معاذ بن جبل

جبل راسخ في الفقهوالإفتاء والقرآن والفهم والأخلاق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

إمامُ الفهماء

هومعاذ بن جبل بن عمروبن أوس، يكنى أبا عبد الرحمن، وأسلم وهوابن ثماني عشرة سنة، وشهد العقبة الثانية مع السبعين وبدر والمشاهد كلها مع رسول الله، وأردفه رسول الله وراءه، وبعثه إلى اليمن بعد غزوة تبوك وشيعه ماشيًا في مخرجه وهوراكب، وكان له من الولد عبد الرحمن وأم عبد الله وولد آخر لم يذكر اسمه.

صفاته رضي الله عنه

كان شابا ,فتياً , يافعاً ,وسيماً من شباب الأنصار كان أحسنهم اخلاقاً وأسمحهم كفاً

عن أبي بحرية يزيد بن قطيب السكونى نطق: دخلت مسجدحمص فإذا أنا بفتى حوله الناس، جعد قطط، فإذا تحدث كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ، فقلت من هذا نطقوا معاذ بن جبل. وعن أبي مسلمالخولاني نطق: أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا حدثا اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى نطق: قلت لجليس لي من هذا،يا ترى؟ نطقوا هذا معاذ بن جبل. وعن الواقدي عن أشياخ له نطقوا: كان معاذ رجلا حسن الشعر عظيم العينين مجموع الحاجبين جعدا قططا.

ثناء رسول الله على معاذ

عن أنس بن مالك نطق: نطق رسول الله: [أفهم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل] رواه الإمام أحمد.

وعن عاصم بن حميد عن معاذ بن جبل نطق: لما بعثه رسول الله إلى اليمن خرج معه رسول الله يوصيه ويدعوله :(( حفظك الله من بين يديك ومن خلفك , وعن يمينك وعن شمالك , ومن فوقك ومن تحتك , ودرأ عنك الإنس والجن )) ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته، فلما فرغ نطق:(( يا معاذ، إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، ومن الممكن أنك تمر بمسجدي هذا ....أوقبري)) فبكى معاذ متأثراً بفراق رسول الله، ثم التفت فأقبل بوجهه نحوالمدينة فنطق: ((إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا)).

ثناءالصحابة عليه

عن الشعبي نطق: حدثني فروة بن نوفل الأشجعي نطق: نطق ابن مسعود: إذا معاذ بن جبل كان أمةً قانتًا لله حنيفًا، فقيل إذا إبراهيم كان أمةً قانتًا لله حنيفًا، فنطق ما نسيت هل تدري ما الأمة،يا ترى؟ وما القانت فقلت: الله أفهم، فنطق: الأمة الذي يفهم الخير، والقانت المطيع لله عز وجل وللرسول، وكان معاذ بن جبل يفهم الناس الخير وكان مطيعًا لله عز وجل ورسوله. وعن شهر بن حوشب نطق: كان أصحاب محمد إذا تحدثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبة له.

مقتطفات من حياته

نبذة من زهده

عن مالك الداري حتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة فنطق للغلام امضى بها إلى عبيدة بن الجراح ثم تَلَهَّ ساعةً في البيت حتى تنظر ما يصنع، فمضى الغلام نطق: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، نطق: وصله الله ورحمه، ثم نطق: تعالي يا جارية امضىي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر فأبلغه فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فنطق: امضى بها إلى معاذ بن جبل وتَلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فمضى بها إليه، نطق: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فنطق: رحمه الله ووصله، تعالي يا جارية امضىي إلى بيت فلان بكذا، امضىي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأته فنطقت: ونحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران فدحا (فدفع) بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأبلغه بذلك فنطق: إنهم إخوة بعضهم من بعض.

نبذة من ورعه

عن يحيى بن سعيد نطق: كانت تحت معاذ بن جبل امرأتان فإذا كان عند إحداهما لم يشرب في بيت الأخرى الماء. وعن يحيى بن سعيد حتى معاذ بن جبل كانت له امرأتان فإذا كان يوم إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى ثم توفيتا في السقم الذي بالشام والناس في شغل فدفنتا في حفرة فأسهم بينهما أيتهما تقدم في القبر.

نبذة من تعبده واجتهاده

عن ثور بن يزيد نطق: كان معاذ بن جبل إذا تهجد من الليل نطق: اللهم قد نامت العيون وغارت النجوم وأنت حي قيوم: اللهم طلبي للجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد

جوده وكرمه

عن ابن كعب بن مالك نطق: كان معاذ بن جبل شابًّا جميلا سمحًا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه حتى أدان دينا أغلق ماله فحدث رسول الله حتى يحدث غرماءه حتى يضعوا له شيئا فعمل فلم يضعوا له شيئا، فنادىه النبي فلم يبرح حتى باع ماله فقسمه بين غرمائه فقام معاذ لا مال له نطق الشيخ رحمه الله: كان غرماؤه من اليهود فلهذا لم يضعوا له شيئًا.

نبذة من مواعظه وكلامه

عن أبي إدريس الخولاني حتى معاذ بن جبل نطق إذا من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه المؤمن والمنافق والصغير والكبير والأحمر والأسود فيوشك قائل حتى يقول ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتبعوني عليه فما أظنهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره إياكم وإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان يقول علي في الحكيم حدثة الضلالة، وقد يقول المنافق حدثة الحق فاقبلوا الحق فإن على الحق نورًا، نطقوا: وما يدرينا رحمك الله حتى الحكيم قد يقول حدثة الضلالة،يا ترى؟ نطق هي حدثة تنكرونها منه وتقولون ما هذه فلا يثنكم فإنه يوشك حتى يفيء ويراجع بعض ما تعهدون. وعن عبد الله بن سلمة نطق: نطق رجل لمعاذ بن جبل: فهمني، نطق وهل أنت مطيعي نطق: إني على طاعتك لحريص نطق: صم وأفطر، وصل ونم، واكتسب ولا تأثم، ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإياك ودعوة المظلوم. وعن معاوية بن قرة نطق: نطق معاذ بن جبل لابنه: يا بني، إذا صليت فصل صلاة مودع لا تظن أنك تعود إليها أبدًا وافهم يا بني حتى المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها وحسنة أخرها. وعن أبي إدريس الخولاني نطق: نطق معاذ: إنك تجالس قومًا لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عند ذلك رغبات. رواهما الإمام أحمد. وعن محمد بن سيرين نطق: أتى رجل معاذ بن جبل ومعه أصحابه يسلمون عليه ويودعونه فنطق: إني موصيك بأمرين إذا حفظتهما حُفِظْتَ إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظاما فتزول به معك أينما زلت. وعن الأسود بن هلال نطق: كنا نمشي مع معاذ فنطق: اجلسوا بنا نؤمن ساعة. وعن أشعث بن سليم نطق: سمعت راتى بن حيوة عن معاذ بن جبل نطق: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن المضى ولبسن رياط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يجد

سقمه ووفاته

عن طارق بن عبد الرحمن نطق: سقط الطاعون بالشام فاستغرقها فنطق الناس ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء، فبلغ معاذ بن جبل فقام خطيباً فنطق: إنه قد بلغني ما تقولون وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وكموت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما أشد من ذلك حتى يغدوالرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هوأومنافق، وخافوا إمارة الصبيان. وعن عبد الله بن رافع نطق لما أصيب أبوعبيدة في طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل واشتد الوجع فنطق الناس لمعاذ ادع الله حتى يحمل عنا هذا الرجز فنطق إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم وشهادة يختص الله بها من يشاء من عباده منكم، أيها الناس أربع خلال من استطاع منكم حتى لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها، نطقوا وما هن نطق يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل والله لا أدري علام أنا،يا ترى؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل من المال مال الله على حتى يتحدث بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة، فطعن ابناه فنطق: كيف من الممكن أن تجدانكما،يا ترى؟ نطقا: يا أبانا {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين نطق: وأنا ستجداني إذا شاء الله من الصابرين، ثم طعنت امرأتاه فهلكتا وطعن هوفي إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول: اللهم إنها صغيرة فبارك فيها فإنك تبارك في الصغيرة حتى هلك. واتفق أهل التاريخ حتى معاذًا ـ رضي الله عنه ـ توفي في طاعون عمواس بناحيةالأردن من الشام سنة ثماني عشرة، واختلفوا في عمره على قولين: أحدهما: ثمان وثلاثون سنة، والثاني: ثلاث وثلاثون.