عمر بن محمد النسفي
أبوحفص، عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن لقمان الحنفي النسفي ثم السمرقندي. لقبه نجم الدين، وكان يلقب بـ«مفتي الثقلين» أيضاً (461 ـ 537 هـ/1068ـ 1142م) فقيه عالم في أصول العقيدة. وهوصاحب العقيدة النسفية.
ولد بمدينة نسف وهي بين جيحون وسمرقند، ونشأ فيها، ثم رحل في طلب الفهم، فزار بغداد، ومنها إلى مكة، والتقى فيها جار الله الزمخشري (ت538هـ) صاحب التفسير المشهور «الكشاف»، وتلقى علومه على كثير من مشايخ عصره، فنقل عنه أنه نطق: «شيوخي خمس مئة وخمسون رجلاً». ويذكر المترجمون حتى له كتاباً سماه «تعداد شيوخ عمر» جمع فيه أسماء شيوخه.
ومن أشهر أولئك الذين أخذ عنهم وتتلمذ على أيديهم أبومحمد إسماعيل بن محمد النوحي، وأبوعلي الحسن بن عبد الملك القاضي، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي، وأبواليسر محمد بن محمد النسفي، ومهدي بن محمد العلوي، وغيرهم.
وتتلمذ على يديه عدد كبير من الفهماء وطلبة الفهم منهم ولده أبوالليث أحمد بن عمر، والمرغيناني علي ابن أبي بكر بن عبد الجليل شيخ الإسلام صاحب كتاب «الهداية» في الفقه الحنفي وغيرهم.
بلغ النسفي منزلة عالية في العلوم والفنون المتنوعة. ويدل على ذلك ما سطره المترجمون له من الثناء عليه والإشادة بفهمه وفضله وزهده فقد ذكروا أنه كان فاضلاً زاهداً فقيهاً مفسراً عارفاً بالممضى والأدب، وإماماً مبرزاً متفنناً كثير التصنيف والتأليف في مختلف أنواع العلوم والفنون، وكان له شعر على طريقة الفقهاء والحكماء.
ومن أشهر ما قدمه النسفي «العقيدة النسفية» التي شرحها سعد الدين التفتازاني في مؤلف مستقل تنبيهاً على أهمية هذا المؤلف الذي يقدم أصولاً عقدية وفصولاً تسهم في رسوخ الدين ووقايته من الشبه والفتن التي تعصف بالمؤمنين، إذ قدم التفتازاني شرحاً يفصل مجملات العقيدة النسفية ويبين معضلاتها مع توضيح للمكنونات والمقاصد العقدية، وتحقيق للمسائل وتدقيق للدلائل وتحريرها، وشرح الفوائد من دون إطالة وإسهاب ممل أوإخلال.
ومع هذه المنزلة الرفيعة في الفهم فقد اتهم بأن له بعض الأوهام في مصنفاته الحديثية؛ فقد نطق السمعاني عنه بعد حتى أشاد بفهمه وفضله ـ على ما ذكره الداوودي في طبقاته وغيره ـ: «وأما مجموعاته في الحديث فطالعت منها الكثير وتصفحتها، فرأيت فيها من الخطأ وتغيير الأسماء وإسقاط بعضها شيئاً كثيراً… وكان ممن أحب الحديث وطلبه، ولم يرزق فهمه».
وبعد حياة حافلة بالنشاط والفهم وافاه الأجل بمدينة سمرقند في ثاني عشر جمادى الأولى، وله من العمر ست وسبعون سنة.
خطه
خلّف الإمام النسفي مصنفات كثيرة حتى قيل: إنها بلغت المئة، منها:
«الأكمل الأطول» في التفسير في أربعة أجزاء، و«التيسير في التفسير»، و«طِلبْة الطلبة» في الاصطلاحات الفقهية على ممضى ألفاظ خط الحنفية، و«العقائد النسفية» في فهم التوحيد، و«نظم الجامع الصغير» في فقه الحنفية وغيرها. وقد طُبع بعضها، ولايزال بعضها الآخر مخطوطاً، ومن أشهر خطه المطبوعة والمحققة كتاب «العقائد» مع شرحه للشيخ سعد الدين التفتازاني (ت792هـ) مع تخريج أحاديثه للمحدث جلال الدين السيوطي (ت.911هـ). كما خط تاريخ سمرقند.
المصادر
- عبد العزيز الحاجي. "النسفي (عمر بن محمد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان (منشورات الأفهمي للمطبوعات، بيروت 1971م).
- إسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين (دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت).
- سعد الدين التفتازاني، شرح العقائد النسفية، تحقيق: أحمد حجازي السقا (مخطة الكليات الأزهرية، القاهرة، د.ت).
- محمد بن علي الداوودي، طبقات المفسرين (دار الخط الفهمية، بيروت، د.ت).