ابن هرمة
أبوإسحاق إبراهيم بن علي بن سلمة ابن عامر بن هرمة بن هذيل الفهري المدني الشاعر (90-170 هـ/709-786م) كان ابن هرمة شاعراً متكسباً من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مدح الطالبيين والأمويين والعباسيين، ورحل إلى الخلفاء في دمشق وبغداد، وأجاد الغزل والهاتى والفخر والحكمة، وبرع في وصف مشاهد الصحراء، يتردد في معانيه بين متابعة القدماء وبين مجاراة المحدثين، وكان يكثر من التشابيه ويجوّد شعره، حتى نطق عنه الجاحظ: «لم يكن في المولدين أصوب بديعاً من بشار وابن هرمة»، ووصف بأنه شاعر مفلق فصيح، مسهب مجيد، حسن القول، سائر الشعر.
سيرته
يعود بنسبه إلى الخُلج الذين ينطق عنهم: إنهم من قريش. وقد ولد في المدينة المنورة ونشأ بها، وصار شاعر الحجاز وشيخ شعراء زمانه، ولكنه وصف بالقصر والدمامة والبخل، وذكر أنه نطق عن نفسه: «أنا ألأم العرب، دَعيّ أدعياء»، وكان مولعاً بالشراب، لا يصبر على النبيذ، يستهتر بسكره، فتكرر إقامة الحد عليه وجلده إلى حتى وفد على الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور وامتدحه، فاستحسن المنصور شعره، ونطق له: «سل حاجتك، فنطق: تخط إلى عامل المدينة ألا يحدني»، فخط الخليفة إلى عامله على المدينة: «من أتاك بابن هرمة وهوسكران فاجلده مئة جلدة، واجلد ابن هرمة ثمانين، فكان الرجل يمر به وهوسكران، فيقول: من يشتري ثمانين بمئة، ويجوزه».
كان ابن هرمة آخر شعراء الفصحاء الذين يحتج بشعرهم في اللغة والنحو، فوصفه الأصمعي بأنه من ساقة الشعراء، وهم آخر الشعراء القدماء الذين يحفل بهم الرواة والنقاد، ونطق فيه: «ختم الشعراء بابن هرمة…» فشعره جزل متين اتى على صورة الشعر القديم، وفيه بعض الاستجابة لتوجه المولدين والمحدثين من الشعراء، فظهرت عليه آثار فترة الانتنطق من الأموية إلى العباسية، وقد نال تقدير معاصريه من الشعراء، وتقدير رواة الشعر ونقدته، لسلامة شعره من الركاكة واللحن ولقدرته على تصريف المعاني واختراعها وإصابة التشبيه وابتداعه فقدمه بعضهم على الشعراء المولدين جميعاً، واختار المغنون أصواتاً كثيرة من شعره لتدفق نظمه واستقامته، فلحنوها وغنوها، وله ديوان شعر مشهور.
من شعره في الفخر قوله:
-
-
قد يدرك الشرفَ الفتى ورداؤه خَلَقٌ وجيب قميصه مرقــوعُ إما تريني شاحباً متبذلاً كالسيف يخلق جفنه فيضــيعُ فلرب ليلة لذة قد بتهـا وحرامها بحلالها مدفوعُ
-
وفي المدح قوله:
-
-
وكانت أمور الناس منبتة القوى فشد الوليد حين قام نظامــها خليفة حق لا خليفة باطـــل رمى عن قناة الدين حتى أقامها
-
وفي الهاتى قوله:
-
-
فإني ومدحك غير المصيب لكالكلب ينبح ضوء القمر مدحتك أرجولديك الثـواب فكنت كعاصر جنب الحجـــر
-
وفي الغزل قوله:
-
-
فإنك واطراحك وصل سعدى لأخرى في مودتها نكوب كثاقبة لحلي مســـتعار بأذنيها فشانهما الثقوب فردت حلي جارتها إليها وقد بقيت بأذنيها ندوب
-
المصادر
- محمود سالم محمد. "ابن هرمة (إبراهيم بن علي ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ابن قتيبة، الشعر والشعراء (دار الثقافة، بيروت 1964م ).
- ابن المعتز، طبقات الشعراء المحدثين، تحقيق عبد الستار فراج (دار المعارف، القاهرة، د.ت).
- الأصفهاني، الأغاني (دار الخط، القاهرة 1931م).
- الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق مجموعة (جمعية المستشرقين الألمانية، 1982م).