ڤيروس قهقري داخلي المنشأ

مخطط شجري لمختلف صفوف الڤيروسات القهقرية داخلية المنشأ

د.إيهاب عبد الرحيم محمد

ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا الموضوع

الڤيروسات القهقرية الداخلية المنشأ Endogenous retroviruses هي عناصر ڤيروسية داخلية المنشأ مشتقة من الڤيروسات القهقرية، ويتواجدون بوفرة في جينومات الفقاريات الفكية.

فهماء الوراثة يعيدون فيروساً من قبره وهوالدنا البشري

تقول الأسطورة حتى طائر العنقاء يمثل الشمس، التي تموت في نهاية جميع يوم، لتولد من حديث في اليوم التالي. وقد عهد الإغريق والصينيون هذا الطائر، وسماه الأشوريون العنقاء، الذي لا يعيش على الفواكه أوالزهر بل على العطور والعنبر. وحين يبلغ من العمر خمسمائة عام يبني عشاً له في أعلى شجرة. حيث يجمع العنبر والمر والطيب واللبان، ويتكوم بينها في العش ويلفظ أنفاسه الأخيرة عند احتراقها. ومن رماد هذا الطائر الأب ، يولد طائر عنقاء صغير يقدر له حتى يعيش. مثل أبيه، خمسمائة عام أخرى. وحين يشتد جناحاه يودع هذا العش، وهومكان ولادته ومكان موت أبيه، فيحمل عشه، ويطير به متجهاً إلى مدينة الشمس بانتظار حتى يأتي زمن موته، فيحترق ليولد من رماده طائر عنقاء حديث إلى حياة جديدة.

أما في فهم الأحياء، فنجد حتى حمضنا النووي، أي الدنا DNA، يحتوي على كثير من البقايا المطمورة لفيروسات قديمة، التي كانت تعتبر عادة مناطق لا وظيفة معروفة لها ضمن الجينوم البشري.

لكن في مناورة فهمية أشبه بسيرة فرانكنشتاين، قام فهماء الوراثة الجزيئية الفرنسيون بقيادة تيري هايدمان بمعهد گوستاڤ-روسي Institut Gustave Roussy، بإعادة تجميع احدى هذه الفيروسات القهقرية retroviruses التي اندثرت منذ زمن طويل إلى شكلها المُعدي الأصلي.

هناك نحو100,000 من بتر الدنا DNA البشري تتشابه على نحواستثنائي مع الفيروسات القهقرية، وهوذلك الصنف من الفيروسات الذي يتضمن فيروس العوز المناعي البشري HIV المسبب للإيدز. تقوم الفيروسات القهقرية بإدخال نسخة من جيناتها إلى جينوم خلية مضيفها. يعتقد الفهماء حتىثمانية بالمائة من الجينوم البشري يتكون من هذا الدنا الڤيروسي، المعروف بالفيروسات القهقرية البشرية الداخلية المنشأ " Human endogenous retroviruses" أو"HERVS" اختصارا.

هناك بقايا متفرقة لتلك الفيروسات القهقرية في جميع أجزاء الجينوم البشري. لكنها فقدت منذ مدة طويلة قدرتها على إحداث العدوى بسب تعرضها لطفرات معينة، وبمقارنة العشرة بالمائة أونحوها من هذه البقايا العاطلة. حل "هايدمان" وزملاؤه مكونات الفيروس الأصلي التي لابد أنها أصابت أسلافنا منذ دهور خلت. وباستخدام تقنيات استنساخ الدنا "DNA"، قام الباحثون بعد ذلك ببناء نسخة معدلة من الفيروس يمكنها حتى تصيب الخلايا البشرية بالعدوى. إذا هذا الفيروس، الذي يسميه الفهماء فيروس العنقاء "phoenix" غير ضار بالمرة لكنه يُعتقد أنه يمكن حتى يلعب دوراً في أبحاث السرطان لأن مستويات مرتفعة من جزيئات الفيروسات القهقرية المماثلة وجدت في عدة أنواع مختلفة من الأورام للشك في أنها قد تساعد في نموالأورام السرطانية.

ينتج فيروس العنقاء جزيئات فيروسية تكشف جميع الخصائص البنيوية والوظيفية لفيروس قهقري حقيقي. ويمكن حتى تصيب عدواها خلايا الثدييات، بمن فيهم البشر، لتندمج مع التوقيع المضبوط لسلالة " HERVS " الداخلية المنشأ التي تم اكتشافها حديثاً.وتظهر نتائج تلك الأبحاث أيضاً حتى هذا العنصر يتضخم أيضاً عن طريق سبيل خارج خلوي يتضمن إعادة العدوى ، خلافاً للينقولات القهقرية "retrotransposons" (الينقول هوجزء من الدنا الجرثومي ينقل جينا لمقاومة الدواء) . هكذا يلخص خارج الجسم الحي الأحداث الجزيئية المسؤولة عن نشره في جينوم المضيف. يقول فهماء آخرون أنه من غير المرجح حتى تؤدي هذه التجربة إلى تطبيقات عملية، وأن أبحاث هايدمان لا تعدوكونها تجربة مثيرة لإثبات صحة مفهوم كان يجب حتىقد يكون خاضعاً للإشراف الدولي.

يقول البعض إنه بالرغم من حتى أحد لن يتمكن من خلق سلاح للحرب البيولوجية من هذه الأبحاث، إلا أنهم يحذرون أيضاً من أنه حتى الفيروسات القهقرية المعاد بناؤها لا يمكن فهم مدى قدرتها على إحداث العدوى ولا تسقطها دون شك: وبالإضافة إلى ذلك، فليست هناك قوانين دولية تحذر إعادة تشكيل مسببات الأمراض البشرية المسيطر عليها ماعدا الجدري: فالإرشادات المتبعة حالياً كلها طوعية، وبالتالي لا يخضع الباحثون للمراقبة الرسمية.

ومن ناحية أخرى، فقد تم أخيراً في مختبرات الأبحاث استبناء الڤيروس السنجابي "poliovirus" المسبب لشلل الأطفال وڤيروس وباء الأنفلونزا لعام 1918، والآن هذا الفيروس القهقري المنقرض، مما يشير إلى حتى الوقت قد فات تماماً على تطبيق نوع من الإشراف على مثل تلك الأبحاث. تتمثل المشكلة في أنهم أعادوا إلى الحياة فيروساً يصيب الجينوم البشري ويمكن حتى ينتقل وراثياً. وباعتبار أنهم لا يعهدون بالضبط ما يعمل هذا الفيروس - بل إذا أحد لا يعهد حتى ما يعمل ذلك الصنف من الفيروسات الذي ينتمي إليه ـ فلا يمكنهم فهم ما إذا كان امتلاك نسخة فتاكة منه ضاراً بالحياة البشرية أم لا: إذا الأمر جد خطير، ويحمل بذرة سلاح بيولوجي فعال.

انظر أيضاً

عنصر ڤيروسي داخلي المنشأ Endogenous viral element
Jaagsiekte sheep retrovirus (JSRV)
Mouse mammary tumor virus (MMTV)
Murine leukemia virus (MLV) and xenotropic murine leukemia virus-related virus (XMRV)
Koala retrovirus (KoRV)
Avian sarcoma leukosis virus (ASLV)
HERV-FRD
ERV3
فهم الڤيروسات العتيقة Paleovirology
ينقول قهقري Retrotransposon
Horizontal gene transfer