تاريخ الكومنولث البولندي اللتواني

عودة للموسوعة

تاريخ الكومنولث البولندي اللتواني

تاريخ پولندا
تسلسل زمني

حتى 966
966–1385
1385–1569
1569–1795
1795–1918
1918–1939
1939–1945
1945–1989
1989–present

موضوعات

ثقافة
التنوع السكاني (اليهود)
الإقتصاد
Politics (الملوك والرؤساء)
العسكرية (الحروب)
التغيرات الإقليمية (الحرب العالمية الثانية)

تاريخ الكومنولث البولندي اللتواني (1648–1764) يغطي فترة في تاريخ پولندا ولتوانيا، عندما كانتا دولة ثنائية أصبحت أرضاً لحروب وغزوات على مستوى عالي في وسط القرن السابع عشر، حتى بداية حكم ستانيسلاڤ الثاني أوگست پونياتوڤسكي آخر ملوك الكومنولث الپولندي-اللتواني‏‏.

نظرة عامة على بولندة 1715-1764

كانت الجغرافيا، والعرق، والدين، والسياسة، هي الأعداء الطبيعية لبولندة. ذلك حتى هذا القطر كان يعدل فرنسا اتساعاً، إذ امتد عام 1715 من الأودر غرباً إلى ما يقرب من سمولنسك وكييف شرقاً، ولكن لم يكن له حد طبيعي-من جبال أونهر عريض-على أي جبهة ليقيه شر الغزو؛ وقد اشتق اسم بولندة من حدثة "Pole" وهوالسهل. ولم يكن لها سوى منفذ واحد إلى البحر-عند دانتزج، أما الفستولا الذي عثر له مصباً هناك، فلم يكن بالحد الذي يصلح للدفاع ضد بروسيا المجاورة. وقد افتقدت الأمة وحدة العراق، فكانت كثرة البولنديين البالغة 6.500.000 نسمة (1715) في صراع متبتر مع الأقليات الألمانية واليهودية واللتوانية والروسية؛ وهنا التقى التيوتون والسلاف وجهاً لوجه في عداء طبيعي. ولم يكن هناك وحدة دينية: فالأغلبية الكاثوليكية الرومانية تحكم وتظلم "المنشقين"-وهؤلاء هم الآخرون منقسمون في نزاع وخصام بين بروتستنت وروم وأثرذكس ويهود. ولم يكن هناك وحدة سياسية، لأن سلطة السيادة التي حرص أصحابها على الاحتفاظ بها كانت في يد "السجم" أو"الديت"، المؤلف كله من نبلاء لكل منهم، بمقتضى حق النقض المطلق، سلطة إبطال مفعول أي اقتراح يقترحه الباقون كلهم، وإنهاء أي دورة، أوأي ديت منتخب، إذا شاء. أما الملك فينتخبه الديت، وهوخاضع! "مواثيق" يسقطها شرطاً لانتخابه، ولم يكن في استطاعته حتى يتبع أي سياسة طويلة المدى وهومطمئن أقل اطمئنان إلى توريث تاجه لذريته أوتلقى التأييد المتصل.وقد طالب النبلاء بهذه السلطة غير المقيدة على التشريع لأن كلاً منهم أراد حتىقد يكون مطلق الحرية في السيطرة على أراضيه وأقنانه. ولكن التقييد وروح الحرية، فما إذا تصبح الحرية مطلقة حتى تقضي عليها الفوضى، وتاريخ بولندة بعد جان سوبيسكي كان سجلاً للفوضى.

وكان أكثر الأرض يغرسه أقنان يرسفون في قيود ذل إقطاعي لا مغيث لهم منه. وكان السيد الإقطاعي أحياناً رفيقاً بهم، ولكنه كان دائماً مطلق السلطة. وأما أقنانه فلم يدينوا له فقط بجزء المحصول الذي يقدره ويطالبهم به، بل كان لزاماً عليهم أيضاً حتى يعطوه من كدهم، دون أجر، عمل يومين أوثلاثة في ضيعته جميع أسبوع. ومن حسن الحظ حتى الأرض الجيدة الري كانت خصبة، فوجد الفلاحون ما يكفي لإقامة أودهم، ولكن كوكس وصفهم بأنهم "أشد فقراً وذلاً وشقاءً من أي شعب لاحظناه في رحلاتنا"(1). وكان سادتهم المحليون هم الطبقة الدنيا من النبلاء أوصغار الأعيان (شلاختاً)، وهؤلاء الملاك بدورهم كانوا خاضعين لنحومائة من الأقطاب الذين يملكون أويشرفون على مساحات شاسعة. وكان صغار الأعيان يشغلون معظم الوظائف التطبيقية في الدولة، وهم من الناحية النظرية يؤلفون الغالبية في مجلس السجم، ولكن السياسة البولندية كانت من الناحية العملية صراعاً بين الأقطاب أوأسرهم، الذين يتلاعبون بمجموعات من صغار الأعيان مستعينين بالنفوذ الاقتصادي أوالرشوة المباشرة(2).

وظلت الأسرة في بولندة تحتفظ بأفضليتها البدائية على الدولة. فكان آل رادزيفل، وآل بوتوكي، وآل تشارتوريسكي، جميع منهم يترابط أفراده بعاطفة من التماسك الأسري أوثق من أي رباط قومي؛ هنا كان حب الوطن هوحرفياً احترام الأب وتبجيله، والأب الأكبر سناً فوق جميع شيء. وكانت الأسرة قوية كنظام أومؤسسة، لأنها كانت وحدة الإنتاج الاقتصادي والتهذيب الأخلاقي، فلم يكن هناك نزعة فردانية اقتصادية تشتت الأبناء في أراتى الوطن؛ والابن يقيم عادة في الضيعة الموروثة، خاضعاً لأمر أبيه ما دام الأب حياً. وزكت الأسرة بفضل وحدة السلطة، هذه الوحدة ذاتها الذي أضعف الدولة افتقادها. وكانت جميع ثروة الأسرة تحت إشراف أبوي ممركز، وفي كثير من الحالات كانت تزداد من عام إلى عام بفضل أرباح الاستغلال والتصدير المعاد استثمارها من جديد، وفي حالات عديدة فاقت ثروة الملك نفسه. وكان عشرون أسرة بولندية في القرن الثامن عشر ينفق جميع منها أكثر من 200.000 جنيه في العام على البيت(3). وكانت الأسرة القوية تسمى بيتها بلاطاً، له مستخدموه، وجيشه الخاص، وخدمه الكثيرون، ومظاهر الأبهة الشبيهة بأبهة الملوك؛ من ذلك حتى الأمير كارول رادزيفيل، الذي بلغت مساحة أرضه نصف مساحة بولندة، أولم في 1789 وليمة لأربعة آلاف ضيف كلفته مليوناً من الماركات(4).

أما أشهر الأسر البولندية قاطبة-والتي بلغ من شهرتها أنها كانت تعهد باسم "الأسرة" فقط-فهي أسرة تشارتوريسكي. فقد تبوأت مرتبة الإمارة منذ القرن الخامس عشر، واتصلت بصلة القرابة ببيت جاجيللو، الذي حكم بولندة من 1384 إلى 1572. وقد تزوج الأمير كازيميرز تشارتوريسكي (مات 1741)، نائب مستشار لتوانيا، بايزابللا مورستن، التي أضافت دفعة جديدة من الثقافة الفرنسية إلى الأسرة. وأنجب منها ثلاثة من المشاهير هم: (1) فردريك ميشال تشارتوريسكي، الذي أصبح كبير مستشاري لتوانيا، (2) ألكسندر أوغسطس تشارتوريسكي، الذي أصبح أمير بالاتين لـ "روسيا الحمراء"، (3) قنسطنطنياً التي تزوجت ستانسلاس بونياتوفسكي الأول، وولدت له بونياتوفسكي الثاني، وهوالشخصية المأساوية الكبرى في التاريخ البولندي.

ومن مفاخر آل تشارتوريسكي فوق ما تميزوا به حتى نزعتهم التحررية نمت بنموثروتهم. فقد طالما عهدوا بترفقهم بأقنانهم؛ نطق أحد معاصريهم "لوأنني ولدت قناً لوددت حتى أكون قناً للأمير ألكسندر أوغسطس تشارتوريسكي"(5). فأنشأوا المدارس للأطفال، وزودوهم بالخط المدرسية، وبنوا الكنائس والمستشفيات والأكواخ النموذجية. ثم جلبوا إلى ضيعتهم وقصرهم في بولافي (قرب لوبلين) مفهمين ودارسين دربوا الشباب أياً كانت طبقتهم، على خدمة الدولة. أما من الناحية السياسية فإن الأسرة عارضت حق النقض المطلق لأنه من شأنه حتى يجعل الحكم الفعال ضرباً من المحال. واتحدت ضدهم أسر كثيرة شعرت بأن حق النقض هوحاميها الأوحد من الأوتقراطية الممركزة. وكان أقواها أسرة بوتوكي، وزعيمها الأمير فيلكس بوتوكي، الذي كان في استطاعته حتى يركب ثلاثين ميلاً في اتجاه واحد دون حتى يجاوز أرضه-ثلاثة ملايين من الأفدنة في أوكرانيا.

أما الصناعة والتجارة، اللتان شاركتا في القرن السادس عشر في جعل بولندة قطراً عظيماً وفي إثراء مدنها، فقد عطلتهما خصومة ملاك الأرض ومجلسهم النيابي المطيع. فكانت مدن كثيرة بأسرها تقع في نطاق الملكية الخاصة لقطب من الأعيان آثر الزراعة على الصناعة مخافة حتى تنشأ طبقة وسطى مستقلة. وكانت منافسة الحرف اليدوية التي ينتجها الأقنان في الضياع قد جرت الكساد على مهرة الصناع في المدن. خط انطوني بوتوكي في 1744 يقول "إن خراب المدن ظاهر للعيان حتى حتى كبرياتها في الدولة-باستثناء وارسودون غيرها-أشبه بأوكار اللصوص"(6). ففي مدينة لفوف مثلاً كثر النجيل في الشوارع، وأصبحت بعض ميادينها حقولاً مفتوحاً، ومدينة كاراكاوالتي كانت يوماً ما من أعظم المراكز الثقافية في أوربا هبط عدد سكانها إلى تسعة آلاف، وعدد الطلاب في جامعتها الشهيرة إلى ستمائة(7).

ويرجع بعض ما أصاب المدن من انحلال إلى عودة الكاثوليك إلى غزوبولندة. فقد كان كثير من البروتستنت المطرودين تجاراً أوصناعاً مهرة، وقد هجر تقلص عددهم في جميع أراتى بولندة إلا غربيها (حيث بقي ألمان كثيرون) للمسرح البولندي لملاك الأرض، وكان هؤلاء من الكاثوليك الرومان، أوفي الشرق من الروم الأرثوذكس أوالموحدين (وهم كاثوليك يمارسون الطقوس الشرقية ولكنهم يعترفون بابا روما).

وكان المنشقون أوالمخالفون- من البروتستنت والروم الأرثوذكس واليهود، وجملتهم ثمانية في المائة من السكان-محرومين من الوظائف العامة ومن عضوية الديت، وكل النادىوي المرفوعة ضدهم بنظرها محاكم كاثوليكية خالصة(8). وقد بلغت الخصومة الدينية مبلغاً دفع الجماهير عام 1724، في مدينة تورون (ثورن) التي كان أكثر أهلها من البروتستنت، إلى حتى تنتهك قدسية القربان وتدوس على صورة العذراء بعد حتى أثار غضبها الشديد مسلك طالب يسوعي. وقدأعدم تسعة من هؤلاء المغيرين. واستنجد بروتستنت بولندة ببروسيا، والروم الأرثوذكس بالروسيا، وعرضت بروسيا وروسيا الحماية، ومنها تقدمتا الغزووالتقسيم.

أما أخلاق البولنديين فقد شابهت الأخلاق الألمانية على المائدة، والفرنسية في الفراش. وقد أكره الفلاحين على الاكتفاء بالزوجة الواحدة عكوفهم على الأرض والنسل، ولكن هذا الاكتفاء كان عسيراً في العاصمة لجمال النساء و"سلوكهن المغري"(9)، هؤلاء النساء اللاتي لم يسمحن لتعليمهن الأرقى بأن يقف عقبة في طريق فتنتهن. ويروي حتى نساء الطبقة الراقية في وارسوكن من الناحية الجنسية منحلات كنساء باريس(10). ويؤكد لنا بوتياتوفسكي أنه كان بكراً حتى الثانية والعشرين(11)، ولكنه يضيف حتى هذه العفة كانت شاذة في طبقته-وكان السكر متوطناً لا يعهد الفوارق بين الطبقات. فهوبين الفلاحين أنساهم في نشوته ما يعانون من فقر أومشقة أوبرد، أما النبلاء فقد سرى عنهم ما يعانون من العزلة والسأم، وفي جميع الطبقات كان الذكور ينظرون إليه لا على أنه رذيلة بل مظهر من مظاهر التيمز. وقد كرم القوم يان كومارتشفسكي لأنه استطاع حتى يفرغ في جوفة دلواً من الشبانيا في جرعة واحدة دون حتى يدور رأسه أوتخونه قدماه. وقد نبه القوم بونياتوفسكي إلى أنه لنقد يكون محبوباً ما لم يثمل بالشراب مرتين في الأسبوع(12). وكان إكرام الضيف عادة شائعة بين الجميع، ولكن كان يقاس بمقدار الطعام والشراب الذي كان يقدم للضيف. وقد يحدث حتى يرهن أحد الأقطاب مدينة يملكها ليدفع نفقات مأدبة.


وكان البولنديون المثقفون يضفون على المشهد رونقاً بأزيائهم. أما الفلاح فكان في الصيف يقنع بالقميص والسراويل إلى الركبة من التيل الخشن، دون جوارب طويلة أوحذاء. وفي الشتاء يدثر نفسه كالحزمة دون مراعاة للون، ولا وقت للزينة، وأما الأعيان الذين يعدون نحو725.000 فلباسهم الحذاء الطويل والسيف والقبعة ذاتالريشة والرداء الملون من الحرير أوالمخرمات، ثم حول الخصر حزام عريض من النسيج المنقوش ذي الألوان الكثيرة. وهذا الزي الذي اعتزوا بقوميته نقلوه عن المسلمين نتيجة اتصال اللتوانيين بالأتراك في أوكرانيا، وقد عكس ما كان يحدث أحياناً من تحالف بين بولندة وهجريا ضد النمسا أوروسيا، وربما عبر عن نصر آسيوي في عادات البولنديين وأخلاقهم.

أما من الناحية الثقافية فقد عطل بولندة من 1697 إلى 1763 عدم مبالاة ملوكها السكسون بالأدب والفن السلافيين، كما عطلها حربان مدمران. ولم تكن الكنيسة الكاثوليكية هم راع للفنون فحسب، بل إنها كانت الموزع للتعليم والأمين الأكبر على نفائس الثقافة والأدب. وقد فرضت حجراً دقيقاً على بولندة يقيها حركة الفهم والفلسفة في الغرب، ولكنها في نطاق حدودها نشرت الفهم ونمتها. من ذلك حتى جوزيف زالوسكي أسقف كييف جمع 200.000 مجلد في وارسولمخطته التي تعد من أعظم مخطات العصر، وفي 1748 فتحها للجمهور وأهداها للأمة؛ وكان أثناء ذلك يحيا حياة الزهد، وقد ضحى بنفسه في الصراع الناشب ليحفظ على بولندة استقلالها.

وهوالذي وجه القسيس الشاب المتطلع، ستانسلاس كونارسكي، إلى دراسة التاريخ والقانون وفي 1731 أصدر كونارسكي المجلد الأول من أربعة مجلدات جمعت ونسقت القانون البولندي من كازيمير الأكبر حتى وقته. هذه الأبحاث وغيرها كشف لكونارسكي عن مدى سقوط بولندة المخزن من حالة الازدهار الذي شهدته أيام النهضة الأوربية. وقد اقتنع بأن البعث لن يأتي إلا من القمة، لذلك أنشأ في وارسو(1740) "كلية للنبلاء" يتلقى فيها شباب الأشراف تعليماً لا يقتصر على الرياضة واللغات والآداب الكلاسيكية (التي أجاد اليسوعيون تدريسها)، بل يضم العلوم الطبيعية واللغات الحديثة. وكان هذا عملاً بطولياً، لأنه لم يكن لديه مال ولاخط، ولا مفهمون ولا تلاميذ، ومع ذلك فقد جعل من كلية النبلاء هذه بعد خمسة عشر عاماً من الكد معهداً ذائع الصيت مرموقاً، وأحد المنابع للإحياء الثقافي في عهد بونياتوفسكي ولدستور 1791 المستنير. وقد نادى لإصلاح اللغة البولندية تخليصاً لها من العبارات اللاتينية والبلاغة المزوقة؛ واحتجت الأمة، ولكنها تفهمت. ثم توج كونارسكي أعماله بإصداره في بولندة (1760-63) أبرز رسالة سياسية في القرن، تحمل هذا العنوان البريء، "في التسيير الفعال لدفة المناقشات" ولكنها احتوت ثورة شعواء على حق النقض المطلق. وهنا أيضاً ارتفعت الاحتجاجات الكثيرة ولكن بعد عام 1764 لم يحل "ديت" بحق النقض. وبمعونة كونارسكي بدأ يونياتوفسكي إصلاح الدستور البولندي.

وقبل ذلك الإحياء الرائع المتبتر عانت بولندة سبعة عشر عاماً من الفوضى والعار والاضمحلال تحت حكم الملوك السكسون.


الاتحاد الشخصي الكومنولثي-السكسوني؛ والحرب الشمالية العظمى

الملوك السكسون 1697-1763
The Polish–Lithuanian Commonwealth in 1701

تخطى الديت البولندي ابن سوبيسكي العظيم ليعطي تاج بولندة لفردريك أوغسطس، ناخب سكسونيا الذي ولج في الممضى الكاثوليكي بين عشية وضحاها ليصبح أوغسطس الثاني (أي القوي) ملك بولندة، وكيف ولى شارل الثاني عشر ملك السويد مكانه ستانسلاس لشتشز نسكي (1704)، وكيف أتاحت هزيمة شارل في بلطاوة (1709) لأوغسطس حتى يستعيد عرشه، وقد تمتع بالقليل من السلطات التشريعية التي كان يتمتع بها ملوك القرن الثامن عشر، ولكن بكل امتيازات الملوك الجنسية. فلما فشل في حكم بولندة رد حبه إلى سكسونيا، فجمل درسدن، وأترع جوفه بالجعة، وأفرغ عافيته بالخليلات، ثم أضاف الإهانة إلى الأذى باتخاذه واحدة فقط من هؤلاء الخليلات من بين حسان بولندة. وفي أخريات عهده وضع خطة لتقسيم بولندة بين النمس وبروسيا وسكسونيا، ولكنه توفي (1 فبراير 1733) قبل حتى ينفذ تدبيره الشرير. وقد نطق على فراش الموت، "إن حياتي كلها كانت خطيئة متصلة"(14).

Augustus II the Strong

وفي فترة خلوالعرش التي تلت ذلك خلال تجميع ديت انتخابي، أغدق المبعوثون الفرنسيون المال ليكسبوا نواباً يعملون على إعادة لشتشزنسكي. وكان ستانسلاس منذ خلعه يعيش في الألزاس مستمتعاً بالسلام والأمل. وفي 1725 أصبحت ابنته ماري ملكة على فرنسا بزقابلا من لويس الخامس عشر، وتسقط لويس الآن حتى يتبع حموه، متى رد إلى عرشه، السياسة الفرنسية، سياسة توحيد بولندة وبروسيا وهجريا في صف واحد يضرب نطاقاً حول النمسا. وشعرت الحكومة الروسية بأن حلفاً كهذا من شأنه إضعافها في صراعاتها المحتومة مع هجريا وبروسيا، فبادرت بإرسال الروبلات إلى وارسولتمنع انتخاب لشتشزنسكي. ولكن الجنيهات الفرنسية كانت أثقل من الروبلات الروسية، وفيعشرة سبتمبر 1733 أصبح لشتشزنسكي ملكاً على بوليدة باسم ستانسلاس الأول. ورفضت أقلية الاعتراف بانتخابه، ووضعت نفسها تحت حماية جيش روسي زحف على الفستولا ونادى بالناخب السكسوني ملكاً على بولندة باسم أوغسطس الثالث (6 أكتوبر). إلى غير ذلك بدأت حرب الوراثة البولندية، وبدأ أول تدخل حاسم لروسيا في شئون بولندة وبحث ستانسلاس عن جيش بولندة يدافع عنه، فلم يجد جيشاً إلا على الورق، ففر إلى دانتزج واستنجد بفرنسا. وكان يرأس الحكومة الفرنسية آنذاك الكردينال فلوري، ولم يكن به رغبة لخوض حرب مع روسيا النائية، فأوفد مفرزة من 2.400 جندي سحقها الروس بجيش من اثني عشر ألف مقاتل. وفر ستانسلاس من دانتزج واعتكف في اللورين. وفي يناير 1736 سقط على تنازله العرش، وفي يوليواعترف بأوغسطس الثالث ملكاً.


Kazimierz Jan Sapieha was defeated by Lithuanian rivals in 1700; his kin served Charles XII of Sweden in an attempt to regain influence
Stanisław Leszczyński
Battle of Kalisz 1706
Russia's extensive involvement in the affairs of the Polish–Lithuanian Commonwealth began with Tsar Peter I the Great
Stanisław Ledóchowski was the influential marshal of the Tarnogród Confederation and of the Silent Sejm

ولكنه لم يكن أصلح من لشتشزنسكي لقيادة أمة ركبت الفوضى في صميم دستورها. وتعاون فترة مع آل تشارتوريسكي في محاولات لإنهاء حتى النقض، فاستخدمت أسرة بوتوكي الفيتوالمرة بعد المرة للاحتفاظ بهذا الحق، وأخيراً يئس أوغسطس وأخلد إلى الدعة في درسدن، ولم يزر بولندة إلا لماماً. واستمر الفساد واستشرى، وشارك الملك فيه إذا ألفى نفسه عاجزاً عن وقفه، وباع المناصب لمن يدفع فيها أغلى الأثمان. وهيمن الأقطاب على المحاكم والقوات المسلحة، وتفاوضوا رأساً من الدول الأجنبية وتلقوا منها الإعانات المالية(15). وناورت فرنسا والنمسا وبروسيا وروسيا لترى أيها يستطيع الظفر بنصيب الأسد من انحلال دولة بولندة الوشيك.

The Sieniawski family of Polish nobles; Stanisław Ernest Denhoff first, Lubomirska third from the left
Adam Mikołaj Sieniawski

وقبل موت أوغسطس الثالث (5 أكتوبر 1763) وبعده تذرعت المنافسة على تعيين خلفه والتسلط عليه بكل حيلة دبلوماسية حتى وصلت إلى شفا الحرب. فطالب آل بوتوكي بجيش دائم عدته 100.000 مقاتل ليحمي بولندة من السيطرة الأجنبية، أما آل تشارتوريسكي فقد راضوا أنفسهم على حتى تكون بولندة محمية روسية، وتفاوضوا مع كاترين الثانية. وادعت روسيا لنفسها الحق في حماية الأقلية الرومية الأرثوذكسية في بولندة، ومدت ذاكرتها إلى الماضي البعيد لتتذكر حتى أنطقيم بولندة الشرقية انتزعها من روسيا سانت فلاديمير (956-1015) قبل ثمانمائة سنة. أما فرنسا فقد ناصرت ابن أوغسطس الثالث خلفاً له، فلوحتى روسيا سيطرت على بولندة لأنهار صرح السياسة الخارجية الفرنسية كله في الشرق. وأما فردريك الأكبر الذي كان قد اختتم لتوه سبع سنين من الحرب الطاحنة مع فرنسا والنمسا، فقد كان في حاجة إلى صداقة كاترين التي نجا من الكارثة بإذنها، ووافق على حتى يؤيد مرشحها للتاج البولندي، ثم أبرم معها (11 أبريل 1764) معاهدة تلزم الطرفين سراً بمعارضة أي تغييرات في دستور بولندة أوالسويد، مخافة حتى تقضي أي زيادة ف سلطة الملك إلى جعل أحد هذين القطرين أوكليهما قوياً إلى حد خطر؛ إلى غير ذلك اعتزما الدفاع عن الفوضى باسم الحرية. وهدأت كاترين مخاوف آل تشارتوريسكي بوعدها باختزال حق النقض المطلق بعد حتى تستقر الأمور في نصابها، وباختيارها محسوباً من هذه الأسرة مرشحاً للعرش. وفيسبعة سبتمبر 1764، وباختيارها محسوباً من هذه الأسرة مرشحاً للعرش. وفيسبعة سبتمبر 1764، وبإجماع آراء "ديت" أقنعته الروبلات، وجيش روسي لا يبعد عنه أكثر من ثلاثة أميال، اختير ستانسلاس بونياتوفسكي ليتبوأ عرش بولندة.


انظر أيضاً

  • الكومنولث الپولندي-اللتواني
  • تاريخ پولندا (1569–1795)

الهامش

  1. ^ Józef Andrzej Gierowski – Historia Polski 1505–1764 (History of Poland 1505–1764), Państwowe Wydawnictwo Naukowe (Polish Scientific Publishers PWN), Warszawa 1986, ISBN 83-01-03732-6, p. 174-301

المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

تاريخ النشر: 2020-06-04 10:52:44
التصنيفات: Portal templates with all redlinked portals, Pages with citations using unsupported parameters, تاريخ پولندا, الكومنولث الپولندي-اللتواني

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تاس: روسيا ستطالب بعقد جلسة لمجلس الأمن لبحث الهجوم بموسكو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:50
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

منتخب إسبانيا يسقط أمام كولومبيا بهدف نظيف وديا.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:31
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 48%

مجهولون يعتدون على الدولي السابق "حمزة بورزوق" بالبيضاء

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:15
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 75%

إعلام روسي: تقارير أولية حول فرار منفذي هجوم موسكو في سيارة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:39
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 64%

عاجل .. الكشف عن تشكيلة المنتخب الوطني أمام انغولا

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:24
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 76%

صور ترسم حلم الجنة فى الحلقة الـ12 من مسلسل الحشاشين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:25
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 38%

النصر تقضي يوما مع سكان الشيقارة بأعالي ميلة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:24:15
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 57%

صدمة وتعاطف مع الأميرة كيت بعد إعلان إصابتها بالسرطان

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:22
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 75%

مشروع تهيئة طابق أرضي "يشعلها" بـ"CHU" مراكش

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:18
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 83%

قصف روسي على أوكرانيا يقطع التيار الكهربائي ويخلف 5 قتلى عل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:55
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

أخبار × 24 ساعة.. التضامن: مراجعة بطاقات تكافل وكرامة الموقوفة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:22
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 44%

في أول اختبار للسكتيوي..المنتخب الأولمبي ينهزم وديا أمام أوكرانيا

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:26
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 71%

أحمد حسن: فوز معنوى لمنتخب مصر وجيد فى هذا التوقيت

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:29
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 36%

دول عربية تدين الهجوم الإرهابي على قاعة حفلات موسيقية بضواحي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

بالفيديو.. لحظة الهجوم على قاعة حفلات موسيقية بضواحي موسكو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:22:33
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

إعلام حوثي: 5 غارات أمريكية بريطانية استهدفت مديرية المنيرة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

رويترز: تنظيم الدولة يتبنى الهجوم الإرهابي على مسرح الحفلات

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-23 00:23:07
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

تحميل تطبيق المنصة العربية