بوشيدو
بوشيدو (باليابانية: 武士道 = طريق المحارب) هي مجموعة من القوانين الأخلاقية التي كان يتبعها المحاربون (بوشي) في اليابان أثناء العصور الوسطى، تم تدوينها أثناء فترة إيدو(1603-1867م)، تأثرت هذه التعاليم بممضى زن البوذي والعقيدة الكونفشيوسية.
تدوين التعاليم
كان "ياماغا سوكو" ع(1622-1685م) أول من تعرض لمبادئ الـ"بوشيدو" وفسرها في مجموعة رسائله. ساوى الأخير بين رجل الساموراي من جهة والرجل الفاضل حسب تصور الفلسفة الكونفشيوسية، كان يعتقد حتى دور هؤلاء المحاربين هوحتى يصبحوا مثلا أعلى في الفضائل والأخلاق الرفيعة بالنسبة للطبقات الدنيا من الشعب. من غير حتى يغفل دور إحدى الفضائل الاساسية في الكونفشيوسية: الاحسان أوالبر، قام "سوكو" بإبراز فضيلة الاستقامة، وجعلها فريضة أساسية، وواجبا. يعتبر كتاب الـ"هاغاكوره" (تحت ظلال الأوراق) والذي صنفه عام 1716 م، أحد المحاربين من مقاطعة ساغا: ياماموتوتسونيموتو، أحد أبرز المصنفات التي تتناول تعاليم البوشيدو. يقوم الكتاب بإبراز فضائل الساموراي، والذي يتوجب عليه حتى يضع حياته لخدمة سيده، والتضحية بها إذا تطلب الأمر ذلك.
التعاليم
تعرضت تعاليم البوشيدوإلى جانبين من حياة المحاربين، معايشتهم للحروب والقتال من جهة ثم الحياة العامة اليومية من جهة أخرى. هجرز تعاليم البوشيدوعلى تنمية الروح المعنوية القتالية للمحارب، وكذا الحالة البدنية والمهارات القتالية، تحفز هذه التعاليم المحاربين على إبداء الشجاعة أمام الخصم، والتحلي بالإخلاص، الأمانة وروح التضحية، هذا في الجانب الحربي، إلا أنها تناولت حياتهم اليومية أيضا من خلال حثهم على التحلي بالأدب، التواضع تجاه الآخرين، البساطة، السخاء والزهد والتقشف وغير ذلك من الخصال الحميدة.
على غرار التعاليم الكونفشيوسية شدد البوشيدوعلى طاعة الوالدين، كما اعتبر حتى أقصى درجات الشرف هي حتى يخدم المحارب سيده بإخلاص حتى مماته. غير أنه يتوجب على الساموراي الالتزام المطلق بطاعة سيده، ولوعلى حساب الضرر الذي يمكن حتى يلحق بوالديه وأهله.
يفترض على المحارب حتى يتخذ بعض القرارات الحاسمة، وبالأخص إذا تعارضت بعض هذه المبادئ فيما بينها (الواجب والولاء مثلا). قد يضطر إلى رفض الامتثال إلى السلطة، إذ حتى عليه حتى يضع واجباته قبل جميع شيء، حتى لوكلفه ذلك الخروج عن القانون. في بعض الحالات يتوجب على الساموراي حتى يثبت إخلاصه -ويحافظ على شرفه- ويكفر عن أخطاءه ضد حاكميه عن طريق وضع حد لحياته (سيبوكو).
تم حصر الفضائل الأساسية التي يتوجب على المحاربين التحلي بها، في سبعة أمور وهي:
- الاستقامة (義 = Gi)
- الشجاعة (勇 = Yu)
- الاحسان والبر (仁 = Jin)
- الاحترام (礼 = Rei)
- الصدق (誠 = Makoto)
- الشرف (名誉 = Meiyo)
- الإخلاص والولاء (忠義 = Chuugi)
تأثيره على الفن والأدب
قام مؤلفومسرحيات نو، كابوكي وبونراكو، بالإضافة إلى كتاب الروايات، باقتباس بعض الأحداث الواقعية التي عايشها بعض المحاربين، على غرار مغامرات الـ"رونين" السبعة والأربعين ، والذين قاموا بالانتقام لسيدهم "أكو"، بعد حتى أجبره أعدائه على الانتحار بالسيبوكو(عن طريق شَقُ البطن)، تم القبض عليهم في النهاية وتقرر حتى يتم معاقبتهم عن طريق إجبارهم على الانتحار طواعية على طريقة سيدهم. كان سرد تلك الوقائع يتم مع إبراز الحالة الملحمية والمغامرات البطولية التي تترتب عن التزام المحاربين بهذه التعاليم الأخلاقية.
الأصول
يعود أصول البوشيدوإلى فترة كاماكورا (1185-1333م)، بعد سقوط النظام المركزي وبروز دور الزعماء الكبار في المقاطعات (دائي-ميو)، دخلت البلاد في حالة حرب أهلية، وصاحب ذلك قيام طبقة جديدة من المحاربين، قام هؤلاء وبدافع من التعاليم الدينية (ممضى زن والكونفشيوسية) بوضع قانون أخلاقي ألزموا أنفسهم بإتباعه، كان التعاليم يتم تداولها بطريقة شفوية، تطورت هذه الأخيرة وفقا للتغيرات التي كان تعهدها طبقة المحاربين على مر الزمن. تم استعمال مصطلح بوشيدولأول مرة أثناء فترة الحروب الأهلية التي عهدتها البلاد في القرن السادس عشر (أواخر فترة موروماتشي).
الفترة الحديثة
استمر العمل بهذه التعاليم أثناء القرنين الـ18 والـ19 م، وكانت مصدر إلهام رجال الساموراي بعد حتى تحولوا إلى مهن أخرى (بعضهم أنشأ مدارس لتعليم الفنون القتالية وبعضهم الآخر أصبح يشتغل لدى أحد الحكومة كأساتذة في تعليم أصول المبارزة بالسيف للمجندين الجدد)، كان استتباب الأمن والظروف السياسية الجديدة قد أجبرتهم على اعتزال القتال (راجع فترة إيدو)، نشأت أثناء هذه الفترة أغلب الفنون القتالية المعروفة في اليابان (على غرار الكندو).
في منتصف القرن الـ19م انتشرت تعاليم البوشيدولتصبح مبادئ عامة تعدت حدود طبقة المحاربين لتضم باقي الطبقات الأخرى. بعد حظر طبقة المحاربين أثناء فترة الإصلاحات (1871 م، راجع استعراش مييجي)، وإقرار الشنتوكديانة رسمية للدولة، أصبح البوشيدومنهجا للأمة بأسرها. تم إدخال تعاليمه على المنظومة التعليمة الجديدة، ،وأخذ يلقن للجيل الجديد، أصبح الركيزة الأساية في مناهج تعليم الأخلاق، على أنه تمت صياغته وفقا للظروف الجديدة، فاستبدل السيد الإقطاعي والذي كان يتوجب طاعته والتضحية من أجله بالإمبراطور.
الإمبريالية والحرب العالمية
ساهمت تعاليم البوشيدووبقسط كبير في تنمية الروح القومية اليابانية (إلى حد التطرف)، فإذا انضافت إليها تعاليم الشنتو، والتي تعتبر الامبراطور الياباني سليلا لآلهة الشمس، يمكن لنا حتى نفهم سبب استعلاء اليابانيين على الشعوب الآسيوية الأخرى، واندفاعهم لأول في تاريخهم خارج حدودهم ثم احتلال واستغلال الدول الآسيوية الأخرى. أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، كانت هذه (التعاليم) الدافع وراء الروح المعنوية العالية التي تحلى بها المحاربون، على غرار طياري الكاميكازي، والمدنيون على السواء، يرى البعض حتى هذه العقلية هي التي أجبرت الولايات المتحدة على استعمال السلاح الذري لأول مرة. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، قام الأمريكيون بحظر بعض الفنون القتالية نظرا لأنها كانت تحث على التطرف (حسب تفسيرهم).