات الشعرية؛والدور الإيقاعي المتوسط، كما في المقطوعات السمطية؛والدور الإيقاعي المركب، كما في الموشحات... وسنعمل على التعريف بكل نوع،من هذه الأدوار الإيقاعية،مع التمثيل بما يناسب،من الأساليب والنصوص الشعرية، من مختلف الأجيال الأدبية، قديما وحديثا، وذلك على النحوالتالي:

الدور الإيقاعي البسيط

تعريفه :

الدور الإيقاعي البسيط هوما اعتمد بنية تشكيلية صوتية لغوية إيقاعية، تتكون من مجموعة من الوحدات الإيقاعية، بكيفية متسقة، على شكل متوالية صوتية واحدة،قد يكون من شأنها التحول والتواتر، بصفة دورية، على امتداد النص الإبداعيي، وفي مختلف تشكيلاته التي تكون نسيجه الشعري. والدور الإيقاعي البسيط هوأخص وأصغر من الدورين السمطي والتوشيحي، وإن كان يدخل ضمن مكوناتهما معا، وتكمن أهميته في كونه يعتبر مكونا لازما لكل نص شعري، بما فيه من شعر المسمطات والموشحات والأزجال، بمختلف أنواعها وهذا الدور الإيقاعي، رغم بساطته، إلا أنه يتنوع، بدورع، إلى مجموعة متعددة، من الأنوع الأخرى، منها الصغيرة، ومنها الكبيرة، ومنها المفردة، ومنها المركبة، حسب التشكيلات الشعرية، وحسب أنساقها الإيقاعية.

الوحدات الإيقاعيةالموظفةفي الأدوار

قبل الاستمرار في استعراض بقية التفاصيل المتعلقة بموضوع الأدوارالإيقاعية، يجدر بنا حتى نعهد الوحدات الإيقاعية الموظفة ورموزها الرقمية، لكونها تبسط لنا العمل بشكل كبير، ولأنها لا توجد في مصادر أخرى يمكن الرجوع إليها، فوجودها يقتصر على درس جامعي، غير منشور إلا على شكل مختصرات محدودة، كما نشير أيضا إلى حتى "الطريقة الرقمية" التي نستخدمها هنا هي طريقة جديدة، مخالفة لجميع الطرق الرقميةالمعتمدة، في مجال دراسة الشعر العربي، بما فيها الكيفية التي سسميت ب"العروض الرقمي"...! والوحدات الإيقاعية المعنية، هي أربع4 وحدات أساسية مزدوجة، أوثمانية8 وحدات أساسية مفردة، لاأقل ولا أكثر، وهي جميعا وحدات ثابتة لا تتغير، بأي وجه كان، ولا تخضع لأي نوع من أنواع الزحافات والعلل، لكنها تصنف حسب مواقعها من الأدوار الإيقاعية، إلى صنفين اثنين، وهما:

  • الوحدات الإيقاعية المجردة

عددها أربع4 وحدات إيقاعية أساسية مجردة، تتكون تشكيلاتها الصوتية من متواليات صوتية صائتة، غير حتى نهاياتها تختم بنواة صوتية واحدة صامتة(ساكن). ميزتها أنها ثابتة لا تتغير، وأن كلا منها يمكن حتى يقع في أي مسقط من الدور الإيقاعي: بداية، ووسطا، وغاية، إضافة إلى كونها تشكل عمود نسيج الشعر العربي، القديم والحديث، على حد سواء. وهي كما يلي:

  • الوحدة1، رمزها الرقمي1=(السبب الخفيف).
  • الوحدة2، رمزها الرقمي2=(الوتدالمجموع).
  • الوحدة3، رمزها الرقمي3=(الفاصلةالصغرى).
  • الوحدة4، رمزها الرقمي4=(الفاضلةالكبرى).
  • الوحدات الإيقاعية المضاعفة

عددها أربع4 وحدات إيقاعية أساسية مضاعفة، تتكون تشكيلاتها الصوتية من متواليات صوتية صائتة، غير حتى نهاياتها تختم بنواتين صوتيتين صامتتين(=ساكنين). ميزتها أنها ثابتة لا تتغير، وأن كلا منها لا يمكن حتى يقع إلا في نها ية الدور الإيقاعي، في الشعر العربي الفصيح، القديم والحديث معا، بمعنى حتى وجودها في الأشطر والأبيات الشعرية يقتصر على التقفية فقط. لكن بالنسبة للزجل، وفي الشعر الشعبي عامة، يمكن حتى تقع الوحدات الإيقاعية المضاعفة، في أي مسقط من الدور الإيقاعي، مثلها في ذلك مثل الوحدات المجردة...!

وهذه الوحدات هي كما يلي:

  • الوحدة1، رمزها الرقمي1°=(سبب مضاعف).
  • الوحدة2، رمزها الرقمي2°=(وتدمضاعف).
  • الوحدة3، رمزها الرقمي3°=(فاصلةمضاعفة).
  • الوحدة4،رمزهاالرقمي4°=(فاضلةمضاعفة).

هذه هي مجموع الوحدات الإيقاعية الأساسية، بنوعيها المجرد والمضاعف، التي يتم اعتمادها، من خلال رموزها الرقمية، في هذا البحث، دون غيرها.


عود على بدء

إذا أخذنا التشكيلات التامة النموذجية، للأنساق(البحور) الشعرية الستة عشر 16، فسنجد أنها تتوزع إلى أربع فئات، حسب عدد ونوع الوحدات الإيقاعية الأساسية المكونة لتشكيلة جميع شطر شعري منها:

  • الفئة1: تتكون تشكيلة شطرها الشعري من أربعة4 أدوار إيقاعية، وهي تخص نسقين اثنين2 هما:
المتقارب(21)، والمتدارك(21).
  • الفئة2: تتكون تشكيلة شطرها الشعري من ثلاثة3 أدوار إيقاعية،وهي تتعلق بخمسة5 أنساق:

الكامل(23)، والوافر(32)،والهزج(112)، والرمل(121)،والرجز(211).

  • الفئة3: تتكون تشكيلة شطرها الشعري، من دورين2 إيقاعيين، وهي ثلاثة3 أنساق شعرية:

الطويل(11212)،والمديد(21121)،والبسيط(21211).

  • الفئة4: تتكون تشكيلة شطرها الشعري، من دور إيقاعي واحد1، وتضم بقية الأنساق الشعرية، وهي

ستة6أنساق: السريع(111211211°)،والمضارع(112121112)،والمجتث(121121211)،والخفيف(121211121)،والمقتضب(211212111)،والمنسرح(212111211).

لكن ينبغي التأكيد على حتى جميع هذه الأدوار الإيقاعية البسيطة يمكن حتى تتحول إلى أدوار أخرى مقصرة، فتتغير بسبب ذلك إلى فئة أخرى، غير فئتها الأصلية، تبعا لما يقتضيه نسقها الشعري، مع ملاحظة حتى الأدوار التامة لاتجتمع مع الأدوار المقصرة في نص شعري واحد، إلا في الموشحات، وفي بعض الأشعار المعاصرة...!

أمثلة شعرية لبعض الأدوار البسيطة

سنأخذ بعض الشواهد الشعرية،على سبيل التمثيل، لا الحصر،قصد توضيح بعض النقط التي أشرناإليها نظريا، وسنعمد إلى إعادة ترتيب الأشطر عموديا، حتى نضع إلى جانبها تشكيلاتها الرقمية، وذلك كما يلي:

  • شاهد1:

نطق الشاعرالحارث بن حلزة:، من معلقته، وهي من نسنطقخفيف، ما يلي:

التشكيلةالشعرية = التشكيلةالرقمية

أيها الناطق المرقش عنا = 1322121 عند عمرووهل لذاك بقاء = 1322121 ما جزعنا تحت العجاجة إذو = 13211121 لت بأقفائها وحر الصلاء = 12122121

فهذه القصيدة الشعرية، من المعلقات السبع، تتكون من 84 بيتا شعريا، غير حتى جميع شطر من أشطرها، لا يتكون إلا من دور إيقاعي واحد، وتكون مجموع أدوار القصيدة:84×2=168 دورا إيقاعيا، بمعنى حتى جميع شطر منها يساوي دورا إيقاعيا واحدا، وهي كلها أدوار بسيطة، على امتداد النص الشعري. وهي أدوار متسقة فيما بينها، على الرغم من اختلافها أحيانا في عدد ونوع الوحدات الإيقاعية المشكلة لها، لكون جميع دور يتحد مع قرينه، في مكوناته البنيوية، اتحادا تاما أوجزئيا، كما هوالحال في اتحاد هذه الأدوار الإيقاعية الأربعة في عدد القيم الحركية، حيث إذا د1+د2+د3+د4=12.

  • شاهد2:

نطق الشاعرامؤالقيس، في قصيدة له، من نسق الطويل:

التشكيلة الشعرية = التشكيلة الرقمية

توهمت من هند معالم أطلال = 113211212 عفاهن طول الدهرفي الزمن الخالي= 113211212

فهذا النص يتكون، في الواقع، من بيت شعري واحد، موزع إلى شطرين اثنين، وتهجرب تشكيلة جميع شطر منهما، من دورين إيقاعيين، بكيفية متساوية بين الشطرين معا. بمعنى حتى تشكيلة الشطر1 = تشكيلة الشطر2 أي أن: 113211212 = 113211212 حيث يمكن توزيع تشكيلة جميع شطر إلى دورين متسقين تمام الاتساق، وذلك على الشكل التالي: في الشطر1: الدور1:[11212] = الدور2:[1132]= 7. في الشطر2:الدور3:[11212] = الدور4:[1132]= 7. وبذلك تكون جميع الأدوار الإيقاعية الأربعة، في البيت الشعري، متسقة ومتساوية في قيمها الحركية، وذلك لأن:

[11212]=[1132]=[11212]=[1132]=سبعة

غير حتى حركية الإيقاع بين الأدوار،في بيت الطويل التام، قد اتىت متساوقة بين الطول والتوسط، بين المد والجزر، تماما مثل أمواج البحر في الطبيعة، فالدور الممتد:[11212]، في غايةامتداده، بينما الدور المتوسط: [1132]، اتى بين المد والجزر...! ومن هنا نفهم سر تسمية الخليل للأوزان الشعرية بالأبحر، على سبيل المجاز لا الحقيقة، لكون الإيقاع فيها يشبه حركة أمواج المياه في البحار الحقيقية...!

الدور الإيقاعي السمطي

تعريف القصيدة السمطية:

حدثةالسمط، في الاصطلاح المعجمي، تعود إلى جذرها اللغوي:"سمط"، جمعه: سموط، وأسماط، من بين معانيه: أ) خيط النظم، أوالخيط الواحد المنظوم بالخرز واللؤلؤ والزبرجد. ب) القلادة ذات سمطين أوأسماط، ومنه قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد:

وفي الحي أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ*مُظاهرُسمطيْ لؤلؤوزبرجدِ

والسمط، في الاصطلاح الإيقاعي الشعري، التقاء أشطر شعرية، في فئات أومجاميع، تجتمع في قافية مشهجرة، وإن كانت تختم بشطر واحد مختلف عنها، بحيثقد يكون رويه وقافيته لازمين على امتداد النص السمطي، بين مختلف فئاته المكونة له. والشعر المسمط هوكما اتى تعريفه في معجم لسان العرب: "ما قفي أرباع بيوته، وسمط في قافية مخالفة".

خصائصها:

من أبرز خصائص ومميزات القصيدة السمطية ما يلي:

أ)أنها متكونة من فئات أومجاميع من الأشطر الشعرية. ب)أن شطوركل فئةمتفقة،فيمابينها،في الروي والقافية. ج)أن تختم جميع فئةبشطرمختلف،عنها،في رويه وفي قافيته. د)أنقد يكون عددالشطور الشعريةمتساوبين جميع الفئات. ه)أنقد يكون الروي والقافية متنوعين بين مختلف الفئات. و)أنقد يكون الروي والقافية، في الشطر الأخير، من جميع فئة،موحدين ولازمين بالنسبة لجميع الفئات الأخرى، ولذلك يسمى عمدة القصيدة السمطية.

أنواعها:

تقتصر القصيدة السمطية، في الواقع، على نوع محدد من الشعر، ذي تقفية معينة، لكن يمكن حتى ندرج ضمنه أنواعا أخرى، تشهجر معه في جملة من خصائصه، ومن بين هذه الأنواع نذكر:

المزدوجات:وهي قصائدشعريةتعتمدالمزاوجة،بين جميع شطرين أوبيتين،في التقفية،وفي تنويعها،وقداشتهرت في المجال التعليمي، مثل قصيدةكليلةودمنة لأبان بن عبدالحميد،وقصيدةذات الأمثال لأبي العتاهية،منها قوله:

حسبك ما تبتغي القوتُ * ما أكثر القوتَ لمن يموتُ

                  ***

لكل ما يؤذي وإن قل ألم*ماأطول الليل على من لم ينم

                  ***

ما انتفع المرء بمثل عقله * وخير ذخر المرء حسن عمله

                   ***

فكل شطرين مزدوجي التقفية، من هذه الأشطر الستة، يمكن حتى يعتبر دورا إيقاعيا سمطيا، والقيدة نفسها يمكن حتى تحسب على الشعر السمطي.

والمثلثات: قصائدمنظومة على شكل فئات من الأشطر، أوالأبيات، الشعرية موحدة في رويها وفي تقفيتها،مثل قول الشاعرعباس محمود العقاد:

* أذن الشفاء، فما له لم يحمد *
* ودنا الراتى، وما الراتى بمسعدي *
* أعدوت أم شارفت غاية مقصدي *
             ***
* برد الغليل اليوم، وانطفأ الجوى *
* وسلا الفؤاد، فلا لقاء ولا نوى *
* وتبدد الضمان أي تبددي *
             ***

فكل فئة من هذه الأشطر تمثل دورا إيقاعيا سمطيا واحدا، والقصيدة نفسها تعتبر نوعا من الشعر السمطي. وعلى هذه الكيفية تنظم القصائد الشعرية، من مختلف هذه الأنواع، بما فيها المربعات، المخمسات،المسدسات،...وغيرها مما يسير على منوالها، في توزيع الأشطر، وفي الروي والتقفية، وفي تنويعهما، من بداية النص إلى نهايته.

الدر الإيقاعي السمطي:

تتكون البنية الإيقاعية، في القصيدة السمطية، من نوعين من الأدوار الإيقاعية المتكاملة، وهي: الأدوار البسيطة، والأدوار السمطية. فالأدوار الإيقاعية البسيطة تتجلى في جميع شطر، من جميع فئة من الشطور المكونة للقصيدة السمطية، في أي نوع من أنواعها الموصوفة أعلاه. والأدور الإيقاعية السمطية تتجسد في شطور جميع فئة، على حدة، من الفئات المكونة للقصيدة السمطية،بمعنى حتى الدور الإيقاعي السمطي يتكون من جميع الشطور الموحدة التقفية مضافا إليها الشطر الأخير المختلف عنها في تقفيته، بالنسبة لكل فئة، من الفئات المكونة للنص السمطي. فشطور جميع فئة مجتمعة هي التي تشكل دورا إيقاعيا سمطيا واحدا فقط؛ ولكي تعتبر القصيدة سمطية ينبغي حتى تتوفر على دورين إيقاعيين سمطيين، على الأقل، ولا حد لعدد الأدوار الإيقاعية السمطية، في النص السمطي. إلى غير ذلك يمكن حتى نميز بين الأدوار الإيقاعية السمطية، في النص الشعري الواحد، بالتقفية السطحية، اي بحرف الروي وبالقافية التي تتغير،من حين لآخر،أوالتي تتواتر على شكل لازمة، على امتداد النص السمطي. والدور الإيقاعي السمطي يعتبر فترة وسطي،من مراحل تطورالأدوارالإيقاعية،في الشعر العربي،من الدور الإيقاعي البسيط،إلى الدورالإيقاعي التوشيحي المركب..

شاهد1:

قول أحد الشعراء(من نسق الوافر):

* يمج المسك مفرقها    *  = 32112
* ويصبي العقل منطقها *  = 32112
* وتمسي ما يؤرقها    *  = 32112 
* سقام العاشق الوصبِ *  = 32112

فهذا الشاهد يتكون من أربعة أشطر، وهي في جملتها تكون دورا إيقاعيا سمطيا واحدا، وإن كان جميع شطر بمفرده يتكون من دورين إيقاعيين بسيطين، من نسق الوافر، وهما حسب الرموز الرقمية:[32]و[112]. وذلك يعني حتى هذا الدور الإيقاعي السمطي يتكون من ثمانية أدوار إيقاعية بسيطة[4×2=8]. فالمقصود بالدور الإيقاعي، في هذا الشاهد، ليس هوالدور البسيط الذي تتكون منه هذه الأشطر، جميع منها على حدة، وإنما المقصود هوحتى مجموع هذه الأشطر الأربعة هي التي تكون الدور الإيقاعي السمطي الواحد...!

شاهد2:

من قول بعض الشعراء، من نسق الوافر أيضا:

* خيال هاج لي شجنا   * = 32112
* فبت مكابدا حزنا   * = 3232
* عميد القلب مرتهنا  * = 32112
* بذكر اللهووالطرب * = 32112
           ***
* سبتني ظبية عطل     * = 32112
* كأن رضابها عسل     * = 3232
* ينوء بخصرها كفل    * = 3232
* بنيل روادف الحقب   * = 3232

فهذا الشاهد يتكون من ثمانية8 أشطر شعرية، موزعة على فئتين، في جميع منهما أربعة4 أشطر، وكل فئة تمثل دورا إيقاعيا سمطيا واحدا فقط. وهذا يعني حتى هذا الشاهد يتكون من دورين إيقاعيين سمطيين، وأن كلا منهما يتكون من عدد من الأدوار الإيقاعية البسيطة، يتحدد عددها حسب تنوعها في الأشطر الشعرية، وهي:

* دوران2 إيقاعيان بسيطان في جميع شطر[32]و[112].
* وثمانية8أدوارإيقاعيةبسيطةفي جميع دورسمطي[4×2=8].

فالأدوارالإيقاعيةالبسيطة،التي تتكون منهاأشطرهذاالشاهد،هي ثمانية8أدوارإيقاعيةبسيطة، بمعدل دورين اثنين في جميع شطر،هما:[32]و[112]. فهذه الأدوار الإيقاعية البسيطة الثمانية8،في هذا الشاهد،هي التي تشكل مجتمعةالدورالإيقاعي السمطي الواحد...! بمعنى حتى جميع دورإيقاعي سمطي واحدينبغي حتى يتكون من عددمن الأدوارالإيقاعيةالبسيطة،وليس من دورإيقاعي سهل واحدفقط. كما ينبغي حتى يتكررهذاالدورالإيقاعي السمطي مرتين، على الأقل في النص،لكي يعتبر نصا سمطيا..


الدور الإيقاعي التوشيحي

* تعريف التوشيح:

مصطلح التوشيح،في أصله المعجمي، يرجع إلى جذره اللغوي:وشح،الذي يدل، في بعض معانيه، على الحلي الذي تتزين به النساء خاصة؛ ومنه ما اتى في أساس البلاغة، لالزمخشري، حتى "ظبية موشحة في جنبيها طرتان مسكيتان". ومنه قول الشاعر أبي ذؤيب:

موشحة بالطرتين دنا لها * جني أيكةيضفوعليها قصارها

والتوشيح، في الاصطلاح الإيقاعي والشعري، من الممكن كان مستعارا من الموشح، باعتباره أحد أنواع البناءاللحني،الذي فسرهالكندي أبويوسف يعقوب، في رسالته حول صناعة التأليف، حيث اتى فيها: حتى البناء اللحني ينقسم إلى نوعين اثنين: متتال، ولا متتال، وأن اللامتتالي ينقسم، بدوره،إلى نوعين: أحدهما: "اللولبي"، وثانيهما:الموشح. نطق الكندي معهدا الموشح:

"وأما النوع الثاني المسمى الضفير، أوالموشح، فهوالمبتدأ من نغمة، ثم ينتقل منها إلى أخرى، ثم ينتقل منها إلى دور الأولى، ثم ينتقل منها إلى خلف نهايته، ثم كذلك حتى يؤتى على نغم الجميع، ثم تكون النقلة من آخره إلى مبتدئه مؤتلفة".

وعهده ابن سناء الملك(المتوفى608هـ) بقوله:

حد الموشح: كلام منظوم، على وزن مخصوص.

غير حتى الدكتورعباس الجراري قد رفض جملة من تعريفات بعض الباحثين الآخرين لمصطلح الموشح، مقترحا مكانها التعريف التالي:

"الموشحات مصطلح على فن مستحدث، من فنون الشعر، لا يتقيد بالشكل التقليدي الذي التزمته القصيدة العربية، لبنائها العضوي، يحاول التحرر منه إلى شكل حديث يعتمد تقسيم الهيكل إلى أجزاء، يتنوع فيها الوزن وتتعدد القافية".

* أهمية التوشيح:

لقد أجمعت الدراسات المتعلقة بالأدب العربي عامة، وبالشعر العربي خاصة، على حتى فن التوشيح يعتبر لونا جديدا، من فنون الشعر العربي، بكل المقاييس، ليس من حيث الشكل فقط، وليس من حيث المضمون فقط، وإنما من حيث الشكل والموضوع كليهما، ومن حيث الجنس الأدبي نفسه، باعتباره ظاهرة أدبية طريفة ومتميزة، على أكثر من مستوى، لم تقتصر آثارها على حدود الآداب العربية فحسب، وإنما تعدتها إلى آفاق الآداب الأوربية خاصة، والإنسانية عامة. كما أجمعت تلك الدراسات، أوكادت حتى تجمع، على حتى هذا الفن الأدبي الجديد قد ظهر أول مرة، في الأندلس، في أواخر القرن الثالث الهجري(التاسع الميلادي)، ثم انتقل من الأندلس إلى المغرب، ومنهما انتشر، فيما بعد، في سائر الأقطار العربية والإسلامية، وفي الأقطار الأوربية والعالمية. وقد أجمع الدارسون على حتى أهمية فن التوشيح تكمن في التطورات التي لحقت به، بعد القرن الخامس الهجري، عندما تفرع عنه فن شعري أندلسي جديد، هوفن الزجل الشعبي. وتكمن أهميته كذلك في التأثير الذي أحدثه في الآداب العربية، من جهة، وفي الآداب الأوربية والعالمية، من جهة ثانية، وفي الآداب الإسبانية والفرنسية والألمانية والإيقاطلية، على وجه الخصوص، من ناحية ثالثة.

  * مكونات الموشحة:

تتكون القصيدة الموشحة من عنصرين متلازمين، لكل منهما مصطلح(أوبالأحرى عدة مصطلحات)، يعهد به، حسب مسقطه من الموشحة،وهما:القفل،والبيت. فمن مصطلحات القفل:الجزء،الممضى،السمط،المطلع،الغصن،المبتر،اللازمة،الخرجة،وغيرها...! ومن مصطلحات البيت:الجزء،الدور،السمط،الغصن،المبتر،وغيرها...! ومن الملاحظ حتى بعض هذه المصطلحات يتداخل بين المكونين معا، مما يشيع بعض الالتباس بينهما...! وفيما يلي ترسيمة لموشحة:

الموشحة = (القفل + البيت)/أو(البيت + القفل).

* أنواع الموشح:

تتنوع الموشحة إلى نوعين أساسيين،يعهد أحدهما باسم: الموشح التام،ويعهد الآخرباسم:الموشح الأقرع. والفرق بين هذين النوعين يحدده مسقط أحد العنصرين السابقين:القفل،والبيت،من نص الموشحة. فإذاكان القفل هوالأول في ترتيبه،من نص الموشحة،ثم يليه البيت، فإن هذاالنوع يسمى باسم:الموشح التام. وإذاكان البيت هوالمتقدم على القفل،في نص الموشحة،فإن هذا النوع يعهد باسم:الموشح الأقرع. وذلك يعني حتى أحد النوعين هوعكس النوع الثاني، في ترتيبه من حيث نص الموشحة. وفيما يلي ترسيمة لكل من نوعي الموشح:

الموشح التام = القفل + البيت. الموشح الأقرع = البيت + القفل. يمكن التمثيل للموشح التام بموشح"الأعمى التطيلي"،الذي يقول،في أوله،مانصه:

  • ضاحك عن جمان*سافر عن بدر*ضاق عنه الزمان*وحواه صدري*
  • آه مما أجد*شفني ما أجد*
  • قام بي سقطد*باطش متئد*
  • حدثا قلت قد*نطق لي أين قد*

فالسطر الأول المكون من أربع فقرات يشكل،بمجموع فقراته، مطلع الموشح التام،أي قفله. والأسطر الثلاثة التي تليه،المتكون جميع منها من فقرتين، تشكل بمجموعها بيت الموشح التام المذكور.

ونمثل للموشح الأقرع،بموشح "الكميت البطليوسي"،الذي يقول،في أوله،مانصه:

  • لاح للروض على غر البطاحْ * زهر زاهرْ*
  • وثناجيدامنعم الأقاحْ * نوره الناضرْ*
  • زارني منه على وجه الصباح * أرج عاطرْ*
  • نشر الطل عليها حين فاحْ * أيما عقد*
  • حبذا البشر لي عند افتتاحْ * وجنة الورد*

فالأسطر الثلاثة الأولى، المتكون جميع منها من فقرتين مختلفتي الطول، تشكل بمجموع فقراتها بيت الموشح الأقرح. والسطران الأخيران،المتكون جميع منهما من فقرتين مختلفتي الطول،يشكلان بمجموع غقراتهما قفل الموشح الأقرع المذكور أعلاه.

* الدور الإيقاعي التوشيحي:

نعني بالدور الإيقاعي التوشيحي:"الدور الإيقاعي المركب"، وهوالذي يعتمد على التأليف بين مجموعة متعددة من الأدوار الإيقاعية الشعرية البسيطة.وبعبارة أخرى فإن الدور الإيقاعي التوشيحي هودور إيقاعي يقوم على الهجريب بين مجموعة متعددة ومختلفة، من البنيات التشكيلية الصوتية اللغوية الإيقاعية، في نسق شعري معين، بكيفية متماثلة، أومتغايرة،جزئيا أوكليا، أوهما معا، كما وكيفا، بحيث تكون مترابطة فيما بينها، ترابطا جدليا، على شكل أغصان شجرة، وأسماط عقد متناسقة، إذا بدأ الإيقاع في الأولى فإنه ينتقل منها إلى الثانية، متدرجا من غصن إلى غصن آخر، ومن سمط إلى سمط آخر، حتى النهاية، فتنشأ عن ذلك نغمات متنوعة، لكنها متناسبة، في إطار وحدة فنية، متكاملة الأجزاء، متناغمة متسقة فيما بينها.

وظيفة الدور الإيقاعي التوشحي:

الدور الإيقاعي التوشيحي بهذا المعنى المذكور أعلاه هوالكفيل بخلق البنية الإيقاعية، في أية موشحة، وهوالذي من شأنه تحقيق التنويع الإيقاعي بين مختلف أدوار الموشحة، وهذه هي وظيفته الجوهرية،ولأجل ذلك يتعين حتى تتكون جميع موشحة من دورين إيقاعيين اثنين، على الأقل،ولاحد لأكثرها، وذلك على الرغم من حتى معظم الدراسات،المتعلقة بالموشحات قد جعلت الحد الأدنى في خمسة(أقفال)، بينما ادعت حتى الحد الأقصى لا يتعدى سبعة(أقفال)..!

مكونات الدور الإيقاعي التوشيحي:

يتكون الدور الإيقاعي التوشيحي،في الواقع،من بنيتين متلازمتين،هما بنية"القفل"وبنية"البيت"، المكونين للموشح، حيث تندرج هاتان البنيتان في إطار بنية شمولية،هي بنية واحدة حاضنة،لكلا البنيتين معا،هي بنية"الدور الإيقاعي التوشيحي"

مثال للدور الإيقاعي التوشيحي الواحد:

ويمكن حتى نمثل للدور الإيقاعي التوشيحي الواحد، بكل من النموذجين السابقين:

فمجموع الأسطر الشعرية السابقة، لكل من القفل والبيت، في الموشح التام،للأعمى التطيلي، المذكورة أعلاه، تكون دورا إيقاعيا توشيحيا واحدا فقط.

وكذلك مجموع الأسطر الشعرية السابقة، لكل من البيت والقفل، في الموشح الأقرع، للكميت، تمثل دورا إيقاعيا توشيحيا واحدا فقط.

وفي الشعر الحديث تمثل قصيدة"المواكب"لجبران خليل جبران، موشح تام، بكل امتياز، حيث نجدها تتكون من حوالي 204 بيت شعري، تتوزع على نحو18 دورا إيقاعيا توشيحيا، وفي جميع دور إيقاعي نجد بنية القفل وبنية البيت بكيفية متلازمة،فبنية القفل تسير على إيقاع نسق"البسيط"،وبنية البيت تسير على إيقاع نسق مجزوء الرمل. إلى غير ذلك.

* البنية الإيقاعية في الموشح:


* نماذج توشيحية:

خلاصةالبحث واستنتاجاته


(*)هذاالبحث غير منشور،للأستاذ الدكتورم.ع.خنفر،وهوفي أصله تلخيص لمحاضرات مخصصة لطلبة سلك الإجازة في الأدب العربي،شعبة اللغة العربية وآدابها،كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، جامعة الحسن الثاني المحمدية،الدار البيضاء،المغرب،خلال سنوات:03-2006.

تاريخ النشر: 2020-06-04 03:40:13
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رحلات سياحية للمتعافين من تعاطى المخدرات بمراكز العزيمة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:21:10
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

«مدبولى» يوجه بزيادة الدعم المقدم إلى التصدير الخاص بإفريقيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:21:12
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 54%

البحث العلمي: مصر في المرتبة الـ54 في مؤشر الابتكار العالمي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:21:04
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

منتخب الشباب يستقر على إقامة معسكر مغلق فى نوفمبر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:21:16
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

رئيس مجلس النواب يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:20:54
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 63%

عبدالوهاب: التموين تتحمل فارق السعر في الزيت تخفيفا عن المواطنين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:21:11
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

مؤتمر كلوب عن المشاكل الدفاعية ومواجهة رينجرز ومستوى نونيز

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-03 15:21:16
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

تحميل تطبيق المنصة العربية