الليبيون القدماء

عودة للموسوعة

الليبيون القدماء

جزء من عن
قبل التاريخ
التاريخ القديم (قبل 146 ق.م)
الحكم الروماني (146 ق.م– 640 م)
الحكم العربي (640–1551)
الحكم العثماني (1551–1911)
الاستعمار الإيطالي (1911–1934)
ليبيا الإيطالية (1934–1943)
احتلال الحلفاء (1943–1951)
مملكة ليبيا (1951–1969)
حكم القذافي (1969–2011)
الثورة الليبية (2011)
المجلس الانتنطقي (2011–الآن)
بوابة ليبيا

الليبيون القدماء

تاريخ ليبيا القديم لقد رأى هيرودوت حتى ليبيا تمتد من حيث تنتهي مصر الغربية. وقد حدد ساحل ليبيا الشمالي بما يلي بحيرة مريوط إلى رأس (سولوجوس) (رأس سبارتل) جنوبي طنجة على المحيط الأطلسي (1). وقد أشار بان المجموعات السكانية التي تقيم على امتداد هذه المنطقة كلها تنتمي إلى أرومة واحدة وهى موزعة على مجموعات من القبائل عدا الأجزاء التي يقيم بها الإغريق والفينيقيين(2). وقد جعل هيرودوت بحيرة (تريتونيس)-والتي تقع على الأرجح عند خليج قابس-الحد الفاصل بين مجموعتين من الليبيين احدهما تعيش إلى الغرب من البحيرة وتتألف من زراع آلفوا حياة الاستقرار والأخرى تعيش إلى الشرق من البحيرة وتتألف من بدورعاة(3). ونلاحظ حتى (هيرودوت) لم يفرق بين هذه المجموعات الليبية من حيث الجنس وإنما من حيث اختلاف نوع حياة جميع منهما عن الأخرى. ويبدوبوضوح حتى هذا التمييز جعل الفهماء المحدثون يقسمون أيضا الليبيون القدماء إلى مجموعتين : ليبيون شرقيون وليبيون غربيون(4). ولم تقتصر ليبيا لدى(هيرودوت)على المنطقة الساحلية فقط بل انه ضم إليها الواحات والصحراء. وقد أشار إلى ذلك بكل وضوح في الكثير من فقرات كتابه الرابع حيث يقول: "لقد تحدثت في السابق عن الليبيين الرعاة الذين يسكنون على ساحل البحر ولكن أسفل هذه المناطق توجد مناطق ترتادها الوحوش المفترسة. وأسفل المنطقة السابقة يوجد شريط رملي يمتد من طيبة في مصر حتى أعمدة هرقل مضيق جبل طارق. وتقع على هذا الشريط الرملي روابي تحيط بها الرمال ويتوسط جميع واحدة نبع يقذف ماءا باردا عذبا. وحول هذه الروابي يقيم السكان مضاربهم(5). وقد أشار(هيرودوت)إلى حتى هذه الروابى كثيرة وتبعد عن بعضها البعـض مسيرة عــشرة أيام. ومما لاشــك فــيه حتى الروابي التي يقصدها هي الواحات الكثيرة التي تنتشر على طول المنطقة الداخلية من ليبيا. وبالعمل فقد ذكر(هيرودوت)البعض من هذه الواحات مثل : واحة (الآمونيين) ويعنى بهم الذين يعبدون الإله(أمون) وهـم سكان واحة سيوه. ثـم ذكــر سكان واحة أوجلة وواحات الجرامنت(6). وقد أشار( هيرودوت ) بان خلف هذا الشريط الرملي الذي يضم الكثير من الواحات توجد الأجزاء الجنوبية والداخلية من ليبيا والتي هي صحراء حيث لا يوجد بها لا الماء ولا الحيوانات ولا المطر ولا الأشجار ولا أي اثر لحياة بشرية(7). وعليه نستطيع حتى نعمم اسم ليبيا والليبيون القدماء على جميع شمال إفريقيا والصحراء الكبرى. ويطلق على هذه المنطقة اليوم اسم المغرب العربي وتنقسم إلى خمسة أقطار وهى : ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. وتسهيلا لدراسة هذه المنطقة خلال عصورها التاريخية القديمة أطلقنا عليها اسم المغرب القديم. والجدير بالذكر حتى العلامة ابن خلدون في كتابه العبر وديوان المبتدأ والخبر قد سبقنا إلى إطلاق هذا الاسم على هذه المنطقة منذ أكثر من سبعة قرون مضت(8) وبالتالي فان ليبيا والليبيون القدماء هي نفسها المغرب القديم وسكان المغرب القديم ولذلك فإننا عندما نتحدث عن الليبيين القدماء فإننا نقصد الحديث عن منطقة المغرب القديم وعن سكان المغرب القديم في العصور القديمة. يمكن التعهد على الليبيين القدماء من خلال قسمين من المصادر الأثرية والتاريخية : المصادر المصرية القديمة التي تمتد منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى مجئ الإغريق إلى منطقة الجبل الأخضر وما حوله في القرن السابع قبل الميلاد والمصادر الإغريقية والرومانية والبيزنطية التي تمتد منذ مجيء الإغريق، وحتى الفتح الإسلامي العربي في القرن السابع الميلادي ونلاحظ من خلال هذه المصادر -خاصة المصادر الأولى- أنها خطت من جانب واحد وهوالجانب غير الليبي وهى بذلك لا تخلومن مبالغة وتحيز خاصة حتى الحفريات الأثرية في الفترة الأولى وهى الفترة ذات العلاقة بالمصريين القدماء لم تمدنا بمعلومات ذات قيمة نستطيع من خلالها كتابة تاريخ متسلسل لهذه المنطقة في حين حتى المصادر الثانية وهى المصادر الإغريقية والرومانية رغم أنها هي الأخرى كانت من الجانب الإغريقي والروماني فقط إلا حتى الحفريات الأثرية أثبتت الكثير من القضايا الهامة من تاريخ هذه المنطقة في تلك الفترة.


المصادر المصرية القديمة

يمكن تقسيم المصادر المصرية القديمة حسب مراحل تاريخ منطقة وادي النيل في العصور القديمة إلى عدة أقسام وهى :

أ-وثائق ما قبل الأسرات وبداية الأسرات نلاحظ على هذه المصادر أنها تعبير على مناظر عامة منقوشة لا تصطحبها نصوص كتابية لأن الكتابة الهيروغليفية في ذلك الوقت لم تكتمل عناصرها بعد وهذه المصادر هي:

1 -مقبض سكين جبل العرق: عثر على هذا المقبض تجاه نجع حمادي بالصحراء الشرقية.تمثل الرسومات التي على هذا المقبض رجال لهم خصلة مـن الشعر على شكــل ضفيرة ويلبسون كيس العورة وهى صفات يتخذها الباحثون علامات مميزة لليبيين القدماء في ذلك الوقت.1 2-لوحة الصيد أوما يعهد بلوحة الأُسود: تصور هذه اللوحة عدداً من الرجال يحملون الأقواس والحراب وعصي الرماية وحولهم حيوانات كثيرة للصيد ويزينون شعورهم بالريش ويرتدون كيس العورة ولهم ذيول تتدلى من قمصانهم وكل هذه الصفات اتخذها الباحثون كعلامات لليبيين القدماء وهى من العلامات التي شاهدناها بكثرة في الرسوم الصخرية بالصحراء الكبرى وهى رسوم ترجع لعصور ما قبل التاريخ.2

3- لوحة التحنو : وتعتبر هذه اللوحة أبرز الشواهد الأثرية التي تدل على الليبيين القدماء وقد عثر عليها في ابيدوس في مصر العليا وقد استطاع العالم الألماني تاسيتى من خلال هذه اللوحة حتى يميز العلامة الهيروغليفية التي تدل على التحنونجد على أحد وجهي هذه اللوحة رسومات تمثل سبع مدن محصنة متحالفة استطاع حتى ينتصر عليها الملك. أما على الوجه الآخر فنجد ثلاثة صفوف تمثل ثيران وحمير وأغنام وأسفلها أشجار زيتون بالقرب منها العلامة الهيروغليفية التي تدل على التحنـو.

4-لوحة التوحيد: لقد ظهر اسم التحنوخلال الأسرة الأولى (3400- 3200 ق.م.) في عهد الملك نعرمر على أسطوانة من العاج تعهد باسم لوحة التوحيد. ويبدوالملك في هذا النقش وهويضرب مجموعة من الأسرى الجاثمين نقش فوقهم تعبير تحنوباللغة الهيروغليفية ولقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه اللوحة فنجد برست د يعبر عنها ب(نعرمر ينتصر على الليبيين) في حين نجد (دريتون) و(جاردنر) يعبر عن هذه اللوحة ب (نعرمر ينتصر ويهزم سكـان الوجه البحري وهويوحد القطرين). ونلاحظ حتى جميع هؤلاء الباحثين على صواب لأن الكثير من الفهماء يعتقد حتى نعرمر استطاع توحيد منطقة وادي النيل بعد حتى طرد منها الليبيين الذين كانوا يقيمون في الوجه البحري والملفت للنظر هنا أنه لا يمكن التمييز بين صور وأشكال أهل الدلتا في هذه اللوحة وبين التحنوأوالليبيون الذين ميزتهم الرسوم المصرية القديمة بأنهم أشخاص ملتحون ويزينون شعورهم بالريش ويرتدون كيس العورة وتتدلى من قمصانهم القصيرة ذيول (9).

ب-وثائق الدولة القديمة(2900-2280ق.م.): يلاحظ على هــذه الوثائق بأنهـا ابتداء مـن الدولة القديمة أصبحت تدون عن طريق الكتابة الهيروغليفية ففي بعض الأحيان تكون النصوص مختصرة وفى أحيان أخرى تكون مفصلة إلى أبعد الحدود ويمكن تقسيمها على النحوالاتى :

1- نص الملك سنفرومؤسس الأسرة الرابعة على حجر بالرمو : ويفيد النص حتى الملك سنفروقاد حملة ضد التحنووأسر منهم 1100 أسير واستولى على 13100 رأس من الماشية والأغنام.

2- نصوص الملك سحورع من الأسرة الخامسة على جدران معبد الملك سحورع: لقد زودتنا هذه النقوش بمعلومات وافية عن التحنوخاصة فيما يتعلق بسماتهم البشرية وملابسهم وبعض الميزات الأخرى التي تذكرنا بصور الليبيين القدماء التي استقيناها من وثائق ما قبل الأسرات وبداية الأسرات.

3-نصوص أونى حاكم الجنوب: يذكر أونى حاكم الجنوب على جدران مقبرته في أبيدوس بأنه قاد جيشا ضد بدوآسيا في عهد الملك بيبى الأول (الأسرة السادسة) وكان يتكون الجيش من الكثير من سكان الجنوب ومنهم سكان بلاد التمحوويبدوحتى هذه الإشارة أول ذكر لقبائل التمحو.

4-نصوص حرخوف حاكم وقائد القوافل في الجنوب (الأسرة السادسة): لقد وصف حرخوف من خلال النصوص التي هجرها على جدران مقبرته في الفنهي:رحلاته إلى إقليم يام في النوبة وأنه تقدم حتى وصل بلاد التمحوالتي تقع في الجنوب الغربي من النيل.

ج- وثائق الدولة الوسطى ( 2060 -1785 ق.م.)

لم تكن الوثائق التي تتحدث عن الليبيين خلال هذه الدولة كثيرة وإن وجدت، فيشوبها بعض الغموض وأهم وثائق هذه الدولة التي تتعلق بالليبيين هي :

1-حكاية سنوهى، وهوأحــد رجال البلاط في عهد الملــك منتوحتب الأول (1991-1961قبل الميلاد): لقد ذكر سنوهى حتى سنوسرت ابن الملك منتوحتب الأول خاض حربا ضد التمحـوويرى المؤرخون حتى هــذه الحرب توجت بالنصر والدليل على ذلك مــا ذكــره(ديودورس الصقلي) بأن سنوسرت الأول قد أخضع الشق الأكبر من ليبيا (10).

2- مخلفات المجموعة السكانية التي يطلق عليها المجموعة ج : لقد عاصرت هذه المجموعة السكانية الدولة الوسطى وقد ألقت المخلفات التي تعود لهذه المجموعة بعض الضوء عن العلاقات التي كانت بين الليبيين وجنوب منطقة وادي النيل. ويرى بعض الفهماء في هذه المجموعة السكانية بأنها فرع جنوبي للتمحوأوكليبيين جنوبيين.

د--وثائق الدولة الحديثة (1580 -1085 ق.م.):

لقد خلفت لنا الدولة الحديثة أكبر قدر من الوثائق التي تتمثل في النقوش والصور، والتي من خلالها تعهدنا على مجموعات كثيرة من الليبيين قبل هيرودوت أي خلال القرنين الثالث عشر والثاني عشر ق.م ويمكن تلخيص هذه الوثائق الكثيرة على النحوالآتي : 1-وثائق مقابر طيبة في عهد الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث لقد احتفظت لنا بعض مقابر طيبة في الفترة مابين 1490 - 1447 ق.م بصور تمثل تسديد الجزية التي قدمت من بعض القبائل الليبية في الواحات البحرية.

2-رسومات معبد الكرنك: وهي تعود إلى عهد الملك سيتى الأول والتي تشير إلى هجمات خطيرة قامت بها قبائل التحنووقد تم الإشارة إلى مثل هذه الهجمات أيضاً في عهد رعميس الثاني من خلال نقشين عثر على أحدهما في معبد بيت الوالي والآخر في معبد أبى سمبل والنقشان يتحدثان عن صد هجمات قبائل التحنولقد شكك بعض الباحثين في حقيقة هذه الهجمات الخطيرة التي قامت بها قبائل التحنو، وصدها من قبل ملوك سكان منطقة وادي النيل وقد رأى هؤلاء الباحثين في هذه الرسومات مجرد تكرار وزخرفة للمعابد الفرعونية عن طريق إحداث سابقة مرت منذ زمن بعيد (11).

3-نقوش مسلات رعمسيس الثاني التي اكتشفت في مدينة تانيس: تشير هذه النقوش إلى استعانة رعمبسيس الثاني بوحدات عسكرية ليبية تم ضمها للجيش المصري.

4 -نقوش معبد الكرنك وعمود القاهرة ولوحة اتريب وأنشودة النصر: هذه المصادر الأربعة تحدثت جميعها -كما يرى بعض الباحثين- عن فوز الملك مرنبتاح (الأسرة التاسعة عشر ) على التحالف الذي يضم جميع من الليبووالقهق والمشوش مع شعوب البحر التي تتمثل في خمسة أقوام وهم ( الأقاواشا) و(التورشا) و(الشردان) و(اللوكا) و(الشكلش). ويرى فيهم الباحثون على الترتيب (الآخيين) و(الاترسكيين) و(السردينين) و(اللوكيين)و(الصقليين)(12) وقد توجه هؤلاء جميعا نحوالدلتا لاحتلالها لغرض الاستقرار بها وكان يقودهم في هذا الهجوم زعيم قبيلة الليبومرى بن أدد.

5-بردية هاريس الكبرى: وهي بردية يصل طولها أكثر من أربعين متر وعرضها حوالي 42 سنتمتر، تتحدث هذه البردية عن هجوم قبائل الليبوعلى منطقة الدلتا ويفهم من خلال هذا النص حتى السبب في هذا الهجوم حتى الفرعون أراد حتى يفرض على الليبيين ملكا منهم رباه في قصره ولكن الليبيين رفضوا هذا الحاكم لأنهم رأوا فيه الفرعون نفسه.

6- نقوش ولوحات معبد رمسيس الثالث الجنائزي بمدينة هابوالواقعة في طيبة الغربية: تتحدث هذه اللوحات والنقوش عن هجوم قامت به قبيلة المشوش ضد منطقة وادي النيل وقاد هذا الهجوم زعيم المشوش كبر وابنه مششر وتعتبر بردية هاريس ونقوش ولوحات معبد هابوالتي دونت في عهد رمسيس الثالث آخر الوثائق الهامة التي تتحدث عن القبائل الليبية القديمة التي احتكت بمنطقة وادي النيل في العصور القديمة.

الليبيون القدماء من خلال المصادر المصرية القديمة

نستطيع من خلال سردنا للمصادر المصرية القديمة حتى نقسم المجموعات الليبية القديمة التي وردت بهذه النصوص، حسب تسلسلها التاريخي إلى الجماعات الآتية:

  • 1-التحنو: تقع بلاد التحنوإلى الغرب من مجرى وادي النيل لأنها تذكر دائما في النصوص المتنوعة عندما تذكر أسماء البلاد التي تقع إلى الغرب من مصر ويرى الدكتور أحمد فخري -استنادا على أراء فهماء آخرين- بأن بلاد التحنوكانت تمثل الفيوم والواحات ووادي النطرون وبرقة. وقد رأى (فرانسوا شامو) بأن بلاد التحنوتضم جميع المناطق الواقعة غربي وادي النيل بما في ذلك الأنطقيم الجنوبية(13). ونلاحظ أنه ابتداء من الأسرة الخامسة من الدولة القديمة وحتى الأسرة الثامنة عشرة أصبحت حدثة تحنوتدل على ليبيا والليبيين القدماء عامة(14). ويرى العالم الألماني (هولشر) بأن قبائل التحنوكانت تعيش في دلتا النيل ثم طردهم مـن هــذا الإقــليم الخصيب ملــوك منطقــة الوجه البحري،عندما تم توحيده مع منطقة الوجه القبلي(15). ويبدوحتى هذا الأمر سليما، ومما يؤيد ذلك ما مضى إليه (جاردنر) من حتى صور التحنوتظهر في النقوش المصرية القديمة وكأن بينهم وبـين المصريين القدماء قــرابة وثيقة، وتتضح هــذه القــرابة من خلال ملابسهم التي تتفق تماما مع الملابس المصرية حيث كانوا يعلقون بهذه الملابس ذيولاً مثل التي كــان الفراعنة يعلقونها ويحلون جباههم بخصلة مــن الشعر تحاكى صورة الصل المقدس عند ملوك الفراعنة وتبدوهذه القرابة واضحة أيضاً من خلال سماتهم البشرية، حيث كانوا سمراً مثلهم مثل المصريين كما كانوا يختتنون مثلهم كذلك وكانوا يضعون قرابا لستر العورة مثلهم مثل المصريين في عصور ما قبل التاريخ ومن هذه القرائن المتنوعة توصل بعض الفهماء إلى حتى المصريين القدماء يرجع أصلهم إلى الليبيين القدماء حيث يؤكد هؤلاء الفهماء بأن المصريين وفدوا على وادي النيل منذ وقت مبكر بوصفهم صيادون ورعاة ماشية ثم أصبحوا فيما بعد زراع مستقرون، وبدون شك إذا المقصود هنا بالليبيين القدماء هم سكان الصحراء الكبرى، الذين وصلوا في فترة العصر الحجري الحديث إلى فترة حضارية متقدمة، وقد أشرنا فيما قبل إلى حتى الفضل يرجع إليهم في انتنطق الرعي والزراعة نحووادي النيل في البداية ثم فيما بعد إلى بقية شمال إفريقيا.
  • 2-التمحو: يرى (جاردنر) حتى بلاد التمحوتمتد على الحدود الغربية لمصر حتى طرابلس غرباً والنوبة جنوبا في حين يرى أحمد فخري بأن التمحوكانوا قد تمركزوا في نفس موطن التحنوبعد حتى سيطروا عليهم بالإضافة إلى سيطرتهم على الواحات ذات الأرض الخصبة المنتشرة إلى الغرب من وادي النيل ويرى أنهم انتشروا جنوبا حتى دار فور(16). أما عن أصل التمحوفقد ظهرت في هذا الموضوع نظريتان : يرى أصحاب النظرية الأولى بأن التمحواتىوا مهاجرين من قا2رة أوروبا إلى شمال إفريقيا ثم توغلوا إلى الجنوب ويروا بأنهم ينحدرون من قبائل الوندال أوأي جنس شمالي آخر ويستند أصحاب هذه النظرية كدليل على ذلك من خلال السمات التي يمتاز بها التمحوعن بقية الليبيين مثل : الشعر الأصفر والعيون الزرقاء والبشـرة البيضاء ولكن هذه النظرية لا تستقيم مع ما أثبتناه أعلاه من وجود هذه المجموعة السكانية ذات الشعر الأصفر والبشرة البيضاء في الصحراء الكبرى منذ الألف السادسة قبل الميلاد وتتعارض مع ما أكدت عليه البحوث الأثرية عن عدم استعمال الإنسان للبحر قبل الألف الخامسة قبل الميلاد، بالإضافة إلى عدم وجود أيــة قرائن تـفيد بأن المجموعات السكانية الأوروبيـة وصلـت منطـقة الـصحراء الكبرى كمهاجرين في أي فترة من فترات التاريخ القديم، والجدير بالذكر حتى أول اتصال أوروبي بمنطقة شمال إفريقيا كان في حدود نهاية الألف الثانية قبل الميلاد مع وصول المجموعات المعروفة باسم شعوب البحر الذين حاولوا الاستيطان في منطقة وادي النيل وكما هومعروف لدى الجميع فان تلك المحاولة لم يصادفها النجاح على جميع حال أما أصحاب النظرية الثانية فيروا بأن التمحوهم مواطنون إفريقيون سلكوا طريقهم من الجنوب الغربي من الصحراء متجهين نحوالشمال والشمال الشرقي ويرى بعض الفهماء بأن القوم الذين أطلق عليهم الفهماء اسم المجموعة (ج)، والذين عثر على آثارهم بمنطقة النوبة هــم فرع من التمحووإنهم ليبيون. ويشير(اوريك بيتس)(17) بأن مخلفاتهم تتفق ومخلفات الليبيين القدماء حيث يذكر بعض الأدلة التي تثبت هذه الصلة والتي من بينها :

أ- لا تختلف جماجم وشعور المجموعة (ج)عن جماجم جنس البحر المتوسط،الذين منهم الليبيون القدماء بصفة عامة ومجموعة التمحوبصفة خاصة.

ب- لقد اتبع أصحاب المجموعة(ج)طريقة للدفن،ونمط لبناء المقابر الدائرية،هي نفسها التي عهدت لدى سكان الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا والتي عهدت باسم الرجم.

ج- تصور الرسومات المنقوشة رجال المجموعة (ج)وهم يرتدون ملابس على شكل أشرطة تتقاطع على الصدر والريشة على الرأس وهى نفسها التي كانت تميز الليبيين القدماء الذين تعهدنا عليهم من خلال الوثائق المصرية القديمة في فترة ما قبل الأسرات وبداية الأسرات وهى سمات عهدت قبل ذلك لدى سكان الصحراء الكبرى.

د- يستعمل رجال المجموعة (ج) سلاح السهم والقوس وهى من الأسلحة التي عهدت في الصحراء الكبرى قبل حتى تعهد لدى أهل النوبة.

هـ- يؤيد انتماء سكان المجموعة (ج) للتمحوما عثر عليه مـن فخار وقبور في وادي هـور الذي يقع على بعد 400 كيلومتر جنوب غربي الشلال الثالث ومن خلال المقارنة اتضح حتى هذا الفخار يشبه فخار المجموعة (ج). والجدير بالذكر حتى هذا الفخار عثر عند طريق هجرة التمحومن موطنهم الأصلي الذي يراه معظم الباحثين بأنه منطقة الصحراء الكبرى قبل حتى يحل بهــا الجفـاف (18). وبناء على جميع ذلـك يمكن الاستنتاج، بأن التمحو، وسكان المجموعة (ج)، وسكان وادي هور كلــهم اتىوا من الصحراء الكبرى بعد حتى حل بها الجفاف.

  • 3 الليبوأوالريبو: يرى معظم الفهماء حتى الليبوأوالريبوكانوا يسكنون منطقة برقة الحالية وربما كانت أراضيهم تمتد نحوالشرق حتى منطقة الواحات، وخاصة واحة سيوه ويرجح حتى مجموعتي القهق والإسبت كانتا تعيشان في نفس المنطقة التي تسيطر عليها مجموعات الليبوأوالريبو(19)، وأقدم ذكر لمجموعات الليبوأوالريبوكان في عهد رمسيس الثاني ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام في تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة حيث اشهجروا كقادة في الحروب التي قامت ضد الملكمرنبتاح واشهجروا أيضاً في الحروب التي دارت ضد رمسيس الثالث. ونعتقد حتى اسم الليبوأصبح منذ بداية الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديم فهماً على جميع المنطقة التي تقع إلى الغرب من منطقة وادي النيل وبالتالي اختفت أسماء بقية المجموعات الأخرى وبناء على جميع ذلك أصبح هذا الاسم يعنى لدى الإغريق تارة جميع المجموعات السكانية التي تقع إلى الغرب من مصر حتى خليج سرت وتارة أخرى جميع شمال أفريقيا وفى بعض الأحيان القارة الإفريقية بكاملها ومما يؤيد بروز اسم الليبوواختفاء بقية الأسماء تلك اللوحة التي عثر عليها منذ مدة والتي تعود لعهد الملك شيشنق وهى تتضمن أسماء الأقوام الليبية وهى لوحة يطلق عليها اسم (لوحة الأقوام التسعة) ويبدومن خلال هذه اللوحة حتى الريبوأوالليبوحلت محل الاسم التقليدي السابق الذي عهدت به القبائل الليبية وهوالتحنوونجد وثيقة أخرى تشير إلى الليبوكتسمية عامة لكل المنطقة التي تقع إلى الغرب من مصر، وهى وثيقة تعود لعهد الملك شيشــنق الرابـع (763-757قبل الميلاد) وتشير إلى شخصية ليبية مرمـوقة تدعـى حيتيحنكر وقد وصفتها تلك الوثيقة بكبير الليبوويبدومن خلال هذه الوثائق حتى المنطقة ظلت تعهد باسم الليبوطيلة الفترة التي تلي الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم ونعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغريق على المنطقة التي استعمروها بالجبل الأخضر اسم ليبيا وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المألوف لديهم من منطقة شمال إفريقيا(20).
  • 4-المشوش: يرجح الباحثون حتى المشوش سكنوا المناطق الشمالية من الصحراء الليبية ويرى البعض حتى ديارهم كانت تمتد غربا حتى المناطق التي تمثل تونس الحالية وقد رأى بعض الفهماء بأن المشوش هم أنفسهم المكسيس الذين أشار إليهم (هيرودوت)(21) بأنهم يقيمون إلى الغرب من بحيرة تريتونيس ولكن مع بداية الأسرة الثامنة عشرة المصرية بدأ المشوش يتجمعون حول حدود مصر الغربية طلباً للإقامة الدائمة حول دلتا وادي النيل ومن خلال الرجوع إلى الوثائق التي تشير إلى الحروب التي دارت بينهم وبين المصريين يتضح حتى المشوش كانوا يرغبون الاستيطان في مصر وقد صرحوا بذلك بأنفسهم (22) ورغم أنهم وحلفاءهم الليبوفشلوا في الوصول إلى دلتا النيل عن طريق الحرب إلا أنهم استطاعوا الاستقرار في الكثير من مناطق مصر سواء في حاميات الحدود أوبانضمامهم إلى الجيش كجنود مرتزقة (23). وقد كان الجيش المصري ابتداءً من الأسرة العشرين يتكون من الليبيين دون سواهم وقد كان ملوك مصر في ذلك الوقت يقدمون لهؤلاء الجنود هبات من الأرض كأجور لهم مما أدى إلى تكون جاليات عسكرية كانت القيادة فيها لليبيين دون سواهم وقد وصل بعض العناصر من المشوش -كما مر بنا – إلى مناصب هامة في البلاط الملكي وإلى مراكز القيادة في الجيش وأن بعضهم -مثل شيشنق- استطاع حتى يتولى الحكم في بعض مناطق مصر حيث جمع بين يديه السلطتين المدنية والدينية إلى غير ذلك وبسهولة تامة استطاع شيشنق حتى يستولى على الحكم في مصر بمجرد وفاة آخر ملوك الأســرة الواحدة والعشرين وبالتالي استطاع المشوش تكوين الأسرة الثانية والعشرين التي حكمت مصر قرابة قرنين من الزمان(24).

لقد كانت قبائل التحنووالتمحووالليبووالمشوش من القبائل الليبية الكبيرة، الواسعة الانتشار والتي لعبت دورا بارزا في تطورات الأحداث في ذلك الوقت. ولذلك نجدها ترد في النصوص المصرية القديمة بشي من التفصيل. في حين وردت في هذه النصوص أسماء قبائــل أخرى كـمجرد شارات بسيطــة من الممكن لعدم تأثير هــذه القبائل في الأوضاع السائدة في المنطقة في ذلك الوقت أومن الممكن لكون هذه القبائل كانت تابعة لإحدى القبائل الكبرى السابقة أولوجود أراضيها ضمن أراضى قبيلة أخرى كبيرة. ونذكر من بين تلك المجموعات السكانية الصغيرة قبائل: الأسبت والقبت والثكتن والبقن والكيكش والسبد والقهق.


المصادر

  • موسوعة حضارة العالم . أحمد محمد عوف
تاريخ النشر: 2020-06-04 03:49:33
التصنيفات: تاريخ ليبيا, تاريخ أفريقيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

كنو وانتقالات الريال

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:14
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 85%

"الأنصاري للصرافة" تختار هيرمس و"NBD" مستشارين لطرح محتمل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:17:45
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 93%

رئيس مجلس الدولة يستقبل وزير الشباب والرياضة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:08
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 69%

هيئة الدواء تكشف أسباب تغير لون الأسنان عند الأطفال

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

استمرار اطلاع طلاب الثانوية العامة المتظلمين على أوراق إجاباتهم

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:10
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

يعتمد على أحدث التكنولوجيا.. كل ما تريد معرفته عن مطار العلمين الدولي

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:11
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 66%

وزيرة الهجرة: الشباب المصري بالخارج هم خيرُ سُفراء لمصر في البلدان

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:06
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

إعمار العقارية توافق على بيع "نمشي" لـ "نون"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:17
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 98%

متى تتعلم أنديتنا؟

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:13
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

إسرائيل: لا نستبعد شن هجوم على إيران إذا اقتضت الضرورة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:01
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 94%

بيدري عن ليفاندوفسكي : كأنه في العشرين من عمره

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:22
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 97%

"الأراضي البيضاء": 9500 فاتورة رسوم لمساحات تتجاوز 550 مليون متر مربع

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:19
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 86%

الأوقاف: مسجد الصحابة بشرم الشيخ ينظم رحلة للأطفال إلى محمية رأس محمد

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:12
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

الرئيس السيسي يستقبل ملك الأردن والبحرين ورئيس وزراء العراق

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:19:13
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

وزير الطيران يشهد حفل تخريج دفعة جديدة من كلية المراقبة الجوية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

استطلاع: اقتحام منزل ترمب عزز قبضته على الحزب الجمهوري

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:17:58
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 85%

راشفورد: مباراة ليفربول أفضل بداية لمانشستر يونايتد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-22 15:18:20
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية