خلجيون

الدولة الخلجية

الخلجيون بالإنجليزية Khilji dynasty ، هم جماعة من الهجر الأفغانيين ، وكانوا أسرة محاربة ، ظهر أمرها من أيام الغزنويين ، ويرى بعض المؤرخين أنهم ينتسبون إلى قليج خان أحد أصهار جنكيز خان هبط بجبال الغور بعد هزيمة خوارزم شاه ، وحرف اسمه بعد ذلك إلى "خلج"، وعهد ورثته بـ "الخلجيون"، واندمجوا في الحياة في أفغانستان ، واعتنقوا الإسلام في عهد سلاطين الدولة الغزنوية ، وضم الجيش الغزنوي فرقًا منهم أسهمت في فتح الهند.

وظهر أمرهم منذ أيام الدولة الغورية، وازداد نفوذهم في عهد المماليك ، وتولوا حكم إقليم البنغال ، ونهضوا بالوظائف الكبرى في الدولة.

خلفية تاريخية

قامت الدولة الغورية (543 ـ 613 هـ = 1148 ـ1215 م) على أنقاض الدولة الغزنوية التي حكمت الهند أكثر من قرنين من الزمان، وتوغلت في شبه القارة الهندية، ونشرت الإسلام بين ربوعها، واستعان السلطات "محمد الغوري" في توطيد نادىئم حكمه بالمماليك، الذين كان يشتريهم ويخصهم بعنايته، ويعدهم للغزووالجهاد، ويرقي منهم من كانت تؤهله ملكاته ومواهبه للقيادة والحكم.

ولم تطل الحياة بالسلطان الغوري ، فقد توفي سنة (603 هـ=1206 م)، وخلفه مملوكه قطب الدين أيبك الذي كان يحكم ولاية دلهي ، وكان قائدًا ماهرًا وحاكمًا عادلاً؛ يتمسك بالإسلام، ويكره الظلم، ولم تطُل به الحياة –أيضًا-، فلقي حتفه إثر وقوعه من فوق ظَهْر فرسه سنة (608هـ = 1210م)، وخلفه ابنه "آرام شاه"، ولم يكن مؤهلا للحكم وإدارة شؤون البلاد؛ فخلفه "شمس الدين التمش" أحد مماليك أبيه البارزين سنة (614هـ = 1216م)، وتولى أمر الدولة، وكان رجلا موهوبا صاحب كفاءة عالية في الإدارة والتنظيم، ويُعد المؤسس الحقيقي لدولة المماليك في الهند، واستمرت فترة ولايته حتى سنة (634هـ = 1236 م)، وخلفه أبناؤه، وكان من بينهم ابنته "رضية الدين".

ولم يكن من أبناء "التمش" من كان في كفاءته وقدرته، فبرز "غياث الدين بلبن" أحد قادته، فتولى الوزارة ناصر الدين محمود بن التمش، ونجح في إقامة الأمن، وقمع الفتن والاضطرابات، واستطاع حتى يرد هجمة التتار الشرسة بقيادة "مانكوخان" على الهند سنة (643هـ = 1245 م). وحين كرروا المحاولة ردهم خائبين مرة أخرى سنة (655هـ = 1257 م).

ولما قويت قبضة "غياث الدين" على البلاد ، وازداد نفوذه استأثر بالحكم، وحل محل بيت "التمش" في إدارة شؤون الحكم، وحكم أبناؤه معه ولايات الهند، لكنهم بعد وفاته سنة (685هـ = 1278 م) لم يستطيعوا الاحتفاظ بدولتهم، فسقط حكهم بعد أربع سنوات من حكم عميد الأسرة "غياث الدين بلبن" حيث تمكن الخلجيون من القضاء عليهم.

قيام دولتهم

بعد وفاة "غياث الدين بلبن" تولى حفيدة "كيقباد" الحكم، وكان شابًا لاهيًا منصرفًا عن إدارة الدولة، وهوما أطمع الخلجيين في الإطاحة بنظام الحكم في "دلهي"، فجمعوا أمرهم تحت قيادة زعيمهم "فيروز"، ودخلوا "دلهي"، وأسقطوا حكم بيت "غياث الدين بلبن"، وأعرب فيروز نفسه سلطانًا، ولقب نفسه بـ "جلال الدين"، وذلك في الثاني من جمادى الآخرة 689هـ = 13 من يونيو1290م).

جلال الدين فيروز شاه

استطاع السلطان جلال الدين حتى يجذب القلوب التي كانت نافرة منه بعد اجتياح قواته مدينة "دلهي" وقتلها "كيقباد"، وقد كان شيخًا كبيرًا في السبعين من عمره، يميل إلى الحلم والسماحة؛ فنجح في حتى يتألف القلوب من حوله، وبلغ من سماحته أنه عفا عن بعض الثائرين عليه، وفكَّ أغلالهم، وأجلسهم بمجلسه، ونطق لهم: كنتم زملائي، وقد جعلني الله ملكًا؛ فأنا أشكر الله على نعمته، ولا أنسى الماضي، وأنتم بوفائكم لأميركم من "آل بلبن" قد قمتم بواجبكم، ولا يمكن حتى أحاسبكم على هذا الوفاء.

وقد نجح السلطان "جلال الدين" في رد غارات المغول حين عاودوا هجومهم على الهند، وأسر منهم ألوفًا، وأنزلهم بضواحي "دلهي"، ثم خرج في سنة (694هـ = 1214م) لفتح "الدكن"، وتمكن من التغلب على إمارة "ديوكر" الهندية، ودخل الدكن؛ فكان أول من دخلها من سلاطين المسلمين.

وكان من إفراط السلطان في حسن الظن بمن حوله حتى استطاع ابن أخيه علاء الدين محمد حتى يستدرجه إلى مقامه في "كره"؛ بدعوى مشاهدة بعض الغنائم الثمينة التي أتى بها من "الدكن"، ودبر له مَن قتله قبل حتى يلتقيا في (4 من رمضان 694 هـ = 18 من يوليو1295م).

علاء الدين الخلجي

بعد حتى غدر "علاء الدين" بعمه زحف بجيشه إلى "دلهي"، حين جمعت زوجة جلال الدين أنصار زوجها، ونادت بابنها "ركن الدين إبراهيم" سلطانًا خلفًا لأبيه، لكن علاء الدين هاجم دلهي، وأجبر ركن الدين على الفرار إلى "الملتان"، ونصَّب نفسه على عرش الهند في دلهي سنة (695 هـ = 1295م).

ولما استقرت الأمور لعلاء الدين بدأ يتجه لشؤون الدولة الحربية، ويعنى بالنواحي الاجتماعية، وكان سلطانًا قويًا طموحًا، نجح في دفع الخطر المغولي عن بلاده، وقاد جنده في فتوحات متصلة، حتى أظلت راية الإسلام شبه القارة الهندية كلها لأول مرة في التاريخ.

ولكي يدفع هجمات المغول أقام سلسلة من الحصون على حدوده الغربية، وزودها بالجند والسلاح، ولكن ذلك لم يحُلْ دون هجمات المغول على الهند، فتوالت حملاتهم على الرغم مما كان يتكبدونه من خسائر على أيدي علاء الدين وقادته، مثلما وقع في سنة (698هـ = 1298م) حين سار سلطان المغول "قتلق خقابل" على رأس قوات كثيفة، فتصدى لها علاء الدين وقائداه "ظفرخان" و"ألج خان"، وأنزلوا بالمغول هزيمة قاصمة، لكنها لم تمنعهم من موالاة الهجوم مرات أخرى حتى تمكن القائد "غازي ملك تغلق" من القضاء على خطرهم تمامًا.

وفي الوقت الذي كان فيه "علاء الدين" مشغولا بالقضاء على هجمات المغول كان يعد الجيوش لاستكمال فتح الهند، فأوفد في سنة (699هـ = 1299م) قائديْه "ألنخان" "ونصرت خان" لفتح حصن "رنتنبهور" أعظم حصون إقليم "الراجبوتانا"، فنجحا في مهمتهما بعد حروب دامية، ودخل الإقليم في طاعة "علاء الدين الخلجي"، ثم فتح إمارة "موار"، وكانت أمنع إمارات "الراجبوتانا" بقلعتها الحصينة القائمة على قمة جبل منحوتة في الصخر، ثم استولى على "ملوة" و"أوجين" و" دهري نجري"، ولم يكد يأتي عام (706 هـ = 1306) حتى كان "علاء الدين الخلجي" قد فتح "الهنستان" كلها من "البنغال" إلى "البنجاب".

وواصل علاء الدين فتوحاته؛ فأوفد قائده الحبشي "كافور"، فاخترق أنطقيم "ملوة" و"الكجرات"، ثم أردف ذلك بجيش آخر يقوده "أدلوغ خان"، واستولى الجيشان على "ديوكر، وتوالت فوزات علاء الدين بفضل كافور القائد المظفر، فقاد حملة هائلة في سنة (710 هـ = 1310م) تمكنت من فتح الجنوب الهندي كله.

وقد اغتر علاء الدين بهذه الفوزات التي تحققت على يديه حتى لُقِّب بالإسكندر الثاني، وأسكرته الغنائم والكنوز التي غنمها في حروبه، وتراءى له حتى يفتح العالم بجنده، كما عمل الإسكندر، وسرَحَ به الخيال إلى أبعد من ذلك، فصرح حتى قادته هم بمنزلة الخلفاء الراشدين، ولكن عمه القاضي علاء الملك أيقظه من أحلامه الضالة، وذكَّره بأن النبوة قد انتهى زمانها، ورده إلى جادة الصواب، فعاد إليه عقله، وانتبه من غفلته.

الإصلاح الداخلي

وقد وجدت نصيحة القاضي صداها عند علاء الدين؛ فعدل عن رأيه إلى الاهتمام بشؤون دولته والعمل على نهضتها، ووضع النظم الإدارية والمالية التي تصلح من شأن مملكته، وقُدِّر لها حتى تلقى قدرًا كبيرا من النجاح؛ فعم البلاد الرخاء، ونَعِمَ الناس بالأمن، وكان لرقابته على الأسواق وشدته في معاقبة التجار المدلسين ومنعه من الاحتكار أثرها في رواج التجارة، ورخص الأسعار، وبلغ من شدته أنه كان يأمر بالمطفِّف من التجار فتُقطَع من لحمه حيًا بتر يستكمل بها الميزان عظة لغيره من التجار.

وكان يفتح خزائن دولته العامرة، ويعطي منها التجار والمزارعين حين تشتد الحالة الاقتصادية أويفسد الغرس حتى لا يتأثر الناس بقلة المعروض من البضائع كما وعُني بأمر الزراعة، وأسبغ رعايته على الفهماء، وقد تحدث "ابن بطوطة" في رحلته عما شاهده من الرخاء الذي ينعم به المسلمون تحت حكم علاء الدين.


نهاية الدولة الخلجية

على حتى السلطان علاء الدين حين تقدمت به السن أوكل تصريف شؤون دولته إلى "كافور" قائده المعروف، وانقاد له في كثير من الآراء، حتى إذا توفي سنة (715هـ = 1315م) كان كافور قد استبد بالأمر، وأمسك بزمام الدولة بعد حتى أجلس على السلطنة طفلا صغيرًا من أبناء علاء الدين، وقد أدى ذلك إلى اشتعال الفتنة في البلاد، وانتهى الأمر بقتله على يد بعض الأمراء المنافسين له، وأقاموا مكانه سلطانا جديدًا يسمى "مبارك شاه الخلجي" سنة (716 هـ = 1316م).

وبدأ السلطان الجديد عهده بسيرة حسنة؛ فحمل كثيرًا من الضرائب من على كاهل الناس، ورد الأرض المغتصبة إلى أصحابها، وأطق سراح المعتقلين، لكن هذه السياسة لم تستمر كثيرًا، وارتد السلطان عنها دون مبرر واضح، وانغمس في الملذات، وانصرف عن متابعة شؤون الدولة؛ فساءت أحوال الدولة، وعادت سيرتها الأولى، وانتهز هذه الحالة المتردية قائده "خسرو" فتخلص منه بالقتل، وكان هندوكيا يُظهِر الإسلام ويُبطن له العداوة، فعاث في الأرض، وأطلق لأتباعه العنان؛ يفسدون، وينشرون ديانتهم الهندوكية، ويطمحون في القضاء على الإسلام، وبلغ من فسادهم أنهم كانوا يقتحمون المساجد، ويقيمون فيها أوثانهم، ويجعلون من المصاحف قواعد لها، وكاد الأمر يخرج من أيدي المسلمين، ولولا حتى سارع "غازي ملك تغلق" قائد الخلجيين بالبنجاب، فقضى على هذه الفتنة العارمة سنة (720هـ = 1320م) لتعرض الإسلام في الهند إلى مخاطر لا يفهم مداها إلا الله، وبقضائه على الفتنة بدأ عصر حديث عُرف في التاريخ الإسلامي بعصر "بني تغلق"، وامتد في الهند نحوقرن من الزمان.

السلاطين الخلجيون في دلهي (1290-1320)

  • جلال الدين فيروز خلجي (1290-1296)
  • علاء الدين خلجي (1296-1316)
  • قطب الدين مبارك شاه (1316-1320)

السلاطين الخلجيون في ملوة (1436-1531)

  • محمود خلجي (1436-1469)
  • غياث الدين خلجي (1469-1500)

انظر أيضاً

  • غيلزاي
  • خلج
  • كيليج
  • تاريخ الهند

المصادر

  • عبد المنعم النمر ـ تاريخ الإسلام في الهند ـ دار العهد الجديد للطباعة ـ القاهرة ـ 1959م.
  • أحمد الساداتي ـ تاريخ الإسلام في شبه القارة الهندية وحضارتهم ـ مخطة الآداب ومطبعتها ـ القاهرة ـ 1957م.
  • عصام عبد الرؤوف الفقي ـ الدول الإسلامية المستقلة ـ دار الفكر العربي ـ القاهرة 1987م.
  • حسين مؤنس ـ أطلس تاريخ الإسلامي ـ دار الزهراء ـ القاهرة ـ 1407=1987م.
  1. ^ سمير حلبي. "قيام الدولة الخلجية في الهند". إسلام أونلاين.
تاريخ النشر: 2020-06-04 04:29:53
التصنيفات: تاريخ الهند, دول إسلامية سابقة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أزمة بعد أخرى مع جيرانها.. هل تسير الجزائر نحو عزلة إقليمية؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:09:35
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 83%

هل ستقاضي هدى سعد مراد العشابي؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:09:31
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 75%

تشغيل نظام تدمير الأهداف الجوية في سيفاستوبول

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:24
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 98%

تونس.. بطاقة إيداع ثانية بالسجن في حق رجل الأعمال رضا شرف الدين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:18
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 98%

رئيس الإكوادور يبرر اقتحام السفارة المكسيكية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:27
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 88%

جدول ترتيب الدوري المصري بعد تعادل الأهلي أمام إنبي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:09:08
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 39%

موعد مباراة الأهلي المقبلة

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:09:09
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 37%

وليد الركراكي يواسي نجم المنتخب المغربي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:09:42
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 77%

مصر .. قرار قضائي جديد بشأن حظر النقاب في المدارس

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:35
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 92%

إحالة طاقم مسلسل رمضاني على النيابة العامة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:09:39
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 73%

بدء محاكمة 27 شخصا في قضية "أوراق بنما" حول غسل الأموال

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:41
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 94%

الخارجية الروسية: مستعدون لمناقشة مقترحات جدية حول أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:29
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 98%

تركيا تهدد باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-09 03:07:42
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 98%

تحميل تطبيق المنصة العربية