رواية اللص والكلاب احدى روايات نجيب محفوظ، نشرت عام 1958. حظيت الرواية باهتمام كبير من قبل كثير من النقاد والدارسين لما فيها من إبداع في المبنى والمضمون.

تاريخ التأليف

رواية اللص والكلاب مستوحاة من واقعة حقيقية بطلها محمود أمين سليمان الذي شغل الرأي العام لعدة شهور في أوائل عام 1961. وقد لوحظ اهتمام الناس بهذا المجرم وعطف الكثيرين منهم عليه، فقد خرج " محمود أمين سليمان "عن القانون لينتقم من زوجته السابقة ومحاميه لأنهما خاناه وانتهكا شرفه وحرماه من ماله وطفلته وكان هذا سببا هاما من مسببات تعاطف الناس معه، ولتحقيق انتقامه ارتكب الكثير من الجرائم في حق الشرطة وبعض أفراد المجتمع، فأثارت هذه الواقعة اهتمام المحرر واستلهم منها مادته الأدبية تجمع بين ما واقعي وما هوتخيلي فكانت رواية اللص والكلاب.

ملخص الرواية

تبدأ الرواية في عيد الثورة عندما خرج بطل الرواية، سعيد مهران من السجن، وسعيد هذا اسم على غير مسمى، فهوليس سعيدا على الإطلاق. فحياته كلها آلام وضياع. منذ توفي والده وهويحمل على كتفه أعباء السنين، كان والده بواب عمارة الطلبة ثم توفي فأصبح لزاما على الولد والأم حتى يقوما باحتياجاتهما. وتجلّت شهامة رؤوف علوان الطالب بكلية الحقوق فسعى حتى يعمل سعيد ووالدته في خدمة العمارة بعدما رحل رب الأسرة.

وبدأ سعيد يتحمل المسؤولية في سن مبكرة. ثم سقمت أمه وهلكت بسبب سقمها حيث داهمها نزيف حاد، فطار ابنها إلى أقرب مستشفى. تصور حتى المستشفى يمكن حتى ينقذها لأنها روح إنسان, لم يكن يعهد حتى المستشفيات الكبرى ذات قاعات الاستقبال الفخمة والطبيب الشهير والمسقمة الأجنبية يفترض أن تنظر لأمه المريضة نظرة احتقار لأنها ببساطة رثة الثياب واضحة الفقر.

شخصيات الرواية

• سعيد مهران لص.
• رؤوف علوان صحفي.
• نبوية زوجة سعيد مهران السابقة التي تزوجت بعليش.
• سنا بنت سعيد مهران.
• عليش صاحب سعيد الذي خانه
• نور العاهرة التي أحبها سعيد مهران.
• طرزان صاحب المقهى.
• الشيخ الذي يوجه سعيد مهران.

أحداث الرواية

من البداية يضع نجيب محفوظ القارئ، أمام واقع يعيشه بطل الرواية (سعيد مهران) الخارج لتوه من السجن بعد قضاء أربعة أعوام بسبب ارتكاب سرقة، وقد كانت المرارة التي شعر بها خلال فترة الحبس أقل من أثر المرارة التي هجرتها زوجته (نبوية) في نفسه، عندما زين لها صديق سعيد السابق – عليش سدرة – حتى تطلب الطلاق من سعيد، ليتزوجها عليش بعد ذلك. كما حتى شعوره بأن ابنته الطفلة – سناء – عند هذين الخائنين، زاد من حقده عليهما.

كان أول ماعمله سعيد، أنه توجه إلى بيت عليش، وطلب رؤية ابنته وأخذ بعض الأمور الخاصة به. وقد صدم عندما لم تعهده ابنته، وعندما تنكر له الزوجان. فطلب حتى يأخذ البنت، ولكن الزوجين أعطياه بعض الخط. وخرج من البيت وهومصمم على اغتال الإثنين.

ويلجأ سعيد وسط خيبته إلى بيت أحد المتصوفين – الشيخ النجداوي، والذي كان سعيد يزوره وهوصغير بصحبة أبيه، ويحدثه الشيخ عن أيام. السجن، والأيام التي خلت قبله ويحاول الشيخ حتى يسمعه بعض النصائح. التي لم يجد فيها سعيد مايخفف من حالة الإحباط التي يعيش فيها.

ثم يعرج على رجل عهده في السابق أيام كان أبوه وأمه يخدمان في بيت الطلبة، حيث كان هذا الرجل – رؤؤف علوان – يفهم الحقوق في الجامعة. وكان يعطف على سعيد، وقد خلصه مرة من ورطة سرقة لأحد الطلبة. عله يجد لديه مايساعده على بدء حياة مختلفة.

لكن (سعيد) يجد حتى رؤوف قد تغير بحكم منصبه – رئيس تحرير جريدة الزهراء- ويخرج من عنده حاقداً، بعد حتى أعطاه رؤوف عشرة جنيهات. زادت هذه الزيارة من غضب سعيد على الناس، وقد قرر في نفسه حتى يسرق قصر رؤوف، الفخم – لكنه يفشل ويقبض عليه، ويكتفي رؤوف بشتم سعيد واسترجاع النقود التي أعطاه إياها. يتجه بعد هذه الخيبة، إى المقهى الذي كان يضمه في السابق مع شلة السوء التي كان يعيش وسطها، ويدور محادثة بينه وبين المفهم طرزان، صاحب المقهى- وبعض الزبائن -، ويطلب من المفهم حتى يزوده بمسدس، ويحقق له المفهم طلبه وفي هذه الزيارة، يلمح نور، ابنة الهوى، التي كانت وماتزال تتردد على المقهى، والتي كانت عهدت سعيد، وكانت من قبل تطمع في وصاله.

ثم تنتابه موجة من الحيرة والغضب والخوف الممزوج بالخيبة عندما افترض حتى أحدا/ً من الممكن رآه وهويركض هارباً بعد الجريمة.

أوحتى الوقائع ستثبت أنه هوالوحيد الذي قام بالعمل دون غيره بقصد الانتقام. ويدور محادثة في نفسه تعادل حرارته حرارة الموقف الصعب الذي هوفيه ويهجر بيت الشيخ بعد قليل من الحدثات يتبادلها سعيد معه، ثم يتجه إلى مأواه الآمين – بيت نور- عند المقبرة، وهنا يجد القارئ مفارقة في انتنطق سعيد، من بيت الصوفي الطاهر إلى بيت نور الذي هوبعيد عن الطهارة !

ويطرق الباب ويدخل، يتبادلان حواراً عدمياً، لكنها تفيده في النهاية عندما أراد حتى تؤويه في بيتها بقولها : أحطك في عيني وأكحل عليك !

وبدلا من حتى يقف لحظة ليفكر، كيف من الممكن أن سيتخلص من المأزق المحيط به من جميع ناحية. إلا أنه لاينفك يفكر في رغبته بقتل نبوية وعليش، ويناجي نفسه، ويقول مادام يرى نفسه ميتا بعد قتله الرجل البرئ بالرصاصة العمياء، فلا بأس من حتى يطلق مزيداً من الرصاص لذا يوصي سعيد (نور) حتى تحضر له الجرائد، بعد عودتها من العمل ويجلس في الغرفة وحيدا, وعندها تنهال عليه سيول الذكريات، فيسترجع أيام تعهده على نبوية، واعجابه بها, يوم كانت تعمل خادمة عند احدى السيدات الهجريات، وكذلك يتذكر يوم زفافه إلى نبوية, وكيف تظاهر عليش يومها بأنه صديق مخلص له، ويحتار في أمر نبوية، كيف من الممكن أن تميل إلى الكلب – عليش – وتهجر الأسد – هو- مما يحرضه على الاستمرار في التفكير في اغتال الاثنين.

وتعود نور محملة بالأكل والمشروبات والجريدة، فيفاجأ سعيد بأن صديقه القديم رؤوف علوان، رئيس تحرير جريدة الزهراء قد أسهب في وصف جريمة سعيد, وتحدث عن تاريخه في اللصوصية والاجرام، وعن جنونه وجرأته الإجرامية، مما زاد في حقد سعيد وتصميمه على اغتال رؤوف.

ويدور محادثة بين سعيد ونور يتخلله نوع من الغزل، ولعل مغازلة سعيد لنور كانت مقدمة يستطيع من خلالها حتى يحصل على بدلة ضابط بوليس تخيطها نور له في بيتها.

ارتدى سعيد بدلة ضابط البوليس برتبة صاغ, واستأجر قاربا قاصدا قصر رؤوف علوان، ومصمما على قتله، وقد رصد سعيد عودة رؤوف وما حتى هبط الأخير من السيارة، حتى ناداه سعيد : أنا سعيد خذ! وأطلق عليه النار, ولكن تبادل حراس القصر النار مع سعيد قد أربكه، ولم يستطيع التصويب بدقة ,وانتهى الموقف في ثوان، واتجه إلى القارب، وأخذ يجذف هاربا، ثم ركب تاكسي، وتحسس ساقه، وعندما عاد إلى بيت نور، وخلع ملابسه اكتشف أنه سار ساعة والرصاصة في ساقه. ويذهل سعيد, وهويجد في عناوين الصحف التي أحضرتها نور، بأنه اغتال للمرة الثانية رجلا لا ذنب له، هوحارس قصر رؤوف علوان، وليس علوان نفسه، فينكفئ على نفسه يلومها، وتخيل أنه يقف وسط قفص الاتهام في المحكمة، وأنه يدلي بدفاعه وافادته، ويتراءى له أنه ليس هوالقاتل، بل ان زوجته وعليش ورؤوف هم القاتلون، ويصر على حتى ينتقم منهم في أحد الأيام.

ولما لم تعد نور في مساء أحد الأيام، وعندما طرقت صاحبة الشقة الباب تطلب ايجار الشقة، يهرب سعيد لاجئا إلى بيت الشيخ الجنيدي – هروب إلى الأمان والتعادل الروحي – لكن حواره مع الشيخ أشعره باليأس، ومن ثم خرج ليقابل مصير قبض رجال الشرطة عليه بعد معركة غير متكافئة.

نقد أدبي

يرصد نجيب محفوظ في هذه الرواية الفلسفية العبثية مدينة القاهرة بفضاءاتها المتناقضة إبان الفترة الاشتراكية الناصرية في سنوات عقد الخمسين وسنوات عقد الستين حيث كانت تتميز بالتفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي.

فيعد انتهاء الفترة الملكية ونفي الملك فاروق إلى إيطاليا، تولى الضباط الأحرار حكم مصر ونهجوا السياسة الثورية الاشتراكية. بيد حتى الشعارات التي كانوا يدعون إليها شعارات زائفة لا تعبر إلا عن الممارسة الأرستقراطية الحقيقية.

المصادر