ماتريدية

عودة للموسوعة

ماتريدية

عقيدة ماتريدية
الدين إسلام
أصل أهل السنة والجماعة
مؤسس أبومنصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي السمرقندي
العقائد الدينية القريبة أشعرية، معتزلة

الماتريدية هي فرقة كلامية، يعتقدون حتى الأشاعرة والماتريدية هم أهل السنة والجماعة ويحققون العقيدة بالأدلة العقلية مسترشدة بالأدلة النقلية وإمامهم هوأبومنصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي السمرقندي (المتوفّى عام 333 هـ) .

فهذا يناضل المعتزلة في شرق المحيط الإسلامي (ما وراءالنّهر)، متقلّداً ممضى الإمام أبي حنيفة في الفقه. فكانت البصرة -يوم ذاك- بندر الأهواء والعقائد، كما كانت أرض خراسان مأوى أهل الحديث ومهبطهم، كانت المعتزلة بعيدة عن شرق المحيط الإسلامي، ولكن وصلت أمواج منهجهم إلى تلك الديار عن طريق اختلاف الفهماء بين العراق وخراسان.

نرى اهتمام فهماء الأحناف -أعني المتكلّمين منهم- بالماتريدي وإن قصروا في ترجمته في طبقاتهم.

أصول منهج الماتريدي

المنهج الذي اختاره الماتريدي، وأرسى قواعده، وأوضح براهينه، هوالمنهج الموروث من عبد الله بن كلاب في العقائد، والكلام. أما في الفقه ومبادئه، فقد كان على منهج الإمام أبي حنيفة.

هذه جذور منهجه واُسس مدرسته الكلامية.


حياة الماتريدي

اتّفق المترجمون له على أنّه توفّي عام (م333هـ)، ولم يعيّنوا ميلاده، ولكن نتمكّن من تعيينه على وجه التقريب من جانب مشايخه الّذين تخرّج عليهم في الحديث، والفقه، والكلام، فإنّ أحد مشايخه كما سيوافيك، هونصير بن يحيى البلخي (المتوفّى عام 268هـ) فلوتلقّى عنه الفهم وهوابن عشرينقد يكون هومن مواليد عام (248هـ)، أوما يقاربه.

قد اشتهر الامام، بالماتريدي (بضم التاء) و«ماتريد» قرية من قرى سمرقند في بلاد ما وراء النهر (جيحون). ويوصف بالماتريدي تارة، والسمرقندي اُخرى، ويلقب بـ «فهم الهدى» لكونه في خطّ الدفاع عن السنّة.

ينتهي نسبه إلى أبي أيّوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري، مضيف النّبي الأكرم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في دار الهجرة، وقد وصفه بذلك البياضي في «إشارات المرام».

مشايخه وأساتذته

قد أخذ الفهم عن عدّة من المشايخ هم:

1 ـ أبوبكر أحمد بن إسحاق الجوزجاني.

2 ـ أبونصر أحمد بن العياضي.

3 ـ نصير بن يحي.

4 ـ محمد بن مقاتل الرازي.

نطق الزبيدي: تخرّج الماتريدي على الإمام أبي نصر العياضي.. ومن شيوخه الامام أبوبكر أحمد بن إسحاق بن صالح الجوزجاني صاحب الفرق، والتمييز.. ومن مشايخه محمّد ابن مقاتل الرازي قاضي الريّ.

والأوّلان من تلاميذ أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني، وهومن تلاميذ أبي يوسف، ومحمّد بن الحسن الشيباني.

وأمّا شيخه الرابع أعني محمّد بن مقاتل، فقد تخرّج على تلميذ أبي حنيفة مباشرة، وعلى ذلك فالماتريدي يتّصل بإمامه تارة بثلاث وسائط، واُخرى بواسطتين. فعن طريق الأوّلين بوسائط ثلاث، وعن طريق الثالث(بن مقاتل) بواسطتين.

ثقافته

إنّ ثقافته وآراءه في الكلامية أتت أساساً من آراء ومعتقدات عبد الله بن كلاب، وأتباع مدرسته الكلامية. وكانت هذه العقيدة منتشرة في بلاد ما وراء النهر، فتأثر بها الماتريدي أشد التأثر، وأسس فرقته الكلامية على أساس معتقدات عبد الله بن كلاب.

المتخرّجون عليه

تخرّج عليه عدّة من الفهماء منهم:

أ ـ أبوالقاسم إسحاق بن محمّد بن إسماعيل الشهير بالحكيم السمرقندي (ت340 هـ)

ب ـ الإمام أبواللّيث البخاري.

ج ـ الامام أبومحمّد عبد الكريم بن موسى البزدوي، جدّ محمّد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم البزدوي مؤلّف (اُصول الدين).

يقول حفيده: «ووجدت للشيخ الامام الزاهد «أبي منصور الماتريدي السمرقندي» كتاباً في فهم التوحيد على ممضى أهل السنّة، وكان من رؤساء أهل السنّة. فإنّ جدّنا كان أخذ معاني خط أصحابنا، وكتاب التوحيد، وكتاب التأويلات من خلق عن الشيخ الإمام أبي منصور الماتريدي ـ ـ إلا أنّ في كتاب التوحيد الذي صنّفه الشيخ أبومنصور قليل انغلاق وتطويل، وفي ترتيبه نوع تعسير لولا ذلك لاكتفينا به.

أنصار ممضىه في الأجيال اللاحقة

1 ـ القاضي الإمام أبواليسر محمّد بن محمّد بن الحسين عبد الكريم البزدوي (المولود عام 421 هـ، والمتوفّى في «بخارى» عام 478 هـ) ، وقد ألّف كتاب اُصول الدين.

2 ـ أبوالمعين النسفي (م502 هـ) وهومن أعاظم أنصار ذلك الممضى

ـ ، مؤلّف كتاب «تبصرة الأدلّة» يعدّ الينبوع الثاني بعد كتاب «التوحيد» للماتريدية الّذين اتىوا بعده.

3 ـ الشيخ نجم الدّين أبوحفص عمر بن محمّد (م 537 هـ) مؤلف «عقائد النّسفي» وينطق إنّه بمنزلة الفهرس لكتاب «تبصرة الأدلّة» ومع ذلك ما زال هذا الكتاب محور الدّراسة في الأزهر، وغيره، إلى يومنا هذا.

4 ـ الشيخ مسعود بن عمر التفتازاني أحد المتضلّعين في العلوم العربيّة، والمنطق، والكلام، وهوشارح «عقائد النسفي» الّذي أُلّف على منهاج الإمام الماتريدي، ولكن لم يتحقّق لي كونه ماتريديّاًً.

5 ـ الشيخ كمال الدين محمد بن همام الدين الشهير بابن الهمام (المتوفّى عام 861 هـ) صاحب كتاب «المسايرة» في فهم الكلام. نشره وشرحه محمّد محيي الدين عبد الحميد وطبع بالقاهرة.

6 ـ العلامة كمال الدين أحمد البياضي الحنفي مؤلف كتاب «إشارات المرام من عبارات الإمام» أحد الفهماء في القرن الحادي عشر وكتابه هذا أحد المصادر للماتريديّة.

7 ـ الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري المصري.

8- العلامة صالح بن محمد بن عبد الله الموشجي من فهماء اليمن ، سكن مدينة عدن جنوبي اليمن ودرَّس فيها علوم اللغة والفقة .


مؤلّفاته وآثاره الفهميّة

سجّل المترجمون للماتريدي خطاً له وقد طبع منها اثنان:

1 ـ «كتاب التوحيد» وهوالمصدر الأوّل لطلاّب المدرسة الماتريدية وشيوخها الّذين اتىوا بعد الماتريدي، واعتنقوا ممضىه، وهويستمدّ في دعم آرائه من الكتاب، والسنّة، والعقل، وقد قام بتحقيق نصوصه ونشره الدكتور فتح اللّه خليف (عام 1970 م ، 1390 هـ) وطبع الكتاب في مطابع بيروت مع فهارسه في (412) صفحة.

2 ـ «تأويلات أهل السنّة» في تفسير القرآن الكريم، وقد مزجه بآرائه الفقهية والاُصولية، فصار بذلك تفسيراً عقيدياً فقهيّاً، وهوتفسير عامّ لجميع السور. حقّقه الدكتور إبراهيم عوضين والسيد عوضين، وطبع في القاهرة عام (390هـ).

وأمّا خطه الاُخر فإليك بيانها

3 ـ الموضوعات: حكى محقّق كتاب (التوحيد) وجود نسخة مخطوطة منه في المخطات الغربيّة.

4ـ مأخذ الشرايع، 5ـ الجدل في اُصول الفقه، 6ـ بيان وهم المعتزلة، 7ـ ردّ كتاب الاُصول الخمسة للباهلي، 8ـ كتاب ردّ الإمامة لبعض الروافض، 9ـ الردّ على اُصول القرامطة، 10ـ كتاب ردّ تهذيب الجدل للكعبي، 11ـ رد وعيد الفسّاق للكعبي أيضاً، 12ـ رد أوائل الأدلّة له أيضاً.

يقول الماتريدية: إنّه تعالى لولم يبعث للناس رسولاً لوجب عليهم بعقولهم معهدته تعالى، وفهم وحدانيّته، واتّصافه بما يليق، وكونه محدثاً للعالم.

عرض ممضى الماتريدي

ولا نهدف في هذا الفصل إلى عرض كلّ ما يعتقد به الماتريدي في مجال العقائد والاُصول،

وإنّما نقوم ببيان الاُصول المهمّة، أنّ الرؤية تقع «بلا كيف».

نطق الماتريدي في ذلك البحث: «فإن قيل: كيف من الممكن أن يرى،يا ترى؟ قيل: بلا كيف...».

استواءه على العرش:

الماتريدي نطق: «وأمّا الأصل عندنا في ذلك أنّ اللّه تعالى نطق ليس كمثله شيء» فنفى عن نفسه شبه خلقه، وقد بيّنا أنّه في عمله وصفته متعال عن الأشباه، فيجب القول بـ(الرّحمنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوى) على ما اتى به التنزيل، وثبت ذلك في العقل، ثمّ لا نبتر تأويله على شيء، لاحتماله غيره مما ذكرنا، واحتماله أيضاً ما لم يبلغنا ممّا يفهم أنّه غير محتمل شبه الخلق، ونؤمن بما أراد اللّه به، وكذلك في كلّ أمر ثبت التنزيل فيه، نحوالرؤية وغير ذلك، يجب نفي الشبه عنه، والإيمان بما أراده من غير تحقيق على شيء دون شيء ، واللّه الموفِّق ».

معهدته سبحانه واجبة عقلاً:

الماتريديّة فتقول بوجوبها عقلاً . نطق البياضي: «ويجب بمجرّد العقل في مدة الاستدلال، فهم وجوده، ووحدته، وفهمه، وقدرته، وكلامه، وإرادته، وحدوث العالم، ودلالة المعجزة على صدق الرّسول، ويجب تصديقه، ويحرم الكفر، والتّكذيب به، لا من البعثة وبلوغ الدعوة».

التحسين والتقبيح العقليين:

الماتريديّة فيعترفون بالتحسين والتقبيح ببعض مراتبهما.

نطق البياضي: والحسن بمعنى استحقاق المدح والثّواب، والقبح بمعنى استحقاق الذمّ والعقاب على التكذيب عنده (أبي منصور الماتريدي) إجمالاً عقلي... ويستحيل عقلاً اتّصافه تعالى بالجور وما لا ينبغي، فلا يجوز تعذيب المطيع، ولا العفوعن الكفر، عقلاً، لمنافاته للحكمة، فيجزم العقل بعدم جوازه...

نطقت الماتريديّة: أفعاله تعالى معلّلة بالمصالح والحكم تفضّلاً على العباد، فلا يلزم الاستكمال ولا وجوب الأصلح واختاره صاحب المقاصد.

الماتريدية والصفات الخبرية:

ما ذكره أبومنصور في (توحيده) يعرب بوضوح عن كون منهجه هوالتنزيه ظاهراً وباطناً، فهوبعدما نقل الآراء المتنوعة صار بصدد تفسير الآية (الرَّحمنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى)فنطق: إنّ الله سبحانه كان ولا مكان، وجائز ازدياد الأمكنة، وبقاؤه على ما كان،فهوعلى ما كان، وكان على ما عليه الآن. جلّ عن التغيّر والزوال، والاستحالة والبطلان، إذ ذلك أمارات الحدث الّتي بها عهد وقع العالم.

ثمّ ردّ على القائلين بكونه سبحانه على العرش، بأنّه ليس في الارتفاع إلى ما يعلومن مكان للجلوس أوالقيام شرف ولا علوّ، ولا وصف بالعظمة والكبرياء كمن يعلوالسطوح والجبال أنّه لا يستحق الحملة على من دونه عند استواء الجوهر، فلا يجوز صرف تأويل الآية إليه مع ما فيها ذكر العظمة والجلال، إذ ذكر في قول القرآن: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ وَ الأرْضَ) (الأعراف / 54) فدلّك على تعظيم العرش.

ولأجل اختلاف المفسّرين في مفاد الآية، التجأ هوإلى «تفويض معناها إلى الله»، ونطق: «وأمّا الأصل عندنا في ذلك أنّ الله تعالى نطق: (ليس كمثله شيء)فنفى عن نفسه، شبه خلقه، وقد بيّنا أنّه في عمله وصفته متعال عن الأشباه، فيجب القول بأنّ الرحمن على العرش استوى على ما اتى به التنزيل، وثبت ذلك في العقل. ثمّ لا نبتر تأويله على شيء لاحتمال غيره ممّا ذكرنا».

الاستطاعة قبل العمل أوبعده:

الماتريدي يفصِّل في «التّوحيد»:

«الأصل عندنا في المسمّى باسم القدرة أنّها على قسمين: أحدهما: «سلامة الأسباب وصحّة الآلات» وهي تتقدّم الأفعال، وحقيقتها ليست بمجعولة للأفعال، وإن كانت الأفعال لا تقوم إلاّ بها، لكنّها نعم من الله أكرم بها من شاء، والثاني: معنى لا يقدر على تبيّن حدِّه بشيء يصار إليه، سوى أنّه ليس إلاّ للعمل لا يجوز وجوده بحال إلاّ ويقع به العمل عندما يقع معه»..

الماتريدي وأفعال العباد:

اتّفق المسلمون على أنّه لا خالق إلاّ اللّه واختلفوا في تفسيره في أفعال العباد وآثار الموجودات. أهل الدقّة من أهل السنّة حاولوا الجمع بين حصر الخلق في اللّه سبحانه، وصحّة تكليف العباد، فنطقوا إنّ الله هوالخالق، والعبد هوالكاسب، وقد أخذوا مصطلح الكسب من الذّكر الحكيم. نطق سبحانه (لهَا ما كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا ما اكْتسبَتْ)(البقرة/286) لكنّهم اختلفوا في تفسير حقيقة الكسب.

نظريّة الماتريدي في الكسب:

معنى الكسب لدى الماتريدي!

الماتريدي نطق: اختلف منتحلوالإسلام في أفعال العباد، فمنهم من جعلها لهم مجازاً وحقيقتها للّه لوجوه:

1 ـ وجوب إضافتها إلى اللّه، على ما أُضيف إليه خلق جميع شيء في الجملة، فلم

يجز حتى تكون الإضافة إلى اللّه مجازاً.

2 ـ إنّ بتحقيق العمل لغيره تشابهاً في العمل، وقد نفى الله ذلك بقوله: (أَمْ جَعَلُوا للّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِم) (الرعد/16).

نطق الشيخ (الماتريدي ): وعندنا لازم تحقيق العمل لهم (العباد) بالسمع والعقل والضرورة الّتي يصير دافع ذلك مكابراً. فأمّا السمع فله وجهان: الأمر به والنهي عنه، والثاني الوعيد فيه والوعد له. على تسمية ذلك في كلّ هذا عملاً، من نحوقوله: (وَاعْمَلُوا ما شِئْتُم)(فصّلت/40) وقوله: (افعَلُوا الخَيرَ)(الحج/77) وفي الجزاء (يُرِيهِمُ اللهُ أعْمالَهمْ حَسَرات عَلَيهِمْ) (البقرة/167) وقوله: (جزاءً بما كانوا يَعمَلون) (الواقعة/24) وقوله: (فَمَن يَعمَلْ مِثنطقَ ذَرّة)(الزلزلة/7) وغير ذلك مما أثبت لهم أسماء العمّال، ولعملهم أسماء العمل بالأمر والنهي والوعد والوعيد، وليس في الإضافة إلى الله سبحانه نفي ذلك، بل هي للّه، بأن خلقها على ما هي عليه، وأوجدها بعد حتى لم تكن، وللخلق على ما كسبوها وعملوها. على أنّ الله تعالى إذا أمر ونهى، ومحال الأمر بما لا عمل للمأمور أوالمنهي. نطق اللّه تعالى: (إنّ اللّهَ يأْمُرُ بِالعَدلِ والإحْسان) ولوجاز الأمر بذلك بلا معنى العمل في الحقيقة، لجاز اليوم الأمر بشيءقد يكون لأمس، أوللعام الأول أوبإنشاء الخلائق، وإن كان لا معنى لذلك في أمر الخلق. ثمّ في العقل قبيح إذا انضاف إلى اللّه الطاعة والمعصية، وارتكاب الفواحش والمناكير وأنّه المأمور، والمنهى، والمثاب، والمعاقب، فبطل حتىقد يكون العمل من هذه الوجوه له، ولا قوّة إلا باللّه.

وأيضاً إنّ الله تعالى إنّما وعد الثّواب لمن أطاعه في الدُّنيا، والعقاب لمن عصاه، فإذا كان الأمران عمله فإذاً هوالمُجزَى بما ذكر، وإذا كان الثّواب والعقاب حقيقة، فالائتمار والانتهاء كذلك، ولا قوّة إلاّ باللّه.

وكذلك في أنّه محال حتى يأمر أحد نفسه، أويطيعها، أويعصيها، ومحال تسمية الله عبداً، ذليلاً، مطيعاً، عاصياً، سفيهاً، جائراً، وقد سمّى اللهُ تعالى بهذا كلِّه اُولئك الّذين أمرهم ونهاهم، فإذا صارت هذه الأسماء في التحقيق له، فيكون هوالربّ، وهوالعبد، وهوالخالق والمخلوق، ولا غير ثمّة، وذلك مدفوع في السمع والعقل، ولا قوّة إلاّ باللّه.

وأيضاً إنّ كلّ أحد يفهم من نفسه أنّه مختار لما يعمله، وأنّه فاعل كاسب ـ إلى آخر ما أفاده...

البزدوي يترجم ممضىه بما يلي: «نطق أهل السنّة والجماعة: أفعال العباد مخلوقة للّه تعالى ومفعوله، واللّه هوموجدها ومحدثها، ومنشئها، والعبد فاعل على الحقيقة، وهوما يحصل منه باختيار وقدرة حادثين، وهذا هوعمل العبد، وعمله غير عمل اللّه تعالى». ويقول: «... واللّه تعالى أضاف الأفعال إلينا في كتابه في مواضع كثيرة. نطق الله تعالى: (جَزاءً بما كانُوا يَعْمَلُون) (السجدة /17) (وَإذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيها) (البقرة/72) ونطق: (إذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ) (المائدة/6). وكذلك نهانا عن أفعال كثيرة وأمرنا بأفعال كثيرة، فلا بدّ حتىقد يكون لنا عمل، ويجب حتىقد يكون ذلك بهدايته، ومشيئته، وارادته»(3).

نطق: «ونطق قوم من الفهماء: إنّ المؤثّر مجموع القدرة وقدرة العبد، وهذا الممضى وسط بين الجبر والقدر، وهوأقرب إلى الحقّ».

صفاته :

اتّفق المسلمون على إثبات صفات ذاتيّة للّه سبحانه مثل الفهم، والقدرة، والحياة. ولكن اختلفوا في كيفيّة الإثبات،

يقول النّسفي: «...أكثر مشايخنا ... فيقولون: إنّ اللّه تعالى، عالم، وله فهم، وكذا فيما وراء ذلك من الصِّفات. والشيخ أبومنصور الماتريدي ـ ـ يقول: إنّ اللّه عالم بذاته، حيّ بذاته، قادر بذاته، ولا يريد منه نفي الصِّفات، لأنّه أثبت الصّفات في جميع مصنّفاته، وأتى بالدّلائل لإثباتها، ودفع شبهاتهم على وجه لا محيص للخصوم عن ذلك، غير أنّه أراد بذلك دفع وهم المغايرة، وأنّ ذاته يستحيل حتى لايكون عالماً .

نطق البزدوي: نطق أهل السنّة والجماعة: إنّ التكوين والإيجاد صفة الله تعالى غير حادث، بل هوأزلي كالفهم والقدرة (المسألة الاُولى) والمكوّن والموجود غير التكوين، وكذا التخليق والخلق صفة الله تعالى غير حادث بل أزليّ وهوغير المخلوق (المسألة الثّانية) وكذا الرحمة والإحسان وكذا الرزق والمغفرة، وجميع صفات العمل للّه.

ونطق البياضي: وصفات الأفعال راجعة إلى صفة ذاتيّة هي التكوين، أي مبدأ الإخراج من العدم إلى الوجود، وليس بمعنى المكوّن.

نطق في «اشارات المرام»: «ولا يسمع الكلام النّفسي بل الدالّ عليه، واختاره الاُستاذ ومن تبعه كما في «التبصرة» للامام أبي المعين النسفي».

أنصاره وأتباعه في الأجيال المتأخِّرة:

أنّ لممضى الماتريدي مع كونه بصدد نصرالسنّة، طابع التعقّل، وقد كثرت النادىية في عصر ظهوره، على ضدّ أهل التعقّل والتفكّر، والإمام بما أنّه منح للعقل سلطانا . فقد شاع ممضىه بين فهماء ماوراءالنهر، فألّفوا حول منهاجه، خطاً ورسائل منشورة وغير منشورة. نأتي بترجمة عدّة منهم:


أبواليسر محمّد البزدوي (421 ـ 493هـ)

أحسن مرجع للوقوف على حياته هونفس كتابه «اُصول الدّين» الّذي حقّقه وقدّم له الدكتور «هانز بيتر لنس» ونشرته عام (1383هـ) دار إحياء الخط العربية في القاهرة، ونقل محقّق الكتاب أنّه عثر عن طريق المصادفة في هامش كتاب خطّي لابن قطلوبغة «طبقات الحنفيّة» بجانب مَلْزَمة عن حياة البزدوي: روى السمعاني أنّه ـ أي البزدوي ـ ولد في عام (421هـ).

ويظهر من غير واحد من مواضع كتابه أنّه تلقّى العلوم على يد أبيه .

ولم يكتف في تلقّي الفهم بوالده، ويظهر من موضع من كتابه أنّه أخذ الفهم عن غير واحد من أعلام عصره، ومنهم أبوالخطّاب. نطق في مسألة (75): هكذا سمعت الشيخ أبا الخطّاب.

ثقـافتــه:

ينتسب البزدوي إلى مدرسة الإمام أبي حنيفة الفقية، وهويعترف بالصّراحة بانتمائه إلى الممضى الحنفي، كما ينتسب في العقيدة إلى مدرسة الماتريدي، وهواُستاذ جدّ أبيه «عبد الكريم» الّذي تلقّى العلوم بدوره عن الماتريدي.

ويظهر من مقدّمة كتاب اُصول الدّين أنّه قرأ أكثر الخط المؤلّفة في ذلك العصر ... نطق: «نظرت في الخط الّتي صنّفها المتقدّمون في فهم التوحيد ...

...وقد وجدت للشيخ الامام الزاهد «أبي منصور الماتريدي السمرقندي» كتاباً في فهم التوحيد على ممضى أهل السنّة والجماعة، وكان من رؤساء أهل السنّة والجماعة.

تلاميــذه:

قد تلقّى عنه عدّة من أكابر فهماء الحنفيّة أشهرهم نجم الدين عمر بن محمّد

النسفي (460-537هـ) وهويقول في حقّ اُستاذه: «كان أبواليسر شيخ أقراننا في بلاد ماوراءالنهر، وكان إمام الأئمّة، وكان يفد عليه الناس من جميع فجّ وقد ملأ الشرق والغرب بمؤلفاته في الاُصول والفروع».

مؤلفـاته

له مؤلفات منها:

1 ـ تعليقة على كتاب الجامع الصغير للشيباني.

2 ـ الواقعات.

3 ـ المبسوط في بعض الفروع.

4ـ اصول الدين المطبوع.

2 ـ النسفي ميمون بن محمّد ( 418 ـ 508 هـ)

ميمون بن محمّد بن معبد بن مكحول، أبوالمعين النسفي الحنفي، أحد المتكلّمين البارعين على منهاج الماتريدي كان بسمرقند سكن «بخارى».

تآليفه: «بحر الكلام» وهومطبوع، و«تبصرة الأدلة» مخطوط(وهومطبوع في هجريا ج 2) وينطق إنّه الأصل للعقائد النسفية لأبي حفص النسفي، توجد نسخة منه في القاهرة وغيرهما من الخط.

وقد ترجم في الجواهر المضيئة ج 2: 189، وفي الأعلام لخير الدين الزركلي ج 7: 341، وريحانة الأدب للمدرسي جستة ص 174، وذكر تآليفه المحرر الجلبي في كشف الظنون.

3ـ النسفي عمر بن محمّد (460 ـ 537هـ):

عمر بن محمّد بن أحمد بن إسماعيل، أبوحفص المعروف بـ «نجم الدين النسفي»، ولد بـ «نسف» وتوفّي بسمرقند، وكتابه المعروف «عقائد النسفي» من الخط المشهورة. ولأجل ذلك خطت عليه الشروح والتعليقات، وهوعلى منهاج الماتريدي. وشرحه التفتازاني، وله ترجمة في «الفوائد البهية في تراجم الحنفية» لمحمّد بن عبد الحي ،ص: 149 طبع في القاهرة عام 1324هـ. والجواهر المضيئة ج 1: ص 394، ولسان الميزان ج4: ص 327، والأعلام لخير الدين الزركلي ج 5: ص60 وريحانة الأدب للمدرسي ،ج 6:ص173، وقد تقدّم تتلمذه على البزدويّ.

4ـ ابن الهمام: محمد بن عبد الواحد (790 ـ 816 هـ):

محمّد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السيواسي ثمّ الاسكندري، كمال الدين المعروف بابن الهمام، متكلّم حنفي، له تآليف في الكلام والفقه، وقد ألّف «المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة»، في الكلام، وهومطبوع. حقّقه محمّد محي الدين عبد الحميد. ومن خطه «فتح القدير» في شرح الهداية، ثمانية مجلّدات في فقه الحنفية، كما ألّف «التحرير» في اُصول الفقه وقد طبعا. له ترجمة في الفوائد البهية ص: 18، والجواهر المضيئة ،ج 2:ص 86، وشذرات المضى ج7:ص 289 والأعلام للزركلي ج 2:ص 255، وغيرها.

5ـ البياضي: كمال الدين أحمد بن حسن الرومي الحنفي ـ (القرن 11):

هومن بيت قضاء، وفقه، وفهم، أخذ الفهم ببلاده عن والده، والعلامة يحيى المنقاري، وغيرهما من أفاضلهم، وقد أُسند إليه منصب القضاء بحاضرة حلب الشهباء سنة 1077هـ، كما تولّى قضاء مكّة عام 1083هـ، ومن تآليفه «إشارات المرام من

عبارات الامام» الّذي طبع بتقديم محمّد زاهد بن الحسن الكوثري الماتريدي في العصر الحاضر وبتحقيق يوسف عبد الرزاق سنة 1368هـ، وقد وقفت على خصوصيات الكتاب في خلال الأبحاث السابقة.


الماتريدية منسوبة إلى أهل السنّة والجماعة وتختلف مع الأشعرية في قضايا بسيطة.


الندوة العالمية حول الامام الماتريدي والماتريدية

http://www.isavvakfi.org/resimler/haberler/PROGRAM-MATURIDI-30-4-09.pdf

http://www.geocities.com/maturidimezhebi/

http://www.blogcu.com/maturidimezhebi

http://maturidimezhebi.blogspot.com//

كتاب التوحيد للإمام أبى المنصور الماتريدى - تعالى -

تاريخ النشر: 2020-06-04 10:41:30
التصنيفات: طوائف إسلامية, أهل السنة, ماتريدية, أهل البدع

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

إنديان ويلز: مدفيديف بسهولة الى الدور الثالث

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:09
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

  فيديو عن إحراق مدنيين أحياء يثير الغضب في إثيوبيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:14
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 93%

ارتفاع ملحوظ في أسعار البيض مع اقتراب شهر رمضان

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:23
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 40%

ارتفاع كبير لمداخيل الجمارك بالمغرب

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:19
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 41%

ميلان يتمسك بالصدارة بعد فوز صعب على إمبولي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:45
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 86%

50 يوماً من الغياب.. السومة يعود إلى هز الشباك

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:48
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 98%

دورة ميامي: عدم ادراج اسم نادال على لائحة المشاركين

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:10
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 89%

صور أقمار صناعية تظهر حرائق ودمارا واسعا  في ماريوبول جنوب أوكرانيا

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:13
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 100%

الرجاء يواجه أمازولو الجنوب أفريقي يوم الجمعة القادم

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:55
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

تهم ثقيلة تلاحق “خطافا” تسبب في حادثة سير مروعة ضواحي سطات

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:22
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 39%

تكناوي يكتب عن الاوروبيين المراكشيين

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:19
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 36%

كردستان العراق.. هجمات صاروخية في محيط القنصلية الأميركية بأربيل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:38
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 100%

أوكرانيا: روسيا تسعى لتنظيم استفتاء زائف لإنشاء جمهورية في خيرسون

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:14
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 85%

وفاق سطيف ينتصر بثنائية على أمازولو ويُشعل الصراع في مجموعة الرجاء

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:57
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

إسماعيل مطر: "ليس من حقك أن تستفز الجمهور" ورحيمي يرد: "لم أقصد ذلك"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:15:54
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

مخاوف أميركية من سيناريو روسي في أوكرانيا مثل الشيشان وسوريا 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-13 00:16:13
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 86%

تحميل تطبيق المنصة العربية