الفن كخبرة

عودة للموسوعة

الفن كخبرة

الفن كخبرة Art as Experience (عمل 1934) لجون ديوي: نحوديموقراطية حقيقية للتمتع بالجمال «من المسلّم به بعامة حتى جون ديوي هوالفيلسوف الحي وقائد الفلسفة في الولايات المتحدة الامريكية. وأنا أتفق في الرأي مع هذا التقدير. وذلك لأن لديوي نفوذاً عميقاً ليس فقط بين الفلاسفة، وإنما أيضاً بين طلاب التربية والجمال والنظرية السياسية (...) وأنا أكاد أتفق معه اتفاقاً تاماً في معظم آرائه. غير أنني في الوقت نفسه أتوق إلى حتى أوافق موافقة تامة على جميع آرائه، ولكنني مضطر، للأسف، حتى أختلف معه في أشدّ نظرياته الفلسفية تميّزاً، أعني الاستعانة بالتحقيق عن الحقيقة كتصور أساسي للمنطق ولنظرية الفهم». هذا الكلام عن ديوي، أحد أكبر الفلاسفة الأميركيين في القرن العشرين، خطه برتراند رسل في معرض تأريخه للفلسفة الغربية الحديثة. وراسل، حينما يجد لزاماً عليه حتى يفسّر ما نادىه إلى إيراد تلك العبارة الاعتراضية الأخيرة يقول: «إن الفارق الرئيس بين ديوي وبيني هوأنه يحكم على الأمر بنتائجه، بينما أحكم عليه أنا بأسبابه (علله) حيث ترتبط بها حادثة ماضية». والحال حتى راسل حدّد في هذه العبارة، التفسيرية، البسيطة، الأساس الذي قامت عليه فلسفة الذرائعيين الأميركيين جميعاً، وليس فلسفة ديوي فقط، ذلك حتى هذا البعد في «فلسفة العالم الجديد» جعل كثراً من مؤرخي الفلسفة يرون حتى هذه الأخيرة صارت على يد الأميركيين أقرب إلى حتى تكون جزءاً من الممضى النفعي العام. ومن يقلْ «نفعياً» يعنِ تبريرياً، فتصبح الفلسفة، على هذا النحو، تدبيراً للأفعال استناداً إلى ما أدت إليه، لا استناداً إلى مبادئ وضعية أومثالية مسبقة. وفي هذا المعنى نجدنا هنا، في الفلسفة كما يؤوّلها راسل، أمام عالمين لكل منهما تكامله وخصائصه، ومن الصعب القول إنهما يلتقيان...

أراء

وما ينطق عن فلسفة جون ديوي، وزملائه في هذا المجال، يمكن حتى ينطبق في شكل خاص، وإنما موارب بعض الشيء، على فلسفة وفهم الجمال اللذين اهتم بهما ديوي اهتماماً استثنائياً، ابتكر مجموعة من الدراسات لعل أهمها وأشهرها كتابه «الفن كخبرة» الذي يعتبر من أبرز الخط الصادرة في هذا المجال في القرن العشرين. ولعل هذا الكتاب، من خط ديوي، ومن دون هذه الخط، ما جعل إميل براهبيه، مؤرخ الفلسفة، يقول في نوع من الدفاع عن ديوي، إزاء من توسّم فيهم نوعاً من المغالاة في ربط فلسفته بالنفعية «إن السيد ديوي أبعد ماقد يكون عن حتى يختزل الفكر إلى العمل أوحتى حتى يخضع الأول للثاني. إنه، على العكس من ذلك، يبين كيف من الممكن أن حتى الفكر يشكل فترة ضرورية للعمل عندماقد يكون هجريبياً ويسير على درب التقدم. ما يعني حتى «ذرائعيته» تعيد الاعتبار إلى الفكر، بدلاً من حتى تضحي به. بيد حتى تصوره للفكر يقوده إلى حتى يعكس مراتب المعقولية (...) حيث يرينا حتى التاريخ هو، على وجه التحديد، الروح الفاعل في الطبيعة وفي المجتمع».

وديوي كان ينظر إلى العنف، بصورة خاصة، على أنه المكان الذي يتجلى فيه التاريخ والفن في آن، ما يجعل الفن في نهاية الأمر خبرة تاريخية، ويجعل فكر ديوي يبدو، على ضوء هذه النزعة التاريخية الحركية، كارهاً في شكل غريزي لكل ما ثابت، ساكن عديم الحركة. ويفسر «معجم الفلاسفة» (من إعداد جورج طرابيشي وترجمته) هذا بأننا هنا «في صدد تقليد أميركي نموذجي يسلم، قبلياً بأن الجمود شر في حد ذاته، وبأن الحركة والتغيير خير».


ملخص

كتاب «الفن كخبرة» هوفي الأصل عشر محاضرات ألقاها جون ديوي في جامعة هارڤرد، وجمعت في الكتاب الذي صدر عام 1934 في نيويورك، ليحدث ضجة نمت بالتدريج من حول فهم الجمال، بل ليكون أول مساهمة نظرية أميركية متكاملة حول هذا الفهم. وإذا كان كثر رأوا لاحقاً حتى أفكار ديوي في هذا الكتاب، تبدوملتقية مع أحدث النظريات في فهم الجمال، فإنهم لم يفتهم حتى يروا فيه أيضاً، في جوهره وفي أسلوب بحثه، التقاء مع نوع من التجريبية الإنگليزية، ما يؤكد كون ديوي أيضاً وفي مجال الفلسفة البحتة، واحداً من أبرز أعلام البراغماتية الأميركية.

في هذا الإطار يكشف هذا الكتاب كم حتى فهم الجمال، لدى ديوي، يتحدر من فلسفته وعلى الأقل في أسلوب دنوّه من المشكلات التي يعالجها. وديوي في هذا الكتاب يقوم، على أي حال، بعمل مزدوج، فهو- من ناحية - يضفي على الفن صبغة نفعية وظائفية، ومن ناحية ثانية يسبغ على الخبرة الإنسانية عموماً طابعاً جمالياً - وفق تعبير د. زكريا إبراهيم، الذي يضيف في كتابه «مشكلة الفن» قائلاً: «إلى حين كان أصحاب النزعات التعبيرية والسيكولوجية والشكلية ينسبون إلى الفن وظائف جزئية محدودة، ويفسّرون الحياة الجمالية باعتبارها مظهراً نوعياً خاصاً من مظاهر نشاط الوجود البشري، نجد حتى ديوي يريد حتى يوسّع مفهوم «الخبرة الجمالية» لكي يجعل منه ظاهرة بشرية عامة تطاول شتى خبراتنا اليومية العادية». فليس هناك في نظر ديوي حد فاصل يعزل الخبرة الجمالية عن الحياة العملية. وفي هذا الصدد يدعوديوي، إذاً، إلى «الثورة على جميع نزعة أرستوقراطية ترغب حتى تجعل من الفن ميزة خاصة يتمتع بها بعض أصحاب الأمزجة الرقيقة، والأذواق الرقيقة»، خصوصاً حتى «جذور الخبرة الجمالية كامنة في جحيم خبراتنا اليومية العادية». وفي هذا الإطار نفسه، يرى ديوي أيضاً حتى «الفن ينحوأساساً إلى وضع الناس في علاقة مع بعضهم بعضاً، علاقة ترتبط بالتجارب المشهجرة المباشرة». وهذه هي، في رأيه، «الوسيلة الوحيدة لتمكين الإنسان من الإفلات من نزعته الفردية». ثم، في هذا الإطار نفسه أيضاً، يرى ديوي حتى وحدة «الشكل والمضمون في العمل الفني، ليست في حقيقتها سوى التعبير الحميم عن العلاقة بين السلبية والفاعلية اللتين تستتبعهما أي تجربة ملموسة يعيشها البشر». ذلك حتى الاستنكاف عن إبداء أي رد عمل على شعور ما، من طريق مشاعر وتصرفات أخرى، ليس في حقيقته سوى سلبية ليست من طبع الإنسان في شيء. أما فن إعطاء شكل محدد وملموس لهذا الشعور فإنه يمثل أعلى درجات الفاعلية الممكنة لدى الإنسان. وهنا يرى ديوي، مستنتجاً، أنه إذا كانت الفلسفة تهتم بالمشكلات الجمالية، فما هذا إلا لأن «الجميل»، إذ يحقق التوليف بين الخاص والعام، بين القديم والجديد، وبخاصة بين الواقعي والمثالي، يتخذ دلالة أكثر عمقاً بكثير من تلك الدلالة التي تكون لمختلف عناصر العمل الفني - بالمعنى الحرفي للحدثة - حينما تكون معزولة عن بعضها بعضاً، وموضوعة في تصرف حكم عقلاني صرف ووحيد عليها.

المؤلف

جون ديوي (1859 - 1952) كما يقدمه لنا المفكر المصري الراحل زكي نجيب محمود في كتابه «حياة الفكر في العالم الجديد»، هو«ثالث ثلاثة عمالقة خلقوا الفلسفة البراگماتية خلقاً، وأشاعوها في أراتى العالم طراً حيث لم يعد في وسع مثقف إلا حتى يتابعهم في نتائجهم متابعة القبول أومتابعة الرفض والإنكار، وهم - إلى ديوي - وليام جيمس وتشارلز پيرس».

ولد ديوي في برلنگتون، ڤرمونت في نيوإنگلاند الأمريكية، وتوفي في نيويورك. وبعدما أمضى طفولة ريفية، ودرس شرق الولايات المتحدة، انتقل إلى التعليم في ولايات الغرب الوسطى، وكان لقاؤه بفكر هيغل متأخراً، ذا أثر قوي على فكره الذي تأسس ذرائعياً. ومنذ عام 1887 وحتى سنواته الأخيرة عمل ديوي في التعليم، كما أصدر الكثير من الخط التي قُرِئت على نطاق أوسع من الدوائر الطالبية والثقافية. ومن هذه الخط «فهم النفس» و«معالم نظرية نقدية في الأخلاق» و«المدرسة والمجتمع» و«قانون الإيمان التربوي» و «الديموقراطية والتربية» و«إعادة البناء في الفلسفة» وغيرها.

المحتوى المتغير للفنون

الاسهام البشري

التحدي للفلسفة

النقد والتلقي

الفن والحضارة

انظر أيضا

  • جون ديوي
  • قائمة منشورات جون ديوي

المصادر

  • دار الحياة - ابراهيم العريس
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:49:51
التصنيفات: أعمال 1934, أدبيات علم الجمال, أعمال جون ديوي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حمدي فتحي يعوض غياب السولية عن الأهلي أمام الرجاء

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:23:03
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 44%

لقاء لزوجات كهنة إيبارشية ببا والفشن وسمسطا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:22:36
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 62%

الرئيس السيسى يستقبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالجمهورية اليمنية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:23:08
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 44%

بدء اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطنى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:23:06
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 50%

نيفين القباج تشارك في افتتاح سباق الهجن بمدينة العريش

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:22:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

كرة اليد: لقاء تونس و الارجنتين منقول تلفزيا

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:22:33
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

البيت الأبيض يؤكد مقتل أمريكي ثان في السودان

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:22:36
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

التشكيلتان الاساسيتان لكلاسيكو المنستيري و الافريقي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-26 18:22:30
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية