قطب الدين النهروالي
قطب الدين محمد بن أحمد النَّهروالي (ت. 990هـ/1583م) عمل في التاريخ حتى عدّه بعضهم المؤرخ الأول في القرن العاشر الهجري وعدّه آخرون مؤرخ الدولة العثمانية من فهماء العصر.
قطب الدين محمد بن علاء الدين أحمد بن محمد بن قاضي خان بن بهاء الدين بن يعقوب بن حسن بن علي النهروالي الهندي ثم المكي. النهروالي نسبة إلى مدينة نَهروالة غربي الهند قرب شواطئ البحر العربي، والمكي بسبب انتنطقه إلى الحجاز وإقامته فيها.
كان والده من الفهماء، وقد تلقى قطب الدين الفهم عن والده، وتفهم الفارسية قبل انتنطقه من نهروالة وأتقنها وعمل بها، ثم تفهم الهجرية وبرع فيها وصار ينظم بها الشعر ويخط ويترجم، ورحل إلى هجريا مرتين فقويت صلته برجال هذه الدولة. ومكنه سفره إلى مكة من طلب الفهم قبل حتى يصير عمره عشرين عاماً، وأدرك بعض مشاهيرها من الفهماء مثل: محب الدين محمد بن عبد العزيز بن عمر الهاشمي المكي المؤرخ، والشيخ محب الدين أحمد بن محمد النويري العقيلي خطيب المسجد الحرام.
وعندما كان في السادسة والعشرين من العمر رحل إلى مصر وأفاد من فهمائها، ومرّ ببلاد الشام في أثناء رحلته إلى البلاد الهجرية عام أربعة وستين وتسعمئة للهجرة، فاجتمع بكثير من فهمائها منهم: شيخ الإسلام الغزي والشيخ علاء الدين بن عماد الدين والقاضي كمال الدين الحمزاوي.
كان الرجل رفيع المنزلة عظيم الشأن والجاه وخاصة عند الأتراك فلا يحجُّ أحد من كبرائهم إلا وهوالذي يطوف به ولا يرتضون بغيره، وكانوا يعطونه العطاء الواسع وكان يشتري بما يحصله منهم نفائس الخط ويبذلها لمن يحتاج إليها، واجتمع عنده منها ما لم يجتمع عند غيره.
عمل في التاريخ حتى عدّه بعضهم المؤرخ الأول في القرن العاشر الهجري وعدّه آخرون مؤرخ الدولة العثمانية من فهماء العصر، وله في ذلك خط أبرزها:
«البرق اليماني في الفتح العثماني» ألفه استجابة لرغبة سنان باشا فاتح اليمن وسمّاه في أوّل الأمر «الفتوحات العثمانية للأقطار اليمنية» وأهداه إلى السلطان سليم خان، ثم زاد زيادات يسيرة وسماه البرق اليماني في الفتح العثماني.
يتضمن هذا الكتاب مجمل تاريخ اليمن من أول القرن العاشر الهجري إلى آخر سنة اثنتين وسبعين وتسعمئة، ويظهر فيه ما قامت الدولة العثمانية به من أعمال حربية لمحاولة الاستيلاء على اليمن.
نُقل هذا الكتاب إلى اللغة الهجرية على يد مصطفى بن محمد المعروف بخسروزاده المتوفى سنة ثمان وتسعين وتسعمئة، ويُعد الكتاب من أبرز مصادر تاريخ جنوب الجزيرة في القرن العاشر الهجري، أوله «الحمد لله الذي نصر الدين الحنيفي بصارم سنان، وبتر دابر أهل الفساد والبدعة بفوز الإيمان…».
و«الإعلام بأعلام بلد الله الحرام» وهوفي تاريخ مكة المكرمة ألفه سنة تسع وسبعين وتسعمئة مرتباً على مقدمة وعشرة أبواب، وأهداه إلى السلطان مراد خان، ثم ترجمه إلى اللغة الهجرية المولى عبد الباقي الشاعر المتوفى سنة ثمان وألف.
و«تذكرة النهروالي« ذكر فيه رحلاته المتعددة وضمّنه كثيراً من محفوظاته الشعرية.
وله خط أخرى في علوم الأدب والدين والتاريخ.
أما شعره ففي غاية الرقة والعذوبة، وأجوده ما كان في الغزل، وله شعر في الحكم وفي المديح، ضاع كثير منه ومن خطه في حياته بسبب احتراق بيته، فمن شعره:
-
أقبل كالغصن حين يهتزْ في حلل دون لطفها الخزُّ مهفهف القدّ ذومحيّـا بعارض الخدّ قد تطرّز الخمرُ والجمرُ في لماه وخدُّه ظاهرٌ وملغزْ يشكوله الخصرُ جَورَ ردفٍ أثقله حملُهُ وأعجزْ طلبتُ منه شفاء سقمي فنطق لحظي لذلكَ أعوزْ قد غفر الله ذنب دهرٍ لمثل هذا المليح أبرزْ حزّ فؤادي بسيف لحظٍ أوّاه لودَامَ ذلك الحزّْ
-
توفي النهروالي في مكة وقت آذان الفجر كما ذكر المؤرخ المكي عبد الملك العصامي، ويُذكر هنا حتى الشيخ النهروالي كان يسكن بقرب الحرم الشريف، بقرب الباب الذي لايزال حتى اليوم يعهد بباب القطبي.
المصادر
- محمد هيثم غرة. "النَّهروالي قطب الدين (محمد بن أحمد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- حاجي خليفة، كشف الظنون (دار الفكر، بيروت 1990).
- ابن العماد الحنبلي، شذرات المضى في أخبار من مضى، تحقيق عبد القادر أرناؤوط (دار ابن كثير، دمشق 1993).
- الغزي، الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة، تحقيق جبرائيل سليمان جبور (دار الآفاق، بيروت، د.ت).
- النهروالي، البرق اليماني في الفتح العثماني (دار اليمامة، الرياض، د.ت).
