كريستوف كولومب
داريوس ميو |
---|
اوپرات
|
كريستوف كولومب Christophe Colomb (كريستوفر كولمبس) هي اوپرا من جزئين من تأليف الفرنسي داريوس ميو. الليبرتو، من تأليف الشاعر پول كلودل، مبني على مسرحيته حياة كريستوف كولومب Le livre de Christophe Colomb عن حياة كريستوفر كولمبس. وقد تم عرض الاوپرا لأول مرة في شتاتاوپر، برلين فيخمسة مايو1930 في ترجمة ألمانية قام بها رودلف هوفمان. وقد عدل ميوالعمل بشكل تام لينتج نسخة ثانية حوالي عام 1955. الاوپرا كانت عملاً ضخماً وتطلبت الكثير من المصادر للعرض. وككثير من أعماله الأخرى، فقد وظّف ميوتعدد الأصوات polytonality في أجزاء من العمل.
الحبكة
كريستوف كولومب هي مزيج من الأوبرا والأوراتوريو، وتتألف من قسمين، محورها شخصية «مكتشف» القارة الأميركية. غير ان موضوعها ليس ذلك الاكتشاف الذي بدّل وجه العالم والتاريخ، في حد ذاته، بل الأزمة الروحية التي عصفت بكولومبوس في آخر أيامه. والحقيقة حتى المتآلفين مع كتابات پول كلوديل كان في وسعهم منذ البداية حتى يتسقطوا حتى يطل الشاعر على حياة كولومبوس، في هذه الزاوية: زاوية أسئلة الروح، وهذه الأزمة تحكي لنا هنا عبر حلقات مسار مغامرات كولومبوس في هذه الحياة الدنيا، وانطلاقاً منه شخصياً. ذلك ان العمل يبدأ وكريستوف كولومبوس يحتضر في «بلد الوليد» في إسبانيا يتأمل حياته وما عمل، تحت وطأة أزمته الروحية العاصفة وقد دنا، جدياً هذه المرة، من ملاقاة وجه ربه. انه هنا، في مسقطه هذا، شاهد على ما عاش من أحداث ومغامرات، لكنه، في الوقت نفسه قاض يحاكم نفسه، وراوٍ يحدثنا عن المصير الغريب الاستثنائي الذي عاشه، وجعل لحياته جميع ذلك المعنى الذي كان لها.
غير ان كريستوف كولومبوس ليس وحيداً هنا يروي لنا ذكرياته في عزلته التامة، بل إنه محاط بكورس، يعلق على الأحداث، ويروي دواخل روح كولومبوس... لكنه لا يكتفي بهذا - اذ انه ليس كورساً راوياً جامداً، كما حال الكورس في التراجيديات الاغريقية القديمة -، انه يشارك حتى في الأحداث ويحركها، ويحرك ذكريات كولومبوس وينعش ذاكرته، متوقفاً عند تفاصيل يظهر كولومبوس، غير قادر، أوغير راغب في التوقف عندها. ومن هنا يصبح المحتضر والكورس شريكين في الحكاية. والعمل كله ليس، على أية حال، عملاً جامداً، بل انه عمل متموج، يسير صعوداً وهبوطاً، بحسب التفاصيل المروية، وبحسب تقلبات حال المحتضر نفسه، وأحياناً بحسب ما تمليه تدخلات الكورس، الذي قد يقلب في لحظات تفسير الأحداث كلها والموقف منها.
والحال حتى هذا الطابع المتأرجح للعمل هوالذي جعل داريوس ميلو، قادراً على تنويع موسيقي مدهش متأقلم تماماً مع تضاريس النص، وجعله يمعن في التغيير والتجديد فصلاً بعد فصل وحالاً بعد حال، ما أضفى على العمل كله طابعاً تنويعياً يفصله الباحثون والنقاد على الشكل التالي، اذ يرون ان المخطط الدرامي والتأريخي للعمل، تضافر مع تنوع العناصر السيكولوجية للشخصية الرئيسة، ناهيك بالعناصر المادية أوالكونية التي تعبّر حالته عنها. جميع هذا دفع ميلوالى حتى يتعاطى مع جميع فصل، في تعبير موسيقي يتفاعل مع شتى العناصر، الجوانية - الروحية - والبرانية - التي تهيمن على جميع فصل، بل على جميع موقف. إلى غير ذلك مثلاً تطالعنا مشاهد محكية يهيمن عليها طابع موسيقي ايقاعي، خصوصاً في ردود العمل الجماعية للكورس في مشاهد كثيرة، ثم تطالعنا مشاهد سردية وصفية تستند الى استخدام أمثل للألحان ذات الطابع الشعبي متضافرة مع أقصى درجات البساطة الشكلية معكوسة في توزيع اوركسترالي خاص، ويتقاطع هذا كله مع مراحل ذات بعد روحي خالص، تتمحور هنا حول تقلبات كريستوف كولومبوس بالارتباط مع فصول معينة من ذكرياته - ولا بأس حتى نذكر هنا ان الإخراج يستخدم في مثل تلك الوقفات، عرضاً لمشاهد سينمائية على شاشة تتصدر المكان، وكان هذا نوعاً من التجديد المدهش في حينه -. وبالتزامن مع هذا كله اشتغل ميلوباستفاضة على مشاهد ولحظات تظهر قوى العناية الإلهية والقوى الكونية، حيث تم الهجريز هنا على كتابة موسيقية بوليتونال، أوتنتمي الى أسلوب «الفوگ» (ويتجلى هذا في شكل خاص، كما يقول مؤرخوسيرة ميلوفي مشهد اليمامة، وفي المشهد الذي تظهر فيه ايزابيلا وسانتياگو، ثم خصوصاً في مشهد العاصفة التي تأتي بعد حتى يستثير اندلاعها آلهة الهنود وآلهة أفريقيا على التوالي)... وأخيراً هناك العناصر الأكثر شكلية التي وضعها ميلولكي تتلاءم مع المشاهد الاحتفالية، أواللحظات التي يتم فيها الاعلان عن حدوث شيء ما.
الحال حتى جميع هذا التلاؤم، الجوّاني والبرّاني - لكي نستخدم تعبيرين فلسفيين - جعل من عمل داريوس ميلوهذا، عملاً استثنائياً يجمع بين حداثة القرن العشرين، واحتفالية الأعمال الكلاسيكية الكبرى... تلك الاحتفالية التي كشفت عن قدرة الموسيقي الفرنسي على رسم صورة موسيقية، ليس للأحداث الكبيرة فقط، بل للعواطف الداخلية، ناهيك بتصويره الصاخب للصراعات الداخلية والخارجية، التي اذ يستعيد كريستوف كولومبوس، وهوعلى فراش الموت، مجرياتها وتأثيرها في حياة البشر وحياة الروح، تنعكس عليه أشجاناً... بل حتى صحوة ضمير سنلاحظ كم انها تحطم هذا الضمير وتدفعه - وتدفع المشاهدين معه - الى ألف سؤال وسؤال. وهنا اذ نتحدث عن التمزق الروحي، لا نشير الى يقين ما، سواء أكان سلبياً أم ايجابياً. ومن الواضح هنا حتى ميلوعكس في موسيقاه، ذلك التمزق الأوروبي الروحي - الذي عبّر عنه بول كلوديل بقوة - إزاء أميركا والفكرة الأمريكية نفسها.
وهي أيضاً لپول كلوديل، الشاعر الفرنسي الكبير، عن مواطنه داريوس ميلو، حين أنجز هذا الأخير موسيقى «أوبرا» «كريستوف كولومب» انطلاقاً من نص شعري طويل لكلوديل. بل ان كلوديل أعرب بوضوح ان ميلوأضفى بعداً روحياً اضافياً، وبعداً انسانياً مدهشاً، على نصه الأصلي. والحقيقة حتى شهادة كلوديل هذه أضافت الى أوبرا ميلوقيمة زائدة، ولا سيما منذ عرض هذا العمل للمرة الأولى، ليس في باريس، بل في برلين في العام 1930، وأجمع النقاد على حتى الموسيقي الفرنسي قد «استجاب في موسيقاه جميع المتطلبات الدرامية التي تطبع قصيدة كلوديل الطويلة».
الأدوار
الدور | نوع الصوت | طاقم أول أداء المايسترو: Erich Kleiber |
---|---|---|
كولمبس الشاب | baritone | Theodor Scheidl |
كولمبس العجوز | bass | Emanuel List |
الملكة إيزابلا من اسبانيا | سوپرانو | Delia Reinhardt |
زوجة كولمبس | سوپرانو | Margherita Perras |
Majordomo | تـِنور | Fritz Soot |
ملك اسبانيا | باس | |
قائد الاحتفالات | تـِنور | |
الحاكي | دور منطوق |
المصادر
- The Viking Opera Guide ed. Holden (Viking, 1993)
- Del Teatro (in Italian)
- Amadeus Online