ابن وهب القرشي
ابن وهب القرشي، هورحالة مسلم، سافر إلى الصين سنة 257 هـ/870م. أخذ عنه حتى أبا زيد السيرافي معلومات من رحلاته للصين وضعها في مدوناته تحت اسم «أخبار الصين والهند. .
حياته
كان بالبصرة رجل من قريش يعد من ذوي الثروة والجاه في العراق ومن ولد هبار بن الأسود وقد ذكره المسعودي في مروج المضى:
ويذكر إنه وصل خمدان ولرحلته أهمية خاصة إذ بعد قليل من ذلك 246 هـ تم القضاء على المستعمرة العربية في كانتون نتيجة الحروب الداخلية فانبترت بذلك الصلات المباشرة بين العرب والصين وأصبحت أخر ميناء كله أوكله بره بشبه جزيرة الملايوولم يتجدد الاتصال بالصين إلاّ في النصف الثاني من القرن الثالث عشر.
ويؤكد المسعودي أنه التقى السيرافي سنة 303 هـ وأبلغه عن رواية ابن وهب، ويبدوإذا المسعودي أخذ الرحلة من السيرافي مع تغيير سهل في بعض الأسماء واختلاف الأسلوب وهذا يثبت إذا الرحلة حقيقية سقطت عملاً، والا لما ذكرها السيرافي والمسعودي.
وطلب لقاءة ملك الصين فأقام مدة طويل يبعث رسائله للملك وذكر أنه من أهل بيت النبوة
(فأمر الملك بعد هذه المدة الطويلة بإنزاله في بعض المساكن وإزاحة العلة من أموره وجميع ما يحتاج إليه وخط إلى الملك المقيم بخانقوا بأمره بالبحث عنه ومسألة التجار عما يدعيه الرجل من قرابة بنبي العرب فخط صاحب خانقوا بصحة نسبه فاذن له بالوصول إليه ووصله بمجال واسع واعاده إلى العراق وكان شيئاً مهماً فأبلغ انه لما وصل إليه سأله عن العرب وكيف أزالوا ملك العجم فنطق له: بالله عز وجل، وما كانت العجم عليه من عبادة النيران والسجود للشمس والقمر من دون الله عز وجل فنطق له لقد غلبت العرب على أجل الممالك وأنفسها وأوسعها ربيعاً وأكثرها أموالاً وأعقلها رجالاً وأهداها صوتاً وأبعدها صيتاً ثم نطق له: فما منزلة سائر الملوك عندكم ،يا ترى؟ فنطق: ما لي بهم فهم، فنطق للترجمان قل له: إنا نعد الملوك خمسة: فأوسعهم ملكاً الذي يملك العراق لأنه في وسط الدنيا والملوك محدقة به ونجد اسمه ملك الملوك وبعده ملكنا هذا ونجده عندنا ملك الناس لأنه لا أحد من الملوك أسوس منا ولا أضبط بملكه من ضبطنا لملكنا ولا رعية من الرعايا أطوع لملكها من رعيتنا ونحن ملوك الناس ومن بعده ملك السباع وهوملك الهند ونجده عندنا ملك الحكمة أيضاً لأن أصلها منهم ومن بعده ملك الروم، وهوعندنا ملك الرجال لأنه ليس في الأرض أتم خلقاً من رجاله، ولا أحسن وجوهاً منهم فهؤلاء أعيان الملوك والباقون دونهم. ثم نطق للترجمان قل له أتعهد صاحبك إذا رأيته ،يا ترى؟ يعني رسول الله نطق القرشي: وكيف لي برؤيته وهوعند الله عز وجل ،يا ترى؟ فنطق لم أرد هذا إنما أردت صورته فقلت أجل فأمر فسفط فأخرج فوضع بين يديه فتناول منه درجاً ونطق للترجمان أره صاحبه فرأيت في الدرج صور الأنبياء فحركت شفتي بالصلاة عليهم ولم يكن عندهم اني أعهدهم فنطق للترجمان: سله عن تحريك لشفته فسألني فقلت أصلي على الأنبياء فنطق ومن أين عهدتهم فقلت بما صور من أمورهم).
ويواصل قصه لقائه بملك الصين فيقول (هذا نوح عليه السلام في السفينة ينجوبمن معه لما أمر الله عز وجل الماء فعم الماء الأرض كلها بمن فيها وسلمه ومن معه فنطق: أما نوح فصدقت في تسميته وأما غرق الأرض كلها فلا تعهده وإنما أخذ الطوفان بترته من الأرض ولم يصل إلى أرضنا وان كان خبركم سليماً فمن هذه البترة ونحن معاشر أهل الصين والهند والسند وغيرنا من الطواف والأمم لا نعهد ما ذكرتم ولا نقل إلينا أسلافنا ما وصفتم وما ذكرت من ركوب الماء الأرض كلها فمن الكوائن العظام التي تفزع النفوس إلى حفظه وتتداوله الأمم ناقدة له نطق القرشي: فهبت الرد عليه وأقامت الحجة لفهمي بحمله ذلك ثم قلت هذا موسى وبنوإسرائيل فنطق نعم على قلة البلد الذي كان به وفساد قومه عليه ثم قلت هذا عيسى عليه السلام حماره والحواريون معه فنطق: لقد كان قليل المدة إنما كان أمده يزيد على ثلاثين شهراً شيئاً يسيراً وعدد من سائر الأنبياء وأخبارهم بما اقتصرت على ذكر بعضه ويزعم القرشي وهوالمعروف بابن هبار انه رأى فوق جميع صورة كتابة طويلة قد دون فيها ذكر أسمائهم ومواضع بلدانهم ومقادير أعمارهم وأسباب نبواتهم وسيرهم ثم رأيت صورة نبينا محمد على جمل وأصحابه محدقون به في أرجلهم نعال عربية من جلود الإبل وفي أوساطهم الحبال قد علقوا فيها المساويك فبكيت فنطق للترجمان: سله عن بكاءه فقلت هذا نبينا سيدنا وابن عمنا محمد ابن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) فنطق صدقت، لقد ملك قومه أجمل الممالك إلاّ انه لم يعاين من الممالك شيئاً إنما عاينه من بعد من تولى الأمر على أمته من خلفائه)([4]).
ثم سأل ملك الصين القرشي أسئلة كثيرة عن الخلفاء وعن عمر الأرض وعن سبب خروجه من جزيرة العرب وهي داره ونسبه فأجابه (قلت: بما وقع على البصرة ووقوعي إلى سيراف ونزعت بي همتي إلى ملكك أيها الملك لما بلغني من استقامة ملكك وحسن سيرتك وكثرة خبرتك وشمول سياستك لسائر رعيتك فأحببت الوقوع إلى هذه المملكة وشاهدتها وانا راجع عنها إلى بلادي وأمر لي بجائزة سخية وخلع شريفة وأمر بحملي على البريد إلى مدينة خانقوا وخط إلى ملكها بإكرامي وتقديمي على من في ناحية سائر خواص الناس وأقامة النزل إلى وقت خروجي عنه فكنت عنده في أخصب عيش وانعمه إلى حتى خرجت من بلاد الصين).
ويروي المسعودي حتى أبوزيد السيرافي سأل سنة 303 هـ ابن هبار القرشي عن مدينة همدان التي بها الملك وصفتها (نذكر سعتها وكثرة أهلها وإنها مقسومة على قسمين يفصل بينهما شارع عظيم طويل عريض فالملك ووزيرة وقاضي القضاة وجنوده وخصيانه وجميع أسبابه في الشق الأيمن منه بها يلي المشرق لا يخالطهم احد من العامة وليس فيه شيء من الأسواق بل أنهار في سككهم مطروه وأشجار تليها منتظمة ومنازل فسيحة وفي الشق الأيسر مما يلي المغرب الرعية والتجار والميرة والأسواق فإذا وضح النهار رأيت فيها قهارمة الملوك وغلمانه وغلمان وزراءه ووكلائهم ما بين راكب وراجل).
المصادر
- ^ أبوزيد حسن بن يزيد السيرافي، رحلة السيرافي، المقدمة، المجمع الثقافي، أبوظبي 1999
- ^ الرحالة ابن وهب القرشي 256 هـ، جامعة المدينة العالمية
المراجع
- المسعودي، مروج المضى، ج1، ص160.
- سوسة، أحمد، الشريف الإدريسي، ج1، ص103.
- المسعودي، مروج المضى، ج1، ص161- 162.
- المسعودي، مروج المضى، ج1، ص163- 164.
- نفس المصدر، ج1، ص164.
- المسعودي، مروج المضى، ج1، ص164- 165.