هليودورس الحمصي
هليودورس الحمصي من حمص () هومحرر يوناني من حمص، من القرن الثالث الميلادي. اشتهر برواية يونانية قديمة هي إثيوپيكا (السيرة الإثيوپية)، وأحياناً تسمى "ثياجينس وخاركليا".
وحسب سيرته الذاتية فإن والده كان يدعى "ثيودوسيوس" وكان من عائلة لكهنة إله الشمس. أما سقراط المدرسي (القرن 5) فقد عرَّف مؤلف إثيوپيكا بأنه هليودورس، أسقف تريكـّا. نقفور كالستوس (القرن 14) يقول حتى الرواية خطها هليودورس قبل حتى يعتنق المسيحية. وأنه حين خـُيـِّر بين التبرؤ منها أوهجر الأسقفية، فقد فضل الاستنطقة. معظم الباحثين يرفضون التعريف الأخير.
هليودوروس Heliodoros الحمصي أحد كبار الأدباء الذين أنجبتهم سورية في العصر الروماني، ومؤلف أشهر رواية عهدتها الآداب الإغريقية والرومانية القديمة المعروفة باسم «الإثيوبية» Aithiopika. لا يعهد عنه من الأخبار الموثوقة إلا ما اتى على لسانه في آخر الرواية إذ يقول «ألفها رجل فينيقي حمصي إنه هليودوروس بن ثيودوسيوس من سلالة هليوس». وهويشير بذلك إلى ارتباط أسرته بعبادة إله الشمس، التي كان لها تنطقيد عريقة في مدينة حمص (إمِسا Emesa). ومن المعروف حتى هليوس كان إله الشمس عند الإغريق وقد تسمى به هليودوروس الذي يعني اسمه «هبة هليوس».
إثيوپيكا
تعد رواية هليودوروس أضخم رواية وصلت من العصور القديمة فهي تتألف من عشرة خط (أجزاء) تدور أحداثها في زمن السيطرة الفارسية على مصر. بطلتها خاريكليا Charikleia ابنة الملك الإثيوبي، التي ولدت بيضاء اللون فتخلصت منها أمها خوفاً من شكوك زوجها فأخذها الكهنة وجيء بها إلى مدينة دلفي في بلاد اليونان فنشأت هناك وصارت كاهنة لإله الشمس والحكمة أبولون Apollo. وفي أثناء الألعاب الدلفية تعهدت شاباً نبيلاً يدعى تياگنيس Theagenes سقط في حبها وبادلته حباً بحب. ومضىت معه في رحلة بعيدة برفقة الرجل العجوز كلازيريس Kalasiris الذي أوفدته الملكة الإثيوبية للبحث عن ابنتها. وفي طريق العودة إلى وطنها خاضت خاريكليا وصحبها سلسلة من المغامرات وتعرضت لأخطار على أيدي القراصنة الذين اختطفوهم. وأخيراً وعند اقتيادها مع تياغِنيس للتضحية بهما يتم تعهدها بوصفها ابنة الملك وتزف إلى حبيبها باحتفال ملكي كبير.
تتجلى في «الإثيوبية» السمات الأساسية المعهودة للرواية قديماً من قبيل العرض الملحمي الواسع ووضوح الوصف والمحافظة على عنصر التشويق حتى النهاية. وتعد الرواية شاهداً مهماً على القيم الأخلاقية في ذلك الوقت، فالعفاف اقتناع داخلي أصيل، والحكماء الإثيوبيون يكادون يستنكرون تقديم الضحايا البشرية، وتبدوفي مجرى أقدار البشر ظاهرة عدالة إلهية. ويتمثل هنا تأثير الشرق في تصوره السامي لإله الشمس العالمي الكامل (المرتبط بأپولون)، مثلما يتمثل في ظاهرة السحر والتنجيم والاعتقاد بالأحلام. ويظهر أيضاً دور الكهنة وطقوس عبادة الشمس في جوانب أخلاقية أخرى مثل إدانة الانتحار والابتعاد عن حب الغلمان والتوبة وطلب الغفران لأقل الذنوب. إلى غير ذلك تكتسب الرواية أهمية كبيرة على صعيد التاريخ الثقافي بوصفها جزءاً من المساعي المبذولة في ذلك الزمن لجعل هليوس الحمصي إله الامبراطورية الرومانية.
وتحفل لغة الرواية بالاستعارات الجريئة والمجازات والعناصر الفنية والبلاغية التي تصل أحياناً إلى درجة التصنع. ويتجلى فن الوصف عند هليودوروس في وصف ألعاب دلفي والطبيعة عند مصب النيل. وقد أجاد في وصف الأمور الخارجية، أما في وصف الأحاسيس والحياة الروحية فهوأقل مهارة وحيوية. ويتجلى في اقتباساته وتلميحاته الذكية اطلاعه الواسع على الأدب الإغريقي.
لقد ضمّن هليودوروس روايته جميع العناصر التقليدية المألوفة: الجمال الفائق للأبطال، الانفصال القسري للحبيبين، تعارض الأشرار والأخيار، الدسائس والمكايد، وأخيراً النهاية السعيدة. ولكن ما يحمل المؤلف فوق مستوى الروائيين القدماء الآخرين إنما هوفنه القصصي الذي لا يبارى، بسيطرته التامة على تطور حبكة الرواية. وهويدخل القارئ في جوالرواية مباشرة ويستأثر باهتمامه، فعنصر التشويق والتوتر لا ينبتر أبداً. فلا عجب إذاً حتى حظي هليودوروس بالإعجاب والتقدير لدى الأدباء البيزنطيين. وقد ورث عصر النهضة هذا الإعجاب فأثنى كبار الأدباء عليه أبلغ ثناء وصاغ شعراء كبار مثل تاسوTasso وثربانتس Cervantes بعض شخصيات أعمالهم على شاكلة شخصيات «الإثيوبية». وبعد صدور الطبعة الرئيسة لهذه الرواية عام 1547 ظهرت أعداد لا تحصى من الترجمات التي نقلتها إلى معظم اللغات الحديثة الحية، وكان لها تأثير كبير في الأدب الروائي والدرامي الأوربي والعالمي.
انظر أيضاً
روائيون يونانيون قدماء آخرون:
- خاريتون - The Loves of Chaereas and Callirhoe
- زنوفون من إفسوس - حكاية إفسوسية
- أخيل تاتيوس - ليوكيپه وكليتوفون
- لونگوس - دافنيس وكلوي
المصادر
- 4. Glenn Most, "Allegory and narrative in Heliodorus," in Simon Swain, Stephen Harrison, Jas Elsner (eds.), Severan Culture (Cambridge, Cambridge University Press, 2007).
وصلات خارجية
- Aethiopica (English translation) at Elfinspell