علي عماد الدين النسيمي
علي عماد الدين النسيمي (نحو1369م - نحو1418م)، هوأحد أبرز شعراء الصوفية باللغة الهجرية ومؤسس الشعر الهجري باللهجة الجنوبية الغربية (الهجرمانية-الآذرية) في نهاية القرن الرابع عشر ومطلع القرن الخامس عشر. وعلى الرغم من كونه أحد أبرز ممثلي الممضى الحروفي المتطرف دينياً وفلسفياً، فهويُعدّ اليوم في هجريا وأذربيجان وإيران والعراق شهيداً ووليّاً، ونتيجة لهذه المكانة أحيطت شخصيته وحياته بهالة من الأساطير والحكايات الخرافية. يُستدل من ديوانه باللغة الهجرية على أنه رجل عميق الثقافة والفهم على صعيد التصوف والباطنية وعلوم القرآن والحديث النبوي. ويُستنتج من ديوانه باللغة الفارسية إتقانه هذه اللغة إلى حد النَظم فيها ببراعة لافتة، وكذلك الأمر على صعيد قصائده القليلة باللغة العربية. ويُعدّ شعره من الناحية الفنية سابقاً لعصره لاستيعابه تنطقيد الآداب الإسلامية وتراثها، واستخدامها في أشعاره الغزلية والصوفية على نحوإبداعي مجدِّد، ولاسيما تلك المكتوبة بالهجرية الجنوبية الغربية التي افتقرت آنذاك إلى تراث أدبي فكري متميز. كان يخط الاسم المستعار "تخلص".
ولد في شِروان (فارس) وتوفي في حلب، إلا حتى بعض المراجع تختلف في مكان ولادته، فبعضها ينسبه إلى ضاحية نسيم قرب بغداد (يرجح أنه عاش فيها مدة من الزمن في شبابه عند تلقيه الفهم)، وبعضها يذكر تبريز، وبعضها الآخر يذكر شيراز.
استخلص دارسومجموعة النسيمي الشعرية الهجرية «الديوان» أنه قد مرّ على صعيد تطوره الفكري والفني الشعري بمرحلتين أساسيتين: فترة ما قبل التقائه المفهم فضل الله الأسترابادي ـ مؤسس الممضى «الحروفي» والذي اتُهم بالهرطقة وأُعدم في عام 1393، (يعتمد الممضى الحروفي على تأويل الأعداد المتصلة بحروف الهاتى ونتائج هجريباتها اللغوية في تفسير النص القرآني والحديث النبوي، وهذه الكيفية تجد أصولها في «القبَّالة» Kabbala- Cabalism اليهودية) ـ إذ قرأ في أثنائها أعمال كبار شعراء الصوفية مثل أحمد يسوي (ت.1166) وجلال الدين الرومي ويونس إمره (1240-1321) وتأثر بهم بعمق، ولاسيما بكتابات الحسين بن منصور الحلاج شهيد المتصوفة الأول. وقد ظهرت آثار ذلك بجلاء في قصائده الأولى، كما ظهرت في شعره في الوقت نفسه أغراض شعر الغزل الدنيوي كالشوق والفراق واللقاء بجمالية فريدة ذات طابع تجديدي. وقد كان النسيمي آنذاك من أتباع الشيعة الاثني عشرية، وعبّر في كثير من قصائده عن إيمانه هذا بإسهاب وعمق تصويري.
وترتبط الفترة الثانية بالتقائه المفهم فضل الله الأسترابادي في مدينة باكو، وكان بمنزلة المنعطف الحاسم في مصيره؛ إذ جمعت نظرية الأسترابادي بين عناصر صوفية من اليهودية والمسيحية والإسلام في تفسير الوجود والكون إضافة إلى عناصر من التراث الإيراني القديم. وسرعان ما صار النسيمي بمنزلة خليفة المفهم في الحركة الصوفية الحروفية، فتغيرت مضامين أشعاره وإيقاعاتها، ولقَّب نفسه في قصائده الجديدة لأول مرة بالنسيمي أسوة بمفهمه الذي لقَّب نفسه بـ "نعيمي"، من دون أي إيضاحات جغرافية. وتحت ضغط تيمورلنك اضطر الحروفيون إلى الهجرة في اتجاهات مختلفة، ولاسيما إلى شرقي منطقة الأناضول وغربيها. وفي أثناء ذلك نظم النسيمي كثيراً من الأشعار التبشيرية بالحروفية، مشروحاً فلسفتها بحسبان حتى الموجودات كافة انعكاس للرب الذي نطق: «كن، فكان»، بما يعني حتى الرب قد تجسد في حدثاته المؤلفة من حروف. فإذا عهد الإنسان حروف القرآن الكريم (28 حرفاً) وحروف كتاب الأسترابادي «كاڤيدان نامه» (32 حرفاً) فبإمكانه تفسير جميع شيء في العالم اعتماداً على قيمه العددية وتأويلاته. ولما كان الإنسان أجمل تمظهر لعملية الخلق الإلهي، فقد تجلى الله في أحسن خلقه. ولما كان وجه الإنسان أبرز أجزاء جسمه وهوقابل للتفسير بالقيم العددية، عملى الإنسان اكتشاف نفسه وفهمها كي يجد طريقه إلى الله. ولقد هجرز المغزى الحقيقي للخط الأربعة «المزامير (الزبور)، التوراة، الإنجيل، القرآن» في سورة الفاتحة من القرآن الكريم والتي تتجلى من حيث قيمها العددية في الوجه البشري الذي لا تختلف عناصر تكوينه السبعة بين كافر ومؤمن. ومن هنا فإن حدثات النسيمي هي طريق الهداية إلى الله لجميع البشر. وفي كثير من قصائده اللاحقة كرَّر حدثة الحلاج «أنا الحق»، مما دفع فهماء الدين في حلب إلى اتهامه بالهرطقة وإدانته، كما وقع مع الحلاج وفضل الله.
تجاوز النسيمي في حماسته لإيمانه جميع الحدود المتعارف عليها دينياً واجتماعياً، وكان تأثيره في الناس سريعاً وعميقاً، مما جعله خطراً على الدولة المملوكية في سورية التي قررت التخلص منه. وتروي الحكاية «أنه بعد حتى سُلخ جلده وقُطع رأسه وبُترت أعضاؤه، حَمل جلده المسلوخ على كتفيه وغادر حلب عبر أبوابها الاثني عشر معاً». وتعده الطائفة البكداشية (البكتاشية) أحد شعرائها السبعة المقدسين.
أثره
يتجلى تأثير النسيمي في الأدب العثماني في نتاج شعراء عثمانيين كبار مثل فظولي (1483?–1556) ونفائي، خطائي (1487–1524)، وپير سلطان أبدل (1480–1550)، الذين يُعتبرون من أتباعه. إضافة إلى تكرار طباعة أعماله عبر التاريخ العثماني.
يحيط بنسيمي إجلال كبير في أذربيجان الحالية، حتى حتى أحد أحياء العاصمة باكوتحمل اسمه. الذكرى الستمائة لميلاده، في 1973، احتفلت بها اليونسكوفي احتفالات عالمية في باكووموسكو.
المصادر
- نبيل الحفار. "النَسيمي (علي عماد الدين ـ)". الموسوعة العربية.
طالع أيضاً
- جلال الدين الرومي
- الحلاج
- الصوفية
- القبّالة
للاستزادة
- E.J.W.GIBB, A History of Ottoman Poetry, Vol. 1, (London 1900).
- K. BURRILL, The Quatrains of Nesemi (Paris 1972).
- A. ALPARSLAN, Cavidan - name nin Nesimiye Tesiri (Istanbul 1967).
نطقب:Azerbaijani Turkic literature
نطقب:Turkish literature