النهضة الكارولنجية

عودة للموسوعة

النهضة الكارولنجية

Carolingian minuscule، من منتجات النهضة الكارلونجية.

النهضة الكارلونجية Carolingian Renaissance، كانت فترة من الاحياء الفكري والثقافي في الامبراطورية الكارولنجية حدثت من أواخر القرن الثامن عشر إلى القرن التاسع، كأول نهضات العصور الوسطى الثلاثة. حدثت النهضة الكارولنجية خاصة في عهد الحاكم الكارولنجي شارلمان ولويس التقي. وكان يدعمها فهماء البلاط الكارولنجي، وأشهرهم ألكوين من يورك.

خلفية

كانت النهضة الكارولنجية فترة من فترات البطولة المتعددة في العصور المظلمة، ولولا ما اتصف به خلفاء شارلمان من عجز وما شجر بينهم من نزاع لكان من المستطاع حتى تقضي هذه الفترات قبل مجيء أبلار بثلاثة قرون على ظلمات تلك العصور، وعلى فوضى بارونات الإقطاع. وعلى النزاع الذي قام بين الكنيسة والدولة ومزقها شر ممزق، وعلى غارات النورمان، والمجر، والمسلمين التي أدى إليها هذا النزاع الأخرق. لكن رجلاً بمفرده، وحياة بمفردها لم يكفيا لإقامة حضارة جديدة. يضاف إلى هذا حتى تلك النهضة القصيرة الأجل كانت نهضة كنسية ضيقة أشد الضيق، فلم يكن للمواطن العادي فيها نصيب، وما أقل من كان يعني بها من النبلاء، وما أقل من كان منهم يشغل نفسه بتفهم القراءة. وما من شك في حتى شارل نفسه ملوم إلى حد ما على انهيار دولته. فلقد أفاء على رجال الدين من الثراء ما جعل سلطان الأساقفة، بعد حتى حملت يده القوية عنهم، يرجح سلطان الإمبراطور؛ ولقد اضطرته مسببات حربية وإدارية حتى يمنح المحاكم والبارونات في الأنطقيم قدراً من الاستقلال شديد الخطورة. ثم إنه جعل مالية الحكومة الإمبراطورية ذات الأعباء الجسام تعتمد على ولاء هؤلاء الأشراف الغلاظ واستقامتهم، وعلى ما تدره أراضيه ومناجمه من إيراد غير كبير، ولم يكن في وسعه حتى يعمل ما عمله أباطرة الروم فينشئ بيروقراطية من الموظفين المدنيين مسئولين أمام السلطة المركزية دون غيرها، وقادرين على النهوض بأعباء الحكم مهما تكن شخصية الإمبراطور وأتباعه، فلم يكد يمضي على وفاته جيل واحد حتى أقبل رسل الإمبراطور الذين بسطوا سلطانه في الولايات أوتجاهل الولاة وجودهم، وألقى الأعيان المحليون عن كاهلهم سلطان الحكومة المركزية. وملاك القول حتى حكم شارلمان كان عملاً جليلاً من أعمال العباقرة يمثل الرقي السياسي في عصر وفي رقعة من الأرض يعمهما الاضمحلال الاقتصادي.

وإن الألقاب التي أطلقها المعاصرون لخلفائه عليهم لتكفي وحدها لأن تقص علينا قصتهم: لويس التقي، وشارل الأصلع، ولويس المتلعثم وشارل البدين، وشارل الساذج. فأما لويس "التقي" (814-840) فكان كأبيه طويل القامة، بهي الطلعة؛ وكان متواضعاً، رقيق الحاشية، خيّراً كريماً، مفرطاً في اللين إفراط يوليوس قيصر. وكان قد تربى على أيدي القساوسة فجعلته هذه التربية شديد الاهتمام بالمبادئ الأخلاقية التي كان يزاولها شارلمان باعتدال.من ذلك أنه لم تكن له إلا زوج واحدة ولم يكن له قط حظايا، وأنه طرد من حاشيته عشيقات أبيه وعشاق أخواته، ولما احتجت أخواته، ولما احتجت أخواته على عمله هذا حبسهن في أديرة الراهبات. وأرغم القساوسة على حتى يعملوا بأقوالهم، وأمر الرهبان حتى يحيوا الحياة التي توجبها عليها قواعد البنكتين، وحاول حتى يقضي على المظالم والاستغلال أينما وجدا، وأن يصلح ما كان فاسداً من قبل. وقد أحب الناس به لانحيازه إلى الضعفاء على الأقوياء في جميع الأحوال.

وأحس لويس حتى عادت الفرنجة توجب عليهم تقسيم دولته فقسمها إلى ممالك يحكمها أبناؤه-بيبن، ولوثير ، ولويس "الألماني" (وسنسميه لدفج فيما بعد). وقد رزق لويس من يوديت زوجته الثانية ابناً رابعاً يعهد في التاريخ باسم شارل الأصلع؛ وكان لويس يحبه حباً لا يكاد يقل عن افتتان الأجداد بأحفادهم، ويريد حتى يعطيه قسطاً من إمبراطوريته بعد حتى يلغي التقسيم الذي عمله في عام 817، لكن أولاده الثلاثة الكبار عارضوا في هذا وشنوا على أبيهم حرباً داخية دامت ثمانية أعوام. وأيدت كثرة النبلاء ورجال الدين هذه الفتنة، ثم خرجت عليه القلة التي ظلت موالية له عندما تأزمت الأحوال في رُثفلد (القريبة من حدثار) والتي عهدت فيما بعد باسم لوجنفلد أي ميدان الأكاذيب. فلما رأى ذلك لويس أمر من بقي من أنصاره حتى يهجروه وشأنه وأن يهتموا بحماية أنفسهم، ثم استسلم لأبنائه (833)، فلما تم لهم ذلك سجنوا يوديث وجزوا شعرها، وأودعوا شارل الصغير في دير، وأمروا أباهم حتى ينزل عن العرش وأن يكفر علناً عما عمل، وجيء بلويس إلى كنيسة بسواسون يحيط به ثلاثون أسقفاً، وأرغم في حضرة لوثير ابنه وخلفه على حتى يخلع ملابسه حتى وسطه، وأن يسجد على بترة من نسيج الشعر ويقرأ جهرة اعترافاً بجريمته. ثم لبس مسوح الندم الرمادية اللون، وقضى سنة في أحد الأديرة. وحكمت فرنسا من تلك اللحظة أسقفية موحدة قامت بين الأسرة الكارلنجية المتفككة.

واشمأز الشعب من سوء معاملة لوثير لأبيه لويس؛ واستجاب كثيرون من النبلاء وبعض رجال الدين لنداء يوديث حين طالبت بإلغاء قرار الخلع، ودب النزاع بين الأخوة الثلاثة، وأطلق بيبين ولدفج أباهما، وأجلساه على عرشه، وأعادا يوديث وشارل إلى أحضانه (834). ولم يثأر لويس لنفسه، بل عفا عن جميع من أساءوا إليه. ولما توفي بيبين (838) قسمت الدولة تقسيماً جديداً لم يرض عنه لدفج، وهجم على سكسونيا، ونزل الإمبراطور الشيخ مرة أخرى إلى ميدان القتال، وصد المهاجمين، ولكنه سقم من تعرضه لتقلبات الجووهوعائد من الميدان، وتوفي بالقرب من إنجلهايم (840). وكان من آخر الألفاظ التي نطق بها رسالة يصفح بها لدفج، ويدعولوثير، وقد أصبح إمبراطوراً، حتى يحمي يوديث وشارل.


الحياة الاجتماعية

كان الأشراف لديهم من المشاغل ما يكفيهم، ولمقد يكونوا يرغبون في حتى يخفوا لمساعدة أنطقيمهم، ولم يستجيبوا إلا استجابات ضعيفة لما وجه إليهم من نداء للعمل الإجماعي. وأما الملوك فكانوا في شغل شاغل بحروبهم في سبيل التملك أوالاستيلاء على تاج الإمبراطورية، وكانوا أحياناً يشجعون الساحليين في غاراتهم على سواحل منافسيهم. وحدث في عام 859 حتى اتهم هنكمار كبير أساقفة ريمس شارل الأصلع علناً بالإهمال في الدفاع عن فرنسا. وخلف شارل فيما بين 877 و888 ملوك أكثر منه ضعفاً-لويس الثالث، وكارلومان، وشارل البدين. وتعاونت أحداث الزمان والمنايا فتوحدت مملكة شارلمان مرة أخرى تحت حكم شارل البدين، وأتيحت للإمبراطورية المحتضرة فرصة أخرى للدفاع عن حياتها. ولكن أهل الشمال استولوا على نجمين وأحرقوها في عام 880، واتخذوا من كورتراي وگنت قلاعاً لهم حصينة، وفي عام 881 أحرقوا لياج، وكولوني، وبن وبروم، وآخن؛ وفي 882 استولوا على تريير، وقتلوا كبير أساقفتها الذي قاد المدافعين عنها؛ وفي السنة نفسها استولوا على ريمس، وأرغموا هنكمار على حتى يقاتل ويموت. وفي عام 883 استولوا على أمين، ولكنهم انسحبوا منها بعد حتى أخذوا أثنى عشر ألف رطل من الفضة من كارلومان. وفي عام 885 استولوا على رون، وساروا في النهر صعداً إلى باريس في سبعمائة سفينة عليها ثلاثون ألف رجل. وقاد حاكم المدينة الكونت أودوأوأود، وأسقفها جزلان المدافعين عنها، وقاوموا المغيرين مقاومة باسلة. وظلت باريس مضروباً عليها الحصار ثلاثة عشر شهراً هاجم المدافعون عنها المحاصرين أثنى عشر مرة؛ وانتهى الأمر بأن أدى شارل البدين الشماليين 7000 رطل من الفضة بدل حتى يخف لإنقاذ المدينة، وأذن لهم فوق ذلك حتى يسيروا في نهر السين صعداً ويقضوا الشتاء في برغندية التي نهبوها نهباً ترتضيه نفوسهم.ثم خلع شارل وتوفي عام 888، وأختير أودوملكاً على فرنسا، وصارت باريس بعد ثبت قيمتها من الوجهة الحربية الفنية مقر الحكومة.


الجهود الفهمية


ألكوين (وسط الصورة)، أحد الفهماء البارزين في عصر النهضة الكارولنجية.

أصدر شارلمان في عام 787 إلى جميع أساقفة فرنسا ورؤساء أديرتها "توجيهات لدراسة الآداب"، يلوم فيها رجال الدين على ما يستخدمونه من "اللغة الفظة" و"الألسنة غير المهذبة" ويحث جميع كنيسة ودير على إنشاء مدارس يتفهم فيها رجال الدين على السواء القراءة والكتابة. ثم أصدر توجيهات أخرى في عام 789 يدعوفيها مديري هذه المدارس حتى "يحرصوا على ألا يفرقوا بين أبناء رقيق الأرض وأبناء الأحرار، حتى يمكنهم حتى يأتوا ويجلسوا على المقاعد نفسها ليدرسوا النحو، والموسيقى، والحساب". وفي عام 805 صدرت تعليمات أخرى تهيئ لهذه المدارس تعليم الطب، وتعليمات غيرها تندد بالخرافات الطبية. ومما يدلنا على حتى أوامره لم تمضى أدراج الرياح كثرة ما أنشئ في فرنسا وألمانيا الغربية من مدارس في الكنائس والأديرة؛ فلقد أنشأ ثيودولف أسقف أورليان مدارس في جميع أبرشية من أسقفيته، رحب فيها بجميع الأطفال على السواء، وحرم على القساوسة الذين يتولون التدريس حتى يتناولوا أجوراً، وذلك أول مثل للتعليم العام المجاني في تاريخ كله. ونشأت مدارس هامة، متصلة كلها تقريباً بالأديرة، في خلال القرن التاسع في تور، وأوكسير، وبافيا، وسانت جول، وفلدا، وگنت وغيرها من المدن. وأراد شارلمان حتى يوفر حاجة هذه المدارس إلى المفهمين، فاستقدم الفهماء من أيرلندة، وبريطانيا، وإيطاليا، ومن هذه المدارس نشأت في المستقبل الجامعات الأوربية.

على أننا يجب حتى لا نغالي في تقدير القيمة العقلية لذلك العهد. فلقد كان هذا البعث المدرسي أشبه بيقظة الأطفال منه بالنضوج الثقافي الذي كان قائماً وقتئذ في القسطنطينية، وبغداد، وقرطبة، فلم يثمر هذا البعث كتاباً كباراً من أي نوع كان. وكتابات ألكوين الشكلي مملة، مقبضة، خانقة؛ وليس فيها ما ينفي عنه تهمة التحذلق والتباهي بالفهم، وتدل على أنه إنسان لطيف يستطيع حتى يوفق بين السعادة والتقي؛ وليس فيها ما يشير على هذا وينفي ذاك إلا بعض وسائله وأبيات من شعره. ولقد أنشأ كثير من الناس أشعاراً في أثناء هذه النهضة الفهمية القصيرة الأجل، منها قصائد ثيودولف التي فيها قدر كاف من الجمال على طريقتها الضعيفة الخاصة بها. غير حتى الأثر الأدبي الخالد الوحيد الذي خلفه ذلك العهد هوالترجمة المختصرة البسيطة لشارلمان التي خطها اجنهارد. وهي تحذوحذوكتاب ستونيوس حياة القياصرة، بل الكتاب الأول ليقتطف بعض فقرات من الثاني يصف بها شارلمان. على أننا يجب حتى نغفر جميع شيء للمؤلف الذي يصف نفسه في تواضع جم بأنه "همجي، لا يعهد إلا قليلاً من لسان الرومان"، وما من شك رغم هذا الاعتراف في أنه رجل عظيم المواهب، لأن شارلمان عيّنَه أستاذاً اقصره، وخازناً لبيت ماله، واتخذه صديقاً مقرباً له، واختاره ليشرف على الكثير من العمائر في حكمه الإنساني العظيم، ولعله قد اختاره لتخطيطها.

شيدت قصور للإمبراطور في أنجلهيم ونجمجين، وأقام في آخن عاصمته المحببة القصر والكنيسة الصغيرة الذائعي الصيت الذين تعرضا لأكثر من ألف من الأخطار وظلا قائمين حتى دمرتهما قنابل الحرب العالمية الثانية. وقد أقام المهندسون المجهولون تلك الكنيسة على نمط كنيسة سان فيتال برافنا وهي التي أقيمت على غرار الكنائس البيزنطية السورية؛ فكانت النتيجة حتى وجدت كنيسة شرقية جانحة في الغرب. وقد أقيمت فوق البناء المثمن قبة مستديرة، وقسم البناء من الداخل عدة أقسام بطابقين من عمد مستديرة "وزينت بمصابيح من المضى والفضة، وحظارٍ، وأبواب من البرونز المصمت، وأعمدة وبوارق جيء بها من روما ورافنا"، وينقش فسيفسائي ذائع الصيت في القبة.

الكنيسة والدولة

كان شارلمان سخياً غاية السخاء على الكنيسة، ولكنه مع هذا جعل نفسه سيدها، واتخذ من عقائدها ورجالها أدوات لتعليم الناس وحكمهم. وكانت كثرة رسائله متعلقة بشئون الدين، فكان يقذف الفاسدين من موظفيه والقساوسة الدنيويين بعبارات مقتبسة من الكتاب المقدس؛ وإن ما في أقواله من القوة لينفي عنه مظنة حتى تقواه كانت خدعة سياسية. فقد كان يبعث بالمال إلى المسيحيين المنكوبين في البلاد الأجنبية، وكان يصر في مفاوضاته مع الحكام المسلمين على حتى يراعوا العدالة في معاملة رعاياهم المسيحيين. وكان للأساقفة شأن كبير في مجالسه، وجمعياته، ونظامه الإداري، ولكنه كان ينظر إليهم، رغم احترامه الشديد لهم، على أنهم عماله بأمر الله، ولم يكن يتردد في حتى يصدر أوامره لهم، حتى في المسائل المتعلقة بالعقائد أوالأخلاق. ولقد ندد بعبارة الصور والتماثيل حين كان البابوات يدافعون عنها، وطلب إلى جميع قس حتى يبعث إليه بوصف مكتوب لكيفية التعميد في أبرشيته، ولم تكن توجيهاته للبابوات أقل من هداياه لهم، وقضى على ما يحدث في الأديرة من تمرد، ووضع نظاماً للرقابة الصارمة على أديرة النساء ليمنع "النادىرة، والسكر، والشره" بين الراهبات. سأل القساوسة في أمر وجهه لهم عام 811 عما يقصدون بقولهم إنهم ينبذون العالم على حين "أننا نرى" بعضهم يكدحون يوماً بعد يوم بجميع الوسائل، ليزيدوا أملاكهم، فتارة يتخذون التهديد بالنار الأبدية وسيلة يستخدمونها لأغراضهم الخاصة، وتارة يعدون الناس بالنعيم السرمدي لهذه الأغراض نفسها، وطوراً يسلبون السذج أموالهم باسم الله أواسم أحد القديسين، ويلحقون بذلك أعظم الضرر بورثتهم الشرعيين". على أنه رغم هذا قد أبقى لرجال الدين محاكمهم الخاصة، وأمر بأن يؤدي إلى الكنيسة عشر غلة الأرض، وجعل لرجال الدين الإشراف على شئون الزواج، والوصايا، وأوصى هونفسه بثلثي ضياعه لأسقفيات مملكته(37)، ولكنه كان يطلب إلى الأساقفة بين الفينة والفينة حتى يقدموا "هبات" قيمة لتساعد على الوفاء بنفقات الحكومة.

وقد أثمر هذا التعاون الوثيق بين الكنيسة والدولة فكرة من أجلّ الأفكار في تاريخ الحكم: ألا وهي استحالة دولة شارلمان إلى الإمبراطورية الرومانية المقدسة التي تستند إلى جميع ما كان لروما الإمبراطورية والبابوية من هيبة، وقداسة، واستقرار. ولقد كان البابوات من زمن طويل يستنكرون خضوع أنطقيمهم إلى بيزنطية التي لا تصد عنها غارة ولا تقر فيها أمناً، وكانوا يشاهدون خضوع البطارقة المتزايد إلى إمبراطور القسطنطينية ويخشون حتى تضيع حريتهم هم أيضاً. ولسنا نعهد من الذي لاحت له فكرة تتويج شارلمان إمبراطوراً رومانياً على يد البابا أومنذا الذي وضع خطة هذا التتويج، وكل ما نعهده حتى ألكوين، وثيودولف وغيرهما من الملتفين حوله قد تناقشوا في إمكانه، ولعلهم هم الذين خطوا فيه المستوى الأولى، أولعل مستشاري البابا هم الذي فكروا في هذا الأمر. وقامت في سبيل تطبيقه صعاب شديدة: فقد كان إمبراطور الروم يلقب وقتئذ بلقب الإمبراطور الروماني، وكان أحق الناس من الوجهة التاريخية بذلك اللقب، ولم يكن للكنيسة حق معترف به في حمل الألقاب أونقلها من إنسان إلى آخر، ولربما كان منح اللقب لشخص منافس لبيزنطية سبباً في إشعال نار حرب عاجلة عوان بين المسيحيين في الشرق وإخوانهم في الغرب، حرب تهجر أوربا المخربة غنيمة سهلة للفتوح الإسلامية. غير حتى الأمر قد سيره بعض التيسير إذا إيريني جلست على عرش أباطرة الروم (797)، فقد نطق البعض وقتئذ إنه لم يعد هناك إمبراطور روماني، وإن الباب أصبح مفتوحاً لكل من يطالب باللقب، فإذا ما نفذت هذه الخطة الجريئة قام مرة أخرى إمبراطور روماني في الغرب، تقوى به المسيحية اللاتينية وتتوحد، فتستطيع مقاومة انشقاق بيزنطية وتهديد المسلمين ولعل ما في اللقب الإمبراطوري من رهبة وسحر يمكن أوربا الهمجية من حتى تعود أدراجها خلال القرون المظلمة وترث حضارة العالم القديم وثقافته وتنشر المسيحية في ربوعه.

وحدث في السادس والعشرين من ديسمبر عام 795 حتى اختير ليوالثالث بابا؛ ولم يكن شعب روما يحبه، وكان يتهمه بعدة فعال خبيثة، ثم هاجمه العامة في الخامس والعشرين من إبريل عام 799، وأساءوا معاملته، وسجنوه في دير. لكنه هرب من سجنه، وفر إلى شارلمان في بادربورن وطلب إليه حتى يحميه. وأحسن الملك استقباله، وأعاده إلى رومة مع حرس مسلح، وأمر البابا ومتهميه حتى يمثلوا أمامه في تلك المدينة في العام المقبل. ودخل شارلمان العاصمة القديمة بموكب فخم في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 800، واجتمعت في أول ديسمبر جمعية من الفرنجة الرومان، واتفقت على إسقاط التهم الموجهة إلى ليوإذا ما أقسم يميناً مغلظة على أنه لم يرتكبها. وأقسم ليواليمين وتهيأت السبيل إلى إقامة احتفال فخم بعيد الميلاد. فلما أقبل ذلك اليوم ركع شارلمان للصلاة أمام مذبح القديس بطرس بالعباءة اليونانية القصيرة والصندلين، وهما اللباس الذي كان يرتديه كبراء الرومان، ثم أخرج ليوعلى حين غفلة تاجاً مطعماً بالجواهر ووضعه على رأس الملك. ولعل المصلين كانوا قد فهموا من قبل حتى يعملوا ما توجبه عليهم الشعائر القديمة التي يقوم بها كبراء الشعب الروماني لتأييد هذا التتويج، فنادوا ثلاث مرات: "ليحي شارل الأفخم، الذي توجه الله إمبراطوراً عظيماً للرومان لينشر بينهم السلام!". ومسح رأس الملك بالزيت المقدس، وحيا البابا شارلمان ونادى به إمبراطوراً وأغسطس، وتقدم إليهم بمراهم الولاء التي ظلت محتفظاً بها للإمبراطور الشرقي منذ عام 476.

وإذا جاز لنا حتى نصدق اجنهارد، فإن شارلمان قد نطق له إنه ما كان ليدخل الكنيسة لوأنه عهد حتى ليوينوي تتويجه إمبراطوراً. ولربما كان قد عهد الخطة بوجه عام، ولكنه لم يرض عن السرعة التي تمت بها والظروف المحيطة بها وقت إتمامها؛ ولعله لم يكن يسره حتى يتلقى التاج من البابا، فيفتح بقبوله منه باباً للنزاع الذي دام قروناً طوالاً بين البابا والإمبراطور، وأيهما أعظم مكانة وأقوى سلطاناً: المعطي: أوآخذ العطية؛ ولعله فكر أيضاً فيما يفترض أن يجره ذلك من نزاع مع بيزنطية في المستقبل. ثم أوفد شارلمان عدة رسائل وبعوث إلى القسطنطينية يريد بها حتى يأسوالجرح الذي أحدثته هذه العملة، وظل زمناً طويلاً لا ينتفع بلقبه الجديد؛ حتى كان عام 802 فعرض الزواج على إيريني ليكون ذلك وسيلة يجعل بها لقبيهما المشكوك فيهما شرعيين(39)، ولكن سقوط إيريني عن عرشهما أفسد هذه الخطة اللطيفة. وأراد بعد ذلك حتى يقلل من خطر هجوم بيزنطية عليه فوضع خطة لعقد اتفاق ودي مع هارون الرشيد، وقد أيد هارون ما نشأ بينهما من حسن التفاهم بأن أوفد إليه عدداً من الفيلة ومفاتيح الأماكن المقدسة في بيت المقدس. وردّ الإمبراطور الشرقي على ذلك بأن شجع أمير قرطبة على عدم الولاء لبغداد، وانتهى الأمر في عام 812 حين اعترف إمبراطور الروم بشارلمان إمبراطوراً نظير اعترافه بأن البندقية وإيطاليا الجنوبية من أملاك بيزنطية.

وكان لتتويج شارلمان نتائج دامت ألف عام، فقد قوى البابوية والأساقفة إذ جعل السلطة المدنية مستمدة من الهبة الكنسية، وأتاحت حوادث عام 800 لجريجوري السابع وإنوسنت الثالث حتى يقيما على أساسها كنيسة أقوى من الكنيسة السابقة، وقوت شارلمان على البارونات الغضاب وغيرهم لأنها جعلته ولياً لله في أرضه، وأيدت أعظم التأييد نظرية حق الملوك الإلهي في الحكم، ووسعت الهوة بين الكنيسة اليونانية والكنيسة اللاتينية، لأن أولاهما لم تكن ترغب في الخضوع إلى كنيسة رومانية متحالفة مع إمبراطورية منافسة لبيزنطية. ولقد كان استمرار شارلمان في اتخاذ آخن لا روما عاصمة له شاهداً على انتنطق السلطة السياسية من بلاد البحر المتوسط إلى أوربا الشمالية، ومن الشعوب اللاتينية إلى التيوتون. وأهم من هذا كله حتى تتويج شارلمان أقام الإمبراطورية الرومانية المقدسة عملياً وإن لم يقمها من الوجهة النظرية. وكان شارلمان ومستشاروه يرون حتى سلطته الجديدة إحياء للسلطة الإمبراطورية القديمة، على حتى الصبغة الجديدة الخاصة بهذا النظام لم يعترف بها إلا في عهد أتوالأول، كما أنها لم تصبح "مقدسة" إلا حين ضم فردريك باربروسا لفظ مقدس إلى ألقابه في عام 1155. وجملة القول حتى الإمبراطورية الرومانية المقدسة كانت-على الرغم من تهديدها للعقول والمواطنين-فكرة نبيلة، وحلماً من أحلام الأمن والسلام، وعودة للنظام والحضارة إلى عالم أنقذ من براثن الهمجية، والعنف، والجهل.

وأصبحت المراسيم الإمبراطورية تكتنف الإمبراطور في المهام الرسمية، فكان عليه حتى يلبس أثواباً مزركشة، ذات مشبك مضىي، وحذاءين مرصعين بالجواهر وتاجاً من المضى والجوهر، وكان على زائريه حتى يسجدوا أمامه لقبلوا قدمه أوركبته، هذا ما أخذه شارلمان عن بيزنطية وما أخذته بيزنطية عن طيسفون. غير حتى اجنهارد يؤكد لنا حتى ثيابه-إذا استثنينا ما ذكرناه عنها آنفاً-لم تكن تختلف إلا قليلاً عن ثياب الفرنجة العادية: كانت تتألف من قميص من التيل، وسروال قصير لا شيء تحته، ومن فوق القميص والسروال القصير قناء من الصوف من الممكن كانت له أهداب من الحرير، وجورب طويل مربوط بشريطين يغطي ساقيه وحذاءين من الجلد في قدميه، وكان يضيف إليها في الشتاء معطفاً ضيقاً من جلود ثعلب الماء أوالفنك ، وكان يحتفظ بسيف إلى جانبه لا يفارقه أبداً. وكان طول قامته ست أقدام وأربع بوصات، وكانت بنيته تناسب مع هذا الطول. وكان أشقر الشعر، شفذ العينين ، أشم الأنف، له شاربان وليست له لحية "جليلاً مهيب الطلعة على الدوام". وكان معتدلاً في طعامه وشرابه، يمقت السكر أشد المقت، جيد الصحة على الدوام مهما تعرض لتقلبات الجوومهما قاسي من الصعاب. وكثيراً ما كان يخرج للصيد أويمارس ضروب الرياضة العنيفة على ظهور الخيل، وكان سبّاحاً ماهراً، يحب الاستحمام في عيون آخن الدفيئة. وقلّما كان يدعوالناس إلى الولائم، لأنه كان يفضل الاستماع إلى الموسيقى أوقراءة كتاب في أثناء الطعام. وكان يعهد قيمة الوقت كما يعهدها جميع عظيم. وكان يستقبل زائريه ويستمع إلى قضاياهم في الصباح وهويرتدي ثيابه أويلبس حذائيه.

وكان من وراء مهابته وجلاله عاطفة قوية وهمة عالية، ولكنه كان يسخّر عاطفته وهمته لتحقيق أغراضه ويوجههما بذكائه وثاقب بصره. ولم تستنفد حروبه التي تربى على نصف المائة قوته وحيويته. وكان إلى هذا كله شديد العناية بالعلوم والقوانين، والآداب، وعلوم الدين لا تفتر حماسته لها على مر السنين، وكان يسوئه حتى يبقى جزء من الأرض لم يستول عليه أوأي فرع من فروع الفهم لم يضرب فيه بسهم. وكان شريف النفس من بعض الوجوه، وكان يزدري الخرافات، ويحرّم أعمال المتنبئين أوالعرّافين، ولكنه صدّق كثيراً من الأعاجيب الأسطورية، وبالغ في مقدرة الشرائع على إصلاح أخلاق الناس وعقولهم. ولقد كان لهذه السذاجة النفسية بعض المحاسن: لقد كان في تفكيره وحديثه صراحة ونُبل قلَّما نراهما في رجال الحكم.


الفن الكارولنجي

Aachen Gospels (c. 820), an example of Carolingian illumination.


نسخة من Plan of Saint Gall

لعلنا قد غالينا في وصف ما أحدثته غارات الشماليين والمجر من أضرار، ذلك حتى حشدها كلها في حيز قليل توخياً للإيجاز يجعل صورة الحياة في تلك، الأوقات قاتمة فوق ما تستحق، مع أنها لم تكن تخلوبلا ريب من فترات ساد فيها الأمن والسلام؛ فقد ظلت الأديرة تشاد خلال هذا القرن التاسع الرهيب، وكثيراً ما كانت مراكز للصناعة الناشطة، وازدادت مدينة رون قوة بفضل اتجارها مع بريطانيا رغم ما أصيبت به من غارات وحرائق؛ وسيطرت كولوني ومينز على التجارة المارة بنهر الرين، ونشأت في فلاندرة مراكز غنية صناعية وتجارية بمدن غنت، وإيبرس Ypres، وليل Lile، ودويه، وآراس Arass، وتورناي Tournai، ودينان Dinant، وكمبريه، ولييج وفلنسين.

وأصيبت مخطات الأديرة بخسائر فادحة في كنوزها القديمة من جرّاء هذه الغارات، وما من شك في حتى كثيراً من الكنائس التي أنشئت فيها مدارس عملاً بقرار شارلمان قد دمرت، وإن كانت ممحرر قد بقيت في الأديرة أوالكنائس القائمة في فلدا، ولورسن Lorson، وريشنوReichenau، ومينز، وتريير وكولوني، ولييج، ولأون Laon، وريمس، وكوربي Corbie، وفليري Fleury، وسانت دينس، وتور، وببيوBobbio، ومونتي كسينو، وسانت جول... واشتهر دير البندكتيين في سانت جول بمن كان فيه من الكتّاب، كما اشتهر بمدرسته وخطها، وفيه خط نتكر بلبولوس Notker Balbulus-الألكن- (840-912) ترانيم بديعة ممتازة وسجل راهب سانت جول. وفيه ترجم نتكر لبيئوNotker Labeo-الغليظ الشفة- (950-1022) خط بؤيثيوس، وأرسطووغيرها من الخط القديمة إلى اللغة الألمانية؛ وأعانت هذه التراجم- وهي من أول ما خط بالنتر الألماني- على تثبيت تراكيب اللغة الجديدة وقواعدها.

وحتى في فرنسا الجريحة كانت مدارس الأديرة تضيء حلكة هذه العصور المظلمة. فقد افتتح ريمي الأوكسيري Remy of Auxerre مدرسة عامة في باريس عام 900، وأنشئت في القرن العاشر مدارس أخرى في أوكسير وكوربي، وريمس ولييج. وأسس الأسقف فلبير (960-1028) بمدينة تشارتر حوالي 1006 مدرسة أصبحت أشهر مدارس فرنسا كلها قبل أيام أبلار، ففيها وضع سقراط المبجل-كما كان تلاميذه يسمونه-قواعد تدريس العلوم، والطب، والآداب القديمة، بالإضافة إلى علوم الدين، والكتاب المقدس، والطقوس الدينية. وكان فلبير هذا رجلاً كريم الطبع، عظيم الإخلاص صبوراً صبر أولى العزم من الرسل، محسناً متصدقاً إلى أقصى حد. ولقد تخرج في مدرسته-قبل ختام القرن الحادي عشر-فهماء أمثال جون السلزبوري John of Salisbury، ووليم الكنشي William of Conches، وبرنجار التوري وجلبرت ده لابريه Gilbert de la Porr(a. وفي هذه الأثناء وصلت مدرسة القصر التي أنشأها شارلمان أوج مجدها في كمبييني Compi(gne تارة وفي لأون تارة أخرى بفضل ما حباها به شارل الأصلع من عون وتشجيع.

وقد استدعى شارل إلى مدرسة القصر عام 843 فهماء أيرلنديين وإنجليز في مختلف العلوم، كان من بينهم عالم من أعظم العقول المبتكرة وأعظمها جرأة في العصور الوسطى، رجل يبعث وجوده في ذلك الوقت الشك في صواب استبقاء اسم "العصور المظلمة" حتى على القرن التاسع نفسه، بَلْه غيره من القرون.

ويكشف اسمه عن أصله كشفاً مضاعفاً، فهوجوهان اسكوتس إريوجينا Johannes Scotus Eriugina أي جون الأيرلندي المولود في إرين. وسنسميه نحن إريجنا. وكفى. ويبدوأنه لم يكن من رجال الدين، ولكنه كان رجلاً متبحراً في العلوم، يجيد اللغة اليونانية، مغرماً بأفلاطون والآداب القديمة، حلوالفكاهة إلى حد ما. وتحدثنا إحدى القصص-التي بدومن سياقها كله أنها من مخترعات الأدباء-أن شارل الأصلع، كان يطعم معه في يوم من الأيام فسأله: ما الفارق بين الأبله والأيرلندي quid distat inter sottum et Scottum،يا ترى؟ فأجابه جون-كما تروي السيرة-: "المنضدة". ولكن شارل رغم هذا كان يحبه حباً جماً، وكان يشهد محاضراته، وأكبر الظن أنه كان يستظرف إلحاده. ويفسر جون العشاء الرباني في كتابه عن القربان المقدس بأنه عمل رمزي، ويتضمن هذا ارتيابه في وجود المسيح بحق في الخبز والخمر المقدسين. ولما أخذ الراهب الألماني جتسشولك Gottdchalk ينادي بمبدأ الجبرية المطلقة وينكر تبعاً لذلك مبدأ حرية الإرادة في الإنسان. طلب هنكمار كبير الأساقفة إلى إيرجينا حتى يرد عليه كتابه. فأجابه هذا إلى ما طلب وخط رسالته المسماة الجبرية الإلهية De Divina praedestinatione (حوالي عام 851). وقد بدأها بإطراء الفلسفة إطراءً عظيماً فنطق: "من يشأ حتى يبحث جاداً عن علل الأمور جميعها ويحاول كشفها، يجد جميع الوسائل الموصلة إلى العقيدة الصالحة الكاملة في الفهم والتدريب اللذين يطلق عليهما اليونان اسم الفلسفة". وينكر الكتاب في واقع الأمر مبدأ الجبرية، ويقول الإرادة حرة عند الله وعند الإنسان، وإن الله لا يعهد الشيء، ولوعهده لكان هوسببه. وكان رد إرجينا أكثر إلحاداً من أقوال جتسشولك، وأنكره مجلسان من مجالس الكنيسة في عامي 855 و859، وأودع جتسشولك في دير قضى فيه بقية حياته أما إرجينا فقد حماه الملك.

وكان ميخائيل الألكن إمبراطور بيزنطية قد بعث إلى لويس التقي في عام 824 مخطوطاً يونانياً لكتاب يسمى الحكومة الكنوتية السماوية. ويعتقد المسيحيون المتدينون حتى مؤلفه هوديونيشيوس "الأريوباجي" Disnysius the "Areopagite". وأحال لويس التقي المخطوط إلى دير سانت دنيس، ولكن أحداً ممن فيه لم يستطع ترجمة لغته اليونانية، فقام إرجينا بهذه المهمة إجابة لطلب الملك. وتأثر بالترجمة أعظم التأثر، وأعاد الكتاب إلى المسيحية غير الرسمية الصورة التي ترسمها الأفلاطونية الجديدة للكون المتولد أوالمنبعث من الله في مراحل مختلفة أودرجات من الكمال آخذة في النقصان، والذي يعود ببطء وبدرجات متفاوتة إلى الله مرة أخرى. وأصبحت هذه الفكرة الرئيسية التي يدور حولها أعظم مؤلفات جون التقسيم الطبيعي (867). ففي هذا الكتاب نجد بين الكثير من السخف، وقبل أبلار بقرنين من الزمان، إخضاعاً جريئاً لعلوم الدين والوحي إلى العقل، ومحاولة للتوفيق بين المسيحية والفلسفة اليونانية، وفيه يقر جون بصحة الكتاب المقدس؛ ولكنه يقول إنه لما كان معناه في كثير من أجزائه غامضاً، فإن الواجب يقضي بتفسيره حسبما يمليه العقل-ويكون ذلك عادة بفهم نصوصه على أنها رموز أواستعارات. ويقول إرجينا في هذا: "إن السلطان يُستمد أحياناً من العقل ولكن العقل لا يُستمد أبداً من السلطان، ذلك بأن جميع سلطان لا يرضى عنه العقل السليم يظهر ضعيفاً، ولكن العقل السليم لا يحتاج إلى تأييد السلطان أياً كان نوعه لأنه يستند إلى قوته". ويجب ألا يحتج بآراء آباء الكنيسة... إلا إذا كان لا بد لنا من الاحتجاج بآرائهم لتقوية حججنا أمام الناس الذين لا يحسنون الاستدلال، ولهذا يخضعون للسلطان لا للعقل". فها هوذا عصر العقل يتحرك في أرحام عصر الإيمان.

ويعهد جون الطبيعة بأنها: "اسم عام يطلق على جميع الأمور التي تكون وغير التي تكون" أي على جميع الأجسام، والعمليات، والمبادئ، والعلل، والأفكار. وهويقسم الطبيعة إلى أربعة أنواع من الكائنات. (1) ذاك الذي يخلق ولكنه لا يُخلَق- أي الله. ذاك الذي يُخلَق ويخلق- أي العلل الأولى، والمبادئ، والنماذج الأولى، والأفكار الأفلاطونية، والحدثة، وهي التي يتكون من عملياتها عالم الأمور المفردة، ذاك الذي يٌخلَق ولا يخلق- أي عالم الأمور المفردة السالفة الذكر، ذاك الذي لا يخلق ولا يُخلَق- أي الله بوصفه الغاية النهائية التي تستوعب جميع شيء. فالله هوجميع شيء كائن بحق؛ لأنه يكوّن الأمور وجميعها ويتكون من الأمور جميعها". وليس ثمة عملية خلق في وقت بذاته، لأن هذا القول يتضمن تغيراً في الله. فإذا سمعنا حتى الله قد أوجد جميع شيء-، فيجب ألا نفهم من هذا القول إلا حتى الله حال في جميع شيء- أي يوجد بوصفه جوهر جميع الأمور". "والله نفسه لا يدركه عقل من العقول، وليس الجوهر المكنون لكل شيء والذي خلقه الله مما يمكن إدراكه، وكل الذي نراه هوالأعراض لا الجوهر"- أي صور الأمور التي تدركها الحواس والعقول لا حقائقها التي لا تعهد ولا يمكن معهدتها-كما يقول كانت فيما بعد. وليست الخصائص المحسوسة في الأمور متأصلة في الأمور نفسها، وإنما تتكون من الأمور التي ندركها بها. فإذا قيل لنا إذا الله يرغب، ويحب ويختار، ويرى، ويسمع... فيجب ألا نفكر إلا في حتى حقيقته وقوته اللتين لا يستطاع وصفهما يُعَبَّر عنهما بمعان تتفق معنا في طبيعتها"- أي موائمة لطبيعتنا، "حتى لا يجد المسيحي الحق التقي ما يقوله عن الخالق، فلا يقول شيئاً عنه ليفهم به النفوس الساذجة". ولمثل هذا الغرض لا لشيء سواه نستطيع حتى نتحدث عن الله كأنه ذكر أوأنثى، وليس "هو" هذا ولا ذاك. فإذا فهمنا لفظ "الأب" بمعنى المادة الخلاّقة أوجوهر الأمور جميعها، و"الابن" على أنه الحكمة الإلهية التي تتكون أوتحكم بمقتضاها الأمور كلها، والروح على أنه الحياة أوحيوية الخلق، إذا فهمنا هذه الثلاثة على هذا النحوجاز لنا حتى نفكر في الله على أنه ثالوث. وليست الجنة والنار مكانين، بل هما أحوال النفس، فالنار هي الشقاء المنبعث من الخطيئة، والجنة هي السعادة المنبعثة من الفضيلة والنشوة المنبعثة من الرؤيا الإلهية (إدراك الألوهية) التي تتكشف من الأمور جميعها للنفس التقية. وليست جنة عدن مكاناً على الأرض، بل هي حالة كهذه من حالات النفس. والأمور جميعها خالدة: فللحيوانات أيضاً، كما للآدميين، نفوس تعود إلى الموت بعد الله أوإلى الروح الخالق الذي انبعثت منه. والتاريخ كله إذا هوإلا فيض من عملية الخلق إلى الخارج عن طريق الانبعاث، وموجة مدية لا تغلب نحوالداخل تجذب الأمور جميعها في آخر الأمر إلى الله.

لقد وجدت فلسفات شر من هذه الفلسفة وفي عصور النور، ولكن الكنيسة حسبتها تموج بالإلحاد والزندقة. ولهذا طلب نقولاس الأول إلى شارل الأصلع في عام 865 إما حتى يبعث بجون إلى روما ليحاكم أوحتى يفصله من مدرسة القصر، "حتى لا يستمر في تسميم الذين يسعون لطلب الخبز". ولسنا نعهد نتيجة هذا الطلب، غير حتى إنجليزياً من أهل مالمزبري يروي "أن جوهان اسكوتس اتى إلى إنجلترا وإلى ديرنا، كما تقول الأخبار، وأن الأولاد الذين يفهمهم كانوا يَشُكوُّنه بأقلامهم الحديدية"، وأنه توفي من أثر هذا العمل. وأكبر الظن حتى هذه السيرة حلم من أحلام تلميذ كان يتمنى تحقيقه. ولقد تأثر بإرجينا فلاسفة من أمثال جلبرت، وأبلار، وجلبرت ده لابوريه على غير فهم منهم، غير أنه بوجه عام قد نسي في غمار الفوضى الضاربة أطنابها في ذلك العصر المظلم. ولما حتى حمل ستار النسيان عن كتابة في القرن الثالث عشر حكم مجلس سنس Sens بتحريمه (1225) وأمر البابا هونوريوس الثالث بأن ترسل نسخة جميعها إلى روما وأن تحرق فيها. ووقف الفن الفرنسي في هذه الأوقات المضطربة جامداً لا يتحرك، فقد ظل الفرنسيون يشيدون كنائسهم على نظام الباسلقا رغم ما ضربه لهم شارلمان من أمثلة. وفي عام 966 أصبح أحد الرهبان والمهندسين الإيطاليين ويدعى وليم من أبناء فلبيانورئيساً لدير فيكامب (النورماني. وقد اتى معه من إيطاليا بكثير من أساليب الطراز النورماني والرومانسي، ويبدوحتى أحد تلاميذه هوالذي بنى دير جوميج) الكنسي (1045-1067)؛ وفي عام 1042 ولج رجل إيطالي آخر يدعى لانفرانك الدير النورماني في بك، وسرعان ما جعله مركزاً فهمياً نشطاً، يهرع إليه طلاّب بلغوا من الكثرة ما اضطر القائمين عليه إلى إضافة أبنية جديدة له. وقد خطط لانفرانك هذه الأبنية، ولعله قد استعان على تخطيطها بمن هم أكثر منه خبرة بهذا العمل. ولم يبق حجر واحد من حجارة هذا البناء، ولكن دير الرجال في جائن Abbaye aux Hommes at Gaen (1077-1081) لا يزال قائماً غلى اليوم يشهد بقوة الطراز الرومانسي الذي تطور في نورماندي على أيدي لانفرانك ومن اتى بعده.

وشيدت في القرن الحادي عشر كنائس جديدة في جميع أنحاء فرنسا وفلاندرز، زينها الفنانون بصور الجدران وبنقوش الفسيفساء والتماثيل. وكان شارلمان قد أمر بأن يطلى داخل الكنائس ويلون ليستفيد من ذلك المؤمنون؛ وزينت قصور آخن وأنجلهيم بالمظلمات، وما من شك في حتى كثيراً من الكنائس قد حذت حذوهذه القصور. وقد دمرت آخر بتر من مظلمات آخن في عام 1944، ولكن نقوشاً شبيهة بما كان على جدرانها لا تزال باقية في كنيسة سان جرمان St, Germain في أوكسير. ولا تختلف هذه النقوش في شكلها عن النقوش التي تزدان بها مخطوطات ذلك العصر ولا عن طرازها أوحجمها.

وقد خط رهبان مدينة تور في عهد شارل الأصلع نسخة ضخمة ملونة من الكتاب المقدس وأهدوها إلى الملك، ولا تزال هذه النسخة محفوظة في قسم المخطوطات اللاتينية بالمخطة الأهلية بباريس تحت رقم 1. وأجمل من هذا المخطوط إنجيل "لوثير" الذي خطه في ذلك الوقت رهبان تور أيضاً. كذلك أخرج رهبان ريمس في هذا القرن التاسع كتاب تراتيل "أوترخت Utrecht" الذائعة الصيت-وبتأليف هذا المخطوط من 108 ورقة من الجلد الرقيق ويحتوي على مزامير داود وعقيدة الرسل مزدانة بكثير من صور الحيوانات على اختلاف أنواعها وبعدد لا يحصى من الأدوات وصور المهن والأعمال. وتصطبغ هذه الصور الحية بصبغة من الواقعية الشديدة بدلت فن التصوير الدقيق الذي كان من قبل جامداً مستمسكاً بالتنطقيد.


العمارة الكارولنجية


الموسيقى الكارلونجية

الاصلاح الاقتصادي والقضائي

كان يمكن لشارل حتىقد يكون قاسياً إذا تطلبت سياسة الدولة القسوة، وأشد ما كانت قسوته فيما بذله من جهود لنشر الدين المسيحي، ولكنه مع هذا كان عظيم الرأفة، كثير الإحسان، وفياً مخلصاً لأصدقائه، ولقد بكى بالدمع عند وفاة أولاده، وبنته، والبابا هدريان. ويرسم لنا ثيودولف في قصيدة له عنوانها "حكم شارل" صورة لطيفة للإمبراطور في بيته، فيقول إنه إذا قدم من أعماله أحاط به أبناؤه، فيخلع عنه ابنه شارل عباءته، ويأخذ ابنه نويس سيفه، وتعانقه بناته الست، ويأتين له بالخبز، والخمر، والتفاح، والأزهار، ويدخل الأسقف ليبارك طعام الملك، ويقترب منه ألكوين ليبحث معه ما لديه من الرسائل، ويهرول إجنهارد الضئيل الجسم هنا وهناك كأنه نملة، ويأتيه بخط ضخمة. وقد بلغ من حبه لبناته حتى أقنعهن بعدم الزواج، ونطق إنه لا يطيق فراقهن، ومن أجل هذا أخذن يواسين أنفسهن بالارتماء إلى أحضان العشاق وجئن بعدة أبناء غير شرعيين(42). وقد قابل شارلمان هذه الأعمال منهن بنفس سمحة، لأنه هونفسه قد جرى على سنة أسلافه، فاتخذ له أربع أزواج واحدة بعد الأخرى، وأربع عشيقات أوحظايا. ذلك حتى حيويته الموفورة جعلته شديد الإحساس بمفاتن النساء، وكانت نساؤه يؤثرن حتىقد يكون للواحدة منهن نصيب منه على حتىقد يكون لها رجل آخر بمفردها. وقد ولدت له نساؤه نحوثمانية عشر من الأبناء والبنات منهم أربعة شرعيون. وغض من في حاشيته ومن في روما من رجال الدين أبصارهم عن تحلل رجل مسيحي مثله من قيود الأخلاق المسيحية.

وكان شارلمان وقتئذ على رأس دولة أعظم من الإمبراطورية البيزنطية لا يعلوعليها في عالم الرجل الأبيض إلا دولة الخلفاء العباسيين. ولكن جميع توسع في حدود الإمبراطوريات أوالعلوم يخلق مشاكل جديدة. فلقد حاولت أوربا الغربية حتى تحمي نفسها من الألمان بإدماجهم في حضارتها؛ غير حتى ألمانيا كان عليها في هذا الوقت حتى تحمي نفسها من أهل الشمال ومن الصنطقبة؛ وكان الملاحون من أهل الشمال قد أنشئوا لهم مملكة في جتلندة قبل عام 800 م وأخذوا يغيرون على سواحل فريزيا. وأسرع إليهم شارل من روما، وأنشأ الأساطيل والقلاع عند الشواطئ والأنهار، وأقام حاميات في الأماكن المعرضة للأخطار، ولما أغار ملك جتلندة على فريزيا عام 810 صُدَّ عنها، ولكن شارلمان هاله حتى يشهد من قصره في نربونة بعد قليل من ذلك الوقت، إذا جاز لنا حتى نصدق أخبار راهب سانت جول، سفن القراصنة الدنمرقيين في خليج ليون. ولعله قد تنبأ، كما تنبأ دقلديانوس من قبل، بأن إمبراطوريته الواسعة في حاجة إلى الدفاع السريع عنها في عدة مواضع في وقت واحد، فقسمها في عام 806 بين أولاده الثلاثة-بيبين، ولويس، وشارل. ولكن بيبن توفي عام 810، وشارل في عام 811، ولم يبق من هؤلاء الأبناء إلا لويس، وكان منهمكاً في العبادة انهماكا بدا معه أنه غير خليق بأن يحكم عالماً مليئاً بالاضطراب والغدر. غير حتى لويس رغم هذا قد حمل باحتفال مهيب في عام 813 من ملك إلى إمبراطور ونطق المليك الشيخ قائلاً: "حمداً لله يا إلهي إذ أنعمت عليَّ بأن أرى بعين ولدي يجلس على عرشي".

وبعد أربع سنين من ذلك الوقت أصيب الملك الشيخ وهويقضي الشتاء في آخن بحمى شديدة نتج عنها التهاب البلورة، وحاول حتى يداوي نفسه بالاقتصار على السوائل، ولكنه توفي بعد سبعة أيام من بداية السقم بعد حتى حكم سبعاً وأربعين سنة وعاش اثنتين وسبعين (814)، ودفن تحت قبة كتدرائية آخن، مرتدياً أثوابه الإمبراطورية. وما لبث العالم كله حتى أسماه كارولس ماجنس أوكارل در جروس أوشارلمان (أي شارل العظيم)، ولما حل عام 1165 ومحا الزمان جميع ذكريات عشيقاته ضمته الكنيسة التي أحسن إليها الإحسان كله في زمرة الصالحين المنعمين.


العسكرية

حمى شارل الساذج الذي خلف أودوعلى العرش (895-923) إقليم السين والساءون من المغيرين، ولكنه لم يحمل يده ضد غارات الشماليين على بقية فرنسا، ثم لم يكتف بهذا بل أسلم إلى رولف أورلوأحد زعماء النورمان في عام 911 أنطقيم رون، وليزيو، وإفرو. وكان النورمان قد استولوا عليها من قبل. ووافق النورمان على حتى يؤدوا عنها للملك ما يؤديه أمراء الإقطاع عن أملاكهم، ولكنهم كانوا يسخرون منه وهم يقومون بمراسم الولاء التقليدية. وارتضى ليوحتى يُعَمَّد، وحذا رجاله حذوه، ثم استقروا على مهل وأصبحوا زراعاً ومتحضرين. إلى غير ذلك بدأت نورمنديا بأن كانت ولاية في فرنسا فتحها أهل الشمال. ولقد عثر الملك الساذج حلاً لمشكلة باريس إذا لم يكن لغيرها من المشاكل، ذلك حتى النورمان أنفسهم سيصدون بعد ذلك الوقت من يحاولون دخول السين من المغيرين. أما في غير هذا الجزء من فرنسا فلم تنبتر غارات الشماليين، فنهبت تشارتر في عام 911، وأنجير في عام 919، ونهبت أكتين وأوفرني في عام 923، كما نهبت آرتوا وإقليم بوفيه في عام 924. وفي هذا الوقت نفسه تقريباً ولج المجر برغندية في عام 917 بعد حتى خربوا جنوبي ألمانيا، واجتازوا الحدود الفرنسية، ثم اجتازوها راجعين دون حتى يلقوا مقاومة، ونهبوا الأديرة القريبة من ريمس وسان وأحرقوها (937)، واخترقوا كأرجال الجراد الفتاك أكتين (951) وأحرقوا ضواحي كورتراي، وليون، وريمس (954)، ونهبوا برغندية على مهل. وأوشك صرح النظام الاجتماعي في فرنسا حتى ينهار تحت هذه الضربات المتكررة التي كالها له الماليون والهون. وفي ذلك يقول أحد المجاميع الدينية المقدسة في عام 909.

المصادر

  • Cantor, Norman F. (1993). The Civilization of the Middle Ages: a completely revised and expanded edition of Medieval history, the life and death of a civilization. HarperCollins. ISBN .
  • Mortimer Chambers (1983). The Western Experience: To 1715 (3rd edition ed.). New York: Alfred A. Knopf. ISBN . Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)CS1 maint: extra text (link)
  • Martin Scott (1964). Medieval Europe. New York: Dorset Press. ISBN .

الهوامش

  1. ^ G.W. Trompf, "The concept of the Carolingian Renaissance", Journal of the History of Ideas, 1973:3ff.

تاريخ النشر: 2020-06-04 11:31:59
التصنيفات: صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, Pages with citations using unsupported parameters, CS1 maint: extra text, أدب لاتيني كارولنجي, الفترة الكارولنجية, فنون العصور الوسطى, المسيحية في العصور الوسطى

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الجمارك تحجز  165 ألف يورو  بالطريق السيار

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:24:54
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 68%

اعتقال امرأة في السويد بعد تصديها لعملية حرق القرآن

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:24:48
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 59%

نصف الألمان غير راضين عن أداء شولتس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:25:31
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

مسؤول تشادي: نستقبل مليون لاجئ أغلبهم من السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:25:28
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

القبض على شخص لترويجه المخدرات بجازان - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:26:09
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

لقجع يتنازل عن شكايته ضد رجاويين على خلفية تُهم السب والقذف

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:26:13
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

ولي العهد السعودي يبحث مع وزير الخارجية الإيراني تعزيز التعا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:24:52
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

حرس الحدود بجازان يحبط تهريب 83 كيلوغراما من «القات» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:26:08
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 65%

الأزمة الليبية.. إنسداد سياسي يتجدد مع الانفلات الأمني في طرابلس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:25:35
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

رئيس الإمارات يصل أديس أبابا في زيارة رسمية لإثيوبيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:24:56
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

لقجع يتنازل عن شكايته ضد رجاويين على خلفية تُهم السب والقذف

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-18 18:26:06
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

تحميل تطبيق المنصة العربية