سك النقود

التاريخ

اعتمد الإنسان بعد تجاوزه فترة الصيد وجمع الثمار على مبادلة السلع، وكان الشعير والفضة سلعتين وسيطتين كما ذكر في أقدم الشرائع السومرية (2111ـ2003ق.م). وقد وجدت من العهد الآشوري الحديث (القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد) أقراص من الفضة دائرية الشكل ذات أوزان ثابتة، وزن بعضها مثنطق واحد أونصف مثنطق. وتدل الوقائع الأثرية على حتى كميات من النقود سكت بين عامي 630و643 قبل الميلاد فيليديا Lydia في آسيا الصغرى من خليط طبيعي من المضى والفضة تدعى إلكتروم Electrum على شكل حبة فاصوليا صغيرة.

انتقل سك النقود Mintage من الليديين إلى اليونان والفرس إما عن طريق التبادل التجاري كما وقع مع اليونانيين أوبالحروب كما وقع مع الفرس. وقد كان العرب قبل الإسلام يتعاملون بالمسكوكات اليونانية والرومانية والفارسية، وكان لسيطرة الرومان غير المباشرة على تدمر، والمباشرة على دولة الأنباط، أثر في نقل تقليد صناعة المسكوكات إلى هذه البلدان.

كانت النقود وماتزال محور حياة الإنسان منذ اختراعها، وتدل نقوش النقود على تاريخ الشعوب وقادتها والأحداث الجسام في حياتها وعلى مدى انتشار تجارتها وبسط سلطتها ونفوذها وعلى مدى تقدمها في تقانات سك النقود. ولم يكن للعرب المسلمين عند ظهور الإسلام مسكوكات خاصة بهم، فاستخدموا الدنانير المضىية والفلوس النحاسية البيزنطية والدراهم الفضية الساسانية. وقد تم في زمن عبد الملك بن مروان سك هذه النقود وتعريبها، وكان وزن الدينار المضىي مثنطقاً واحداً من المضى أي ما يعادل 4،25غ من المضى. ثم انتشرت دور السك في مختلف البلاد العربية واشتهرت النقود المضىية العثمانية، وسميت جميع منها باسم السلطان الذي سُكّت في زمانه.

تدعى معادن سك النقود التقليدية مثل المضى والفضة والنحاس بالمعادن الثمينة، وهي لينة تخرب بسهولة في أثناء استخدامها اليومي لذا كان لابد من خلق خلائط من هذه المعادن بعضها غالية الثمن أومع معادن أخرى تزيدها صلابة (الشكل 1، أ ـ ب).

أـ درهم فضة ضرب في دربجرد عام 91هـ . في عهد الوليد بن عبد الملك ب ـ دينار مضى ضرب في إشبيليا عام 518. في عهد علي بن يوسف بن تاشفين

تصنع غالبية العملات المضىية من 22قيراط (المضى الخالص 24 قيراط) أو6.91% مضى ويكون الوزن الباقي من الفضة والنحاس، وتصنع النقود الفضية من 90% فضة ويكمل الوزن الباقي من النحاس. أما النقود النحاسية فتكون عالية النقاوة وتبلغ نحو97% نحاس وتخلط مع كميات ضئيلة من الزنك والفضة.

ولما أصبحت القيمة الإبرائية لبترة النقد أقل من قيمة المعادن المصنعة منها وخاصة النقود الفضية والمضىية صارت معظم النقود تصنع من خليطة نحاس بنسبة 80% ونيكل 20% لونها فضي أوخليطة نحاس 75% و5% نيكل و20%زنك، أوخليطة من النحاس والزنك والمنجنيز والنيكل تدعى بالبرونز أوالفولاذ المبسط.

أما النقود السورية المتداولة اليوم مثل الليرة السورية الواحدة، فوزنها 5غ، وهي من الفولاذ غير القابل للصدأ وتتألف من خليطة فيها 17.5%ـ18.5%كروم والباقي فولاذ. تزن فئة الخمس ليرات سوريةخمسة غ. وتزن فئة العشر ليرات سوريةسبعة غ، وتتكون من خليطة نحاس ونيكل فيها 75% نحاس و25%نيكل. وتزن بترة الخمس وعشرين ليرة سورية 6.5غ، ويتكون الإطار الأصفر فيها من خليطة برونز ألمنيوم فيها 92% نحاس و6% ألومنيوم و2% نيكل، أما الدائرة البيضاء فتتكون من خليطة فولاذ غير قابل للصدأ فيها 17.5%ـ18.5% كروم و81.5%ـ82.5% فولاذ. ويجرى سك هذه النقود في دار السك في فرنسا.

تقنيات سك النقود

نموذج مكبس ضرب النقود

كان سك النقود في القديم يتم عن طريق صهر المعدن وسكبه في قوالب معدة بأشكال خاصة ثم يوضع خاتم على بترة النقود ويطرق عليه بشدة فيهجر عليها أثره، وكثيراً ما تشاهد تشققات في أطراف بترة النقود ناتجة عن هذا الطرق الشديد، ومنذ القرن الثامن عشر استخدمت مكابس الضغط اللولبية وتطورت إلى مكابس تعمل بالبخار، وتعتمد حالياً مكابس كهربائية وهدروليكية.

تتألف عملية سك النقود من عدة مراحل متتابعة فيصهر المعدن أوالخليطة، ثم يصب في قوالب على شكل قضبان تخضع إلى عملية سحب على شكل صفائح متجانسة السماكة والنوعية. تمرر هذه الصفائح على آلة تبترها أقراصاً مستديرة، تدعى قرص السك،تفحص هذه الأقراص للتحقق من دقة وزنها فإن كانت أثقل من المطلوب يجري جلخها إلى الوزن المطلوب أما إذا كانت أخف من المطلوب فتصهر من جديد، بعد ذلك يجري سحب حواف قرص السك المقبول نحوالخارج حتى تحمي البترة النقدية من التآكل ثم تنظف وتضغط في قوالب تحمل النقوش المرغوبة، وتحزز حواف بعض أنواع النقود لتسهيل التعامل معها. ويتم اليوم تنضيد جميع هذه المراحل في عملية مؤتمته متسلسلة (الشكل ـ2).

ومنذ أوائل القرن السابع عشر أخذت العملة الورقية تحتل مكانتها في التداول حين أخذت المصارف الأوربية تطبع سندات تصرف لحاملها. ومع ذلك ماتزال البتر النقدية الصغيرة من المعدن متداولة إلى اليوم.

وفي الزمن الحاضر بدأت العملة البلاستيكية تنتشر على نطاق واسع في بعض البلدان على شكل بطاقات الاعتماد، واتخذت وسيلة من أجل البيع والشراء أوعقد الصفقات عن طريق التجارة الإلكترونية. وقد وفرت هذه البطاقات سهولة التداول والتنقل والتعامل.