نجيب الكيلاني
نجيب الكيلاني ( 1931 -سبعة مارس 1995) أديب إسلامي مصري.
استطاع الأديب الراحل نجيب الكيلاني حتى يقدم صورة للأدب الإسلامي المنشود، وأثبت أنه وثيق الصلة بواقع الحياة، ويقف شامخا في لقاءة الآداب الأخرى، ويرد فهميًّا على الإبداعات التافهة، عبر حياة جادة كانت حافلة بالعطاءات الأدبية كما نطق العلامّة "أبوالحسن الندوي".
ومعروف عنه أنه الأديب الوحيد الذي خرج بالرواية خارج حدود بلده، وطاف بها ومعها بلدانا أخرى كثيرة، متفاعلا مع بيئاتها المتنوعة، فكان مع ثوار نيجيريا في "عمالقة الشمال" وفى أثيوبيا في "الظل الأسود"، ودمشق في "دم لفطير صهيون" ، و"على أسوار دمشق"، وفي فلسطين .. "عمر يظهر في القدس"، وإندونيسيا في "عذراء جاكرتا"، وهجرستان في "ليالي هجرستان" والتي تنبأ فيها بسقوط الشيوعية منذ أكثر من ثلاثين عاما. والأديب عامة إذا لم يملك تلك القدرة على الاستشراف والتنبؤ بجوار الرؤية الفنية فلا خير في كثير من أعماله.
يرى د. جابر قميحة حتى الكيلاني لديه إحساس عميق بتكثيف الجمال الفني المرتبط بالغموض أحيانًا في بعض أعماله، إلا أنه لا ينسى مسئوليته تجاه القارئ، وخوفه من حتى يقع في براثن الفهم الخاطئ، فتراه في جميع أعماله ينبض بخيوط الوعي المتيقظ، التي تجعل من كتاباته الروائية متعة خاصة وقتًا مكتملاً.
كما يؤكد د. حلمي القاعود على حتى نجيب الكيلاني كان فريدًا في فك الفضاءات المكانية والمجالات الزمانية في أعماله عبر احترافه وحفاوته بالتحليل الدقيق والمنمنمات، واستطاع حتى يملأ الساحة بالبديل السليم؛ حيث يعتبر أغزر الكتاب إنتاجًا على الإطلاق، بينما يأتي "نجيب محفوظ" والسحار في المرتبة الثانية من حيث الكم!
حيث نطق عنه نجيب محفوظ في عدد أكتوبر عام 1989: "إن نجيب الكيلاني هومنظّر الأدب الإسلامي الآن"؛ ذلك لأن مقولاته النقدية، وأعماله الروائية والقصصية تشكل ملامح نظرية أدبية لها حجمها وشواهدها القوية، التي عززتها دراساته حول "آفاق الأدب الإسلامي" و"الإسلامية والمذاهب الأدبية"، و"الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق" ومدخل إلى الأدب الإسلامي"، وتجربتي الذاتية في السيرة الإسلامية"…
النغم في شعره
بينما يرى د. محمد حسن عبد الله حتى جميع إنتاج الكيلاني ذوهادفية مؤمنة، وعمق وشفافية متصوفة تبدوكومض الخاطر بين السطور، وهوجاد وعميق ومؤثر، ومتصل أوثق الاتصال بروح هذا الشعب، ويملك التأثير في حياة قومه التي كان واحدًا من أفذاذها المتفردين.
والكيلاني في شعره لا يقل منزلة عن قصصه ورواياته، فهوشاعر "الأمل الطريد"، الذي يمتلك ناصية الإيقاع والإبداع عبر دواوينه الثمانية، التي تنطق بالفن الأصيل، ذي الضوابط والغايات، عبر اللفظة الموحية، والنغمة الربانية، والتلمس الراهف لقواعد الفن الجميل… حيث يقول:
أنا لست أرضى حتى أعيش بشاطئ الدنيا غريب
في معقل الصمت الكئيب على ثرى واد رهيب
الحزن أغنيتي وأحلامي يوشيها الشحوب
أنا لست أرضى حتى أكون صدى هزيلاً في الدروب
إن الحياة على الغريب أشق من هول الممات
مضجوعة النجوى معذبة الخواطر والسمات
وشروقها مثل الغروب، وشدوها لحن النعاة
فهي الفراغ المدلهم ومدفن للأمنيات
القصص الشعري
وقد استطاع الكيلاني ـ رحمة الله ـ حتى يوظف كثيرًا من آليات الفن القصصي في شعره، فاستخدم الرمز والقناع والحوار والسرد والتعبير المتلاحق، والارتداد (تذكّر الماضي والرجوع للوراء) والمفارقة، واللقطات المقتطعة من خلال الأشكال والمضامين التعبيرية المتفردة ، كما يرى د. جابر قميحة أول دواوين "نحوالعلا" عام 1950 وهوطالب بالفترة الثانوية، وآخرها "لؤلؤة الخليج" وهوالديوان الذي لم يكتمل، مرورًا بـ "كيف ألقاك" و"عصر الشهداء" و"أغنيات الغرباء" و"مدينة الكبائر"، و"مهاجر" ، و" أغنيات الليل الطويل".
تزوج الراحل الكبير د. نجيب الكيلاني عام 1960 من الأديبة الإسلامية "كريمة شاهين" شقيقة الأديبة الإذاعية المصرية "نفيسة شاهين" ورزق بثلاثة ذكور هم الدكتور جلال، والمهندس حسام، ومحمود المحامي، كما رزق بأنثى واحدة هي د. عزة.
الكيلاني والإعلام
آخر إبداعاته الروائية "ملكة العنب"، واعترافات عبد المتجلي" "وحكاية جاد الله"، وقبل رحيله هجر ثلاثين فكرة لثلاثين رواية إسلامية، ودونها في مفكرة صغيرة عن مشكلات المجتمع المسلم.
في أيام الرحيل أبدع مسرحية "حبيبتي سراييفوا" التي لم ينتبه إليها القرّاء والنقّاد، فلم يذكرها محرر أوناقد حتى الآن.
وهي تعالج الأوضاع المأساوية في البوسنة والهرسك، وتقدم الأمل من خلال رسالة التبشير والتطهير التي يحملها الفن الإسلامي.
تحول الكثير من أعماله الروائية إلى أعمال فنية، حيث فاز فيلم "ليل وقضبان" عن روايته "ليل العبيد" بالجائزة الأولى لمهرجان طشقند السينمائي عام 1964، كما تحولت رواية "الليل الموعود" إلى مسلسل إذاعي وتليفزيوني إنتاج مصري ليبي مشهجر قدّم في شهر رمضان باسم (ياقوتة ملحمة الحب والسلام) عام 1973.
ترجم الكثير من أعماله إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والهجرية والروسية والأردية والفارسية والصينية والإندونيسية والإيطالية والسويدية.
وفاته
الأديب د. نجيب الكيلاني رحل عنا فيسبعة مارس 1995.
روابط خارجية
- مدونة الدكتور نجيب الكيلاني