تكودر

تكودر يستقبل سفارة. تاريخ جهان‌گوشاي للجويني، القرن 15.

أحمد تكودر (ت. 26 جمادى الأولى 683هـ/10 أغسطس 1284) سلطان الإلخانية، وأخوأباقا. اسمه لدى مولده كان "نيكولاس تيكودر خان"، وكان مسيحياً نسطورياً لأمه. وبعد توليه العرش مباشرة عام 1282، اعتنق الإسلام وأصبح اسمه أحمد تيكودر، وحول الإلخانية إلى سلطنة.

ثمانية عشر عامًا تفصل بين وفاة هولاكو، وإسلام ابنه تكودر، فقد توفي "هولاكو" في سنة (663هـ = 1275) عن (48) عامًا، بعد حتى أسس دولة كبيرة، قامت بالبغي والغدر والوحشية، وبث الفزع والهلع في النفوس، وارتفعت على أنقاض دول إسلامية ذات مجد وحضارة ورقي ومدنية، وضمت إيران والعراق وآسيا الصغرى وسوريا. أما تكودار فقد أسلم بعد حتى تولى عرش سلطنة المغول الإلخانيين، في (26 محرم 681هـ =ستة مايو1282) خلفًا لأخيه "أباقاخان".

وتكودار هوالابن السابع لهولاكو، وكان في الصين أثناء حملة أبيه على إيران والعراق والشام، ثم قدم إلى إيران في عهد سلطنة أخيه "أباقاخان" لمساعدته في إدارة شئون الدولة، وكان قد تنصّر في طفولته، وتعمّد في صباه، غير حتى هواه كان مع المسلمين، وما إذا ولي عرش الدولة حتى أعرب إسلامه على ممضى أهل السنة والجماعة، وتسمى باسم أحمد تكودار، فكان أول إيلخاني يعتنق الإسلام، وبذل جهدًا محمودًا في إسلام المغول، فأسلم على يديه كثير منهم، وتهذبت طباعهم وحسنت أخلاقهم، وهم الذين أفزعوا الدنيا بهمجيتهم وسلوكهم الوحشي.

وقد استقبل العالم الإسلامي نبأ إسلام تكودر بارتياح شديد، وبخاصة منطقة إيران، وعزر من ارتياحهم وشعورهم بالرضى حتى سلوك تكودر كان يظهر إخلاصًا وتمسكًا بالدين الإسلامي، إذ أوفد خطًا إلى فقهاء بغداد يخبرهم فيها بإسلامه، ورغبته الصادقة في حماية الإسلام والدفاع عنه، وقد استقبل فهماء بغداد إسلام الإيلخان بفرح شديد، ظهر ذلك في ردهم عليه؛ حيث عدوه حامي الإسلام والمسلمين، ونعتوه بناشر دين الله المبين.

تكودار وجيرانه

كان من أثر إسلام إلخان المغول حتى مالت نفسه إلى السلم مع جيرانه المسلمين، ورغب في إحلال الوفاق معهم محل الخصام والخلاف، فأوفد وفدًا إلى السلطان المنصور قلاوون في مصر في (جمادى الآخرة 681هـ = سبتمبر 1282). وضم هذا الوفد شيخ الإسلام كمال الدين عبد الرحمن الرافعي والعلامة قطب الدين الشيرازي قاضي مدينة سيواس، وبهاء الدين أتابك مسعود سلطان سلاجقة الروم.

وحمل الوفد رسالة للسلطان قلاوون، تخبره بإسلام تكودار، ورغبته في إحياء الشريعة الإسلامية في المجتمع المغولي، وبما قام به من إصلاحات وبناء للمساجد والمدارس، وتيسير سبل الحج، ورعاية شئون الحجاج. وحملت الرسالة رغبة تكودار في حتى تتسم العلاقات بين الدولتين بالهدوء والسلام وحسن الجوار، ورفضه لقرار مجلس شورى المغول (القوريلتاي) في إيفاد حملة عسكرية على بلاد الشام.

وقد رد السلطان قلاوون على تكودر برسالة في (رمضان 681هـ= ديسمبر 1282) هنأه فيه بدخول الإسلام، وأثنى على جهوده في تطبيق أحكام الإسلام، وطلب منه التحالف بين المماليك والمغول ضد الصليبيين.


بين موقفين

ويندهش المرء حين يقرأ الرسالة التي بعث بها هولاكوإلى سلطان مصر سيف الدين قطز في سنة (659هـ = 1257) والرسالة التي بعث بها ابنه أحمد تكودار إلى سلطان مصر المنصور قلاوون في سنة (681هـ = 1382م). كانت الأولى تحمل جميع ألوان الوعيد والتهديد، وتدعوسلطان المماليك إلى الخضوع والاستسلام، واستهلها بقوله: "من ملك الملوك شرقًا وغربًا، القائد الأعظم، يفهم الملك المظفر وسائر أمراء دولته أنا نحن جند الله في أرضه، سَلَّطنا على من حلّ به غضبه…" وينهيها بقوله: "فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم". على حين حملت الرسالة الأخرى جميع معاني التقدير لسلطان مصر، وتبشره بإسلام أمير المغول، وتدعوه إلى التحالف والتناصر ونبذ الخلاف والخصام.

والفارق بين الموقفين يوضح بجلاء كيف من الممكن أن أثّر الإسلام في تهذيب طباع المغولي وتقويم خلقه، فلم يعد ذلك الهمجي الذي يضع جميع همه في سفك الدماء وتخريب البلاد، وأصبح يرى المسلمين إخوته ويجب حتى يحل بينهم الوئام.

نهاية تكودار

لم يلق اتجاه السلطان أحمد تكودر نحوالسلم والمصالحة مع المماليك ترحيبًا من قادة المغول، فشكوه إلى الخان الأعظم "قوبلاي"، وعدوا مراسلة تكودر لسلطان المماليك، وجهوده في إقامة علاقات ودية معهم خروجًا على قرار مجلس شورى المغول (القوريلتاي) بإرسال حملة جديدة إلى سوريا ومصر، بعد تكرار هزائم المغول أمام المماليك.

تجمعت جميع هذه العوامل بالإضافة إلى إسلام تكودر لتساهم في تكوين جبهة مضادة لتلك السياسة الجديدة، وتزعم تلك الجبهة ابن أخيه البوذي "أرغون بن أباقا خان"، واتخذ من "خراسان" ثغرًا لقيادته ومعسكرًا لتعبئة جنوده واستقبال أنصاره، وكان ذلك بتأييد من الخاقان "قوبلاي" وأمراء البيت المغولي، وما إذا استكمل عدته وعتاده حتى تقدم لقتال عمه، واشتبك الطرفان في معركة طاحنة في (3 صفر 683هـ = 21 إبريل 1284)، وتمكن تكودار من تحقيق نصر كبير على ابن أخيه، وأسقطه أسيرًا في يده.

وقد استنجد أحمد تكودر بالسلطان قلاوون، فلم يجبه.

ولما كان هذا النصر على غير هوى أمراء البيت الحاكم وقادة المغول فقد اجتمعوا وقرروا خلع تكودر من الحكم، وتخليص أرغون من الأسر، وتنصيب "هولاكو" بن هولاكوإلخانًا على إيران، وتمت الخطة، وتخلص أرغون من الأسر بعد معركة سريعة بين قوات تكودار والمتآمرين عليه، قُتل فيها كثير من الأمراء الموالين لتكودار الذي فر من خراسان إلى أذربيجان لعله يتمكن من جمع قواته ومعاودة القتال مع خصمه.

وعلى خلاف ما قرره البيت المغولي الحاكم من تعيين هولاكوإلخانًا على إيران فقد تم تنصيب أرغون بدلاً منه وبعد تنصيبه توجه لقتال عمه، وقبل حتى يصل إلى أذربيجان قام جماعة من أتباع تكودار نفسه بتسليمه إلى أرغون بعد حتى رأوا ازدياد كفته وازدياد قوته، فلم يتوان في إعدامه في (26 جمادى الأولى 683هـ=عشرة أغسطس 1284)، وباستشهادهقد يكون أحمد تكودار أول إيلخان مغولي يدفع حياته ثمنًا لاعتناقه الإسلام.‏





إسلام أون لاين: تكودار هولاكو.. هذبه الإسلام وقتله المغول       تصريح

تاريخ النشر: 2020-06-04 10:27:04
التصنيفات: عن إسلام أون لاين.نت, مغول, مسلمون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الصحة تكشف أهداف مبادرة رئيس الجمهورية لعلاج سرطان الكبد

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:31
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

أزمة جديدة بين المغرب وفرنسا وهذه تفاصيلها

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:19:07
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 76%

المترو يمد ساعات العمل غدا من أجل جماهير مباراة الأهلي والوداد

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:39
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

هكذا علق فاندنبروك عن غياب حيمود عن نهائي دوري أبطال إفريقيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:18:59
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 80%

سفين فاندنبروك يصدم جمهور الوداد قبل مواجهة الأهلي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:19:11
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 71%

مهنيو قطاع السياحة والادارة : كل المؤشرات تبشر بموسم سياحي واعد

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:55
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 51%

ادارة المصري البورسعيدي تطمئن جمهورها على مصير الجلاصي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 63%

زيلينسكى: هجوم صاروخى روسى على دنيبرو يوقع قتلى وجرحى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:51
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

مدرب الأهلي يعلق عن مباراة فريقه والوداد برسم نهائي دوري الأبطال

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:19:05
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 79%

كولر: لأول مرة أخوض نهائي مثل مواجهة الوداد.. ولن نتأثر بالماضي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:18:48
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 49%

فى ذكرى ميلاد الساحر.. تعرف على قصة حياة الراحل محمود عبد العزيز

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:50
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

على الدين هلال يكشف الهدف من المناقشات فى الحوار الوطنى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:52
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

شكرى أبوعميرة يكشف كواليس نقل مؤتمر "تمرد" وحزن محمد مرسى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-04 00:20:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

تحميل تطبيق المنصة العربية