حصار عثمان

عودة للموسوعة

حصار عثمان

جزء من سلسلة منطقات عن
أهل السنة

عثمان بن عفان

الخلفاء الراشدون


  • نسبه
  • المبايعة
  • حصار عثمان
  • الفتنة الأولى
  • قميص عثمان

  • التواضع
  • قرآن عثمان
  • بنات خديجة

سقطت الفتنة الكبرى، أولى الفتن التي سقطت في الدولة الإسلامية، والتي أدت إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان في سنة 35 هـ، ثم أدت لاضطرابات واسعة في الدولة الإسلامية طوال خلافة علي بن أبي طالب. قام المتآمرون على قلته بضرب حصار حول بيت عثمان استمر لمدة أربعين يوما من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة.

خلفية

في السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة خرج المتآمرون على اغتال عثمان من مصر إلى ذي خشب والعراق إلى ذي المروة‏.‏ وكان سبب ذلك حتى عبد الله بن سبأ وكان يهوديًا من أهل صنعاء أمه سوداء وأسلم أيام عثمان ثم تنقل في الحجاز ثم بالبصرة ثم بالكوفة ثم بالشام يريد إضلال الناس فلم يقدر منهم على ذلك فأخرجه أهل الشام فأتى مصر فأقام فيهم ونطق لهم‏:‏ العجب ممن يصدق حتى عيسى يرجع ويكذب حتى محمدًا يرجع فوضع لهم الرجعة فقبلت منه ثم نطق لهم بعد ذلك‏:‏ إنه كان لكل نبي وصي وعلي وصي محمد فمن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووثب على وصيه وإن عثمان أخذها بغير حق فانهضوا في هذا الأمر وابدأوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا به الناس‏.‏

وبث نادىته ومحرر من استفسد في الأمصار ومحرروه ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم وصاروا يخطون إلى الأمصار بخط يضعونها في عيب ولاتهم ويخط أهل جميع مصر منهم إلى مصر آخر ما يصنعون حتى تناولوا بذلك المدينة وأوسعوا بذلك الأرض إذاعة فيقول أهل جميع مصر‏:‏ إنا لفي عافية مما ابتلي به هؤلاء إلا أهل المدينة فإنهم اتىهم ذلك عن جميع الأمصار فنطقوا‏:‏ إنا لفي عافية مما فيه الناس‏.‏

فأتوا عثمان فنطقوا‏:‏ يا أمير المؤمنين أيأتيك عن الناس الذي يأتينا فنطق‏:‏ ما اتىني إلا السلامة وأنتم شركائي وشهود المؤمنين فأشيروا علي‏.‏

نطقوا‏:‏ نشير عليك حتى تبعث رجالًا ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بأخبارهم‏.‏

فنادى محمد بن مسلمة فأوفده إلى الكوفة وأوفد أسامة بن زيد إلى البصرة وأوفد عمار

بن ياسر إلى مصر وأوفد عبد الله بن عمر إلى الشام وفرق رجالًا سواهم فرجعوا جميعًا قبل عمار فنطقوا‏:‏ ما أنكرنا شيئًا أيها الناس ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم‏.‏وتأخر عمار حتى ظنوا أنه قد اغتيل فوصل كتاب من عبد الله بن أبي سرح يذكر حتى عمارًا قد استماله قومٌ بمصر وانبتروا إليه منهم‏:‏ عبد الله بن السوداء وخالد بن ملجم وسودان بن حمران وكنانة بن بشر‏.‏

فخط عثمان إلى أهل الأمصار‏:‏ أما بعد فإني آخذ عمالي بموافاتي جميع موسم وقد حمل إلي أهل المدينة حتى أقوامًا يشتمون ويضربون فمن ادعى شيئًا من ذلك فليواف الموسم يأخذ حقه حيث كان مني أومن عمالي أوتصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين‏.‏

فلما قرىء في الأمصار بكى الناس ودعوا لعثمان‏.‏

وبعث إلى عمال الأمصار فقدموا عليه في الموسم‏:‏ عبد الله بن عامر وعبد الله بن سعد ومعاوية وأدخل معهم سعيد بن العاص وعمرًا فنطق‏:‏ ويحكم ما هذه الشكاية والإذاعة إني والله لخائف حتى تكونوا مصدوقًا عليكم وما يعصب هذا إلا بي‏!‏ فنطقوا له‏:‏ ألم تبعث ألم يرجع إليك الخبر عن العوام ألم يرجع رسلك ولم يشافههم أحد بشيء والله ما صدقوا ولا بروا ولا نفهم لهذا الأمر أصلًا ولا يحل الأخذ بهذه الإذاعة‏!‏ فنطق‏:‏ أشيروا علي‏.‏

فنطق سعيد‏:‏ هذا أمر مصنوع يلقى في السر فيتحدث به الناس ودواء ذلك طلب هؤلاء

وقتل الذين يخرج هذا من عندهم‏.‏

ونطق عبد الله بن سعد‏:‏ خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم فإنه خير من حتى تدعهم‏.‏ونطق عبد الله بن سعد‏:‏ خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم فإنه خير من حتى تدعهم‏.‏ونطق معاوية‏:‏ قد وليتني فوليت قومًا لا يأتيك عنهم إلا الخير والرجلان أفهم بناحيتيهما والرأي حسب الأدب‏.‏

ونطق عمرو‏:‏ أرى أنك قد لنت لهم ورخيت عليهم وزدتهم على ما كان يصنع عمر فأرى حتى تلزم طريقة صاحبيك فتشتد في موضع الشدة وتلين في موضع اللين‏.‏

فنطق عثمان‏:‏ قد سمعت جميع ما أشرتم به علي ولكل أمر باب يؤتى منه إذا هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن وإن بابه الذي يغلق عليه ليفتحن فنكفكه باللين والمؤاتاة إلا في حدود الله فإن فتح فلاقد يكون لأحد علي حجة حق وقد فهم الله أني لم آل الناس خيرًا وإن رحى الفتنة لدائرة فطوبى لعثمان إذا توفي ولم يحركها‏.‏

سكنوا الناس وهبوا لهم حقوقهم فإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها‏.‏

فلما نفر عثمان وشخص معاوية والأمراء معه واستقل على الطريق رجز به الحادي فنطق‏:‏ قد فهمت ضوامر المطي وضمرات عوج القسي حتى الأمير بعده علي وفي الزبير خلفٌ رضي

فنطق كعب‏:‏ كذبت بل يلي بعده صاحب البغلة الشهباء يعني معاوية فطمع فيها من يومئذٍ‏.‏

فلما قدم عثمان المدينة نادى عليًا وطلحة والزبير وعنده معاوية فحمد الله معاوية ثم نطق‏:‏ أنتم أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخيرته من خلفه وولاة أمر هذه الأمة لا يطمع فيه أحد غيركم اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع وقد كبر وولي عمره ولوانتظرتم به الهرم لكان قريبًا مع أني أرجوحتىقد يكون أكرم على الله حتى يبلغه ذلك وقد فشت منطقة خفتها عليكم فيما عتبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به ولا تطمعوا الناس في أمركم فوالله إذا طمعوا فيه لا رأيتم منها أبدًا إلا إدبارًا‏.‏

نطق علي‏:‏ ما لك ولذلك لا أم لك نطق‏:‏ دع أمي فإنها ليست بشر أمهاتكم قد أسلمت وبايعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأجبني عما أقول لك‏.‏

فنطق عثمان‏:‏ صدق ابن أخي أنا أقول لكم عني وعما وليت إذا صاحبي اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل احتسابًا وإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يعطي قرابته وأنا في رهط أهل عيلة وقلة معاش فبسطت يدي في شيء من ذلك المال لما أقوم به فيه ورأيت حتى ذلك لي فإن رأيتم ذلك خطًا فردوه فأمري لأمركم تبع‏.‏

فنطقوا‏:‏ قد أصبت وأحسنت قد أعطيت عبد الله ابن خالد بن أسيد خمسين ألفًا وأعطيت مروان خمسة عشر ألفًا‏.‏فأخذ منهما ذلك فرضوا وخرجوا ونطق معاوية لعثمان‏:‏ اخرج معي إلى الشام فإنهم على الطاعة قبل حتى يهجم عليك من لا قبل لك به‏.‏

فنطق‏:‏ لا أبيع جوار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء وإن كان فيه بتر خيط عنقي‏.‏

نطق‏:‏ فإن بعثت إليك جندًا منهم يقيم معك لنائبه إذا نابت نطق‏:‏ لا أضيق على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏فنطق‏:‏ والله لتغتالن ولتغزين‏!‏ فنطق‏:‏ حسبي الله ونعم الوكيل‏!‏ ثم خرج معاوية فمر على نفر من المهاجرين فيهم علي وطلحة والزبير وعليه ثياب السفر فقام عليهم ونطق‏:‏ إنكم قد فهمتم حتى هذا الأمر كان الناس يتغالبون عليه حتى بعث الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانوا يتفاضلون السابقة والقدمة والاجتهاد فإن أخذوا بذلك فالأمر أمرهم والناس لهم تبع وإن طلبوا الدنيا بالتغالب سلبوا ذلك ورده الله إلى غيرهم وإن الله على البدل لقادر وإني قد خلفت فيكم شيخًا فاستوصوا به خيرًا وكانفوه تكونوا أسعد منه بذلك‏.‏

ثم ودعهم ومضى‏.‏

فنطق علي‏:‏ ما كنت أرى في هذا خيرًا‏.‏

فنطق الزبير‏:‏ والله ما كان قط أعظم في صدرك وصدورنا منه اليوم‏.‏

واتعد المنحرفون عن عثمان يومًا يخرجون فيه بالأمصار جميعًا إذا سار عنها الأمراء فلم يتهيأ لهم ذلك ولما عاد الأمراء ولم يتم لهم الوثوب صاروا يمحررون في القدوم إلى المدينة لينظروا فيما يريدون ويسألوا عثمان عن أشياء لتطير في الناس‏.‏

وكان بمصر محمد بن أبي بكر ومحمد بن فلما خرج المصريون خرج فيهم عبد الرحمن بن عديس البلوي في خمسمائة وقيل‏:‏ في ألف وفيهم كنانة بن بشر الليثي وسودان بن حمران السكوني وقتيرة بن فلان السكوني وعليهم جميعًا الغافقي بن حرب العكي وخرج أهل الكوفة وفيهم زيد بن صوحان العبدي والأشتر النخعي وزياد بن النضر الحارثي وعبد الله بن الأصم العامري وهم في عداد أهل مصر وعليهم جميعًا عمروبن الأصم وخرج أهل البصرة فيهم حكيم بن جبلة العبدي وذريح بن عباد وبشر بن شريح القيسي وابن المحترش وهم بعداد أهل مصر وأميرهم حرقوص بن زهير السعدي فخرجوا جميعًا في شوال وأظهروا أنهم يريدون الحج فلما كانوا من المدينة على ثلاث تقدم ناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب وكان هواهم في طلحة وتقدم ناس من أهل الكوفة وكان هواهم في الزبير ونزلوا الأعوص واتىهم ناس من أهل مصر وكان هواهم في علي ونزلوا عامتهم بذي المروة وسار فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم ونطقا لهم‏:‏ لا تعجلوا حتى ندخل المدينة ونرتاد لكم فقد بلغنا أنهم عسكروا لنا فوالله إذا كان هذا حقًا واستحلوا قتالنا بعد فهم حالنا إذا أمرنا لباطل وإن كان الذي بلغنا باطلًا رجعنا إليكم بالخبر‏.‏

نطقوا‏:‏ امضىا‏.‏فمضىا فدخلا المدينة فلقيا أزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعليًا وطلحة والزبير فنطقا‏:‏ إنما نريد هذا البيت ونستعفي من بعض عمالنا واستأذناهم في الدخول فحدثهما أبي ونهاهما فرجعا إلى أصحابهما‏.‏

فاجتمع نفر من أهل مصر فأتوا عليًا ونفر من أهل البصرة فأتوا طلحة ونفر من أهل الكوفة فأتوا الزبير ونطق جميع فريق منهم‏:‏ إذا بايعنا صاحبنا وإلا كذبناهم وفرقنا جماعتهم ثم رجعنا عليهم حتى نبغتهم‏.‏

فأتى المصريون عليًا وهوفي عسكر عند أحجار الزيت متقلدًا سيفه وقد أوفد ابنه الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه فسلموا عليه وعرضوا عليه فصاح بهم وطردهم ونطق‏:‏ لقد فهم الصالحون حتى جيش ذي المروة وجيش ذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فانصرفوا عنه‏.‏

وأتى البصريون طلحة فنطق لهم مثل ذلك وكان قد أوفد ابنيه إلى عثمان وأتى الكوفيون الزبير فنطق لهم مثل ذلك وكان قد أوفد ابنه عبد الله إلى عثمان‏.‏

فرجعوا وتفرقوا عن ذي خشب وذي المروة والأعوص إلى عسكرهم ليتفرق أهل المدينة ثم يرجعوا إليهم‏.‏

فلما بلغوا عسكرهم تفرق أهل المدينة فرجعوا بهم فلم يشعر أهل المدينة إلا والتكبير في نواحيها ونزلوها وأحاطوا بعثمان ونطقوا‏:‏ من كف يده فهوآمن‏.‏


فلما خرج المصريون إلى قصد عثمان أظهروا أنهم يريدون العمرة وخرجوا في رجب وعليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي وبعث عبد الله بن سعد رسولًا إلى عثمان يخبره بحالهم وأنهم قد أظهروا العمرة وقصدهم خلعه أوقتله فخطب عثمان الناس وأفهمهم حالهم ونطق لهم‏:‏ إنهم قد أسرعوا إلى الفتنة واستطالوا عمري والله لئن فارقتهم ليتمنون حتى عمري كان عليهم مكان جميع يوم سنة مما يرون من الدماء المسفوكة والإحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة‏.‏

وكان عبد الله بن سعد قد خرج إلى عثمان في آثار المصريين بإذن له فلما كان بأيلة بلغه حتى المصريين رجعوا إلى عثمان فحصروه وأن محمد بن أبي حذيفة غلب على مصر واستجابوا له فعاد عبد الله إلى مصر فمنع عنها فأتى فلسطين فأقام بها حتى اغتال عثمان‏.‏

فلما هبط القوم ذا خشب يريدون اغتال عثمان إذا لم ينزع عما يكرهون ولما رأى عثمان ذلك اتى إلى علي فدخل عليه بيته فنطق له‏:‏ يا ابن عم إذا قرابتي قريبة ولي عليك حق عظيم وقد اتى ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي ولك عند الناس قدر وهم يسمعون منك وأحب حتى هجرب إليهم فتردهم عني فإن في دخولهم علي توهينًا لأمري وجرأة علي‏!‏ فنطق علي‏:‏ على أي شيء أردهم عنك نطق‏:‏ على حتى أصير إلى ما أشرت إليه ورأيته لي‏.‏

فنطق علي‏:‏ إني قد حدثتك مرة بعد أخرى فكل ذلك نخرج ونقول ثم ترجع عنه وهذا من عمل مروان وابن عامر ومعاوية وعبد الله بن سعد فإنك أطعتهم وعصيتني‏.‏

نطق عثمان‏:‏ فأنا أعصيهم وأطيعك‏.‏

فأمر الناس فركب معه من المهاجرين والأنصار ثلاثون رجلًا فيهم سعيد بن زيد وأبوجهم العدوي وجبير بن مطعم وحكيم بن حزام ومروان وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ومن الأنصار أبوأسيد الساعدي وأبوحميد وزيد بن ثابت وحسان بن ثابت وكعب بن مالك ومن العرب نيار بن مركز فأتوا المصريين فحدثوهم وكان الذي يحدثهم علي ومحمد بن مسلمة فسمعوا منطقتهما ورجعوا إلى مصر‏.‏

فنطق ابن عديس لمحمد بن مسلمة‏:‏ أتوصينا بحاجة نطق‏:‏ نعم تتقي الله وترد من قبلك عن إمامهم فإنه قد وعدنا حتى يرجع وينزع‏.‏

نطق بن عديس‏:‏ أعمل إذا شاء الله‏.‏

ورجع علي ومن معه إلى المدينة فدخل على عثمان فأبلغه برجوعهم وحدثه بما في نفسه ثم خرج من عنده فمكث عثمان ذلك اليوم واتىه مروان بكرة الغد فنطق له‏:‏ تحدث وأفهم الناس حتى أهل مصر قد رجعوا وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلًا قبل حتى يجيء الناس إليك من أمصارهم ويأتيك ما لا تستطيع دفعه‏.‏

فعمل عثمان فلما خطب الناس نطق له عمروبن العاص‏:‏ اتق الله يا عثمان فإنك قد ركبت أمورًا وركبناها معك فتب إلى الله نتب‏.‏

فناداه عثمان‏:‏ وإنك هنالك يا ابن النابغة‏!‏ قملت والله جبتك منذ عزلتك عن العمل‏!‏ فنودي من ناحية أخرى‏:‏ تب إلى الله‏.‏

فحمل يديه ونطق‏:‏ اللهم إني أول تائب‏.‏

تاب إليك‏.‏

ورجع إلى منزله‏.‏

وخرج عمروبن العاص إلى منزله بفلسطين وكان يقول‏:‏ والله إني كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان‏.‏

وأتى عليًا وطلحة والزبير فحرضهم على عثمان فبينما هوبقصره بفلسطين ومعه ابناه محمد وعبد الله وسلامة بن روح الجذامي إذ مر به راكب من المدينة فسأله عمروعن عثمان فنطق‏:‏ هومحصور‏.‏

نطق عمرو‏:‏ أنا أبوعبد الله قد يضرط العير والمكواة في النار‏.‏

ثم مر به راكب آخر فسأله فنطق‏:‏ اغتال عثمان‏.‏

فنطق عمرو‏:‏ أنا أبوعبد الله إذا حككت قرحةً نكأتها‏.‏

فنطق له سلامة بن روح‏:‏ يا معشر قريش كان بينكم وبين العرب باب فكسرتموه فما حملكم على ذلك‏!‏ فنطق‏:‏ أردنا حتى نخرج الحق من خاصرة الباطل ليكون الناس في الحق شرعًا سواء‏.‏

وقيل‏:‏ إذا عليًا لما عاد من عند المصريين بعد رجوعهم إلى عثمان نطق له‏:‏ تحدث كلامًا يسمعه الناس منك ويشهدون عليك ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والأمانة فإن البلاد قد تمخضت عليك فلا آمن حتى يجيء ركبٌ آخر من الكوفة والبصرة فتقول‏:‏ يا علي اركب إليهم فإن لم اعمل رأيتني قد بترت رحمك واستخففت بحقك‏.‏

فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها ومنح الناس من نفسه التوبة ونطق‏:‏ أنا أول من اتعظ أستغفر الله مما عملة وأتوب إليه فمثلي نزع وتاب فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروا في رأيهم فوالله لئن ردني الحق عبدًا لأستنن بسنة العبد ولأذلن ذل العبد وما عن الله ممضى إلا إليه فوالله لأعطينكم الرضا ولأنحين مروان وذويه ولا أحتجب عنكم‏!‏ فرق الناس وبكوا حتى أخضلوا لحاهم وبكى هوأيضًا‏.‏

فلما هبط عثمان عثر مروان وسعيدًا ونفرًا من بني أمية في منزله لمقد يكونوا شهدوا خطبته فلما جلس نطق مروان‏:‏ يا أمير المؤمنين أتحدث أم أسكت فنطقت نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان‏:‏ لا بل اصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه إنه قد نطق منطقةً لا ينبغي له حتى ينزع عنها‏.‏

فنطق لها مروان‏:‏ ما أنت وذاك‏!‏ فوالله قد توفي أبوك وما يحسن يتوضأ‏!‏ فنطقت‏:‏ مهلًا يا مروان عن ذكر الآباء‏!‏ تخبر عن أبي وهوغائب تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع حتى يدفع عن نفسه أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه لأبلغتك عنه ما لن أكذب عليه‏.‏

نطقت‏:‏ فأعرض عنها مروان فنطق‏:‏ يا أمير المؤمنين أتحدث أم أسكت نطق‏:‏ تحدث‏.‏

فنطق مروان‏:‏ بأبي أنت وأمي والله لوددت حتى منطقتك هذه كانت وأنت ممتنع فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت وقد بلغ الحزام الطبيين وخلف السيل الزبى وحين منح الخطة الذليلة الذليل والله لإقامة على خطيئة يستغفر منها أجمل من توبة يخوف عليها وأنت إذا شئت تقربت بالتوبة ولم تقر بالخطيئة

وقد اجتمع بالباب أمثال الجبال من الناس‏.‏

فنطق عثمان‏:‏ فاخرج إليهم فحدثهم فإني أستحيي حتى أحدثهم‏.‏

فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضًا فنطق‏:‏ ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهبٍ شاهت الوجوه‏!‏ ألا من أريد جئتم تريدون حتى تنزعوا ملكنا من أيدينا‏!‏ اخرجوا عنا والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم‏.‏

ارجعوا إلى منازلكم فإنا والله ما نحن بمغلوبين على ما في أيدينا‏.‏ فرجع الناس وأتى بعضهم عليًا فأبلغه الخبر‏.‏

فأقبل علي على عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فنطق‏:‏ أحضرت خطبة عثمان نطق‏:‏ نعم‏.‏ نطق‏:‏ أفحضرت منطقة مروان للناس نطق‏:‏ نعم‏.‏

فنطق علي‏:‏ أي عباد الله‏!‏ يا للمسلمين‏!‏ إني إذا قعدت في بيتي نطق لي‏:‏ هجرتني وقرابتي وحقي وإني إذا تحدثت فاتى ما يريد يلعب به مروان فصار سيقةً له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏وقام مغضبًا حتى ولج على عثمان فنطق له‏:‏ أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه‏!‏ وأيم الله إني لأراه يوردك ولا يصدرك‏!‏ وما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك أمضىت شرفك وغلبت على رأيك‏.‏

فلما خرج علي دخلت عليه امرأته نائلة ابنة الفرافصة فنطقت‏:‏ قد سمعت قول علي لك وليس يعاودك وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء‏.‏

نطق‏:‏ فما أصنع نطقت‏:‏ تتقي الله وتتبع سنة صاحبيك فإنك متى أطعت مروان قتلك ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة وإنما هجرك الناس لمكانه فأوفد إلى علي فاستصلحه فإن له قرابة منك وهولا يعصى‏.‏

فأوفد عثمان إلى علي فلم يأته ونطق‏:‏ قد أفهمته أني غير عائد‏.‏

فبلغ مروان منطقة نائلة فيه فجلس بين يدي عثمان فنطق‏:‏ يا ابنة الفرافصة‏!‏ فنطق عثمان‏:‏ لا تذكرنها بحرف فأسود وجهك فهي والله أنصح لي‏!‏ فكف مروان‏.‏

وأتى عثمان إلى علي بمنزله ليلًا ونطق له‏:‏ إني غير عائد وإني فاعل‏.‏

فنطق له علي‏:‏ بعد ما تحدثت على منبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأعطيت من نفسك ثم دخلت بيتك فخرج مروان إلى الناس يشتمهم على بابك ويؤذيهم‏.‏

فخرج عثمان من عنده وهويقول‏:‏ خذلتني وجرأت الناس علي‏.‏

فنطق علي‏:‏ والله إني لأكثر الناس ذبًا عنك ولكني حدثا جئت بشيء أظنه لك رضا اتى مروان بأخرى فسمعت قوله وهجرت قولي‏.‏

ولم يعد علي يعمل ما كان يعمل إلى حتى منع عثمان الماء‏.‏

فنطق علي لطلحة‏:‏ أريد حتى تدخل عليه الروايا وغضب غضبًا شديدًا حتى دخلت الروايا على عثمان‏.‏

نطق‏:‏ وقد قيل إذا عليًا كان عند حصر عثمان بخيبر فقدم المدينة والناس مجتمعون عند طلحة وكان ممن له فيه أثر فلما قدم علي أتاه عثمان ونطق له‏:‏ أما بعد فإن لي حق الإسلام وحق الإخاء والقرابة والصهر ولولم يكن من ذلك شيء وكنا في الجاهلية لكان عارًا على بني عبد مناف حتى ينتزع أخوبني تيم يعني طلحة أمرهم‏.‏

فنطق له علي‏:‏ سيأتيك الخبر ثم خرج إلى المسجد فرأى أسامة فتوكأ على يده حتى ولج دار طلحة وهوفي خلوة من الناس فنطق له‏:‏ يا طلحة ما هذا الأمر الذي سقطت فيه فنطق‏:‏ يا أبا الحسن بعد ما مس الحزام الطبيين‏.‏

فانصرف علي حتى أتى بيت المال فنطق‏:‏ افتحوه فلم يجوا المفاتيح فكسر الباب ومنح الناس فانصرفوا من عند طلحة حتى بقي وحده وسر بذلك عثمان واتى طلحة فدخل على عثمان ونطق له‏:‏ يا أمير المؤمنين أردت أمرًا فحال الله بيني وبينه‏!‏ فنطق عثمان‏:‏ والله ما جئت تائبًا ولكن جئت مغلوبًا الله حسيبك يا طلحة‏!‏ ذكر مقتل عثمان قد ذكرنا سبب مسير الناس إلى اغتال عثمان وقد هجرنا كثيرًا من الأسباب التي جعلها الناس ذريعة إلى قتله لعلل دعت إلى ذلك ونذكر الآن كيف من الممكن أن اغتال وما كان بدء ذلك واتبداء الجرأة عليه فكان من ذلك حتى إبلًا من إبل الصدقة قدم بها على عثمان فوهبها لبعض بني الحكم فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فأخذها وقسمها بين الناس وعثمان في الدار‏.‏

قيل‏:‏ وكان أول من اجترأ على عثمان بالمنطق جبلة بن عمروالساعدي مر به عثمان وهوفي نادي قومه وبيده جامعة فسلم فرد القوم فنطق جبلة‏:‏ لم تردون على رجل عمل كذا وكذا ثم نطق لعثمان‏:‏ والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك أولتهجرن بطانتك هذه الخبيثة‏:‏ مروان وابن عامر وابن سعد منهم من هبط القرآن بذمه وأباح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دمه‏.‏ فاجترأ الناس عليه وقد تقدم قول عمروبن العاص له في خطبته‏.‏

قيل‏:‏ وخطب يومًا وبيده عصا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبوبكر وعمر يخطبون عليها فأخذه جهجاه الغفاري من يده وكسرها على ركبته اليمنى فرمي في ذلك المكان بأكلة‏.‏

وقيل‏:‏ خط جمع من أهل المدينة من الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق منهم‏:‏ إذا أردتم الجهاد فهلموا إليه فإن دين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أفسده خليفتكم فأقيموه‏.‏فاختلفت قلوب الناس على ما تقدم ذكره واتى المصريون كما ذكرنا إلى المدينة فخرج إليهم علي ومحمد بن مسلمة كما تقدم فحدثاهم فعادوا ثم رجعوا فلما رجعوا انطلق إليهم محمد بن مسلمة فسألهم عن سبب عودهم فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص ونطقوا‏:‏ وجدنا غلام عثمان بالبويب

على بعير من إبل الصدقة ففتشنا متاعه فوجدنا فيه هذه الصحيفة يأمر فيها بجلد عبد الرحمن بن عديس وعمروبن الحمق وعروة بن البياع وحبسهم وحلق رؤوسهم ولحاهم وصلب بعضهم‏.‏ وقيل‏:‏ إذا الذي أخذت منه الصحيفة أبوالأعور السلمي‏.‏

فلما رأوه سألوه عن مسيرة وهل معه كتاب فنطق‏:‏ لا‏.‏

فسألوه في أي شيء هوفتغير كلامه فأنكروه وفتشوه وأخذوا الكتاب منه وعادوا وعاد الكوفيون والبصريون‏.‏

فلما عاد أهل مصر أبلغوا بذلك محمد بن مسلمة ونطقوا له‏:‏ قد حدثنا عليًا ووعدنا حتى يحدثه وحدثنا سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فنطقا‏:‏ لا ندخل في أمركم‏.‏

ونطقوا لمحمد ابن مسلمة ليحضر مع علي عند عثمان بعد الظهر فوعدهم بذلك فدخل علي ومحمد بن مسلمة على عثمان فاستأذنا للمصريين عليه وعنده مروان فنطق‏:‏ دعني أحدثهم‏.‏

فنطق عثمان‏:‏ اسكت فض الله فاك‏!‏ ما أنت وهذا الأمر اخرج عني‏!‏ فخرج مروان‏:‏ ونطق علي ومحمد لعثمان ما نطق المصريون فأقسم بالله‏:‏ ما خطته ولا فهم لي به‏.‏

فنطق محمد‏:‏ صدق هذا من عمل مروان‏.‏

ودخل عليه المصريون فلم يسلموا عليه بالخلافة فعهدوا الشر فيهم وتحدثوا فذكر ابن عديس ما عمل عبد الله بن سعد بالمسلمين وأهل الذمة والاستئثار في الغنائم فإذا قيل له في ذلك نطق‏:‏ هذا كتاب أمير المؤمنين‏.‏

وذكروا شيئًا مما أحدث بالمدينة ونطقوا له‏:‏ وخرجنا من مصر ونحن نريد قتلك فردنا علي ومحمد ابن مسلمة وضمنا لنا النزوع عن جميع ما تحدثنا فيه فرجعنا إلى بلادنا فرأينا غلامك وكتابك وعليه خاتمك تأمر عبد الله بجلدنا والمثلة بنا وطول الحبس‏.‏

فحلف عثمان أنه ما خط ولا أمر ولا فهم‏.‏

فنطق علي ومحمد‏:‏ صدق عثمان‏.‏

نطق المصريون‏:‏ فمن خطه نطق‏:‏ لا أدري‏.‏

نطقوا‏:‏ فيجترأ عليك ويبعث غلامك وجملًا من الصدقة وينقش على خاتمك ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة وأنت لا تفهم نطق‏:‏ نعم‏.‏

نطقوا‏:‏ ما أنت إلا صادق أوكاذب فإن كنت كاذبًا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا بغير حق وإن كنت صادقًا فقد استحققت حتى تخلع نفسك لضعفك عن هذا الأمر وغفلتك وخبث بطانتك ولا ينبغي لنا حتى نهجر هذا الأمر بيد من تبتر الأمور دونه لضعفه وغفلته فاخلع نفسك منه كما خلعك الله‏!‏ فنطق‏:‏ لا أنزع قميصًا ألسنيه الله ولكني أتوب وأنزع‏.‏

نطقوا‏:‏ لوكان هذا أول ذنب تبت منه قبلنا ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود ولسنا منصرفين حتى نخلعك أونقتلك أوتلحق أرواحنا بالله تعالى وإن منعك أصحابك وأهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك‏.‏

فنطق‏:‏ أما إذا أتبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك وأما قولكم تقاتلون من منعني فإني لا آمر أحدًا بقتالكم فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل ولوأردت قتالكم لخطت إلى الأجناد فقدموا علي أولحقت ببعض أطرافي‏.‏

وكثرت الأصوات واللغط‏.‏ فقام علي فخرج وأخرج المصريين ومضى علي إلى منزله وحصر المصريون عثمان وخط إلى معاوية وابن عامر وأمراء الأجناد يستنجدهم ويأمرهم بالعجل وإرسال الجنود إليه‏.‏

فتربص به معاوية فقام في أهل الشام يزيد بن أسد القسري جد خالج بن عبد الله القسري فتبعه خلق كثير فسار بهم إلى عثمان فلما كانوا بوادي القرى بلغهم اغتال عثمان فرجعوا‏.‏وقيل‏:‏ بل سار من الشام حبيب بن مسلمة الفهري وسار من البصرة مجاشع بن مسعود السلمي فلما وصلوا الربذة ونزلت مقدمتهم صرارًا بناحية المدينة أتاهم اغتال عثمان فرجعوا‏.‏

وكان عثمان قد استشار نصحاءه في أمره فأشاروا عليه حتى يرسل إلى علي يطلب إليه حتى يردهم ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى يأتيه إمداده‏.‏

فنطق‏:‏ إنهم لا يقبلون التعلل وقد كان مني في المرة الأولى ما كان‏.‏

فنطق مروان‏:‏ أعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك فإنهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم‏.‏

فنادى عليًا فنطق له‏:‏ قد ترى ما كان من لناس ولست آمنهم على دمي فارددهم عني فإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي وغيري‏.‏

فنطق علي‏:‏ الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك ولا يرضون إلا بالرضا وقد كنت أعطيتهم أولًا عهدًا فلم تف به فلا تغرني هذه المرة فإني معطيهم علك الحق‏.‏

فنطق‏:‏ أعطهم فوالله لأفين لهم‏.‏

فخرج علي إلى الناس فنطق لهم‏:‏ أيها الناس إنكم إنما طلبتم الحق وقد أعطيتموه وقد زعم أنه منصفكم من نفسه‏.‏ فنطق الناس‏:‏ قبلنا فاستوثق منه لنا فإنا لا نرضى بقول دون عمل‏.‏

فدخل عليه علي فأفهمه فنطق‏:‏ اضرب بيني وبينهم أجلًا فإني لا أقدر على حتى أرد ما كرهوا في يوم واحد‏.‏

فنطق علي‏:‏ أما ما كان بالمدينة فلا أجل فيه وما غاب فأجله وصول أمرك‏.‏

نطق‏:‏ نعم فأجلني فيما في المدينة ثلاثة أيام فأجابه إلى ذلك وخط بينهم كتابًا على رد جميع مظلمة وعزل جميع عامل كرهوه‏.‏

فكف الناس عنه فجعل يتأهل للقتال ويستعد بالسلاح واتخذ جندًا فلما مضت الأيام الثلاثة ولم يغير شيئًا ثار به الناس وخرج عمروبن حزم الأنصاري إلى المصريين فأفهمهم الحال وهم بذي خشب فقدموا المدينة وطلبوا منه عزل عماله ورد مظالمهم‏.‏

فنطق‏:‏ والله لتعملن أولتخلعن أولتقتلن‏.‏

فأبى عليهم ونطق‏:‏ لا أنزع سربالًا سربلنيه الله‏.‏

فحصروه واشتد الحصار عليه فأوفد إلى علي وطلحة والزبير فحضروا فأشرف عليهم فنطق‏:‏ يا أيها الناس اجلسوا‏.‏

فجلسوا المحارب والمسالم‏.‏



فنطق لهم‏:‏ يا أهل المدينة أستودعكم الله وأسأله حتى يحسن عليكم الخلافة من بعدي ثم نطق‏:‏ أنشدكم بالله هل تفهمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر حتى يختار لكم ويجمعكم على خيركم أتقولون إذا الله لم يستجب لكم وهنتم عليه وأنتم أهل حقه أم تقولون‏:‏ هان على الله دينه فلم يبال من ولي الدين لم يتفرق أهله يومئذ أم تقولون‏:‏ لم يكن أخذٌ عن مشورة إنما كان مكابرة فوكل الله الأمة إذا عصته ولم يشاوروا في الإمامة أم تقولون‏:‏ إذا الله لم يفهم عاقبة أمري‏!‏ وأنشدكم بالله أتفهمون لي من سابقة خير وقدم خير قدمه الله لي ما يوجب على جميع من اتى بعدي حتى يعهدوا لي فضلها‏!‏ فمهلًا لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا اغتال ثلاثة‏:‏ رجل زنى بعد إحصانه أوكفر بعد إيمانه أواغتال نفسًا بغير حق فإنكم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لم يحمل الله عنكم الاختلاف أبدًا‏.‏

نطقوا‏:‏ أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر ثم ولوك فإن جميع ما خلق الله خيرة ولكن الله جعلك بلية ابتلى بها عباده وأما ما ذكرت من قدمك وسلفك مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كنت كذلك وكنت أهلًا للولاية ولكن أحدثت ما فهمته ولا نهجر إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عامًا قابلًا وأما قولك‏:‏ إنه لا يحل إلا اغتال ثلاثة فإنا نجد في كتاب الله اغتال غير الثلاثة الذين سميت اغتال من سعى في الأرض فسادًا وقتل من بغى ثم قاتل على بغيه وقتل من حال دون شيء من الحق ومنعه وقاتل دونه وقد بغيت ومنعت وحلت دونه وكابرت عليه ولم تقد من نفسك من ظلمت وقد تمسكت بالإمارة علينا فإن زعمت أنك لم تكابرنا عليه فإن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة فلوخلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك‏!‏ فسكت عثمان ولزم الدار وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن بن علي

وابن عباس ومحمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير وأشباهًا لهم واجتمع إليه ناس كثير فكانت مدة الحصار أربعين يومًا فلما مضت ثماني عشرة ليلة قدم ركبان من الأمصار فأبلغوا بخبر من تهيأ إليهم من الجنود وشجعوا الناس فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه جميع شيء حتى الماء‏.‏

فأوفد عثمان إلى علي سرًا وإلى طلحة والزبير وأزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنهم قد منعوني الماء فإن قدرتم حتى ترسلوا إلينا ماء فاعملوا‏.‏

فكان أولهم إجابة علي وأم حبيبة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاتى علي في الغلس فنطق‏:‏ يا أيها الناس إذا الذي تعملون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين فلا تبتروا عن هذا الرجل الماء ولا المادة فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي‏!‏ فنطقوا‏:‏ لا والله ولا نعمة عين‏!‏ فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت ورجعت واتىت أم حبيبة على بغلةٍ لها مشتملة على إداوة فضربوا وجه بغلتها فنطقت‏:‏ إذا وصايا بني أمية عند هذا الرجل فأحببت حتى أسأله عنها لئلا تهلك أموال الأيتام والأرامل‏.‏

فنطقوا‏:‏ كاذبة وبتروا حبل البغلة بالسيف فنفرت وكادت تسقط عنها فتلقاها الناس فأخذوها ومضىوا بها إلى بيتها‏.‏

فأشرف عثمان يومًا فسلم عليهم ثم نطق‏:‏ أنشدكم الله هل تفهمون أني اشتريت بئر رومة بمالي ليستعذب بها فجعلت رشائي فيها كرجل من المسلمين نطقوا‏:‏ نعم‏.‏

نطق‏:‏ فلم تمنعوني حتى أشرب

منها حتى أفطر على ماء البحر ثم نطق‏:‏ أنشدكم بالله هل تفهمون أني اشتريت أرض كذا فزدتها في المسجد قيل‏:‏ نعم‏.‏

نطق‏:‏ فهل فهمتم حتى أحدًا منع حتى يصلي فيه قبلي ثم نطق‏:‏ أنشدكم بالله أتفهمون حتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نطق عني كذا وكذا أشياء في شأنه‏.‏

ففشا النهي في الناس يقولون‏:‏ مهلًا عن أمير المؤمنين‏.‏

فقام الأشتر فنطق‏:‏ لعله مكر به وبكم‏.‏

وخرجت عائشة إلى الحج واستتبعت أخاها محمدًا فأبى فنطقت‏:‏ والله لئن استطعت حتى يحرمهم الله ما يحاولون لأعملن‏.‏

فنطق له حنظلة المحرر‏:‏ نستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها وتتبع ذؤبان العرب إلى ما لا يحل وإن هذا الأمر إذا صار إلى التغالب غلبك عليه بنوعبد مناف‏.‏

ثم عاد حنظلة إلى الكوفة وهويقول‏:‏ عجبت لما يخوض الناس فيه يرومون الخلافة حتى تزولا ولوزالت لزال الخير عنهم ولاقوا بعدها ذلًا ذليلا وكانوا كاليهود وكالنصارى سواء كلهم ضلوا السبيلا وبلغ طلحة والزبير ما لقي علي وأم حبيبة فلزموا بيوتهم وبقي عثمان يسقيه آل حزم في الغفلات‏.‏

فأشرف عثمان على الناس فاستدعى ابن عباس فأمره حتى يحج بالناس وكان ممن لزم الباب فنطق‏:‏ جهاد هؤلاء أحب إلي من الحج‏.‏

فأقسم عليه فانطلق‏.‏

نطق عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة‏:‏ دخلت على عثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه فمنهم من يقول‏:‏ ما تنتظرون به ومنهم من يقول‏:‏ انظروا عسى حتى يراجع‏.‏

نطق‏:‏ فبينما نحن واقفون إذ مر طلحة فنطق‏:‏ أين ابن عديس فقام إليه فناجاه ثم عاد ابن عديس فنطق لأصحابه‏:‏ لا تهجروا أحدًا يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده‏.‏

فنطق لي عثمان‏:‏ هذا ما أمر به طلحة اللهم اكفني طلحة فإنه حمل علي هؤلاء وألبهم علي‏!‏ والله إني لأرجوحتىقد يكون منها صفرًا وأن يسفك دمه‏!‏ نطق‏:‏ فأردت حتى أخرج فمنعوني حتى أمرهم محمد بن أبي بكر فهجروني أخرج‏.‏ وقيل‏:‏ إذا الزبير خرج من المدينة قبل حتى يقتل عثمان وقيل‏:‏ استوعب قتله‏.‏

ولما رأى المصريون حتى أهل الموسم يريدون قصدهم وأن يجمعوا ذلك إلى حجهم مع ما بلغهم من مسير أهل الأمصار نطقوا‏:‏ لا يخرجنا من هذا الأمر الذي سقطنا فيه إلا اغتال هذا الرجل فيشتغل الناس عنا بذلك‏.‏

فراموا الباب فمنعهم الحسن وابن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان وسعيد بن العاص ومن معهم من أبناء الصحابة واجتلدوا فزجرهم عثمان ونطق‏:‏ أنتم في حلٍ من نصرتي فأبوا ففتح الباب لمنعهم فلما خرج ورآه المصريون رجعوا فركبهم هؤلاء وأقسم عثمان على أصحابه ليدخلن فدخلوا فأغلق الباب دون المصريين فقام رجل من أسلم ينطق له نيار بن عياض وكان من الصحابة فنادى عثمان فبينا هويناشده حتى يعتزلهم إذ رماه كثير بن الصلت

فنطقوا لعثمان عند ذلك‏:‏ ادفع إلينا قاتله لنقتله به‏.‏

نطق‏:‏ لم أكن لأقتل رجلاً نصرني وأنتم تريدون قتلي‏.‏


مقتل عثمان

فلما رأوا ذلك ثاروا إلى الباب فلم يمنعهم أحد منه والباب مغلق لا يقدرون على الدخول منه فجاؤوا بنار فأحرقوه والسقيفة التي على الباب وثار أهل الدار وعثمان يصلي قد افتتح طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى‏.‏

فما شغله ما سمع ما يخطىء وما يتتعتع حتى أتى عليها فلما فرغ جلس إلى المصحف يقرأ فيه وقرأ‏:‏ ‏{‏الذين نطق لهم الناس إذا الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا ونطقوا حسبنا الله ونعم الوكيل‏ ‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 173‏]‏‏.‏ فنطق لمن عنده بالدار‏:‏ إذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد عهد إلي عهدًا فأنا صابر عليه ولم يحرقوا الباب إلا وهم يطلبون ما أعظم منه فأحرج على رجل حتى يستقتل أويقاتل ونطق للحسن‏:‏ إذا أباك الآن لفي أمر عظيم من أمرك فأقسمت عليك لما خرجت إليه‏.‏

فتقدموا فقاتلوا ولم يسمعوا قوله فبرز المغيرة بن الأخنس بن شريق وكان قد تعجل من الحج في عصابة لينصروا عثمان وهومعه في الدار وارتجز يقول‏:‏ قد فهمت ذات القرون الميل والحلي والأنامل الطفول لتصدقن بيعتي خليلي بصارمٍ ذي رونقٍ مصقول لا أستقيل إذ أقلت قيلي لا دينهم ديني ولا أنا منهم حتى أسير إلى طمار شمام وخرج محمد بن طلحة وهويقول‏:‏ أنا ابن من حامى عليه بأحد ورد أحزابًا على رغم معد وخرج سعيد بن العاص وهويقول‏:‏ صبرنا غداة الدار والموت واقف بأسيافنا دون ابن أروى نضارب وكنا غداة الروع في الدار نصرةً نشافههم بالضرب والموت نائب وكان آخر من خرج عبد الله بن الزبير فكان يحدث عن عثمان بآخر ما كان عليه وأقبل أبوهريرة والناس محجمون فنطق‏:‏ هذا يوم طاب فيه الضرب‏!‏ ونادى‏:‏ ‏{و‏يا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار‏ ‏ ‏[‏غافر‏:‏ 41‏]‏‏.‏ وبرز مروان وهويقول‏:‏ قد فهمت ذات القرون الميل والكف والأنامل الطفول أني أروع أول الرعيل بغارةٍ مثل القطا الشليل فبرز إليه رجل من بني ليث يدعى النباع فضربه مروان وضرب هومروان على رقبته فأثبته وبتر إحدى علباويه فعاش مروان بعد ذلك أوقص وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليدفف عليه فقامت فاطمة أم إبراهيم بن عدي وكانت أرضعت مروان وأرضعت له فنطقت‏:‏ إذا كنت ترغب قتله فقد اغتال وإن كنت ترغب حتى تلعب بلحمه فهذا قبيح‏!‏ فهجره وأدخلته بيتها فعهد لها بنوه ذلك واستخدموا ابنها إبراهيم بعد‏.‏

ونزل إلى المغيرة بن الأخنس بن شريق رجلٌ فقتل المغيرة نطق‏:‏ فلما سمع الناس يذكرونه نطق‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏

فنطق له عبد الرحمن بن عديس‏:‏ ما لك فنطق‏:‏ رأيت فيما يرى النائم هاتفًا يهتف فنطق‏:‏ بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار فابتليت به‏.‏

واقتحم الناس الدار من الدور التي حولها ودخلوها من دار عمرٍوبن حزم إلى دار عثمان حتى ملؤوها ولا يشعر من بالباب وغلب الناس على عثمان وندبوا رجلًا يقتله فانتدب له رجل فدخل عليه البيت فنطق‏:‏ اخلعها وندعك‏.‏

فنطق‏:‏ ويحك‏!‏ والله ما كشفت امرأة في جاهلية ولا إسلام ولا تغنيت ولا تمنيت ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولست خالعًا قميصًا كسانيه الله تعالى حتى يكرم الله أهل السعادة ويهين أهل الشقاوة‏!‏ فخرج عنه فنطقوا‏:‏ ما صنعت فنطق‏:‏ والله لا ينجينا من الناس إلا قتله ولا يحل لنا قتله‏.‏

فأدخلوا عليه رجلًا من بني ليث فنطق له‏:‏ لست بصاحبي لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نادى لك حتى تحفظ يوم كذا وكذا ولن تضيع‏.‏

فرجع عنه وفارق القوم‏.‏

ودخل عليه رجل من قريش فنطق له‏:‏ إذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استغفر لك يوم كذا وكذا فلن تقارف دمًا حرامًا‏.‏

فرجع وفارق أصحابه‏.‏

واتى عبد الله بن سلام ينهاهم عن قتله فنطق‏:‏ يا قوم لا تسلوا سيف الله فيكم فوالله إذا سللتموه لا تغمدوه‏!‏ ويلكم‏!‏ إذا سلطانكم اليوم يقوم بالدرة فإن قتلتموه لا يقوم إلا بالسيف‏.‏

ويلكم‏!‏ إذا مدينتكم محفوفة بالملائكة فإن قتلتموه ليهجرنها‏.‏

فنطقوا‏:‏ يا ابن اليهودية ما أنت وهذا‏!‏ فرجع عنهم‏.‏

وكان آخر من ولج عليه ممن عاد محمد بن أبي بكر فنطق له عثمان‏:‏ ويلك أعلى الله تغضب هل لي إليك جرم إلا حقه أخذته منك‏.‏

فأخذ محمد لحيته ونطق‏:‏ قد أخزاك الله يا نعثل‏!‏ فنطق‏:‏ لست بنعثل ولكني عثمان وأمير المؤمنين وكانوا يلقبون به عثمان‏.‏

فنطق محمد‏:‏ ما أعنى عنك معاوية وفلان وفلان‏!‏ فنطق عثمان‏:‏ يا ابن أخي فما كان أبوك ليقبض عليها‏.‏

فنطق محمد‏:‏ لورآك أبي تعمل هذه الأعمال أنكرها عليك والذي أريد بك أشد من قبضي عليها‏!‏ فنطق عثمان‏:‏ أستنصر الله عليك واستعين به‏!‏ فهجره وخرج‏.‏

وقيل‏:‏ بل طعن جبينه بمشقص كان في يده‏.‏

والأول أصح‏.‏

نطق‏:‏ فلما خرج محمد وعهدوا انكساره ثار قتيرة وسودان بن حمران والغافقي فضربه الغافقي بحديدة معه وضرب المصحف برجله فاستدار المصحف واستقر بين يديه وسالت عليه الدماء واتى سودان ليضربه فأكبت عليه امرأته واتقت السيف بيدها فنفح أصابعها فأطن

وقيل‏:‏ الذي قتله كنانة بن بشر التجيبي‏.‏

وكان عثمان رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تلك الليلة يقول له‏:‏ إنك تفطر الليلة عندنا‏.‏

فلما اغتال سقط من دمه على قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فسيكفيكهم الله‏ ‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 137‏]‏‏.‏

ودخل غلمة لعثمان مع القوم لينصروه وكان عثمان قد أعتق من كف يده منهم فلما ضربه سودان ضرب بعض الغلمان رقبة سودان فقتله ووثب قتيرة على الغلام فقتله وانتهبوا ما في البيت وخرجوا ثم أغلقوه على ثلاثة قتلى فلما خرجوا وثب غلام عثمان على قتيرة فقتله وثار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى أخذوا ما على النساء وأخذ كلثوم التجيبي ملاءةً من على نائلة فضربه غلام لعثمان فقتله وتنادوا‏:‏ أدركوا بيت المال ولا تسبقوا إليه فسمع أصحاب بيت المال كلامهم وليس فيه إلا غرارتان فنطقوا‏:‏ الناتى فإن القوم إنما يحاولون الدنيا‏!‏ فهربوا وأتوا بيت المال فانتهبوه وماج الناس‏.‏

وقيل‏:‏ إنهم ندموا على قتله‏.‏

وأما عمروبن الحمق فوثب على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات نطق‏:‏ فأما ثلاث منها فإني طعنتهن إياه لله تعالى وأما ستفلما كان في صدري عليه‏.‏

وأرادوا بتر رأسه فسقطت نائلة عليه وأم البنين فصحن وضربن الوجوه‏.‏

فنطق ابن عديس‏:‏ اهجروه‏.‏

وأقبل عمير ابن ضابىء فوثب عليه فكسر ضلعًا من أضلاعه ونطق‏:‏ سجنت أبي حتى توفي في السجن‏.‏

وكان قتله لثماني عشر خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين يوم الجمعة وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يومًا وقيل‏:‏ إلا ثمانية أيام وقيل‏:‏ بل كان قتله لثماني عشرة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين وقيل‏:‏ بل اغتال أيام التشريق وكان عمره اثنتين وثمانين سنة وقيل‏:‏ ثمانيًا وثمانين سنة وقيل‏:‏ تسعين سنة وقيل‏:‏ خمسًا وسبعين سنة وقيل‏:‏ ستًا وثمانين سنة‏.‏


قيل‏:‏ بقي عثمان ثلاثة أيام لا يدفن ثم إذا حكيم بن حزام القرشي وجبير ابن مطعم حدثا عليًا في حتى يأذن في دفنه فعمل فلما سمع من قصده بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به ناس يسير من أهله وغيرهم وفيهم الزبير والحسن وأبوجهم بن حذيفة ومروان بين المغرب والعشاء فأتوا به حائطًا من حيطان المدينة يسمى حش كوكب وهوخارج البقيع فصلى عليه جبير بن مطعم وقيل‏:‏ حكيم بن حزام وقيل‏:‏ مروان واتى ناس من الأنصار ليمنعوا من الصلاة عليه ثم هجروهم خوفًا من الفتنة‏.‏

وأوفد علي إلى من أراد حتى يرجم سريره ممن جلس على الطريق لما سمع بهم فمنعهم عنه ودفن في حش كوكب‏.‏

فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بذلك الحائط فهدم وأدخل في البقيع وأمر الناس فدفنوا أمواتهم حول قبره حتى اتصل الدفن بمقابر المسلمين‏.‏

وقيل‏:‏ إنما دفن بالبقيع مما يلي حش كوكب‏.‏

وقيل‏:‏ شهد جنازته علي وطلحة وزيد بن ثابت وكعب بن مالك وعامة من ثم من أصحابه‏.‏

نطق‏:‏ وقيل لم يغسل وكفن في ثيابه‏.‏

حكم علي

لما اغتال عثمان، بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينة المنورة في اليوم التالي لقتل عثمان (يوم الجمعة 25 ذي الحجة، 35 هـ ) فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين والثوار. يروى إنه كان كارها للخلافة في البداية واقترح حتىقد يكون وزيرا أومستشارا إلا حتى بعض الصحابة حاولوا إقناعه فضلا عن تأييد الثوار له ، ويروي ابن خلدون والطبري أنه قبل خشية حدوث شقاق بين المسلمين . يروى حتى أول من والىكان طلحة والزبير وفي تاريخ الطبري أول من والىمالك الأشتر النخعي، وتقول بعض المصادر حتى أقارب عثمان والأمويين لم يبايعوا علي وتوجهوا إلى الشام، كما تقول حتى بعض الصحابة مثل سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وغيرهم لم يبايعوا بالولاء ولكن تعهدوا بعدم الانقلاب ضده . وحول صلاته على عثمان يختلف المؤرخون أيضا فتذكر بعض المصادر التاريخية حتى جماعة من الصحابة استأذنوا عليا لدفنه ولكن من المؤرخين من ذكره ضمن من شاركوا في تشييعه والصلاة عليه ومراسم دفنه ولكن البعض الآخر لم يذكره ضمنهم بل حتى حتى بعض الروايات لا تذكر استئذان علي في دفنه.

إلى غير ذلك استلم علي الحكم خلفا لعثمان، في وقت كانت الدولة الإسلامية حين إذ تمتد من المرتفعات الإيرانية شرقا إلى مصر غربا بالإضافة لشبه الجزيرة العربية بالكامل وبعض المناطق غير المستقرة على الأطراف. ومنذ اللحظة الأولى في خلافته أعرب علي أنه سيطبق مبادئ الإسلام وترسيخ العدل والمساواة بين الجميع بلا تفضيل أوتمييز، كما صرح بأنه سيسترجع جميع الأموال التي اقتطعها عثمان لأقاربه والمقربين له من بيت المال . في سنة 36 هـ أمر علي بعزل الولاة الذين عينهم عثمان وتعيين ولاة آخرين يثق بهم، مخالفا بذلك نصيحة بعض الصحابة مثل ابن عباس والمغيرة بن شعبة الذين نصحوه بالتروي في اتخاذ القرار . أوفد علي عثمان بن حنيف الأنصاري بدلاً عن عبد الله بن عامر إلى البصرة بحسب الطبري وابن الأثير، وفي البداية والنهاية أنه أوفد سمرة بن جندب، وعلى الكوفة أوفد عمارة بن شهاب بدلاً عن أبي موسى الأشعري، وعلى اليمن عبيد الله بن عباس بدلاً عن يعلى بن منبه، وعلى مصر قيس بن سعد بن عبادة وبدلاً عن عبد الله بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف بدلاً من معاوية بن أبي سفيان .

بعد استلامه الحكم ببضعة أشهر، سقطت معركة الجمل (36 هـ) التي كان خصومه فيها طلحة والزبير ومعهما عائشة بنت أبي بكر زوجة محمد الذين طالبوا بالقصاص من قتلة عثمان، رغم تشكيك البعض في مصداقية هذا الانادىء حيث تقول روايات أنهما حرضا على قتله، لذلك يعتقد البعض حتى أغراضهما من وراء مقاتلة علي هوتحقيق أطماع سياسية، خاصة مع انادىئهما المبايعة مكرهين وهروبهما إلى مكة، بالإضافة إلى تصريح أسامة بن زيد بأنهما بايعا كارهين، وينطق كذلك لأن عليا رفض توليتهما البصرة والكوفة، حيث طلبا منه الولاية لكنه أبقاهما معه كمستشارين. بعدها طلبوا السماح لهم بالذهاب إلى مكة لآداء العمرة فسمح لهما وحين مضىا التقيا عائشة وقرروا المسير إلى البصرة رافعين شعار الانتقام لعثمان ، فسارومن مكة إلى البصرة بعشرة آلاف مقاتل وتحرك إليهم علي ولقيهم على مشارف البصرة، وفي البداية والنهاية (7/260) يذكر ابن كثير أنهم انطلقوا إلى البصرة وكان علي بالمدينة عازما على الذهاب إلى الشام لقتال معاوية، فغير وجهته إلى البصرة واستخلف على المدينة تمام بن عباس وعلى مكة قثم بن عباس، وحين وصل أوفد عمار بن ياسر إلى أهل الكوفة يستنفرونهم للقتال فانضم منهم الكثير إلى جيش علي وفقا للطبري. تختلف الروايات حول وقائع المعركة لكنها انتهت بمقتل طلحة والزبير وفوز علي، وعودة عائشة إلى المدينة. وحول سبب عدم قيام علي بالاقتصاص من قتله عثمان فالبعض يرى أنه كان قاسي لاختلاط القتلة بجيش ومؤيدي علي الذي لم يكن لديه ما يكفي من القوة والسيطرة الكافية لتطبيق الحد فانتظر حتى تهدأ الفتنة وهذا ما نطقه علي لطلحة والزبير في بعض الروايات. قام علي بعد معركة الجمل بنقل عاصمة الخلافة من المدينة إلى الكوفة نظرا لمسقطها الاستراتيجي الذي يتوسط أراضي الدولة الإسلامية آن ذاك، ولكثرة مؤيديه هناك .

كان معاوية بن أبي سفيان -والي الشام في عهد عثمان- قد أعرب رفضه تطبيق قرار العزل، كما امتنع عن تقديم البيعة لعلي، وطالب بالثأر لابن عمه عثمان ، ويشكك أيضا الكثيرين في أهداف معاوية المعلنة حيث يرون معارضته كانت لأطماع سياسية . حين انتهى علي من معركة الجمل توجه إلى الكوفة فدخلها في الثاني عشر من رجب 36هـ ثم أوفد جرير بن عبد الله إلى معاوية يدعوه للمبايعة والطاعة لكن معاوية رفض المبايعة إلا بعد الاقتصاص من قتلة عثمان . عاد الرسول إلى علي برفض معاوية، فتوجه علي بجيشه إلى الشام وعسكر الجيشان حين التقيا بمسقط يسمى صفين، ثم بدأت مفاوضات بين الطرفين عبر الرسائل، واستمرت لمدة مائة يوم لكنها لم تأتي بنتيجة، فبدأت مناوشات بين الجيشين أسفرت عن قتال استمر لمدة أسبوع فيما يعهد بمعركة صفين (36 - 37هـ / 657م). بدا جيش علي على مشارف الفوز وجيش معاوية على وشك الهزيمة، فاقترح عمروبن العاص -وكان في جيش معاوية- عمل حيلة وهي حتى يقوم الجنود بحمل المصاحف على أسنة الرماح، مطالبين بالتحكيم وفقا للشريعة الإسلامية. يقول ابن خلدون حتى عليا حذر المسلمين من الخديعة إلا حتى جماعة ممن صاروا فيما بعد من الخوارج أصروا على القبول بالتحكيم وهددوه بالقتل ووافق بعد إلحاح منهم، وعندما أرادوا حكما اختاروا أبي موسى الأشعري لكن علي رفضه لعدم ثقته به وتخليه عنه فيما تجاوز ورشح الأشتر النخعي إلا أنهم رفضوه واستقر الأمر على الأشعري، رفض جنود علي من الخوارج التحكيم معتبرين حتى معاوية كافر بخروجه عن طاعة اخليفة الشرعي وبهذا يجب قتله، واعتبروا التحكيم خروج عن حكم الله والاحتكام بحكم البشر -رغم حتى تأكيد بعض المؤرخين على أنهم من رشحوه- فمضىوا لعلي يستتيبوه ويحثوه على قتال معاوية ونقض اتفاق التحكيم لكنه رفض، مما أدى إلى انسحاب الخوارج من جيش علي. وأورد ابن كثير في البداية والنهاية (7/301) رواية تقول حتى علي وافق على التحكيم وعارضه بعض الناس. في هذة الأثناء اختار معاوية عمروبن العاص حكما من طرفه، واجتمع الحكمان لإيجاد حل للنزاع، فدار بينهما جدال طويل، واتفقا في النهاية على خلع معاوية وعلي وهجر الأمر للمسلمين لاختيار الخليفة. خرج الحكمان للناس لإعلان النتيجة التي توصلا إليها، فأعرب أبي موسى الأشعري خلع علي ومعاوية، لكن عمروبن العاص أعرب خلع علي وتثبيت معاوية. بعد حادثة التحكيم عاد القتال من حديث واستطاع معاوية حتى يحقق بعض الفوزات وضم عمروبن العاص مصر بالإضافة إلى الشام وقتل واليها محمد بن أبي بكر.

وأخيرا قاتل علي الخوارج وهزمهم في معركة النهروان (39هـ / 659م)،، حيث انسحبوا من جيشه ثم قاموا يبترون الطرق ويسألون الناس حول ارائهم في الخلفاء الأربعة فيقتلون من يخالفهم في الرأي بشكل بشع.


هوامش

  1. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، الجزء السابع]
  2. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير
  3. ^ تاريخ الطبري
  4. ^ نهج البلاغة
  5. ^ Hamidullah, Muhammad (1988). The Prophet's Establishing a State and His Succession. University of California. ISBN 969-8016-22-8, p. 126
  6. ^ بيعة الإمام علي، تاريخ ابن خلدون
  7. ^ Ashraf, Shahid (2005). Encyclopedia of Holy Prophet and Companions. Anmol Publications PVT. LTD.. ISBN 81-261-1940-3, p. 119 and 120
  8. ^ Madelung 1997, p. 141-145
  9. ^ كتاب علي بن أبي طالب أمير المؤمنين الباب أربعة الفصل 1
  10. ^ البداية والنهاية 7/212)
  11. ^ البداية والنهاية (7/255)
  12. ^ انظر:
    • Madelung 1997, p. 147 and 148
    • Lewis 1991, p. 214
    • Tabatabae 1979, p. 191
    • أمير المؤمنين
  13. ^ The Fourth Caliph, Ali
  14. ^ أنساب الأشراف، (2005)، صفحة 119-120
  15. ^ العواصم من القواسم
  16. ^ الكامل في التاريخ
  17. ^ أنظر:
    • Madelung 1997, p. 241 - 259
    • Lapidus 2002, p. 47
    • Holt 1970, p. 70-72
    • Tabatabaei 1979, p. 53 and 54
  18. ^ تاريخ ابن خلدون

المصادر

  • Ali ibn Abi Talib (1984). Nahj al-Balagha (Peak of Eloquence), compiled by ash-Sharif ar-Radi. Alhoda UK. SBN 0940368439.
  • Al-Tabari, Muhammad ibn Jarir (1990). History of the Prophets and Kings , translation and commentary issued by R. Stephen Humphreys. SUNY Press. ISBN . (volume XV.)
  • Holt, P. M. (1977). Cambridge History of Islam, Vol. 1. Cambridge University Press. ISBN . Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Madelung, Wilferd (1997). The Succession to Muhammad: A Study of the Early Caliphate. Cambridge University Press. ISBN .
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:07:46
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, نزاعات القرن 7, جرائم 656, خلفاء مغتالون, عصر الخلفاء الراشدين

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الإمارات تؤكد جاهزية قطاع الصحة للتعامل مع جدري القرود

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:48
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

أشرف بن شرقى يخطر الزمالك بانتهاء تعاقده في 30 يونيو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:41
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 37%

شوبير: الأهلي يفاوض بن شرقي.. والزمالك يسعى لتجديد عقده

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:43
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 50%

السعودية بدور البراهيم تثير الجدل بفيديو مفاجئ

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 54%

بعد 46 عامًا.. شاهد كيف أصبح «برعي» بطل«شاهد مشفش حاجة»

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:30
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

شاهد احتفال كريم على معلول بثنائية والده مع الأهلي فى شباك إنبي

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:45
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 48%

وقف فنانة شهيرة عن العمل بسبب ما فعلته في جنازة سمير صبري.. وترد

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:34
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

أحمد موسى: ما حدث أمس عدالة السماء

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:33
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

الصحة العالمية تكشف طرق مواجهة عدوى وعلاج جدرى القرود.. اعرف التفاصيل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:39
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 48%

يجمع بين زوجته وصديقتها ويجبرها على أمر صادم !

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:31
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

ليفربول ضد وولفرهامبتون.. محمد صلاح يقود التشكيل المتوقع للريدز

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:43
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 47%

تأييد قرار التحفظ على أموال مصطفى البنك و5 آخرين فى قضية مستريح أسوان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:42
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 40%

شاهد.. فيفي عبده تعود من جنازة سمير صبري على ونش

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:30
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

انطلاق الامتحان الورقى فى الفيزياء والتاريخ للصف الثانى الثانوى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:41
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

طارق مجدي حكمًا لمباراة المصري وفيوتشر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-22 12:21:21
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

تحميل تطبيق المنصة العربية