مثالية

العالم من القرن العشرين، السير جيمس جينز، خط حتى "الكون بدأ يبدو، يوماً بعد يوم، كفكرة عظيمة، بدلاً من ماكينة عظيمة"

المثالية Idealism في الفلسفة، هوالممضى القائل بأن حقيقة الكون أفكار وصور عقلية، وأن العقل مصدر الفهم. فأفلاطون مثالي بتصوره عالماً عقلياً قوامه أفكار بمثابة النماذج للموجودات الجزئية المادية التي في عالمنا المحسوس، والعالم العقلي عنده هوالحق، أما العالم المحسوس فأشبه بالظلال.

وجورج بركلي مثالي بقوله حتى حقيقة الشيء هي إدراك العقل له، وما لا يدركه العقل عدم. وإيمانويل كانت مثالي حين جعل المقولات العقلية شرطا للفهم.

وهيگل مثالي حين نطق حتى حقيقة الكون روح مطلق يعبر عن نفسه في الوجود المشود.

تعريف

المثالية ممضى فلسفي يضم جانباً كبيراً من المذاهب الميتافيزيقية (ما بعد الطبيعة أوالغيبية) وهي اتجاه فلسفي يبحث عن مسألة الوجود (أوْ الأنطولوجيا) في حين حتى العقلانية اتجاه ممضىي يبحث في أصل الفهم ويرد هذا الأصل إلى العقل فقط وينكر دور الحواس أوالفهم القلبية أوالفهم عن طريق الوحي، وعكس العقلانية التجريبية وهذه الأخيرة تعتمد على التجربة الحسية فقط من دون العقل المجرد.

وعكس المثالية "المادية". والمثالية تعطي الأولوية في الوجود للروح على حتىقد يكون وجود المادة ثانوياً في حين حتى المادية تعطي الأولوية في الوجود للمادة، على حتى تكون الروح انعكاساً للمادة وظلاً لها.

وتقترب المثالية كثيراً من الفلسفة لأنها تبلور مباحث الفلسفة الثلاثة الرئيسية: الحق والخير والجمال.


المثالية الكلاسيكية

أما الفلاسفة فيستعملون لفظ المثالية استعمالاً يختلف عن استعماله الشائع اختلافاً بعيداً. وقوام المثالية عندهم اتجاهان أوممضىان :

  • الممضى الأول قديم، وهوالممضى الأفلاطوني الذي انبعث من أبى الفلسفة القديمة سقراط، وثبتت نادىئمه على يدي تلميذه أفلاطون، وظلت ذكراه ماثلة في الأذهان على درجات متفاوتة إبان العصر الوسيط. ويرى هذا الممضى حتى الأفكار و"المعقولات" أو"المثل" موجودة وجوداً هوأسمى من الوجود المحسوس، لأنها هي المبادئ النموذجية الأصيلة للأشياء .
  • الممضى الثاني في المثالية هوممضى حديث، وهوالممضى الكانتي، الذي مهد له أبوالفلسفة الحديثة ديكارت في مبدئه المشهور باسم "الكوجيتو" ( أنا أفكر إذن أنا موجود )، وأبرزه بركلي في تقريره حتى " الوجود هوكون الشئ مدركاً "، ثم شيدّه "كانت" بناء شامخاً على أساس من نقد العقل في جوانبه الثلاثة : النظر والعمل والذوق. ويرى هذا الممضى حتى الأمور أوالموضوعات ليست سوى انطباعات حسية أوأفكار لا يمكن حتى تتحقق في الوجود إلا على نحوما، أي باعتبارها "تمثلات" ذهنية. والأمور ليست موجودة بذاتها وجوداً مستقلاً عن القوة "الناطقة"، أي القوة المتعقلة التي تدركها، بل إذا وجودها مستفاد من هذه القوة ذاتها .

الأفلاطونية والأفلاطونية الحديثة

المثالية الأفلاطونية مثالية "مطلقة" تتجه الى ما بذاته، لأنها ترى في الفكرة أوالمثال موجوداً متميزاً متعالياً، هوعنصر الفهم المطلقة التي هي الموجود المطلق ذاته، ذلك الموجود الذي لا يتغير، والذي بفضله تجئ الأمور كلها الى الوجود. أما المثالية الكانتية فهي مثالية "نسبية"، تنظر الى العالم كما هوعندنا : فهي مثالية تقدّ العالم على قد الانسان إذا صح هذا القول. وهذا هوالمعنى الذي قصد إليه كانت حين أعرب ما سماه باسم " الثورة الكوبرنيقية ".

والمثالية الأفلاطونية أبعد محاولة لإثبات الله. والفهم فيها ذات طابع سماوي، لأنها هي فهم مصدر الأمور ومدبرها. والمثالية الكانطية فهجرز عنايتها في الفهم الانسانية، والمثال فيها مندمج في الأمور الخارجية غير متعالٍ عليها .

وتتميز المثالية القديمة بأن الأفكار فيها "مفارقة" لعالم الحس والمادة، في حين حتى الأفكار في المثالية الحديثة إنما هي أفكارنا نحن عن العالم. وإذا صح لنا حتى نستعير هنا تفرقة صوفية بين عالم اللاهوت وعالم الناسوت، استطعنا حتى نقول إذا المثالية الأفلاطونية مثالية "لاهوتية"، في حين حتى المثالية الكانتية مثالية "ناسوتية" .

هذه بعض وجوه الاختلاف بين المثاليتين. لكننا نستطيع مع ذلك حتى نلاحظ أننا في كلا الضربين من المثالية نجد الفكر مستقلاً عن الموضوعات والأمور : ذلك لأن المثالية الحديثة ترى حتى ما فينا من قوة على تعقل الأمور يجعل وجود الأمور أمراً ثانوياً .

وتتفق المثاليتان كذلك في أنهما ممضىان في الفهم : لأنهما يريان أنه لا شئ في الموجودات إلا ويمكن حتىقد يكون متعقلاً. وكلتاهما لا ترغب حتى تكون ممضىاً وجودياً، يقنع بملاحظة ما كائن وحاصل، ويقتصر على وصف الأمور كما تبدوللناظر، بل كلتاهما ممضى انشائي يرسم الأمور بحسب ما حقه حتىقد يكون، ويريد حتى يصل إلى جوهر الأمور وأصلها .

ومن وجهة النظر هذه لا تستطيع المثالية حتى تقبل حتىقد يكون "للأشياء" وجود في ذاتها، مستقل عن الفكر، لأن ما خارج الفكر لا يمكن حتىقد يكون متعقلاً، وبالتالي لاقد يكون شيئاً. والذات العارفة إنما تفكر، أي تعقل الأمور بالفكر؛ وأداة الفكر في التعقل هي الأفكار : وإذن فلا شئ هنالك سوى الأفكار. والأمر كما رآه الفارابي وديكارت وكانت حين أكدوا جميعاً حتى الفكر هوالواقعة الأولى، وهوأولى "المعطيات" : فإن جميع تفسير وكل قضية إنما تفترض وجود الفكر. وهذا شئ أصبح مسلماً به عند الخاصة والعامة على السواء .

ألسنا نسمع الناس يصفون من يقول كلاماً ليس وراءه معنى محصل بأنه كلام "فارغ" ،يا ترى؟ وإن فالناس جميعاً يسلمون بأنه لابد من فكر وراء جميع قول. وهذا ما يمضى إليه الفيلسوف على العموم، والفيلسوف المثالي على الخصوص. وكل ما في الأمر حتى الفيلسوف لا يقف عند هذا الأمر موقفاً سلبياً، وإنما يعقد النية على حتى يفسر جميع شئ بالفكر .

وإذن فقد جاهد أفلاطون وكانت للوصول إلى المبادئ العقلية لكل فهم. وقد دأب أفلاطون على النصح لنا بأن نلجأ إلى كنف الأفكار والمثل لكي نجد فيها حقيقة الأمور. و"الثورة الكوبرنيقية" التي يحدثنا عنها كانط حتى نرتب الموضوعات أوالأمور طبقاً للمعاني والأفكار، وبعبارة أخرى حتىقد يكون ما بالأعيان مطابقاً لما بالأذهان، كما يقول المتحدثون الإسلاميون .

والمثاليتان الأفلاطونية والكانتية تريان أنه لما كان مبدأ جميع فهم هوعينه مبدأ جميع وجود، فإن الفكر والمطلق متحدان. ويترتب على هذا حتى الفكرة هنا ليست مجرد هوية منطقية أوسيكولوجية، بل هي إدراك الوجود والوجود نفسه. والفكرة إنما نجدها في أنفسنا. وهذا الطابع "الجواني" للحقيقة قد تميزت به هاتان المثاليتان، كما تميزت به مذاهب الذات، ولئن يكن سقراط قد نطق : " اعهد نفسك بنفسك "، فقد صرح كانط بأن " عصرنا لم يعد يريد حتى يطول به أمد التلذذ بظاهر الفهم ". وأهاب كانط بالعقل حتى " يأخذ على عاتقه من حديث مهمة هي أصعب المهام جميعاً، ألا وهي فهم الذات، وأن ينشئ محكمة تضمن له مزاعمه المشروعة، وتستطيع في لقاء ذلك حتى تكبح جماح شططه، لا بإصدار أحكامها اعتسافاً بل باسم قوانينه الخالدة الثابتة " .

وفي الملاحظات التي أوردناها ما يكفي لبيان ما بين هاتين المثاليتين من وجوه قرابة جعلت الخلط بينهما ميسوراً. ومع ذلك فعند التأمل يتبين لنا حتى المثاليتين متباينتين أشد التباين. وشتان ما بين المثالية القديمة والمثالية الحديثة في مسائل كثيرة ذات خطر : في الفهم، والمطلق، والجوانية، والذات. لكل واحدة من هذه المسائل في المثاليتين طابع مختلف جداً داخل هذا التشابه في اللفظ والنية والقصد. ويكفي تنبيهاً إلى هذا الاختلاف حتى نذكر حتى المثالية القديمة إنما هي الواقعية الميتافيزيقية المطلقة، أوالواقعية المتطرفة، بينما المثالية الحديثة إنما خرجت من الممضى العقلي "البتري" الذي ساد في فلسفة القرن السابع عشر، والممضى العقلي "الصوري" لدى فلاسفة القرن الثامن عشر .

إن لفلسفة أفلاطون وأرسطوفضلاً كبيراً على الفلسفتين الغربية والاسلامية ولكن في آخر العصر الوسيط ذوى الممضىان ومضىت نضرتهما، وأخذ جميع منهما يمهد السبيل لغيره من المذاهب الفتية الجديدة : فمهدت الأفلاطونية لظهور الممضى العقلي ولظهور المثالية الحديثة، ومهدت الأرسطية لظهور الممضى التجريبي ولظهور الممضى المادي. والواقع أننا إذا نظرنا إلى التنطقيد الأفلاطونية استطعنا حتى نصف انتنطق المثالية القديمة الى المثالية النقدية على الوجه التالي :

الفكرة التي كانت في الأصل هي الفكرة الإلهية نفسها أصبحت هي فكرة الله بالنسبة إلى العالم الذي نعهده، ثم أصبحت هي الفكرة الانسانية المحضة خلقها الله فينا، وأمست هي الفكرة المفطورة فينا وحسب .

ونلاحظ في أول هذا التطور حتى الوحدة كاملة بين المثال والوجود، ثم ابتعدت الفكرة عن الوجود بمعناه الدقيق : ابتعدت أولاً بغير انفصال، ثم ابتعدت مع بتر الصلة بين أفكار الانسان وفهم الله، وانحصر نظرنا في أفكارنا وحدها، وأخيراً ظهرت الوحدة في الوعي الانساني .

المثالية الذاتية

المثالية الذاتية هي الاعتقاد بأن الذهن وحده هوالحقيقي إما المادة بكل مظاهرها مجرد مضمون ذهني، وقد أصبح ممضى المثالية الذاتية سائداً في القرن الثامن عشر، وفي ذلك الوقت كانت الفلسفة تشعر شعوراً واضحاً بمدى صعوبة الشرح وتفسير العلاقة بين الفهم والواقع، وقد كان جورج بركلي سيسر على النحوالتالي .

" إذا جميع الأمور التي نسميها مادة هي موضوعات لتجربتنا وهي بهذا الوصف لا توجد في نظرنا إلا وبصفها ادراكات، فعندما نقول مثلاً إذا الشجرة توجد فنحن نقول إذا لدينا ادراكاً حسياً أوتجربة نطلق عليها اسم شجرة، غير إذا هذه التجربة مهما كانت حيويتها لا تضفي على أي نحووجوداً موضوعياً مستقلاً على الشجرة التي تظل مجرد تجربة فقط ". وقد لخص بركلي المسألة كلها في هذه العبارة :

" وجود الشئ هوتكونه مدركاً فليس ثمة وجود بمعزل عن الذهن الذي يدخل هذا الوجود في تجربته "

ولقد نقد الموقف الطبيعي لفلسفة باركلي حيث انه اثبت استحالة وجود المادة مستقلة، فلنقد يكون للمادية أرجل تقف عليها، وهورأي منطقي تماماً، غير إذا خصومة في الممضى الطبيعي ومن أحدهم اللغوي المشهور " صامويل جونسون " حتى تمحى المثالية الذاتية بضربة هائلة من قدمه في حجر، ولابد للأسقف بركلي إذا يمحى من الوجود .

ولكن ولا الموقف الطبيعي ولا ركل الجحر يكفي لرد على حجة بركلي، كما بادر الأيرلندي الذكي حيث نطق " إذا جميع مااثبتة الدكتور جونسون هومااعترف به الممضى الذاتي بالعمل وهوإذا الدنيا حزمه من الإحساسات، وهي في هذه الحالة إحساسات بالمقاومة العضلية ووخزه من الألم في موضع إبهام القدم .

وتستند حجة باركلي على الأبناء اللاهوتي، لأن بركلي حين استعان بالذهن الإلهي ورصيده اللامتناهي من الإدراكات قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد:

الأول: علل وجود العالم الخارجي كما يطلب الموقف الطبيعي .

الثاني: فسر استمرار إدراكاتنا واتساقها، فالذهن الإلهي يتولى العمل عندما ننام أوننشغل بإدراكات أخرى، وبذلك يحفظ وجود الأمور جميعاً ويجهزها لكي تدركها الأذهان المتناهية عندما تستيقظ من حديث أوتتحول مرة أخرى إلى هذا الأتجاة .

الثالث: فسر التشابه في إحساساتنا عندما ندرك شيئاً واحداً مشهجراً، فما دام الشئ يوجد بوصفه فكرة واحدة في الذهن الإلهي فليس من المستغرب إذا ندركه كلنا على نفس الاتجاه .

الرابع: حطم المادية بالقضاء على العالم المادي المستقل عن الفكرة .

الخامس :وفند الإلحاد بأن جعل الله حقيقة لا غناء عنها في جميع وجود، وليس من شك بأن باركلي كان يؤمن بإخلاص بأن محوفكرة الله من الذهن سيؤدي إلى تدمير الكون، ناهيك عن تدمير ممضى بركلي ذاته .

واعتقاد بركلي في إثبات جميع هذه الأمور كان قوياً، فقد كان لفلسفة إذا تنتظر قليلاً إلى حين ظهور يبين هيوم الفيلسوف الاسكتلندي الشكاك اللامع، وقد انتقد ممضى باركلي بقوله " ليس هناك ثمة وسيلة لإثبات إذا ادراكاتنا لها موضوعية في الذهن الإلهي، ولوكانت وجود أي شئ يتوقف على كونه مدركاً فمن أين يأتي وجود الله ؟

سبحان الله أحسن الخالقين، لنبين للجميع هنا بأن هذه النظريات منفية لإيماننا التام بالله عز وجل.

تستخدم بعض الفروع المتنوعة المنتمية إلى الممضى المثالي، أساليب مختلفة في تفسير التعرض بين المظهر والحقيقة، ومن المهم ايضاً إذا نختبر بعضاً مكن هذه الفروع، إذ إذا إجابتها ستكشف لنا الكثير عن المثالية بوجه عام، وعما تداخلت معضلة الشر إلى مسألة أوسع انتشاراً بين كثير من الناس، تعين على المثالية لقاءتها، فهي من أوسع المشكلات تضخماً والتي هي دون شك أصلب من بندقية يتعين على أي ممضى مثالي كسرها .

ومشكلة هي إذا كان الكون هوتجسد لذهن أوالعقل فكيف وقع إذا تجربتنا تكشف لنا الكثير مما هولا معقول ولا مفهوم ؟، وكيف يحدث إننا كثيراً ما نضطر إلى التوفيق بين ماهوبوضوح اتفاق اعمي أومصادفه أليمة، وبين الغاية العاقلة التي يفترض أنها تكمن وراء ذلك كله ؟. ولوكان نظام الأمور معقولاً بحق، أكنا نجلس الآن في هذا المكان نتصارع مع معضلة الشر ؟، إننا لا نسمع قط عن معضلة الخير، مع إذا لنا الحق منطقياً حتى نتسقط في ذلك الكون موجود في جميع أرجائة .

ومن أصعب هذه المشاكل هي الصورة التي يتعين على جميع الأديان لقاءتها ويعني بذلك، لوإذا كان الله عز وجل ذا قدرة شاملة وحكمة شاملة، وبكن ليس ذا خير شامل، لأمكننا إذا نفهم وجود مثل هذا العالم الذي نعيش فيه بالعمل. أولوكان لديه حكمة وقدرة أكثر لأمكننا حتى نتفهم ذلك أيضاً، ولكن كيف من الممكن أن نتفق في وجود إله لا متناه وبين حقيقة الشر ،يا ترى؟ فأما انه لا يكترث بنا وإما انه لا حيلة له بنا على الإطلاق، وهناك احتمال ثالث هوإذا تكون لديه الحكمة الضرورية اللازمة ولكن سلطته محدودة. مما يجعله يعمل بالتدريج على محوالشر، وقد يقتضي الأمر آماداً هائلة من الزمان .

ومانراه الآن هواستنتاجات تحليلية لن يكفيها من الإجابات التي يقدمها الإنسان المؤمن بالله تعالى والموحد بت، حيث حتى الله عز وجل من أكرم الأكرمين سبحانه وتعالى، وحكيم عليم، ورغم جميع الدلائل القرآنية التي يفهمون بأنها حقيقة لا خيال، إلا إذا طبيعة الإنسان تقتضي شكه في جميع الأمور المحيطة من حوله، وما يسمى بالشر ليس إلا خطأ في أذهاننا نحن، ففي الذهن الإلهي وللامتنا هي، لا يمكن حتى يوجد إلا الخير والحق، بحيث حتى أي خطأ أوشرقد يكون ناتجاً عن أذهاننا نحن المتناهية الفانية، وماعلينا سوى حتى نطرح فكرة الشر جانباً لأن هذه المشكلة موجودة في أذهاننا .

ولونظرنا إلى الأمور في الاعتراف بحقيقة الشر في الذهن العادي من منظور طويل الأمد، أي إذا تفهمنا إذا نرى الأمور من منظور الأزل، لأدركنا أنه مهما تكن أصالة الأمم والشقاء والحمق الموجود في العالم فأن هذه الأمور تتناقض تدريجياً، ومن الممكن إذا تسمى بالموقف التاريخي من المشكلة، فأنصار هذا الموقف يؤمنون بالتقدم، ويرون إذا في استطاعة الإنسان باستخدام عقلة وجهوده الخاصة حتى يجعل مسيرة التقدم تمضي لتحقيق نتائج لا حدود لها. وتعهد وجهة النظر هذه باسم "" ممضى التحسن "" وهوالقائل بأن الأمور قابلة للإصلاح ويوحي هذا الممضى في الدين حيث يدعون إليه كثيراً في الكنائس المتحررة بأن الله يحتاج إلى مساعدتنا في الكفاح، وهذا هراء فهوالواحد أحد الفرد الصمد ليس بحاجتنا بل نحن في حاجته سبحانه وتعالى عما يصفون ..


المثالية التجاوزية

المثالية الموضوعية

تنطلق المثالية الموضوعية من الأسس الموضوعية نفسها حيث تعتبر حتى جميع الاشياء وظواهر الواقع تكمن فكرة ما موجودة موضوعيا، وتوجد خارج الوعي الإنساني، فقد نظر أفلاطون الى العالم المادي كانعكاس شاحب لعالم الأفكار التي تكمن في اساس الاشياء الملموسة في عالم الحواس .

في فلسفة هيگل اعتبرت الفكرة المطلقة الخالدة اساسا لكل شيء، ان تعاليم المثالية الموضوعية عن الفكرة المطلقة هي الاساس الفلسفي للتعاليم الدينية عن الإله وخلق العالم .

المثالية المطلقة

المثالية المطلقة، مفهوم فلسفي نطق به هيگل Hegel، في المقام الأول، ونطق به شلنگ Schelling وجوسيا رُويْس Josiah Royce وغيرهما أيضاً. والمثالية تمضى، بوجه عام، إلى حتى الحقيقة المطلقة كامنةٌ في عالم يتعدّى عالم الظواهر. وهي تعني عند هيگل بخاصة، حتى العالم المحدود لا يعدوحتىقد يكون انعكاساً للعقل، الذي هووحده حقيقيٌ بكل ما في الحدثة من معنى، في هذا العالم. ليس هذا فحسب، بل لقد انطلق هيگل من ذلك إلى القول بأن الكائن المحدود (أوالكائن الذي يوجد ثم ينعدم) يفترض وجودَ ذات أزلية مطلقة يشكل الكائن المحدودُ، في نطاقها، عنصراً تابعاً.

المثالية العملية

المثالية التعددية

المثاليون الإغريق

كان عصر پريكليس شبيهاً بعصرنا هذا في تنوع أفكاره واضطرابها، وفي تحديه لجميع المعايير والعقائد التقليدية القديمة، ولكن ما من عصر من العصور يضارع عصر پريكليس في كثرة آرائه الفلسفية وعظمتها أوفي غزارتها وفي القوة التي كانت تناقش بها. فقد كانت جميع المسائل التي يضطرب بها العالم اليوم تدور على ألسنة الناس في أثينا القديمة، يناقشها الناس بحرارة وحماسة روعت جميع اليونان ما عدا شبابهم. وقد حرمت كثير من المدن - وخاصة إسبارطة - حتى يبحث الجمهور المسائل الفلسفية بسبب ما كانت تثيره من "حقد، ونزاع، وجدل عقيم" على حد قول أثنيوس. ولكن "بهجة" الفلسفة "العزيزة" كانت تستحوذ على خيال الطبقات المتفهمة في أثينا، فكان أغنياء المدينة يفتحون أبواب بيوتهم وأبهائهم للباحثين كما كان يحدث في عهد الاستنارة في فرنسا، وكانت الولائم تولم للفلاسفة، والبحوث الطريفة يصفق لها كما يصفق للضربات القوية في الألعاب الأولمبية.

ولما حتى أضيفت حرب السيوف إلى حرب الألفاظ في عام 432، استحال هياج العقول الأثينية إلى حمى احترق فيها جميع ما كانت تتصف به تلك العقول من اعتدال وحكمة. وخبت نار هذه الحمى بعض الوقت بعد استشهاد سقراط أوبالأحرى توزعت من أثينا على غيرها من مراكز الحياة اليونانية. وحتى أفلاطون نفسه الذي عهد ما بلغته هذه الحمى وما أدت إليه من أزمات استُنفِدت قواه بعد حتى دامت هذه الحال الجديدة ستين عاماً كاملة، وكان يحسد مصر على إيمانها الديني واستقرار أفكارها وهدوئها. ولم يشهد عصر من العصور المقبلة إلى حتى حل عصر النهضة ما شهده هذا العصر من حماسة في التفكير وقوة في النقاش.

وكان أفلاطون يمثل أعلى منزلة وصلت إليها الحركة التي بدأت بپارمنيدس، وكان لها بمثابة هيگل Hegel لكانت Kant، ومع أنه لم يكن يتورع عن التنديد بآراء الفلاسفة، فإنه لم ينبتر يوماً ما عن تعظيم أبيه الميتافيزيقي. وفي بلدة إليا الصغيرة القائمة على ساحل إيطاليا الغربي نشأت في عام 450 ق.م الفلسفة المثالية التي أثارت في جميع قرن من القرون المقبلة حرباً شعواء على المادية، وقذفت في بوتقة التفكير الأوربي معضلة الفهم الغامضة العجيبة، ومشكلة الفرق بين الظاهر من جهة وما لا يعهد ولا يمكن حتى يعهد من جهة أخرى، وبين الحقيقي غير المنظور والمنظور غير الحقيقي، وظلت هذه الأفكار تغلي أوتغطمط طوال تاريخ اليونان القديم وفي أثناء العصور الوسطى حتى انفجرت مرةً أخرى في عصر كانت وعلى يديه وأضحت ثورة فكرية عارمة.

وكما حتى ديڤيد هيوم David Hume قد أيقظ "كانت"، كذلك كان اكسنوفانيس Xenophanes هوالذي دفع پارمنيدس إلى الاشتغال بالفلسفة، ولعل عقل پارمنيدس كان واحداً من عقول كثيرة أثارها قول اكسنوفانيس إذا الآلهة ليست إلا أساطير، وإنه لا توجد إلا حقيقة واحدة هي العالم والله جميعاً. كذلك تفهم پارمنيدس مع الفيثاغوريين وسرى فيه شغفهم بفهم الفلك، ولكنه لم يضل في بيداء النجوم، بل كان كمعظم فلاسفة اليونان يهتم بالشئون الحية ومنها شئون الدولة. وقد كلفته إيليا حتى يضع لها قوانينها، فلما وضعها أعجبت به إعجاباً جعلها تطلب إلى جميع قضاتها حتى يحكموا في جميع القضايا بمقتضاها. ولعله أراد حتى يرفِّه عن نفسه في حياته المفعمة بالعمل، فأنشأ قصيدة فلسفية في الطبيعة بقي منها إلى الآن نحومائة وستين بيتاً تكفي لأن نأسف لأن پارمنيدس لم يخط نثراً. وفي هذه القصيدة يعلن الشاعر، وهويغمز بعينه، حتى إلهة قد أوحت إليه حتى الأمور جميعها وحدة، وأن الحركة، والتغير، والنمو، أشياء غير حقيقية، فهي خيالات لمشاعر سطحية، متعارضة تافهة، وأن من وراء هذه المظاهر وحدة، متجانسة لا تتبدل، ولا تنقسم، ولا تتحلل، ولا تتحرك، وهي وحدة الكائنات، والحقيقة التي لا حقيقة سواها، والإله الذي لا إله غيره. لقد كان هرقليطس يقول إذا جميع شيء يتغير Panta Rei أما پارمنيدس فيقول إذا الأمور بأجمعها جميع واحد أبداً Hen Ta Panta. وهوفي بعض الأحيان يقول كما يقول اكسنوفانيس إذا هذا الواحد هوالكون، ويصفه بأنه شبه كرى ومحدود، وكان في بعض الأحيان حين ينظر إليه نظرة فكرية مجردة يرى حتى هذا الكائن هوالفكر ويقول: "إن الفكر والكون شيء واحد". وكأنه يريد بهذا حتى يفهمنا حتى الأمور لا وجود لها في إدراكنا، وأن البداية والنهاية، والمولد والموت، والتكوين والتدمير، لا تصيب إلا الأشكال والصور، أما الواحد الحق فلا بداية له ولا نهاية، وليس ثمة صيرورة، وليس ثمة إلا وجود، وأن الحركة أيضاً غير حقيقية لأنها تفترض انتنطق شي من المكان الذي هوفيه إلى مكان لا يوجد فيه شي أي إلى الفراغ، ولكن الفراغ الذي هوغير كائن لا يمكن حتىقد يكون، إذ ليس ثمة فراغ قط، لأن الواحد يملأ جميع ركن وكل شق في العالم، وهوساكن سكوناً سرمدياً.

ولم يكن ينتظر بطبيعة الحال حتى يستمع الناس إلى هذه الأقوال كلها وهم صابرون، ويبدوحتى السكون الپارمنيدي كان الهدف الذي صوبت إليه مئات من الهجمات الميتافيزيقية. وترجع أهمية زينون الإليائي الحصيف تلميذ پارمنيدس إلى محاولته إثبات حتى فكرتي التعدد والحركة كانتا من الوجهة النظرية على الأقل محالتين كاستحالة واحد پارمنيدس الثابت القديم الحركة - وأراد زينون حتى يدرب نفسه على الضلال والمشاكسة، وأن يسلي شبابه في الوقت نفسه، فألف كتاباً في المتناقضات وصلت إلينا تسع منها، حسبنا حتى نورد منها ثلاثاً: وأولى هذه المتناقضات كما يقول زينون حتى الجسم لكي يتحرك إلى نقطة أ لا بد حتى يصل إلى ب وهي منتصف طريقه إلى أ، ولكي يصل إلى ب يجب حتى يصل أولا إلى ج منتصف طريقه إلى ب، إلى غير ذلك إلى ما لا نهاية. وإذ كانت هذه السلسلة التي لا نهاية لها من الحركات تتطلب قدراً لا نهاية له من الزمن، فإن تحرك أي جسم إلى أية نقطة في زمن محدد أمر محال. والثانية وهي صورة أخرى من الأولى حتى أخيل السريع العدولا يستطيع حتى يدرك السلحفاة البطيئة. وذلك لأنه حدثا وصل إلى النقطة التي كانت فيها السلحفاة، تكون السلحفاة في هذه اللحظة نفسها قد انتقلت من هذه النقطة. والثالثة حتى السهم الطائر في الهواء هوفي الحقيقة ساكن غير متحرك، لأنه في جميع لحظة من طيرانه لاقد يكون إلا في نقطة واحدة في الفضاء، أي أنهقد يكون ساكناً، وحركته منطقياً وميتافيزيقياً غير حقيقية مهما بدا للحواس أنها واقعة عملاً.

واتى زينون إلى أثينا حوالي عام 450 ق.م. ولعله اتى إليها مع پارمنيدس وأثار ثائرة المدينة السريعة التأثر بقدرته على تحويل أي نوع من أنواع النظريات الفلسفية إلى سخافات غير معقولة. وقد وصف تيمون الفليوسي Temon of Phlius " لسان زينون ذي الحدين الذي يستطيع حتى يبرهن على حتى جميع قول يقوله الإنسان غير حقيقي".

ومن هذه النعرة قبل السقراطية (ونحن نسميها نعرة لأن جهلنا بالماضي يضطرنا إلى تسمية هذه المعاني بتلك الأسماء) كانت بداية فهم المنطق كما كان پارمنيدس بالنسبة لأوروبا هوواضع فهم ما وراء الطبيعة. ولقد حاكى سقراط طريقة زينون الجدلية محاكاة شديدة وإن كان قد ندد بها وشنع عليها، وبلغ من تحمسه لهذه الطريقة حتى اضطر قومه إلى قتله لكي يريحوا عقولهم من جدله. ولقد كان أثر زينون في السوفسطائيين المتشككين حاسماً وقوياً، وكان لتشككه آخر الأمر الغلبة في بيرون Purrho وقرنيادس Carneades. وقد أصبح في شيخوخته رجلاً "ذا حكمة عظيمة وفهم غزير" فأخذ يشكومن حتى الفلاسفة قد حملوا مزاحه العقلي في أيام شبابه محمل الجد. وكان انقلابه الأخير سبب القضاء عليه. ذلك أنه اشهجر في حركة تهدف إلى خلع الطاغية نيارقيس Nearches في إيليا ولكنه أخفق في محاولته، وقبض عليه، وعذب، وقتل(11). وصبر الفيلسوف على عذابه صبر الأبطال، وكأنما أراد بذلك حتى ينضم اسمه بعد قليل من الزمن إلى أسماء أصحاب الفلسفة الرواقية.


الهامش

  1. ^ د/عثمان أمين. "المثالية(القديمة والحديثة)". منتديات شباب أداب كفر الشيخ.
  2. ^ "ميدان الفلسفة انواعها ومشكلاتها". الطائف نت.
  3. ^ "المثالية المُطْلقَة". موسوعة شبكة الفهم الريفية.

المراجع

  • Immanuel Kant's Critique of Pure Reason with an historical introduction by Ludwig Noiré, available at [1]
  • Kierkegaard, Søren. Concluding Unscientific Postscript, Princeton, ISBN 978-0-691-02081-5
  • Neujahr, Philip J., Kant's Idealism, Mercer University Press, 1995 ISBN 0-86554-476-X
  • Watts, Michael. Kierkegaard, Oneworld, ISBN 978-1-85168-317-8

للاستزادة

  • Gustavus Watts Cunningham Idealistic Argument in Recent British and American Philosophy Books For Libraries Press, 1967
  • Hugh Joseph Tallon The concept of self in British and American idealism Catholic University of America Press, 1939
  • Gerald Thomas Baskfield The idea of God in British and American personal idealism Catholic University of America, 1933
  • Vergilius Ture Anselm Ferm A history of philosophical systems Littlefield Adams, 1968 ISBN 0-8226-0130-3

وصلات خارجية

  • مثالية at PhilPapers
  • مثالية at the Indiana Philosophy Ontology Project
  • نطقب:IEP
  • A.C. Grayling-Wittgenstein on Scepticism and Certainty
  • Science and Health with Key to the Scriptures by Mary Baker Eddy: idealism in religious thought
  • Idealism and its practical use in physics and psychology
  • 'The Triumph of Idealism', lecture by Professor Keith Ward offering a positive view of Idealism, at Gresham College, 13 March 2008 (available in text, audio, and video download)

نطقب:Idealism

تاريخ النشر: 2020-06-04 12:30:22
التصنيفات: مثالية, نظريات العقل, حركات فلسفية, فلسفة حسب المنطقة, فلسفة غربية, نظريات ميتافيزيقية, مدارس فلسفية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

التصريح بدفن الإعلامية شيماء جمال وتسليم الجثمان لأسرتها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:47
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 37%

‫الزراعة تطرح اللحوم البلدى بسعر 135 جنيها للكيلو خلال عيد الأضحى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:45
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 47%

رسميا.. تأجيل بطولة أمم أفريقيا بكوت ديفوار حتى يناير 2024

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:48
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 42%

حقيقة مفاوضات الأهلي لضم طارق حامد نجم الزمالك

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:47
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 36%

تنزانيا تستضيف مواجهة الوداد ونهضة بركان فى نهائى السوبر الأفريقى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:43
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 41%

عذبته الرغبة الجنسية.. كيف تعامل فرانز كافكا مع النساء؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:21
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

القوى العاملة: صرف 58 مليون جنيه للعمالة غير المنتظمة وتعيين 5609

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:29
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

توقعات بانتعاشة فى سوق الذهب مع اقتراب عيد الأضحى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:18
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

مجلس الأمناء : تحسن ملحوظ فى بنوك أسئلة الثانوية العامة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:33
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

الإمام الأكبر يقرر صرف ألف جنيه منحة للعاملين بالأزهر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:25
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 62%

في ذكرى ميلاده.. لماذا أحرق فرانز كافكا 90% من أعماله؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-07-03 18:21:21
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

تحميل تطبيق المنصة العربية