الدولة السعودية الثانية

عودة للموسوعة

الدولة السعودية الثانية

الدولة السعودية الثانية

1824–1891
Flag of Saudi State
العاصمة الرياض
اللغات الشائعة العربية
الدين الإسلام الوهابي
الحكومة ملكية
إمام  
التاريخ  
• استعادة الرياض
1824
• معركة المليدة مع آل رشيد
1891
Preceded by
Succeeded by
[[الدولة العثمانية/ولاية مصر]]
Al Rashid
Today part of  السعودية
قطر
 الإمارات العربية
عُمان
البحرين

الدولة السعودية الثانية اسم يطلقه المؤرخون على الدولة التي أقامها آل سعود في الجزيرة العربية ما بين سقوط الدولة السعودية الأولى سنة 1818 م واستيلاء محمد بن عبدالله بن رشيد أمير حائل على نجد سنة 1891 م. ويعتبر هجري بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية، وقد جعل عاصمة دولته في الرياض بعد تدمير مدينة الدرعية، عاصمة السعوديين السابقة، على يد المصريين بقيادة إبراهيم باشا.

أمراء الدولة السعودية الثانية

صورة عبدالرحمن بن فيصل أخر أمراء الدولة السعودية الثانية

الفصل السابع: الدولة السعودية الثانية (1843-1865)

في العقد الخامس من القرن التاسع عشر أزيحت مصر في الواقع من المسرح السياسي في الجزيرة العربية . ولم تكن لدى الباب العالي بعد إمكانية ورغبة في التدخل النشيط في شئون نجد . وكان الإنجليز مشغولين بتعزيز مواقعهم على ساحل الخليج العربي وخليج عمان وفي عمان نفسها . ومن حديث هجرت أواسط الجزيرة وشأنها وتهيأت فيها الظروف لبعث الدولة السعودية في أراضي محدودة .


من جلاء المصريين حتى عودة فيصل

لم يتمكن الأمير خالد من البقاء في دست الحكم بعد جلاء قوات خورشيد من أواسط الجزيرة إلا عاما واحدا . وعندما استسلم محمد علي في عام 1840أبدى الباب العالي انادىءه في نجد متحججا بأ، الذي احتلها كان واليا للسلطان العثماني ، ولذا يجب اعتبار خالد تابعا للعثمانيين . وعلى أية حال ، هذا مانطقه المؤرخ الهجري المعروف جودت . إلا حتى مواقع خالد كانت تضعف وتتدهور . فقد كان مكروها من قبل الجميع بوصفه صنيعة للمصريين . وخلال فترة نفيه إلى مصر تكونت لديه فكرة ما عن التعليم الأوروبي ، الأمر الذي أضر به في نجد ، ولم يخدمه على مايدبو. وكان قد انهمك في الملذات ، مما ألحق ضررا كبيرا بسمعته . أما الجنود المصريون المتبقون فقد انخرطوا في الابتزاز ولمقد يكونوا يستلمون رواتبهم . وبدأت النزاعات القبلية الإقطاعية من حديث .

وعندما توجه خالد إلى خورشيد باشا في آب (أغسطس) 1841 لتوديعه حمل راية الإنتفاضة أحد أقربائه البعيدين وهوعبدالله بن ثنيان ، إبن حفيد مؤسس الأسرة السعودية والممثل الوحيد لفرع آل ثنيان الذي حكم نجد في فترة ما . وكان إبن ثنيان قد فر في السباق إلى قبيلة المنتفق في جنوب العراق ثم ظهر في نجد وحظي تأييد حاكم الحريق الهجري الهزاني الحليف السابق للإمام فيصل وآل الشيخ محمد بن عدبالوهاب وكذلك قبائل سبيع وعجمان وآل مرة . وفي الخريف سحب خالد قواته إلى المنطقة الشرقية إما طلبا للنجاة وإما أملا في استجماع القوى . ولكنه لم يعد بعد ذلك إلى الرياض مطلقا . وبعد خروج خالد فرض ابن ثنيان سيطرته على نجد وكانت لديه في البداية بعض مئات فقط من الأتباع ، ولكن عددهم ازداد كثيرا فيما بعد . وفي أواخر عام 1841 استولى بن ثنيان على الرياض . وبعد أ، وافقت الحامية المصرية في القلعة على الجلاء تحررت نجد بالكامل من القوات الأجنبية . ويبدوأ، الحاميات المصرية الأخرى قد تفرقت . فنحن لانعهد عنها شيئا بعد الآن .

حاول ابن ثنيان تعزيز مركزه كأمير للرياض ، ولكن سلطته لم تضم في الواقع القصيم وجبل شمر والمنطقة الشرقية . وقد وجه حملته الأولى إلى الإحساء عندما كان خالد لايزال موجودا فيها مع فصيل من المرتزقة المصريين . ومني خالد بهزيمته ففر إلى البحرين ثم إلى الكويت ، ومن هناك إلى الحجاز حيث أقام وأخذ يستلم راتبا من محمد علي . وأوفد أمير نجد إلى الهفوف عمر بن عفيصان الذي تمكن بالتدريج من فرض سيطرة على النجديين على هذه المنطقة ، بل واستطاع حتى ينتزع العقير من البحرانيين .

كانت أساليب ابن ثنيان قاسية ، وربما كانت موروثة عن الاحتلال المصري . فقد كان كثيرا مايفتك بخصومه ، مثل آل سديري الذين عارضوه ، وذلك خلافا لتنطقيد الجزيرة العربية التي تنص على العفوعند المقدرة . وكان الأهالي يكرهونه لأنه حاول على مايبدوأ، يجمع المزيد من الأموال بشكل زكاة من البلد المدقع . وكان المؤرخ الشمري ضاري بن الرشيد يعتبره رجلا شجاعا ولكنه أراق دماء كثيرة وقتل كثيرا من المؤمنين . كان الناس يكرهونه ويحبون فيصل .

هرب فيصل بن هجري من مصر في عام 1843 بعد حتى كان أسيرا فيها منذ عام 1838 . ويعتقد بعض المؤرخين حتى عباس باشا حفيد محمد علي ساعده على الفرار . والأغلب حتى محمد علي وورثته أدركوا حتى وجود إمارة مستقلة في أواسط الجزيرة العربية يجعلها خصما للإمبراطورية العثمانية .

ووصل فيصل إلى جبل شمر حيث استقبله عبدالله آل رشيد وأخوه عبيد بالترحاب بوصفه صديقا قديما . كانت سلطة عبدالله قد ضمت كثيرا من القبائل غير الشمرية . (كان جميع البدومن القصيم حتى حوران ، ومن بلاد إبن سعود في شرقي نجد حتى جبال الحجاز ، خاضعين وملزمين بالاعتراف بسلطة ابن رشيد حيث يدفعون له الزكاة) . وعندما اقتضت الحاجة الاختيار بين السيطرة المصرية والتبعية لفيصل اختار عبدالله التبعية ، لاسيما وأن فيصل كان صديقه الشخصي ، الأمر الذي يعتبر عاملا سياسيا ليس بقليل الأهمية في ظروف الجزيرة . وعرض حاكم حائل على الأمير فيصل رجالا ودوابا ونقودا . وعبأ ابن ثنيان أنصاره ولكن أفراد عساكره سرعان مابدأوا يفرون .

ومما أعاق خطط فيصل العداء بين أهالي جبل شمر والقصيم ، وخصوصا بين أهالي جبل شمر ومدينة بريدة . وكان متسقطا حتى حاكم بريدة سيضمر العداء لفيصل لأنب ابن رشيد صار من أنصاره . إلا حتى مدينة عنيزة ربط مصيرها بمنافسة ابن ثنيان .

وانتقلت نجد بالتدريج إلى جانب فيصل – في البداية انتقلت القصيم ، ثم سدير والوشم . وفر ابن ثنيان إلى الرياض . وحظي فيصل بتأييد قبائل سبيع والسهول والعجمان وكذلك مطير . وفي صيف 1843 سقطت الرياض ، وتم القبض على ابن ثنيان وتوفي في السجب في تموز (يوليو) من العام ذاته ، ويعتقد المؤرخ ضاري بن الرشيد حتى حرس السجن أعدوا الأمير المخدوع ، فقد كان بينهم أشخاص اغتال الأمير أقاربهم في حينه . وعندما سلم فيصل منافسه إلى هذا الحرس كان قد حكم عليه بالموت بهذه الطريقة .

وبعثت الإمارة النجدية من حديث بعد تسع سنوات من الفوضى والصراع الداخلي والاحتلال الأجنبي . وصار فيصل سيدا في دياره من حديث لمدة تقرب من عشرين عاما . كانت القوى المركزية تعمل بسرعة كبيرة على توحيد مناطق أواسط الجزيرة وشرقيها حدثا ظهرت شخصية قوية وانعدم الخطر الخارجي المباشر . ومما لاريب فيه حتى فيصل كان حاكما قويا . وكانت لديه خبرة في الحياة في مصر الأكثر تطورا وخبرة الحكم في ظروف الجزيرة العربية والقدرة على لاجمع بين الشدة واللين والاستعداد للمساومة مع الإصرار . وكانت الصلات المتزايدة مع المصريين والأتراك والإنجليز قد حملت أمير الرياض على إبداء المزيد من الاعتبار للعالم الخارجي .

يعث إمارة السعوديين في الرياض

نشات الدولة السعودية الجديدة على مساحة من الأراضي أقل من أراضي إمارة الدرعية . وكانت الحركة الإنفصالية قوية فيها رغم الاستقرار المتزايد . ويقول فيلبي : سرعان ما استأنفت نجد في عهد فيصل (سير الأمور الطبيعي المعتاد ، ولكن ذلك لم يكن على الإطلاق مرادفا للحياة في سلام ووئام وازدهاز ، لتلك الأمور التي كانت على الدوام ظواهر نادرة أوتتخيلها ظواهر أخرى في البادية) .

كانت المهمة الأولى للأمير بعد السيطرة على المناطق الوسطى في نجد من استعادة المنطقة الشرقية . وفي خريف 1843حاصر مدينة الدمام التي يسيطر عليها البحرانيون . وفي تلك الأثناء نشب في جزر البحرين نزاع داخل الأسرة الحاكمة وفر الحاكم السابق إلى القسم القاري واستقر في الدمام . وفي الوقت ذاته سدد فيصل الضربة إلى قبائل المناصير وآل مرة وبني هاجر التي ساعدت على تموين القلعة .

وفي آذار (مارس) 1844 استسلمت حامية البحرين . واستولت العساكر النجدية على غنائم كبيرة . وبدلا من البحرانيين هجر أمير الرياض في القلعة حاميةنجدية من مائة إنسان . ووافق حاكم البحرين الجديد محمد بن خليفة على استئناف تسديد الأتاوات السنوية للرياض وتسديد الديون لقاء تصفية منافسه . إلى غير ذلك بدأ فيصل فترة جديدة من حكمه حيث دمر قوات البحرانيين التي لم تكن كبيرة ولكنها كانت تقض مضجعه ، واستأنف سيطرته على جزر البحرين .

واندلعتفي المنطقة الشرقية إنتفاضات مرتبطة بالصراع بين قبيلتي بني خالد والعجمان ، كان بدوالعجمان يسلكون الطريق المعتاد لنزوح قبائل الجزيرة – من الجنوب إلى الشمال أومن الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي . وكانوا قد نزحوا من نجران ضعفاء مشتتين . ولم تكن لدى النازحين الجدد مراع خاصة بهم .

فصاروا يعتمدون على القبائل الأخرى حيث تحولوا إلى زبائن لها غير متكافئين . بيد حتى الأمير هجري أخذ يدعمهم وهيأ لهم إمكانية الإقامة في المنطقة الشرقية ، وهي منطقة عائدة تقليديا لبني خالد . ويبدوأ، من أهداف هذه الإقامة إيجاد قوة توازن للقاءة بني خالد ووجهائهم الذين كانوا يتمردون على الرياض بين الحين والآخر ، بل وكانوا ينافسون أمراءها في وقت ما . وصار العجمان أكثر قوة وجسارة .

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 1845 هجم علهيم فيصل بعساكر كبيرة ، وفي عام 1846 دمرهم عن بكرة أبيهم . وحضر صغار شيوخ العجمان وحلفاؤهم من سبيع إلى الإمام فيصل وأعربوا عن خضوعهم له . وطوال خمسة عشر عاما لم يسمع أحدا شيئا من العجمان .

وبعد حتى فرض فيصل سيطرته على المنطقة الشرقية انشغل بالجنوب ، بالأفلاج ووادي الدواسر . ففي عام 1845 أوفد قواته إلى الأفلاج لإخماد القلاقل هناك . وعندما كان أمير الرياض مشغولا بإخماد حركة العجمان وإحلال النظام في المناطق الجنوبية من نجد اندلع من حديث العداء القديم بين القصيم وجبل شمر . وسدد عبيد ضربة شديدة إلى فيصل من عنيزة ونظم عبيد آل رشيد شعرا بخصوص فوزه . وفيما بعد ، عندما زار الجزيرة شارلز دوتي ، وهومن أعظم الرحالة الإنجليز ، سمع ذالك اشعر تتناقله الألسن . كانت قصيدة عبيد افتخارا عاديا بالنصر . فهوينجح بكونه قد اغتال 90 من الأعداء حتى تعبت يده من حمل السيف وتخثر دم الأعداء على ردنه . وقابل ابن رشيد صعوبة كبيرة في تهدئة فيصل الذي اشتاط غضبا بسبب الحرب بين أتباعه . وبعث حاكم جبل شمر إلى أمير الرياض رسالة توضيحية منظومة ، ينطق أنها أثرت في فيصل تأثيرا حسنا .

وطالما كان عبدالله بن رشيد على قيد الحياة ظلت العلاقات ودية بين حائل والرياض . واعتبر عبدالله نفسه تابعا لفيصل ، ولكنه احتفظ باستقلالية واسعة . وبالإضافة إلى الصداقة التي تربط بين الأميرين فقد ربطت بينهما صلة القربى ، إذ تزوج عبدالله الإبن الأكبر لفيصل من إبنة عبدالله بن رشيد ، بينما تزوج طلال إبن حاكم حائل من إبنة فيصل . وكان عبيد ، شقيق حاكم حائل ، يقضي جميع سنة شهرين أوثلاثة في الرياض حيث يحل ضيفا على فيصل . وقد توسعت منطقة جبل شمر إلى الشمال . ففي عام 1838 مثلا انضمت إليها منطقة الجوف وهي واحة كبيرة تقع على بعد 350 كيلومترا تقريبا شمال غربي حائل . وفي أيار (مايو) – حزيران (يونيو) 1837 توفي عبدالله . وحل محله إبنه طلال البالغ الخامسة والعشرين من العمر ، وبعث إلى الرياض إبلا وخيلا بمثابة هدية تعبر عن استمرار تبعيته للحكومة المركزية .


مشكلة القصيم . الصراع مع العجمان

لم يتمكن فيصل من فرض سيطرته بصورة تامة على القصيم . وكانت هذه المنطقة ، كما تفيد حسابات يوبير الخاصة بالسبعينات ، تضم حوالي 20 مدينة وقرية . وكان في بريدة التي تعيش بالأساس على تجارة اـلإبل والنقل بالقوافل حواليعشرة آلاف نسمة . وقبل ستينات القرن التاسع عشر حكمها أكبر إقطاعي المنطقة – آل عليان . وكان عدد سكان عنيزة ، حسب معطيات يوبير ، 18-20 ألفا . وكان يعيش حوالي ألف إنسان آخرين في القرى المحيطة بها . وكان أمراء الإقطاعية التي حكمت عنيزة ، آل زامل ، شأنهم شأن سائر الأمراء ، ينتمون إلى وجهاء البدوالذين استقروا فتحولوا إلى جاء ، ولكن سلطتهم على العكس ، كانت مفيدة كثيرا . ونعت الرحالة عنيزة بأ،ها (جمهورية مدنية) ، ونعتوا أميرها بأنه (أول المتكافنين) ، بل ونطقوا عنه أنه بمثابة (رئيس جمهورية منتخب) .

وكان القول الفصل في شئون عنيزة يعود للأثرياء من أهاليها الذين يقدمون إلى المتطوعة جملا أوجملتين مع اثنين أوأربعة من الهجانة ويدفعون بدلا دائميا للصرف على الحراس والعبيد وتسديد أجور الرعاة وتكاليف الضيافة العامة . وكانوا يشاركون مع الأعيان والوجهاء الإقطاعيين في تصريف شئون عنيزة عن طريق مجلس الإمارة . ويصادف أ، تتوتر العلاقات بين الوجهاء الإقطاعيين والتجار وبين فقراء المدينة ، الأمر الذي تدل عليه بصورة غير مباشرة ملاحظة دوتي :(...الكثير من الفقراء يعارضون زامل بغضب مكشوف يلومونه وهوصبور حكيم) .

وفي عام (1846-1847) عندما غزا شريف مكة نجد أبدى أهالي القصيم استعدادهم للتعاون معه . وبعد انسحاب الحجازينغير أمير الرياض حكام المدن الرئيسية . إلا حتى شتاء وربيع 1848-1849 تصرما في إخماد إنتفاضة جديدة في القصيم . فالوجهاء المحليون لم يعترفوا بالأمراء الذين عينتهم السلطة المركزية ، إذ كانوا يؤيدون هذا الفرع من العوائل الحاكمة سابقا أوذاك . وكان القتل يعقب الخيانات ، الخيانة تعقب فترات السلم ، وكانت المبايعة تعقب العصيان المتكرر ، ولكن المنطقة ظلت غير خاضعة . وكان أمير بريدة عبدالعزيز آل عليان هوالزعيم المعترف به للمنطقة .وقد نحاه فيصل عدة مرات ولكنه كان يعينه من حديث جميع مرة . وغدا عبدالعزيز حاكما لبريدة من حديث في مطلع عام 1851 . ويبدوحتى أمير الرياض لم يتمكن من الحصول على تأييد وجهاء القصيم ولم يستغني عن المساومة مع زعيمها المعترف به . وفي السنوات الثلاث اللاحقة انصب اهتمام أمير الرياض على غزوات مختلف القبائل . ففي آيار (مايو)1854 تمردت عنيزة من حديث . ولم يكن وجهاؤها ، وخصوصا آل زامل ، راضين عن حكم جلوي ، عامل الأمير فيصل ، في القصيم . ويقول دوتي أ، حاكم القصيم هذا كان ينهب السكان ويستأثر بأموالهم . وبدأ التمرد .

وكانت مشاركة الفقراء في هذا التمرد قد أضفت عليه صبغة جديدة . فقد هب ضد مضايقات أمير الرياض القسم الأكثر فقرا من السكان ، في حين لم يؤيد التجار الأثرياء المتمردين . وعلى أثر جلوى فر من من عنيزة الشيخ عبدالله أبوبطين الذي كان قاضيا لهذه المدينة مدةطويلة وأخلص الولاء للرياض . وصار عبدالله بن يحيى آل زامل الملقب سليم أميرا لعنيزة .

وفي أواخر 1855 انتهى التمرد صلحا . واضطر فيصل إلى تنحية حاكم المنطقة الذي عينه بنفسه ، بينما ظل زعيم المتمردين عبدالله بن يحيى في منصبه . وفي أواسط الخمسينات هطلت الأمطار غزيرة وكان المحصول جيدا فهبطت الأسعار . إلا حتى وباء الكوليرا تفشى في نجد آنذاك . كان الوباء قد بدأ في الهند ونقل الحجاج عدواه إلى مكة في عام 1846 ، وانتشر منها في أوروبا وأميركا .

وفي عام 1860 قابل أمير الرياض تمردا جديدا من العجمان الذين صاروا أكثر جسارة . وأوفد الأمير قوات كبيرة بقيادة إبنه عبدالله إلى الشرق ، حيث نشبت على مسافة ثلاثين كيلومترا تقريبا جنوبي مدينة الكويت فيتسعة نيسان (إبريل) 1860 معركة جديرة بالتنطقيد البدوية الجاهلية ، فقد أجلسوا الفتيات من قبيلة العجمان وبنات أوقريبات الشيوخ في هوادج خاصة على سبعة جمال . وأسبلت سبع من أجمل بنات عوائل الوجهاء شعورهن وارتدين أفضل ملابسهن وظهرن في مقدمة البدويطلقن صيحات الحرب . وكان المحاربون متحمسين إلى أقصى حد ، لأنهم يرون بأم العين أنهم سيحاربون ، فيما يحاربون ، من أجل سلامة بناتهم الحسناوات اللواتي يمثلن شرف القبيلة . وكانت المعركة دموية لأن العجمان قابلوا قوات من أبناء المدن والحضر الأكثر تنظيما وانضباطا وهي قوات عززها محاربون من قبائل سبيع والسهول وقحطان ومطير . وقتل حوالي 700 من العجمان ففروا تاركين الفتيات والجمال وكل مايملكون . واختبأ في الكويت من ظل على قيد الحياة . وعمت البهجة والاحتفالات بهذا الحادث في الرياض وكذلك في البصرة والزبير اللتين تضررتا من غزوات العجمان وأوفدتا بعد النصر هدايا ثمينة إلى عبدالله .

إلا حتى النصر الحقيقي كان بعيدا . فالعجمان احتفلوا بقوات كثيرة وتحالفوا مع قبيلة المنتفق القوية في جنوب العراق . وسرعان مابدأت القبيلتان غزوأطراف البصرة والزبير والكويت . وأعرب فيصل الجهاد . ونشبت معركة الجهراء في 27 آذار (مارس) 1861 ، وتم من حديث دحر العجمان والمنتفق . وحاصر النجديون خصومهم ودفعوهم إلى مياه الخليج ، وعندما ارتفع المد ابتلعت المياه حوالي ألف وخمسمائة محارب ممن لمقد يكونوا مطلعين على هذا النوع من الأخطار . وآثار النصر موجة جديدة من الفرح في العراق وفين جد على حد سواء . إلا حتى فوزات عبدالله الدموية على العجمان قد هجرت لعشرات السنين حقدا عليه في هذه القبيلة ، الأمر الذي كان فيما بعد من الأسباب التي حرمته عرشه .

وبعد النصر شرقا توجه عبدالله إلى القصيم . وقرر عبدالعزيز أمير بريدة الهرب خشية لقاءة مخاطر أكبر . توجه إلى عنيزة ومنها إلى مكة . إلا حتى فصيلا أوفده عبدالله بن فيصل اختطف عبدالعزيز في الطريق وقتله مع إبنه . واختطف إبن آخر لحاكم بريدة ممن كانوا قد شاركوا في حملة عبدالله على العجمان وقتل في السجن . ورغم الإنتصارين الكبيرين في 1860-1861 قابلت إمارة فيصل خطرا جديدا . وكان مبعثه هذه المرة أيضا هوالقصيم ، وخصوصا عنيزة . كان أهالي عنيزة قد نعتوا تمردهم على الرياض في 1854-1855 بالحرب الأولى ، أما العمليات الحربية التي بدأت في عام 1862 فقد نعتوها بالحرب الثانية .

ظهر محاربون من عنيزة في ضواحي بريدة ، ونشبت صدامات في المنطقة كلها . وأعرب فيصلالجهاد من حديث . ونشبت معركة كبرى في أطراف عنيزة فيثمانية كانون الأول (ديسمبر) 1862 . وذكر دوتي تفاصيل تلك المعركة . ساعدت النساء رجال عنيزة بتزويدهم بالماء وحمل الجرحى . وكان رجال عنيزة مسلحين ببنادق الفتائل . وقاتل محاربوأمير الرياض أساسا بالرماح والسيوف . وفي معمعان المعركة هطلت الأمطار فتعطلت بنادق فصيل رجال عنيزة فاندحروا وأبيدوا عن بكرة أبيهم تقريبا . وقتل منهم حوالي 200 إنسان . وكانت عساكر أمير الرياض حوالي ألف محارب . ويتضح من ذلك نطاق العمليات الحربية .

واضطر أهالي عنيزة إلى الاحتماء بأسوار مدينتهم . وفي بداية عام 1863 استلمت عساكر أمير الرياض قرب عنيزة إمدادات من جبل شمر والمنطقة الشرقية . وكانت لدى قوات الحصار عدة مدافع . وطلب رجال عنيزة الصلح . ولما كان أمير الرياض عاجزا عن تدمير عنيزة ووافق من حديث على العفوعن أهالي المدينة وإبقاء حكامهم السابقين .

علاقات نجد مع الحجاز والحكومة العثمانية في عهد فيصل

كانت علاقات نجد مع الحجاز معقدة دوما . وظل الباشوات العثمانوين في جدة والمدينة وشريف مكة يدعون بحق التدخل في شئون أواسط الجزيرة . وفي عام 1846 شن الشريف محمد بن عون حملة على نجد متحججا برفض فيصل دفع الأتاوات للباب العالي . وقد جرت العادة على حتى يدفع أمير الرياضعشرة آلاف ريال ، وربما كان ذلك من شرود (فراره) من مصر . والحجة الأخرى لحملة الشريف هي القلاقل في القصيم التي جعلت حاكم مكة يأمل في الحصول على مساعدة فعالة في هذه المنطقة .

كانت عساكر محمد بن عون تتكون من حوالي ألفي إنسان ، وهم بالأساس من البدو. ومعهم فيصل صغير من القوات الهجرية النظامية . وفي ربيع 1847 وصل الشريف إلى القصيم دون أ، يقابل مقاومة في الطريق . إلا حتى فيصل كان يستعد بهمة للحرب . وكانت القوى متعادلة تقريبا ، فكان الطرفان يتحاشيان الاشتباك في المعركة . وأوفد فيصل (هدية) إلى محمد بن عون ، وهي في الواقع أتاوة لمرة واحدة يبلغعشرة آلاف ريال ومعها خيول وإبل . ويبدوحتى الاتفاق نص من حديث على دفععشرة آلاف ريال سنويا ، ولكن من الصعب القول بكيفية تطبيقه . وفي عام 1854-1855 أثناء القلاقل في الحجاز تخلف فيصل عن إرسال الجزية . حاولت السلطات العثمانية حتى تحقق في عسير واليمن مالم يتمكن والي مصر من تحقيقه . وفي نيسان (إبريل) 1849 قامت القوات الهجرية بإنزال من السفن الحربية في الحديدة . ووصل إلى الحديدة أيضا فصيل بقيادة شريف مكة محمد بن عون . ووافق إمام اليمن على وجود حامية عثمانية في صنعاء ودفع الأتاوات إلا حتى الأتراك انهزموا في عسير واليمن في عام 1851-1852 .

وعزز شريف مكة مواقعه وأقام علاقات طيبة مع قبائل عسير ومع قبيلة حرب الحجازية ، كما أقام ارتباطا مع عباس باشا والي مصر . إلا أ، هذا السلوك بالذات أثار ارتياب السلطات العثمانية . وفي عام 1852 وصل إلى والي جدة أمر بنفي الشريف محمد بن عون وإبنيه الأكبرين إلى العاصمة العثمانية . وأمكن القيام بذلك بخديعة غادرة . وعين المدعوعبدالمطلب شريفا لمكة .

اجتاحت الحجاز في الخمسينات قلاقل خطيرة كان من أسبابها تأخر دفع رواتب الجنود الأتراك سنة كاملة . وفي 1855-1856 فقد الأتراك مؤقتا السيطرة على مكة وتعين عليهم حتى يبذلوا جهودا كبيرة لاستعادة سلطتهم هناك بإعادة إبن عون الذي ورث إبنه عبدالله منصبه بعد عامين . وطرد أهالي عسير الحاميات العثمانية . ولم يتمكن الأتراك من إرسال القوات بانتظام إلى سواحل الجزيرة العربية على البحر الأحمر واحتلال عسير من حديث في عام 1871 إلا بعد شق قناة السويس عام 1869 .

في عام 1858 اغتال في جدة نائب القنصل البريطاني ونائب القنصل الفرنسي وأربعة عشر من الرعايا المسيحيين ، ونهبت منازلهم .وفر الذين ظلوا على قيد الحياة إلى الفرقاطة البريطانية (سايكلوبس) التي قصفت المدينة وقامت بإنزال فصيل بريطاني غير كبير . وبحضور الإنجليز بترت رقاب 11 شخصا ، ثم جرى إعدام مدير الشرطة ورئيس الحضرميين والقائم مقام .

ومع حتى إمارة الرياض كانت آنذاك مستقلة في الواقع عن الإمبراطورية العثمانية التزم فيصل بقدر كبير من الحذر وسعى إلى تحاشي الصدام مع الأتراك . ولم يقم بغزوات على الشام والحجاز والعراق . وفي عام 1855 وعام 1860 أكد فيصل في مراسلاته مع الإنجليز بشأن الأوضاع في الخليج بأنه يعتبر نفسه تابعا للباب العالي . وكان هذا التأكيد نافعا له في علاقاته مع الإنجليز . وكان الموظفون العثمانيون ، عندما تقتضي مصالحهم ، يتحدثون أيضا عن السيادة العثمانية في أواسط الجزيرة .


التناقضات بين إمارة الرياض وبريطانيا في منطقة الخليج

خط ج. لوريمير عن السياسة البريطانية إزاء إمارة الرياض يقول (إنها عدم التدخل في إمارات الساحل والمقاومة المعتدلة في سلطنة عمان والمعارضة بلا هوادة في البحرين) . وهويرى أ، هذه السياسة مبعثها (هجمات الوهابيين العدوانية المتواصلة على طوال خط الساحل) .

إلا أ، أمير الرياض كان يعتبر المناطق الساحلية ملكا له . فقد تحدث الأمير فيصل عن دولته إلى بيلي ونطق له مافحواه : إنها تضم أراضي الجزيرة العربية من الكويت عبر القطيف ورأس الخيمة وعمان ورأس الحد وكل مايقع وراء ذلك . هذا ما وهبنا الله . وأضاف فيما بعد : مسقط تابعة لنا . وقد أخذناها بقوة السلاح . ويرى أمير الرياض أ، الإنجليز عندما يفرضون حمايتهم على حكام الساحل إنما يتدخلون فيما لايعنيهم . ولكن فيصل يعهد قوة بريطانيا .

ظلت العلاقات بين فيصل وحاكم الكويت ودية . إلا حتى حربا طويلا كانتق ائمة بين نجد والبحرين . ولم تسفر الصدامات الجديدة بين إمارة الرياض والبحرين في عام 1845-1846 عن فوز لأمن الطرفين . ولم يستمر الصلح طويلا . ففي خريف 1850 اندلعت الحربمن حديث بين نجد والبحرين . واحتلت عساكر فيصل قطر . وحظي أمير الرياض بدعم من فرع انقلب على عائلة حكام البحرين ، الأمر الذي ساعده في تكوين أسطول له والتحضير لانزال على جزر البحرين . إلا حتى عمارة بريطانية أوفدت آنذاك للدفاع عن البحرين ، فأنقذت حاكمها من الهزيمة . واضطر فيصل إلى الإتفاق بشأن الصلح مع البحرانيين ، ولكنه تمكن من جعلهم يدفعون الأتاوات والديون السابقة . كما أنه نصب في قلعة الدمام منافسي حكام البحرين .

وفي عام 1859 ، عندما تهيأ النجديون للهجوم من حديث على البحرين أبلغ المقيم البريطاني في منطقة الخليج الكابتن جونس الأمير فيصل بأن الحكومة البريطانية تعتبر البحرين (إمارة مستقلة) وهي مستعدة للدفاع عنها دون أية هجمات .

وفي عام 1861 فرض الكابتن جونس بمدافع العمارة البريطانية على شيخ البحرين إتفاقية كالاتفاقيات التي اضطرت الإمارات الصغيرة على ساحل الصلح البحري أ، تقبل بها في السابق . وغدت البحرين محمية بريطانية ولم تعد تتعرض لانادىءات الحكام السعوديين . سليم أنها ظلت تدفع الأتاوات لأمير الرياض لقاء ممتلكاتها في قطر .

وفي العام نفسه حاول الإنجليز حتى يخلصوا أنفسهم من التبدلات غير المتسقطة في العائلة الحاكمة البحرانية وبعثوا إنذارا لفيصل يطالبونه فيه بطرد منافس حاكم البحرين من الدمام . وقصفت العمارة البريطانية الدمام دون أ، تنتظر وصول الجواب . وفر من القلعة محمد بن عبدالله آل خليفة . وفي عام 1867 نشبت من حديث معركة بين عساكر أمير المنطقة الشرقية والبحرانيين . ويقول النبهاني ، مؤرخ البحرين ، حتى تلك كانت آخر معركة في البحرين لأن الإنجليز وصلوا بعد ذلك .

وكانت عمان أيضا موضع تنافس بين النجديين والإنجليز . وبعد حتى عاد فيصل إلى دست الحكم في عام 1845 سرعان ما أوفد إلى البريمي قوات بقيادة سعد بن مطلق . وكان هذا العقيد حاكما للبحرين حوالي ثلاثين عاما وخدم عند هجري ثم عند إبنه فيصل في العهد الأول من حكمه ، وعند خورشيد باشا وخالد ثم عند فيصل من حديث ، وكان مطلعا اطلاعا ممتازا على شئون عمان . وطلب الشيوخ المحليون النجدة من الإنجليز ، إلا حتى هؤلاء كانوا لايزالون يتحاشون التدخل المباشر في شئون البر .

وعلى أثر وصول سعد بن مطلق إلى البريمي طالب عددا من الحكام المحليين بدفع الأتاوات ، ومنهم سلطان مسقط وحاكم الصحار . وعزز مطلبه بإرسال فيصل إلى مسقط . إلا حتى الإنجليز أخذوا يمارسون الدوريات عند ساحل الباطنة ، فانسحب سعد بن مطلق ووافق على استلام جزية سنوية من مسقط مقدارهاسبعة آلاف ريال.

وفي عام 1848 تمكن حاكم أبوظبي من الاستيلاء على البريمي . إلا حتى منافسيه من دبي والشارجة ساعدوا إبن مطلق على العودة بعد بضعة شهور . ثم نجاه فيصل من منصبه عام 1850 وسرعان ماتوفى . وفي آذار (مارس) 1850 ، عندما تقلصت الحامية النجدية في البريمي إلى 50 شخصا استولى حاكم أبوظبي على البريمي من حديث . وفي عام 1853 وصلت إلى هنا عساكر بقيادة عبدالله ، إبن الإمام فيصل . وأسرع شيوخ العشائر وحكام إمارات الساحل للإعراب عن خضوعهم للرياض . فقد كان نفوذها كبيرا آنذاك ، إلا حتى المعتمد البريطاني الكابتن كمبيل تمكن من لقاءة الحكام المحليين وأرغامهم على توقيع (معاهدة الصلح الدائمية) . ووصلت عساكر النجديين إلى مسقط فأنقدتها العمارة البريطانية من حديث ، إلا حتى حاكمي الصحار ومسقط التزما بدفع 12 ألف ريال سنويا إلى الرياض .

وفي كانون الأول (ديسمبر) 1853 غادر عبدالله البريمي بعد أ، عين أحمد السديري حاكما لها ، وظل هذا الأخير في منصبه حتى عام 1857 . ورغم التبعية للإنجليز ظلت مسقط والصحار وإمارات الخليج تدفع الأتاوات لإمارة الرياض . ولم تكن الأراضي التي يشرف عليها النجديون محددة بدقة ، فهي تتقلص تارة وتتسع تارة أخرى . مع أ، لديهم أحيانا عمال جباية الزكاة في قسم كبير من أراضي عمان ، وورث منصب أحمد السديري إبنه هجري الذي ظل حاكما للبريمي من 1857-1869 .

النظام الاجتماعي السياسي والحياة الاقتصادية في الدولة السعودية الثانية

كان أمير الرياض ، مثلما في الدولة السعودية الأولى ، إماما للمسلمين ، أي أنه قائد عام وحاكم أعلى وكذلك رئيس السلطة التطبيقية . وكان يبت شخصيا في أبرز مسائل السياسة الداخلية والخارجية والقضايا المالية والحربية ويتخذ القرارات بشأن الغزوات أوالصلح ويشرف بنفسه على تطبيقها ويراقب استقبال وإرسال الممثلين المتعلقة بالحلفاء والأتباع والجيران والقبائل البدوية .

ولم يكن بلاطه كبيرا ، كما لم يكن مثقلا بالرسميات وبالجهاز البيروقراطي . وفي أبرز المسائل كان الأمير يتشاور مع أقرب أقربائه الذين يعتبر ولاءهم له أسمى من المصالح المحلية . ولعبت عائلة آل الشيخ كذلك دورا هاما مع أ، أحدا منها لم يبلغ منزلة الشيخ محمد بن عبدالوهاب نفسه .

وكان توزيع المناصب المربحة والرفيعة قد ساعد على تلبية المطالب المتعارضة لأفراد العائلة . وأعرب فيصل حتى عبدالله وريثه وأشركه في الشئون الحربية وفي حكم الرياض والمناطق الوسطى . ومنح فيصل إبنه الثاني سعود المنافس لعبدالله استقلالا كبيرا في حكم المناطق الجنوبية . وسلمت إلى محمد ، الإبن الثالث ، المناطق الواقعة شمالي العاصمة . ومال محمد إلى عبدالله في خلافه مع سعود ، وكان الإبن الأصغر عبدالرحمن الذي كان سيغدوفيما بعد أب مؤسس الدولة السعودية الجديدة قد ولد في عام 1850 وكان آنذاك صغير السن لايصلح لوظيفة مستقلة . إلا حتى تقسيم الإمارة بين أبناء فيصل ساعدهم على كسب أنصار في مناطقهم ، الأمر الذي هيأ أساسا للنزاعات المرتبقة التي أدت إلى تمزيق الدولة السعودية الثانية .

وتدهورت صحة فيصل في السنوات الأخيرة من حياته . فعندما كان في مصر أصيب بالرمد ، وربما بالتراخوما ، وغدا أعمى كليا عندما قام العقيد ل. بيلي ممثل الإدارة الإنكلوهندية بزيارته الثانية إلى الرياض . وكان فيصل آنذاك في حوالي السبعين من العمر فلم يتمكن من تصريف شئون دولته بنشاط فسلم زمام الأمور إلى عبدالله . وخط ر. ويندر يقول (إن عائلة السعوديين أفرزت في اللحظات الحاسمة أقوى الأشخاص الذين يتمتعون بالفطنة وقوة الطباع والذين تمكنوا من السيطرة على مختلف العناصر الإنفصالية في مملكتهم الشاسعة واستطاعوا حتى يؤمنوا العدالة الصارمة) . وكان من هؤلاء الرجال الأشداء فيصل بن هجري . ورغم موقف الإنجليز المعادي لإمارة السعوديين اعترف المقيم ل. بيلي قائلا : (ماكان بوسعي إلا حتى ألاحظ حتى الأمير فيصل ، في رأي الجميع ، كان حاكما عادلا صارما وموفقا إلى أقصى حد في قمع العادات الوحشية للقبائل . وكان يريد حتى يغرس بينها عادات أكثر تنظيما وتوجيه اهتمامها إلى الزراعة والتجارة . وكان يخيل لي أنه لا أحد يحب الأمير ، ولكن الجميع معجبون به . وكانوا يتحدثون عنه برهبة اختلط فيها الاحترام بالكراهية على نحوطريف) .

وبعد اللقاء الأول مع فيصل رسم بيلي صورته على النحوالتالي : (وجدت الإمام جالسا في الركن إلا بعد للغرفة على سجادة صغيرة جذابة متكئا بظهرة إلى تكية ثقيلة ... وعندما اقتربتمنه نهض بصعوبة . أخذ يدي وتلمسها . كان ضريرا ، إلا حتى محياه رائع بتقاسيم معتدلة وتعلوه مسحة من الهدوء والصرامة والاطمئنان . كان يظهر في أكثر من السبعين ، وملابسه فاخرة تنم عن ذوق رفيع . وعلى كوفيته عمامة من الحرير أخضر . نبرات صوته عذبة وحدثاته هادئة موزونة كانت هيئته تدل على الاعتزاز بالنفس وتكاد تتسم بالرقة . ولكن المرء يشعر بأنه يمكن حتىقد يكون قاسيا دون رحمة) .

إن درجة السيطرة المركزية القائمة في مختلف مناطق وأنطقيم الدولة السعودية الثانية ، شأنها شأن الدولة السعودية الأولى ، تختلف من منطقة لأخرى وتتقلص حدثا ابتعدت المسافة عن الرياض . ويعود دور للوضع الداخلي في هذه المنطقة أوتلك ولوزنها النسبي وللمعتقدات الدينية عند أهلها . وكان حاكم الرياض يعين الأمراء وكذلك فهماء الدين في المناطق الوسطى .

وكانت من مسببات القلاقل في القصيم محاولات أمير الرياض لتقوية سلطته هناك . وقد اضطر إلى هجر أبناء الوجهاء المحليين في أماكنهم . وكانت العلاقات مع جبل شمر معتدلة إلى حد مدهش ، وذلك لأن الرياض لم تحاول بسط سيطرتها بصورة مباشرة على جبل شمر واكتفت بالتبعية الإسمية . وكانت هناك علاقات ودية بين الأسر الحامة وقد عززها التزواج بينها ن وكانت تلك الأسر بحاجة إلى مساعدة بعضها البعض عسكريا.

وكان أمراء الهفوف يعينون دوما من بين النجديين . ولم يكن سكان المنطقة الشرقية متعاطفين كثيرا مع الرياض والوهابيين ، إلا حتى أهمية هذه المنطقة كبيرة لدرجة جعلت أمير الرياض يرى ضرورة الاحتفاظ بحاميات دائمية هناك .

وكان النجديين حامية في البريمي ، كما عين لها أمير من الرياض . إلا حتى مجموعة واحات البريمي احتفظت بسمات المنطقة الجبهوية أكثر من الهفوف . وكما كان الحال في الأزمان السالفة ظل الاحتفاظ بالرهائن في العاصمة وسيلة لإرغام المناطق والقبائل على الولاء . وعندما نادى فيصل بيلي لزيارة السجن نطق له بأنه سيرى هناك الآن حوالي سبعين من شيوخ العشائر.

وكانت القبائل البدوية على درجات متباينة من التبعية لأمير الرياض ، إلا حتى فيصل لم يتمكن أبدا من السيطرة عليها بالشكل الذي كان في زمن الدولة السعودية الأولى . فقد شهدت سنوات حكمه الكثير من التمردات البدوية المتواصلة . وكانت الوهابية في الدولة السعودية الثانية قد فقدت جزئيا طابعا المتعصب المتشدد . ويبدوحتى الخبرة الشخصية التي اكتسبها فيصل في مصر قد أوحت إليه حتى المصريين والحكومة العثمانية أقوى بكثير من نجد وأن استفزازهم بإبداء مظاهر التعصب الديني يعني جلب الهلاك لنجد . إلا حتى المشاعر الدينية كانت تشتد في بعض الأحيان .

كان التنظيم العسكري لإمارة الرياض في عهد فيصل مثلما كان في عهد السعوديين الأوائل . فقد كان على جميع مدينة أوقبيلة حتى تقدم في حالة الاستنادىء عددا معينا من المقاتلين والدواب . وكانت تلك الأرقام تسجل في سجلات تعتبر كذلك أساسا لجباية الزكاة . وعندما يصدر الأمير أمرا بالتعبئة يخبر الحكام المحليين بعدد المحاربين الذين يحتاج إليهم ، بينما يتحمل هؤلاء الحكام مسئولية جمعهم وتموينهم . ويضم الاستنادىء عادة نصف العدد الإلزامي للمحاربين . وفي الحالات الاستثنائية تستدعي جميع القوات طبعا . وكان المحاربون يأتون مع سلاحهم الخاص وماشيتهم . وكانت الحكومة ، من الناحية النظرية ، تقدم العتاد اللازم . وكان الفرسان أكبر شأنا ، ولذا كانوا يتمتعون بالامتيازات .

كانت جميع قبيلة أومدينة تشكل في عساكر أمير الرياض وحدة خاصة لها رايتها . وعندما تنتهي الحملة الحربية يجري حل العساكر كلها . ولا تستلم المتطوعة رواتب منتظمة ، إلا أ، أربعة أخماس الغنائم تقسم بين المحاربين – حصة للمشاة أوالهجانة وحصتان للفرسان . ويحال إلى بيت المال خمس الغنيمة . ولدى الأمير فيصل من الحرس الشخصي مكون من حوالي 200 عبد ومعتوق ، كانوا عند الاقتضاء يمارسون وظيفة الشرطة . وكان السكان الحضر يشكلون نواة عساكر نجد .

كانت عند النجديين بضعة مدافع ، ولكن من المشكوك فيه أنهم استخدموها إلا في حالات نادرة جدا . ولم يتخذ فيصل خطوات جدية لتشكيل أسطول حربي . فبدلا من ذلك كان يعول على شبه الأتباع كالبحرين . وبديهي حتى حكام السواحل كانوا يجدون الأعذار للتملص من تطبيق مطالبه . زد على ذلك حتى المعاهدات التي فرضها الإنجليز عليهم قيدت إمكانيات العمل بالاشتراك مع الرياض .

ولم تكن الضرائب في عهد فيصل لتختلف عنها في ظل الدولة السعودية الأولى .. كان الزراع يدفعون زكاة الحبوب فقط والثمار القابلة للكيل والحفظ : 10% من محاصيل الأراضي الديمية و5% من محاصيل الأراضي السيحية . وكان البدويدفعون زكاة الماشية في حدود 2.5-5% من قيمة المضى والفضة ، وكذلك نفس النسبة من قيمة بضائع التجار . ويمكن حتى يعفى من الزكاة الذين يحصلون على ولج سنوي أقل من الحد المعين . إلا حتى ضرائب إضافية تطبق في حالة الحرب .

وكما كان الحال سابقا تتوارد على بيت المال مكوس الحج وأتاوات مسقط والبحرين والإمارات الأخرى وعائدات ممتلكات حاكم الرياض . ولايمكن حساب المداخيل العامة للدولة على وجه التدقيق . وقدم العقيد بيلي أثناء زيارته للرياض جردا تقريبيا للسكان والمداخيل والعساكر . وتفيد حساباته حتى سكان نجد والإحساء ، والمقصود على مايبدوالحضر فقط ، بلغوا 115 ألف نسمة ، وإن المداخيل 692 ألف ريال وأن عدد المحاربين 7900 . أما البدوفقد حدد عددهم الإجمالي بـ 20 ألفا ومداخيلهم بـ 114 ألف ريال . إلى غير ذلك بلغت مداخيل الدولة ، في رأي بيلي ، 806 آلاف ريال . وهويضيف إليها أتاوات مسقط وجبل شمر والبحرين والأنطقيم الأخرى ، وكذلك مليوني ريال تجبى من الحجاج . وربما كانت هناك مبالغة في أرقام العائدات ، بينما قد يحدث عدد الحضر والبدوأكثرمن الرقم المذكور . ولعل بيلي أخذ في الحسبان الذكور الراشدين فقط .

وقدر بلغريف المداخيل العامة للدولة بما يعادل 160 ألف جنيه إسترليني . والمعلومات المتوفرة عن نفقات الدولة السعودية الثانية أقل من تلك . وإذا أهملنا نفقات أسرة الأمير وبلاطه فإن نصف النفقات ، على مايبدو، يصرف على الأغراض الحربية ، بينما يخصص الباقي للشئون الاجتماعية – صيانة الآبار والمساجد وكذلك معونات السقمى والعجزة ورواتب الموظفين الذين تعينهم الحكومة المركزية ورجال الدين والمعونات المقدمة إلى الشيوخ المحليين وأمراء الأنطقيم . وكان قسم كبير من الزكاة يسدد عينا ، ولكنه يدفع نقدا في بعض المناطق .

وكانت العملة الرئيسية هي الريال المضىي (ريال ماريا تيريزا) ، ومع ذلك استخدم في التداول الشلن الإنجليزي والنقود العثمانية والفارسية المضىية والفضية . وفي المنطقة الشرقية غالبا ما كانت تستخدم النقود الهندية . وفي منطقة سواحل الخليج استخدم مايسمى بالنقود الطويلة ، وهي بتر نقدية معدنية مستطيلة تشبه الإبزيم النسوي وعليها كتابة عربية . وكانوا يصكونها من النحاس ويضيفون إليها قليلا من الفضة . وكانت هناك نقود طويلة فضية .

وفي عهد فيصل صار تصدير الخيول العربية الأصيلة بابا لعائدات ثابتة . وكانت خيول جبل شمر تصدر عبر الكويت ، أما الخيول الأخرى فتصدر عبر القطيف والعقير . وفي عام 1863 بيع عن طريق الكويت 600 من الخيول العربية بثمن متوسط قدره 150 ريالا للرأس الواحد . وأوفد عباس باشا من مصر عدة بعثات لشراء الخيول . وكان الرحالتان الأوربيان المعروفان فالين وغوارماني قد زارا الجزيرة العربية بحجة شراء الخيول . إلا أ، عدد الخيول المتبقية كان في عام 1864 قليلا جدا ، واتضح حتى الخيول التي أوفدها فيصل إلى الاستانة سيئة للغاية مما آثار استياء الباب العالي الذي منع تصدير الخيول طوال أربعة أعوام . ولم يكن بالإمكان تطبيق هذا المنع عمليا .

وقبل اكتشاف البترول كان صيد اللؤلؤ هوالعمل الرئيسي لسكان سواحل الخليج . إلا حتى الإحساء أقل شأنا في صيد اللؤلؤ من البحرين وإمارات الصلح البحري وقطر . وكان لؤلؤ الخليج يرسل إلى بومباي ، ومن هناك يباع إلى أوروبا . ونجد عند لوريمير وصفا ضافيا لصيد اللؤلؤ مع قواعده الاجتماعية والمالية الثابتة . ومع أ، ماخطه لوريمير يخص عام 1906 إلا حتى اللوحة التي رسمها من المستبعد حتى تكون قد تغيرت منذ ستينات وسبعينات القرن التاسع عشر . ولئن كان قد مارس صيد اللؤلؤ في سواحل إمارات الصلح البحري 22 ألف إنسان ، وفي قطر حوالي 13 ألف إنسان وفي البحرين حوالي 18 ألف إنسان وفي الكويت 9200 ، ففي واحة القطيف مارسه حوالي 3400 إنسان فقط .

تمكنت الدولة السعودية الثانية من الانبعاث والنهوض بسبب توقف التدخل الخارجي في شئون نجد . وكانت مصلحة قسم كبير من وجهاء وأعيان نجد وتجارها وصناعها وزراعها في التوحيد وتأييد الفقهاء الوهابيين وارتفاع منزلة آل سعود قد مكنت فيصل من بسط سيطرة الرياض على قسم كبير من أواسط الجزيرة وشرقيها . إلا حتى علائم الضعف والخور ، وأحيانا عجز السلطة المركزية ، والنزعة الانفصالية لدى الإقطاعيين ونزوات القبائل البدوية كانت واضحة لدرجة كبيرة لاتجعل أحدا من المعاصرين يتسقط لإمارة الرياض عمرا مديدا . وكان إقليم جبل شمر القوي حليفا أكثر من كونه تابعا طبعا . ودافعت القصيم عن استقلاليتها في تمردات متكررة . وكانت القبائل البدوية تتحدى فيصل المرة بعد المرة . وخيم ظل الإمبراطورية البريطانية من جهة الخليج وبحر العرب ، وكانت قد ابتلعت في الواقع الإمارات الصغيرة على سواحل شبه الجزيرة . وأضيف إلى ذلك كله تعمق الخلافات والانقسام داخل أسرة أمير الرياض .


سقوط إمارة الرياض ونهوض إمارة جبل شمر (1865-1902)

الإنقسام في عائلة الأمراء توفير فيصل بن هجري في كانون الأول (ديسمبر) 1865 . وفي الحال بدأ الصراع من أجل السلطة بين أبنائه . وتسلم منطقيد الحكم ولي العهد عبدالله الذي حظي بتأييد سكان العارض وكذلك اخيه الأصغر محمد . وكان أخوه الآخر – سعود – منافسا له . وأخذ الإنجليز الذين لهم مصلحة في إضعاف إمارة الرياض يشجعون مطامع سعود . كان عبدالله يسعى في إمارته الضعيفة غير المستقرة إلى تقوية المركزية فأثار بذلك استياء الوجهاء والأعيان في الأطراف .

ويقول بلغريف حتى عبدالله كان رجلا نشيطا شجاعا ، ولكنه كان صارما قاسيا ، الأمر الذي يروق لسكان المدن المحافظين . أما سعود فكان صريحا سخيا يحب الفخفخة ، الأمر الذي يروق للبدو. إذا فيلبي متفق مع أقوال بلغريف هذه بالخطوط العريضة . كانت أم سعود وإحدى زوجاته من قبيلة العجمان الذين يكرهون عبدالله وصاروا من أخلص حلفاء سعود . أ/ا قحطان فقد أيدوا عبدالله .

وكان أول ما عمله عبدالله بعد حتى تولى الحكم هوقاضاي عمان وليس الصراع مع أخيه ، فهذا الصراع سيأتي وقته . قبيل وفاة فيصل كان إبن قيس حاكم الرستاق في عمان ، وهومن أبناء فرع جانبي للعائلة الحاكمة في مسقط ، قد ثار على قريبه ثويني سلطان مسقط وطلب المساعدة من هجري آل سديري حاكم البريمي . وتم في أواخر عام 1864 طرد قوات ثويني بمساعدة فيصل هجري آل سديري . وانتهز حاكم الرياض فيصل هذه الفرصة فحاول إرغام سلطان مسقط على دفع أتاوة له مقدارها 40 ألف ريال بدلا من 12 ألفا ، وعزز طلبه هذا بإرسال قوات إلى هناك . إلا أ، ثويني وافق ، بنصيحة من الإنجليز ، على دفع 12 ألفا فقط . وفي العام نفسه استولى على مدينة صور ثوار أيدهم فيصل من النجديين بقيادة عبدالعزيز بن مطلق ، شقيق سعد بن مطلق الشهير . بديهي حتى المدينة تعرضت للنهب وكان بين المتضررين تجار هنود ورعايا بريطانيون . وعجز ثويني عن طرد النجديين فدفع لهمعشرة آلاف ريال ، ثمستة آلاف أخرى . وأخذ الإنجليز يساعدون ثويني وبعثوا باحتجاج إلى الرياض . ووافق عبدالله الذي أمسك بزمام الحكم في الإمارة على إطلاق سراح جميع الأسرى الذين تم القبض عليهم في صور وإعادة الأملاك ولكنه لم يقل شيئا بخصوص التعويضات .

وأوصى بيلي السلطات البريطانية في الهند بمساعدة سلطان مسقط . وسرعان ما أوفد إليه المدافع . وتلقى أمير الرياض في الوقت ذاته إنذارا يطالب بتقديم الاعتذار والوعد بعدم تكرار مثل هذه الأعمال في المستقبل ودفع التعويضات . وإلا فالإنجليز يهددون بتدمير قلاع الأمير على الساحل والاستيلاء على سفنه . وانتقل الإ،جليز من التهديدات إلى الأفعال . فقد أطلقت السفينة الحربية البريطانية (هاي فلاير) النار على عجمان التي كان مرفأ للنجديين على ساحل عمان في الخليج . وفي بداية شباط (فبراير) 1866 دمرت القلعة في القطيف وعدة سفن صغيرة في مرفئها . وبعد محاولة فاشلة لإنزال قوات في الدمام أطلقت (هاي فلاير) النار عليها . ثم قصفت السفينة البريطانية صور المتمردة ودمرت فيها زائريق السكان . إلا حتى السلطان ثويني اغتال آنذاك على يد إبنه سالم ، الأمر الذي خلق المصاعب أمام المناورات السياسية للإنجليز .

وبدأت مراسلات بين عبدالله والمعتمد البريطاني بيلي . وسعى أمير الرياض إلى الحيلولة دون تدهور العلاقات وإلى تأمين اعتراف الإنجليز به حاكما للإمارة وإبعاد الدسائس البريطانية المحتملة وتوجيهها صوب سعود ، ولذلك اتفق عن طريق ممثله مع بيلي بشأ، التسوية . كان عبدلله يدرك أ، الإنجليز ضده ، ولذا لعب لعبة الضعيف فحاول أ، يجد في الأتراك عونا له على الإنجليز ، الأمر الذي كلفه غاليا في آخر المطاف . في تلك الأثناء استجمع سعود القوات في مناطق جنوب نجد للصراع في سبيل عرش الرياض . وعزز عبدالله عاصمته . وعبأ سكان المدن وبدونجد ووجهم ضد أخيه المتمرد . وبعد حتى أصيب سعود بجراح ثخينة فر من ساحة المعركة إلى بدوآل مرة ، ونكل أمير الرياض بأنصار سعود وعاقب القبائل والواحات المتمردة في وادي الدواسر . وبعد حتى عالج سعود جراحه تحدى أخاه عبدالله من حديث بعد أربعة أعوام .

استمرار النزاعات

في أواخر الستينات نشب في البحرين من حديث صراع داخل الأسرة الحاكمة ، وأسفر هذا الصراع عن فرار أحد أفراد العائلة والتجائه إلى السعوديين وشن غزوات متبادلة وتدخل الإنجليز الذين لم يسمحوا لأمير الرياض هذه المرة أيضا بأن يبسط نفوذه على البحرين .

اجتاحت القلاقل عمان بعد مقتل ثويني . وكان عهد حكم سالم الذي اغتال أباه قصيرا . فقد انتهى بتمرد حديث قام به عزان بن قيس من الرستاق الذي استولى على مسقط في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 1868 . وقد حمل راية الإباضية المحافظة . واستمرت السلطة الجديدة في ساحل عمان حتى عام 1871 فقط ، ولكنها ظلت باقية عشرات السنين فيا مناطق الداخلية .

وفي عام 1869 اغتال أمير البريمي هجري آل سديري في الشارجة عندما حاول التدخل في النزاع المحلي . وفي حزيران (يونيو) 1869 تمكنت القبائل المحلية بعد الاتفاق مع عزان من الاستيلاء على البريمي بمساعدته . وقد حملت تلك القبائل رايات الإباضية وتوجهت ضد الوهابيين الذين تعتبرهم زنادقة . في تلك الأونة اعترف الإنجليز بأ، البريمي جزء من الدولة السعودية ، وقد خط المندوب البريطاني في مسقط المقدم ديزبروفي آب (أغسطس) 1869 يقول : (إن عزان ، حسب تقديراتي ، قد استولى على لابريمي ظلما وعدوانا وبلا مبرر . ولا بد له من تسقط انتقام الوهابيين) .

لم يكتف عزان بالاستيلاء على البريمي ، بل رفض دفع الأتاوة للرياض . وكان رد عمل عبدالله حازما ، إذ خط إلى عزان بأنه ينوي التوجه نحوه بعشرين ألف محارب . وفي تلك الأثناء كان سعود قد تحالف مع عزان . ونشأ ضد عبدالله ائتلاف بين سلطان مسقط الجديد – عزان وحاكم أبوظبي وسعود بن فيصل . وحاول شقيق عبدالله حتى يقوم بهجوم على قطر ، ولكنه هزم والتجأ إلى البحرين . وظهر تصور بأ، الإنجليز يقفون من وراء ظهر سعود ، وربما لمقد يكونوا يقدمون له مساعدة مباشرة ، ولكنهم ، على أية حال ، لم يعترضوا على أعماله .

استمرار نهوض جبل شمر

في آذار (مارس) 1868 انتحر حاكم حائل طلال آل رشيد ، الأمر الذي يعتبر من أ،در الظواهر في شبه الجزيرة ، وأشار المؤرخ إبن عيسى إلى ذلك الحادث قائلا أ، طلال اختل عقله فانتحر . ومع أ، أمير حائل حكم المنطقة الواسعة بصورة مستقلة تقريبا ، فإنه لم يعلن القطيعة أبدا مع فيصل وأبنه عبدالله ، بل كان يقدم لهما مساعدة عسكرية كبيرة . وكانت وفاة طلال قد هيأت الإمكانية لإعادة النظر في العلاقات المتبادلة بين حكام جائل والرياض ، وخصوصا عندما توفي بعد عام واحد عبيد بن علي عم طلال العجوز والمتنفذ في الوقت ذاته . كان عبدي من أنصار التعاون مع آل سعود . وقد نعته بلغريف بالتعصب أما في رأي آن بلانت فهو(البطل الرئيسي لتنطقيد شمر) ، وهوشجاع كريم سخي . وكان تقدير دوتي لعبيد رفيعا أيضا ، حيث اعتبره عقيدا وشاعرا تتناقل الألسن قصائده .

كان طلال قد فرض سيطرته على خبير وتيماء الواقعتين شمالي المدينة المنورة . ومع حتى حاكم حائل كان يتصرف بصورة مستقلة بقدر كاف ، فمن المشكوك فيه أنه كان يستطيع حتى يجمع قوات شديدة البأس تكفي لتحدي حاكم الرياض .

كان أمير شمر يتميز بالتسامح الديني وقد جاز للشيعة واليهود بأن يقيموا ويتاجروا في حائل ، وكان يجبي منهم ضرائب غير قليلة . وخط بلغريف (إن التجار من البصرة ومشهد علي وواسط ووالباعة من المدينة وحتى من اليمن كانوا يستقرون في سوق حائل الجديد بعد عروض مغرية . وقدم طلال لبعض منهم مقاولات رسمية ، وهي نافعة لهم وله بقدر واحد . ومنح البعض الآخر امتيازات وتسهيلات ، وكان يولي الجميع الدعم والحماية) . وبالأموال الواردة إلى بيت المال من الغزوات والحج والتجارة أنجز طلال قلعة بارزان وأنشأ حول العاصمة سورا ارتفاعه سبعة أمتار ، وبنى حي السوق ومسجدا كبيرا وكثيرا من الآبار العامة .

وإذا كان الدين في جبل شمر لايلعب دور القوة التوحيدية الأولى فإن التعاضد القبلي أدى هذه الوظيفة . وحتى الحضر في حائل والمدن الأخرى كانوا يعتبرون أنفسهم من أبناء شمر بالدرجة الأولى ، و(موحدين) بالدرجة الثانية . لقد لعب البدوفي إمارة جبل شمر دورا أكبر مما في إمارة الرياض . إلا حتى سيطرة قبيلة واحدة شمر دورا أكبر مما في إمارة الرياض . إلا حتى سيطرة قبيلة واحدة كانت تؤمن استقرار السلطة في منطقة محدودة ، ولكنها كانت عائقا أمام توسيع إمارة جبل شمر ، لأنها تنير حفيظة القبائل القوية الأخرى . كان طلال يدفع الأتاوات لفيصل وعبدالله بشكل خيول وحصة من الضريبة المفروضة في حائل على الحجاج الفرس وحصة من الغنائم . إلا حتى نفوذ الرياض في أواسط الجزيرة أخذ يضعف ، بينما صارت الراية الخضراء الحمراء لإمارة جبل شمر ترتفع . وخط فالين بحق منذ عهد عبدالله بن الرشيد : (إنني أعتبر أهالي شمر دون ريب من أنشط القبائل في الجزيرة حاليا . وإن سلطتهم ونفوذهم يضمان جيرانهم أكثر فأكثر من عام لآخر) .

وورث متعب شقيق طلال العرش . وبعد عشرة شهور اغتال متعب في مجلسه بيد بندر الإبن البكر لطلال ، وصار بندر أميرا ، ولكنه ظهر لديه منافس خطر هوعمه محمد بن عبدالله آل رشيد ، الإبن الثالث لمؤسس السلالة . وقد اغتال هذا بندر في عام 1874 ، عارفا بأ، الثأر ينتظره وأخذ الأمير الجديد يلاحق إخوان بندر الخمسة فانتقم من أربعة منهم . واعترفت جبل شمر بالأمير الجديد . ومع حتى حكمه بدأ بالانتقام الدموي من منافسيه ، فإنه دشن عهدا من الازدهار والسلطة القوية في الإمارة . وخط فيلبي يقول (لم تكن الحكومة فعالة أبدا مثلما كانت في عهده) .

تعتبر كتابات ضاري بن رشيد التي استخدمها ويندير على نطاق واسع أبرز مرجع في تاريخ آل الرشيد منذ وفاة طلال حتى استيلاء محمد علي السلطة . وخلال أمد طويل لم تخرج إمارة آل الرشيد عن إطار جبل شمر وأقرب الواحات إليها – خيبر وتيماء والجوف . وقدر الرحالة عدد السكان الخاضعين لحائل في أواخر القرن التاسع عشر (قبل ضمها إلى نجد) ما بين 20 و50 ألف نسمة من الحضر ، ومثل هذا العدد تقريبا من البدو. وتفيد معطيات أخرى حتى عدد البدويمكن حتىقد يكون ضعف عدد الحضر .

كان حاكم جبل شمر يلقب بالأمير أوشيخ المشايخ ، أي أنه ظل زعيما لاتحاد قبائل شمر التي يعتمد عليها . وكان آل رشيد يحكمون بمساعدة أقربائهم ومفارز خدعهم الشخصيين . وفي ظل الصراع المتواصل تقريبا داخل الأسرة الحاكمة وعدم الثقة بالأقرباء كان الأمير يعتمد أكثر فأكثر على مفارز الخدم والمرتزقة المصريين والأتراك . وتفيد معطيات فالين حتى مفرزة الأمير تتكون من 200 إنسان تقريبا ، ويذكر رحالة الستينات – الثمانينات من القرن التاسع عشر الرقم 500-600 . ومنهم 20 شخصا يشكلون حرس الأمير الأكثر إخلاصا ، وحوالي 200 إنسان كانوا في حائل أما الباقون فيرافقون التجار والحجاج وجماعات جباة الزكاة ويؤدون حسب الدور الخدمة في الحاميات في المناطق الملحقة بالإمارة .

وكان بين أفراد مفارز الأمير محاربون بسطاء و(رجال شيخ المشايخ) . وهذا المصطلح يطلع على كبار أفراد المفرزة وكذلك على المقربين إلى الأمير ، وعموما على جميع من يتمتع بثقة خاصة لديه . والكثيرون منهم متحدون من العبيد . وكان (رجال الشيخ) يمثلون كبار الموظفين وقادة مفرزته والقائمين على أمور القصر وحكام ممتلكات الأمير . وبعد حتى تطورت الإمارة صاروا يتراسون مختلف أصعدة جهاز إدارة الدولة . واعتبارا من سبعينات وثمانينات القرن التاسع عشر كان بين أكثر المتنفذين في الإمارة ، كما يقول الرحالة ، صاحب المضايف في القصر وصاحب بيت المال والمحرر الأول وحامل الراية والجليس ووزير آل الرشيد.

كان أمراء جبل شمر ملتزمين بتنطقيد كرم الضيافة التي يرمز إليها القدر النحاسي الضخم الذي يحمله بصعوبة أربعة من الرجال الأشداء . وفي ثمانينات القرن التاسع عشر كان القصر يستضيف يوميا 150-200 إنسان ، ويصل هذا العدد إلى 1000 إنسان أثناء مرور القوافل الكبيرة .

ومع تطور نظام الدولة طبقت الشريعة باتساع متزايد ، مما ضيق على العهد والعادات . وهذا أمر أشار إليه الرحالة . وكان من بين العقوبات بتر الأيدي ومصادرة الأموال على العصيان ضد الأمير والسجن على لاسرقة وعلى رفض دفع الزكاة ، والجلد بالعصى على الضرب والإصابة بجراح ، والغرامات المالية . واستخدم مقر آل رشيد السابق بمثابة سجن ، إلا حتى الرهائن والسجناء الذين يتمتعون بمنزلة رفيعة صاروا منذ ستينات القرن التاسع عشر يحتجزون في مضيف القصر الجديد . وكان لحائل عمالها المباشرون في الأطراف ، ولكنهم في الغالب كانوا من الوجهاء المحليين . وظل شيوخ جميع قبائل البدويحكمونها كالسابق . ونظرا لقلة التزام وإخلاص الهجانة البدوأخذ آل الرشيد يعتمدون أكثر فأكثر على سكان المدن والواحات وعلى حرس من العبيد . وقدر غوارماني الحد الأقصى لعساكر جبل شمر في ستينات القرن التاسع عشر بـ 6.5 آلاف إنسان ، وإذا أضيف إليها محاربوالمناطق الملحقة يبلغ هذا العددتسعة آلاف . ويقول نولدي حتى الأمراء في التسعينات كان بوسعهم حتى يقدموا 40 ألف محارب . وتمتطي العساكر ظهور الجمال ، بينما يركب الوجهاء الخيل . والأسلحة هي الرماح والسيوف ، وأحيانا السلاح الناري . وكانت هناك عدة مدافع .

وفي عهد محمد الرشيد (1817-1897) بلغت إمارة جبل شمر أوج ازدهارها . ففي السبعينات تم الاستيلاء على العال وقرى في وادي السرحان حتى حدود وادي حوران . وكان استمرار ركود إمارة الرياض والتحالف مع الباب العالي قد مكنا محمد من بسط نفوذه على مدن القصيم في البداية ، ثم في عام 1884 على نجد كلها .

وماكان بإمكان إمارة جبل شمر حتى تنهض إلا بتضعضع إمارة الرياض ذات الكثافة السكانية الأكبر والتي تمتلك قدرة عسكرية كبيرة دون شك . كانت حروب السعوديين في مطلع القرن وغزوات المصريين الفتاكة والنزاع القبلي المضيء جميع ذلك ضم جبل شمر بقدر أقل من أواسط نجد . واستفاد عدد من الحكام المحنكين من هذه الظروف الملائمة بالنسبة لهم فجعلوا من حائل لوقت قصير سيدة لأواسط الجزيرة كلها .

سقوط إمارة الرياض . استيلاء الأتراك على الإحساء . في خريف 1870 عقد سعود بن فيصل من حديث تحالفا مع قبائل العجمان وآل مرة ودخل العقير واستولى على الإحساء وأوفد عبدالله أخاه محمد على رأس عساكر لاستعادة السيطرة على الإحساء وعاصمته الهفوف . وفي كانون الأول (ديسمبر) 1870 نشبت في البادية معركة الجودة . وفي اللحظة الحاسمة التزم بدوسبيع الذين اتىوا مع محمد جانب سعود فحقق هذا نصرا تاما . وتم القبض على محمد بن فيصل وزج به في سجن القطيف حيث ظل حتى أطلق الأتراك سراحه . وأعرب الإقليم الشرقي كله البيعة لسعود . ثم ارتبك أمير الرياض عبدالله بن فيصل الذي يقابل الهزيمة وأدى ذلك إلى ازدياد تدهور الأوضاع في إمارته . وفي تلك الأثناء حل جفاف مرعب ، مما أدى ، طبعا ، إلى قلاقل وفتن جديدة . وفي نيسان – آيار (إبريل – مايو) 1871 تحرك سعود ، أخيرا ، نحوالرياض .

وعندما ولج العاصمة نهبت عساكره البدوية هذه المدينة وسكانها لدرجة جعلت الجميع يحقدون عليه . واندلعت النزاعات القبلية في نجد من حديث . وأشار إبن عيسى إلى حتى السلطة الجديدة كانت ضعيفة فتشوشت الأمور لدرجة أكبر وتدهورت الأوضاع بسبب المجاعة وارتفاع الأسعار ، وصار الناس يأكلون جيف الحمير ، ومات الكثيرون بسبب الجوع ، وهجر الناس يقابلون الموت والمصائب والنهب والقتل والفساد . ولكنه ينبغي ، كما يرى ر. ويندير ، حتى نأخذ بعين الاعتبار حتى إبن عيسى كان من أنصار عبدالله . وقابلت الإمارة المحتضرة خطرا جديدا . فإن والي بغداد مدحت باشا ، وهوحاكم عثماني كبير معروف ومن أنصار السياسة النشيطة ، قد قرر الاستفادة من الموقف وإضافة أراضي جديدة إلى الإمبراطورية العثمانية التي تقلصت أراضيها . وأسفرت أعماله في شرقي الجزيرة العربية عن نشوب أزمة دبلوماسية بين لندن والاستانة .

وادعى محمد باشا بأن السيادة العثمانية تضم نجد وبأ، عبدالله بن فيصل كان مجرد قائمقام للأتراك . وكانت الحجة للتدخل هي (استعادة النظام ونجدة القائمقام المذكور ضد شقيقه العاصي) .

وأوفد الأتراك أسطولهم لغزوالإحساء ، وقد حصلوا من حاكم الكويت على حوالي 300 سفينة أخرى . وكانت القوات النظامية مكونة من أربعة آلاف إنسان ، من المشاة بالأساس ، وكذلك الفرسان والمدفعية . وأوفدت قبائل المنتفق عن طريق البر حوالي ثلاثة آلاف إنسان . وفي آيار (مايو) 1871 نزلت القوات الهجرية في رأس تنورة وزحفت نحوالقطيف دون حتى تقابل مقاومة . وبعد معارك غير كبيرة احتل الأتراك المدن والقلاع الرئيسية في الإقليم كله . إلى غير ذلك فقد الإخوان السعوديان الإقليم الشرقي بسبب العداء العائلي . وفي الوقت ذاته تقريبا زار مدحت باشا الإحساء ، ولكن محاولة غزوالرياض أخفقت .

واستمر الصراع داخل أسرة آل سعود . وظهر عبدالله في الأراضي المحتلة من قبل الأتراك ، في حين طرد سعود من الرياض مؤقتا ، وقد طرده عمه عبدالله بن هجري شقيق الأمير فيصل . واستجمع سعود حلفاءه من العجمان وآل مرة وأخذ يهاجم الحاميات الهجرية ، ولكن دون جدوى . وفي أواخر 1871 ومطلع عام 1872 عاد عبدالله من حديث إلى الرياض ، إلا أ، الوضع في الإمارة كان ميئوسا منه . فالمجاعة مستمرة ، وكان الناس ، كما يقول إبن عيسى ، يأكلون الجيف والجلود وأوراق الشجر . وحاول الإخوان حتى يتعاونا ضد الأتراك ، ولكن دون جدوى .

وفي آذار (مارس) 1873 عاد سعود مجددا إلى الرياض . واستمرت المعارك سجالا بين الأخوين ، واقترنت ، كالعادة ، بالنهب والقتل . ونظرا لأن عبدالله بن فيصل أخذ يعتمد على الأتراك زاد الإنجليز من دعمهم لسعود حتى أ،هم أوفدوأغذية له . وفي منتصف السبعينات ظهر على المسرح عبدالرحمن الإبن الرابع للأمير فيصل . كان قد ولد فيعام 1850 على وجه التقريب . ويعتقد ر. ويندير حتى عبدالرحمن يؤيد سعود ، بينما يتصور فيلبي حتى عبدالرحمن التزم جانب عدبالله . ولايستبعد أنه كان متذبذبا في اختيار أحد الأخوين الأكبر . وفي آذار (مارس) 1874 تخلى الأتراك عن حكم الإحساء مباشرة لكي يقللوا النفقات . وصار زعيم بني خالد وهومن آل عريعر أداة لتطبيق سياستهم . وكان ناصر باشا بن سعدون والي البصرة التي تشكلت إداريا من حديث وزعيم قبيلة المنتفق قد عينه متصرفا . وتم سحب القوات النظامية الهجرية واستبدلت بمفرزة شرطة عثمانية .

وتزعم عبدالرحمن بن فيصل في عام 1874 انتفاضة على الأتراك في الإقليم الشرقي . والتحق به قسم من قبائل العجمان وآل مرة وبدوآخرون . وأنزل ناصر باشا بن سعدون في العقير 2400 جندي من القوات النظامية مزودين بأربعة مدافع فتم دحر الثائرين . والتجأ عبدالرحمن إلى سعود في الرياض . وتعرضت الهفوف لنهب من الغالبين استمر ثلاثة أيام . وهجر ناصر باشا الإقليم في شباط (فبراير) 1875 بعد أ، عين متصرفا فيه . وكانت سلطة سعود في نجد متضعضعة . ففي أواخر عهده لم تعد جبل شمر والقصيم تخضعان له . وصارت الرياض مركزا لإمارة صغيرة مبترة الأشلاء في أواسط الجزيرة . وانبترت العائدات المنتظمة . ولما كان سعود يعتمد على بدوالعجمان فإن سكان الواحات والمدن لمقد يكونوا راضين عنه . وفي كانون الثاني (يناير) 1875 توفي سعود ، وربما كانت وفاته بسبب الجدري ، مع أ، معطيات أخرى تفيد بأنه توفي مسموما .

وصار عبدالرحمن بن فيصل حاكم للرياض . وبدأ يخوض القتال ضد أشقائه الأكبر وضد حلفائهم من البدو. وفي تلك الأثناء ثار عليه في العاصمة نفسها أولاد أخيه سعود الذي حل محله . وتوجه عبدالرحمن . خوفا من أبناء أخيه ، إلى عبدالله ، فقرر الأخوة الثلاثة تشكيل جبهة موحدة بزعامة عبدالله ضد أولاد سعود الذين تمكنوا من السيطرة على الرياض بضعة أسابيع . ثم فر أولاد سعود واحتفظوا بحلفائهم في إقليم الخرج وفي الإحساء . ودخل عبدالله الرياض من حديث . وخلال السنوات الإحدى عشر التي مرت على وفاة فيصل تبدلت السلطة في المدينة للمرة الثامنة .

وأورد فيلبي الجدول الزمني التالي للحكم في الرياض بعد وفاة فيصل :

  • عبدالله بن فيصل من 2 ديسمبر 1865 حتىتسعة إبريل 1871 .
  • سعود بن فيصل منعشرة إبريل 1871 حتى 15 أغسطس 1871 .
  • عبدالله بن هجري من 15 أغسطس 1871 حتى 15 أكتوبر 1871 .
  • عبدالله بن فيصل من 15 أكتوبر 1871 حتى 15 يناير 1873 .
  • سعود بن فيصل من 15 يناير 1873 حتى 16 يناير 1875 .
  • عبدالرحمن بين فيصل من 26 يناير 1875 حتى 28 يناير 1876 .
  • أولاد سعود بن فيصل من 28 يناير 1876 حتى 31 مارس 1876 .
  • عبدالله بن فيصل من 31 مارس 1876 .

وفي عام 1878 قامت إنتفاضة جديدة ضد الأتراك في الإقليم الشرقي ، ولكنها هزمت بعد فوزاتها الأولى.

وخط دوتي يقول : (الرياض وضواحيها هي جميع ماتبقى من ممتلكات الوهابيين ، وغدت الرياض إمارة صغيرة ضعيفة مثل بريدة . إذا المدينة الكبيرة المبنية من الطوف والتي كانت في السابق عاصمة لأواسط الجزيرة غارقة في الصمت . ومضيفها الفسيح مهجور (قصر الأمير الوهابي المبني من الطوف أوسع من القصر في حائل) . خدم إبن سعود يغادرون نجمه الذاوي ويتوجهون ... إلى العمل عند محمد بن رشيد . ولا يخضع أحد من البدوللوهابيين . القرى الكبيرة في شرقي نجد طردت جامعي الزكاة التابعين لعبدالله) .

وفي عام 1880 ولد عبدالرحمن الذي هوالإبن الرابع لفيصل ، طفل سماه عبدالعزيز ، وأمه سارة إبنة أحمد السديري . وعندما بلغ عبدالعزيز السابعة من العمر عهدوا بتربيته إلى مفهم هوقاضي الرياض ... إلا حتى الصبي كان مهتما باللعب بالسيف والبندقية أكثر من اهتمامه بالدروس الدينية ، مع أنه تمكن من قراءة القرآن في الحادية عشرة من العمر . وفي الرابعة عشرة عندما كان أبوه يقيم في المهجر في الكويت بدأ عبدالعزيز ، ملك العربية السعودية فيما بعد ، دراسة الفقه والعلوم الدينية الأخرى بصورة جادة تحت إشراف عبدالله بن عبداللطيف الذي أصبح فيما بعد القاضي الأول للرياض ومفتيها . كانت الشهور التي قضتها أسرة عبدالرحمن فيا لتجوال بين قبائل آل مرة قد هيأت للأمير الشاب إمكانية التضلع في العادات والأخلاق البدوية وأساليب وحيل العمليات الحربية للبدوالرحل . وأخذ عبدالعزيز ، بصحبة أبيه أولوحده ، يتردد على مجالس شيخ الكويت ويطلع على تشابكات السياسة في الجزيرة العربية وعلى قرارات الأمير القضائية . وكانت الحالة المادية لعبدالرحمن بن فيصل في المهجر مزرية حتى أ،ه لم يتمكن من تزويج إبنه الأكبر إلا بمعونة الأصدقاء . وفي هذه الظروف اختمرت أحلام عبدالعزيز الطموح إلى استعادة كرامة العائلة وممتلكات آل سعود وأمجادهم وثرواتهم .

نهوض إمارة جبل شمر بعد سقوط إمارة السعوديين

أخذت الواحات والمناطق وقبائل البدوتنفصل الواحدة تلوالأخرى عن الرياض وتنتقل طوعا أوكرها إلى حماية آل الرشيد وتدفع الأتاوات لهم . ولم توفق محاولات عبدالله لإبعاد قبضة آل الرشيد الثقيلة . وكان محمد بن الرشيد يلعب مع أمير الرياض لعبة القط والفأر .

واشتد التنافس في القصيم بين الأسرة الحاكمة سابقا في بريدة آل عليان وبين الحكام الجدد من آل مهنا الذين أيدتهم حائل . وكان توزيع القوى على النحوالتالي : الرياض تتعاون مع عنيزة وتعتمد على تأييد عتيبة ومطير ، أما حائل فهي تؤيد بريدة وتتعاون مع قبيلة حرب .

وفي تلك الأثناء حاول أولاد سعود بن فيصل حتى يتحدوا ابن الرشيد . فجمعوا قسما من قبائل عتيبة وبعض سكان واحات العارض ، ولكنهم اندحروا . إلا حتى إمارة عبدالله الصغيرة كانت تتمزق مزقا . وفي تشرين الأول (أكتوبر) 1887 استولى أولاد سعود بن فيصل على الرياض والعارض وأسروا أمير الرياض . وتمكن الأمير قبل ذلك بقليل من طلب النجدة من حاكم حائل الذي لم يتردد في قطف الثمرة الناضجة . وكان طلب عبدالله حجة بيد محمد بن الرشيد (لإنقاذه) ولبسط سلطة آل الرشيد على جميع ممتلكاته . وتوجه إبن الرشيد إلى الرياض على رأس قوات كبيرة ، ففر أولاد سعود إلى الخرج . وأطلق أمير جبل شمر سراح عبدالله من السجن ونقله إلى العاصمة حائل (حفاظا على سلامته) ، وهجر واحدا من أكثر القادة العسكريين إخلاصا ، وهوسالم آل سبهان الذي لايعهد الرحمة أميرا للرياض .

كان عبدالعزيز الذي صار فيما بعد ملكا للعربية السعودية يرى حتى هناك ثلاثة مسببات لسقوط عمه الأمير عبدالله : (لم يستقم الأمر لعبدالله لثلاثة أسباب : (أولاد – وجود أبناء أخيه في الخرج يحرضون القبائل عليه ، ثانيا – مناصرته لآل عليان أمراء القصيم السابقين على أعدائهم آل مهنا الأمراء الحاكمين في ذلك الحين . وكان هذا جهلا من عبدالله في وقت ضعفه ليس من الحكمة حتى يتحزب لبيت مغلوب فيضعضع نفوذه في القصيم . ثالثا – ظهور محمد بن الرشيد الطامع بحكم نجد . فقد تحالف مع آل أبي الخيل ... وكانوا كلهم يدا واحدة على إبن مسعود) . وانتهى وجود دولة السعوديين الثانية رسميا في آواخر عام 1887 .

وفي وفي آب (أغسطس) من العام التالي تمكن حاكم الرياض سالم آل سبهان من اللحاق بأولاد مسعود . ويتضح النطاق العملي لقواتهم من عدد أفراد فيصل شمر الذي طاردهم – 35 شخصا لاغير . وقد اغتال ثلاثة من أولاد سعود ، وقتل الرابع قبل ذلك ، أما الخامس فقد فر إلى الأخير لسعود كان أسيرا فخريا في حائل . وفي شتاء 1889/1890 قام الشمريون بغزوة وصولا فيها إلى الحجاز . وعندما عاد إبن الرشيد إلى العاصمة فهم بأن ضيفه الأسير عبدالله بن فيصل مريض وأن حالته خطرة . فسمح له بالعودة إلى الرياض مع أخيه عبدالرحمن بن فيصل . عاد عبدالله إلى عاصمته الخالية وتوفي في تشرين الثاني (نوفمبر) 1889 . وقبل 24 عاما من ذلك ، عندما تربع على العرش ، كانت إمارة الرياض تمتد من جبل شمر حتى المناطق الداخلية في عمان ، ومن الخليج حتى الحجاز وحدود اليمن . وعندما توفي وهوتابع لحائل لم يكن عنده غير منطقة العارض وسيادة إسمية على الوشم وسدير . وكان ثلث تلك الفترة تقريبا هاربا مشردا ، بينما كان آخرون يحكمون الدولة المتداعية . ونعته فيلبي بالحاكم (غير القدير) . إلا حتى مجمل الملابسات غير الملائمة وليس الضعف الشخصي ، هي الأسباب الحاسمة في هلاك دولة السعوديين .

وصار عبدالرحمن أمير للرياض . وقد اصطدم في عام 1860 مع حاكمها الشمري سالم وأعرب الانتفاضة عليه . وحاصرت قوات إبن الرشيد الرياض ، إلا حتى المدينة كانت آنذاك قد تعززت كثيرا . وأخفق الحصار ، تعقد الطرفان هدنة . وظل عبدالرحمن حاكما للرياض وبعض المناطق المجاورة لها ولكن بصفة تابع في في الواقع لمحمد بن الرشيد .

وفي تلك الأثناء فضل أهالي عنيزة وبريدة في القصيم التحالف مع عبدالرحمن ضد جبل شمر بعد حتى تأكد لهم حتى سلطة الشمريين تتقوى عليهم وأن الضرائب تزداد والامتيازات تتقلص . وفي أواخر عام 1890 تشكل ائتلاف واسع نسبيا للعناصر المناهضة لآل الرشيد من بين أهالي القصيم وأنصار عبدالرحمن وقبائل مطير . وجمع إبن الرشيد جميع قواته ، بما فيها وحدات من قبائل شمر وكذلك من حلفائها من بدوالظفير وحرب والمنتفق . وخط أ. موسيل يقول حتى إبن الرشيد (بعث 30 رسولا على أربعين ناقة موشحة بستائر سوداء إلى مختلف أفخاذ وبطون شمر التي خيمت آنذاك بين كربلاء والبصرة . وكان يراد للستائر السوداء حتى تبين بوضوح لجميع رعايا الأمير محمد بأن عارا أسود سيلطخهم إذا لم يهبوا فورا لنجدة زعيمهم) . ونشبت معركة كبيرة هي سقطة المليدة في القصيم اقتتلت فيها من الجانبين آلاف عديدة من المحاربين . وربما كانت تلك أكبر معركة منذ الغزوالمصري .

واستمر القتال سجالا طوال شهر . إلا حتى عبدالرحمن ، لسبب ما ، لم يهب لنجدة حلفائه وهجرهم وحيدين في لقاءة الشمريين . الحيلة متظاهرا بالانسحاب ، ولكنه نظم بعد ذلك هجوما مضادا مباغتا . جمع بضعة آلاف من الجمال في الوسط وحركها إلى الأمام بعد حتى أطلق النار على القصيميين . وتقدم المشاة من وراء الجمال . وسدد الهجانة والفرسان في وقت واحد ضربات من الجناحين . وفقد القصيميون مابين 600 أو1200 إنسان ، وفر الكثيرون إلى الكويت والعراق والشام . وعزز إبن رشيد لعشر سنين تقريبا مواقعه كحاكم بلا منازع لأواسط الجزيرة .

وعندما بلغ عبدالرحمن بن فيصل نبأ هزيمة حلفائه فر إلى البادية وبعد تجوال طويل استقرت عائلته في عام 1893 في الكويت تحت حماية شيخها محمد الصباح . وخصصت الحكومة العثمانية لعبدالرحمن معاشا متواضعا بستين ليرة مضىية شهريا . وانتقلت السلطة كاملة في الرياض إلى عجلان وهومن عبيد محمد بن الرشيد . وتم تقسيم نجد إلى عدة مناطق خاضعة لجبل شمر .

وغدا حاكم جبل شمر سيدا لبلد مستنزف مخرب ، ومحروم من منفذ إلى البحر . وخط جميع الرحالة الذين زاروا أواسط الجزيرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عن البساتين الذابلة والنخيل الميتة والآبار التي اجتاحها الرمال والقوى الموات . ولم تكن الدولة الخائرة بقادرة على حماية الواحات من البدو. ونزح آلاف الناس إلى العراق أوإلى سواحل الخليج . وتضررت التجارة . وخط أمين الريحاني عن الأحوال العصيبة التي قابلها التجار آنذاك . وأسفرت مخاطر نقل البضائع بطرق القوافل التجارية عن تذبذب في الأسعار ونسقت العلائق الاقتصادية وأدت إلى إفلاس الصناع والتجار .

وفي العقد الأخير من القرن التاسع عشر لم تحل دون الانتفاضات إلا القوة العسكرية لدى محمد بن الرشيد . ولكن القلاقل بدأت على أثر وفاته ، وأخمدها بوحشية الأمير الجديد لجبل شمر عبدالعزيز بن الرشيد . فقد نهب المدن والقرى بلا رحمة وخنقها بالغرامات الحربية . ولكنه تورط في صراع مع الكويت فعجز عن السيطرة على النزاعات القبلية الإقطاعية التي تصاعدت في جميع مكان وعن الحيلولة دون نهب البدوللواحات . ونطق موسيل : (كان الحضر جميعا يحنون إلى سلطة قوية تحمي أموالهم وحياتهم) .

آل الرشيد في أواخر القرن التاسع عشر

يقول المؤرخ خالد الفرج : (اعتمد محمد العبدالله الرشيد في تشييد إمارته على سياسة (فرق تسد) واتكأ على قوة عشيرته (شمر) وهي من كبريات القبائل المشهورة بالفروسية والشجاعة ... وخص الأتراك بكثير من المجاملة والمسايرة لأن طرفي طريق الحجاج الذي يقوم آل رشيد على إيراده ، وهما العراق والحرمان ، في أيديهم ، حتى أنه اعترف بخضوعه للسلطان عبدالحميد . وتعددت منه الرسل والهدايا إلى (الباب العالي) وحاز النياشين الرفيعة وقبل المعتمدين المندوبين من الحكومة العثمانية . فصارت تعتمد عليه ، وتعده من أ:بر المخلصين لها ، وتراه الوسيلة الفعالة التي قضت على آل سعود ومحت إمارتهم من الوجود ، فأغدقوا عليه العطاء وخصوه بالمساعدات والتعضيد . وكان على الأجمال رجل وقته ، إلى حتى توفي سنة 1315 هـ (1897 م) مريضا بذات الجنب ، عقيما لم يخلف ولدا) . وورث الحكم عنه إبن أخته عبدالعزيز المتعب الذي كان في حوالي الثلاثين من العمر ، وكان محاربا باسلا ومغامرا ، ينساق للغضب والاستعجال في اتخاذ القرارات . كان يجيد استخدام السيف أكثر مما يجيد السياسة ، وكان يعمل قبل حتى يفكر . وفي غضون عشر سنين بدد القسم الأكبر من الإرث الذي خلفه له خاله الجبار .

ولم تستطع إمارة جبل شمر حتى تلعب دول الدولة الموحدة المستقرة . فهي تستند إلى قبيلة شمر ، ولذا اعتبرها سائل السكان أداة سيطرة اتحاد قبلي واحد على القبائل الأخرى وليس سلطة لعموم الجزيرة العربية تتجاوز الأطر القبلية . وفي أواخر القرن التاسع عشر سقطت إمارة جبل شمر في تبعية متزيادة للإمبراطورية العثمانية فغدت وسيلة لنقل النفوذ العثماني إلى شبه الجزيرة ، ولذلك فإن تذمر واستياء أعراب الجزيرة من حكم الأتراك ضما أمراء حائل أيضا . وكانت بريطانيا قد عززت مواقعها على ساحل الخليج وأعاقت محاولات الأتراك لاستعادة مواقعهم ، وأخذت تؤيد منافسي إمارة جبل شمر . وأخيرا ، بعد وفاة محمد الرشيد ، لم تتمكن العائلة الحاكمة الغارقة في النزاعات من ترشيح أي حاكم بمنزلة عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس العربية السعودية المرتقب . وكانت جميع هذه العوامل التي أضيفت إليها فيما بعد المشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب الأتراك قد أسفرت من غروب وسقوط إمارة جبل شمر القوية .

تنافس الدول على حوض الخليج في مطلع القرن العشرين والوضع في الجزيرة العربية

لقد بين تاريخ الدولتين السعوديتين الأولى والثانية بوضوح مدى تشابك مصير الجزيرة العربية مع التطور العام للوضع في هذه المنطقة من العالم . فإن مستقبل الكيانات الدولية في الجزيرة حدده ليس فقط تناسب القوى في البادية ، وأحيانا لييس تناسب القوى فيها بالذات ، بل وكذلك القرارات المتنوعة في لندن واسطنبول والقاهرة وبرلين وكذلك بطريسبورغ وباريس .

كانت أقوى دولة استعمارية في أواخر القرن التاسع عشر – بريطانيا – قد استولت ، بعد شق قناة السويس في 1869 ، على مصر عام 1882 وسعت إلى السيطرة المباشرة أوغير المباشرة على الجزيرة العربية كلها . وكانت الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية في الهند قد شدت إليها بشكل أوثق سلطنة عمان وإمارات ساحل الصلح البحري وقطر والبحرين . وكان قد اتى دور الكويت التي كانت رسميا تحت السيادة العثمانية . ومع حتى الخليج العربي كان من الناحية النظرية ممرا مائيا دوليا ، فقد غدا عمليا بحيرة بريطانية . كانت المواصلات البرقية الإمبراطورية تمر عبر الخليج العربي إلى الهند وإلى أستراليا . وكانت حصة بريطانيا العظمى والهند البريطانية في صادرات بلدان الخليج 40% ، وفي وارداتها 63% . وكانت جميع البضائع تقريبا تصدر وتستورد من هناك على سفن تحمل الفهم البريطاني وكان الأسطول البحري الحربي البريطاني يسيطر على الخليج والمحيط الهندي .

وكان المندوب البريطاني السامي في منطقة الخليج يسمى (بالمعتمد السياسي لصاحب الجلالة ملك بريطانيا في الخليج الفارسي والقنصل العام في فارس وخوزستان) . وكان على حد تعبير نائب الملك في الهند كيرزون (ملكا غير متوج للخليج الفارسي) . وعلى لاساحل العربي من الخليج كان لبريطانيا معتمدون سياسيون خاضعون لها في مسقط والكويت والبحرين . وكان المعتمد السياسي مسئولا أمام الحكومة البريطانية الهندية ، وكان كقنصل عام ، خاضعا للسفير البريطاني في طهران . لقد طرحت السياسة البريطانية في الخليج العربي مهمة مزدوجة هي السيطرة على طرق المواصلات البحرية وغيرها من الطرق المؤدية إلى الهند وأحلال (الوئام البريطاني Pax Britannica) في الخليج والذي يقصدبه سيادة المصالح التجارية البريطانية وعدم السماح بدخول دول أخرى إليه .

وفي أواخر القرن التاسع عشر ضم تناجر الدول الكبرى وتوسعها الاستعماري حوض الخليج . وكان الإمبراطورية الألمانية تبحث بشكل مسعور خصوصا عن مكان لها تحت الشمس . وكانت حكومة غليوم الثاني التي أعربت بأنها (حامية للإسلام) قد أخذت تتقارب أكثر فأكثر مع حكومة السلطان العثماني وتعزز بنشاط مواقعها الاقتصادية والسياسية والعسكرية في الإمبراطورية العثمانية . واعتبارا من أواخر الثمانينات ظهرت فكرة أعطى سكة حديد اسطنبول – بغداد وإيصالها إلى الخليج بغية التغلغل إلى هذه المنطقة بدون الطرق البحرية التي تسيطر عليها بريطانيا . وفي عام 1899 حصل الألمان على امتياز أولي لمد السكة المذكورة مع إيصالها إلى الكويت . وظهر خطر نشوء خط استراتيجي مباشر بين برلين والخليج ، الأمر الذي يهدد السيطرة البريطانية في الخليج والجزيرة العربية والشرق الأوسط كله . وفي غرب الجزيرة كان الألمان يساعدون الأتراك في أعطى سكة حديد الحجاز التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة .

وكانت بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر تعتبر روسيا القيصرية التي تحالفت مع فرنسا منافسا خطرا أيضا في هذه المنطقة . ونوقش في بطرسبورغ بصورة جدية مشروع الحصول على امتياز لمد سكة حديدية عبر القفقاس إلى الخليج . وليس من قبيل الصدفة حتى السلطات البرطانية في الهند اعتبرت زيارات السفن الحربية الروسية والفرنسية إلى موانئ الخليج (لعرض الفهم) ومحاولاتها للعثور على مكان لمحطة فحمية تحديا مباشرا .

واشتدت التناقضات الإنكلوفرنسية بشأن مسقط التي حاول الفرنسيون في 1899 حتى ينشئوا محطة للفحم فيها . وفي عام 1903 قامت السفن الروسية والفرنسية بزيارة مشهجرة لموانئ الخليج والجزيرة العربية . وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأ تغير في السياسة البريطانية التقليدية إزاء الإمبراطورية العثمانية . ففي السابق كانت لندن تسعى إلى الحفاظ على وحدة تلك الإمبراطورية مؤملة في إخضاعها بالكامل واستخدامها في الصراع ضد روسيا . إلا حتى مركز ثقل المصالح البريطانية في شرقي البحر الأبيض المتوسط وفي الشرق الأوسط انتقل تدريجيا من القسطنطينية إلى مصر وبلاد الرافدين . ولعب ازدياد النفوذ الألماني في الإمبراطورية العثمانية دورا غير ضئيل في تغيير تلك السياسة . وأخذ سولزبري الذي صار من حديث رئيسا لوزراء بريطانيا عام 1895 يتحدث عن انقسام الإمبراطورية العثمانية . وكان المقصود حتى تكون الجزيرة العربية وحوض دجلة والفرات ، شأن مصر والسودان ، منطقة للسيطرة البريطانية . وفي سياق هذه الخطط كانت لندن تعتبر الاحتفاظ بالسيطرة على الخليج من أكبر المهمات . وفي عام 1903 زار أسطول بريطاني يحمل فهم كيرزون نائب الملك في الهند موانئ الخليج العربي . وكان ذلك أكبر أسطول أجنبي في مياه الخليج منذ عهد العمارة البرتغالية البوكيركا عام 1515 . ودافع كيرزون في خطبه عن المواقع البريطانية بالأسلوب الملازم للعصر الاستعماري عصر (نير الإنسان الأبيض) .

ومع حتى ركود الإمبراطورية العثمانية استمر في أواخر القرن التاسع عشر إلا حتى مواقعها في الجزيرة العربية تعززت بعض الشيء بسبب تقوية وتحسين الجيش وتطور المواصلات . وكان الأتراك ، بعد الإنجليز ، أبرز عامل في شئون الجزيرة .

وكان افتتاح قناة السويس قد غير بصورة جوهرية مكانة الأتراك في غربي الجزيرة . فلئن كانت تصل إلى هنا في السابق طوابير من الجنود المتعبين بعد مسير طويل عبر البادية وكان مجرد إرسالهم يكلف غاليا ، فقد صار الجنود يرسلون بحرا عن طريق القناة . وفي سبعينات القرن التاسع عشر استطاع الأتراك حتى يحتلواليمن وعسير من حديث . بديهي حتى والي جدة وشريف مكة كانا في نزاع دائم فيما بينهما . وكانت العلاقات بين والي جدة وحاكم مكة عون الذي تسنم هذا المنصب اعتبارا من عام 1883 قد تأزمت في الثمانينات . فقد بدأ الوالي بأداء أعمال عامة فحسن تزويد جدة بالمياه وأعاد بناء ترعة زبيدة وأنشأ مبنى جديدا لحاكمية المدينة كما أنشأ عنابر ومباني للخفراء . وسمح الوالي العثماني لعون بأداء وظائفه القضائية ولكن فقط في المسائل المرتبطة بعشيرته والبدووالأشخاص من غير الأتراك والذين ولدوا في مكة نفسها . وأخذ الأتراك يشرفون علىطرق القوافل ويقومون بحملات على قبيلة حرب بدون موافقة شريف مكة . وتقلصت عائدات عون من الرسوم الجمركية . وعند ذاك انتقل شريف مكة وقسم من أبرز أفراد عائلته مع الوجهاء والتجار ومفتي الشافعيين والفهماء الآخرين إلى المدينة المنورة احتجاجا على تصرفات الوالي حتى تمكنوا من إقناع السلطان بتنحيته .

وكان الوالي الجديد جمال باشا أكثر حذرا من سابقه . وازداد نفوذ شريف مكة بعض الشيء ، إلا حتى الصدام بينه وبين الباشا استمر . وترى موقف العرب من الأتراك . وبعد وفاة عون في عام 1905 تسلم منصف الشرافة على صنيعة الأتراك . وفي تلك الفترة اندلعت ثورة هجريا الفتاة ، فنحى جمال باشا بوصفه من أنصار النظام السابق . وبعد فترة قصيرة من الغموض فيالموقف عين لمنصب الشرافة في خريف 1908 الزعيم الرمتقب للإنتفاضة العربية الحسين بن علي الذي كان أسيرا فخريا في الاستانة منذ عام 1893 مع أولاده الثلاثة علي وعبدالله وفيصل .

وفي عام 1908 نفسه افتتحت في الحجاز سكة حديد معان – المدينة المنورة . وأدى أعطى هذه السكة إلى تحسين كبير في المواقع العسكرية الاستراتيجية للأتراك في غربي الجزيرة . إلا حتى الإمبراطورية العثمانية في شرقي الجزيرة لم تتمكن من تعزيز مواقعها بسبب مقاومة بريطانيا وبسبب تصاعد الميول المعادية للأتراك عند عرب الجزيرة .

وسعت الكويت التي غدت في أواخر القرن التاسع عشر مرفأ رئيسيا لباطن الجزيرة ومركزا تجاريا مزدهرا إلى التقليل من تبعيتها للأتراك ، وهي تبعية شكلية أصلا . وأخذ شيخ الكويت محمد الصباح يتدخل على نحونشيط في الصراع داخل الجزيرة ، حيث كانت إمارة جبل شمر التابعة للعثمانيين تشكل خطرا عمليا عليه ، ولذلك وفر الحماية عبدالرحمن بن فيصل الذي يدعي بأحقيته في عرش الرياض . واحتفظ هذا الأمير الذي فر من الرياض بعلاقات مع واحات وقبائل أواسط الجزيرة فشجع الميول المناهضة للشمريين هناك . وفي عام 1896 اغتال محمد الصباح وأخوه بيد أخيها الثالث مبارك الذي غدا شيخا للمدينة ولقبائل أطرافها . وصار هذا الحاكم الجديد للكويت يمارس طوال عشرين عاما تقريبا تأثيرا غير قليل على الأحداث في الجزيرة .

وكانت قبيلة المنتفق القوية وعلى رأسها فخذ آل سعدون في جنوب العراق عاملا له شأنه في السياسة في أواسط الجزيرة . إلا حتى المنتفق كانوا يعتبرون البادية مجرد جهة لغزوات النهب . وفي تلك الأثناء كانت الحكومة البريطانية مشغولة البال بالخطط الألمانية الهجرية لاستعادة الكويت ووضعها تحت السيطرة العثمانية المباشرة وتأمين منفذ سكة حديد برلين بغداد إلى البحر . وحاول الأتراك مرارا الاستيلاء على الكويت ونفي الشيخ مبارك إلى اسطنبول . وكان مبارك يدرك ذلك فيطلب الحماية من الإنجليز الذين كان في الماضي يتحاشى التعاون الوثيق معهم . وفرضوا عليه معاهدة سرية غدت الكويت بموجبها محمية بريطانية . وسقطت في 23 كانون الثاني (يناير) 1899 . والتزم الشيخ ، فيما التزم ، بعدم تقديم امتيازات لأحد ماعدا بريطانيا . وعادت بخفي حنين البعثة الألمانية التي وصلت إلى الكويت في العامل التالي للخصول على حق إيصال سكة حديد بغداد إلى الكويت .

وصار الإنجليز يشعرون بالقلق من إمارة حائل بوصفها تابعة مخلصة للأتراك . وكان السعي إلى إضعاف هذه الإمارة إحدى مهمات السياسة البريطانية في شبه الجزيرة ، مع حتى ذلك لم يكن يستبعد في بعض الحالات استخدام الإنجليز إمارة حائل لأغراضهم . وأخذوا يؤيدون خصوم الأتراك وجبل شمر في الجزيرة العربية ، الأمر الذي كان له تأثيرا هام ، إذا لم نقل حاسم ، على نجاح عودة أل سعود إلى السلطة في نجد.


  • هجري بن عبدالله بن محمد بن سعود الفترة الأولى (1819-1820)
  • هجري بن عبدالله بن محمد بن سعود الفترة الثانية (1824-1834)
  • مشاري بن عبدالرحمن (1834-1834)
  • فيصل بن هجري الفترة الأولى (1834-1838)
  • خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (بتكليف من المصريين) (1838-1841)
  • عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود (1841-1843)
  • فيصل بن هجري الفترة الثانية (1843-1865)
  • عبدالله بن فيصل بن هجري الفترة الأولى (1865-1871)
  • سعود بن فيصل بن هجري الفترة الأولى (1871-1871)
  • عبدالله بن فيصل بن هجري الفترة الثانية (1871-1873)
  • سعود بن فيصل بن هجري الفترة الثانية (1873-1875)
  • عبدالرحمن بن فيصل الفترة الأولى (1875-1876)
  • عبدالله بن فيصل بن هجري الفترة الثالثة (1876-1889)
  • عبدالرحمن بن فيصل الفترة الثانية (1889-1891)

مواضيع ذات صلة

  • آل سعود
  • الدولة السعودية الأولى
  • الدولة السعودية الثالثة

المصادر

  • ويكيبيديا
  1. ^ Alexei Vassiliev, The History of Saudi Arabia, London, UK: Al Saqi Books, 1998, p. 185
  2. ^ Vassliev, p. 165, 186
  3. ^ Vassiliev, p. 165, 186
  4. ^ Vassiliev, p. 177

وصلات خارجية

  • الدولة السعودية الثانية
  • ملعومات عن الدولة السعودية الثانية
تاريخ النشر: 2020-06-04 06:15:15
التصنيفات: Pages using infobox country with unknown parameters, Pages using infobox country or infobox former country with the flag caption or type parameters, بذرة سعودية, تاريخ السعودية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رئيس النادي البنزرتي يفتح باب العودة لسامي القفصي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:12:14
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

الاتحاد الروسي سيواجه المنتخب المصري لكرة القدم مرتين

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:21:11
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

تحديد موعد مباراة الأهلي الودية وكولر يقرر هذا الأمر

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:09:35
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 41%

تفاصيل أول زيارة يقوم بها مسؤول مغربي بارز إلى إسرائيل

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:09:52
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 81%

مسؤول روسي يؤكد استعداد موسكو لتصدير القمح إلى المغرب بثمن مناسب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:10:07
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 79%

إمام عاشور يستحوذ علي نصيب الأسد مع كولر في التدريب المسائي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:09:36
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 48%

زيلينسكي يقيل وزير الدفاع.. وواشنطن تحذر من عودة داعش بقيادة جديدة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:08:48
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 85%

وليد توفيق: أتشرف بالانتماء لمصر بلد الفن والثقافة - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:20:25
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

شاهد.. شاب فلسطيني ينقذ طفلاً "كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة"

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:08:51
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 86%

أشرف حكيمي يفتتح عداد أهدافه في الدوري الفرنسي (فيديو)

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:09:55
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 77%

اليابان تقدم قرضا ميسرا ومنحة بقيمة 106 ملايين دولار للأردن

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:12:17
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

جنرال أوكراني: قواتنا اخترقت الخط الدفاعي الروسي في الجنوب

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:12:24
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

تحديد موعد عطلة عيد المولد النبوي بالمغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:10:04
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 70%

30 الف متفرج في لقاء تونس ومصر الودي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:12:26
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 62%

رئيس جامعة الأقصر يستقبل لجنة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-04 00:21:14
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

تحميل تطبيق المنصة العربية