ثورة

الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن سواء إلى وضع أفضل أوأسوأ من الوضع القائم. وللثورة تعريفات معجمية تتلخص بتعريفين ومفهومين، التعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الاولى للثورة الفرنسية وهوقيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة . وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي اسماهم الپروليتاريا. أما التعريف أوالفهم المعاصر والأكثر حداثةً هوالتغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته كـ"القوات المسلحة" أومن خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتطبيق برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية .والمفهوم الدارج اوالشعبي للثورة فهوالانتفاض ضد الحكم الظالم. وقد تكون الثورة شعبية مثل الثورة الفرنسية عام 1789 وثورات أوروبا الشرقية عام 1989 وثورة أوكرانيا المعروفة بالثورة البرتنطقية في نوفمبر 2004، أوعسكرية وهي التي تسمى إنقلاباً مثل الانقلابات التي سادت أمريكا اللاتينية في حقبتي الخمسينيات والستينات من القرن العشرين، أوحركة مقاومة ضد مستعمر مثل الثورة الجزائرية (1954-1962). أما الانقلاب العسكري فهوقيام أحد العسكريين بالوثوب للسلطة من خلال قلب نظام الحكم، بغية الاستئثار بالسلطة والحصول على مكاسب شخصية من كرسي الحكم.

كما قد تعني الثورة في معنى اخر التطور الايجابي كما هومتعارف عليه في مجال التكنولوجيا والعلوم التطبيقة حيث يستخدم مصطلح ( ثورة ) في الاشارة إلى ثورة المعلومات والتكنولوجيا . دوافع الثورات

برزت آراء مختلفة ومتعددة لدى فهماء السياسة والاجتماع المهتمين بدراسة فهم الثورة Revolutionology لتفسير الدوافع المؤدية للثورة وتحديدها. ومن أبرز هذه التفسيرات هي:

التفسير النقدي الارتقائي المتفائل

اقتحام الباستيل، 14 يوليو1789 أثناء الثورة الفرنسية.
جورج واشنطن، زعيم الثورة الأمريكية.
ڤلاديمير لنين، زعيم الثورة البلشڤية 1917.
صن يات-سن، زعيم ثورة شين‌هاي الصينية في in 1911.

برز هذا التفسير في القرن التاسع عشر بين الأحزاب اليسارية ومفكريها، وتبلور وتحدد فيما بعد في إطار النظرية «الماركسية اللينينية» وعهد بـ«التفسير المادي للتاريخ». وينطلق هذا التفسير من حتى الثورات تحدث نتيجة وجود مقدمات وشروط محددة تبرز في إطار تطور المجتمع، تؤدي إلى وجود تناقضات أساسية تتحدد في التناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج، وشكل التملك الاحتكاري الخاص. ويؤدي ذلك إلى اتساع الشعور بالظلم والاستغلال الذي يمارس من قبل فئة قليلة مالكة ضد بقية فئات الشعب. وتؤدي هذه التناقضات إلى «أزمة سياسية» عميقة، تحمل معها نشوء حالة «ثورية» تتجسد بنشاط الجماهير السياسي الواسع من خلال التمرد على الواقع بأشكال ومظاهر متعددة مثل الاضطرابات، والمظاهرات والاجتماعات والانقلابات.

إنَّ الحالة الثورية هي تعبير عن التناقضات الموجودة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل هي ذروة تفاقمها. وفي معرض الحديث عن مسببات الثورة، ذكر ماركس في مقدمته «مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي» أنه في فترة معينة من تطور المجتمع تدخل القوى المنتجة في تناقض مع العلاقات الإنتاجية، التي كانت حتى ذلك الحين تتطور في إطارها. وتتحول هذه العلاقات المتنوعة من صيغة لتطور القوى المنتجة إلى عوامل معوقة لتطوّرها، وعندئذٍ يحصل عصر الثورة. وعليه فإن الصراع بين القوى المنتجة الجديدة وبين العلاقات الإنتاجية القديمة يشكل الأساس الموضوعي الاقتصادي للثورة. وإنَّ تصفية العلاقات الإنتاجية القديمة، واستبدالها بعلاقات جديدة، لا تحدث تلقائيَّاً وإنَّما من خلال توحيد القوى التقدمية كافة التي تعمل على إنهاء النظام الاجتماعي القديم.

وتشير النظرية «الماركسية اللينينية» إلى أهمية الحزب الثوري ودوره في توحيد القوى الثورية وتنظيمها، وأهمية العوامل الذاتية في توعية الجماهير وقيادتها. وتشكل وحدة الظروف الموضوعية والذاتية، عند لينين، القانون الأساسي للثورة.

والثورة تحلّ جملة من القضايا المتعلقة بالتغيير الاجتماعي، إنَّها تهدم القديم وتبني الجديد. ومن القضايا الهامة والبارزة التي تقابلها الثورة هي «قضية انتنطق السلطة إلى أيدي الطبقة الثورية». وكما يرى لينين فإن سلطة الدولة هي المسألة الرئيسية في أية ثورة. ويرتبط ذلك بجوهر الدولة، بوصفها أداة خاصة أقامتها الطبقة الحاكمة، كوسيلة للسيطرة والتحكم والحفاظ على النظام القائم. ويرتبط بالمهام التي يترتب على الثورة تطبيقها، من خلال مقاومة القوى الاجتماعية المالكة السابقة. ونتيجة ذلك هجرز «الماركسية اللينينية» على أهمية الفهم السليم للعلاقة بين «الثورة والسلطة». فالثورة مقدمة ووسيلة لاستلام السلطة. واستلام السلطة شرط ضروري للتغييرات الجذرية التي يجب تحقيقها في المجتمع من خلال السلطة الجديدة التي تجسد مصلحة الجماهير وتعمل لتحقيق أهدافها.

ورأى لينين فيما بعد حتى السيطرة الاستعمارية وما يرافقها من نهب واستغلال للشعوب المستعمرة يمكن حتى تشكل مقدمات لقيام ثورات وطنية ذات طابع تحرري ضد الدول الاستعمارية. وعهدت هذه الثورات بـ«ثورات التحرر الوطنية». ورأى حتى الفترة الإمبريالية لابد حتى تؤدي إلى توسيع هذه الثورات وبالتالي إلى حتميتها أيضاً، وحتمية حروب الطبقة العاملة ضدَّ «الطبقة البرجوازية»، وحتمية الجمع بين كلا هذين النوعين من الحروب الثورية.


التفسير البنائي الوظيفي

سقوط جدار برلين ومعظم أحداث خريف الأمم في اوروبا، 1989، كانت مفاجئة وسلمية.

ظهر هذا التفسير للثورة على يد مجموعة من الباحثين في أوربة الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. ومن أبرز هؤلاء «سيگموند نويمان» و«كرين برنتون». ويرى أصحاب هذا التفسير حتى الأسباب المؤدية للثورة، والعوامل الدافعة لها ليست واضحة ومحددة، ومن الصعب تمييزها. فالثورة تحدث دون مقدمات، باعتبارها طفرة في مسار التطور التاريخي. نتيجة ضغوطٍ ومصاعب متزايدةٍ، يؤدي تفاعلها إلى تغييرٍ أساسيٍ في التنظيم السياسي والبنيان الاجتماعي، والتحكم في الملكية الاقتصادية. والثورة حسب هذا التفسير تشكل انكساراً رئيساً في المسار العام لتطور المجتمع. وتأتي في إطار العنف التحرري العادي الذي يستهدف تحرير الإنسان من الظلم والقهر، بعد حتى تكون الوسائل الأخرى قد فشلت في إنجاز ذلك. وهي الوسيلة الفاعلة لتحقيق الطفرات التاريخية القادرة على بناء مجتمعاتٍ متقدمةٍ تغني مسيرة التاريخ الإنساني بالإنجازات المتطورة. وبذلك تعدّ الثورة إنجازاً حضارياً كبيراً يحمل المنفعة للمجتمع البشري.

وهذا التفسير لا يفرّق بين الثورة والثورة المضادة. ولهذا يصف «برينتون» الانقلاب الفاشي في إيطالية، والانقلاب النازي في ألمانيا بأنهما ثورتان. ويرى حتى الثورة المضادة هي الاستمرار المنطقي للثورة.

التفسير المحافظ التشاؤمي

برز هذا التفسير إبّان الثورة الفرنسية (1789) وعبَّر عنه بعض المفكرين الذين تأثروا بالفكر الإقطاعي التقليدي اللاهوتي أوالملكي. وتمثل خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر في مفكرين أمثال «تخصصه» و«غوستاف لوبون»، وهؤلاء يرون حتى الثورات هي انفجارات طارئة خارجة عن السيطرة، تحدث نتيجة انفعالات جماهيرية مدمرة متناقضة وغير واعية لما يحدث. ويشارك فيها اللاشعور الجمعي لشعب من الشعوب بكل ما يحتويه من مظاهر تقدمية ورجعية.

وينطلق هذا التفسير من حتى جميع ما في الثورة «فوضى» لأنها تعبر عن سيكولوجية الحشد. ويقارنونها مع «الارتدادات» التي تُعبِّر عن عقلية بدائية يمكن ملاحظتها في حالات الانهيار العصبي العام.

التفسير الوضعي الاجتماعي

يرى حتى اصطلاح الثورة يعبر عن تغييرات فجائية وجذرية وعنيفة تحدث في المجتمع دون وجود أيَّ مسببات أوعوامل دافعة ومؤدية إليها. وأن الثورة تحمل معنى وصفياً وشكلياً، ولا تحمل أي مضمون أوقيمة اجتماعية محددة. وطبقاً لهذا التفسير فإن جميع تغيير جذري وفجائي وعنيف في نظام الحكم والمجتمع يشكّل ثورةً حقيقيةً، طالما حتى الحركة السياسية أوالفئات الاجتماعية التي قامت بالثورة تمتعت بتأييد قطاع واسع من الشعب.

الثورة في التاريخ السياسي

محرك واط البخاري في مدريد. تطوير المحرك البخاري أطلق الثورة الصناعية في بريطانيا والعالم. وكان المحرك البخاري قد خـُلِق لضخ الماء من مناجم الفحم، ليمكـِّن تعميقهم تحت مستويات المياه الجوفية.

الثورة ظاهرة مهمة جدا في التاريخ السياسي. الثورة هي حركة سياسية في البلد حيث يحاول الشعب أوالجيش أومجموعات أخرى في الحكومة إخراج السلطة الحاكمة. يستخدم هذه المجموعات الثورية العنف في محاولة إسقاط حكوماتها. يؤسس الشعب أوالجيش حكومة جديدة في البلد بعد إسقاط الحكومة السابقة. ويسمى هذا التغيير في نظام الحكومة (أوفي القادة الحاكمة) ”الثورة“ لأنه يصبح إلى السلطة الحاكمة الجديدة.

كان الكثير من الثورات في التاريخ وطنية أوشعبية. في هذه الثورات، يغضب الشعب من الحكومة لأنها يتكون من جزء قليل من الشعب. ويتعرض لذلك الشعب ضد حكومته وتحاول تأسيس حكومة جديدة وطنية. في أمريكا في عام 1776 مثلا تمرد الشعب الامريكي ضد بريطانيا وأسس الامريكان الولايات المتحدة. وفي إيران أيضا تمرد الشعب الإيراني ضد "الشاه" في عام 1979 وأسس دولة دينية.

في الثورات أحيانا، يتعرض الجيش ضد السلطة الحاكمة، وبعد ذلك يأسس حكومة إستبدادية عسكرية في البلد. وفي الحقيقة يبدأ كثير من الثورات من عند الشعب ولكن تنتهي في دكتاتوريات عسكرية. إنتهى معظم الثورات في أمريكا اللاتينية بحكومات عسكرية مثلا. نرى في التاريخ حتى الثورة حادث سياسي خطير. معظم الثورات في التاريخ السياسي عنيفة. وكثير من الثورات أصبحت حروب ثورية وتوفي فيها كثير من الأبرياء. والثورة هي مجموعة من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تؤدي إلى تغيير جذري تام في المجتمع.


أنماط الثورات

كتاب "دراسات تحليلية للثورات"، تأليف كرين برنتون Crane Brinton. انقر الصورة لمطالعة الكتاب.

للثورات أنماط متعددة، وترتكز عملية تحديد نمط الثورة على طبيعة التغيير الذي يتحقق في المجتمع وحجمه. ويمكن التمييز بين نمطين أساسيين للثورات:

1- إذا كان التغيير يضم جزءاً من المجتمع، أوحقلاً من حقول الفهم فيه، فالثورة ترتبط بهذا الجزء، وتسمى باسمه. مثل الثورة الصناعية، والثورة الفهمية، والثورة الثقافية إلى غير ذلك. وهذا النمط من الثورات لا يؤدي لأي تغييرات سياسية واجتماعية مباشرة. ولكنَّه يُحقِّق بشكل تراكمي إمكانية انتنطق المجتمع من بنية اقتصادية سياسية اجتماعية إلى بنية أخرى. فالثورة الصناعية التي برزت في القرن الثامن عشر حملت معها العوامل والمرتكزات التي أدت إلى الثورات التي شهدتها القارة الأوروبية في القرن التاسع عشر.

2- إذا كان التغيير جذرياً، ويضم البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة. فالثورة اجتماعية. وتشكل تغييراً جذرياً شاملاً في المجتمع يؤدي إلى إحلال تشكيلة اجتماعية اقتصادية بأخرى أحمل مستوى وأكثر تقدماً. إنها تغيير جذري للنظام القديم، وإقامة نظام حديث ومؤسسات جديدة. إنها في الإطار العام قفزة للمجتمع من فترة إلى أخرى أكثر تقدُّماً وتطوراً.

والثورات الاجتماعية ذات أنماط متعددة، وتحدث في ظروف تاريخية متباينة، وتختلف في طبيعة قواها المحركة. وتتحدد طبيعة الثورة الاجتماعية ومضمونها وأهدافها العامة، من خلال طبيعة الفئات والطبقات الاجتماعية التي تقود الثورة، وطبيعة الأهداف التي تعمل لتحقيقها، وطبيعة الوضعية الاجتماعية التاريخية التي تقوم الثورة فيها. ومن أبرز أنماط الثورات الاجتماعية الثورة البرجوازية، الثورة الاشتراكية، ثورات التحرر الوطني:

الثورة البرجوازية

نمط من الثورة الاجتماعية. قادتها الطبقة البرجوازية الناشئة في المدن. وكانت القوى المحركة لهذه الثورات جماهير الفلاحين والفئات الفقيرة من سكان المدن والطبقة العاملة الناشئة. ونظراً لعدم الانتظام في التطور التاريخي، قامت الثورات البرجوازية في مراحل تاريخية مختلفة. وكانت موجهة ضد الأنظمة والحكومات الإقطاعية، والملكية، بهدف تحرير المجتمع من سيطرة هذه الفئات، وإلغاء الألقاب والامتيازات الموروثة، وتحرير الاقتصاد من العقبات التي كانت تقف أمام تطوره، وإقامة نظام سياسي اقتصادي حديث يرتكز على الحرية، ويعتمد الإنجاز سبيلاً للارتقاء في سلم التمركز الاجتماعي. وأسهم التقدم الفكري، والوعي السياسي والاجتماعي بدورٍ كبيرٍ في نجاح هذه الثورات من بإبرازه طبيعة النظام الإقطاعي القديم ومضمونه وأساليب عمله وأهدافه، وإبرازه مبررات تغييره.

وعند النظر إلى الثورات البرجوازية نمطاً تاريخياً من الثورة الاجتماعية ينبغي تأكيد الفوارق العميقة في طبيعة هذه الثورات. ففي بريطانية انتهت الثورة البرجوازية، باتفاق بين الإقطاع والبرجوازية، أبقى على النظام الملكي صفة لإدارة الدولة. وفي فرنسة تمَّ إنهاء النظام الإقطاعي ومؤسساته، وكذلك النظام الملكي من خلال ثورة 1789.

شكَّلت الثورات البرجوازية خطوةً متقدمةً، وفوزاً كبيراً لنظام اجتماعي سياسي اقتصادي بديلٍ من النظام الإقطاعي القائم. وامتدت الثورات البرجوازية من القرن السابع عشر حتَّى القرن التاسع عشر. وتعدُّ الثورة البرجوازية الديمقراطية نمطاً من أنماط الثورة البرجوازية، وتتميز بمشاركة جماهيرية واسعة إلى جانب الطبقة البرجوازية بهدف إقامة نظام اجتماعي حديث يحقق لها الحرية والمساواة. وتعدُّ الثورة الروسية (1905-1907) مثالاً واضحاً على ذلك. وفي ظروف محددة قد تتحول الثورة البرجوازية الديمقراطية إلى ثورة اشتراكية كالتطورات التي شهدتها روسية وأدَّت إلى ثورة 1917، بقيادة الحزب الشيوعي الروسي، وكذلك التطورات التي شهدتها بعض دول آسية وإفريقية وأمريكة اللاتينية وبعض دول أوربة الشرقية. وأسهمت التحولات الديمقراطية في هذه الدول في انتنطق الثورة وقيادتها من الطبقة البرجوازية إلى العمال والفلاحين والقوى الديمقراطية الأخرى في المجتمع لتحقيق تغييرات سياسية واقتصادية لمصلحة هذه القوى.

الثورة الاشتراكية

هي نمط من الثورة الاجتماعية، تؤدي إلى تغييرات جذرية وشاملة في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتسهم في تغيير التكوين الطبقي للمجتمع، والسير به على طريق النظام الاشتراكي. وتحدث الثورة الاشتراكية نتيجة للتناقضات الموجودة في المجتمع، ولتطور نضال الجماهير ضد الفئات المسيطرة نتيجة اتساع وعيها وزيادة تنظيمها.

والمحتوى الأساسي للثورة الاشتراكية هوإقامة نظام سياسي اقتصادي اجتماعي جديد، يُسهم في تغيير السيادة الاجتماعية، وطبيعة العلاقات السياسية والاقتصادية، وتغيير شكل السلطة القائمة، وأساليب عملها، وإقامة طراز حديث للدولة يعبر عن مصالح الأكثرية من أفراد الشعب، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبناء قاعدة واسعة من الديمقراطية الشعبية، وإطلاق قدرات الجماهير من خلال توعيتها وتنظيمها، وإغناء حياة مجموع الناس في المجتمع، وتحرير العلاقات الإنسانية من الاستغلال، وإحلال المساواة المعنوية والمادية، وتوسيع مساهمة مجموع الناس في بناء المجتمع الجديد. وثمة مدراس مختلفة من حيث نظرتها إلى الثورة الاشتراكية.

فالماركسية ترى حتى الثورة الاشتراكية نتاج طبيعي لتطور المجتمع، ونموالطبقات الاجتماعية، خاصة الطبقة العاملة القادرة على القيام بالثورة الاشتراكية، وتقويض الدولة البرجوازية، وإقامة ديكتاتورية الطبقة العاملة. مع ما يرافق ذلك من إلغاءٍ للملكية الفردية، وتصفية للطبقات المالكة القديمة. ويعد ذلك مقدمةً لانتشار الثورة الاشتراكية عالمياً تمهيداً لبناء الشيوعية الأممية وإلغاء الدولة وتطبيق مبدأ «من جميع حسب طاقته، ولكل حسب حاجته».

وطوَّر لينين هذه النظرية من خلال تحليله للنظام الرأسمالي ورأى إمكانية قيام الثورة في الحلقة الإمبريالية الأضعف. وضرورة العمل لبناء الاشتراكية في بلد واحد أوعدة بلدان، واتباع سياسة التعايش السلمي بين الأنظمة المتنوعة، وذلك بهدف حماية الثورة الاشتراكية وتوفير عوامل تطورها. ومضى لينين إلى إمكانية تحول الثورات الوطنية البورجوازية الديمقراطية إلى ثورات اشتراكية.

أمَّا مفكرواليسار القومي وأنصار الثورة الاشتراكية في الدول النامية فيرون حتى الثورة الاشتراكية حصيلة النضال للتحرر من السيطرة الاستعمارية الخارجية، والاستغلال الداخلي بهدف تحقيق العدالة والمساواة وإطلاق قدرات الجماهير من خلال الديمقراطية الشعبية، وتحويل الدولة إلى أداة للتغيير الثوري. وتأميم وسائل الإنتاج الرئيسية، وإعادة هيكلة الاقتصاد وتخطيطه، وتطوير التربية والتعليم والثقافة والإعلام بهدف نشر الثقافة الثورية على أوسع نطاق بين الجماهير. وتعد ثورة تشرين أول 1917 في روسية مثالاً واضحاً على هذا النمط من الثورات.


ثورات التحرر الوطني

نمط خاص من أنماط الثورة الاجتماعية هدفها إحداث تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية في حياة الدول والشعوب التي كانت خاضعة للسيطرة الاستعمارية وإقامة الدول الوطنية المستقلة. ونمت هذه الثورات على أرضية تطور حركة التحرر الوطني واتساعها وتقويتها نتيجة ضعف الدول الاستعمارية بعد الحرب العالمية الثانية، وبروز التنظيم الدولي، وانتشار الأفكار المنادية بالحرية وحق تقرير المصير وإنهاء السيطرة الاستعمارية. وتتحدد المهام السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الثورات، بطبيعة الظروف الداخلية لكل دولة أوشعب، وبطبيعة الفترة التاريخية التي تحدث فيها.

والمسألة الأساسية في هذه الثورات كما في جميع ثورة اجتماعية هي مسألة السلطة السياسية. حيث يتم نقل السلطة إلى القوى الوطنية والديمقراطية. والقوى المحركة لهذه الثورات من العمال والفلاحين والبورجوازية الصغيرة، والبورجوازية الوطنية، والمثقفين والضباط الوطنيين.

وشهد القرن العشرون ثورات تحرر وطني واسعة ومتعددة ضد السيطرة الاستعمارية وخاصة في قارات آسية وإفريقية وأمريكة اللاتينية. وانتقلت بعض هذه الثورات من النضال في سبيل التحرر الوطني إلى النضال لتحقيق تحولات ديمقراطية واقتصادية واجتماعية تنهي من خلالها مظاهر الاستغلال والسيطرة، وترسخ مظاهر التطور والتقدم والعدالة الاجتماعية.

ثورات عبر التاريخ

  • الثورة الفرنسية عام 1789
  • الثورة البرتنطقية في أوكرانيا عام 2004
  • ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917
  • الثورة الإيرانية عام 1970.
  • الثورة الجزائرية عام 1954

المصادر

الموسوعة العربية

انظر أيضا

  • تمرد
  • حق الثورة
  • القتال السياسي

مراجع

  • The International Encyclopedia of Revolution and Protest: 1500 to the Present, ed. by Immanuel Ness, Malden, MA [etc.]: Wiley & Sons, 2009, ISBN 1405184647
  • Perreau-Sausine, Emile, Les libéraux face aux révolutions : 1688, 1789, 1917, 1933, Commentaire, Spring 2005, pp. 181–193

وصلات خارجية

اقرأ اقتباسات ذات علاقة بثورة، في فهم الاقتباس.
  • Hannah Arendt, IEP.UTM.edu, On Revolution, 1963, Penguin Classics, New Ed edition: February 8, 1991. ISBN 014018421X
  • Daemon.be, Revolution in Political Risk Management
  • John Kekes, City-Journal.org Why Robespierre Chose Terror. The lessons of the first totalitarian revolution, City Journal, Spring 2006.
  • Plinio Correa de Oliveira, TFP.org, Revolution and Counter-Revolution, Foundation for a Christian, Third edition, 1993. ISBN 1877905275
  • Michael Barken, ZMAG.org, Regulating revolutions in Eastern Europe: Polyarchy and the National Endowment for Democracy, 1 November 2006.
  • Polyarchy.org, Polyarchy Documents: Revolution
  • DailyEvergreen.com, Vive la Révolution!: Revolution is an Indelible Phenomenon Throughout History by Qasim Hussaini
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:39:24
التصنيفات: ثورات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بوتين: روسيا وإيران تتعاونان بنشاط في جميع المجالات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:07:52
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 95%

أحمد مدياني: عزيز يُجند "زريقة" لحصد كل غنائم "البومبا"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:12:07
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

بنموسى في الإمارات لنقل خبرات المنظومة التعليمية المغربية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:10:50
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 73%

شولتس المستشار الألماني الأقل شعبية منذ عام 1997

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:08:07
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 88%

الأهلي يرتدي الزي التقليدي أمام شباب بلوزداد

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:09:59
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 49%

تطورات مهمة في ملف التنقيب عن الغاز بالمغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:11:01
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 80%

الولايات المتحدة تدرس إمكانية إرسال "إشارة عسكرية" لإيران

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:07:45
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 94%

محكمة الاستئناف تصدر قرارها بخصوص ملف “السمسرة القضائية”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:10:40
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 79%

ابن سلمان يتواصل مع ولي عهد الكويت بشأن صحة أمير البلاد

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:08:04
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 93%

انتخاب المغرب رئيسا للجنة الوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:09:52
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

"حماس" تعرب عن تقديرها لموقف مصر والأردن الرافض لتهجير سكان غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:07:44
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

المحكمة الدستورية تجرد برلمانيا مثيرا للجدل من مقعده بمجلس النواب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:10:46
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 72%

الكونغرس يمنع البنتاغون من إبرام عقود مع قطاع الطاقة الروسي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:07:49
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 87%

السفارة الروسية تعلق على حظر حرق القرآن الكريم في الدنمارك

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-08 00:07:57
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 99%

تحميل تطبيق المنصة العربية