الأمير الخطير والفارس الشهير وكيع بن حسان بن أبي سود بن كلب بن عوف بن غدانة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم قاتل قتيبة بن مسلم الباهلي.

نطق ابن دريد :ـ وكيع بن حسان الذي ينطق له ابن أبي سود ، وكان سيد بني تميم ورأسهم في خراسان ، وهوالذي خرج على قتيبة بن مسلم بخرسان فقتل قتيبة ..

واشتقاق وكيع من قولهم سقاء وكيع ، أي محكم الصنعة ، واستوكعت معدة الرجل إذا اشتدت والوكع اعوجاج في رسغ اليد أوالرجل ينطق عبد أوكع وأمة وكعاء ...

مقتل قتيبة بن مسلم

ولمـا ولي سليمان خافه قتيبة لما قدمناه من موافقته الوليد على خلعه فخشي حتى يولي يزيد بن المهلب خراسان فأجمع خلعه وخط إليه لئن لم تقرني على ما كنت عليه وتؤمني لأخلعنك ولأملأنها عليك خيلاً ورجلاً فأمنه وخط له العهد على خراسان‏.‏ وبعث إليه رسوله بذلك فبعـث الرسـول وهـوبحلوان أنه قد خلع وكان هوبعد بعثة كتاب إلى سليمان قد اشتد وجله وأشار عليه أخوه عبد الله بالمعاجلة فنادى الناس إلى الخلع وذكرهم بوائقه وسوء ولاية من تقدمـه فلـم يجبـه أحـد فغضـب وشتمهـم وعدد مثالبهم قبيلة قبيلة فأثنى على نفسه بالأب والبلد والمعشر‏.‏ فغضب الناس وكرهوا خلع سليمان وأجمعوا على خلع قتيبة وخلافه‏.‏ وعذل قتيبة أصحابه فيما كان منه فنطق‏:‏ لما لم تجيبوني غضبت فلم أدر ماقلت‏. ‏وجـاء الـأزد إلى حضين بن المنذر ‏"‏ بالضاد المعجمة ‏"‏ فنطقوا‏:‏ كيف من الممكن أن ترى هذا يدعوإلى فساد الدين ويشتمنا فعهد مغزاهم فنطق‏:‏ إذا مضر بخراسان كثير وتميم أكثرهم وهـم شوكتهـا ولا يرضون بغيرهم فيصيبوا قتيبة ولا أرى لها إلا وكيعاً‏.‏ وكان وكيع موثقاً من قتيبة بعزله وولاية ضـرار بـن حصيـن الضبـي مكانـه‏. ‏ وقـال حيـان النبطـي مولـى بنـي شيبـان ليـس لهـا غيـر وكيـع ومشـى النـاس بعضهـم إلـى بعـض سـراً وتولى كبر ذلك حيان‏.‏ ونمي خبره إلى قتيبة فأمر بقتله إذا ولج عليه وتنصح بعض خدم قتيبة بذلك إلى حيان فلما نادىه تمارض واجتمع الناس إلى وكيع وبايعـوه‏.‏ فمـن أهـل البصرة والعالية من المقاتلة تسعة آلاف ومن بكر سبعة آلاف رئيسهم حضين بن المنذر ومن تميم عشرة آلاف عليم ابن زخر ومن الموالي سبعة آلاف عليهم حيان النبطي وقيل من الديلم وسمي نبطياً للكنته‏.‏ وشرط على وكيع حتى يحول له الجانب الشرقي من نهر بلخ فقبل وفشا الخبر وبلغ قتيبة فدس ضـرار بـن حيـان الضبـي إلـى وكيـع فبايعـه وجـاء إلـى قتيبة بالخبر فأوفد قتيبة إلى وكيع فاعتذر بالمـرض فنطق لصاحب شرطته ائتني به وإن أبى ائتني برأسه فلما اتى وكيع ركب ونادى في الناس فأتوه أرسالاً‏.‏ واجتمع إلى قتيبة أهل بيته وخواصه وثقاته وبنوعمه وأمر فنودي في النـاس قبيلـةً قبيلـةً وأجابـوه بالجفـوة‏.‏ يقـول أيـن بنوفلان فيقولون حيث وضعتهم فنادى أذكركم الله والرحم فنطقوا أنت بترتها فنادى لكم العتبى فنطقوا لا إنا لنا الله إذاً‏.‏ فنادى ببرذون ليركبه فمنعـه ورمحـه فعـاد إلـى سريـره‏.‏ وجـاء حيـان النبطـي فـي العجـم فأمـره عبـد اللـه أخـوقتيبـة حتى يحمل على القوم فاعتذر ونطق لابنه إذا لقيتني غيرت قلنسوتي فمل بالأعاجم إلى وكيع ثم حولها وسار بهم ورمى صالح أخوقتيبة بسهم فحمل إلى أخيه‏.‏ ثم تهايج الناس واتى إلى عبد الرحمـن أخـي قتيبـة الغوغـاء ونحوهـم فأحرقـوا آرياً فيه إبل قتيبة ودوابه ثم زحفوا به حتى بلغوا فسطاطـه فبترـوا أطنابـه وجـرح جراحـات كثيرة‏.‏ ثم بتروا رأسه وقتل معه إخوته عبد الرحمن وعبـد اللـه وصالـح وحصيـن وعبـد الكريم ومسلم وابنه كثير وقيل اغتال عبد الكريم بقزوين فكان عدة من اغتال من أهله أحد عشر رجلاً ونجا أخوه عمر مع أخواله من تميم‏.‏

ثم صعد وكيع المنبر فنطق :ـ

مثلي ومثل قتيبة كما نطق الأول ( كلام غير صالح للتدوال ) أراد قتيبة قتلي وأنا قتال :ـ

قد جربوني ثم جربوني من غلوتين ومن المئين

حتى إذا شبت وشيبوني خلوا عناني وتنكبونـي

أنا أبومطرف ثم نطق :ـ

أنا أبن خندف تنميني قبائلهـا بالصالحات وعمي قيس عيلانا

ثم أخذ بلحيته فنطق :ـ

شيخ إذا حمـل مكروهـةً شد الشراسيف لها والحزيم

والله لا أقتلن ثم لأقتلن ولأصلبن ثم لأصلبن إذا مرزبانكم هذا ابن الزانية قد أعلى أسعاركم والله ليصيرن القفيز بأربعة دراهم أولأصلبنه صلوا على نبيكم ..

ثم هبط وطلب رأس قتيبة وخاتمه فقيل له إذا الأزد أخذته فخرج وكيع مشهراً ونطق :ـ

والله الذي لا إله إلا هولا أبرح حتى أوتى بالرأس أويمضى رأسي معه .. فنطق له حضين : أسكن يا أبا مطرف فإنك تؤتى به .. ومضى حضين إلى الأزد وهوسيدهم فأمرهم بتسليم الرأس إلى وكيع فسلموه إليه فسيره إلى سليمان مع نفر ليس فيهم تميمي .. ووفى وكيع لحيان النبطي بما ضمن له‏.‏

خبر وكيع وبن الأهتم وتولية يزيد بن المهلب لخراسان

كان يزيد بن المهلب لما ولاه سليمان العراق على الحرب والصلاة والخراج استكره حتى يحيف على الناس في الخراج فتلحقه المذمة كما لحقت الحجاج ويخرب العراق وإن قصر عن ذلك لم يقبل منه‏.‏ فرغب من سليمان حتى يعفيه من الخراج وأشار عليه بصالح بن عبد الرحمن مولى تميم‏.‏ فولاه سليمان الخراج وبعثه قبـل يزيد‏.‏ فلما اتى صالح إلـى يزيـد ضيـق عليـه صالح وكـان يزيد يطعم على ألف خوان‏.‏ فاستكثرها صالح فنطق اخط ثمنها علي وغير ذلك‏.‏ وضجر يزيد‏.‏ وجـاء خبـر خراسـان ومقتـل قتيبـة فطمع يزيد في ولايتها ودس عبد الله بن الأهتم على سليمان حتى يوليه خراسان ولا يشعر بطلبته بذلك وسيره على البريد فنطق له سليمان إذا يزيد خط إلي يذكر عملك بالعراق فنطق نعم بها ولدت وبها نشأت‏. ثـم استشـاره فيمـن يوليـه خراسـان‏.‏ ولم يزل سليمان يذكر الناس وهويردهم ثم حذره من وكيع وغدره نطق‏:‏ فسم أنت نطق شريطة كمال الإجازة ممن أشير به وإذا فهم بكره ذلك‏. ثم نطق هويزيد بن المهلب فنطق سليمان العراق أحب إليه فنطق ابن الأهتم‏:‏ قد فهمت ولكن نكرهه فيستخلف على العراق ويسير إلى خراسان فخط عهد يزيد على خراسان وبعثه مع ابن الأهتم‏. فلما اتىه بعث ابنه مخلداً على خراسان وبعثه مـع ابـن الأهتـم‏. ثـم سـار بعـده واستخلف على واسط الجراح بن عبد الله الحكمي وعلى البصرة ابن عبد الله بن هلـال الكلابـي وعلـى الكوفـة حرملـة بن عبد اللخمي‏.‏ ثم عزله لأشهر بشير بن حيان النهدي فكانت قيس تطلـب بثـأر قتيبـة وتزعـم أنـه لـم يخلـع‏.‏ فأوصـى سليمـان يزيـد حتى أقامـت قيـس بينـة أنـه لـم يخلـع حتى يقيده من وكيع‏.

وكيع وسلم بن زياد

نطق ابن قتيبة ما نصه :ـ

وكيع بن حسان يكنى أبا مطرف وكان سيد بني تميم ، وافترض مع سلم بن زياد فجعل مكتنه بسجستان ، وولى عبد العزيز بن عبد الله بن عامر سجستان فغضب على وكيع في شيء فأخذه وحبسه ، فمر بوكيع ابن لعبدالعزيز مع ظئر له ، فنادى به فأخذه ونادى بسكين فنطق :ـ والله لأذبحنه ، أولتخلين عني ، فبلغ ذلك عبد العزيز فأتاه فنطق :ـ خل عنه ونؤمنك فنطق وكيع لا والله حتى يجيء عشرة من بني تميم فتضمن لهم ثمقد يكونون هم الذين يطلقون عني . فعمل ذلك ثم تحول وكيع إلى خراسان فكان بها رأساً فخط الحجاج إلى قتيبة يأمره بقتله وكان وكيع قد أبلى بلاء حسناً مع قتيبة في مغازيه ويوم الهجر خاصة فعزل قتيبة وكيعا عن الرياسة .. فلما ملك الوليد وخلع قتيبة وسار بالناس إلى فرغانة اجتمع الناس على خلعه وبايعوا وكيعاً فقتل قتيبة وأخذ برأسه فبعث به إلى سليمان .. ومكث وكيع بخراسان غالبا عليها تسعة أشهر ثم ولي يزيد بن المهلب خراسان

أمر الحجاج بن يوسف بشأن وكيع بن حسان

خط الحجاج إلى قتيبة بن مسلم واليه بخراسان :ـ

أما بعد فإن وكيع بن حسان كان بالبصرة منه ما كان ثم صار لصاً بسجستان ثم صار إلى خراسان فإذا أتاك كتابي هذا فاهدم بناءه وأحلل لواءه وكان على شرطة قتيبة فعزله وولى الضبي عم مسعود بن الخطاب المراد بالضبي هنا ( ضرار بن حصين بن زيد الفوارس بن حصين بن ضرار بن نقيل .

قتيبة وفتح بخارى ووكيع بن حسان

كان من أحداث العام 90 للهجرة فتح بخارى

يقول الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك :ـ

أن الأزد نطقت :ـ اجعلونا على حدة ، وخلوا بيننا وبين قتالهم .

فنطق قتيبة :ـ تقدموا فتقدموا يقاتلونهم وقتيبة جالس ، عليه رداء أصفر فوق سلاحه ، فصبروا جميعاً مليا ، ثم جال المسلمون ، وركبهم المشركون فحطموهم حتى دخلوا في عسكر قتيبة وجازوه حتى ضرب النساء وجوه الخيل وبكين ، فكروا راجعين ، وانطوت مجنبتا المسلمين على الهجر ، فقاتلوهم حتى ردوهم ‘لى مواقفهم ، فوقف الهجر على نشز ، فنطق قتيبة :ـ من يزيلهم لنا عن هذا الموضع ،يا ترى؟ فلم يقدم عليهم أحد ، والأحياء كلها وقوف ...

فسار قتيبة إلى بني تميم ،

فنطق :ـ يابني تميم ، إنكم أنتم بمنزلة الحطمية ، فيوم كأيامكم ، أبي لكم الفداء نطق : فأخذ وكيع اللواء بيده ، ونطق :ـ يابني تميم أتسلمونني اليوم ،يا ترى؟ نطقوا لا يا أبا مطرف ـ وهريم بن أبي طحمة المجاشعي على خيل بني تميم ووكيع رأسهم ، والناس وقوف ـ فأحجموا جميعاً ..

فنطق وكيع :ـ ياهريم قدم ، ودفع إليه الراية ..

ونطق :ـ قدم خيلك فتقدم هريم ، ودب وكيع في الرجال ، فإنتهى هريم إلى نهر بينه وبين العدوفوقف .. فنطق له وكيع :ـ أقحم ياهريم .. نطق :ـ فنظر هريم إلى وكيع نظر الجمل الصئول ونطق :ـ أنا أقحم خيلي هذا النهر ، فإن انكشفت كان هلاكها ! والله إنك لأحمق .

نطق : يابن اللخناء ، ألا أراك ترد أمري ! فحذفه بعمود كان معه ، فضرب هريم فرسه فأقحمه ..

ونطق :ـ ما بعد هذا أشد من هذا ، وعبر هريم في الخيل ، وانتهى وكيع إلى النهر ، فنادى بخشب ، فقنطر النهر ونطق لأصحابه :ـ من وطن منكم نفسه على الموت فليعبر ، ومن لا فليثبت مكانه ، فما عبر معه إلا ثمانمائة راجل ، فدب فيهم حتى إذا أعيوا أقعدوهم فأراحوا حتى دنا من العدو، فجعل الخيل مجنبتين ،

ونطق لهريم :ـ إني مطاعن القوم فأشغلهم عنا بالخيل .

ونطق للناس :ـ شدوا فحملوا فما انثنوا حتى خالطوهم ، وحمل هريم خيله عليهم فطاعنوهم بالرماح ، فما كفوا عنهم حتى حدروهم عن موقفهم ،

ونادى قتيبة :ـ أما ترون العدومنهزمين ! فما عبر أحد ذلك النهر حتى ولى العدومنهزمين ، فأتبعهم الناس ، ونادى قتيبة : من اتى برأس فله مائة .. نطق فزعم موسى بن المتوكل القريعي : ونطق اتى يومئذ أحد عشر رجلاً من بني قريع ، جميع رجل يجيء برأس ، فينطق له من أنت ،يا ترى؟ فيقول قريعي .. نطق فاتى رجل من الأزد برأس فألقاه ، فنطقوا له من أنت ،يا ترى؟ نطق قريعي ، نطق وجهم بن زحر قاعد ، فنطق كذب والله أصلحك الله ! إنه لابن عمي فنطق له قتيبة ويحك ما نادىك إلى هذا ،يا ترى؟ نطق رأيت جميع من اتى قريعي فظننت أنه ينبغي لكل من اتى برأس حتى يقول قريعي نطق فضحك قتيبة ...

وفي ذالك يقول الفرزدق :ـ

ومنا الذي سل السيوف وشامها عشية باب القصر من فرغـان

عشية لم تمنـع بنيهـا قبيلـة بعـز عـراقـي ولا بيـمـان

عشيـة ود النـاس أنهـم لنـا عبيد إذ الجمعـان يضطربـان

رجال على الإسلام إذ ما تجالدوا على الدين حتى شاع جميع مكان

سيجزي وكيعاً بالجماعة إذ نادى إليها بسيـف صـارم وبنـان

ويقول أيضا :ـ

أتاني ورحلي بالمدينة سقطةً لآل تميمٍ أقعدت كـل قائـم

نماذج من أقوال وكيع وأبياته التي تدل على جفاءه وغلظته

يقول بن عبدربه في كتابه العقد الفريد عندما تحدث عن أهل العي والجهل المشبهون بالمجانين :ـ

خطب وكيع بن أبي سود وهووالي خراسان فنطق في خطبته :ـ إذا الله خلق السموات والأرض في ستة أشهر . فنطقوا له :ـ بل في ستة أيام !! فنطق والله لقد قلتها وأنا أستقلها .

ونطق وكيع يوماً :ـ

إن ربيعة لم تزل غضاباً على الله مذ بعث الله نبيه في مضر ألا وإن ربيعة قوم كشف ، فإذا رأيتموهم فاطعنوا الخيل في مناخرها فإن فرساً يطعن في منخره إلا كان أشد على فارسه من عدوه

وكيع والقاضي إياس

وأقبل وكيع صاحب خراسان ليشهد عند إياس بشهادة فنطق مرحباً أبا مطرف وأجلسه معه ثم نطق له مااتى بك ،يا ترى؟ نطق لأشهد لفلان . فنطق مالك وللشهادة إنما يشهد الموالي التجار والسوقة نطق صدقت وإنصرف من عنده وإنما كان إياس لا يقبل شهادته ولكن صرفه بحيلة خوفاً منه .

رثاه الفرزدق له في إحدى قصائده

لتبك وكيعاً خيـل ليـلٍ مغيـرةٍ تساقى المنايا بالردينية السمـر

لقوا مثلهم فاستهزموهم بدعوةٍ دعوها وكيعاً والجياد بهم تجري

وبين الذي يدعووكيعاً وبينـه مسيرة شهرٍ للمقصصة البتـر

المصادر

• ملخص من كتاب تاريخ بن خلدون
• فياض خرفوش كتاب تاريخ بني تميم
• علي آل عبدالله