الحاج The Pilgrimage (بالپرتغالية: O Diário de Um Mago، "Diary of a Mage") أوحاج كومپوستيلا، هي رواية نشرت عام 1987 للروائي البرازيلي پاولوكويلو.

مقدمة

رواية الحاج هي ثالث عمل پاولوكويلووالتي صدرت عام 1987؛ أي قبل عام واحد فقط من صدور أشهر رواياته الخيميائي. عمله الأول كان أرشيف الجحيم، وقد نفد ولم تُعد طباعته حتى الآن، والعمل الثاني له هوالدليل العملي للفامبيرية وقد سُحب لأنه بدا لكويلوحتى العمل لم ينجح في إيصال رسالته.

تحتل رواية حاج كومپوستيلا مكانه مميّزه بين روايات كويلو؛ وذلك لأن من خلالها يستطيع القراء حتى يفهموا باقي أعماله بشكل أفضل، هذه الرواية تقدّم لنا الفلسفة الأولية والأساسية التي ينظر من خلالها كويلوللحياة ككل؛ وتقدم لنا أيضاً الرحلة التي أسفرت عنها هذه الفلسفة الروحانية، البسيطة، الخلابة، والتي تجلّت بعد ذلك في جميع رواياته؛ تلك الروايات التي بيع منها أكثر من مئة مليون نسخة في مئة وخمسين دولة بستة وستين لغة. الشيء الآخر الذي يميّز هذه الرواية هوأنها تحمل قدراً حقيقياً من حياة كويلوكما لم تحمله أي رواية أخرى له؛ بل إنه في هذه الرواية هوشخصية الرواية الرئيسية.

أحداث الرواية

في ليلة الثاني من يناير من عام 1986، وفوق قمم جبال سيرا دومار الموجودة في الجنوب الغربي للبرازيل بموازاة المحيط الأطلسي، تبدأ أحداث هذه الرواية.

فوق تلك الجبال كانت تجري طقوس ترقية كويلوإلى رتبة جديدة ضمن أخوية اسمها رام RAM، والتي كان عضواً فيها منذ عشر سنوات. ورام – كما يقول كويلوعبر مسقطه على الإنترنت - هي أخوية مسيحية أسُست عام 1942، غرضها الأساسي هودراسة اللغة الرمزية للعالم، وأسمها هواختصار لـ (regnum, agnus, mundi) وتعنى الصرامة، الحب، الرحمة. في أخوية رامقد يكون لكل عضوسيف خاص برتبته، وتنصّ تعاليم الأخوية أنه أثناء طقوس ترقية أحد الأعضاء يجب حتى يَدفن سيفه القديم، ومن ثم يُعطى السيف الجديد الخاص برتبته الجديدة.

أثناء مراسم ترقية كويلو، جثى على الأرض أمام الجميع ودفن سيفه القديم، ومن ثم حمل يده لمفهمه كي يستلم السيف الجديد، لكن ما حتى لمس الغمد، حتى تقدم مفهمه خطوة للأمام وداس أصابعه بقسوة وأبعد السيف عنه، ونطق له أنه لا يستحق السيف الجديد ولن يستعيد السيف القديم؛ لأنه متعجرف، ويعتقد حتى طريق الأخوية هي طريق لناس معيّنين مختارين، بينما هي طريق للجميع.

تنتهي المراسم بهذا الفشل الذريع لكويلو، وبعد نهايتها تجئ له زوجته، والتي كانت موجودة أثناء ذلك، وتقول له حتى المفهم نطق لها أنه يفترض أن يخبئ السيف, الذي كان من المفروض حتى يناله، على طريق قديم قروسطي في أسبانيا، وأن على كويلوحتى يبتر هذا الطريق بحثا عنه، واسم هذا الطريق هومار يعقوب.

بعد سبعة أشهر، وبعد كثير من التردد، قرّر كويلوحتى يفترض أن يبتر طريق مار يعقوب بحثاً عن سيفه. يسافر بعدها من البرازيل لجنوب فرنسا، ويلتقي هناك بتروس، وهواسم مستعار لعضوآخر في جمعية رام، والذي يصير دليلاً ومرشداً لكويلوفي هذا الطريق الذي يمتد من جنوب فرنسا وحتى شمال غرب أسبانيا بمسافة تتجاوز السبعمائة كيلومتر.

وتبدأ رحلة البحث عن السيف، وفي أثناء هذه الرحلة، يكتشف كويلو، من خلال الطريق الذي يعبره، ومن خلال مرشده بتروس، معاني جديدة رائعة وملهمة للحياة وللموت وللحب وللزواج وللورع وللامتثال وللجنون وللتواضع وللفوز وللشجاعة .. وغيرها الكثير .. يكتشف باولوهذه المعاني بطريقة ذات تسلسل منطقي جذاب وكأن رحلة سفره ما هي إلا رحلة حياة مصغره؛ في هذه الرواية نرى كويلو، وعلى عكس باقي رواياته، يأخذ دور التلميذ.

يتعلّم كويلوأيضاً من خلال مرشده الكثير من تمارين أخوية رام، وهي تعبير عن تمارين بسيطة ذات طابع تأملي، والغاية من هذه التمارين هي تعزيز قوة حدس المتدرب. يقول المرشد بتروس عن هذه التمارين بأنها بسيطة لدرجة حتى الناس الذين ألفوا تعقيد الحياة لن يولوها اهتماماً. وقد وصف باولوهذه التمارين بالتفصيل في هذه الرواية، وسوف يجد القارئ حتى بعض هذه التمارين جدير بالممارسة عملاً.

فلسفة كويلو

فلسفة كويلو، وفلسفة هذا العمل، تنصّ على حتى جميع ما خارق واستثنائي موجود في طريق الناس العاديين؛ لا فائدة من حتى يبحث أحدهم عن أسرار لا يعهدها الباقين، أوحتى يدعي أنه ينتمي لنخبة المجتمع، أويتظاهر أنه يمثّل الطبقة المثقفة دون الدهماء، أوحتى يحاول حتى يتقمّص دور الصفي أوالنبيل أوالخاص؛ لأن ما نعتقد أننا نملكه وحدنا لا قيمة له ما لم نتقاسمه مع سائر البشر.

لفلسفة هذا العمل انعكاس واضح جداً على سائر أعمال كويلو؛ فتجد حتى أبطال قصصه هم الناس البسطاء، فتارة تجد راعي غنم، وتارة تجد نادلة في حانة، وتارة تجد عاهرة، وتارة تجد فتاة من دولة شرق أوروبية مغمورة لا شيء مميز فيها سوى أنها حاولت حتى تنتحر. أيضاً كان لهذه الفلسفة أثر في طريقة كتابة كويلونفسها، فتجد حتى حبكات رواياته سلسة، وأفكاره واضحة، وتعابيره سهله, وحدثاته بسيطة.

يعتقد الكثير من القراء حتى كويلوكرّر نفسه في جميع من رواية الحاج ورواية الخيميائي؛ نظراً لأن كلتاهما تدوران حول البحث والسفر، بالإضافة إلى حتى أسبانيا شكلت مسرحاً مهماً لكل من الروايتين. في الحقيقة إذا هذا الاعتقاد غير سليم؛ لأن الخيميائي رواية عن الوجهة أوالهدف، بينما حاج كومبوستيلا رواية عن الطريق نفسه. في الخيميائي كان هدف الراعي - كنزه – هوالذي يعلّمه، بينما في حاج كومبوستيلا كان الطريق الذي يسلكه كويلوللحصول على سيفه – بالإضافة لمرشده - هوالذي يعلّمه.

بالنسبة للطريق الذي سلكه كويلوفي هذه الرواية، طريق مار يعقوب، فهوأحد طرق الحج الرئيسية في المسيحية، وليس لهذا الطريق مسلك واحد محدد، ولكن له عدة مسارات تنتهي كلها عند قبر القديس جيمس والذي يُعتقد بوجوده عند كاتدرائية اسمها سانتياگودي كومپوستيلا الموجودة في محافظة اسبانية تحمل نفس الاسم، وهي عاصمة منطقة جليقة الموجودة في الشمال الغربي من الجزيرة الأيبيرية، وقد عهدت هذه المحافظة في التاريخ الإسلامي بشانت ياقب.

طريق مار يعقوب يعهد أيضا باسم طريق المجرة، لأن الحجاج كانوا يستدلّون بالنجوم أثناء عبوره، وعند الأسبان يعهد هذا الطريق باسم طريق سانتياگو، واسم سانتياگوفي الاسبانية ينقسم لقسمين، الأول هوسان، ويعني قديس، والثاني هوياگوأودياگو، وهوالاسم اللقاء للاسم العبري يعقوب، وليعقوب في الانجليزية عدة أسماء تقابله منها جيمس ومنها أيضا جاك وجيكوب وجيم.

بالنسبة لحدثة كومپوستيلا، فهي حدثة ذات أصل لاتيني، وتعني حقل النجمة، وسبب هذه التسمية الغريبة هوأنه بعدما قُتل القديس جيمس، دُفن في مكان ما من اسبانيا، وظل هذا المكان مجهولاً حتى رأى احد الرعيان – كما يُنطق – نجمة تسقط في احد الحقول لتدله على مكان دفن القديس، ليٌبنى فوق ذلك الحقل الكنيسة التي تعهد الآن باسم كنيسة سانتياگودي كومپوستيلا، وتنشأ المدينة المعروفة الآن بسانتياگودي كومپوستيلا أي حقل نجمة القديس جيمس.

هذه المعالم المسيحية الموجودة في الرواية، توهم بعض القراء حتى الرواية تبشيرية، لكن الحقيقة حتى هذا غير سليم؛ الفكرة من اجتياز طريق مار يعقوب هي اجتياز طريق يسلكه آلاف الناس عبر مئات السنين، أي طريق عادي، طريق ليس لفئة معينة أولعلية قوم؛ الفكرة ليست دينية البتة.

كان لهذه الرحلة تأثير قوي جداً على كويلو، بل إنها تعتبر منعطفاً هاماً – أومن الممكن الأهم – في حياته، حتى إنه إذا سؤل: “من أنت؟” يجيب: “أنا حاج”. ويقول أيضا: “الحياة ذاتها تعبير عن رحلة حج، إذ إذا جميع يوم يختلف عن الآخر، وبإمكانك حتى تحظى بلحظة ساحرة يومياً، غير أننا لا نرى الفرص السانحة لنا … كلنا في حالة من السفر والحج، شئنا أم أبينا ذلك. والغاية، أوالسانتياغوالحقيقي، هوالموت”.

مدونة الحاج

في عام 2006، وكاحتفال بمرور عشرين عاماً على صدور رواية حاج كومپوستيلا، قرّر كويلوحتى يقوم ببتر طريق مار يعقوب مرة أخرى، وقد أنشاء مدوّنة على الإنترنت لينقل هذه التجربة للقراء أثناء حدوثها.

ترجمة الرواية

النسخة العربية، الصادرة من شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ذات ترجمة رائعة، أتقدم هنا بالشكر الجزيل للأستاذة ماريا طوق لهذه الترجمة المميزة. أتمنى فقط من شركة المطبوعات للتوزيع والنشر حتى تضيف فهرس لفصول هذه الرواية كما هوموجود في النسخة الإنجليزية.

انظر أيضاً

• قـَسـَم سانتياگو
• طريق القديس جيمس

المصادر

وصلات خارجية

• مدونة الحاج