أتماتية

عودة للموسوعة

أتماتية

أتماتية ليس ثمة تعريف دقيق متفق عليه لمصطلح الأتماتية Autamatism ومعناها الحرفي «ذاتي الحركة» أو«تلقائي الحركة»، بيد أنها تخص في الواقع مجالاً من مجالات الفهم والتقانية يهتم بدراسة النظريات والتطبيقات المتعلقة ببنية منظومات التحكم التي تعمل من دون تدخل مباشر من الإنسان. والأتماتية، بهذا المعنى، مجموعة الطرائق والوسائل التقانية التي تستبعد تدخل الإنسان في أعمال معينة, وتضع حلولاً لنماذج رياضية تضبط عمل المنظومات المطلوب تشغيلها ذاتياً وتوجهه. وغالباً ما تكون تلك الحلول في صيغة خوارزميات أوتكون مبنية على أسس نظرية خاصة.

التاريخ

عهد مصطلح الأتماتية منذ أواخر القرن التاسع عشر، وكان القصد منه إيجاد حلول لمشاكل الضبط الذاتي في الآلات والمكنات على النحوالذي وضع أسسه عدد من المهتمين في هذا المجال ومنهم جورج ماكسويل (1868). ولم تحتل الأتماتية مكانتها بأنها فرع مستقل من فروع التقنية إلا في أوائل الثلاثينات من القرن العشرين في المؤتمر الدولي الثاني للطاقة (برلين 1930)، الذي أقر موضوع التحكم الأتماتي والتحكم عن بعد.

ولم يمض عقد من الزمن حتى أضحت الأتماتية مقرراً فهمياً وتقنياً له أصوله ومنهجه. ويرتبط تاريخ الأتماتية بتطور الأجهزة الذاتية الحركة والآلات التي ترجع جذورها في الأصل إلى فهم الميكانيكا والدارات الكهربائية ومنظوماتها, إذ اعترضت تطبيقاتها مشاكل تطلبت حلولاً كضبط الضغط في المراجل البخارية وضبط مسارات المكابس في المحركات البخارية والانفجارية وضبط تواتر دورات المولدات الكهربائية والتحكم في المخارط الأتماتية في أجهزة الأمان الكهربائية. إلى غير ذلك فإن الأتماتية كانت تعني منظومات الضبط التي تتحكم في الوسائل التقنية المعروفة آنذاك. غير حتى التطور السريع الذي تناول جميع مجالات الفهم والتقنية في أواخر النصف الأول من القرن العشرين أدى إلى ازدياد أهمية تقنيات الأتمتة والتحكم حتى شاع استعمالها واتسع مجالها في النصف الثاني من هذا القرن، فضمت مختلف مجالات الفهم والصناعة والاقتصاد بدرجات متفاوتة مع زيادة في التعقيد ودقة في الأداء. ولعل أوضح مثال على ذلك ما طرأ على منظومات التحكم الأتماتي في الصناعة، إذ كانت تقتصر على أتمتة بعض المجموعات والجمل أومكنات بمفردها. ثم أصبحت اليوم منظومات متتامة تتحكم في «ورشات» أومعامل بأكملها. والأهم من ذلك منظومات التحكم في الأمور التي يبتعد بعضها عن بعض مسافات كبيرة، كالتحكم في المحطات الكهرمائية والمنشآت الصناعية والمركبات الفضائية والمركبات الطائرة المسيرة من بعد وغير ذلك. وتحتل التقنيات الميكانيكية المسيرة من بعد والخاصة بجمع المعلومات ومعالجتها أتماتياً مكانة مهمة في الوقت الحاضر، ويعد الحاسوب ومنظومات التحكم المعقدة أساس هذه التقانات، إذ لا يمكن حل المسائل ذات الصلة بمنظومات التحكم إلا بواسطة تقنيات الحاسوب. بل إذا فهم الأتماتية توصل إلى إيجاد طرائق ووضع نماذج تجريدية نأت به عن التقنية المجردة، وفسحت له في مكان الصدارة في مختلف مجالات الحياة حتى ضمت تطبيقاته الاقتصاد والإدارة وفهم السكان ومختلف العلوم الطبية والصيدلانية والحيوية والجيولوجية والمائية وغيرها.

وتهتم الأتماتية اليوم، من منطلقها الفهمي هذا، بوضع نماذج رياضية للمسائل التي تتناولها العلوم الأساسية وتضع الحلول لبعض المسائل الرياضية الصرفة كحساب المتغيرات مثلاً، غير أنها تظل في أساسها فهماً تطبيقياً يستخدم المنهج الرياضي والنماذج الرياضية لتفسير تصرف المنظومات الأتماتية وبعض الظاهرات الطبيعية إلى جانب محاولة التحكم في بعض هذه الظاهرات وتوجيه نشاطها. ولقد أدى تطور الحواسيب إلى إجراء حسابات معقدة لم تكن ممكنة في السابق، وإلى تحويل الرياضيات من فهم افتراضي بحت إلى فهم تطبيقي حتى غدت نظرية المنظومات والتحكم الأتماتي موضوعاً شاملاً يوحد جميع أوجه النشاط التي تهتم بها الأتماتية وتصلح أساساً لنظرية السيطرة العامة المعروفة باسم السيبرنية.


بنية المنظومات الأتماتية

إن الأتماتية بطبيعتها هي مجموعة من الطرائق والنظريات التي تفرق بوضوح بين المسائل ذات الحالات المتبترة والأخرى ذات الحالات المستمرة فهماً حتى كلاً منهما يمكن حتى يتخذ أشكالاً متفرعة كأن تكون المنظومة بحلقة واحدة مفتوحة أومغلقة أوحتى تكون خطية أوغير خطية، أوحتى تكون ذات معالم (بارامترات) ثابتة أومتغيرة أوحتى تكون دينامية محددة أوإحصائية، وغير ذلك.

الأتماتية المتبترة

إن أبسط أنواع المنظومات الأتماتية هي المنظومات ذات التتابع المشروط، ومثلها حالة الآلة التي يجب عليها القيام في جميع مرة بثقب بترة ميكانيكية تقدم لها بوساطة صحن متحرك.

وقد مرت نظرية المؤتمتات automates بتطور كبير بفضل الأتماتية.

الأتماتية المستمرة

إن المسائل الرئيسية التي تعد أصل الأتماتية المستمرة هي مسألة الضبط والتحكم باستمرار في منظومة فيزيائية للمحافظة على القيم المحددة سلفاً والتي تسمى تعليمات مرجعية، وذلك مع مراعاة التشويش (التأثيرات غير المرغوب فيها) الذي يميل إلى حرف هذه القيم.

والمثال على ذلك مسألة المحافظة على مسار مركبة فضائية تدور حول محور عطالتها بالإبقاء على قيمة قريبة من الصفر للزاوية (θ) المحصورة بين محور المركبة والاتجاه المرجعي أي الاتجاه السليم المطلوب.

التحكم في مركبة فضائية

وللقيام بذلك فإن في المركبة صواريخ صغيرة لتعديل الاتجاه تؤثر فيها عن طريق مزدوجة معروفة القيمة في أحد الاتجاهين، وتستخدم للتعويض عن التشويش الناتج من مسببات خارجية مثل ضغط الإشعاع الشمسي الذي يميل إلى حرف المركبة عن مسارها. ويسمى هذا النوع من التحكم التحكم بالوصل والفصل. On- off control أوبانگ بانگ bang- bang وقد يؤدي هذا النوع من التحكم إلى احتمال حدوث اهتزازات زائدة للمركبة وإلى استخدام مستمر لصواريخ التحكم ثم إلى استهلاك سريع للوقود. ويمكن تحسين أداء هذا النوع من القيادة بهجر عتبة حرةقد يكون التحكم فيها معدوماً. ويحتوي هذا المثال الأولي على العناصر الأساسية لمسألة التحكم في الدخل التي هي مزدوجة تؤثر في الخرج، وهنا يوجد نظام حركي ينطق عنه إنه ذومتحول وحيد ونظام حركي أحادي لأنه لا يؤخذ في الحساب إلا ولج واحد وخرج واحد، ويرمز المؤتمتون لهذه العملية بالمخطط الصندوقي لمنظومة ما.

مخطط صندوقي لمنظومة تحكمية ذات دارة مفتوحة

ويتغير مفهوم النظام الحركي الأحادي إلى نظام متعدد عندماقد يكون الدخل والخرج أكبر من الواحد. وهي الفكرة التجريدية الأساسية للتحكم الذاتي إذ يمكن تطبيق المفهوم نفسه على كثير من المنظومات الفيزيائية ذات الحالات المتبترة أوالمستمرة. ولهذا التحليل الرياضي تطبيقات واسعة في جميع المجالات ليمكن التحكم مثلاً في موضع عربة قطار على سكة حديد أوفي قيادة سيارة على طريق أوفي غير ذلك. والشيء الأساسي الذي وضح من هذا المثال هوأنه يجب، لضبط نظام ما، قياس خرج النظام أواستجابته، ولقاءته بالدخل، واختيار نوع التحكم فيه، وهذا ما يسمى بالتحكم بالتغذية الخلفية (الراجعة) أوالتحكم بالحلقة المغلقة باللقاءة مع تحكم من نوع آخر لا يرتبط بقياس الخرج ويسمى التحكم بالحلقة المفتوحة.

مخطط صندوقي لمنظومة تحكمية ذات دارة مغلقة

الروبوت Robot

(الإنسان الآلي) تلبي نظرية الأتماتية نظرية حل مسائل أتمتة المنظومات المستمرة، ولكن تظل هنالك مجالات الإنتاج الصناعي المتميزة بعدد من العمليات المتبترة كما هي الحال في الصناعات التجميعية (كصناعة السيارات)، وتتبع هنا طريقتان متكاملتان تتمثل الأولى بإعادة تصميم عملية التصنيع لتتكامل عمليات النقل والتشكيل والتلقيم في مفهوم كلي يجعل تدخل العاملين في حده الأدنى، وهذا ما يسمى «بالورشات القابلة للتكيف» لأن هذا التنظيم الجديد مبني على تحكم الحواسيب فيها، ويعتمد على البرامج القابلة للتعديل لتنظيم عمل الورشة على النحوالمرغوب فيه. والتنظيم الأمثل لعمل هذه الورشات مسألة معقدة جداً وكثيرة الاحتمالات فيما يتصل بالرياضيين التطبيقيين والمهندسين.

أما الطريقة الثانية فتختلف عن الأولى بالمحافظة على التنظيم التقليدي لخط الإنتاج وبأتمتة مواقع العمل أيضاً وذلك بمساعدة أجهزة تقلد حركات الإنسان وقد تكون لها صفات تشبه صفاته وتسمى الروبوت (الإنسان الآلي).

أما جيل الروبوت المصنَّع حالياً فما هوإلا أجهزة تحكم تتحكم فيها معالجات مبرمجة Processors وأهم مشاكل أتمتتها هوضبطها والتحكم فيها مهما يكن وضع الذراع وحِمْلها. وتسمح هذه الروبوتات بتصنيع بتر مختلفة مثل عناصر هياكل السيارات الموضوعة على خط الإنتاج وهجريبها. ويقوم السير الناقل بإعطاء إشارة البرنامج المطلوب لتطبيق التصنيع والحركة بحسب الإشارات أوالرموز الموضوعة عليه.

والاتجاه العام هوإيجاد جيل جديدقد يكون فيه للربوت مجسات أكثر تطوراً وكمالاً تمكنه من العمل طبقاً لتغير الأحوال، لا على نحوجامد وطبقاً لبرنامج ثابت معد من قبل. ومن هذه الأجهزة المجسات البصرية واللمسية التي تتحسس بالشروط الحرارية والكيمياوية والإشعاعية والصوتية وغيرها. وتتيح هذه العناصر للروبوتات التصرف بفاعلية في بيئات معقدة جداً، وينطق عن هذا التصرف إنه (ذكاء صنعي).


نظرية المنظومات الأتماتية

إن إحدى الطرائق لضبط أداء منظومة ما هي قياس إشارة خرجها (استجابتها) ثم اختيار إشارة التحكم المناسبة تبعاً للخرج المقيس وإشارة المرجع أي التحكم بالتغذية الخلفية (الراجعة) أوبالحلقة المغلقة.

وقد استخدمت نظرية التحكم التقليدية في جيل الحواسيب التمثيلية analogue computers لمعالجة المنظومات الخطية ذات المعالم (البارامترات) الثابتة.

ويعبر رياضياً عن استجابة المنظومة المعطاة في المخطط الصندوقي وذات البارامترات الثابتة بالعلاقة الرياضية التالية:

50px

هي ما يعهد باسم نظرية الطي convolution ويرمز له بالصيغة: (c(t)=g(t)*r(t


وتكون الاستجابة النبضية g(t) صفراً من القيم السالبة للزمن t وذلك لكي تكون المنظومة حقيقية فمن أجل τ>t لا يؤثر الدخل r(t) في الخرج c(t). وبتطبيق تحويل لابلاس على هذه المتغيرات وباستعمال الأحرف اللاتينية الكبيرة لهذا التحويل تابعاً لمتحول عقدي «S» نحصل على:

50px

حيث يسمى (G(s تابع تحويل المنظومة الذي يمكن بواسطته إيجاد توابع تحويل المنظومات التسلسلية والتفريعية ذات التغذية الخلفية. وإذا أردنا إيجاد تابع تحويل منظومة ذات تغذية خلفية سالبة كما في الشكل ثلاثة فإننا نحصل على ما يلي:

50px

وتوصف المنظومات التحكمية في مستوى الزمن إما بمجموعة من المعادلات التفاضلية من الدرجة الأولى (فضاء الحالة) أوبوساطة معادلة تفاضلية درجتها مساوية لدرجة المنظومة. ولإيجاد تابع تحويل المنظومة المعطاة بهذه الصيغة التفاضلية أي:

50px

حيث c = هي خرج المنظومة وr ≡ هوولج المنظومة التحكمي

50px

تستعمل قاعدة تحويل لابلاس لمشتق التابع التالية:

50px

وبفرض حتى القيم الابتدائية للتابع وجميع مشتقاته مساوية للصفر

50px

فإن تحويل لابلاس للمعادلة التفاضلية السابقة يصبح:

50px

وبالتالي فإن تابع تحويل هذه المنظومة يعطى بالصيغة:

50px

ويمكن إيجاد معكوس تحويل لابلاس لذلك التابع بتحليله إلى عوامل بسيطة وباستخدام جداول تحويل لابلاس. وللتثبت من استقرار المنظومة ينبغي حتىقد يكون الجزء الحقيقي لجذور المعادلة المميزة لهذه المنظومة سالباً.وتعتمد طرائق التصميم والتعويض على دراسة المعادلة المميزة (مثل معيار روث Routh) أوعلى نظرية نايكويست البياني Nyquist التي تفترض فهم مسار نايكويست البياني[G(jw)] في المستوى العقدي من أجل: ∞+≥ω≥∞- وذلك اعتماداً على تابع تحويل الحلقة المفتوحة للمنظومة أوبالكيفية التجريبية إذا كان هذا التابع مجهولاً. وتبين نظرية نايكويست حتى المنظومة ذات التغذية الخلفية الواحدية السالبة تكون مستقرة إذا كان مسار نايكويست محيطاً بالنقطة (-1) بالاتجاه الموجب عدداً من المرات مساوياً لعدد الأقطاب المسببة لعدم الاستقرار في التابع G (s) وعند وجود منظِّم أومعوِّض له تابع تحويل Gc (S) فيتم التثبت من الاستقرار باستخدام مسار G(S)Gc(s) بدلاً من مسار G(s) على حدته. لهذا فإنه يمكن اختيار المعوِّض Gc(s) الذي يقوم بإعادة تشكيل المسار بالشكل المرغوب فيه مثل إبعاده عن النقطة (-1)، وهناك طرائق بيانية أخرى لتحليل المنظومات وتصميمها، وأكثرها استخداماً طريقة «بود» التي تعتمد على رسم مخططين أحدهما لوغاريتم كسب تابع التحويل Log│G(jw)│ بدلاً من Log w والآخر طور G(jw) بدلالة Log w. وهي تبنى على افتراض ولج جيبي بتردد w وثمة طريقة أخرى هي طريقة مسار الجذور وتبين تغير مواقع جذور المعادلة المميزة بدلالة تغير الربح الصرف في المنظومة.

المنظومات اللاخطية nonlinear system

هي جميع المنظومات التي لا يمكن تطبيق مبدأ التراكم Superposition عليها، وتطرح مسألة منظومات التحكم اللاخطية إما بسبب كون عناصر المنظومة لا خطية أولأن التعويض المدخل على المنظومة لاخطي، وذلك لتحسين أداء هذه المنظومة.

وأهم العناصر اللاخطية هي العنصر الواصل الفاصل ON-OFF الذي يبين الشكل خواص تابع تحويله، والعنصر ذوالمنطقة الميتة المبينة خواص تابع تحويله بالشكل (4-ب) والعنصر ذوالإشعاع المبين بالشكل (4-ج) والكثير من العناصر الأخرى التي لا تخضع لتعريف العنصر الخطي. ويستخدم لمعالجة هذه المنظومات اللاخطية عدد من الطرائق التحليلية والبيانية. وتسمى أولى هذه الطرائق كيفية التابع الوصفي describing function حيث تطبق على العناصر اللاخطية التي لها خاصية وجود خرج (Y) على شكل تابع ترددي، وذلك إذا كان ولج المنظومة جيبياً. وهي لسهولتها أكثر الطرائق استخداماً لفحص تأثير خواص العناصر اللاخطية.

خواص تابع تحويل عدد من العناصر اللاخطية الرئيسية أ- واصل فاصل (بانغ ـ بانغ) ب- ذومنطقة ميتة. ج- عنصر ذوإشباع

أما الطريقة الثانية فتسمى «مستوى الطور» The phase plane وهي طريقة يغلب عليها أنها بيانية تعتمد على رسم تغيرات متحولات الحالة state variables بدلالة بعضها واعتبار الزمن متحولاً ضمنياً.

أما الطريقة الثالثة فتسمى طريقة ليابونوڤ المباشرة Liapunov direct method وتعتمد أيضاً على تمثيل فراغ الحالة State Space من أجل عدد «n» من المتحولات وتستخدم عندما تكون درجة المنظومة كبيرة نسبياً.

منظومات التحكم الرقمية

عندما تذكر المتحولات في أثناء مناقشة المنظومات عامة فإن المقصود منها المتحولات المستمرة زمنياً والمعروفة من أجل الزمن ∞+ > t ≥ o

لكن يفضل في بعض الحالات حتى تعهد المتحولات عند أزمان متبترة t1,t2,t3,، أي أنه يفترض حتى تكون توابع مستمرة زمنياً، لذلك فإن الإشارات في المنظومات المتبترة في موضع أوأكثر تكون على قطار من النبضات، وإذا رمزت النبضات ترميزاً رقمياً فإن المنظومات تسمى حينئذ منظومات التحكم الرقمي Digital Control Systems. وعندما يستخدم في المنظومة معالج رقمي (حاسوب مثلاً) فإنه تستخدم أيضاً عناصر قياس رقمية في حلقة التحكم في المنظومة.

منظومة تحكم رقمية

لهذا تميز منظومات التحكم الرقمية بأنها تتلقى المعطيات أوالمعلومات بصورة متواترة فقط، وفي لحظات محددة من الزمن، وفي الغالب على هيئة نبضات مرمزة رقمياً، ويوجد في العادة عنصر يقوم بتحويل الإشارات المستمرة التمثيلية إلى إشارات متبترة رقمية، ويسمى هذا العنصر المبدِّل التمثيلي الرقمي analog- digital converter الذي يتيح ربط إشارات خرج أجهزة القياس بالحاسوب الرقمي بعد تبديلها.

ويوجد في منظومة التحكم الرقمي عنصر آخر أوأكثر يسمى المبدل الرقمي التمثيلي - digital - analog converter يقوم بالعملية العكسية، أي إنه يحول إشارات القيادة والتسليم الرقمية الناتجة من برنامج خاص في الحاسوب إلى إشارات تمثيلية مستمرة تستطيع حتى تتلقاها المنظومة المقودة التي تكون في العادة منظومة تمثيلية مستمرة، ويمكن تمثيل المنظومات المتبترة الخطية ذات المعالم (البارامترات) الثابتة زمنياً بالعلاقة التالية:

50px

حيث المعالم aJ هي ثوابت من أجل (j..0,1---n)وحيث k ثابت يأخذ القيم 2,1,0,...وT ثابت موجب، أما Y(kT) فيمثل سلسلة الخرج وX(KT) سلسلة الدخل. وتسمى المعادلات الواصفة لعمل المنظومة الرقمية أوالمتبترة بمعادلات الفرق التي يمكن تطبيق تحويل (Z) عليها بالطريقة نفسها التي يطبق فيها تحويل لابلاس (s) لحل المعادلات التفاضلية العادية، وليس تحويل (Z) بالحقيقة إلا تفسيراً خاصاً أوتعديلاً بسيطاً لتحويل لابلاس.


نظريات التحكم الحديثة

هنالك عدد من العوامل التي أدت إلى تطور نظريات التحكم الحديثة، ومن هذه العوامل ضرورة التعامل مع نماذج للمنظومات أكثر واقعية وأكثر استخداماً للتقنيات الحديثة, والاتجاه السائد هوتحقيق مزيد من التحكم الأمثل وتصميم منظومات مثلى بتطوير تقنيات المجسات والدارات الرقمية والمتكاملة والمعالجات المكروية وخفض تكاليفها وتجاوز سلبيات الطرائق التقليدية ونقائصها.

والانتنطق من استخدام النماذج التقريبية البسيطة السهلة إلى أكثر النماذج واقعية أدى إلى وجود أثرين: أولهما إمكان إدخال عدد كبير من المتحولات في النموذج المطلوب، وثانيهما ميل النموذج الأكثر واقعية إلى احتواء العناصر اللاخطية والمعالم (البارامترات) المتغيرة زمنياً وإلى إدخال كثير من الجوانب التي كانت تهمل سابقاً لصعوبة معالجتها بالطرائق التقليدية.

وإن الميل إلى التعامل مع منظومات أكثر تعقيداً ومؤلفة من مكونات كثيرة متفاعلة فيما بينها، والحاجة المتزايدة إلى دقة أكبر ومردود أعلى، قد أديا إلى تغير اتجاهات تحديد أداء المنظومات. وقد تبدلت التقييدات التقليدية المعروفة مثل نسبة التخطي Overshoot وزمن الركود Settling Time وحزمة المرور وغيرها إلى معايير مثلى مثل الطاقة الأصغرية والكلفة وزمن التشغيل الأصغري، وكذلك فإن الرغبة في جعل هذه الخواص أصغرية تستدعي عدم التغاضي عن بعض الخواص اللاخطية، وقد يحتاج الأمر في بعض الحالات، التي تستهدف جعل المنظومة مثلى، تطبيق قوانين تحكم لاخطية ومتغيرة زمنياً، وحتى ولوكانت المنظومة الأساسية خطية وذات معالم (بارامترات) ثابتة زمنياً.

نظرية المنظومات باستخدام متحولات الحالة (التمثيل المصفوفي)

تدرس نظرية المنظومات الخطية (الثابتة المعالم والمحددة البعد) المنظومات المستمرة أوالمتبترة باستعمال نماذج رياضية كما يلي: في حالة المنظومة المستمرةقد يكون النموذج:

50px

حيث

50px

وفي حالة المنظومة المتبترةقد يكون النموذج:

50px

ويسمى هذا الترتيب بتمثيل فراغ الحالة حيث:

U(t) شعاع الدخل المؤلف من m عنصر عند اللحظة t.

X(t) شعاع من فراغ الحالة ذي البعد n المسمى ببعد المنظومة.

Y(t) شعاع الخرج المؤلف من p عنصر

F وG وH وD تمثل مصفوفات ذات أبعاد مناسبة تكون قيم عناصرها أعداداً حقيقية (ومستقلة عن الزمن لمنظومة ثابتة).

وإذا كان m=p=1 فينطق عن المنظومة إنها متحول وحيد monovariable والتعريفات السابقة تظل سليمة في منظومة متبترة ماعدا تغير جميع متحول زمني مستمر عند اللحظة t إلى آخر متبترقد يكون موجوداً فقط عند لحظات محددة (KT)، حيث T الزمن بين عينتين، و K المتحول لقيم سليمة، ويأخذ جميع القيم الممكنة K=0,1,2,...m ويمكن حل معادلات الحالة بالمجال الزمني بدءاً من الحالة الابتدائية X(t0) حيث:

50px

ومن أجل t0 = 0 تصبح:

50px

حيث (Φ(t مصفوفة الحالة العابرة الفهم بما يلي:

50px

وإذا أخذ تحويل لابلاس من أجل المنظومات المستمرةقد يكون:

50px

وإذا أخذ تحويل z من أجل المنظومات المتبترةقد يكون:

50px

وإذا أخذت عينات منظومة مستمرة جميع T ثابتة وكان الدخل ثابتاً بين لحظتي أخذ عينتين متتاليتينقد يكون:

50px

التحكم الأمثل

إن إحدى نقاط الضعف الرئيسية في تصميم المنظومات باستخدام أساليب التحكم التقليدية تتعلق باعتماد هذه الأساليب كثيراً على طريقة الخطأ والصواب في حين يتعلق أسلوب التحكم الأمثل Optimal Control بالحصول على منظومة تحكم هي أفضل ما يمكن بالنسبة لمعيار أداء محدد سابقاً، وذلك عن طريق قياس الأداء العملي للمنظومة، ويسمى هذا المعيار أوالمقياس «معيار الأداء» وتعد عملية تصميم منظومات التحكم المثلى إحدى أبرز المشكلات التي تقابل مهندس التحكم في وقتنا الحاضر وأعقدها.

وقد شرع في تطوير مفهوم التحكم الأمثل في الخمسينات من القرن العشرين انطلاقاً من المفهوم العام لتصميم المنظومة المثلى واعتماداً على جعل معيار أداء معين معياراً أمثل لبعض الكميات والمعالم (البارامترات) المحددة سابقاً، وقد طور عدد من الفهماء فيما بعد مفهوم التحكم الأمثل، فمنهم من عمل على جعل زمن الاستجابة العابرة هوالأمثل، ومنهم من جعل استهلاك الطاقة هوالأمثل (أي أقل ما يمكن)، ولقد وقع تطور كبير منذ ذلك الوقت لمفهوم التحكم الأمثل، وتتعلق أبرز هذه التطورات بما يسمى البرمجة الحركية ومفهوم الأعظمية.

وتتعلق المشكلة الرئيسة في نظرية التحكم الأمثل باختيار الدخل «u» لمنظومة التحكم ليكون أداء هذه المنظومة أمثل بالنسبة إلى معيار أداء محدد، أما الهدف الرئيس لنظرية التحكم فيتعلق بتصميم عناصر تحكم يمكنها التجاوب مع متطلبات عمل واسعة المجال وذلك أفضل طريقة ممكنة، ويمكن وصف هيكلية مسألة التحكم الأمثل بتحديد معيار أداء له الشكل العام التالي:

50px

حيث: J يمثل هنا معيار الأداء

(X=F(x.u.t تمثل حركية المنظومة المتحكم فيها

(u) تمثل التحديدات على الدخل أوعلى حالة المنظومة0(x).

(r) تمثل إشارة المرجع أوالجواب المرغوب فيه للخرج (c).

وينطق عن التابع (G) إنه تابع الخسارة، ويمثل مقياساً للتغير الآني للأداء الأمثل، ولهذا يمكن تفسير معيار الأداء على أنه الخسارة الكلية.

وتتعلق مسألة التحكم الأمثل بتحديد ولج التحكم (u) الذي يجعل معيار الأداء أقل ما يمكن، مع الأخذ بالحسبان بعض التحديدات الواقعة على (u) و(x)، وقد يحدث التحكم الأمثل إما حلقة مفتوحة أوحلقة مغلقة، وتفضل طريقة الحلقة المغلقة لأن عمل التغذية الخلفية يجعل المنظومة أقل حساسية بالتغيرات الداخلية الحاصلة في المنظومة وبالتشويش الداخلي والخارجي وتستخدم فيه أحدث المعلومات المتوافرة عن الحالة الحاضرة للمنظومة المتحكم فيها.

البرمجة الحركية (الديناميكية)

يعتمد مفهوم البرمجة الحركية Dynamic Programming على نظرية التحكم الأمثل وعلى النتائج الحاصلة من تطبيق هذه النظرية. ويبينمفهوم الحالة المثلى أنه مهما كانت الحالة الابتدائية للمنظومة أوالقرار الأولي المطبق عليها، فإن على القرار اللاحق حتى يكوّن سياسة تحكم مثلى وذلك بالنسبة إلى الحالة الناتجة من القرار الأول، وبذلك تنقسم مسألة القرار الأمثل إلى سلسلة مسائل صغيرة سهلة الحل. وتعد عملية القرار ذي المراحل مثالاً على المسألة التي يمكن تبسيطها كثيراً بتطبيق مفهوم البرمجة الحركية. ويمكن تبسيط مسألة عدد مراحل قراراتها (n) إلى مسائل تتطلب حل مراحل عددها (n) جميع منها على حدته، أي تصبح المسألة إيجاد (n) قرار بشكل تسلسلي، وتكون البرمجة الحركية المباشرة عملياً، طريقة حل أمثل وبشكل عكسي مع الزمن، أي نجد أولاً حل الفترة الأخيرة للعملية ثم حلول المراحل الباقية تباعاً حتى الحصول على حل كامل.

وينتج من تطبيق مفهوم الأمثلية معادلة تفاضلية جزئية تسمى معادلة هاملتون ويؤدي حلها إلى تحقيق سياسة تحكمية أمثلية.

50px

حيث (G) تابع الخسارة و(u) تحديدات الدخل و(r) إشارة مرجعية و(t0) الزمن الابتدائي و(c) الخرج.

المحاكاة التمثيلية والمهجنة والرقمية

تمكن محاكاة منظومة تمثيلية بوساطة تكامل المعادلات التفاضلية للمنظومة باستخدام الحاسوب التمثيلي، وتعتمد الدارات الإلكترونية لهذا الحاسوب اعتماداً رئيسياً على ما يسمى بمضخم العمليات:

وإذا أخذنا مثالاً على ذلك محاكاة المنظومة الممثلة بالمعادلة التفاضلية التالية:

50px

حيث r0sin wt الدخل وy الخرج فنحصل على:

50px

ويمكن تمثيل ذلك بالمخطط الصندوقي التالي مع مراعاة قيم الشروط الابتدائية اللازمة (الشكل 6) ويؤدي استخدام حاسوب رقمي مع الحاسوب التمثيلي إلى تكوين ما يسمى بالحاسوب المهجن. وهومفيد جداً لمحاكاة منظومة التحكم الرقمية التمثيلية حيث يتولى القسم التمثيلي من الحاسوب المهجن معالجة المتغيرات التمثيلية ويتولى القسم الرقمي منه معالجة المتغيرات الرقمية. وإذا استخدمت خوارزمية عددية لمنظومة ما على حاسوب رقمي فإنهقد يكون لدينا محاكاة رقمية للمنظومة.

محاكاة للمنظومة الممثلة بالمعادلة التفاضلية

وهنالك بعض البرامج الجاهزة للمساعدة على تطوير المحاكاة الرقمية لمنظومة ما، وهذه البرامج موجهة للتطبيقات المباشرة، ويلاحظ حتى العنصر الرئيس في المحاكاة الرقمية هوعنصر التأخير. فإذا أخذنا مثالاً على ذلك محاكاة المرشح الرقمي المعطى بمعادلة الفروق التالية:

50px

حيث (u) الدخل و(y) الخرج.

وبتطبيق تحويل z على معادلة الفرق السابقة فإننا نحصل على:

50px

ويصبح مخطط المحاكاة، مع اعتبار الأخير، ممثلاً بالصندوق T.

محاكاة رقمية للمنظومة الممثلة بمعادلة الفرق

التحكم الموائم (المتكيف)

إن نظرية التحكم المؤائم Adaptive control هي محاولة لحل مسألة قيادة المنظومة ذات النماذج المجهولة أوذات البيئة المجهولة أوالقابلة للتغير بشكل غير معروف من قبل، وذلك باستخدام التقنيات الخطية لتقدير المعالم (البارامترات) وللقيادة.

ويعد مفهوم الذاتية أوالتحكم الأمثل طريقة متطورة لتجاوز مشاكل التحكم التقليدي بشكل أكثر واقعية، فبدل حتى ترتب المنظومات لتستطيع التجاوب مع دخول ومعالم (بارامترات) متسقطة فإنها تصمم لتستطيع ذاتياً مراقبة أدائها مراقبة مستمرة وذلك بالنسبة إلى معيار أداء معرَّف من قبل أوإلى شرط أمثل، وتهيأ لها وسيلة لتعديل معالمها الذاتية بتأثير حلقة مغلقة للوصول إلى ذلك الشرط الأمثل، وبمعنى آخر فإن المنظومة تعدل نفسها ذاتياً، ويظهر ذلك بكيفية تغير إشارة التحكم أوبطريقة هجريب إشارة التحكم.

التحكم الموائم أ- كيفية تغيير إشارة التحكم ب- طريقة هجريب إشارة التحكم

ويمكن القول إذا التحكم الأمثل يبدي أيضاً نمطاً بدائياً من أنماط التفهم وذلك من خلال تعديله الذاتي للوصول إلى هدف محدد، وهنالك بحوث كثيرة حول جانب التفهم هذا وخصوصاً الجوانب التطبيقية من نظريات التكيف حيث يتلاقى الكثير من النظريات والتقنيات الحديثة، مثل الذكاء الصنعي والتمييز النظري والعملي والروبوتات المتطورة والحواسيب الرقمية والمهجنة ونظريات التحكم الأتماتي الرقمية والمستمرة وتقنياتها.

المصادر

  1. ^ هادي العهدي. "الأتماتية". الموسوعة العربية.
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:47:37
التصنيفات: صفحات تحوي وصلات ملفات معطوبة, أتمتة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

قراءة مختصرة في مآلات تطور الحرب في السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:23:25
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

دراسة: تمرين تحريك الذراعين يحافظ على صحة كبار السن

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:25:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

تغييرا في عضوية مجلس إدارة «ميفك ريت»

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:25:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

الصين تستعد لإطلاق سفينة الفضاء "شنتشو16"

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:25:22
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

أمطار متوسطة إلى غزيرة على عدد من مناطق المملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:24:05
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 56%

عبد الرحمن منيف .. جوجل يحتفى بميلاد صاحب مدن الملح

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:22:39
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 35%

السنغال: قوات الأمن تقتاد المعارض عثمان سونكو بالقوة إلى داكار

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 12:17:12
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 90%

تسريب عن ميزة غير مسبوقة في طرازي «آيفون 16 برو» العام المقبل

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:25:25
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

236 مليون ريال أرباحا لمساهمي «أسمنت ينبع» عن نصف 2023

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:25:31
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

816.5 مليار ريال ملكية الأفراد السعوديين في سوق الأسهم

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-29 09:25:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية