حافظ سلامة

عودة للموسوعة

حافظ سلامة

الشيخ حافظ سلامة.

الشيخ حافظ سلامة (و. 25 ديسمبر 1925)، بطل وقائد المقاومة الشعبية في مدينة السويس وأحد رموز العمل الخيري.

نسبه ومولده

ولد حافظ علي أحمد سلامة في 25 ديسمبر عام 1925م بمدينة السويس، وكان الرابع بين أبناء الحاج علي سلامة تاجر الأقمشة. وكعادة معظم أهل مصر وقتها أوفده أبوه إلى أحد الكتاتيب وبعدها انتقل إلى المراحل التعليمية المتنوعة إلى جانب عمله في محل الأقمشة الذي يملكه أبوه. وأثناء الحرب العالمية الثانية التي دارت رحاها بين قوات الحلفاء والمحور كانت السويس -مدخل القناة- هدفًا لسلاح الطيران الألماني، وباعتبار حتى مصر خاضعة للاحتلال الإنجليزي في هذه الظروف اضطر والد "حافظ" حتى يهجر السويس بأسرته مع كثير من الذين هجروا المدينة مع تصاعد أحداث الحرب.

رفض حافظ سلامة وكان عمره وقتها 19 عامًا الهجرة إلى القاهرة وألح على والده البقاء في المدينة لكي يباشر العمل في محل الأقمشة بما يوفر نفقة المعيشة لأسرته في القاهرة، فبقي في السويس ليرى بعينه ويسمع بأذنه فصلاً من أحداث الحرب العالمية الثانية، ولم ينأ بنفسه عن المعركة بل اختار دورًا في عمليات الدفاع المدني لمساعدة الجرحى والمصابين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأهداف المدمرة. ولقد أنضجت الحرب تصور حافظ سلامة للواقع السياسي ومنحته الجراءة في لقاءة المواقف الصعبة لينتقل بعد ذلك لدور أكثر أهمية وأشد خطورة..

ففي عام 1944م كانت مقاومة الشباب الفلسطيني للاحتلال تشتد بعد ما نكث الإنجليز وعدهم بالانسحاب بسبب ارتباطهم بوعد بلفور وكان حُجاج فلسطين يمرون على مدينة السويس أثناء ذهابهم إلى الأراضي المقدسة عن طريق خط السكة الحديد الذي كان يصل بين القدس وميناء السويس، وتعهد "حافظ" على أحد هؤلاء الفلسطينيين الذي طلب منه مده بكميات من حجارة الولاعات التي تستخدم في عمل القنابل. وفي إحدى المرات قبض على حافظ وبعض رفاقه أثناء قيامهم بهذه العمليات وحوكموا محاكمة عسكرية قضت بسجنهم لمدةستة أشهر مع الأشغال.. وبعد توسط بعض أمراء الأسرة المالكة في مصر تم الإفراج عنهم بعد 59 يومًا من هذا الحكم.

وتفهم حافظ من هذه الأحداث أهمية العمل الجماعي المنظم لخدمة قضايا الأمة وكانت الساحة المصرية آنذاك مزدحمة بالاتجاهات الفكرية والأحزاب السياسية والجماعات الإسلامية، فكان هناك حزب الوفد والحزب الوطني والأحرار الدستوريين ومصر الفتاة وكانت جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب الشيوعيين، كما وجدت جمعيات إسلامية، مثل الجمعية الشرعية وشباب محمد وأنصار السنة، وكذلك الجماعات الصوفية بطرقها وطوائفها المتعددة... لكن حافظ الذي كانت لديه نزعة دينية بتأثير نشأته عثر بغيته في جماعة شباب سيدنا محمد ، وهي جماعة أسسها منشقون عن الإخوان المسلمين ومصر الفتاة عام 1938م.

ورغم حتى غالبية المتدينين آنذاك كانوا تحت مظلة الإخوان انضم حافظ لجماعة شباب محمد عام 1948؛ لأنه كان يرى في أبنائها أنهم يجهرون بالحق ولا يخشون في الله لومة لائم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لا فرق عندهم بين ملك وأمير؛ عملاً بقول النبي : "الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وقوله: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله". وما إذا انضم حافظ للجماعة حتى أصبح نقيبًا للوائها بمحافظة السويس[1].


أهم المعارك ودوره فيها

تجربة حرب فلسطين

في نفس عام انضمامه لجماعة شباب محمد 1948م، أُعلن قيام دولة الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين، وكانت الجيوش العربية تستعد لحربها مع العصابات الصهيونية؛ فحاول حافظ سلامة التطوع للقتال، لكن قيادة الجماعة أقنعته حينذاك بحاجتهم لجهوده من خلال مهاجمة قواعد الإنجليز في مدينة السويس والاستيلاء على الأسلحة والذخائر وتسليمها للمركز العام لجماعة شباب محمد بالقاهرة لتقديمها لدعم المجاهدين في فلسطين.

وانتهت حرب فلسطين بالهزيمة وصدمة كبيرة لحافظ سلامة لم يتوقف عندها كثيرا بل عاد لممارسة دوره الدعوي والخيري من خلال جماعة شباب محمد حتى ألقت السلطات المصرية القبض عليه في يناير من عام 1950 بسبب منطق خطه في جريدة "النذير" لسان حال الجماعة انتقد فيه نساء الهلال الأحمر بسبب ارتدائهن أزياء اعتبرها مخالفة للزي الشرعي.

لم تعطِ الأحداث فرصة لحافظ سلامة لالتقاط أنفاسه فتقلب من أزمة لأخرى حتى اتى عام 1951م حيث بدأت الفصائل الوطنية المصرية في تنظيم عمليات مقاومة للقوات الإنجليزية المرابضة على أرض القنال، وهي العمليات التي تمكنت من إزعاج المحتل الإنجليزي وتدمير عدد من قواعده؛ وهوما أسهم في جلاء الاحتلال بعد ذلك بعدة أعوام.

وفي هذه الأثناء قام ضباط من الجيش المصري بثورة يوليو1952 التي يعتبرها حافظ سلامة انقلابًا، ويراها من أبرز مسببات الأزمات التي تعانيها مصر والأمة العربية إلى الآن. ولعل أحد مسببات رأيه هذا ما عاناه من كبت للحريات في العهد الناصري، ومن بعده عهد السادات.. فقد أصدر جمال عبد الناصر قرارًا بحل جماعة شباب محمد بعد نقدٍ وجهته إحدى صحفها للنظام الماركسي، نشرت بعده جريدة (برافدا) تقريرًا تحريضيًّا يتهم الجماعة بتعكير صفوالعلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي، فصدر القرار بحلِّ الجماعة وإغلاق صحفها.


حرب 1967

بينما كان حافظ سلامة يقضي فترة اعتنطق خلف جدران معتقل أبي زعبل القريب من القاهرة بتهمة تحفيظ القرآن الكريم؛ كانت مصر تتعرض لأكبر هزيمة عسكرية في تاريخها الحديث من خلال ما عهد باسم نكسة 1967م، والتي انتهت وفي أيام محدودة إلى احتلال الصهاينة للضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية. كان حافظ وقتها وبالتحديد في العنبر رقم 12 الذي أطلق عليه عنبر "العتاولة"، والذي أوصى الرئيس عبد الناصر -كما يقول حافظ- بأن يظل نزلاؤه به مدى الحياة، وألا يخرجوا منه إلا إلى مقابرهم، وكان من نزلاء هذا العنبر عدد من قيادات الإخوان المسلمين وآخرون. وحين سقط العدوان تقدم حافظ سلامة ورفاقه في المعتقل بطلب رسمي إلى قائد المعتقل للسماح لهم بالمشاركة في صد العدوان الصهيوني مع التعهد بالرجوع إلى السجن فور انتهاء المعركة ولكن قوبل الطلب بالرفض. وحين خرج حافظ سلامة من المعتقل عثر مدينته "السويس" وقد هجرها أهله بعد عدوان 1967م، ولم يبق فيها إلا 1% ممن كانوا فيها. كان حافظ سلامة على يقين بأن الأيدي التي لا تعهد الوضوء لا تستطيع حمل السلاح في لقاءة العدو، وكان مقتنعًا كذلك بأن النصر لن يأتي إلا بالإعداد الجيد لجيل يمتلئ قلبه بالإيمان والتضحية وحب الشهادة... ومن هذا المنطلق بدأ حافظ سلامة في بث جرعات إيمانية وروحية في قلوب المواطنين وفي نفوس أبناء القوات المسلحة، وذلك من خلال توجيه قوافل من كبار النادىة في مصر لغرس مبادئ الإسلام في حب الشهادة وحتمية استعادة الأرض المسلوبة في نفوس أفراد القوات المسلحة وأبناء الأمة عامة، وكان لحافظ وفهماء الأزهر الذين كان يحضرهم لإلقاء الدروس والمحاضرات أكبر الأثر في حمل الروح المعنوية، وتعبئة الطاقات القتالية لدى الجنود المرابطين على الضفة الغربية من قناة السويس. وحين لمست قيادة القوات المسلحة أثر هذه القوافل والدروس زادت جرعاتها رأسيًّا وأفقيًّا لتضم جميع الوحدات.

ولذلك فقد اعتبر قادة الجيش حتى حافظ سلامة كان أبرز من ساهموا في عملية الشحن المعنوي للجنود بعد هزيمة 1967م والاستعداد لحرب عام 1973م؛ فنطق عنه اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني بأنه صاحب الفضل الأول في حمل الروح الدينية للقوات المسلحة، وكان يعده أبًا روحيًّا لهؤلاء الجنود، كما أكد اللواء أركان حرب يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 مشاة "أن النداءات الأولى للجهاد المقدس والكفاح المخلص تنطلق من الحنجرة المؤمنة بالله والوطن، من المناضل حافظ سلامة".

يروي الشيخ حافظ سلامة قائلاً عن بداية مقاومته في السويس، فيقول:

«كنت بالقاهرة في ذلك اليوم لتمضية بعض الأعمال الخاصة بمسجد النور ولأحجز للسفر إلى بيروت يوم 20 أكتوبر... وأثناء سيري في الشارع سمعت بعض المارة يقول المعركة مستمرة بالطيران والمدفعية والصواريخ.... ظننت في بادئ الأمر أنها غارة صهيونية جديدة فتوجهت لسماع المذياع عند كشك يبيع المرطبات لأسمع مذيعًا يذيع البيان الثاني للقيادة العامة للقوات المسلحة.

لا أستطيع حتى أعبر تمامًا عما اعتراني جسدًا وروحًا وجريت مهرولاً باتجاه محطة القطار فإذا بي أجد قرارًا بوقف جميع المواصلات المتجهة إلى مدن القناة، فاستقليت سيارة خاصة باتجاه السويس واستطعت من خلال بعض الاتصالات من أخذ الإذن بالسماح لي بالتوجه إلى هناك حيث كانوا يمنعون جميع السيارات المدنية (غير العسكرية) من الذهاب إلى مدن الجبهة.. وسار الموكب... وكم كنت أتمنى حتىقد يكون معنا جميع مؤمن حتى يشاهد الأنوار الإلهية التي غمرت تلك المنطقة؛ فأنت ترى السماء وكأنها قد أضيئت وترى النور على وجود جنودنا الأبطال وهم يهتفون "الله أكبر" وهم فرحون مستبشرون كأنهم يزفون إلى عُرس! ولم أملك نفسي وأنا أهتف بأعلى صوتي "الله أكبر.. الله أكبر... الله أكبر" فأسمع صداها يقترب ويقترب حتى رأيت قواتنا كأنهم جند السماء يكبرون ويهللون وهم يقتحمون أمنع الحصون وأعتاها.


وأقبلت نسمات الفجر من صبيحة اليوم الثاني للمعركة وأذن المؤذن للصلاة فازدحم مسجد الشهداء برجالنا وشبابنا، وقضيت الصلاة وألقيت حدثة جامعة عن الجهاد في سبيل الله، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين في البلاء من إحدى الحسنيين إما النصر أوالشهادة في سبيل الله والفوز بجنة عرضها السموات والأرض، ولم يكن أمام المقاومة في بدء عملها إلا أعمال الخدمات الطبية والمعنوية، ولعمري إذا هذه المهمة لا تقل في خطورتها وأثرها عن خدمة الميدان وهي من أقوى أسلحة المعركة حينما تدار لتجعل من أبطالنا الجرحى والشهداء، معين قوة لغيرهم ليستعذبوا البلاء والابتلاء في سبيل الله والوطن.

وعلى الرغم من توجه بعض أعضاء الجمعية برفقتي غاضبين إلى مخط المخابرات يشتكون من عدم وجودهم في عملية العبور فإن العقيد فتحي عباس رد عليهم قائلاً: إذا هذا هودور القوات المسلحة، وهم في حاجة إلى من ينقل جرحاهم ويضمد جراحاتهم ويدفن شهداءهم؛ فهذا الدور لا يقل عن دور المقاتل على الجبهة.

ولم أملك نفسي إلا حتى أكبر وأهلل عندما اطلعت على شهداء العبور الأول... إنهم لم يتعدوا الاثنين وعشرين شهيدًا.


ولقد كان دور الفهماء كبيرا عندما كان يجلس أحدهم إلى جوار الجريح يطعمه ويسقيه بيديه ويمسح عنه أثر الدماء مربتًا على صدره ويمسك قلمه ومفكرته ليقول له: هل لك من حاجة توصلها إلى أهلك،يا ترى؟ هل أنت بحاجة إلى شيء؟

وأقولها للتاريخ: إنهم كانوا جميعًا يريدون فقط الاطمئنان على تقدم إخوانهم... يريدون حتى نرجعهم إلى إخوانهم على أرض المعركة.

قد يعجب الناس حينما رأيت حتى تعمل محلات الحلوى في السويس بلا توقف لتشارك في أعياد النصر وتشاورت مع الدكتور محمد أيوب مدير المنطقة الطبية عن أنسب الهدايا التي أقدمها للجرحى فاختار البسكويت والنعناع والحلوى، وعلل اختياره لهذه الأصناف بمصلحة الجريح وتوجهت من فوري إلى محل محمد جمعة للحلويات واشتريت كميات من هذه الأصناف، ثم مضىت إلى مسجد الشهداء وطلبت من الفهماء والمقرئين وجميع الإخوة التوجه إلى الدور العلوي للمسجد وذلك لغرض إعداد علب الحلوى، ثم توجهنا بها إلى المستشفى العام وكم كان لهذه الزيارة أثر كبير في نفوس الجرحى.


وما أطل صباح يوم الثلاثاء العشرين من رمضان حتى بدأنا نشعر حتى دورنا في المعركة قد اقترب واقترب، لقد فهم شعبنا حتى ثغرة قد فتحت بين الجيشين الثاني والثالث عند منطقة الدفرسوار... وكان من الطبيعي حتى يقابل جيشنا هذه المشكلة وأن يعمل على وأدها في مهدها ولكننا كرجال للمقاومة كان لا بد حتى نقدر أسوأ الاحتمالات الممكنة... بحيث نتعهد على ما الهدف الذي يريد حتى يحققه من هذه المستوى ومن ثم نعمل على عدم تمكينه من تطبيق رغبته هذه، وكانت غاية العدوهوأنه يريد حتى يحتل مدن القناة بأي ثمن وفي مقدمة هذه المدن مدينة السويس، إذا الحرب إذا امتدت إلى المدن كان القتال فرضًا، ويكون تسليم السويس وفيها رجل واحد ينبض بالحياة إنما هوالكفر بعينه، كانت هذه هي عقيدة رجالنا، إذا الاحتلال اليهودي لمدينة السويس يعني في نظر الإعلام الصهيوني التأثير في العالم بأن الحرب قد انتهت لصالح الصهيونية.»


الثغرة تلقي الرعب في السويس

ونتوقف مع ذكريات المجاهد حافظ سلامة عن أيام العبور الأولى حتى يوم 16 أكتوبر لنفسح المجال للآخرين ممن استشهد بأقوالهم في كتابه. حيث كانت جميع ساعة تمر بعد هذا التاريخ تحمل إلى أهالي مدينة السويس أنباء جديدة، وكل نبأ يشعر في ظاهره بأن ميزان المعركة قد تغير... غارات مكثفة... أصوات مدفعية... والصواريخ تهز المنطقة هزًّا... عدد الجرحى والشهداء يتضاعف حتى اتى يوم 22 أكتوبر، وبدأت فلول قواتنا المسلحة المنسحبة تفد إلى مدينة السويس، نتيجة تسرب بعض قوات العدوإلى الضفة الغربية للقنال عن طريق الثغرة وأخذت أعدادها في الزيادة بصورة مضطردة، وقد أشاعت القوات المنسحبة حالة من الذعر والخوف بين المواطنين لما تردد عن تقدم القوات الصهيونية نحوالمدينة مما حدا ببعض المواطنين إلى مغادرة المدينة إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، وتعرض البعض منهم لنيران العدووغاراته الجوية على الطريق الصحراوي المؤدي للقاهرة كما تعرض بعضهم للأسر يوم 23 من أكتوبر 1973م.

حرب العاشر من رمضان لم ينم أهالي السويس ليلة الرابع والعشرين من أكتوبر في انتظار مفاجآت العدوالغادر... وفي صبيحة ذلك اليوم قام العدوبغارة مركزة على السويس تمهيدًا لدخول قواته المدرعة إلى المدينة حيث تقدمت القوات بعد انتهاء الغارة إلى المدينة التي كانت في ذلك الوقت خالية من أي وسائل للدفاع عنها، وكانت الروح المعنوية منهارة في صفوف القوات المسلحة النظامية، وعلى الجانب الآخر كان الشيخ حافظ سلامة يحشد رجال المقاومة في مسجد الشهداء استعدادًا للقاءة شرسة مع العدو.

واقتحمت قوة من أفراد العدومبنى قسم شرطة الأربعين وحاصرته بدباباتها ومدرعاتها إلا حتى رجال المقاومة تصدوا لمجموعة من المدرعات، وبهذا أطلقت الشرارة الأولى للمقاومة الشعبية، اندفع بعدها شعب السويس وما تبقي من رجال القوات المسلحة في معركة دامية مع قوات العدوكانت نتيجتها تدمير جميع دبابات العدوومدرعاته وسياراته التي اقتحمت المدينة بالإضافة إلى القضاء على معظم أفراد العدو. كما سقط عدد من رجال المقاومة شهداء بعد يوم حافل باللقاءات الصعبة، إلا حتى الخسائر التي لحقت في هذا اليوم كسرت طموحاته في احتلال المدينة، وظل هذا اليوم يومًا خالدًا في تاريخ شعب السويس وجعلوه عيدًا قوميًا لهم يحتفلون به جميع عام.

وفي يوم 25 أكتوبر بدأ العدوفي استخدام سلاح مختلف وهوسلاح الحرب النفسية فما زال متمكنًا إلى الآن من تطويق المدينة... وأوفد العدوتهديدًا إلى محافظ السويس آنذاك بتدمير المدينة بالكامل بالطائرات إذا لم تستسلم خلال نصف ساعة وأن عليه الحضور ومن معه من المواطنين رافعين الرايات البيضاء.

لقد أصابت هذه التهديدات بعض المواطنين وكذلك بعض المسئولين بحالة من الفزع وكان المسئولون وعلى رأسهم المحافظ أميل إلى التسليم اعتقادًا منه حتى ذلك أفضل جدًّا من تدمير المدينة على من فيها... وأيده في ذلك البعض حتى مضى بعضهم إلى أخذ أكفان مسجد الشهداء البيضاء وحملها على أيدي المكانس (المقشات) استعدادًا للتسليم، وعندما مضى قائد القوات المسلحة بالمدينة العميد "عادل إسلام" لاستطلاع رأي الشيخ حافظ سلامة ومن معه من رجال المقاومة رد عليه الشيخ حافظ بثبات ورباطة جأش: إذا معنى التسليم يا سيادة العميد هوحتى أسلم لليهود أكثر منعشرة آلاف جندي وضابط من قواتنا المسلحة، بل إني بذلك يفترض أن أكشف الجيش الثالث بالضفة الشرقية من القناة وأسلم جميع أرواح هؤلاء لأعدائنا وأعداء الإنسانية، وتصير نكسة أشد من نكسة 67 لمصر والعرب والمسلمين... إذا الطيران الصهيوني قد مضى عليهستة سنوات وهويضرب المدينة فلتكنستة سنوات وأيامًا.

إننا إما حتى نعيش أحرارًا أونقضي كما قضى غيرنا وصدق الله العظيم إذ يقول: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب: 23]. وهنا نطق العميد عادل إسلام: اعتبرني من الآن فردًا من أفراد المقاومة الشعبية...

واستمر الشيخ حافظ ورجاله في المقاومة وقام الشيخ حافظ سلامة بتعبئة نفسية مضادة للصهاينة، حينما قام بإذاعة نداء من مسجد الشهداء كرد على الإنذار الصهيوني، وتوالت فوزات المقاومة على العدوالصهيوني حتى تدخلت قوات الطوارئ الدولية التي دخلت المدينة يوم 28، ورغم استمرار العدوفي غاراته فإن ثبات رجال المقاومة أرغم العدوعلى مغادرة المدينة دون تحقيق فوز يذكر.

ولهذه الملحمة خوارق وبطولات رائعة شهدتها ملحمة السويس بحاجة لمؤلفات عدة ترويها وتوثقها ولا يتسع المقام لذكرها كلها، لكن مما يروى أنهم أرادوا نقل جثمان الشهيد إبراهيم سليمان إلى مكان آخر فوجدوا الجثمان كما هوبعد ما تصوروا أنهم سينقلون رفاتًا وعظامًا، وذلك بعد مرور 90 يومًا من استشهاده، وكذلك سيرة البئر المعطلة من 80 عامًا التي أرشد إليها عم مبارك، وإذا بالبئر تعطي لا ينفد ماؤها فكانت مددًا إلهيا لأهل السويس وللقوات المسلحة شرق القناة... وغيرها الكثير من قصص الشهداء والأبطال الذين تخرجوا في جامعة مسجد الشهداء التي فهمتهم وفهمتهم قول النبي : "من توفي دون أرضه فهوشهيد، ومن توفي دون عرضه فهوشهيد، ومن توفي دون ماله فهوشهيد".

وأصبح زعيمًا شعبيًّا بعد الرابع والعشرين من أكتوبر، ويمكن حتى يعد الدور الذي لعبه حافظ سلامة أثناء حرب أكتوبر عام 1973 من أبرز أدوار حياته لما كان له من أهمية في تاريخ مصر والأمة العربية.. يصف سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب هذا الدور قائلاً: "إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23- 28 أكتوبر عام 1973م عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدوالصهيوني وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة".

لم يكن جهاد الشيخ حافظ سلامة مقصورًا على حمل السلاح فقط، بل جاهد بلسانه أيضًا، ومما يذكر له أنه خلال ثلاثين عامًا بعد نهاية الحرب لم تفتر همة الرجل الذي ظل وفيًّا لأمته وقضاياها، فها هوينتقل من دور مقاومة العدوالمحتل إلى دور المشاركة الإيجابية في مجتمعه من خلال أنماط دعوية أوسياسية أواجتماعية، وإن اصطدم فيها كثيرا مع القيادة السياسية المصرية التي كان قد تجاوز حتى كرمته لدوره في الجهاد.

فبالرغم من حل جماعة شباب محمد فإن أفكارها ظلت في عقل حافظ سلامة وخاصة ما يتعلق منها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق في وجه السلطان الجائر؛ فوقف أكثر من مرة ليقول لا، خاصة بعد زيارة الرئيس السادات للقدس عام 1977م ومعاهدة كامب ديفيد عام 1979م، وهوما دفع بالسادات لوضعه في القائمة التي كان يعتبرها خارجة عن العائلة المصرية! وحين اتىت اعتنطقات سبتمبر 1981م الشهيرة لتضم قائمة من كافة القوى السياسية والدينية كان حافظ سلامة على رأس عشرة أسماء في تلك القائمة، ولم يفرج عنه إلا بعد اغتيال السادات.

وبعدها بأعوام يمر على حافظ سلامة يوم يعتبره الأعصب -كما نطق لي- في حياته بعد يوم 24 أكتوبر الملحمي، وذلك حينما قرر حافظ سلامة خروج مسيرة تنطلق من مسجد النور بميدان العباسية -الذي كان تابعًا لجمعية الهداية ثم ضمته وزارة الأوقاف المصرية إليها- لمطالبة رئيس الجمهورية بتطبيق الشريعة الإسلامية. واحتشدت الجماهير الغفيرة للمشاركة في هذه المسيرة التي سماها حافظ سلامة "المسيرة الخضراء" فقررت الحكومة المصرية منعها بكل السبل ليصدر حافظ سلامة خطابًا بإلغاء المسيرة خوفا من تحويل لونها الأخضر إلى أحمر.

وخلال الثلاثين عامًا الماضية كان لحافظ سلامة دور مهم على المستويين الدعوي والاجتماعي من خلال جمعية الهداية الإسلامية التي تتبنى كافة صنوف الأنشطة الخيرية والاجتماعية في مقارها المنتشرة في جمهورية مصر العربية، من كفالة ورعاية الأيتام ومستوصفات طبية وإعانات اجتماعية لذوي الحاجة، وبناء مدارس إسلامية لتربية النشء على مبادئ الدين الحنيف، إضافة إلى الدروس والمحاضرات التي تعقد بمساجدها والتي تقوم بتوعية المسلمين بأحكام وأمور دينهم ودنياهم.

بين الحين والآخر يطرح هذا السؤال في أروقة السياسيين والمثقفين والعوام على السواء: هل يستطيع شعب مدينة ما بإمكانياته المحدودة ومعتمدًا على سلاح الإيمان وروح الصمود حتى يقف في لقاءة جيش مسلح مجهز بكل أنواع الأسلحة في عالم تكدست فيه جميع أنواع أسلحة الدمار الكامل؟

يبدوالسؤال صعبًا... وتكون الإجابة الأقرب إلى اللسان حتى زمن المعجزات انتهي وأن نظرية حرب العصابات والمقاومة الشعبية آخذة في الانقراض، لكن تمر أيام العام يومًا بعد يوم حتى يأتي يوم 24 أكتوبر/ 28 رمضان ليحمل عنا عبء الإجابة، ويقول بأعلى صوته: إذا سلاح الصمود والمقاومة أفتك أنواع الأسلحة في لقاءة أعتى الجيوش متى كان من يقاوم مؤمنا بقضيته محبًا لأرضه ووطنه... فمنذ ثلاثين عامًا وبالتدقيق في 24 أكتوبر عام 1973م استطاع شعب السويس حتى يلقن الجيش الصهيوني درسًا قاسيًا... نحتاج في هذه الأيام إلى تذكر هذا اليوم الخالد واستحضار معانيه.


ونهجر المجاهد "حافظ سلامة" ليتحدث بنفسه عن الملحمة في كتابه "ملحمة السويس حقائق ووثائق.. للتاريخ والعبرة"[2].

ولقد أجرى معه مسقط الإسلام اليوم حوارًا عن مواقفه في الحرب، فنطق: أذكر حتى شارون -رئيس الوزراء الصهيوني سابقًا- هونفسه الذي قاد الحملة العسكرية لغزومدينة السويس، وهوالذي اشهجر في قيادة المعركة، ولكن أمام غطرسته هذه كانت شراسة المقاومة الشعبية في شوارع وأزقة مدينة السويس، بعد حتى دمرت هذه المقاومة -على مدى ثلاث ساعات- اثنتين وثلاثين دبابة ومصفحة، وأسقطت عشرات القتلى من صفوف الصهاينة الذين لم يستطيعوا سحب قتلاهم عند انسحابهم.


وقبل الانسحاب وجه شارون إنذارًا إلى القيادات السياسية والعسكرية بالاستسلام، وإلا فإنه سيدك مدينة السويس بالطائرات خلال نصف ساعة، إلا أننا أكدنا لهم أننا نرفض الإنذار، بل وعلى استعداد للقاءتهم مرة ثانية إذا حاولوا دخول السويس، وقلنا لهم إذا أرض السويس الطاهرة لا بد حتى تروى بدمائكم القذرة مرة ثانية.

ويوضح مسببات معارضته لكامب ديفيد تلك المعاهدة التي أجراها السادات مع اليهود، فنطق: السبب في ذلك هومعارضتي لاتفاقية (كامب ديفيد) في العام 1978م، والتي اتىت انطلاقًا من أنني مواطن مسلم حر أعمل لديني وعقيدتي، فأنا لست تابعًا لأحد، وأرفض حتى أكون خاضعًا لأي شخص، خاصة إذا ارتبط الأمر بمصالح ديني وبلدي.

ومن هنا -وكما كانت معارضتي للاحتلال الصهيوني ومحاولته الفاشلة غزوالسويس- عارضت الرئيس السادات في توقيعه لاتفاقية (كامب ديفيد)، وهذا هوالسبب وراء انقلاب السادات ضدي، واعتنطقي عام 81[3].


فترة ما بعد الحرب

في 2010 شارك الشيخ سلامة في وقفة بمسجد الفتح برمسيس، بمحافظة القاهرة، نظمتها نقابة المحامين للمطالبة بالإفراج عن كاميليا شحاتة زوجة القدس تداوس سمعان كاهن دير مواس التي قيل انها أشهرت إسلامها ونفت الكنيسة ذلك.

وقد ألقي الشيخ حافظ سلامة خطبة حماسية حمل فيها البابا شنودة مسئولية حالة الاحتقان السائدة في المجتمع الآن بعد سحبه الاعتذار عن تصريحات الأنبا بيشوي ووجه سلامة كلامه للبابا قائلا : "نحن نقول لك حتى مصر إسلامية عربية وستظل عربية ، وإذا كنت معتمد علي الخارج فنقول لك إذا شعب مصر بجميع طوائفه مستعد للتضحية في سبيل أمن مصر واستقرارها "، متسائلا : "من الذي نصبك رئيساً لمصر ومن هورئيس مصر أنت أم مبارك"، وتطرق إلي ما تردد في بعض وسائل الإعلام عن استيراد أسلحة من الكيان الصهيوني في إحدي السفن التي يمتلكها نجل وكيل مطرانية بورسعيد متهماً الكنيسة بتخزين أسلحة في الكنائس.

مابعد الثورة المصرية

في مايو2011، استنكر الشيخ حافظ سلامة ما نطقه الفريق يوسف عفيفي محافظ البحر الأحمر سابقا بأنه من أصل فلسطيني ولم يكن قائدا للمقاومة في السويس أثناء حرب أكتوبر ومهمته كانت غسل وتكفين الشهداء فقط.

المصادر

  1. ^ "الشيخ حافظ سلامة يقود مظاهرة بجامع الفتح للمطالبة بإنطقة البابا وإطلاق سراح كاميليا". جريدة الدستور. 2010-10-01. Retrieved 2011-01-27.
  • حافظ سلامة.. روح الجهاد لا تنطفئ
  • سيرة الإسلام

وصلات خارجية

  • حافظ سلامة.. الرجل والملحمة
  • صفحته على فيسبوك
تاريخ النشر: 2020-06-04 09:54:16
التصنيفات: مواليد 1925, زعماء مصريون, سياسيون مصريون, أشخاص من محافظة السويس, أشخاص من حرب أكتوبر 1973, أشخاص من حرب فلسطين, أشخاص من حرب يونيو 1967

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مسلسل حضرة العمدة الحلقة 8: هل تشهد عمليات إرهابية فى تل شبورة؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:25
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 35%

موقع رانكنج رويالز: فنلندا أسعد دولة فى العالم لعام 2023

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:20
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 50%

الزمالك يواجه المريخ السودانى بزيه التقليدى غدا بدورى أبطال أفريقيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:16
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 49%

مزراوي: قررت حفظ القرآن الكريم وأريد أن أصبح إماما(فيديو)

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:23
مستوى الصحة: 67% الأهمية: 82%

فوز 28 سيارة أجرة داخلية في قرعة علنية بالفيوم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:17
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

توقف حركة الصيد فى ميناء البرلس بكفر الشيخ بسبب ارتفاع الأمواج

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:01
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 42%

أهمية صلة الرحم.. لقاء الواعظة مع الأطفال على تليفزيون اليوم السابع

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:23
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 43%

الزمالك يعلن قائمة مباراة المريخ السوداني فى دورى أبطال أفريقيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:58
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 37%

عملية جراحية تنهي موسم أوناحي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:25
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 82%

كأس إفريقيا-ساحل العاج 2023.. "الكاف" يُعلن موعد القرعة والنهائيات

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:27
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 78%

بدعوى التجسس.. محكمة روسية تصدر أمر اعتقال لصحفي أمريكي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:41
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

"البام" يدعو إلى مواجهة جشع المضاربين ويتهمهم بـ"خيانة الوطن"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:35
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

مسلسل حضرة العمدة.. يعرض أهم قضايا وأحلام النساء فى الريف والصعيد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:31
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 40%

مازيمبي الكونغولي يتعاقد مع مدربة مغربية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:16
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 74%

جاموس أم بقر؟..سخرية تطال استيراد المغرب “الأبقار البرازيلية”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:24:19
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 72%

مسلسل الكبير أوى 7.. هل يساعد أحمد السقا الكبير فى الوصول لمربوحة؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:28
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 35%

بعد ودية البرازيل.. الإصابة تنهي موسم لاعب المنتخب المغربي

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-03-30 18:25:40
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

تحميل تطبيق المنصة العربية