البهنسا، المنيا

عودة للموسوعة

البهنسا، المنيا

البهنسا هي قرية تابعة لمركز بني مزار، محافظة المنيا بجمهورية مصر العربية وتعد من أجمل القرى، وتقع القرية على بعد 16 كيلومتر من مركز بني مزار ناحية الغرب.

والبهنسا هي إحدى قرى محافظة المنيا بجنوب مصر هذه القرية لها تاريخ عريق قبل الإسلام وبعده فلقد زارها السيد المسيح والسيدة مريم والسيد يوسف النجار عليهم السلام ولقد اتى البهنسا مجموعة من الصحابة والتابعين بل ومن أصحاب بدر أثاء الفتح الأسلامي لمصر في عهد عمر بن الخطاب واستشهدوا ودفنوا في أرضها ونذكر بعض منهم على طريق المثال لا الحصر مثل عبد الرحمن بن أبي بكر وضرار بن الأزور وخولة بنت الأزور وعفان بن عثمان بن عفان وأبوذر الغفاري وكثير من أهل الفضل شرفت البهنسا بقدومهم إليها.

ولقد سئل الحسن البصري رحمه الله لما أويت إلى البهنسا فنطق كيف من الممكن أن لا آوي إلى بلد آوى إليها المسيح عليه السلام وتنزل على جبانتها جميع ليلة خمسين ألف رحمة وقبر الحسن البصري موجود أيضاً بالبهنسا ومن الفهماء الذين تربوعلى أرض البهنسا الأمام القرافي أحد فهماء المالكية الثقات ولقد ذكر الله تعالى البهنسا في القرآن فنطق (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) سورة المؤمنون وقيل الربوة هي البهنسا ومن أشهر مساجدها مسجد الحسن بن صالح رضي الله عنه .

التاريخ

العصر الروماني

كانت البهنسا عاصمة للإقليم التاسع عشر من أنطقيم مصر العليا، ووردت بالوثائق المصرية القديمة باسم "بر - مجد" وتعني مكان الالتقاء، وتضم عددا من الآثار من جميع العصور التاريخية حيث كانت تقع على الدرب المؤدي إلى الواحات البحرية.تضم المدينة أطلالا لمنشآت مصرية قديمة وفي الأسرات المتأخرة اهتم الفراعنة بها كثيرا، واشتهرت في العصر اليوناني الروماني باسم (أوكسيرنخوس) غير حتى شهرتها ترجع لذلك العدد الكبير من البرديات اليونانية التي عثر عليها فيها والتي تلقي الضوء على الكثير من جوانب الحياة في هذه الفترة، حيث أنها تتضمن موضوعات أدبية واقتصادية وإدارية واجتماعية وقانونية.

بلغت مساحة المدينة في العصر الهللينستي (2000×800م)، وكانت مخططة على الطراز الهيبودامي المستمد من المدن المصرية، حيث تتقاطع الشوارع وتنقسم إلى أحياء وتتوسطها السوق، وهناك شارع رئيسي يسمى شارع كليوباترا السابعة، وكان يحيط بالمدينة سور به أربعة أبواب يعهد أحدها باسم باب الكابيتول، وتذكر بردية ترجع للقرن الثالث الميلادي وجود تترا بيلون مما يعنى حتى المدينة كان لها بوابة ضخمة ذات أبراج في جميع جهة من الجهات الأربع.كما حفلت المدينة بالمنشآت الإغريقية مثل الجمانيزيوم والمسرح والحمامات ومن أشهرها حمامات تراجان وهادريان وأنطونيوس بيوس، وأقيم أكثر من أربعين معبدا منها معابد مشهجرة كمعبد زيوس وهيرا ومعبد سيرابيس وزيوس.ووجدت معابد لآلهة مصرية وإغريقية منها معبد زيوس وآمون ومعبد هيرا وإيزيس، وكان معبد السرابيوم الكبير يتصل بمعبد الإلهة إيزيس، وقد تميزت المعابد البطلمية بأنها مصرية التخطيط واستمرت الكتابات الهيروغليفية والفنون المصرية إلى جانب كثرة استخدام الأعمدة المركبة.

وكانت منازل أوكسيرنخوس تتكون من طابقين أوثلاثة طوابق وتضم أجنحة منفصلة وحجرات استقبال للرجال وأخرى للنساء، وتتقدم المنازل سقائف محمولة على صفوف من الأعمدة، وضمت بعض المنازل حوانيت تطل على الشوارع الرئيسية.وعندما ظهرت المسيحية كان للمسيحيين في أوكسيرنخوس فضل كبير في القضاء على الديانة الوثنية، وانتشرت الكنائس بدلا من المعابد الوثنية حتى وصل عدد الكنائس إلى أربعين كنيسة حيث تحول عدد من المعابد إلى كنائس. وقد عثر على أطلال الكثير من المنشآت اليونانية والرومانية منها:العمـود ويتكون من قاعدة وبدن وتاج من أعلى، ويعتقد أنه كان هناك تمثال لإمبراطور روماني فوق تاج العمود، وكان هذا النوع من الأعمدة شائعا في الجزء الشرقي من الإمبراطورية حتى القرن الثالث الميلادي وبالمقارنة بالمدن الرومانية الأخرى فإنه يفترض وجود أربعة أعمدة بهذا الشكل، ويرجح حتى هذا العمود كان يمثل نقطة تقاطع شارعين. البوابة الكبرى واستخدم أحد برجيها في العصر الإسلامي كقاعدة لمئذنة مسجد أبوسمرة، وكانت مبلطة بالحجر وإلى الشمال منها سور وأسفلها مبنى من الطوب اللبن يمتد من الشرق إلى الغرب، وقد بنيت هذه البوابة وفقا للتنطقيد المصرية التي استمرت حتى العصر الروماني.ويقع في الجزء الشرقي للمدينة مسرح وكان يتكون من مقاعد المشاهدين ومنصة المسرح، وقد كان عرض الممرات بين صفوف المقاعد مترا ويقدر عددها بخمسة وثلاثين صفا يسع جميع منها (320) مشاهدا، كما كانت توجد مجموعة من المقاعد التي تستخدم كاستراحة، ويحيط بالمسرح سقيفة على صف من الأعمدة المفردة تتقدمه سقيفة أخرى على صف من الأعمدة المزدوجة، وعثر على المنصة وبقايا المقاعد والحوائط والكثير من العناصر الأثرية .

الفتح الإسلامي

ولما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه مصر والإسكندرية والبحيرة والوجه البحري كله جميعًا كان بالصعيد نوبة وبربر وديلم وصنطقبة وروم وقبط وكانت الغلبة للروم كان أكثرهم روما‏.‏

ثم استشار عمروبن العاص أصحابه أي جهة يقصد وهل يسير بالجيوش شرقًا أوغربًا وما يصنع فأشاروا عليه بممحررة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهم فخط إليه يقول‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏ من عبد الله عمروبن العاص عامل أمير المؤمنين على مصر ونواحيها إلى عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سلام عليك ورحمة الله وبركاته‏:‏ أما بعد فإني أحمد الله وأثني عليه وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والسلام على من بالمدينة من المهاجرين والأنصار والحمد لله قد فتحت لنا مصر والوجه البحري والإسكندرية ودمياط ولم يبق في الوجه البحري مدينة ولا قرية إلا وقد فتحت وأذل الله المشركين وأعلى حدثة الدين وقد اجتمعت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السادات والأمراء والأخيار المهاجرين والأنصار يطلبون الإذن من أمير المؤمنين هل يسيرون إلى الصعيد أوإلى الغرب والأمر أمرك يا أمير المؤمنين فإنهم على الجهاد قلقون وباعوا نفوسهم لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين نطق الواقدي‏:‏ فلما فرغ عمروبن العاص من الكتاب عرضه على أصحابه ثم طوى الكتاب وختمه واستدعى برجل ينطق له سالم بن بجيعة الكندي وسلم إليه الكتاب ولما وصل عثر عمر بن الخطاب فسلم عليه‏ وأعطاه الكتاب فقرأه ففرح واستبشر واستشار عمر رضي الله عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن جاء فأشار عليه علي بن أبي طالب حتى عمروبن العاص لا يسير بنفسه ليكون أهيب له في قلوب أعدائه وأن يجهز جيشًا عشرة آلاف فارس ويؤمر عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه فنطق عمر‏:‏ صدقت ثم خط كتابًا يقول فيه‏:‏بسم الله الرحمن الرحيم من عمر بن الخطاب إلى عامله على مصر ونواحيها عمروبن العاص سلام عليك ورحمة الله وبركاته‏.‏أما بعد‏:‏ فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هووأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والسلام عليك وعلى من معك من المهاجرين والأنصار ورحمة الله وبركاته وقد قرأت كتابك وفهمت خطابك فإذا قرأت كتابي هذا فاستعن بالله واربط الخيل وأوفد الأمراء لكل بلد أمير ليقيموا شرائع الدين ويفهموا الأحكام‏.‏ ثم انتدب عشرة آلاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقر عليهم خالد بن الوليد وأوفد معه الزبير بن العوام والفضل بن العباس والمقداد بن الأسود وغانم بن عياض الأشعري ومالكًا الأشتر وجميع الأمراء وأصحاب الرايات ينزلون على المدائن ويدعون الناس إلى الإسلام فمن أجاب فله ما لنا وعليه ما علينا ومن أبى فليأمروه بأداء الجزية وإن عصى وامتنع فالحرب والقتال وأمرهم إذا حاصروا مدينة حتى يشنوا الغارات على السواد وإن بمصر مدينتين كما بلغني إحداهما ينطق لها أهناس والثانية ينطق لها البهنسا أمنع وأحصن وبلغني حتى بها بطريقًا طاغيًا سفاكًا للدماء ينطق له البطليوص وهوأعظم بطارقة مصر كما بلغني وأنه ملك الواحات فلا تقربوا الصعيد حتى تفتحوا هاتين المدينتين وعليك بتقوى الله في السر والعلانية أنت ومن معك وأنصف المظلوم من الظالم وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وخذ حق الضعيف من القوي ولا تأخذك في الله لومة لائم وأقم أنت بمصر وأوفد الأجناد وإن احتجت إلى مدد فأوفد ومحررني وأنا أوفد لك المدد. والمعونة من الله عز وجل وأسأل الله تعالى حتىقد يكون لكم بالنصر والمعونة والفتح والحمد لله رب العالمين‏.‏ ثم طوى الكتاب وختمه بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعه إلى سالم فأخذه ورجع إلى مصر فوجد عمرًا والصحابة نازلين بأرض الجيزة وكان زمن الربيع وهوجالس في خيمته وأصحابه عنده فسلمت على عمرووخالد وعلى بقية الأمراء‏.‏ ثم ناولته الكتاب فقرأه إلى آخره وفهم ما فيه‏.‏ فلما سمع الأمراء ما فيه فرحوا بذلك فرحًا شديدًا‏.

ثم إذا عمرًا استشار الأمراء في ذلك وكانوا لا يعملون شيئًا إلا بمشورة بعضهم ولذلك مدحهم الله في كتابه العزيز بقوله عز وجل‏:‏ ‏{‏وأمرهم شورى بينهم‏ ‏ ‏[‏الشورى 38‏]‏‏.‏ فأشاروا عليه حتى يرسل خلف الأمراء والجنود المتفرقة في البحيرة شرقًا وغربًا وأن يرتب الجيوش ويقصدوا الصعيد ويتوكلوا على الله عز وجل‏.‏ نطق الواقدي‏:‏ وكانت الصحابة لما فتحت مصر والوجه البحري قد تفرقوا فمنهم في الإسكندرية وأمسوس ودمياط ورشيد وبلبيس وكان أكثرهم بوسط البحيرة في المكان المعروف بالمنزلة مثل القعقاع بن عمروالتميمي وهاشم بن المرنطق وميسرة بن مسروق العبسي والمسيب بن نجيبة الفزاري‏.‏ فعندها استدعى عمرورضي الله عنه بالنجابة والسعاة وعمروبن أمية الضمري ومثل هؤلاء رضي الله عنهم أجمعين وخط الخط وأوفدها للأمراء فعندها أجابوا بأجمعهم لأنهم رضي الله عنهم كانوا أشوق للقتال من العطشان للماء البارد الزلال وهجروا في البلاد والمدائن من يحفظها أويحرسها خيفة من العدووأقبلوا نحومصر مسرعين ونزلوا حولها وأبلغ عمرورضي الله عنه بقدومهم فدخل دار الإمارة وهي قريبة من الجامع العمري وأقبلت السادات والأمراء يسلمون عليه وكان ذلك نهار الأربعاء عاشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية وقيل اثنتين وعشرين والله أفهم‏.‏ نطق‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله‏.‏ نطق‏:‏ حدثنا عبيدة بن رافع عن أبيه جحيفة عن جابر بن عبد الله الأنصاري وحدث بذلك ابن سلمة رضي الله عنه‏.‏ نطقوا‏:‏ لما قدمت الأمراء والأجناد من الصحابة رضي الله عنهم أقاموا الأربعاء والخميس والجمعة فخطب عمرورضي الله عنه بالناس‏.‏ فلما فرغ من خطبته أمر الناس حتى لا يتفرقوا حتى يقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‏.‏ فقرأ عليهم الكتاب‏.‏ فلما فرغوا من قراءته تواثبوا كلهم كالأسود الضارية المشتاقة إلى فرائسها ونطقوا كلهم‏:‏ سمعنا وأطعنا ولأرواحنا في سبيل الله بذلنا وللجهاد طلبنا وفي الثواب رغبنا وإلى الجنة اشتقنا ففرح عمروبذلك ونطق‏:‏ إذا أمير المؤمنين قد أمرني حتى أولي عليكم سيف الله والنقمة على أعداء الله صاحب القتال الشديد والبطل الصنديد خالد بن الوليد‏.‏

نطق الواقدي‏:‏ وكان خالد بن الوليد صديق عمروفي الجاهلية وأسلما في يوم واحد‏.‏ ثم التفت عمروإلى خالد ونطق‏:‏ ادن مني يا أبا سليمان فدنا منه فنطق عمرو‏:‏ يا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم كلكم لكم الفضل وإني لست بأفضل وفيكم من هوذوقرابة ونسب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تفهمون ما فتح الله على يديه من البلاد وما أذل الله على يديه من الأجناد‏.‏ نطق الواقدي‏:‏ فوثب الفضل بن العباس رضي الله عنه ونطق‏:‏ أيها الأمير إنا بذلنا أنفسنا في رضا الله عز وجل وما نريد بذلك إلا حملة عند الله عز وجل وإن خالدًا من أخيارنا ولوأمرت علينا عبدًا حبشيًا لامتثلنا أمره في رضا الله عز وجل فناهيك بخالد وهوسيد من سادات قريش عزيز في الجاهلية والإسلام فتهلل وجه خالد وعمروفرحًا ثم أمرهم بالنزول جميعًا بأرض الجزيرة قريبًا من الهرم الشرقي وأقبلوا يضربون خيامهم حوله حتى تكاملت العساكر رضي الله عنهم أجمعين‏.‏ نطق الراوي بسنده إلى الواقدي وابن إسحق وابن هشام‏:‏ لما تكاملت الجيوش وذلك في ربيع الآخر من السنة المذكورة صلى عمروبأصحابه صلاة الصبح ثم قام من ساعته يمشي على قدميه وحوله جماعة من المسلمين ومعه خالد بن الوليد والمقداد بن الأسود الكندي والزبير بن العوام الأسدي والفضل بن العباس الهاشمي وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وهاشم بن المرنطق والمسيب بن نجيبة الفزاري والعباس بن مرداس وأولاد عبد المطلب وبقية السادات حتى طلع على رابية وأشرف على الجيش فلما رأى اجتماعهم سر سرورًا عظيمًا‏.‏ ثم أمر بعض الجيش فتقدمت الأمراء أصحاب الرايات وصار جميع أمير يعرض جيشه وبني عمه على عمروبن العاص فكانت عدتهم فيما ذكر والله أفهم ستة عشر ألف فارس فانتدب منهم عشرة آلاف فارس كلهم ليوث عوابس وعليهم الدروع الداودية متقلدين بالسيوف الهندية معتقلين بالرماح الخطية راكبين الخيول العربية من خيار أمة خير البرية فعند ذلك نطق لهم عمرو‏:‏ يا معاشر الأمراء أصحاب الرايات والسادات الأخيار إذا خالدًا أمير عليكم فاسمعوا له وأطيعوا وكونوا حدثة واحدة ونازلوا المدائن والقلاع وشنوا الغارات على السواد ولا تقاتلوا قومًا حتى تدعوهم إلى شهادة حتى لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن أبوا فأداء الجزية فإن أبوا فالقتال بينكم وبينهم ‏{‏حتى يحكم الله بيننا وهوخير الحاكمين‏ ‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 87‏]‏‏.‏ وأوفدوا الطلائع ولاقد يكون في الطلائع إلا جميع فارس كرار في الحرب والقتال وثبتوا أنفسكم ولا يغرنكم كثرة أعدائكم فأنتم الغالبون فقد ذكر الله في كتابه المكنون المبين ‏{‏كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين‏ ‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 249‏]‏‏.‏ وأحسنوا نياتكم وثبتوا عزائمكم فأنتم الغالبون والله معكم وأنتم كلكم أهل الفضل والسابقة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلتم بين يديه ولا تحتاجون إلى وصيتي بارك الله فيكم‏ واستدعى عمروبأصحاب الرايات فكان أول من تقدم بعد خالد الزبير بن العوام والفضل بن العباس وزياد بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسروالعباس بن مرداس السلمي وأبا دجانة الأنصاري وغانم بن عياض الأشعري وأبا ذر الغفاري والقعقاع بن عمروالتميمي والمغيرة بن شعبة الثقفي وميسرة بن مسروق العبسي ومالكًا الأشتر النخعي وذا الكلاع الحميري والوليد وعقبة بن عامر الجهني وجابر بن عبد الله الأنصاري وربيعة بن زهير المحاربي وعدي بن حاتم الطائي ومثل هؤلاء السادات رضي الله عنهم وقد اقتصرنا في أشعارهم خوف الإطالة وكل واحد يسلمه راية ويؤمره على خمسمائة فارس نطق‏:‏ فلما تكاملوا وتجهزوا خرج عمرووأصحابه فودعهم وسارت الكتائب وتتابعت المواكب يطلب بعضها وخلفهم الذراري والصبيان حتى أتوا الجيزة ونزلوا بمكان يعهد بالمرج الكبير قريب من تلك المدائن والقرى والرساتيق وتقدمت الطلائع يتجسسون الأخبار وقد كان بدهشور بطريق عظيم من قبل مارنوس صاحب أهناس وكان فارسًا مكينًا وكلبًا لعينًا قاتله الله وكان يقول في نفسه أنه يناظر البطليوس في ولايته لكن البطليوس صاحب البهنسا لعنه الله كان أشد بأسًا وأعظم مراسًا وكثر عددًا وأقوى مددًا وأوسع بلادًا فمحرره في ذلك ومحرر روسال صاحب الأشمونين ومحرر أقراقيس صاحب قفط وكان يحكم على أخميم ومحرر الكيكلاج وكان يحكم إلى عدن والبحر المالح إلى بلاد البجاوة والنوبة وحد السودان وتسامع الناس بمسير العرب إلى الصعيد ومحررت الملوك بعضها بعضًا وماج الصعيد بأهله إلى حد الواحات وسقط الرعب في قلوبهم فعند ذلك وثبت مكسوج ملك البجاوة وحليف ملك النوبة وجمعوا ما حولهم من أرض النوبة والبجاوة والبربر وأتوا إلى أسوان‏.‏ وكان مع ملك البجاوة ألف وثلثمائة فيل عليها قباب الجلد بصفايح الفولاذ في جميع قبة عشرة من السودان طوال القامة عراة الأجساد على أوساطهم وأكتافهم جلود النمور وغيرها ومعهم الحرق والحراب والكرابيج والقسي والموضوعيع والأعمدة الحديد والطبول والقرون وكانت عدتهم عشرين ألفًا فلما وصلوا أسوان خرجوا إلى لقائهم بعسكرهم وأفهموهم بأمرهم وساروا إليهم بالملاقاة من الذرة والشعير والقصب ولحوم الخنازير والضباع وغيرها من الوحوش فأنزلوهم وضيوفهم ثلاثة أيام ثم خرج بطريق أسوان ومعه جيش حتى وصلوا إلى ملك قفط صاحب القرية القريبة من قوص وعمل معهم مثل ذلك وسير معهم جيشًا وساروا حتى وصلوا إلى أنصنا وكان بها بطريق عظيم وبطل جسيم وكان منجمًا وكان يحكم شرقًا وغربًا وكانت مدينته عظيمة على شاطئ البحر وبها جند كثير وعجائب عظيمة ولها حصن عظيم من الحجر علوه ثلاثون ذراعًا ومن داخلها قصور ومقاصير وكنائس وقلاع على أعمدة الرخام وغيرها في المدينة فلما نزلت تلك العساكر على أنصنا خرج إليهم بطريقها جرجيس بن قابوس وتلقاهم وأوفد معهم ابن عم له يسمى قيطارس وكان فارسًا شديدًا في أربعة آلاف فارس ولم يزالوا سائرين حتى نزلوا بواد البهنسا عند بطريق يسمى قلوصا من بطارقة البطليوس فلما سمع بهم البطليوس خرج إلى لقائهم في عسكر عظيم زهاء من خمسين ألف فارس من البطارقة وعليهم الدروع الممضىة وأقبية الديباج المرقومة بالمضى الوهاج وعلى رؤوسهم التيجان المكللة باللآلئ والجواهر راكبين على خيول وبراذين مسرجة عليها سروج المضى والجنائب مغطاة بأغشية من الحرير الملون المرقوم بالمضى والفضة والخز وكان معه خمسون صليبًا طول جميع صليب أربعة أشبار من المضى تحت جميع صليب ألف فارس على جميع صليب رمانة من المضى المنقوش وهم في زي عظيم عجيب وقد أكثروا من الطبول والزمور وضرب القرون والمعازف حتى ارتخت الأرض ومعهم الجمال والبغال والجاموس فلما التقوا ترجلت الملوك والبطارقة للقائهم وسلم بعضهم على بعض وتحدثوا فيما بينهم بسبب العرب فنطق لهم البطليوس‏:‏ لا تطمعوا العرب فيكم ولا في بلادكم فإنما مثل العرب كمثل الذباب إذا هجرته جميع وإن منعته فر وهلك فاثبتوا واصدقوا . نطق كرماس الرومي :‏ يا معاشر الملوك والبطارقة إني قد اطلعت على الخط القديمة وفيها أنهم إذا ملكوا البهنسا ونواحيها فلا تقوم لأهل الصعيد بعد ذلك قائمة نطق فلما سمع الملوك ذلك صقعوا له ثم انتدب من بطارقته عشرين ألفًا ممن عهدت شجاعتهم وبراعتهم وملك عليهم صاحب الكفور وكان كافرًا طاغيًا وكان اسمه بولص وكان لعينًا ودفع له صليبًا من المضى وفهمًا من الحرير الأطلس الأصفر مرقومًا بالمضى فيه صورة الشمس ودفع لهم ما يحتاجون له من الجنائب والقباب والسرادقات ومضارب الديباج الملون وأواني المضى والفضة والصناديق المملوءة بالمضى والفضة والبراذين والبغال وعليها أحمال الحرير الملون وبعضها محمل بالأواني المذكور والخيام والسرادقات وسارت العساكر وتتابعت الملوك بالمواكب يتلوبعضها بعضًا حتى قربوا من مدينة ببا الكبرى فخرج إليهم بطريقًا صندراس وتلقاهم وعمل معهم كما عمل البطليموس وأضافهم وجهز معهم جيشًا عشرة آلاف فارس من صناديد بطارقته وولي عليهم بطريقًا اسمه دارديس وكان يناظر بطريق الكفور في الشجاعة والقوة والبراعة وساروا حتى قربوا من مدينة برنشت فخرج إليهم بطريقها فتلقاهم وكان يناظر البطريق الأعظم رأس بطارقة الكوة ولم يزالوا سائرين حتى ملؤوا الأرض نطق الراوي‏:‏ وأما ما كان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم لما نزلوا قريبًا من دهشور كما ذكرنا وكانت العيون من المسلمين من بني طيء ومذحج ينزلون ويتزيون بزي العرب المتنصرة يتجسسون الأخبار حتى اختلطوا بالعساكر المذكورة وكانوا حذاقًا متفرسين فلما رأوا ذلك هالهم أمره‏.‏ نطق زيد بن غانم الثعلبي وكان ممن جاء الفتوح وشهد السقطة بينما نحن جلوس نصلح شأننا بالمرج ونحن على أهبة السفر إذ قدمت الجواسيس فأبلغوا خالدا بقدوم العساكر‏.‏ فنطق لهم‏:‏ هل حزرتم الجيوش‏.‏ فنطقوا‏:‏ نعم نحومائتي ألف فارس وخمسين ألف راجل من النوبة والبربر والبجاوة والفلاحين وغيرهم وهم في أهبة عظيمة ومعهم ألف وثلثمائة فيل وعلى ظهورها الرجال كما سقط في يوم حرب العراق نطق خالد‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قرأ ‏{‏الذين نطق لهم الناس إذا الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا ونطقوا حسبنا الله ونعم الوكيل‏ ‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 173‏]‏‏.‏ ثم قرأ‏:‏ ‏{‏كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين‏ ‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 249‏]‏ ثم إذا خالد نطق لأصحابه‏:‏ ولا تهتموا لذلك واصبروا ‏{‏وأنتم الأعلون والله معكم‏ ‏ ‏[‏محمد‏:‏ 35‏]‏‏.‏ فليست جموعهم بأكثر من جموع اليرموك ولا من جموع أجنادين ومع ذلك فقد ملكتم مصرهم التي هي تاج عزهم وملكتم الوجه البحري وقتلتم مائة من ملوكهم وبطارقتهم وقد صارت الشام واليمن والعراق والحجاز بأيديكم وقد دانت لكم البلاد وقد كنتم قليلًا فكثركم الله وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها وقاتلتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرتم بالملائكة ووعدكم على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه يستخلفكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلكم ومن اغتال منكم كان له الجنة وتنتقل روحه إلى روح وريحان ورب راض غير غضبان فلما سمعوا كلامه تهللت وجوههم فرحًا ونطقوا‏:‏ يا خالد نحن كلنا بين يديك وقد وهبنا أنفسنا لله ابتغاء وجه الله وسقماته‏.‏


حصار البهنسا

ولما طال الحصار والمكث على أهل البهنسا اجتمع المسلمون عند خالد واستشاروه فيما يعملونه وماقد يكون من الرأي فوثب عبد الرزاق الأنصاري وعبد الله بن مازن الداري وكعب بن نائل السلمي وأبومسعود البدري وأبوسعيد البياضي ونطقوا‏:‏ يا قوم قد وهبنا أنفسنا لله عز وجل ولعل حتىقد يكون للإسلام فرج فاصنعوا منجنيقًا واملؤوا غرائر قطنا ونطقوا يأخذ جميع واحد منا سيفه وحجفته ويدخل في غرارة قطن فإذا كان الليل ونامت الحراس فألقونا على أعلى السور واحدًا بعد واحد والمعونة من الله في فتح الباب كما فتحتم قصر الشمع بمصر ودير النحاس وكما عملتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق فاستصوبوا رأيهم فلما أصبحوا بتروا الأخشاب وصنعوا منجنيقًا وصنعوا له حبالًا وأحضروا غرائر وملؤوها قطنًا والرجال داخلها وصبروا إلى الليل ودخل هؤلاء السادات رضي الله عنهم بعد حتى ضربوا بالمنجنيق حجرًا بعد حجر فسقط على أعلى السور والبرج فشرعوا في رميهم منهم أبومسعود البدري وعبد الرزاق إلى حتى رموهم جميعهم وصاروا فوق أعلى السور ورتب خالد أصحابه على الأبواب وأما عبد الرزاق وأصحابه فلما صاروا بأعلى الجدار نزلوا إلى البرج فإذا هومغلق والحراس نيام فنزلوا إلى الدهليز بين البابين فوجدوهما مغلقين موثقين فذبحوا البوابين عن أخرهم ووجدوا المفاتيح تحت رأس كبيرهم في جانب سريره فأخذوها وفتحوا الأبواب وإذا بالباب الثاني الذي ينتهي إلى القصر مسدود بالحجارة فاحتالوا على قلع حجر بعد حجر فقلعوها ورموا الأحجار وفتحوا الأبواب وكل ذلك في أقل من ساعة بمعونة الله عز وجل وصعدوا إلى البرج فعالجوه وفتحوه وقتلوا جماعة واستيقظ جماعة وثاروا عليهم وخافوا على الباب حتى يؤخذ منهم وأن يحال بينهم وبينه وهوباب السور الذي بظاهر المدينة ففتحوه فصاحت الروم واستيقظ البطليوس وركب جواده وكان على حذر وركب المسلمون ودخلوا الباب وخرجت البطارقة والبطليوس من قصره وزحفت الروم إلى الباب وكان أول من اغتال في ذلك اليوم عبد الرزاق وعنان بن مازن وكعب بن نائل السلمي بداخل الباب‏.‏ نطق‏:‏ ثم خرجت الروم وقاتلت قتالًا شديدًا وتواثبت جماعة من الأمراء مثل الزبير بن العوام وابنه عبد الله وعبد الرحمن بن أبي بكر إلى باب البحر واقتتلوا قتالًا شديدًا وتقدم عبد الرحمن والزبير إلى الباب والروم على أعلى السور ونزل عن جواده وصلى ركعتين والحجارة تتساقط عليه وهولا ينزعج لذلك وتقدم هووالفضل وعبد الرحمن بن أبي بكر إلى الباب وجعلوا السلاسل من فوق وصعدوا إلى أعلى إلبرج وهدموا الشرافات ووضعوا السيف في الحراس وفتحوا الباب ووثب شرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس وأبوذر الغفاري وأبوأيوب الأنصاري إلى باب قندوس ووثب المسيب بن نجيبة الفزاري والقعقاع بن عمرووالأمير عياض بن غانم الأشعري إلى باب الجبل وفتحوا الأبواب واقتتلوا قتالًا شديدًا وقاتلت الروم قتال الموت إلى حتى طلعت الشمس وارتفعت وقاتل عدوالله البطليوس قتالًا شديدًا وقتل رجالًا وجندل أبطالًا واقتتلوا في الأزقة والشوارع وبين الأبواب وتقدم خالد وهويصيح‏:‏ واثارات سليمان وطعنه طعنة صادقة في صدره فأطلع السنان يلمع من ظهره فسقط يخور في دمه وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار فلما رأى الروم ذلك ولوا الأدبار وتبعهم المسلمون يقتلون وبأسرون وينهبون وقتل من الروم نحوثلاثين ألفًا بوسط البلد وأسر منهم عشرون ألفًا وأنشد خالد يقول‏:‏ وبالبهنسا الغرا أبيدت جيوشنا ثلاث سنين بابها ليس يفتح ثماني آلاف عداد جيوشنا وكل همام عن ثمانين يرجح فما فتحت إلا وقد صار جيشنا ثلاثة آلاف عداد تسحسح ولم أر في أرض الصليب كمثلها ولا جيشها لما على السور يسرح ولا مر لي يوم كمثل حروبها** لأن بها البطلوس ليث مبجح وكان له جيش وعدة جيشه** ثمانون ألفًا بالحديد توشحوا وكف غلبناهم ثمانين مرة** يخادعنا البطليوس عنهم فنصفح ثلاث مرار نحن نفتح بابها **وترتد للكفر الذميم وتجنح وقد تعب الهندي يوم فتوحها** وكلت أيادينا وفي الروم نذبح إلى حتى ملأنا البر والبحر منهم **وقد شبعت أسد الفلا وترنحو ا وولت ثلاثون الألوف شواردًا** وعشرون ألفًا منهم قد تجرحوا فمنهم قضى نحبًا ومنهم بها طغى** ومنهم أناس في المقابر روحوا وبطلوسهم ذاك النهار قتلته **وقد كان مقدام الجيوش مرجح فبادرته في الحال حتى هجرته **صريعًا عليه الغانيات تنوح وعاجلته في الرأس مني بضربة** فأضحى بها شطرين ملقى ومطرح وعاد بسيف ابن الوليد مجندلًا **تمر به جميع الحوادث تفلح ولما فني بطلوسهم صار جمعهم **كما شبه أغنام وغاب المسرح وقد كان في بحر الهياج مغلغلًا **تولى سرايا قومنا منه مرح فلله ما أعداه قد كان فارسًا **يفوق على جيش عظيم ويرجح وقد فرحت أكبادنا وترنمت **لعمرك والأكباد بالنصر تفرح أقمنا بأرض البهنسا بعد فتحها **ثلاثين يومًا للمساجد نصلح ورحنا فتحنا الهند والسند كله **وأسيافنا في الغمد لله تسبح وفي جميع أرض عسكر قد هجرته** يقسمون دين الحق والحق يوضح وهذا كلام ابن الوليد الذي جرى** فكن سامعًا معنى الذي لك أشرح فما مثله في معمع الحرب سيد **ولا مثله في جوهر النظم أفصح ومن بعد ذا صلوا على** أشرف الورى نبي له جميع البرية تجنح عليك سلام الله ما لاح بارق** وما غرد القمري إذ الصبح يطفح وأصحابه والآل والعترة التي** أقاموا لدين الله والشرك زحزحوا

نطق الراوي‏:‏ وصار المسلمون يصعدون إلى البيت ويأخذون الرجال من بين حريمهم من الروم ويقتلونهم حتى كلت سواعدهم من الذبح وجرى الدم في الأزقة وصارت القتلى في الشوارع والأسواق مطروحين وخرجت إليهم النصارى والقبط وهم يبكون ويقولون‏:‏ نحن أهل ذمتكم ونحن عوام وتجار وسوقة وكلنا مغلوبون على أمرنا وقتل خيارنا بأسيافكم وبقية الأمراء ويقولون هؤلاء قد صاروا رعيتنا وليس لهم بطش فهجروهم ونطقوا بشرط حتى تدلونا على من أخفى نفسه في المغاير والمخابي ومن فر من الباب الشرقي وغرق في الماء فدلوهم على الجميع ولم يزالوا يقتلون ذلك اليوم كله وفي اليوم الثاني استدعوا بنجارين يعملون عربات لحمل القتلى من المسلمين وأخذوا دواب أهل السواد من البقر تسحب العربات والفلاحون عملوا عليها وصاروا يضعون جميع ثمانية وستة وعشرة في حفيرة ويردون عليهم الرمل حتى صاروا تلالًا وشهروا قبورهم ووضعوهم بدروعهم وثيابهم وعمائهم رضي الله عنهم وأخذوا ألواح رخام وخطوا عليها أسماءهم وأنزلوها في مدافن قبورهم ورجعوا إلى قتلى أهل البلد فواراهم أهلهم في قبورهم وكان جملة من اغتال من المسلمين في ذلك اليوم نحوأربعمائة وأزيد الأعيان منهم صاغر بن فرقد وعبد الله بن سعيد وعبد الله بن حرملة وعبد الله بن النعمان وعبد الرزاق الأنصاري وعبد الرحيم اللخمي وأبوحذيفة اليماني وأبوسلمة الثقفي وأبوزياد اليربوعي وأبوسليمان الداراني وابن أبي دجانة الأنصاري وأبوالعلاء الحضرمي وأبوكلثوم الخزاعي وأبومسعود الثقفي وهاشم بن نوفل القرشي وعمارة بن عبد الدار الزهري ومالك بن الحرث وأبوسراقة الجهني والبقية من أخلاط الناس وقتل عند سوق التمارين نحوعشرين ودفنوا هناك وعند سوق الصابون جماعة كثيرة وقريبًا من العطارين في جانب القبور نحوأربعين وقريبًا من البحر اليوسفي جماعة عند السور رضي الله عنهم‏.‏

نطق الراوي‏:‏ ولما وارى المسلمون شهداءهم صعدوا إلى قصر البطليوس وإلى قصور البطارقة ودورهم ومقاصيرهم فوجدوا فيها من آنية المضى والفضة ما لا يوصف ومن المتاع والحلي والحلل واللآلئ والنمارق والجواهر والبسط والوسائد والمساند واقتتلت الروم على بغلة محملة عند باب السر فغلبهم المسلمون عليها وأخذوها فإذا عليها صندوقان فيهما أحجار معادن فاقتنى رجل من المسلمين من بيت المال حجرًا بستة آلاف دينار فباعه على غشوميته بمائة ألف دينار وأخذوا بساط البطليوس وكان مثل بساط كسرى سداه حرير ومضى سقمع بالمعادن فأوفدوه مع الخمس إلى المدينة فجعل لعلي بن أبي طالب فيما حصل له من البساط عشرون ألف دينار وغنمت المسلمون غنائم كثيرة من أواني المضى والفضة وغير ذلك‏.‏ نطق الراوي‏:‏ حدثنا عون بن عبيدة عن عبد الحميد بن أبي أمية‏.‏ نطق‏:‏ هدم المسلمون القصر والكنيسة وتلك الدور وفتحوا خزائن البطليوس واستخرجوا جميع ما فيها من المضى والفضة وغير ذلك ولم يهجروا فيها شيئًا أبدًا وقسم خالد الغنيمة بين المسلمين فكان للفارس عشرة آلاف مثنطق من المضى وألف أوقية من فضة ومن الثياب والملبوس وغير ذلك ما لا يوصف ولما دخلوا الكنيسة ورأوا تصاويرها وقناديلها المضى والفضة والستور والحرير المنقوشة والأعمدة وغير ذلك تعجبوا وقرأ خالد ‏{‏ما اتخذ الله من ولد‏ ‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 116‏]‏‏.‏ الآية ونطق‏:‏ لا إله إلا الله محمد رسول الله فصاح المسلمون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وقرأ عياض الأشعري ‏{‏كم هجروا من جنات وعيون‏ ‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 25‏]‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وأورثناها قومًا آخرين‏ ‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 28‏]‏‏.‏ وأخربوا تلك البيعة وجعلوا بجانبها مسجدًا على أعمدة من الرخام مسقوف عليها بتلك الأخشاب وهوالجامع الأول قبل بناء حسن بن صالح هذا الجامع الآن وبقية الأخشاب والحجارة جعلوا منها مساجد وربطًا‏.‏ نطق الواقدي‏:‏ حدثنا عبد الحميد عن قيس بن مهران عن أبي جعدة‏.‏ نطق‏:‏ بمدينة البهنسا من المساجد ما لا يعد وأخربت الصحابة تلك المعالم وبنوا دورًا لأنفسهم واختطوا بها أماكن وشوارع وأقام خالد ومن معه بمدينة البهنسا يصلحون المساجد والربط ويخرجون المعالم شهرًا كاملًا ثم أخرج الخمس وأوفده لعمروبن العاص ومن معه من المسلمين وهونازل بمصر على قدر سهامهم ونطق له‏:‏ أوفد الخمس مع أبي نعيم الأنصاري والفضل بن فضالة وأبي دجانة إلى عمر بن الخطاب وهوبالمدينة فلما ورد الكتاب إلى عمروبن العاص فرح بذلك فرحًا شديدًا ثم خط عمرولعمر كتابًا مع أبي نعيم صحبة كتاب خالد وسير معه ثلاثين صحابيًا حتى ولج المدينة ودخل على عمر بن الخطاب فوجد عنده جماعة وقد أخرج لهم قصعًا ومناسف من ثريد فلما رآنا عانقنا وتهلل وجهه فرحًا وجلسنا كلنا نأكل وهوقائم على رؤوسنا متكئ على عصا رسول الله فلما فرغنا من الأكل ناولته الكتابين فقرأهما وفرح فرحًا شديدًا ونادى في الناس الصلاة جامعة فخطب وحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقرأ عليهم الكتابين واستدعى بالصحابة وقسم عليهم الغنيمة ولم يهجر لأهله درهمًا ولا دينارًا ولا ثوبًا رضي الله عنه .


دخول المغيرة بن شعبة على البطليوس حاكم البهنسا

لقد ولج المغيرة بن شعبة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على البطليوس وهوجالس على سريره ولما نظر المسلمون إلى ذلك عظموا الله تعالى وكبروه فارتج السرادق وتغيرت ألوان القوم وصاح بهم الحجاب‏:‏ قبلوا الأرض للملك فلم يلتفتوا إليهم‏.‏ نطق المغيرة‏:‏ لا ينبغي السجود إلا للملك المعبود ولعمري كانت هذه تحيتنا قبل فلما بعث الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك فلا يسجد بعضنا لبعض‏.‏ نطق‏:‏ فسكتوا‏.‏ نطق فأشار لهم البطليوس بالجلوس ونطق لهم‏:‏ أيكم المتحدث عن أصحابه‏.‏ فأشاروا إلى المغيرة رضي الله عنه والصحابة جلوس وأيديهم على مقابض سيوفهم فالتفت البطليوس إلى المغيرة ونطق له‏:‏ ما اسمك‏.‏ فنطق‏:‏ المغيرة فنطق‏:‏ يا مغيرة إني أكره حتى أبدأك بالكلام فنطق المغيرة‏:‏‏ ‏الحمد لله الذي هدانا للإسلام وخصنا من بين الأمم بمبعث محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فهدانا به من الضلالة وأنقذنا به من الجهالة وهدانا إلى الصراط المستقيم فنحن خير أمة أخرجت للناس نؤمن بنبينا ونبيكم وبجميع الأنبياء وجعل أميرنا الذي هومتولي علينا كأحدنا لوزعم حتى ملك وجار عزلناه عنا فلسنا نرى له فضلًا علينا إلا بالتقوى وقد جعلنا الله نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونقر بالذنب ونستغفر منه ونعبد الله وحده لا شريك له ولوأذنب الرجل منا ذنوبًا تبلع مثل الجبال فتاب قبلت توبته وإن توفي مسلمًا فله الجنة نطق‏:‏ فتغير لون البطليوس‏.‏ ثم سكت قليلًا ونطق‏:‏ لقد كانت جماعة منكم قبل اليوم يأتون إلى بلادنا فيمتارون البر والشعير وغيره ونحسن إليهم وكانوا يشكرونا على ذلك وأنتم جئتمونا بخلاف ذلك تقتلون الرجال وتسبون النساء وتغنمون المال وتنهبون المدائن والحصون والقلاع وتريدون حتى تخرجونا من بلادنا وديارنا وأنتم لم تكن أمة من الأمم أضعف حالًا منكم لأنكم أهل الشعير والدخن وجئتم بعد ذلك تطمعون في بلادنا وأموالنا وحولنا جنود كثيرة وشوكتنا شديدة وعصابتنا عظيمة ومدينتنا حصينة والذي جرأكم علينا أنكم ملكتم الشام والعراق واليمن والحجاز وارتحلتم إلى بلادنا وأفسدتم جميع الفساد وخربتم المدائن والقلاع ولبستم ثيابًا فاخرة وتعرضتم لبنات الملوك والبطارقة وجعلتموهن خدمًا لكم وأكلتم طعامًا طيبًا ما كنتم تعهدونه وملأتم أيديكم بالمضى والفضة والمتاع الفاخر واللآلئ والجواهر ومعكم متاعنا وأموالنا التي من قومنا وأهل ديننا ونحن نهجر لكم ذلك جميعه ولا ننازعكم عليه ولا نؤاخذكم بما تقدم من عملكم من اغتال رجالنا ونهب أموالنا والآن فارحلوا عنا واخرجوا من بلادنا‏.‏ فإن عملتم فتحنا خزائن الأموال وأمرنا لكل رجل منكم بمائة دينار وثوب حرير وعمامة مطرزة بالمضى ولأميركم هذا ألف دينار وعشرة عمائم وعشرة ثياب ولكل أمير منكم كذلك وللخليفة عليكم عشرة آلاف دينار ومائة ثوب حرير ومائة عمامة بعد حتى نستوثق منكم بالأيمان أنكم لا تعودون إلى الإغارة على بلادنا هذا كله والمغيرة ساكت فلما فرغ البطليوس من كلامه نطق له المغيرة‏:‏ قد سمعنا كلامك فاسمع كلامنا‏.‏ ثم نطق‏:‏ الحمد لله الواحد القهار الفرد ‏الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‏ ‏‏ فنطق له البطليوس‏:‏ نعم ما قلت يا بدوي فنطق المغيرة‏:‏ أشهد حتى لا إله إلا الله وأشهد حتى محمدا عبده ورسوله المرتضى ونبيه المجتبى فنطق له البطليوس لعنه الله‏:‏ لا أدري حتى محمدًا رسول الله ولعله كما ينطق حبيب الرجل دينه ثم التفت إلى المغيرة ونطق‏:‏ يا عربي ما أفضل الساعات‏.‏ فنطق‏:‏ ساعة لا يعصى الله فيها نطق‏:‏ صدقت لقد بان لي رجحان عقلك فهل في قومك من له رأي مثل رأيك وحزم مثل حزمك‏.‏ نطق‏:‏ نعم في قومنا وعسكرنا أكثر من ألف رجل لا يستغنى عن رأيهم ومشورتهم وخلفنا أمثال ذلك وهم قادمون إلينا عن قريب‏.‏ فنطق البطليوس‏:‏ ما كنا نظن ذلك منكم وإنما بلغنا عنكم أنكم جماعة جهال لا عقول لكم فنطق المغيرة‏:‏ كنا كذلك حتى بعث الله فينا محمدًا صلى الله عليه وسلم فهدانا وأرشدنا‏.‏ فنطق البطليوس‏:‏ لقد أعجبني كلامك فهل لك في صحبتي‏.‏ فنطق المغيرة‏:‏ يسرني ذلك إذا عملت ما أقول لك‏.‏ نطق‏:‏ ما نطق‏:‏ تشهد حتى لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله‏.‏ نطق البطليوس‏:‏ لا سبيل إلى ذلك ولكن أردت حتى أصلح الأمر بيني وبينكم‏.‏ نطق المغيرة رضي الله عنه‏:‏ الأمر إلى الله وأما قولك لنا إنا أهل فقر وبؤس وضر فقد كنا كذلك وكنا أهل جاهلية لا يملك أحدنا غير فرسه وقوسه وإبله وكنا لا نعظم إلا الأشهر الحرم حتى بعث الله إلينا نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم نعهد أصله ونسبه صادقًا أمينًا نقيًا إمامًا رسولًا أظهر الإسلام وكسر الأصنام وختم به النبيين وعهدنا عبادة رب العالمين فنحن نعبد الله ولا نعبد غيره ولا نتخذ من دونه وليًا ولا نصيرًا ولا نسجد إلا لله وحده لا شريك له ونقر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا حتى نجاهد من كفر بالله وأتخذ مع الله شريكًا جل ربنا وعلا ويعتبر واحد لا تأخذه سنة ولا نوم فمن اتبعنا كان من إخواننا وله ما لنا وعليه ما علينا ومن أبى الإسلام فالجزية يؤديها عن يد وهوصاغر فمن أداها حقن الله دمه وماله ومن أبى الإسلام والجزية فالسيف حكم بيننا وبينه والله خير الحاكمين وهي على جميع محتلم في العام دينار وليس على من لم يبلغ الحلم جزية ولا على امرأة ولا على راهب منبتر في صومعته فنطق البطليوس‏:‏ لقد فهمت قولك عن الإسلام فما قولك عن الجزية عن يد وهوصاغر فإني لا أدري ما الصغار عندكم فنطق المغيرة رضي الله عنه‏:‏ وأنت قائم والسيف على رأسك‏.‏ فلما سمع البطريق كلام المغيرة غضب غضبًا شديدًا ووثب قائمًا ووثب المغيرة من موضعه وانتضى سيفه من غمده وكذلك عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعمله وهم يقولون‏:‏ لا إله إلا الله محمد رسول الله‏.‏ نطق عبد الله بن رافع‏ كنا مع المغيرة وجذبنا السيوف ووثبنا على القوم وأخذتنا غيرة الإسلام وما في أعيننا من جيوش البطليوس شيء وفهمنا حتى المحشر من ذلك الموضع فلما رأى البطليوس منا ذلك وتبين له الموت من شفار سيوفنا نادى‏:‏ مهلًا يا مغيرة لا تعجل فنهلك وأنا أفهم أنك رسول والرسول لا يقتل وإنما تحدثت بما تحدثت لأختبركم وأنظر ما عندك والآن لا نؤاخذكم فاغمدوا سيوفكم‏.‏ نطق‏:‏ فأغمدنا سيوفنا وتقدم المغيرة حتى صار في مكان البطليوس وزحزحه إلى آخر السرير وكان المغيرة رجلًا جسيمًا فاتكل عليه حتى كاد حتى يخلع فخذه من موضعه‏.‏ نطق‏:‏ ثم التفت إلى المغيرة ونطق‏:‏ ما قولكم في المسيح ابن مريم نطق المغيرة‏:‏ عبد الله ورسوله‏.‏ نطق‏:‏ فمن أي شيء خلق‏.‏ نطق‏:‏ خلقه الله من تراب ثم نطق له كن فكان ودل على ذلك القرآن العظيم‏.‏ نطق عز وجل‏:‏ ‏{‏إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم نطق له كن فيكون‏ ‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 9‏]‏‏.‏ نطق‏:‏ فما الدليل على حتى الله واحد فنطق المغيرة‏:‏نطق الله في القرآن العظيم على لسان نبيه‏صلى الله عليه وسلم‏{‏قل هوالله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‏ ‏ ‏[‏الإخلاص‏:‏ ا - 4‏]‏‏.‏ فنطق له البطليوس‏:‏ ما رأيت مثل حذقك وجوابك يا أعور وكان المغيرة رضي الله عنه أصيب في إحدى عينيه يوم اليرموك‏.‏ فنطق له المغيرة‏:‏ إذا ذلك لا يعيبني ولقد أصيبت عيني في الجهاد في سبيل الله من كافر مثلك وأخذت بثأري من الذي عمل بي ذلك فقتلته‏. فنطق البطليوس‏:‏ ما أحذق جوابك فهل في قومك مثلك‏.‏ نطق‏:‏ قد قلت لك فينا أهل الفهم والرأي ومن لا أساوي في فهمهم شيئًا وأنا رجل بدوي فلورأيت علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المختار مقاتل الكفار ومبيد الفجار والليث الكرار البطل المغوار‏.‏ نطق‏:‏ أهومعكم في هذا الجيش فقد سمعت بشجاعته وبراعته وأريد حتى أنظر إليه‏.‏ فنطق له المغيرة‏:‏ قاتلك الله إذا الإمام عليًا كرم الله وجهه أعظم قدرًا من حتى يسير إلى مثلك‏.‏ نطق‏:‏ فهل أحد غيره‏.‏ نطق‏:‏ نعم مثل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه هوخليفتنا وعثمان بن عفان وعبد الرحمن وسعيد وسعد وأبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنهم وأمراء متفرقين في الحجاز واليمن والشام والعراق ومصر جميع أمير يقوم بألف مثلك في الشجاعة والبراعة وغير ذلك وأما سيف الله الأمير خالد بن الوليد أمير هذا الجيش ومعه عصابة من الأمراء فكأنك به وقد أقبل علينا برجال ساعات شداد وأمراء أمجاد‏.‏ فنطق له عند ذلك‏:‏ إني أريد حتى أصلح الأمر بيني وبينكم وأريد قبل الحرب حتى أنظر إلى جماعة ممن ذكرت‏.‏ نطق الراوي‏:‏ وكان عدوالله أراد حتى يغدر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففهم المغيرة منه ذلك‏.‏ فنطق‏:‏ غداة غد آتيك منهم برجال تنظر إليهم‏.‏ نطق ففرح عدوالله وأضمر المكر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد الله كيده في نحره‏.‏ نطق الراوي‏:‏ ثم وثب المغيرة وأصحابه وخرجوا من عند البطليوس وما صدقوا بالنجاة وركبوا خيولهم وأمر البطليوس حجابه ونوابه حتى يسيروا معهم إلى قريب من عسكرهم‏.‏ نطق ووصل المغيرة وأصحابه إلى الأمير عياض بن غانم الأشعري وحدثه بما جرى له مع البطليوس‏.‏ فنطق عياض‏:‏ هذا رجل حكيم إلا حتى الشيطان قد غلب على عقله‏.‏ نطق الراوي‏:‏ ولم يناموا تلك الليلة إلا وقد أخذوا أهبتهم للحرب واستعدوا للقتال

وصول القيس بن الحرث مطاي وسمالوط

وسار قيس بن الحرث ومعه خمسمائة فارس فجعلوا يسيرون على جانب البحر ويشنون الغارات فمن صالحهم صالحوه ومن أسلم هجروه حتى هبط بالبلد المعروف الآن بالقيس وبه سميت أي (قيس بن الحاث) وكان فيها بطريق من بطارقة البطليوس وكان من بني عمه اسمه شكور بن ميخائيل والله أفهم باسمه فدخل أهل السواد كلهم البلد وحاصروها حصارًا شديدًا نحوشهرين ثم أعانهم الله تعالى وحرقوا بابًا من أبوابها ففتحت ودخلوا إليها وكان ذلك بعد سقطة جرت بينهم في مكان يعهد بكوم الأنصار فهزموهم هناك وحاصروهم وفتحوا المدينة وقتلوا البطريق وأخذوا جميع ما فيها بعد حتى دعوهم إلى الإسلام فامتنعوا من ذلك ثم شنوا الغارات على ما حولها من البلدان والبلد المعروف بماطي ثم إلى الكفور فخرج إليهم بطريق كان ابن عم المقتول بدهشور لعنه الله وأخوه بطرس وعقدوا مع المسلمين عقدًا على الصلحوأعطوا الجزية وسارت العرب إلى البلد المعروف بالدير وسملوط وما حولها من القرى ونزل زهير وجماعة من العرب بالمكان الذي يعهد بزهرة وأما بقية السواد الذي حول البهنسا شرقًا وغربًا فلما تحققوا مجيء العرب هربوا إلى البهنسا بأموالهم ونسائهم وذراريهم وهجروا البلاد جميعها خرابًا وكان البطليوس لعنه الله أوفد إليهم بطارقته فحملوهم إلى البهنسا واستعد للحصار وجمع عنده ما يحتاج إليه مدة الحصار‏.‏

أما عدوالله بولياص صاحب طبندا فإنه محرر البطليوس يقول‏:‏ إني ما صالحت العرب إلا مكيدة وإني أريد الغدر بهم فجهز لي جيشًا من البطارقة على حتى أظفر بجماعة من أبطال المسلمين ونأخذ بثأر من اغتال منكم فاستدعى البطليوس ببطريق من بطارقته يسمى روماس وضم إليه خمسة آلاف فارس من الروم والنصارى وغيرهم من أهل القرى وأمرهم حتى يسيروا تحت ظلام الليل فما اتى نصف الليل حتى وصلوا إلى طنبدا ودخلوا إلى بولياص ففرح بذلك فرحًا شديدًا واستعدوا للهجمة على المسلمين‏.‏ نطق وأصبح المسلمون وقد صلوا صلاة الصبح وإذا بالخيل قد أقبلت إليهم فنادوا‏:‏ النفير هاجمونا وغدرونا فركب المسلمون خيولهم وساروا إلى قريب الدير وإذا بالروم مقبلين في عشرة آلاف فارس وكان أعداء الله قد كمنوا كمينًا قريبًا من قناطر كانت هناك ونهر يجري فيه الماء من النيل في أوانه عميق غربي الدير قريب من البلد‏.‏ ولما رأوهم تبادروا إلى خيولهم فركبوا وأعربوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وأقبلوا مسرعين نحوهم ولم يفزعوا من كثرتهم وحرض بعضهم بعضًا على القتال وكانوا قد سبقوا إلى شرذمة من المسلمين كانوا نزولًا قريبًا من الدير ووضعوا فيهم السيف وأحاطوا بهم وجالوا واتسع المجال إلى قريب من دهروط فخرج سليمان بن خالد بن الوليد وعبد الله بن المقداد وعامر بن عقبة بن عامر وشداد بن أوس وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم واشتد القتال وعظم النزال وعميت الأبصار وقدحت حوافر الخيل الشرار ولمعت الأسنة وقرعت الأعنة ودهشت الأنظار وحارت الأفكار وأحاطوا بالمسلمين من جميع جانب فلله در سليمان بن خالد بن الوليد وعبد الله بن المقداد لقد قاتلا قتالًا شديدًا وأبليا بلاء حسنًا ولله در زياد بن المغيرة لقد كان يقاتل تارة في الميمنة وتارة في الميسرة وتارة في القلب وأحاط بهم أعداء الله من جميع جانب وقد صار المسلمون بينهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وصبروا لهم صبر الكرام وكان أكثر المسلمين قد أثخن بالجراح واشتد الكفار هذا والمسلمون قد انتدبوا أبطالًا وجعلوها خلف ظهورهم وقاتلوهم قتالًا عظيمًا هذا وأعداء الله قد أحاطوا بهم وحجزوا بينهم وبين البلد وقاتل سليمان وأصحابه قتالًا شديدًا ووطنوا أنفسهم على الموت وشجع بعضهم بعضًا وصار سليمان بن خالد يقول‏:‏ الله الله الجنة تحت ظلال السيوف والموعد عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم وقاتل قتالًا شديدًا حتى أثخن بالجراح وقتل من المسلمين نحومائتين وعشرين قريبًا من التل الذي هوغرب البلد المذكور وما اغتال الواحد منهم حتى اغتال من أعداء الله خلقًا كثيرًا‏.‏

بعد الفتح

لقد أقام المسلمون ثلاث سنين إلا أنهم يشنون الغارات على السواد والسواحل ومضى القعقاع بن عمرووهاشم وأبوأيوب وعقبة بن نافع الفهري بألفي فارس وأغاروا على حد برقة ثم عادوا وهذا أحد الآراء في فتح المغرب‏.‏ نطق الواقدي رضي الله عنه‏:‏ ولما طال الحصار والمكث على أهل البهنسا اجتمعت المسلمون عند خالد واستشاروه فيما يعملونه وماقد يكون من الرأي فوثب عبد الرزاق الأنصاري وعبد الله بن مازن الداري وكعب بن نائل السلمي وأبومسعود البدري وأبوسعيد البياضي ونطقوا‏:‏ يا قوم قد وهبنا أنفسنا لله عز وجل ولعل حتىقد يكون للإسلام فرج فاصنعوا منجنيقًا واملؤوا غرائر قطنا ونطقوا يأخذ جميع واحد منا سيفه وحجفته ويدخل في غرارة قطن فإذا كان الليل ونامت الحراس فألقونا على أعلى السور واحدًا بعد واحد والمعونة من الله في فتح الباب كما فتحتم قصر الشمع بمصر ودير النحاس وكما عملتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق فاستصوبوا رأيهم فلما أصبحوا بتروا الأخشاب وصنعوا منجنيقًا وصنعوا له حبالًا وأحضروا غرائر وملؤوها قطنًا والرجال داخلها وصبروا إلى الليل ودخل هؤلاء السادات رضي الله عنهم بعد حتى ضربوا بالمنجنيق حجرًا بعد حجر فسقط على أعلى السور والبرج فشرعوا في رميهم منهم أبومسعود البدري وعبد الرزاق إلى حتى رموهم جميعهم وصاروا فوق أعلى السور ورتب خالد أصحابه على الأبواب وأما عبد الرزاق وأصحابه فلما صاروا بأعلى الجدار نزلوا إلى البرج فإذا هومغلق والحراس نيام فنزلوا إلى الدهليز بين البابين فوجدوهما مغلقين موثقين فذبحوا البوابين عن أخرهم ووجدوا المفاتيح تحت رأس كبيرهم في جانب سريره فأخذوها وفتحوا الأبواب وإذا بالباب الثاني الذي ينتهي إلى القصر مسدود بالحجارة فاحتالوا على قلع حجر بعد حجر فقلعوها ورموا الأحجار وفتحوا الأبواب وكل ذلك في أقل من ساعة بمعونة الله عز وجل وصعدوا إلى البرج فعالجوه وفتحوه وقتلوا جماعة واستيقظ جماعة وثاروا عليهم وخافوا على الباب حتى يؤخذ منهم وأن يحال بينهم وبينه وهوباب السور الذي بظاهر المدينة ففتحوه فصاحت الروم واستيقظ البطليوس وركب جواده وكان على حذر وركب المسلمون ودخلوا الباب وخرجت البطارقة والبطليوس من قصره وزحفت الروم إلى الباب وكان أول من اغتال في ذلك اليوم عبد الرزاق وعنان بن مازن وكعب بن نائل السلمي بداخل الباب‏.‏ ثم خرجت الروم وقاتلت قتالًا شديدًا وتواثبت جماعة من الأمراء مثل الزبير بن العوام وابنه عبد الله وعبد الرحمن بن أبي بكر إلى باب البحر واقتتلوا قتالًا شديدًا وتقدم عبد الرحمن والزبير إلى الباب والروم على أعلى السور ونزل عن جواده وصلى ركعتين والحجارة تتساقط عليه وهولا ينزعج لذلك وتقدم هووالفضل وعبد الرحمن بن أبي بكر إلى الباب وجعلوا السلاسل من فوق وصعدوا إلى أعلى إلبرج وهدموا الشرافات ووضعوا السيف في الحراس وفتحوا الباب ووثب شرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس وأبوذر الغفاري وأبوأيوب الأنصاري إلى باب قندوس ووثب المسيب بن نجيبة الفزاري والقعقاع بن عمرووالأمير عياض بن غانم الأشعري إلى باب الجبل وفتحوا الأبواب واقتتلوا قتالًا شديدًا وقاتلت الروم قتال الموت إلى حتى طلعت الشمس وارتفعت وقاتل عدوالله البطليوس قتالًا شديدًا وقتل رجالًا وجندل أبطالًا واقتتلوا في الأزقة والشوارع وبين الأبواب وتقدم خالد وهويصيح‏ وطعن البطليوس فسقط يخور في دمه فلما رأى الروم ذلك ولوا الأدبار وتبعهم المسلمون يقتلون وبأسرون وقتل من الروم نحوثلاثين ألفًا بوسط البلد وأسر منهم عشرون ألفًا نطق الراوي‏:‏ وصار المسلمون يصعدون إلى البيت ويأخذون الرجال من بين حريمهم من الروم ويقتلونهم حتى كلت سواعدهم من الذبح وجرى الدم في الأزقة وصارت القتلى في الشوارع والأسواق مطروحين وخرجت إليهم النصارى والقبط وهم يبكون ويقولون‏:‏ نحن أهل ذمتكم ونحن عوام وتجار وسوقة وكلنا مغلوبون على أمرنا وقتل خيارنا بأسيافكم وبقية الأمراء ويقولون هؤلاء قد صاروا رعيتنا وليس لهم بطش فهجروهم ونطقوا بشرط حتى تدلونا على من أخفى نفسه في المغاير والمخابي ومن فر من الباب الشرقي وغرق في الماء فدلوهم على الجميع ولم يزالوا يقتلون ذلك اليوم كله وفي اليوم الثاني استدعوا بنجارين يعملون عربات لحمل القتلى من المسلمين وأخذوا دواب أهل السواد من البقر تسحب العربات والفلاحون عملوا عليها وصاروا يضعون جميع ثمانية وستة وعشرة في حفيرة ويردون عليهم الرمل حتى صاروا تلالًا وشهروا قبورهم ووضعوهم بدروعهم وثيابهم وعمائهم رضي الله عنهم وأخذوا ألواح رخام وخطوا عليها أسماءهم وأنزلوها في مدافن قبورهم رضي الله عنهم‏.‏ نطق الراوي‏:‏ حدثنا عون بن عبيدة عن عبد الحميد بن أبي أمية‏.‏ وفتح المسلمون خزائن البطليوس واستخرجوا جميع ما فيها من المضى والفضة وغير ذلك ولم يهجروا فيها شيئًا أبدًا وقسم خالد الغنيمة بين المسلمين فكان للفارس ولما دخلوا الكنيسة ورأوا تصاويرها وقناديلها المضى والفضة والستور والحرير المنقوشة والأعمدة وغير ذلك تعجبوا وقرأ خالد ‏{‏ما اتخذ الله من ولد‏ ‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 116‏]‏‏.‏ الآية ونطق‏:‏ لا إله إلا الله محمد رسول الله فصاح المسلمون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وقرأ عياض الأشعري ‏{‏كم هجروا من جنات وعيون‏ ‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 25‏]‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وأورثناها قومًا آخرين‏ ‏ ‏[‏الدخان‏:‏ 28‏]‏‏.‏ وأخربوا تلك البيعة وجعلوا بجانبها مسجدًا على أعمدة من الرخام مسقوف عليها بتلك الأخشاب وهوالجامع الأول قبل بناء حسن بن صالح والله افهم أنه قد هدم ولكن مأذنته باقية نطق الراوي‏:‏ هذا ما جرى لهؤلاء‏.‏ وأما خالد رضي الله عنه فإنه بعد شهر هجر أناسًا من الصحابة بأرض البهنسا من جميع القبائل وخرج بألفي فارس إلى أرض ألصعيد وكانت القبائل من بني هاشم وبني المطلب وبني مخزوم وبني زهرة وبني نزار وبني جهينة وبني مزينة وبني غفار والأوس والخزرج ومذحج وفهر وطيء وخزاعة وكان الأمير عليهم مسلم بن عقيل وأحاطوا بالمساكن وجعلوا بالمدينة أسواقًا وشوارع وسكن أكثر الصحابة في جانب البحر اليوسفي وخلوا من الآخر إلى الجانب الغربي شارعًا واحدًا لأجل حتى تسبح دوابهم في البحر وأقام مسلم بن عقيل واليًا عليها إلى خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه فتولى محمد بن جعفر بن أبي طالب بعده ومضى مسلم وهجر أولاده وإخوته بها ولم يزل في المدينة حتى اغتال في خلافة الحسن في الكوفة رضي الله عنه وأقام محمد بن جعفر إلى خلافة علي رضي الله عنه وتولى عليها بعده علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه إلى خلافة معاوية وكان عبد العزيز بن مروان الأموي واليًا وتولى بعده طاهر بن عبد الله وكانت قريش والأشراف بالجهة الغربية وينطق لها حارة الأشراف وكان لكل قبيلة حارة‏.‏ وحضر فتح البهنسا نحوسبعين بدريًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المناطق الأثرية

وتحتوي مدينة البهنسا على آثار من مختلف العصور التي مر بها التاريخ المصري حيث تشتمل هذة القرية الآثار الفرعونية والرومانية والإسلامية حتى آثار التاريخ الحديث متواجدة متمثله في المباني والقصور التي يرجع عمرها إلى أكثر من مائة عام.

يفخر أهلها اليوم بهذه القرية لاحتواء ترابها على أجساد بعض الصحابة، بل والبدريين منهم (أي من حضروبدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم).

كانت هذه البلدة ذات أسوار عالية وحكمها حاكم جبار يسمى البطليموس وكانت له فتاةً ذات حسن وجمال، ومن شدة جمالها اطلق عليها بهاء النسا ومن هنا سميت البلدة بـ'البهنسا' ومن المعالم التاريخية الموجودة فيها شجـرة مـريم (عليها السلام)، وسميت كذلك لأن السيدة مريم جلست تحتها والسيد المسيح والنبي يوسف النجار (عليهما السلام)، عندما كانوفي رحلة إلى صعيد مصر

وقديماً كانت البهنسا مليئة بالكنائس ولكن مع مرور الأيام تلاشت هذه الكنائس ولم يتبقى منها سوى جدران خاوية ومن المعالم التاريخية الإسلامية، مسجد الإمام الحسن بن صالح رضي الله عنه، ومسجد القاضي علي الجمام ومن الفهماء الذين خرجومن البهنسا وتربوعلى أرضها الإمام القرافي وهوأحد فهماء المالكية الثقاف.

وجدير بالذكر حتى من أبرز الآثار داخل قرية البهنسا هي الآثار الإسلامية والتي تشتمل على مساجد أثرية ومقابر (مقامات) لشهداء الجيش الاسلامي الذين شاركوفي فتح مصر وأستشهدوا على هذه الارض خلال حملتهم في فتح الصعيد المصري، ويذكر حتى عدد ليس بالقليل من هؤلاء الشهداء ممن شاركوا في غزوة بدر مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن هؤلاء الشهداء عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وغيرهم من الصحابه الذين حوت هذه القرية مقابرهم.

وتحتوي القرية أيضا على مسجد ومقام الحسن بن صالح بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أي حفيد رسول الله محمّد وهويعتبر من أقدم المساجد.


الهامش

  1. ^ البهنسا في العصر الروماني
  2. ^ بداية فتح البهنسا
  3. ^ حصار البهنسا
  4. ^ دخول المغيرة بن شعبة على البطليوس حاكم البهنسا
  5. ^ سير القيس بن الحرث نحومطاي وسمالوط
  6. ^ أين مضى الصحابة بعد فتح البهنسا

المصادر

  • البهنسا
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:45:38
التصنيفات: قرى مصر, محافظة المنيا, بني مزار، المنيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

سعر الدولار اليوم الجمعة 21-4-2023 خلال التعاملات المسائية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

الهدوء يسيطر على شوارع وسط البلد بأول أيام عيد الفطر المبارك

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

توافد الزوار على حدائق الري بالقناطر الخيرية احتفالاً بعيد الفطر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:16
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

تأجيل عرض «شوجر دادى» و«مطرح مطروح»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:22
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

مراكز الشباب بالغربية تتزين لاستقبال زوار أول أيام عيد الفطر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:06
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

"القوى العاملة" في أسبوع| فرص عمل وعودة مستحقات عمالة مصرية في الخارج

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:20:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

الولايات المتحدة تحذر الدول الأوروبية من مراوغة روسيا للعقوبات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 70%

5 غيابات في صفوف الرجاء المغربي أمام الأهلي بدوري الأبطال

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:20:53
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

خيسوس يقود هجوم أرسنال أمام ساوثامبتون في الدوري الإنجليزي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:20:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 66%

حبس شاب انتحل صفة سيدة لسرقة شركة قطع غيار سيارات بالقاهرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

إصابة 3 شباب في حادث انقلاب دراجة بخارية ببني سويف

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:06
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 52%

مسلسل "1000 حمدالله على السلامة" الحلقة الأخيرة| طنط سوسو تناور

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:24
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

مصرع شاب في حادث جنوب بورسعيد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:11
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

يوميّات مواطن عربي لا يضحك

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:20:49
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

مواعيد عمل البريد المصري بعد إجازة عيد الفطر ٢٠٢٣

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:40
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

ماجدة خيرالله: معايشة منى زكى فى "تحت الوصاية" الأفضل خلال رمضان 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

الحبس 5 سنوات.. تعرف على عقوبات التحرش والتسول خلال العيد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:34
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

فى أول أيام العيد.. قطاعات الزراعة الخدمية تواصل أعمالها بالمحافظات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:20:47
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 66%

آليات التعامل في حالات فقد أو وفاة المؤمن عليه بقانون المعاشات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:35
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

استقرار سعر اليورو اليوم الجمعة 21 أبريل 2023 خلال التعاملات المسائية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-21 21:21:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية