الحروب الكارلية (رواية)
الحروب الكارلية La Guerra Carlista هي مجموعة روائية خطها رامون دل باله-إنكلان، وهي مكونة من ثلاث روايات، هي Los Cruzados the Causa (1908)؛ El Resplandor of Hoguera (1909) وGerifaltes Antaño (1909).
والحال إذا هذا العام كان مفصلياً في حياة إسبانيا، بل هوبالنسبة إلى كثر، العام الذي شهد الصراعات العنيفة التي ستكون أشبه ببروفة عامة للحرب الأهلية التي ستنشب بعد ذلك بعقود. وإنكلان لا يستبعد هذا الاعتبار، حتى وإن لم يكن عارفاً، بالطبع، منذ كتابته رواية أحداث 1873، إذا هذه الأحداث يفترض أن تستعاد في أواسط ثلاثينات القرن العشرين. بالنسبة إليه، كانت جميع الدلائل تشير إلى حتى ثمة أموراً ما يفترض أن تحدث. وفي روايته، إذا كان الصراع الأساس الذي يجرى الحديث عنه يشهد انتفاضة من سمّوا عند ذاك «الكارليين» - نسبة إلى انتمائهم إلى الدون كارلوس احد المطالبين بعرش إسبانيا الحديثة عهد ذاك - فإن أحفاد أولئك «الكارليين» هم الذين يفترض أن يقاتلون إلى جانب فرانكوفي الحرب الأهلية التي ستطبع القرن العشرين بميسمها.
غير حتى ما نقرأه في «الحروب الكارلية» لم يكن قد وصل إلى ذلك الاستطراد بعد. ومن هنا فإننا نبقي انفسنا عند حدود أحداث العام 1873، التي وزعها إنكلان على ثلاثة أجزاء: «صليبيوالملك»، «شعاع الجمر» و«مثل طيران السنقر». والعام 1873 هوعام النهاية لتلك الحروب الكارلية التي أجريت على مرحلتين، الأولى بين 1833 - 1839، والثانية بين 1872 - 1873، وخلالهما خاض أنصار الملكية الثيوقراطية المطلقة معارك عنيفة غايتها إيصال الدون كارلوس إلى العرش، في لقاء أنصار الملكية الدستورية، ثم أنصار الحكم الجمهوري العابر الذي تحقق بين العامين 1872 و1874... لكنه سرعان ما أزيل.
في رواية انكلان بأقسامها الثلاثة، لدينا إذاً، أحداث العام 1873 منظوراً إليها من وجهة نظر أنصار دون كارلوس الذين من الواضح حتى المحرر كان متعاطفاً معهم - فهماً حتى ثمة في الأدب الإسباني روايات أخرى، أهمها روايتان للمحرر ر.ج. سندر، تتحدثان عن معارك مماثلة جرت في قرطاجنة الإسبانية، ولكنها هنا منظور إليها من وجهة نظر قوى يسارية كانت تسعى إلى هجريز ملكية دستورية.
أما بالنسبة إلى رواية إنكلان، فإنها في القسم الأول، والذي يمكن حتى يُقرأ وحده - لمن شاء - كرواية مستقلة، تتحدث عن دير غير بعيد عن شاطئ البحر في منطقة گاليسيا، يستخدمه بعض المقاتلين مستونادىً للأسلحة والذخيرة، وتدور الصراعات من حوله. وفي القسم الثاني، لدينا أحداث هي في قلب الصراع داخل منطقة نافار، بين الجمهوريين والكارليين.. أما في القسم الثالث، والذي يظهر فيه انكلان وقد طور نظرته بعض الشيء مفرّقاً بين نمطين من الكارليين، نمط يميني محافظ يسعى إلى ملكية مطلقة، ونمط آخر يظهر اكثر اعتدالاً، ويسعى إلى حكم تكون فيه إلى حد ما، مصلحة للشعب انطلاقاً من حكم كارلي مقيد بقوانين. وهذا التفكير يجسده في هذا القسم الثالث من الرواية، قسيس متنوّر يدعى سانتا كروز، وهوشخصية تاريخية حقيقية، خاض القتال بنفسه على الجبهات، من اجل ترسيخ نوع من الحكم الملكي اللامركزي، الذي يقف خارج أفكار الكارليين اليمينيين، وخارج أفكار الجمهوريين اليساريين. بالنسبة إلى سانتا كروز، يجب حتى ينتهي الصراع بالوصول إلى نمط حكم في إسبانيا يعطي المناطق والأنطقيم شيئاً من الحكم الذاتي، مبنياً على حقوق سكان هذه الأنطقيم، في لقاء واجباتهم تجاه دولة اتحادية لا يتعين حتى تضعفها الانقسامات، بل يجب حتى تقويها. وواضح هنا حتى إنكلان، إذ طوّر موقفه في القسم الثالث من روايته، في هذا الاتجاه الذي جعله يتبنى - إلى حد كبير وإن مع شيء من النقد والتحفظ - موقف القسيس المقاتل سانتا كروز، إنما دنا تماماً من رؤية لإسبانيا كان يحملها في ذلك الحين الفيلسوف أونامونو، وتنطلق من نوع من «الكارلية الشعبية» المستندة كما قلنا إلى لا مركزية وضروب حكم ذاتي تبدوفي أزماننا هذه، على أي حال، نوعاً من الحل العجائبي لمعضلات هذا النوع التعددي من الأمم.
من الطبيعي القول هنا إذا رواية «الحروب الكارلية» لإنكلان، تقرأ قبل أي شيء آخر كعمل روائي، فيه شخصيات وصراعات خارجية وداخلية وتطورات درامية... كذلك من الطبيعي القول إذا هذه الرواية يمكن أيضاً حتى تقرأ كنص تاريخي. لكن الواقع هوحتى المحرر، على رغم تميّز لغته الأدبية، وعلى رغم غرفه من الأحداث التاريخية، في شكل لا غبار عليه... لم يكن في الحقيقة مطلق الاهتمام لا بالجانب الأدبي وحده ولا بالجانب التاريخي بمفرده... كان مهتماً بالأحرى بالتعبير عن تصوره كيف من الممكن أن يمكن حتى تبنى إسبانيا، في تشتتها وبعد حتى فقدت ما كان يجمع بين أقوامها (أي المستعمرات التي كانت تشكل ثروة ومنفذاً مشهجرين لكل تلك الأقوام). وهوفي طريقه اهتم كثيراً أيضاً بالتأثير الذي كان للأحداث التاريخية على الأفراد والجماعات الصغيرة. وفي هذا الإطار كانت غايته الأساس حتى يصدم، ثم يهجر جميع واحد من قرائه أمام الاستنتاجات التاريخية التي يجد أنها تناسبه. ورامون ديل فالي إنكلان (1869 - 1939) لم يخف أبداً توخّيه هذه الغاية من كتابته، هوالذي لم يتوان عن وضع أدبه كله في تلك الفترة في خدمة فكره الذي كان يرى حتى أصحاب الفكر الليبرالي هم المسؤولون عن الانحطاط الذي تعيشه إسبانيا.
