المائة يوم

عودة للموسوعة

المائة يوم

المائة يوم
جزء من الحروب الناپليونية

معركة واترلو، بريشة وليام سادلر الثاني
التاريخ 20 مارس إلىثمانية يوليو1815
المسقط
فرنسا وبلجيكا الحالية، وإيطاليا الحالية
النتيجة

فوز الحلفاء، معاهدة باريس الثانية

  • نهاية الحروب الناپليونية
  • النفي الثاني لناپليون الأول والاسترجاع الثاني للبوربون
  • بداية Concert of Europe
الخصوم

التحالف السابع:

 المملكة المتحدة
 بروسيا
 الإمبراطورية النمساوية
 الإمبراطورية الروسية
هانڤر
ناساو
برونزڤيك
 السويد
 مملكة هولندا
 إسپانيا
الپرتغال
 سردينيا
صقلية
توسكانا
سويسرا
الملكيون الفرنسيون
الامبراطورية الفرنسية
ناپولي
القادة والزعماء
ناپليون الأول
مركيز گروشي
Louis-Nicolas Davout
Attribution
القوات
800,000 – 1,000,000 280,000
الخسائر
50,825+ قتيل، جريح أومصاب[] 68,000+ قتيل، جريحة أومصاب، ومفقود[]
نطقب:Campaignbox Neapolitan War

المائة يوم، ويطلق عليها أحياناً المائة يوم لناپليون، لأنها كانت تمثل الفترة بين عودة الامبراطور ناپليون الأول من المنفى في إلبا إلى باريس في 20 مارس 1815 واستعادة الملك لويس الثامن عشر لعرشه فيثمانية يوليو1815 (فترة 111 يوم). شهدت تلك الفترة حرب التحالفات السبعة، وحملة واترلووالحروب الناپليونية. استخدمت جملةles Cent Jours لأول مرة من قبل الپرفيت في پاريس، وگاسپار ده شابرول، في خطابه للترحيب بالملك.

عاد ناپليون أثناء عقد مؤتمر ڤيينا. في 13 مارس، قبل سبعة أيام من وصول ناپليون إلى باريس، كانت القوى في مؤتمر ڤيينا قد أنلته خارجاً عن القانون، وفي 25 مارس، بعد خمسة أيام من وصوله باريس، كان عواهل النمسا، پروسيا، روسيا والمملكة المتحدة، أعضاء التحالف السابع، قد ألزموا أنفسهم بوضع 150.000 رجل في الميدان لانهاء حكمه. وكانت هذه آخر مراحل الحروب الناپليونية، حيث انهزم ناپليون في معركة واترلو، واستعيدت الملكية للمرة الثانية في فرنسا وأوفد ناپليون لمنفاه الدائم في جزيرة سانت هلينا النائية، حيث توفى عام 1821.

لويس الثامن عشر

هولويس الثامن عشر ابن لويس الدوفين (الحدثة تعني الابن البكر)، ابن لويس الخامس عشر فهوإذن رابع لويس، كما كان لويس السادس عشر هوثالث لويس. وحتى سنة 1771 - عندما كان في الثلاثين من عمره - كان قانعاً فيما يظهر بأنقد يكون كونتاً لپروفنس، وكان وسيماً لطيفاً يتذوق الأدب ويدعـم الأدبـاء ويشـارك فـي المناقشات الرائعة في صالون خليلته. وعندما حاول لويس السادس عشر الهربَ من فرنسا (1771) حاول هوبدوره ونجح وانضم إلى أخيه كونت درتوا في بروكسل، وعندما توفي لويس السابع عشر في العاشرة من عمره (1795) بعد حتى ذَوَي بسبب السجن والأحزان، حمل كونت بروفنس - باعتباره الوريث الشرعي لعرش فرنسا - اسم لويس الثامن عشر واعتبر نفسه ملك فرنسا طوال سنوات الثورة وطوال فترة حكم نابليون. ولأنَّ نفوذ الثورة ونابليون راحا ينتشران، فقد كان على لويس الثامن عشر حتى يغيِّر مقر إقامته فراح ينتقل من مكان إلى مكان - من ألمانيا إلى روسيا إلى بولندا إلى روسيا إلى إنجلتـرا (1181)، وهنـاك أيدته الحكومـة، واحتفظ هونفسه باحترام للدستور البريطاني.

وفي 14 أبريل 1814 أصدر السينات (مجلس الشيوخ الفرنسي) وعلى رأسه تاليران القرار التالي: امتثالاً لاقتراح الحكومة المؤقتة وتقرير لجنة خاصة من سبعة أعضاء، يعهد مجلس الشيوخ (السينات) بحكومة فرنسا المؤقتة، لصاحب الجلالة كونت درتوا بمسمّى ليفتينانت جنرال المملكة حتى يتم استنادىء لويس - ستانيسلاوس زافييه ليشغل عرش فرنسا مع قبول الصيغة الدستورية. ونادى الدستور الذي صاغه مجلس الشيوخ (السينات) إلى عفوعام عن الثوريين الذين على قيد الحياة، كما نادى إلى إلغاء الرسوم الإقطاعية والأعشار الكنسية، وأكَّد صحة حجج الملكية التي يحوزها من اشتروا ممتلكات من ممتلكات الدولة (مما صودر من الكنيسة ومن المهاجرين الذين هجروا فرنسا عقب أحداث الثورة الفرنسية) والإبقاء على مجلس النوّاب ومجلس الشيوخ واحترام الحريات المدنية وسيادة الشعب.

وطلب لويس وقتاً للتفكير وقد أسعدته الدعوة لشغل العرش الفرنسي وأزعجته الشروط المفروضة. وفي 42 أبريل غادر إنجلترا قاصداً فرنسا. ومن سان أوِن (في 21 مايو) أعرب أنه سيحترم غالب ما ورد في الدستور المقترح لكنه يرفض سيادة الشعب لأنها تتعارض مع الحقوق الوراثية للملك كما منحها الله. واقترح حتى يمنح فرنسا ومجلس الشيوخ ميثاقاً بدلاً من الدستور. وسيصبح مجلس الشيوخ (السينات) مجلس نبلاء يختار الملك أعضاءه، وسيصبح اسم الجمعية التشريعية مجلس النواب ويتم انتخاب أعضائه بواسطة الناخبين الذين يدفع الواحد منهم ثلاثمائة فرنك أوأكثر جميع سنة كضرائب مباشرة، وسيكون على هذين المجلسين إدارة عوائد الحكومة ونفقاتها. وأغرى العرضُ بالسيطرة على أموال فرنسا، المجلسين بقبول الميثاق (عِوَضاً عن الدستور) وتعهد الملك بالتعاون، إلى غير ذلك عاد حكم البوربون (4 يونيو1814).

وفي معمعة هذه التغييرات قلَّصت القوى المتحالفة على وفق معاهدة باريس الأولى (3 مايو1814) حدود فرنسا إلى ما كانت عليه في سنة 2971، وأعطتها شامبري، وأنيسي وملهوس ، ومونتبيليار. وسلّمت فرنسا مستعمرات مهمّة لإنجلترا وإسبانيا واعترفت بالحكم النمساوي لشمال إيطاليا، ووافقت - مقدَّماً - على أية قرارات سيتخدها مؤتمر فينا فيما يتعلق بكل المناطق التي استولت عليها فرنسا منذ سنة 1792.

وبعد حتى استقر لويس الثامن عشر في التوليري شعر أنّ من حقه حتى يستريح ويسترخي ويسعد بعودة ملكه، وراح يتحدث عن عام 1814 باعتبارها السنة التاسعة عشرة لحكمي. لقد أصبح عمره الآن 95 سنة وسيما ودوداً كسولاً بطيئاً سميناً مصاباً بداء المفاصل، ولم يكن في جميع حالاته ملكاً. لقد أسلم نفسه لحكومة دستورية، وكيّف نفسه - بكياسة - مع ناخبين وخطباء ومتنازعين وصحافة أصبحت تنعم بحرية أكثر مما كانت تنعم به في ظل حكومة الإدارة أونابليون، وانتعشت الصالونات بالمناقشات الأدبية والسياسية. وبعد حتى أصبحت مدام دي ستيل منتصرة (بمعنى حتى أغراضها قد تحقّقت واصلت اجتماعاتها في باريس واستضافت الملوك.

وكانت النجاحات الاقتصادية التي حققها الحكم الجديد منادىةً لسعادة الشعب بشكل عام. لقد كان لويس الثامن عشر ذا حِسٍّ سليم فهجر قوانين المدوّنة القانونية النابليونية دون تغيير وهجر - وبدون تغيير أيضاً - نظام نابليون القضائي والإداري، كما أنه (أي لويس) لم يغيّر البنية الاقتصادية. وكما كان نابليون محظوظاً بأن عثر لوزارة المالية - تلك الوزارة الحيوية - شخصاً على قدر كبير من الكفاءة والاستقامة هوفرانسوموليا - كذلك عثر لويس الثامن عشر لشغل هذا المنصب نفسه البارون جوزيف - دومينيك لويس الذي قابل دون توان متطلبات الخزانة وقاوم جميع إغراءات الخداع المالي (المغالطات المالية).

وقد أشاد البلاط الملكي بجهوده كرمز لتيسير الانتنطق من نظام حكم إلى نظام حكم آخر (كفترة انتنطق)، وفي العام الأول من الحكم الجديد، كان هناك قدر قليل من الانتقام من أولئك الذين عملوا مع نابليون. لقد راح المارشالات الامبراطوريون (الذين عملوا مع نابليون) يختلطون بحرية مع الملكيين من ذوي الأنساب في بلاط البوربون ونستثني من هؤلاء المارشال داڤو، أما أفراد النبالة الدُّنيا مثل مدام دي ريموزا والسيد ريموزا الذين كانوا قريبين من نابليون فراحوا يتعبدون عند الضريح الذي أُعيد ترميمه وصقله (المقصود: راحوا يتقربون للبوربون من جديد)، وسخر تاليران قائلاً: إذا البوربون لم يتفهموا شيئاً ولم ينسوا شيئاً وقد يحدث هذا القول سليما بالنسبة إلى الكونت درتوا الذي كان متكبراً بغباء رغم طباعه الجيدة ومنظره الحسن، لكن هذا القول لا ينطبق على لويس 81، بل إذا نابليون نفسه شهد بعد ذلك (في سانت هيلانا) بسرعة قبول معظم الفرنسيين للحكم القديم بعد إلحاق تجديدات به كما لوكانوا قد سقطوا في أسر العادات القديمة الراسخة منذ زمن بعيد، بحيث لم يكن ممكناً استئصالها تماماً.

ومع هذا كان هناك شيء من الاستياء وعدم الرضا. لقد جحدت الكنيسة الكونكوردات النابليوني وأصرّت على عودة سلطانها كما كان قبل الثورة، خاصة سلطانها على التعليم. وحصلت الكنيسة من الملك على مرسوم بمراعاة الالتزام الديني الصارم في أيام الآحاد وأيام الأعياد الدينية، ففي هذه الأيام يتعين إغلاق جميع المحال من الصباح إلى المساء فيما عدا محال الكيماويين (المقصود الصيادلة) والعشابين، ولم يكن مسموحاً في هذه الأيام: (الآحاد والأعياد الدينية) بالقيام بأعمال مدفوعة الأجر أونقل البضائع لأغراض تجارية. وأصبح من الصعب عدم الاعتراف بالكاثوليكية. لكن الأكثر منادىة للإزعاج هومطالبة الكنيسة بكل الممتلكات الكنسية التي صادرتها الثورة، وهوطلب بدا معقولاً. لكن تطبيقه لا يمكن إلا حتى يُقابل بثورة مئات الألوف من الفلاحين وأفراد الطبقة الوسطى الذين تجاوز حتى اشتروا هذه الممتلكات من الدولة. إذا خوف هؤلاء المشترين من نزع ملكياتهم كلها أوجزءاً منها جعلهم يفكرون في الترحيب بعودة نابليون مبرّاً من داء شن الحرب.

لازالت هناك أقلية نشيطة متعلِّقة بمبادئ الثورة راحت - على أية حال - تعمل بشكل سري لإحياء هذه المبادئ. لقد راح اليعاقبة الذين تعرضوا لضغط شديد على يد الحكم الملكي الجديد - يعملون على أمل حتى تصبح عودة نابليون ضرورة وأن يطيح بحكم البوربون، ويصبح مرة أخرى ابنا للثورة. واستطاع اليعاقبة حتى يجندوا كثيرين في صفوف الجيش لتحقيق هذا الأمل. وكان المارشالات قد سقطوا أسرى كرم الملك ودماثته ولكن طبقة الضباط كانت تتطلع إلى إحياء الأيام التي كانت فيها هراوة المارشال يمكن حتى يحوزها الضابط في ميدان المعركة (المعنى: يمكن حتى يتحول الضابط العادي إلى مارشال على وفق بلائه في المعركة). لقد راحت طبقة الضباط تتوق لتلك الأيام خاصة وهم يرون حتى طبقة النبلاء راحت تستعيد احتكارها للمناصب العليا. وكان لويس الثامن عشر - رغبة منه في موازنة الميزانية - قد سرّح 18.000 ضابط و300.000 جندي، وراح جميع هؤلاء الرجال المطرودين تقريباً يناضلون ليجدوا لهم مكاناً في ظل النظام الاقتصادي السائد، وراحوا يتذكرون بحسرة أيام الإمبراطور (نابليون) التي بدت في عيونهم مثالية، تلك الأيام التي بدا فيها الموت دالاً على العظمة.

وكان سخط الجيش هوالأكثر وضوحاً من بين مظاهر السخط البادية في القوى الأخرى التي فتحت الباب أمام عودة المبالغات الفاتنة. أضف إلى هذا خوف الفلاحين من نزع ملكياتهم أوعودة الرسوم الإقطاعية، وكان الصناع يعانون من تدفق البضائع البريطانية تدفقاً شديداً. لقد كان الجميع مستائين باستثناء الكاثوليك شديدي التمسك بكاثوليكيتهم والخاضعين لسيطرة الإكليروس خضوعاً شديداً، وكان حل الملك للمجلسين في نهاية سنة 1814 (لم يُعدها حتى شهر مايو) مما زاد السخط، وكان الفقراء مشتاقين في طوايا نفوسهم لفرنسا النابليونية المثيرة ذات البهاء؛ جميع هؤلاء كانوا سهلي الانقياد وكانوا في انتظار ريح مواتية فوصلت أخبارهم إلى إلبا وحملت الروح المعنوية للمقاتل السجين (نابليون) الذي اتضح أنه وإن كان قد جُرح فإنه لم يمت.


مؤتمر ڤيينا: سبتمبر 1814 - يونيو1815

كان هذا المؤتمر أكثر الاجتماعات السياسية تميزاً في التاريخ الأوروبي وكان من الطبيعي حتىقد يكون أعضاؤه البارزون هم المنتصرين الكبار في حرب الأمم: روسيا وبروسيا والنمسا وبريطانيا العظمى، لكن كان هناك أيضاً مندوبون عن السويد والدنمرك وإسبانيا والبرتغال والباباوية وبافاريا وسكسونيا وفيرتمبرج، ولأن تاليران المخادع كان يمثل فرنسا المهزومة، فإن هذا وحده كان كافياً لوضعها في الاعتبار. وستوضِّح إجراءات المؤتمر مبدئين ليسا متناقضين تماماً بالضرورة: أصوات المدافع أقوى وأعلى من الحدثات، كما حتى القوة قلَّما تُحرز نصراً إذا لم يحكمها العقل.

كانت روسيا ممثلة بشكل أساسي بالقيصر إسكندر الأول ذي الجيش الأكبر والجاذبية الأوضح. لقد اقترح بمساعدة الكونت أندرياس رازوموفسكي (راعي بيتهوفهن) والكونت كارل روبرت نسلرود حتى تحصل روسيا على بولندا كلها مكافأةً لها لقيادتها الحلفاء من فترة التردد على النيمن والسبري إلى النصر على ضفاف السين Seine، وأيد الأمير تشارتوريسكي ممثل بولندا (بإذن من إسكندر) هذا الاقتراح على أمل حتى توحيد بولندا يمكن حتىقد يكون خطوة نحواستقلالها.

وكان يمثل بروسيا من الناحية الرسمية الملك فريدريك وليم الثالث وإن كان الأكثر فعالية في وفدها هوالأمير فون هاردنبرج مع فيلهلم فون همبولدت الذي كان كفيلسوف الحاشية.

لقد طالبوا بمكافأة مناسبة للقيادة العسكرية الباهرة للقائد البروسي بلوخر ولتضحية البروس بحياتهم. ووافق إسكندر بشرط حتى تسحب بروسيا نادىويها في المنطقة البولندية التي كانت تابعة لها، وقدَّم لفريدريك وليم جميع سكسونيا (التي كان ملكها مسجوناً في هذا الوقت في برلين) والذي يستحق عزله من منصبه لأنه كان قد قدَّم الجيش السكسوني ليكون تحت إمرة نابليون، ووجد الفريهر فوم شتاين حتى هذا حل لطيف للمسألة.

وادّعت النمسا حتى دعوتها للتحالف (ضد نابليون) هي التي قررت نتيجة الحرب، ولابد - لهذا - حتى تتلقى عوناً كريماً على مائدة المنتصرين. وكان إبعادُ النمسا عن بولندا أمراً لا يُحتمل كما حتى ضم سكسونيا إلى بروسيا قد يطيح بتوازن القوى كلية بين الشمال والجنوب، وبذل ميترنيخ جميع جهده وكياسته وحدّة ذهنه للحيلولة بين المجتمعين وبين حتى يجعلوا من النمسا قوة أوروبية (أوكياناً أوروبيا) من الدرجة الثانية. وعاون الإمبراطور فرانسيس الثاني وزير خارجيته في تحقيق هذا الغرض بإغراق ضيوفه بالولائم والحفلات. لقد كانت خزانته بعد الحرب على شفا الإفلاس، فغامر بما بقي فيها بإغراق ضيوفه بالنبيذ والشمبانيا (نوع من الخمور) وإتخامهم بالوجبات الدسمة، وتألقت صالات القصور الملكية طوال معظم الليل بالحفلات المسرفة، وظهر الممثلون والممثلات والمغنون والمغنيات والفنانون والفنانات لتحقيق البهجة لأصحاب الجلالة والسعادة والسموومن معهم.

وهز بيتهوفن مشاعر المدينة بمقطوعته "Die Schlacht Von Vittaria" وحملت النسوة الجميلات ثروات طائلة في ملابسهم وشعرهن (المقصود الحلي والمجوهرات)، وأبدين للعيان كثيراً من زينتهن بقدر ما يسمح احترامهن الرقيق للكاردينال كونسالفي، وأصبحت الخليلات رهن إشارة الباحثين عنهن من ذوي المكانة، وسدّت المحظيات والمومسات حاجة أفراد النبالة الدنيا. وسرت الإشاعات في المدينة عن علاقات القيصر الغرامية(4). لقد كسب قيصرُ النساءَ لكنه خسر معركته الدبلوماسية. لقد راح ميترنيخ يبحث عن حلفاء ضدّه (ضد القيصر) من بين أعضاء وفود القوى الصغرى. لقد دافع عن حتى مبدأ الشرعية يمنع سلب ملك (نزعه من ملكه) وهوالاقتراح الذي قدمته جميع من روسيا وبروسيا فيما يتعلق بسكسونيا وملكها. وقد اتفقوا، لكن كيف من الممكن أن يستطيعون إقناع روسيا بهذا المبدأ وهي تمركز على جبهتها الغربية 500.000 جندي،يا ترى؟ وناشد ميترنيخ اللورد كاسلريه المتحدث باسم إنجلترا: ألن تتوقّع إنجلترا شرا من روسياالممتدة عبر بولندا والمتحالفة مع بروسيا المنتفخة بضم سكسونيا إليها،يا ترى؟ ماذا سيعمل هذا بتوازن القوى شرقاً وغرباً،يا ترى؟ وبرّر كاسلريه موقفه قائلاً إذا بريطانيا في حرب مع الولايات المتحدة ولا تستطيع المخاطرة بلقاءة روسيا.

وهنا لجأ ميترنيخ - كملاذ أخير - إلى تاليران لقد كان ميترنيخ قد أغضب الرجل الفرنسي (تاليران) باستثناء فرنسا من الاجتماعات الخاصة للأربعة الكبار كما استثنى معها القوى الأقل أهمية، وأجّل (أي ميترنيخ) أول اجتماع تام لكل الدول التي حضرت المؤتمر إلى أول نوفمبر 4181. فكوّن تاليران فكراً عاماً (قضية مشهجرة) بين جميع أعضاء الوفود الذين لم يحضروا اجتماعات الأربعة الكبار، وسرعان ما وافقوا على حتىقد يكون متحدثاً باسمهم. وبعد حتى أصبح موقفه قوياً على هذا النحوبدأ يتحدث عن فرنسا كقوّة لازالت من الدرجة الأولى، يمكنها حتى تقيم جيشاً من 3.000.000 مقاتل وتموّله. ووجد ميترنيخ في هذا أملاً (أفكاراً واعدة يمكن استثمارها) مع أنه من الممكنقد يكون قد اعتبر هذا تهديدا. وضمن تاليران موافقة لويس 81، وكسب الدبلوماسيان (تاليران وميترنيخ) تأييد كاسلريه الذي عقدت بلاده الآن اتفاق سلام مع أمريكا. وفي ثلاثة يناير 5181 كوّن جميع من فرنسا والنمسا وبريطانيا العظمى تحالفاً ثلاثياً ليؤازر بعضُهم بعضَهم الآخر للحفاظ على توازن القوى. وعندما وُوجهت روسيا بهذا التحالف الجديد سحبت جميع نادىوٍ لها في بولندا، ووافقت بروسيا - بعد حتى استعادت ثورن وبوزن- على حتى تحصل على خُمْسَيْ سكسونيا فقط. لقد أصبح من حق تاليران حتى يفخر بأنه حوّل بدبلوماسيته فرنسا من متسوّل مُهان إلى قوة كبرى مرة أخرى.

وبعد نحوتسعة أشهر من المساومة أعاد أصحاب الجلالة والفخامة والسموالمجتمعون توزيع أراضي أوروبا على وفق المبدأ القديم - تظل الأسلابُ للمنتصرين إذا كانوا مازالوا أقوياء قوّة تمكّنهم من الاستيلاء عليها، وظهر هذا واضحا في قرارات مؤتمر فينا الصادرة فيثمانية يونيو1815. واحتفظت مالطا باعتبارها مركز حراسة تابع لها في قلب البحر المتوسط، وبسطت حمايتها على الجزر الأيونية كمراكز حراسة تابعة لها في الأدرياتي وشرق البحر المتوسط. وأعادت بعض المستعمرات الفرنسية والهولندية التي كانت قد استولت عليها في أثناء الحرب، لكنها احتفظت لنفسها بمستعمرات أخرى لم تردها (خاصة سيلان ورأس الراتى الصالح) واستعادت سيطرتها على هانوفر ورتّبت تفاهماً مشهجراً قوياً مع مملكة الأراضي المنخفضة الجديدة التي تضم الآن هولندا وبلجيكا وبالتالي تضم بين جنبيها مصبَّات نهر الرّاين.

وعانت بولندا من تقسيم حديث مع بعض التحسينات. وتسلّمت بروسيا المناطق المحيطة بكلٍّ من بوزن ودانزج (دانتسج)، وتسلمت النمسا جاليسيا، وتسلمت روسيا دوقية وارسو(فرسافا) الكبرى التي أصبح اسمها مملكة بولندا وأصبح القيصر الروسي ملكاً عليها كما أصبح لها دستور ليبرالي. لقد خرجت بروسيا من الحرب بمكاسب أعدّتها لبسمارك (بمعنى أنها أصبحت تربة صالحة لأفكار بسمارك وجهوده): فبالإضافة إلى خُمْسَي سكسونيا ضمتّ إليها بوميرانيا السويدية وريجن ومعظم وستفاليا ونيوشاتل في سويسرا، وتأثير سائد غلاب في الكونفدرالية الألمانية التي حلّت الآن محل الكيان الذي كان نابليون قد أسماه كونفدرالية الرّاين. واحتفظت سكسونيا بثلاثة أخماس أراضيها السابقة واستعادت ملكها. أما النمسا فبالإضافة إلى أراضيها التي كانت في حوزتها قبل مؤتمر فينا حصلت على سالزبورج (سالتسبورج) وإليريا، ودلماشيا والتيرول والمملكة اللومبارديه الفينيسية في الشمال الإيطالي. وعادت الولايات الباباوية إلى البابا، وعادت توسكانيا إلى الحكم الهبسبرجي البوربوني. وأخيراً أدان المؤتمر تجارة الرقيق إذعاناً للمسيحية.

وخلال شهري ديسمبر ويناير 1814-1815 نظر المؤتمر بجدية إلى اقتراحات باتخاذ مزيد من الإجراءات مع نابليون. لقد كان من رأي بعض أعضاء الوفود أنه من المؤكد حتى هذا الرجل المثير (نابليون) لن يستقر راضياً لفترة طويلة وهوحاكم لجزيرة إلبا الصغيرة، وهذه الجزيرة (إلبا) قريبة جدا (بشكل غير مريح) لإيطاليا وفرنسا. فأي إزعاج سيسببه إذا هرب منها،يا ترى؟ وكانت هناك اقتراحات عديدة بإرسال قوة عسكرية إلى إلبا للقبض على نابليون وعزله في مكان آخر أكثر بُعدا، وأكثر أمناً لأوربا. وكان هذا أيضا هورأي تاليران وكاسلريه، ولكن القيصر إسكندر اعترض، فاستقر الأمر على هجره في إلبا.

وبينما المؤتمر على وشك إنهاء أعماله وصلته في بكور صباحسبعة مارس رسالة تحمل خاتم طارئ وعاجل. لقد كانت هذه الرسالة من القنصل النمساوي في جنوه وموجهة إلى الوزير النمساوي ومُفادها حتى نابليون هرب من إلبا. وعندما أحيطت الوفود فهما وافقت على تأجيل فض الموتمر وأن يبقوا في فينا حتى يتم الاتفاق على عمل موحّد. وفي 11 مارس وصلت أخبار أخرى مفادها حتى نابليون قد هبط بالقرب من أنتيب، وفي 31 مارس أصدر المؤتمر من خلال لجنة الثمانية إدانة لنابليون مع اعتباره مُهْدَر الدم، فكل من يقتله لا يقع تحت طائلة القانون، وكان المؤتمر قد أكمل برنامجه، لكنه رغم تفرق الوفود ظل رسميا منعقدا حتى 19 يونيوعندما وصلت أخبار بهزيمة نابليون في واترلوفي اليوم السابق. ساعتها أعرب المؤتمر إنهاء أعماله رسميا.


إلبا

The journey of a modern hero, to the island of Elba. Print shows Napoleon I seated backwards on a donkey on the road "to Elba" from Fontainebleau; he holds a broken sword in one hand and the donkey's tail in the other while two drummers follow him playing a farewell(?) march.
Napoleon with the Elba Squadron of volunteers from 1er régiment de chevau-légers lanciers polonais de la Garde impériale

وصل نابليون إلى بُورْتوفِرْياوفي ثلاثة مايو1814. ونزل إلى البر في صباح اليوم التالي فاستقبله سكان المدينة بترحيب يفوق الوصف ظناً منهم أنه أحضر معه ملايين الفرنكات لينفقها (في جزيرتهم) وكانوا قبل ثمانية أيام قد شنقوا تمثالاً له باعتباره رجلا مولعا بالحرب إلى حدّ الجنون. لقد حَفّوه حارسين له إلى قصر الحاكم الذي أصبح لابد، الآن، يكتسي بالأبهة الإمبراطورية. وطوال التسعة شهور التالية كان على نابليون حتىقد يكون إمبراطورا على جزيرة مساحتها 68 ميلا وسكانها 21.000 نفس. وأحاط نفسه بكل مظاهر العظمة - ملابس فاخرة وحرس ملكي وحجّاب وياورات وخدم وحشم وموسيقييين ومائة حصان وسبع وعشرين عربة، وربما كان هذا في جانب منه لإيمانه بأن المظاهر هي لعبة الحكم. وفي 26 مايوأتى 400 عضومن أعضاء الحرس القديم لخدمته كنواة لجيش مصغّر. وأتى نحومائتي متطوع من فرنسا كما أتاه متطوعون آخرون من إيطاليا وكورسيكا فسرعان ما أصبح لديه نحو1600 مقاتل مستعدين للحرب في لقاءة أية محاولة لايذاء إمبراطورهم المحبوب رغم كراهية آخرين له. وليتمتع بمزيد من المناعة حصّن الميناء ونظّم أسطولا - سفينة كبيرة بصاريين (السفينة إنكونستانت) وأربع سفن صغار، وكانت كلها مسلّحة.

كيف أمكنه تمويل جميع ذلك، وغير ذلك من الأعمال العامة والمشروعات التي حسّن بها أحوال الجزيرة،يا ترى؟ لقد كانت معاهدة فونتينبلوقد ضمنت له مبلغاً سنوياً يأتيه من فرنسا، لكن ذلك لم يحدث، ولم يتلق المبلغ. لقد كان نابليون على أية حال قد أحضر معه 3.400.000 فرنك مضىاً وفضة، وجمع 400.000 ليرة سنوياً من الضرائب وعوائد أخرى. وبعد انقضاء نصف عام راح يفكر في كيفية لقاءة هذه النفقات إذا مكث في الجزيرة أكثر من عام.

وظل لفترة سعيداً بشكل معقول، واضعاً في اعتباره أساليبه الموسّعة (المقصود خططه طويلة المدى)، وفيتسعة مايوخط إلى ماري لويز: وصلت هنا منذ خمسة عشر يوماً. لقد اتخذت لي محلَّ إقامة جميلا.. صحتي على ما يُرام. المنطقة (الجزيرة). مقبولة. لا ينقصني سوى أخبار منك وتأكيدات بأنك على خير ما يرام.. إلى اللقاء يا حبيبتي. قبلة لابني.

وكان ابن آخر مع أمه الكونتيسة المخلصة فالفسكا من بين أوَّل من زاره، وظن البحارة والمواطنون أنها الإمبراطورة، فرحبوا بها كما يجري الترحيب بإمبراطورة. وانزعج نابليون فقد كان يأمل حتى تلحق به زوجته (ماري لويز) وابنه ملك روما، فاستراح ليوم أويومين بين ذراعي فالفسكا ثم طردها برفق متعللِّلا بالأحوال. وربما تكون ماري لويز قد سمعت إشاعات مبالغاً فيها عمّا جرى في هذين اليومين.

وفي أكتوبر أتت أمه وأخته بولين للإقامة معه. وقدّمت له بولين جواهرها والتمست عنده الأعذار لما ظهر من مورا من عدم ولاء. واهتمت به أمه اهتماما مفعماً بالعاطفة، وواسته وقدَّمت له جميع مدّخراتها. وظلت أمه وأخته معه رغم افتقادهما حيوية الحياة الإيطالية.

ويمكننا حتى نتصّور كم كان يعاني بعد الشهور القليلة الأولى من المجال الصغير للجزيرة، وضيقها عن إمكاناته الكبيرة وأحلامه العظيمة. وحاول حتى يهرب من الملل بالانهماك في النشاط البدني، لكن ما كان يمضى يوم حتى تأتيه أخبار من البر الأوربي تزيده اضطرابا وتحول بينه وبين الاستقرار. لقد أبلغه مينيفال الذي كان في خدمة ماري لويز في فينا عن المناقشات التي جرت في المؤتمر (مؤتمر فينا) بخصوص إبعاده عن جزيرة إلبا إلى مكان أبعد ضمانا لأمن أوربا وأضاف قائلا له إذا المؤتمر من الممكن ينتهي في 2 فبراير. وأبلغه آخرون باستياء الجيش الفرنسي، ومخاوف الفلاّحين وهياج اليعاقبة وعودة نظم العبادة الكاثوليكية إلى قوتها الأولى. وفي فبراير 1815 أوفد له هوج مار (دوق باسانو) رسالة حملها فلوري دي شابولويؤكد له فيها جميع هذه التقارير.

واندهش لهذه التقارير التي أنعشت فيه الآمال بنهاية أكثر نبلاً من الموت بسبب الفراغ والعزلة، فأبلغ أمه بنواياه وطلب منها النصح، فاعتراها القلق من أنها لوهجرته الآن يمضى فلن تراه مرة أخرى أبدا، فنطقت له: دعني أنعم بالأمومة لفترة وبعدها سأقول لك رأيي لكنها فهمت أنه كان قد قررّ بالعمل حتى يقوم بمغامرته الأخيرة. فنطقت له امضى يا ولدي إلى قَدَرك (النص: امضى لتطبيق ما خطه القدر لك.

لقد شعر أنّ عليه حتى يعمل بسرعة. فإن انقضى وقت قصير قد لاقد يكون لديه الوسائل التي يدفع منها لهؤلاء الفرنسيين البالغين ألفا الذين خدموه والذين يجب حتى تستمر خدماتهم. إذا الظروف قد تطورت بما يسمح له بمحاولة لاستعادة عرشه والدفاع عنه ليورّثه لابنه الجميل كأدونيس بعد تدريبه على فنون الحكم. لقد كان الحلفاء ينهون مؤتمرهم وبسبيل عودتهم إلى بلادهم مصحوبين بجنودهم، وربماقد يكونون قد أصبحوا مستعدين للاستجابة لدعوته للسلام فُرادى. لقد كانت لياليه لا تزال طويلة، وفي جنح الليل يمكن لأسطوله الصغير حتى يُفلت من المراقبة ليكون - مرة أخرى - على الأرض الفرنسية.

لقد جهّز أموره بسرية قدر الإمكان، لكن من خلال تفكيره العميق ونظره الثاقب كما هومعتاد منه. لقد أمر الحرس الإمبراطوري وثمانمائة من رماة القنابل (المجموع 1100 مقاتل) حتى يُعدّوا أنفسهم ليكونوا على رصيف الميناء في مساء 26 فبراير للقيام برحلة تستغرق عدة أيام إلى جهة غير محدّدة، ومع هذا فقد استنتجوا أنهم ذاهبون إلى فرنسا وأسعدهم هذا.

وفي مساء اليوم المحدد عانق أمه وأخته (اللتين كان عليهما حتى تتجها حالا إلى أصدقاء في إيطاليا) وانضم إلى كتيبته الصغيرة وركبوا معه السفينة إنكونستانت والسفن الأربع الصغار وأبحروا بهدوء في جُنح الليل. ولم تكن الريح مواتية فكانت تهمد حينا فتهجر أسطولهم بلا عون، وأحيانا كانت تقترب بهم إلى الشاطئ، واعتراهم القلق مخافة حتى تتعهدهم السلطات ويتم إيقافهم فيتعرضون للسجن بشكل مخز. لقد ظلوا طوال ثلاثة أيام يبحرون شمالا ثم غربا متجاوزين جنوا والريفيرا الفرنسية. وفي أثناء الإبحار على هؤلاء الرجال - ممن يعهدون الكتابة - حتى يستنسخوا مئات النسخ من بيان نابليون الذي سيُوَزَّع في فرنسا:

أيها الفرنسيون

لقد سمعتُ في منفاى تفجعّكم ونادىءكم. إنكم تتطلعون إلى الحكومة التي تختارونها، فالحكومة التي تختارونها هي وحدها الحكومة الشرعية. لقد عبرْتُ البحرَ، وإنني آتٍ لاسترداد حقوقي التي هي حقوقكم - بالنسبة إلى الجيش: إذا ممتلكاتك ورتبك وعظمتك ومجدك، هي ممتلكات أبنائك ورتبهم وعظمتهم ومجدهم، وليس هناك للأبناء أعداء أشد وطأة من هؤلاء الأمراء الذين فرضهم الأجانب عليكم.... إذا النصر سيُسِرع الخطى، والنسر (العقاب) والأعلام الوطنية ستتحلّق فوق جميع أبراج الكنائس من برج كنيسة إلى برج كنيسة آخر، بل حتى على أبراج نوتردام. ستكونون أنتم محرّري وطنكم.


الرحلة إلى رأس أنتيب 20 مارس 1815

Napoleon leaving Elba, painted by Joseph Beaume
The brig Inconstant, under Captain Taillade and ferrying Napoleon to France, crosses the path of the brig Zéphir, under Captain Andrieux. Inconstant flies the tricolour of the Empire, while Zéphir flies the white ensign of the Monarchy.

ظهر الأسطول الصغير الذي يحمل الإمبراطور وقَدَره أمام رأس أنتيب في فجر أول مارس، وفي وسط النهار بدأ الجنود البالغ عددهم 1,100 بالنزول إلى البر في جولف جوان، وقفز بعضهم في المياه الضحلة وخاضوا إلى الساحل. وكان نابليون آخر من هبط، فأمر بإقامة معسكر مؤقت في مغرسة زيتون بين البحر والطريق من أنتيب إلى كان. وأوفد مجموعة صغيرة إلى كان لشراء خيول ومؤن على حتى يدفعوا ثمنها نقدا إذ كان قد أحضر معه من إلبا 800.000 فرنك مضىا. وأمر مجموعة أخرى حتى تمضى إلى أنتيب لتحث حاميتها على الانضمام إليه، فعنَّف آمرُ الحامية مبعوثي نابليون وسجنهم ولم يحاول نابليون التوجه إليه لإطلاق سراح رجاله فقد كان قد قرر الاستيلاء على باريس دون حتى يطلق طلقة واحدة.

لم يجد نابليون ترحيبا في أنتيب فلم يكن العابرون يبدون حماسا عندما كان ينطق لهم إذا الرجل الضئيل الحجم الذي يفهم الخرائط على منضدة في الهواء الطلق هوالإمبراطور. لقد كانت المنطقة قد أصابها الضُّر بسبب الحرب والتجنيد الإلزامي والحصار المزدوج (حصار بريطانيا للسواحل الفرنسية والحصار المضاد الذي فرضه نابليون على البضائع البريطانية) وبالتالي لم يكن لدى أهل أنتيب شهية للمزيد من هذا. وأتى محافظ أنتيب (رئيس بلديتها) ليتفحّص أحوال هؤلاء الغزاة (نابليون ورجاله) ونطق لنابليون: لقد كنا قد بدأنا نشعر بالسعادة والسكون. إنك ستفسد كلّ شيء. وقد تذكر نابليون بعد ذلك وهوفي سانت هيلانا هذا القول، فذكر لجورجو: لن أقول لك كيف من الممكن أن أثّرت فيّ هذه الملاحظة ولا الألم الذي سببته لي. وأكد له مراسل (جاسوس) عابر حتى جميع الجيش والعوام يقفون إلى جانبه - على نحوأوآخر - من باريس إلى كان، لكن أهل بروفنس يقفون ضدّه.

وكان نابليون يعهد ذلك جيدا فتذكر تجاربه المريرة في أورجون قبل ذلك بأحد عشر شهرا، والآن فإن هذه الذكريات حدّدت طريقه إلى باريس. لقد اختار حتى يْسلك الطريق الجبلي من كان إلى جراس، ودِنْي وجرينوبل وليون وكانت المنطقة إلى الجنوب من جرينوبل غير كثيفة السكان كما كانت الحاميات فيها قليلة العدد، وكانت مناطق معروفة بعدم موالاتها للبوربون. وكانت الجبال التي سيتعين مرورهم فوقها لازالت مغطاة بالجليد، وقد يتذمر من ذلك حرسه القديم ورماة القنابل، لكنهم لن يتخلّوا عنه.

إلى غير ذلك، في نحومنتصف ليلة الأول من مارس انطلق بجنوده البالغين 1100 في الطريق إلى كان. وكان نحوستين منهم قد تمكنوا من شراء خيول، لكن كان عليهم حتى يحفظوا المسافة والأُلفة بينهم وبين الباقين، ولهذا ساروا إلى جانب الركائب الحاملة للأمتعة. وعادة ما كان نابليون يركب عربة، وفي وسط الركب كان هناك حرس يحرس مضى نابليون، كما كان هناك عدد من الكورسيكيين الصارمين يحمون المؤخرة.

وفي جراس هجروا مدفعهم لفرط ضخامته لأنه سيسبب معضلة في طرق جبلية يجلّلها الجليد. وبتر المحاربون القدماء الذين اعتادوا كسب المعارك بسيقانهم (المقصود بسرعة حركتهم) مسافات طيبة، وفي الخامس من مارس وصل الرَّكب إلى جاب بعد حتى كان غالبهم قد بتر 150 ميلاً في أربعة أيام. وعند لامور (20 ميلا إلى الجنوب من جرينوبل) قابلوا أوّل تحٍدّ خطير.

لقد كان قائد القسم الخامس في الجيش المتمركز في جرينوبل قد تلقّى أوامر من باريس بالقبض على نابليون فأوفد كتيبة من 500 جندي لوقف المتمردين الذين اقتربوا. وعندما اقتربت الكتيبة المعترضة وتقارب أفرادها أمر نابليون رجاله بإلقاء أسلحتهم (تنحيتها جانبا) وتقدم هوإلى الصدراة وترجّل متقدما إلى الجنود (المهاجمين) واقترب منهم، وتوقف إزاءهم وخاطبهم: يا جنود القسم الخامس، أنا إمبراطوركم، ألا تعهدونني؟! وكشف عن معطفه العسكري ثم نطق: إذا كان بينكم جندي يريد حتى يقتل إمبراطوره، فها أنا ذا فخفض غالبهم أسلحتهم (نحوُّها جانبا) وصاحوا عاش الإمبراطور وتفرقت الكتيبة وتجمع جنودها حول نابليون سعداء محاولين لمسه، فتحدث إليهم نابليون بعاطفة جيَّاشة وعاد إلى جيشه الصغير، وهناك نطق إذا الأمور قد استقرّت وسنصبح في غضون عشرة أيام في التوليري.

وفي تلك الليلة اقتربوا من جرينوبل فتجمهر مئات الفلاحين والبروليتاريا للترحيب بنابليون، وعندما وجدوا إحدى بوابات المدينة مغلقة كسروها ليتمكن جيشه الصغير من العبور، وهجر رجاله المرهقين لينالوا قسطا طيبا من الراحة حتى ظُهر اليوم التالي، ومضى هونفسه إلى فندق تروا دوفين (الدلافين الثلاثة)، فرحب به رئيس المجلس البلدي ومسؤولوالإدارة، بل واتى القادة العسكريون لتحيته. وفي الصباح أقبلت إليه وفود أكبر طالبة منه حتى يتعهَّد بحكومة دستورية. لقد كان يفهم أنّ جرينوبل كانت في طليعة الثورة وأنها لم تفقد أبداً تعطّشها للحرية فحدّثهم حديث من هجر أفكار هجرز السلطة في يد الحاكم (الحكم الاستبدادي) ووعدهم بالإصلاح. لقد اعترف أنه كان أسرف في استخدام السلطة وأنه كان قد جاز للحرب التي كانت دفاعية في الأساس لتصبح موجّهة للغزوفاستنزفت فرنسا تقريبا، ووعد حتى يقدم لفرنسا حكومة نيابية على وفق مبادئ 1789 و1792. ونطق لهم إذا أعزّ أمانيه الآن هوحتى يُعد ابنه ليكون زعيما ليبراليا جديرا بحكم فرنسا المتنوّرة.

وبعد ظهر هذا اليوم (8 مارس) أمر أتباعه بمواصلة مسيرتهم لأنه سيبقى يوما آخر في جرينوبل لإصدار توجيهات للمدن التي قبلت قيادته لكنه وعد جماعته بالانضمام إليهم ثانية في الوقت المناسب لمساعدتهم في تحقيق فوزات سلمية. وفي العاشر من مارس انضم إليهم وقادهم إلى ليون.

وقبيل هذا الوقت، وصلت أخبار مغامرة نابليون إلى لويس الثامن عشر، فلم ينزعج في البداية، وشعر بالثقة في حتى هذا المتَّهم (نابليون) سُرعان ما سيتم إيقافه. لكن عندما استمرت مسيرة نابليون واقتربت من جرينوبل - المعروفة بعدائها للبوربون - أصدر (أي لويس) إعلانا في السابع من مارس يحُضُّ فيه جميع مواطن على المساعدة في القبض على هذا المجرم المزعج (نابليون) لإعدامه بعد محاكمة عسكرية، كما صدر مرسوم بإيقاع العقاب نفسه على جميع من ساعده. واستدعى الملك نَيْ من محل تقاعده وطلب منه حتى يقود قوّة عسكرية ضد نابليون، فوافق، لكن قصّة تعهّده بأن يأتي بنابليون في قفص حديدي، من الممكن كانت سيرة موضوعه. لقد أسرع نَيْ جنوبا، وتولّى قيادة كتيبة عسكرية في بيسانسوواستدعى الجنرال دي بورمون والجنرال ليكورب للانضمام إليه بقواتهما عند لون - لي - سونييه (شمال غرب جنيف)، وتوجه للستة آلاف مقاتل الذين جُمّعوا على هذا النحوبكلام حماسي شديد لإلهاب شجاعتهم. لقد نطق لهم: حسنا. هذا الرجل القادم من إلبا حاول تطبيق مشروعه الغبي، وسيكون هذا آخر عمل له ولم يتجاوب معه رجاله إلا قليلا.

وفي ذلك اليوم (10 مارس) كانت ليون ترحِّب بنابليون، فقد كان الصنّاع وأصحاب المصانع هناك قد انتعشت أحوالهم في ظل الحصار القاري الذي فتح جميع أوربا (ما عدا إنجلترا) أمام منتجات ليون ولم يكن أهل ليون يحبون المهاجرين (الذين هجروا فرنسا إِثْر أحداث الثورة الفرنسية) الذين عادوا الآن إلى المدينة وراحوا يتصرفون كما لوحتى الثورة الفرنسية لم تقم في وقت من الأوقات أوبتعبير آخر راحوا يتصرفون كما كانوا يتصرفون قبل الثورة. وفي وسط هذا الاستياء راح أصحاب الأعمال - لأسباب خاصة بهم - يرحبون بنابليون، وكان كثيرون من أهل المدينة يعاقبة متحمِّسين كما ظهرت الآن على السطح تيارات لم تكن ظاهرة راحت ترحب بنابليون على أمل حتى يعود بهم إلى عام 1789. وكان الفلاحون في المناطق الداخلية قلقين بشأن أراضيهم، وراحوا يتطلعون إلى نابليون كمخلّص سينهي لصالحهم معركة استرداد الأراضي المؤمّمة أوالأراضي التي وزعتها الثورة من ممتلكات الكنيسة، وكان جنود حامية ليون توّاقين لوضع عقدة الشريط الأحمر على حرابهم.

لكل هذا فتحت ليون بواباتها، فهرب الملكيون وابتسم البورجوازيون وابتهج العمال والجنود، بينما كان نابليون يقود كتيبته في المدينة. وأقبل مسئولوالبلدية والقضاة بل وبعض القادة العسكريين ليقدموا ولاءهم له، فأجابهم بأن وعدهم بحكومة دستورية وبانتهاج سياسة السَّلام. وانضمت الحامية كلها - فيما عدا الضباط النبلاء - إلى جيشه المتضخّم (الذي راح عدده يزداد بالتدريج) وهويواصل مسيرته إلى باريس. لقد أصبح عدد جيشه الآن 21.000 كلهم مستعد للحرب بناء على أوامره، لكنه كان لا يزال عاقداً الأمل على إحراز النصر دون إطلاق النار. وخط إلى ماري لويز واعداً إياها حتىقد يكون في باريس في 20 مارس (الذكرى السنوية الثالثة لميلاد ابنه) ونطق لها إنها ستُسعده سعادة فوق الحد إذا استطاعت اللحاق به هناك حالا. وخط إلى نَيْ ملاحظات ودودة كما لوحتى صداقتهما لم تشبها شائبة قط، ونادىه للالتقاء به في شالون ووعده حتى يلقاه كما لقيه بعد معركة بوروديو، أي كأمير موسكووفي 41 مارس نادى نَيْ (وكان لايزال في لون - لي - سونييه) جنوده جميعا وقرأ عليهم الإعلان الذي كلفه حياته بعد ذلك: أيها الجنود إذا قضية البوربون قضية خاسرة وإلى الأبد. فالأسرة الحاكمة الشرعية لفرنسا على وشك حتى تعتلي العرش. إذا الإمبراطور نابليون هوحاكمنا وهوالذي سيحكم بلدنا العظيم من الآن فصاعدا فهزّ الجنود الأرض بصيحاتهم وهتافهم المتكرر عاش الإمبراطور عاش المارشال نَيْ! وعرض عليهم حتى يقودهم للانضمام إلى قوات نابليون، فوافقوا، ووجدهم نابليون في أوكزير في 17 مارس. وفي 18 مارس استقبل نابليون المارشال ني وتجدّدت صداقتهما وبعدها لم يجسر أحد على اعتراض سبيل الزحف إلى باريس.

وفي مساء 17 مارس اجتمع الملك لويس الثامن عشر بالمجلسين في قصر البوربون، مرتديا زيه الملكي كاملا وأعرب عزمه على مقاومة نابليون. نطق: لقد عملتُ لسعادة شعبي، أيمكن - وأنا في الستين من عمري - حتى أجد نهاية أفضل من الموت دفاعا عنه،يا ترى؟ وأمر بتعبئة جميع القوى الملكية، وقد استجاب له بعض ممثلي هذه القوى وكان معظمهم - بشكل أساسي - من جنود حرس أسرته، أما الجشي النظامي فكان متوانياً بطيء الاستجابة، ولم يظهر قائد قدير يعرض قيادته لهذا الجيش أوبث الحماس فيه. وشرعَ الملكيون والموالون للملكية في الهجرة (تَرْك فرنسا) مرة أخرى.

وغصّ صالون مدام دي سيتل بالإشاعات وراحت هي أيضا تفكّر في الهرب. وفي 91 مارس نشرت جريدة (جورنال دي ديبات) (أي: جريدة المناقشات) منطقا بقلم عشيق مدام دي ستيل غير الدائم - بنيامين كونستانت يعيد فيه تأييده للويس الثامن عشر والحكومة الدستورية، ثم اختفى في مساء اليوم نفسه (أي أخفى نفسه وسترها عن العيون).

أما لويس الثامن عشر نفسه الذي كان دوما كارها للانتنطق فقد أجّل رحيله حتى وصلته الأخبار في 19 مارس بأن نابليون وصل إلى فونتينبلو، ومن المتسقط حتى يصل باريس في اليوم التالي. وفي الساعة الحادية عشر مساء ركب لويس 81 مع أسرته خارجاً من التوليري قاصدا ليل تلك المدينة الموالية للملكية بشدّة لكن الملك - بلاشك - فكر في أخ له انطلق في رحلة مماثلة في سنة 1971 فأعاده الشعب سجينا (إشارة إلى محاولة الهرب التي قام بها لويس السادس عشر). وفي 20 مارس قام بعض البونابارتييّن المتحمّسين - بعد حتى فهموا حتى قصر التوليري قد خلا من الملك وحرسه - بدخول القصر بفرح غير منضبط، وأعدوا الغرف الملكية لاستقبال نابليون. وكان جيش نابليون حدثا تقدم لهدفه ازداد عدده. وبقي نابليون نفسه في فونتينبلوحتى الثانية ليلا. يُملي الرسائل ويصدر التعليمات، ومن المفترض أنه تجوّل بشغف بالقرب من القصر الذي شهد كثيرا من أحداث التاريخ بما في ذلك تنازله عن العرش للمرة الأولى، ذلك التنازل الذي حان وقت إلغائه والثأر ممن كانوا سببا فيه. ووصل باريس في نحوالساعة التاسعة صباحا بصحبة بيرتران وكولينكور، فساروا ولا يكاد يتعهدهم أحد حتى وصلوا التوليري، وهناك كان جمع من الأقارب والأصدقاء حيّوه بعاطفة جيّاشة وحملوه ليرقوا به الدرجات، وراح ينتهي من عناق أحدهم حتى يعانق الآخر حتى جلس أمامهم منهكا مذهولا لكنه كان سعيدا إلى درجة حتى الدموع ذرفت من عينيه. وأتت هورتنس فوبّخها لأنها قبلت تودّد إسكندر إليها، فدافعت عن نفسها، فرقّ لها وأخذها بين ذراعيه ونطق: أنا أب طيب.. أنت تعهدين هذا... وأنتِ حضرت موتَ جوزفين البائسة. لقد آلم قلبي موتها رغم أني كنت أعاني من أمور سيئة كثيرة.

إلى غير ذلك انتهت هذه الرحلة التي تفوق الخيال: 720 ميلا من كان إلى باريس في عشرين يوما، وأنجزها غالب الجنود والمرافقين سيرا على الأقدام، وأوفى نابليون وعده بأن تتم إعادة فتح فرنسا دون إطلاق نار. والآن كونّ حكومة جديدة لإعادة السلام والوحدة في البلاد واستعد للقاءة 500.000 جندي تجمعوا من روسيا وبروسيا والنمسا وإنجلترا ليعيدوه إلى جزيرته الصغيرة أوإلى جزيرة أخرى أبعد أوإطلاق النار عليه.

كل نهاية هي بداية، ففي 20 مارس بدأ نابليون فترة حكم المائة يوم منها.


إعادة بناء الجيش

الموقف الاستراتيجي في غرب أوروبا عام 1815 : 250,000 الفرنسيون يقابلون تحالف من 850,000 جندي على الجبهات الأربعة. بالاضافة إلى ذلك، فقد أجبر نابليون على حتى يهجر 20.000 رجل في غرب فرنسا للتقليل من التمرد الملكي.

لقد كانت عملية استعادة الحكومة والجيش والإرادة الوطنية عملية صعبة تقابلها عوائق ثلاثة: عدم شرعية موقفه، واتحاد القوى الخارجية المعادية له، وتفرّق شعبه.

هاهومرة أخرى يستولي على السلطة بالقوة، كما وقع في سنة 9971 أوعلى الأقل بالتهديد باستخدام القوة ويزيح حكومة مستقرة تشريعيا. وحقيقة أنه استولى بالقوة على سلطة نُزِعت منه بقوّة السلاح، لكنه كان قد تنازل عن العرش كما حتى السينات قدَّم العرش للويس 81 فقبله كحق شرعي له، وهوالآن (أي لويس الثامن عشر) لم يتخلّ عنه (أي عن العرش). لقد بدا في نظر الحلفاء وعدد غير قليل من الفرنسيين مغتصباً. لقد زاد اتحاد أعدائه الأجانب ضدّه عن ذي قبل أي عن أيام معاركهم المشهجرة ضده في عامي 1813 و1814. لقد أجمعت الأمم الكثيرة التي مُثّلت في مؤتمر فينا على أنه خارج على القانون. لقد تعهّدت جميع من روسيا وبروسيا والنمسا وإنجلترا بأن تقدم جميع منها 150.000 مقاتل لخوض معركة جديدة لإخفائه من فوق مسرح الأحداث، ولم تكن هذه الدول وحدها، فقد قامت فدرالية الراين الجديدة بل وسويسرا الصغيرة بالإسهام في تكوين حاجز بشري ضده وتقديم المال اللازم للانقضاض عليه. وأوفد لهم نابليون عرضاً ذليلا للمفاوضات دون إراقة دماء فلم يتلقَّ منهم ردا، وناشد والد زوجته (إمبراطور النمسا فرانسيس الثاني) للتدخل لصالحه لدى المتحالفين الآخرين ضده، فلم يتلق منه ردا، وخط لزوجته (ماري لويز) يتوسّل إليها حتى تُلين عريكة والدها، ومن الظاهر حتى الرسالة لم تصل إليها. وفي 52 مارس أعرب الحلفاء أنهم لن يشنوا الحرب على فرنسا ولكنهم لن يُبرموا أبداً سلاماً مع نابليون بونابرت مخافة حتى يقود فرنسا ثانية - راغبةً أوغير راغبةٍ - في حرب أخرى تزعزع مؤسسات النظام الأوربي.

لم تكن فرنسا موحّدة بأية حال في لقاءة حلفاء متحدين. لقد ظل فيها آلافُ الملكيين للدفاع عن قضية الملك الغائب (لويس الثامن عشر) وتنظيم دفاعاتهم وفي 22 مارس رحب مئات من الملكيين بالملك (لويس الثامن عشر) عند وصوله إلى ليل هاربا من باريس وحزنوا عندما هجرهم مواصلا طريقه إلى جنت ليكون مرة أخرى تحت حماية القوات الإنجليزية - وفي الجنوب الفرنسي كان الملكيون أقوياء قوَّة تمكنهم من إحكام السيطرة على بوردوومرسيليا. وفي الغرب الفرنسي هب إقليم فندي الكاثوليكي شديد التمسك بكاثوليكيته، هب مرَّة أخرى حاملا السلاح ضد نابليون الذي كانوا يعتبرونه ملحداً اضطهد باباهم، وتحالف مع قاتلي الملك، وكان حليفا لليعاقبة في السر كما كان مدافعا عنيدا عن الاستيلاء على أموال الكنيسة. وفي مايوسنة 18815 أوفد نابليون 20.000 مقاتل لقمع هذا العصيان المسلح في إقليم الفندي، لكنه في وقت لاحق راح يندم على ذلك فلوحتى هذا العدد من الجنود (20.000) قد انضم إليه في معركة واترلوفربما كان قد ربحها.

وفي لقاءة أعدائه داخل فرنسا قد يجد بعض عناصر الدّعْم العام لم تكن كلها متمشية مع آرائه وطبيعته، وكان الجيش هوالأكثر توافقاً معه، ذلك الجيش الذي كان مخلصا له (فيما خلا القوات الموجودة في بوردووالفندي) باعتباره مخطط النصر والمكافئ عليه. وكانت الشرائح الدنيا من الأمة الفرنسية - الفلاحون والبروليتاريا وجماهير المدن - على استعداد لاتباع قيادته لكنها - أي هذه الشرائح - كانت تأمل حتى يتمكن من تجنّب الحرب، كما أنهم لم يعودوا يعبدونه عبادة تجعله متكبراً طائشا. ولازال هناك كثير من اليعاقبة في المدن راغبين في نسيان عداوته لهم إذا ما أعرب ولاءه للثورة. وقد قبل تأييدهم له لكنه لم يتعهّد بالانضمام إليهم في حربهم ضد التجّار ورجال الدين.

وكان نابليون محلّ إعجاب الطبقة الوسطى باعتباره واضع أسس النظام الاجتماعي والأخلاقي منذ مذابح سبتمبر، وقد أصبح هذا النظام محور فلسفته السياسية، ولكنها - أي الطبقة الوسطى - لم تقدم له الدّعم ولم تقدّم له أبناءها. لقد كانت الطبقة الوسطى تقدّر حرية التجارة وحرية الصحافة لكنها لم تكن تؤيد حرية الاقتراعات العامة (السرية) أوالحديث العام؛ فقد كانت تخشى الرّاديكاليين وترغب في قَصْر حق الانتخاب على الملاَّك. لقد كان أفراد الطبقة الوسطى قد انتخبوا مجلس النواب وقرروا حماية حقوق هذا المجلس للقاءة سلطان الملك (أوالإمبراطور) وسياساته. كما حتى ذلك القسم الصاعد من البورجوازية (الصحفيين والمؤلفين والفهماء والفلاسفة) قد أوضح بجلاء أنه سيحارب بكل أسلحته أي محاولة يقوم بها نابليون لفرض سلطة إمبراطورية مرة أخرى. أما البطل الذي يقابل التحدي فكان هونفسه ممزّقاً بين الغرض والرغبة. لقد كان مايزال يعمل بجد، يراقب جميع شيء ويدوّن جميع شيء، وأحيانا كان يُملي 150 خطابا في اليوم. لكن فَرْط انتباهه وحذره أوْهنه إذتبيّن الآن أنه لا يمكنه - إلاّ قليلا - الاعتماد على جنرالاته الجُدد أومجلسيْه أوالأمة بل ولا حتى على نفسه. لقد كانت الأمراض التي تمكنت منه طوال الست سنوات التالية قد أضعفته بالعمل، لقد وتّره داء البواسير وأذلّه فلم يعد قادرا على العمل لمدة طويلة كما كان حاله أيام تألقه في مارينجو، وأوسترليتز (أوسترليتس). لقد كان قد فقد شيئا من صفاء ذهنه ووضوح غرضه وثقته القديمة في النصر؛ تلك الثقة التي كانت مصحوبة بالتفاؤل والبهجة. لقد كان قد بدأ يشك في نجمه.

اختار نابليون في المساء نفسه الذي وصل فيه باريس وزارة جديدة، لأنه كان في حاجة إلى عونها تماما. واعتراه السرور عندما فهم حتى لازار كارنوCarnot منظّم النصر في أثناء الثورة مستعد لخدمته للقاءة أعدائه لكن نابليون وجده كبير السن (26 عاماً) لا يتحمل معركة حربية، لكن نابليون عينه وزيرا للداخلية باعتباره شخصا يمكن للجميع الوثوق به. ويكاديكون هذا السبب هونفسه الذي نادىه لاختيار جوزيف فوشيه وزيرا للشرطة إذ كان قد بلغ من العمر ستا وخمسين عاما يخشى الجميع بأسه ويشكّون فيه، وكان يدير شبكة خاصة من الجواسيس وتكادتكون له علاقات سرّية بكل الفرق، وربما أسرع الحاكم الذي هوفي عجلة من أمره (نابليون) للاستعانة به بعرض منصبه (منصب فوشيه) القديم عليه، رغبة منه (نابليون) في إحكام مراقبته والتدقيق في أعماله وتوجهاته بالإضافة إلى حتى أحداً ما لا يشكك في قدرات فوشيه. وظل فوشيه محتفظا بأوضح رؤيه كما كان متمتعا بمرونة لا حد لها طوال معظم الفترة المعقَّدة التالية. لقد خط في مذكراته: الإمبراطور في نظري مجرّد ممثل احترق، لن يستطيع إعادة ما كان قد أنجزه. وحتى في أثناء عمله مع نابليون نجده قد تنبأ في نحونهاية شهر مارس أنه - أي نابليون - لن يستطيع البقاء أكثر من ثلاثة أشهر.

وكانت المستوى التالية، بعد اختيار الحكومة هي تنظيم جيش. لقد كان لويس الثامن عشر قد شعر بعدم جدوى الجيش سوى لضبط الأمور الداخلية، وبالتالي فقد ألغى التجنيد الإلزامي وقلّص القوات العسكرية إلى 160.000 رجل، فأعاد نابليون التجنيد الإلزامي في شهر يونيولكن هؤلاء الشباب المحظوظين لمقد يكونوا قد جُنّدوا عندما أنهت معركة واترلوالحرب. ونادى نابليون الحرس الوطني للاستعداد لأداء خدمات عسكرية كاملة بما في ذلك الحرب ضد الأجانب، فرفص كثيرون منهم، ولم يمثل سوى 150.000. وبهؤلاء وبعض المتطوعين بالإضافة إلى الجيش القائم أصبح في إمكانه حتى يحشد في يونيو300.000، مَرْكَزَ معظمهم في الدوائر (المحافظات) الشمالية وأمرهم بانتظار أوامر أخرى. وفي هذه الأثناء كررّ مرة أخرى أعماله الجليلة كما كان في سنة 1813 و1814 بتدبير المؤن والمواد اللازمة للجيش الجديد. واستورد سرا البنادق والمدافع من إنجلترا عدوته الأثيرة. ولم يستطع استخدام جميع مارشالاته السابقين لأن بعضهم نذر نفسه لخدمة لويس الثامن عشر، لكن كان لا يزال في خدمته جميع من ني ودافووصول وجروشي وفاندام. ودرس خرائط الطرق والتضاريس وتقارير تحركات العدووخطط لكل الجوانب الكبيرة في المعركة القادمة. وفي هذا التخطيط كان في ذروة تألقه العقلي وفي ذروة سعادته. ورغم أنه كان يقبض على زمام الحكم إلاّ حتى مهمته الثالثه ألا وهي كسب الدّعم الجماهيري، كانت هي الأصعب من مهامه الثلاث - لقد كانت جميع العناصر تقريبا - فيما عدا الملكيّين - يطالبون بالتزامه بدستور يحمي حرية الحديث والصحافة ويجعله مسئولاً أمام برلمان منتَخَب. وكان هذا ضد مزاجه على نحوموجع، لأنه كان قد اعتاد لفترة طويلة على الحكم المطلق، وشعر أنّ موجّها (مُرشدا) مقتدرا حسن النوايا مثله أفضل للبلاد من برلمان اللَّغووالمناقشات، ومع هذا ففي إيماءة منه للتسوية أوفد يستدعي بنيامين كونستانت (6 أبريل) لصياغة دستور لتهدئة الليبراليين دون حتى يُغِلّ يد العرش. لقد كان نابليون يعهد أنه خط ضدَّه بعنف لكنه كان يعهد أنه صاحب أسلوب محكم وعقل مَرِن. وأقبل كونستانت - غير واثق من مصيره - فتم استقباله ليجد حتى جميع ما يطلبه الإمبراطور منه هوحتى يرتجل دستورا يرضي كلاً من نابليون ومدام دي سيتل، فظل يعمل في هذا المشروع طوال أسبوع، ويعرض جميع يوم ما أنجزه على (صاحب العمل) وفي 14 أبريل قدم نتاج عمله لمجلس الدولة. لقد أقترح ملكية دستوريةقد يكون المُلك (بضم الميم) فيها متوارثا وتكون السلطة التطبيقية في يد رأس الدولة هذا، لكنه سيكون مسئولاً أمام مجلس الشيوخ الذي يعين أعضاءه الحاكم (الملك). ومجلس تشريعي (من 600 عضو) يضم ممثلين ينتخبهم الشعب عن طريق جمعيات (لجان) وسطى (أي بين الشعب والحكومة) وألغت مواد معينة رقابة الدولة وضمنت حرية العبادة، وحرية الصحافة. وبهذه الكيفية التقليدية تماما عثر الإمبراطور ومحرره (المقصود كونستانت) أنهما جمعا بين مزايا الديمقراطية والأرستقراطية والملكية.

وبعد حتى قبل نابليون جميع هذا أصر على تقديم الدستور الجديد للشعب لا باعتباره تبرؤاً من حكمه الماضي وإنما باعتباره وثيقة إضافية تشهد بالحريات التي كانت موجودة بالعمل في ظل الإمبراطورية (من وجهة نظر نابليون) واعترض كونستانت ومستشاروه الليبراليون واستسلموا. وفي 23 أبريل طُرِحت (الوثيقة الجديدة) للاستفتاء العام على جميع الناخبين المسجَّلين، ورفض الملكيون التصويت وامتنع آخرون كثيرون. وكانت نتيجة التصويت 1.552.450 لصالح الدستور واعترض 4800، وأمر نابليون بضرورة اجتماع الشعب في كامب - دي مارس لإقامة احتفال جماهيري رسمي احتفاءً بالدستور وبداية حقبة جديدة ولمباركة الجنود ووداعهم في أثناء الرحيل. وتم تأجيل هذا الاحتشاد إلى أول يونيوحيث شاهدت الجموع نابليون في أبهته الملكية: لقد أقبل مرتديا ملابسه الإمبراطورية في عربة تتويجه التي تجرها خيول أربعة يسبقه إخوته كأمراء للإمبراطورية. ولم تكن الجموع سعيدة بهذا العبق الآتي من ماضٍ مات. ماذا جرى للدستور الجديد،يا ترى؟

لقد قابلته الأمة ببعض التشكّك وكثير من عدم الاهتمام فقد كان من الجلى حتى كثيرين تشكّكوا في إخلاصه وإمكان استمراره، بل إذا نابليون نفسه أبدى شواهد متناقضة. لقد شعر فيما يقول لا كاس أنّ الشكّ في إخلاصه ليس له ما يبرّره:

لقد عُدت من جزيرة إلبا رجلا جديدا. إنهم لا يستطيعون تصديق هذا. إنهم لا يستطيعون حتى يتخيلوا حتى المرء قد يحدث لديه من قوة العقل والنفس ما يمكنه من تغيير شخصيته أوما يمكنه من الانحناء أمام قوة الظروف. وعلى أية حال فإن لدي ما يثبت هذا وهناك آخرون يخصعون للتأثير نفسه. من يجهل أنني لست رجلا ناقص التدبير،يا ترى؟ إنه يمكنني حتى أكون مخلصا للملكية الدستورية والسلام تماما كما كنت مخلصا للحكم المطلق والمشروعات (التوسعية) الكبرى. لكن جورجووهومخلص لنابليون، كما عادة ماقد يكون محل ثقة (في رواياته) نقل عن نابليون قوله: لقد كنت مخطئا في إضاعة وقت ثمين في مسألة الدستور، فلم هذا ما دامت نيتي قد انعقدت على إزاحتهم جميعا (النوَّاب) حالما أُحقّق النصر،يا ترى؟

لقد كان قد خطط ألاّ يدعوالمجلسيْن للانعقاد إلاَّ بعد المعركة حين قد يأيتهم مُكلَّلاً بنصرٍ مُقْنِع. لكن لافايت الذي كان قد خرج من مكان اعتزاله وقد بلغ الثامنة والخمسين من عمره، ليلعب دورا في هذه الدراما (الأحداث)، فقد أحرّ على عقد اجتماع لمجلس النوَّاب قبل مغادرة نابليون للانضمام إلى جنوده. وأذعن نابليون واجتمع المجلس في ثلاثة يونيو، وسرعان ما أبدى المجلس ما يشير إلى اتجاهه إذ انتخب لرئاسته الكونت جان - دينى - لانجواني عدوالإمبراطور اللدود. وفيسبعة يونيومضى نابليون في زيّ سهل إلى قصر البوربون، وخاطب المجلسين المجتمعْين معا بتواضع طالب حتى يُقسم جميع عضوللالتزام بالدستور والإخلاص للإمبراطور.

وفي 12 يونيو، في نحوالساعة الثالثة صباحا غادر نابليون باريس - وأهلها نيام - قاصداً الجبهة.

المعركة الأخيرة: حملة واترلو

الانتشار

القوات الفرنسية

بعد توليه العرش، عثر نابليون أنه يمتلك قوة صغيرة، وكان عدد أفراد الجيش الفرنسي 56.000 فرد منهم 46.000 في الحملة.

في نهاية مايونشر نابليون قواته كالتالي:

  • القوة 1 (D'Erlon) cantoned between Lille and Valenciennes.
  • القوة 2 (Reille) cantoned between Valenciennes and Avesnes.
  • القوة ثلاثة (Vandamme) cantoned around Rocroi.
  • القوة أربعة (Gérard ) cantoned at Metz.
  • القوةخمسة – Armée du Rhin (Rapp), 20,000 strong near Strasbourg.
  • القوةستة (Lobau) cantoned at Laon.
  • Cavalry Reserve (Grouchy) cantoned at Guise.
  • Imperial Guard (Mortier) في باريس.

وحيث أنه كان هناك عدد كبير من القوات تحرس الجبهات الفرنسية الأخرى فقد قاد لامارك جيش صغير من الغرب إلى لا ڤندي لاخماد تمرد الملكيين في الاقليم. في 1 يونيو، وصل اجمالي عدد القوات المسلحة الفرنسية إلى 198.000 منهم أكثر من 66.000 في معكسرات التدريب ولا زالوا غير مستعدين للانتشار.

قوات التحالف

أثناء المائة يوم في يونيو1815، كان تنظيم قوات ولينگتون وبلوشر كالتالي:

Wellington’s Anglo-allied army of 93,000 with headquarters at Brussels were cantoned:

  • I Corps (Prince of Orange), 30,200, headquarters Braine-le-Comte, disposed in the area Enghien-Genappe-Mons.
  • II Corps (Lord Hill), 27,300, headquarters Ath, distributed in the area Ath-Oudenarde-Ghent.
  • Reserve cavalry (Lord Uxbridge) 9,900, in the valley of the Dendre river, between Geraardsbergen and Ninove.
  • The reserve (under Wellington himself) 25,500, lay around Brussels.
  • The frontier to the west of Leuze and Binche was watched by the Dutch light cavalry.

كان قوام الجيش البروسي بقيادة بلوشر 116,000 رجل، وكان مقرهم الرئيسي في نامور، وكان توزيعهم كالتالي:

  • القوة 1 (Graf von Zieten), 30,800, cantoned along the Sambre, headquarters Charleroi, and covering the area Fontaine-l'Évêque-Fleurus-Moustier.
  • القوة 2 (Pirch I), 31,000, headquarters at Namur, lay in the area Namur-Hannut-Huy.
  • القوة ثلاثة (Thielemann), 23,900, in the bend of the river Meuse, headquarters Ciney, and disposed in the area Dinant-Huy-Ciney.
  • القوة أربعة (Bülow), 30,300, with headquarters at Liege and cantoned around it.

The frontier in front of Binche, Charleroi and Dinant was watched by the Prussian outposts.

Thus the Coalition front extended for nearly 90 miles across what is now Belgium, and the mean depth of their cantonments was 30 miles. To concentrate the whole army on either flank would take six days, and on the common centre, around Charleroi, three days.

المناورة

خريطة حملة واترلو.

كانت خطة نابليون للمعركة القادمة تقوم على المعلومات التي جمعها عن حجم قوات الحلفاء وتقسيمها وقيادتها ومسقطها واستراتيجيتها القادمة. لقد كانت قوات الحلفاء قد تباطأت في تقدمها غرباً لإتاحة الوقت اللازم لوصول القوات الروسية واشتراكها في المعركة، لكن تقدم نابليون السريع حسم المسألة قبل وصول القوات الروسية لنهر الراين.

وفي أول يونيوتجمع جيش بروسي قوامه 120.000 مقاتل بالقرب من نامور في بلجيكا بقياده المارشال بلوخر (بلوشر) البالغ من العمر 73 سنة. وإلى الأبعد شمالا كان الدوق ويلنجتون (كانت مهمته في البرتغال وإسبانيا قد انتهت بالنصر) على رأس ما أسماه الجيش سيء السمعة المكوّن من 93.000 مجنَّد بريطاني وهولندي وبلجيكي وألماني، وكان معظمهم لا يعهد الواحد منهم سوى لغة واحدة مما سبّب معضلة للقائد الإنجليزي. وكان على ويلنجتون حتى يعوّض نقص تدريبهم، بقرارات وحلول يبتدعها من عند نفسه على وفق خبرته. وقد رسم له لورنس صورة شخصية وهوفي لحظة تأمل تُظهره في وضع فخور (معتز ينفسه) وملامح وسيمة ونظرة هادئة ثابتة، ومن هذه الصورة يمكن حتى نستنتج ما كان يجب على نابليون المرهَق والمعتَل كبير السن حتى يعمله عند اللقاءة في 18 يونيو.

وكان نابليون قد هجر جزءاً من جيشه لحماية باريس وخطوط مواصلاته. ولم يكن مع نابليون سوى 126.000 مقاتل مما يسمّى بجيش الشمال للقاءة 213.000 مقاتل بقيادة بلوخر وويلنجتون. وبطبيعة الحال فقد كان يأمل حتى يلتقي بواحدٍ من الجيشين (جيش بلوخر أوجيش ويلنجتون) ويهزمه قبل حتى يجتمع ضم الجيشين، ومن ثم يعطي جيشه قسطا من الراحة ويعيد تنظيم صفوفه قبل خوض معركة مع الجيش الآخر.

كاتر برا

لقد كان الطريق بين الجيشين المتحالفين (جيش بلوخر وجيش ويلنجتون) يمتد من نامور عَبْر سومبريف إلى كاتر - برا - (أربعة جيوش) ومن ثمّ غرباً (حيث يتسع الطريق عن ذي قبل) من الحدود الفرنسية البلجيكية عند شارلروي فشمالاً من واترلوإلى بروكسل. وكان هدف نابليون الأول هوالاستيلاء على كاتر - برا ومن ثم يُوصد الطريق بين الجيشين الحليفين. وكان نابليون قد أصدر تعليمات بأن تتقارب الكتائب الثلاث من جيشه (جيش الشمال) في 14 يونيوعند نهر سامبر في لقاءة شارلروي. وانضم هوإلى واحدة من الكتائب الثلاث وأمر الكتائب الثلاث جميعا بعبور النهر إلى الأرض البلجيكية نحوالساعة الثالثة من صباح 15 يونيو، وتمَّ هذا، فاستولوا بسهولة على شارلروي بعد حتى هزموا حاميتها البروسية الصغيرة.

وعلى أية حال، ففي الوقت نفسه انهزم الجنرال لويس دي بورمون لصالح الحلفاء وأفضى إلى ضباط بلوخر بخطط نابليون. لكن الحَذِر (بلوخر) كان قد استنتج هذه الخطط وبالتالي فقد كان قد أوفد جانبا من جيشه غربا إلى سومبريف وانضم إليه في نحوالساعة الرابعة من صباح 15 يونيو. لقد قسم نابليون الآن جيشه إلى ميمنة بقيادة جروشي وميسرة بقيادة ني وقوة احتياطية بقيادة درودَرْلوبالقرب من شارلروي لتهب لنجدة جروشي أونَيْ على وفق ما تمليه الظروف. وكان على جروشي حتى يتقدم شمالا بشرق نحوسومبريف للقاءة بلوخر. وكان على نَيْ حتى يتوجه شمالاً للاستيلاء على كاتر - برا وأن يمنع في جميع الأحوال قوات ويلنجتون من الانضمام إلى قوات بلوخر. ولأن نابليون نفسه كان يتسقط صداما حادا مع بلوخر، فقد ركب مع جروشي.

ونَيْ الذي كان حتى الآن أشجع الشجعان راح طوال 15 و16 يونيويتبع سياسة الحذر التي عطلت خطط نابليون بشكل سيء. لقد توجه شمالا من شالروا وطرد البروسيين من جوسِّيل ومن ثمَّ توقّف مخافة لقاءة قوات ويلنجتون الأكثر عددا. لقد أوفد فصيلة خيّالة (فرسان) لدراسة المسقط عند كاتر - برا فعادت له بتقرير مُفاده أنها خالية من قوات العدو، فقاد 3000 من رجاله للاستيلاء عليها اعتقادا منه حتى هذا سيكون كافيا لكن في الوقت الذي رأى فيه كاتر - برا، كانت قوات الأمير بيرنهارد الساكس - فيماري البالغ عددها 0004 مقاتل قد استولت عليها، وكان بيرنهارد يصحب معه أربعة مدافع، فاستدار نَيْ عائدا إلى جوسيل وراح ينتظر هناك تعليمات أخرى. وأوفد بيرنهارد رسالة إلى ويلنجتون طالبا حتى يحضر بقواته الرئيسية إلى كاتر - برا مخافة حتى تأتي قوات ني سريعا لحصارها.

وفي الساعة الثالثة صباح 15 يونيوتلقى ويلنجتون في بروكسل أخبارا مفادها حتى جيش نابليون قد عبر إلى بلجيكا، واحتفظ ويلنجتون بقواته في حالة استعداد قرب العاصمة البلجيكية ظناً منه حتى نابليون سينفذ خطته المعتادة بالإسراع للقيام بهجوم جانبي (على جناح العدو). وفي تلك الليلة كان هووكثيرون من ضباطه الرجال الشجعان منهمكين مع النسوة الجميلات إذ كانوا في حفل راقص أعدته الدوقة ريشمون وفي أثناء الحفل تلقى في منتصف الليل الرسالة التي تُفيد حتى كاتر - برا في خطر، فأصدر أوامره بهدوء لضباطه بالاستعداد للانطلاق في بكور الصباح، أما هوفلم يُعكّر صفوالحفل الراقص وظل يرقص حتى الساعة الثالثة صباحا.

16 يونيو: لِنيْ

في نحوالساعة الثانية من صباح 16 يونيو، أوفد المارشال سول رئيس أركان ناپليون أوامر نهائية إلى ني:

كلَّفني الإمبراطور حتى أحيطك فهما بأنّ العدوجمَّع جانبا من قواته بين سومبريف وبري وأنه في الساعة الثانية والنصف صباحا سيهاجم بالفصيل الثالث والرابـع هـذه القـوات. إذا صاحـب الجلالـة الإمبراطـور يريـد حتى تهاجـم أيّ عـدوتقابلــه وبعد الضغط عليــه بشدّة وإجباره على التراجع، عُد إلينا لتنضم إلى قواتنا لتطويق العدو.

لقد أحضر بلوخر جميع رجاله البالغ عددهم 83.000 لمقاومة الفرنسيين، وبدأت المعركة في نحوالساعة الثالثة بعد الظهر بالقرب من مدينة لني (ليجني) بهجوم متزامن (في الوقت نفسه) تقوم به ميمنة جروشي بقيادة فاندام وقلب قوات جروشي بقيادة جيرار، وميسرة جيشه (جيش جروشي) بالإضافة إلى سلاح الفرسان بقيادة جروشي نفسه، بينما يوجِّه نابليون العمليات الثلاث التي ينفذها 78.000 مقاتل. وسرعان ما اتضح أنّ تحطيم بلوخر المهيب ليس أمراً سهلا، وإذا كان لابد حتى ينهزم الفرنسيون هنا إذن فقد تنهار معركتهم كلها (يفقدوا المعركة الأساسية كلها). وفي الساعة الثالثة والربع أوفد نابليون إلى ني سيتبدّد الجيش البروسي إذا حاربت بضراوة. مستقبل فرنسا بين يديك، لذا فلا تتوانَ للحظة في إنجاز ما أُوكِلَ إليك، ثم عد إلى سان أمان وبري لتشارك في النصر الذي قد يقرر مصيرنا جميعا.

لكن ني أيضا كان يقابل صعوبات. فبحلول الساعة الثالثة بعد الظهر كان ويلنجتون قد جلب معظم جيشه إلى كاتر - برا. ولم يفهم نابليون بهذا (لأن السيطرة على وسائل الاتصال كانت قد أفلتت من صول)، لذا فقد أوفد الأوامر إلى درودرلوفي شارلروي ليسرع شمالا بقوات الاحتياط التابعة له ليهاجم ميمنة بلوخر، وتقدم دروبالعمل حتى كاد يصل إلى لني (لجني) حيث وصله طلب عاجل من ني ليندفع مسارعا إلى نجدته في لقاءة قوات ويلنجنون الأكثر عددا في كاتر - برا، ووجد دروحتى طلب ني هوالأكثر إلحاحا فسارع إليه ليجده - بعد جهود يائسة - قد تخلَّى عن محاولة طرد ويلنجتون من المدينة (كاتر - برا).

في لني (لجني ) استمرت المعركة ست ساعات من المذابح. وتذكر ضابط بروسي - في وقت لاحق - ما حدث، قائلاً: لقد راح الرجال يذبح بعضهم بعضا بكراهية شديدة وكأنما الواحد منهم يكن للآخر كراهية شخصية. إذا قريتين هادئتين مثل سان أرمان ولا هاي كانتا تنتقلان من حَوْزة فريق إلى حَوْزة فريق آخر، والحرب على أشدها رجلا إزاء رجل، واشتعلت النيران في لني (لجني) نفسها، وبينما الليل يرخى سدوله والمطر يهطل، أمر نابليون حرسه القديم بمهاجمة قلب القوات البروسية، وأصبح المطر مصحوبا برعد، فأفسح القلب البروسي الطريق، وسقط بلوخر الذي كان لايزال يقاوم من فوق حصانه، وكان لابد من حمله بعيدا. وكانت القوات الفرنسية قد اعتراها إرهاق شديد فلم تحّول هزيمة أعدائها إلى هزيمة منكرة لا قيامة بعدها. وانسحبت القوات البروسية شمالا نحوويفر مُخلِّفة وراءها 12.000 قتيل وجريح. وكان نابليون نفسه قد كاد يستنفد جميع موارده وأعصابه، فلوحتى ويلنجتون كان قد استطاع الوصول هذه اللحظة إلى هنا من كاتر - برا لما كانت هناك حاجة إلى معركة واترلو.

17 يونيو: استراحة - المطر

لقد كان من صالح نابليون حتى جعل المطُر الغزيرُ المعركة الكبرى محالة في 17 يونيو. لقد كانت الأرض غاصّة بالطين فكيف يمكن سحب المدافع وتثبيتها فوق أرض مشبعة بالمياه وغير ثابتة بسبب الطين الكثير فوقها،يا ترى؟ من الممكن كانت هذه الأوضاع واضحة في عقل الإمبراطور عندما وصلته رسالة من ني تفيد أنَّ ويلنجتون قابض على زمام الأمر في كاتر - برا ، ولمحّ - أي ني - إلى أنه لا يمكن إخراجه منها إلاّ بالقوات الفرنسية مجتمعة، فأجابه نابليون بعبارة مبهمة لابد أنها هجرت ني أكثر ارتباكاً من ذي قبل: تمسّك بمسقطك عند كاتر - برا . لكن إذا كان هذا محالا، أوفد حالاً معلومات عن الموقف، وسيتصرف الإمبراطور على وفقها. وإذا.... لم يكن هناك إلاَّ مؤخرة جيش العدوفهاجمها واستولِ على المسقط. وكان هناك أكثر من المؤخرة، ورفض ني حتى يجدّد الهجوم. وكان ويلنجتون - بعد حتى فهم بهزيمة بلوخر - قد سحب جيشه شمالاً إلى هضبة مونت سان جان التي يمكن الدفاع منها وتراجع هوإلى مركز قيادته بالقرب من واترلو.

ووجّه نابليون جنراله جروشي على رأس 30.000 لمتابعه البروس طوال يوم 17 يونيوولمنعهم في جميع الأحوال من الانضمام إلى قوات ويلنجتون. أما هونفسه (نابليون) فقاد 40.000 ممن نجوا من معركة لني (لجني) لينضم إلى ني عند كاتر - برا، وعندما وصل في الساعة الثانية مساء ثبطت همته فتفجّع صارخا ضاعت منا فرنسا! فراح يلاحقه وقاد هونفسه عملية الملاحقة هذه لكن المطر الكثيف أجبره على إنهاء هذه العملية، وفي التاسعة مساء حيث كانت الرطوبة شديدة ركب عانداً قاطعا ميلا أوميلين لينام في مخدع في كيلوبينما عسكر جيشه المنهك على أرض رطبة طوال الليل، وكان المطر قد توقف.

الأحد 18 يونيو: واترلو

في الثانية صباحاً أوفد بلوخر رسالة إلى ويلنجتون يعده فيها بأن جيشا بروسيا بقيادة الجنرال فريدريش ڤيلهلم فون بولوسيغادر ويڤر فجراً لينضم بقواته إليه لقتال الفرنسيين، وأن جيشين بروسيّين آخرين سرعان ما سيتبعانه. وفي العاشرة صباحا أوفد نابليون الذي لم يكن يفهم بهذا التدبير تعليمات إلى جروشي لمواصلة ملاحقة بلوخر إلى ويڤر .

لقد كان قد خطط ليبدأ العمليات في التاسعة صباحا لكن قادة المدفعية حثّوه على التأجيل حتى تبدأ التربة في الجفاف. وفي هذه الأثناء ركز ميلنجتون قواته فوق أرض مرتفعة جنوب تل مونت سان - جان لقد كان معه 70.000 مقاتل و184 مدفعاً، أما نابليون فكان على رأس 74.000 مقاتل وكان معه 266 مدفعاً. وكان مع جميع منهما (ويلنجتون ونابليون) جنرالات كان لهم مكانة في التاريخ (أوحققوا في هذه المعركة مكانة): الأمير فريدريش من برونزويك (ابن الدوق الذي خسر في فالمي وجُرِح جرحاً مميتا في أورشتدت) ودورنبرج وألتن وكمبت وسومرست وأكسبردج وهِل وبونسونبي وبيكتون، وكان جميع هؤلاء مرتبطين بويلنجتون، وكان جميع واحد منهم معتزا بنفسه كدوق. وبالإضافة إلى هؤلاء كان هناك بولوف وتسيدتن وبيرخ (بيرش) تحت قيادة بلوشر (بلوخر)، وبالنسبة إلى الفرنسيين كان هناك ني وجروشي وفاندام وجيرار وكامبرون وكيلرمان وريل ولوبوونابليون.

لقد كان نابليون قد بدأ يدفع حساب سنواته المزدحمة بالأحداث حيث كان يأكل بعجلة ويضاجع بعجلة ويعاني غاية التوتر وهوفوق العرش أوفي ميدان المعارك وأخيرا عثر سلواه في الأكل بنهم. وبعد ذلك بست سنوات أثبت تشريح أعضائه بعد مماته وجود ست علل. والآن في واترلوكان عليه حتى يظل ممتطياً جواده طوال ساعات بينما هويعاني من داء البواسير، وكان يعاني من حصوات في المثانة، وكان عُسر البول يحتاج منه محاولة التبول مرارا وغالبا ماقد يكون ذلك في أوقات غير مناسبة. وربماقد يكون السرطان الذي أودى بحياته وحياة أبيه قد بدأ عملاً في التغلغل في بدنه. هذه المتاعب قد ثبطت من همته وأثرت في شجاعته وصبره وثقته. لم أعد أجد في نفسي الإحساس بالنجاح النهائي... إنني أحس حتى الحظّ قد تخلّى عني ومع هذا فقد أكّد لجنرالاته الذين اعتراهم الخوف (من المفترض حتى ذلك لتقوية عزيمتهم): إذا تم تطبيق أوامري بشكل جيد، فسننام الليلة في بروكسل.

واڤر

لكن جنرالاته كانوا يرون الموقف بشكل أوضح. لقد نصحه صول حتى يأمر جروشي بالاتجاه بقواته البالغ عددها 30.000 غربا بالسرعة الممكنة لينضم إلى الهجوم، لكن بدلاً من ذلك جاز نابليون لهم حتى يضيعوا الوقت وأنفسهم في مطاردة قوات بلوخر شمالاً حتى واڤر، ومن المفترض أنه كان يأمل أنه إذا اتجه البروس غربا لمساعدة ويلنجتون لاستطاع جروشي مهاجمة المؤخرة. وقد ارتكب ويلنجتون على وفق ما ورد في تحليل لاحق سلسلة من الأخطاء المماثلة بهجره 17.000 من رجاله بالقرب من بروكسل للقاءة هجوم فرنسي جانبي على طرقه المهمة والحيوية المؤدية إلى البحر.

وأمر نابليون في الساعة الحادية عشرة صباحا جيشه ببدء الهجوم على قلب (مركز أووسط) العدوحيث كان المقاتلون من الإسكتلنديين الأشداء . وقاد ني قواته باندفاعه وبسالته المعروفين لكن البريطانيين ثبتوا وراحوا من وراء تل بعد تل ينشرون الموت بالجملة بمدافعهم (التي أخفوها عن الأعين) في صفوف الفرنسيين الذين اعتراهم الهلع. وفي نحوالساعة الواحدة بعد الظهر رأى نابليون من مسقط المراقبة جنوب غرب العمليات جيشا في أقصى الشرق يتحرك صَوْب ميدان العمليات، فأبلغه أسير ألماني حتى هذه القوات هي طليعة قوات بولوالبروسية تتقدم لمساعدة ويلنجتون. فأوفد نابليون كتيبة بقيادة الجنرال لوبولوقف القوات البروسية المتقدمة، وأوفد إلى جروشي لمهاجمة بولو(بولوف) ثم القدوم لمساعدة الجيش الفرنسي الرئيسي ضد ويلنجتون. وفي نحوالساعة الحادية عشرة صباحا توجه جروشي شمالا بين جمبلووواڤر فسمع صوت إطلاق المدافع قادما (أي الصوت) من الغرب، فحثّه الجنرال جيرار ليكفَّ عن ملاحقة بلوخر وأن يشق طريقه عبر المنطقة ليضم جنوده البالغ عددهم 30.000 إ لى قوات نابليون، والتقى جروشي بجزء من قوات بلوخر وهزمها، ودخل ويفر فاستراح بقواته بعد حتى عثر بلوخر قد ابتعد بقواته.

لكن في هذا الوقت (الساعة الرابعة عصرا) كانت معركة واترلوفي ذروتها: تلاحم صاخب بين رجال يقتلون ويُقتلون (بضم الياء) يفقدون ضربات استراتيجية أويستعيدونها، يقابلون الخيول المندفعة يتلقَّون ضربات السيوف أويروغون منها، يسقطون ويموتون في الوحل. وفر الآلاف من الجانبيْن تاركين ساحة الوغى. وقضى ويلنجتون جانبا من وقته يُرهب الفارين للعودة إلى مواقعهم. وتولّى ني مهمّة بعد مهمّة ومسئولية بعد مسئولية، وماتت تحته أربعة خيول. وفي نحوالساعة التاسعة مساء تلقى أمراً من نابليون بالاستيلاء على لاهاي سانت - الهولي هيدجرو. ونجح في مهمته وظن أنه عثر طريقا (فتحة) إلى مؤخرة ويلنجتون، فأوفد إلى نابليون طالبا مزيدا من الجنود المشاه واندفع متقدما.واستشاط نابليون غضبا بسبب تقدّمه الطائش إذ لم يكن لدى نابليون الدّعم العسكري الكافي الذي يُمكن إرساله إليه دون حتىقد يكون ذلك على حساب الخطة العامة (أي دون حتى يؤدّي هذا إلى إضعاف الموقف العام) لكنه - أي نابليون - شعر أنه لا يجب تَرْك هذا البائس ليهلك ومن معه، فأمر كيلرمان بالتوجه لدعْم نَيْ بثلاثة آلاف من الفرسان المدّرعين (اللابسين دروعا). وعندما طلب قائد الخط البريطاني الأخير دعماً من ويلنجتون أجاب الدوق بأنه لا يستطيع تقديم أية تعزيزات. ويُنطق إذا الضابط أجابه: حسنا جدا يا سيدي اللورد، إننا سنصمد حتى آخر رجل. وعندما بدأ هذا الخط الإنجليزي في الانكسار اندفع الفرسان الفرنسيون إلى الأمام للمشاركة في النصر؛ عملّق ضابط إنجليزي هوالكولونيل جولد Gould: لقد انتهى جميع شيء وهربت كتيبة هانوفرية عند هذا الحد إلى بروكسل، وراح أفرادها يصيحون جميعا: خسرنا المعركة، والفرنسيون قادمون.

وحقيقة الأمر حتى البروسيِّين كانوا هم القادمين. لقد كسر بولو(بولوف) (البروسي) مقاومة لوبو(الفرنسي) وراح يقترب بسرعة من مسرح العمليات الرئيسية، كما كانت قوتان بروسيتان أخريان تقتريان. ورأى نابليون أنّ فرصته الأخيرة هوحتى يهزم الإنجليز قبل حتى يتمكّن البروسي من التدخّل، فنادى حرسه القديم ليتبعه في معركة حاسمة، واتخذ هارب فرنسي طريقه إلى ويلنجتون وحذّره ستصل إليك قوات الحرس الفرنسي في غضون نصف ساعة. وفي نحوهذا الوقت رأى رجل مراقبة بريطاني - نابليون، ونطق: ها هونابليون يا سيدي أظن أنني أستطيع اصطياده، هل أطلق عليه النار،يا ترى؟ فمنعه الدوق: لا.. لا.. فالجنرالات الذين يقودون الجيوش، لديهم ما أبرز من إطلاقهم النار بعضهم على بعضهم الآخر.

وهنا افترض الفرنسيون أنّهم الغالبون، لكنهم فهموا فجأة بهجموم 30.000 جندي بروسي راحوا ينشرون الفزع والفوضى في صفوف الفرنسيين. وعندما شرع ني في مواصلة مهمته تماسكت القوات البريطانية بسرعة وتراجع ني، وانتهز ويلنجتون هذه الفرصة فصعد قمة منحدر وراح يلوّح بقبعته - كإشارة متّفق عليها لتتقدَّم قواته كلها، وواصلت الطبول والأبواق توصيل الرسالة، فتحوّل 40.000 إنجليزي وإسكتلندي وبلجيكي وألماني من الدفاع إلى الهجوم واندفعوا متقدمين لا يهابون الموت. ووهنت الروح المعنوية للفرنسيين وعمهم الانهيار فولّوا مُدْبرين، حتى أفراد الحرس القديم بدأوا يُديرون رؤوس خيولهم متراجعين. وصاح نابليون مُصدرا الأوامر بالتوقف فمضى صوته أدراج الرياح وسط الجلبة، ولم يعد من الممكن تمييزه (التعهد عليه) بسبب دخان المعركة والأتربة المتصاعدة فاستسلم لهذا الاستفتاء العام (بمعنى أنه أذعن للتحركات العفوية لقوّاته) فأمر بالانسحاب في تشكيلات لكن القوات الفرنسية التي كانت تتعرض لهجوم من قوات تفوقها عدداً بكثير، من المقدمة ومن الجانب - لم يكن لديها الوقت لتنظم نفسها في تشكيلات، فأصبح شعار جميع فرد فيها دع جميع فرد يُنقذ نفسه بقدر ما يستطيع لقد أصبح هذا هوالشعار السائد سواء نطقوا به أم لا، ذلك أنهم لم يعودوا جنودا بل بشراً ليس إلاّ. ووسط هذه الهزيمة وقف المارشال ني مذهولا بلا حصان، وقد اسودّ وجهه بالبارود وتمزقت ثيابه العسكرية، وسيفه مكسور في يده، هذا السيف الذي طالما حقق به النصر. كان هذا هووضع ني بطل الأبطال في واترلو. لقد انضم هوونابليون إلى أربعين ألف فرنسي يندفعون في الطرقات والحقول إلى جيناب وإلى كاتر-برا وإلى شارلروي ومن ثم عبروا بكل وسيلة متاحة نهر سامبر إلى فرنسا. لقد هجر الفرنسيون في ميدان المعركة 25.000 ما بين قتيل وجريح و8000 أسير، وفقد ولنجتون 15.000 وفقد بلوخر 7.000.

والتقى المنتصران (ويلنجتون وبلوخر) في الطريق بالقرب من لا بِل أليانس La Belle Alliance وتبادلا القبلات فرحاً بالنصر. وهجر ويلنجتون مهمة ملاحقة الفرنسيين للبروس المتحمسين. وبلوخر أيضا كان كبير السن بدرجة لا تسمح له بالمطاردة، فهجر هذه المهمّة لجنايسناوفي جيناب التي أوفد منها خطابا لزوجته: بالتنسيق مع صديقي ولنجتون أبدنا جيش نابليون. لكنه خط أيضا لصديقه كنيزبك: لقد اضطربت جميع أعضائي، فقد بذلنا جهودا مُضنية(51). أما ولنجتون فقد بَسَط الأمر أمام لورد أكسبردج بطريقة حماسية: لقد وجهنا لنابليون ضربة حاسمة فليس أمامه إلاّ حتى يشنق نفسه. وفي أثناء الانسحاب انضم نابليون إلى كتيبة أكثر انضباطا من غيرها، وترجّل وسار على قدميه مع الآخرين. وبكى لضياع جيشه، وحزن لأنه لم يَلْق حتفه.

التنازل الثاني عن العرش 22 يونيو1815

وصل نابليون إلى باريس في نحوالساعة الثامنة صباح يوم 21 يونيه. وذكر في وقت لاحق لقد كنُت منهكاً تماما، لأنني لم آكل شيئا ولم أنم منذ ثلاثة أيام ومضى إلى قصر الإليزيه، ونطق لكولينكور ملتمساً: أريد حتى أستريح ساعتين. وفي هذه الأثناء اجتمع مجلس النوّاب، وكان الشعور العام يميل بشدّة لعزله. ولما فهم بهذا الاتجاه، اقترح على أصدقائه حتى الأمر يحتاج دكتاتورية مؤقته نظراً لاضطراب الآراء في البلاد، والحاجة إلى عمل موحّد للدفاع عن فرنسا وعاصمتها في لقاءة الحلفاء، وذلك لضبط الأمة وحكومتها.

وعندما فهم أهل باريس بالنكسة العسكرية تجمع عدد كبير منهم أمام قصر الإليزيه مؤكّدين استمرار ثقتهم في نابليون بهتافهم: عاش الإمبراطور وراحوا يطالبون بالسلاح للدفاع عن مدينهتم. ولما سمعهم نابليون نطق لبنيامين كونستانت: أنت ترى! ليس هؤلاء هم الرجال الذين أغدقت عليهم التشريف والأموال. بماذا هم مدينون لي،يا ترى؟ إنني أراهم بؤساء، وقد هجرتهم بؤساء... إنني لوأردتُ لأنهيتُ وجود هذا المجلس المتمردّ في ظرف ساعة... لكن حياة إنسان واحد لا تستحق هذا الثمن. إنني لا أريد حتى أكون ملك الفلاّحين. إنني لم آت من إلبا لأُغرق باريس في الدماء.

لقد كان نابليون حتى في أثناء فراره من واترلويخطط لإقامة جيش حديث من 300.000 مقاتل. وفي الفترة من 22 إلى 24 يونيوكانت بقايا جيشه المهزوم تتجمع في لون Loan وكان هناك من يُعيد تنظيمها تقع لون Loan على بعد ستة وسبعين ميلا إلى الشمال الشرقي من باريس)، وهناك - في 26 يونيو- انضم إلى هذه البقايا جروشي على رأس 30.000 من رجاله بعد انسحاب عبقري. وعلى أية حال، ففي هذه الأثناء، كان بلوخر قد جمّع قواته المنتصرة وكان يقودها نحوباريس متجنبا - بعناية - المرور بلون. وتردّد ويلنجتون الذي أُضير جيشه ضررا شديدا في الانضمام إلى البروسي المندفع لكنه سرعان ما كان على الطريق نفسه (إلى باريس) متجنبا المرور بلون Loan، وفي الفترة نفسها (22 - 52 يونيو) كانت جيوش النمسا وبافاريا وفيرتمبرج تعبر نهر الراين في طريقها إلى باريس. إذا التاريخ يُعيد نفسه.

وقرر مجلس النواب بعد مناقشات حامية حتى مقاومة القوات المتحالفة مسألة غير عملية وأن الأعضاء سيصرّون على اعتزال نابليون. وعمل فوشيه بأساليبه الحاذقة على ضمان هذا الاعتزال، وكان فوشيه وكان فوشيه قد تنبأ قبل واترلوحتى الامبراطور سينتصر في معركة أومعركتين لكنه سيُهزم في الثالثة وعندها سيبدأ دورنا لكن فوشيه لم ينتظر طويلا، لقد اندفع لوسيا - أخونابليون - إلى المجلس طالبا التريّث فعارضه فوشيه وتساءل لافَايِت ألم يستهلك نابليون ما يكفي من الحيوات،يا ترى؟ (جمع حياة). لقد فشل لوسيا الآلن فيما كان قد نجح فيه في سنة 1799، ولكنه نصح نابليون حتى يُطيح بالمجلسين بالقوة، فرفض نابليون. لقد كانت المعركة قد استنفدت قواه، وكانت الهزيمة قد أضعفت من إرادته لكنها أنارت بصيرته، وبينما كانت الجماهير تهتف حول القصر عاش الإمبراطور، راح يُملي على أخيه لوسيا صيغة اعتزاله للمرة الثانيه موجها إيّاه للمجلسين:

لقد عملت على إعادة توحيد جميع الجهود.. وموافقه جميع الأجهزة في الحكم في بداية الحرب التي كان هدفها تحقيق استقلال الأمة، لكن الظروف تبدولي وقد تغيرت... إنني أقدم نفسي فداء (أضحية) للقاءة كراهية أعداء فرنسا. من الممكن كانوا صادقين في إعلاناتهم من أنهم حقيقة لا يريدون إلاّ الخلاص منّي. اتحدوا جميعا لتحقيق السلامة العامة ومن أجل ما بقي من استقلال إرادتنا.. إنني أعرب تنصيب ابني باسم نابليون الثاني. ووافق جميع الوزراء على هذا التنازل ما عدا كارنوCarnot فقد بكى، أما فوشيه فقد غمرته السعادة.

وقبل المجلسان هذا التنازل متجاهلين تعيين ابنه ذي الأعوام الأربعة (وكان وقتها في فينا) كخَلَف له، واختار المجلسان خمسة من أعضائها (( فوشيه وكارنو، وكولينكور، وجرينييه (الجنرال الغامض) وأونيت عضوالجمعية الوطنية الثورية القديمة))، ليكونوا مجلسا تطبيقيا وحكومة مؤقتة. وتم اختيار فوشيه رئيسا للمجلس التطبيقي وشرع مباشرة في التفاوض مع الحلفاء ونابليون. ومخافة القيام باضطرابات شعبية لصالح نابليون. حثَّ دافوالقائد العسكري في باريس على إقناع نابليون بمغادرة باريس والإقامة في مالميزو. وفي 25 يونيوغادر نابليون قاصدا مالميزوبصحبة برتران وجورجووكونت دي لا كاس وكونت دي مونثولو، فرحبت به هورتنس بدعوته إلى بيت أمها الراحلة. وراح يمشي مع هورتنس في الحديقة ويتحدث برقة عن جوزفين. لقد نطق: حقا لقد كانت أفضل امرأة عهدتها.

إنه يفكّر الآن في البحث عن الملجأ والأمان في أمريكا. لقد طلب من بيرتران حتى يدبّر له مجموعة خط عن الولايات المتحدة. وكان قد قرأ كتاب إسكندر فون همبولدت رحلات إلى القارة الجديدة، وقد اعتزم حتى يكرّس ما بقي من حياته للفهم. انه يود الآن الذهاب إلى أمريكا لاكتشاف أرضها وغطائها النباتي وحيواناتها من كندا إلى رأس هورن، وفي 26 يوليوأوفد إلى الحكومة المؤقته طلباً للانتنطق إلى روشفور ليُبحر إلى أمريكا. فأمر فوشيه على الفور وزير البحرية بتجهيز فرقاطتين في روشفور لنقل نابليون إلى الولايات المتحدة وفي اليوم نفسه زار نابليونَ أخوه جوزيف وأخوه لوسيا وأخوه جيروم، وكانوا جميعا قد قرروا مغادرة فرنسا، وكان جوزيف يريد الهجرة إلى أمريكا مع أخيه نابليون. وربماقد يكونون هم الذين أحضروا له خطابا من أمهم تعرض عليه فيه جميع ما تملك فأوفد لها شاكرا ولم يأخذ منها شيئا. فلازال معه قدر كبير من المال مع البنكيِّ جال لافيت الذي أتي بنفسه إلى مالميزوليرتب أمور نابليون المالية.

وفي 28 يونيوأتاه ضابط يحذره من اقتراب البروس من مالميزوقُربا يكفي لإرسالهم فصيلاً عسكريا للقبض عليه، وبالعمل فقد كان بلوخر قد أوفد رتلاً سريعا آمراً وإيّاه بإحضار نابليون حيا أوميتا وعبر عن نيته بإطلاق النار عليه كمجرم خارج على القانون. وعندما سمع جورجوبهذه النية أقسم لئن رأى الإمبراطور وقد سقط في أيدي البروس لأطلق النار عليه، ومع هذا كان نابليون كارها لمغادرة مالميزوالذي حفلت جميع غرفة وممراته بذكريات سعيدة. وفي 29 يونيوكلّف فوشيه الجنرال بكه (بكر) بالتوجه بفرقة من الجنود لإجبار نابليون على الاتجاه إلى روشفور.

ووافق نابليون، وأقنعته هورتنس بقبول قلادتها الألماسية الموضوعة في حزام والتي تساوي 200.000 فرنك. وودع نابليون الجنود القلائل الذين كانوا في حمايته. وفي الخامسة مساء (29يونيو) ركب عربة ذات غطاء تجرها أربعة خيول مصحوبا بحرس عسكري قليل العدد وغادر مالميزو، وبعد ساعات قليلة من مغادرته وصلت خيّالة بلوخر.

الپروس يدخلون پاريس

البوربون يستعيدون العرش للمرة الثانية،سبعة يوليو1815

راح المجلسان والحكومة المؤقتة يتناقشون هل يحاربون الحلفاء الذين اقتربوا أم يتفاوضون للوصول لأفضل الشروط المتاحة. وعرض دافوحتى يقود الميليشيا الموجودة بالمدينة (باريس) ضد ويلنجتون وبلوخر إذا أصرّا على إعادة لويس 81 إلى العرش. وخاف النوَّاب حتى تؤدي المقاومة والهزيمة إلى تمزيق فرنسا وما يعقب ذلك بوقت وجيز، من فضّ المجلسين معا. ولم تكن بقايا جيش نابليون المعروف بجيش الشمال في حالة نفسيه تسمح بهزيمة أخرى (واترلوأخرى) بالإضافة إلى نقص المؤن، بينما كانت قوات الأعداء موحَّدة بين لون وباريس.

وعندما فهم لويس الثامن عشر حتى فريقاً من الحلفاء كان يعمل على إحلال لويس فيليب (دوق دورليان) مكانه كملك لفرنسا انتقل وهوفي حالة قلق من جنت إلى شاتوكمبريزي وأصدر من هناك (في 25 يونيو) بيانا يعد فيه بالترضية (التسوية) ونظام الحكم الليبرالي. وأدى هذا إلى ابتهاج المجلسين، وفي 30 يونيووقَّعت الحكومة الفرنسية المؤقتة والحلفاء شروط تسليم العاصمة. كان على جميع القوات الفرنسية حتى تنسحب فيما وراء نهر اللوار مع ضمان أمن المواطنين وممتلكاتهم. وفي السابع من يوليوولج الحلفاء باريس وفي الثامن من يوليوأصبح لويس 18 مرة أخرى ملكاً لفرنسا. واستخدم مدير شرطة دائرة (محافظة) السين Seine عند الترحيب به تعبير المائة اليوم للمرّة الأولى ليصف بها الفترة الواقعة بين اغتصاب نابليون الملك للمرة الثانية (20 مارس) واستعادة لويس 81 عرشَه.

وقبل معظم الفرنسيين وَقْف المقاومة باعتباره الحل العملي الوحيد للمشاكل الناجمة عن انهيار حكم نابليون المفاجئ. وعلى أية حال فإن بلوخر قد أطلق صيحة احتجاج مؤدّاها أنه سيطلب من مهندسيه نسف جسر بونت دينا وذلك الجسر الذي يُذكّر بفوز الفرنسيين على البروس في سنة 1806، واقترح تدمير جميع ما يذكّر بنابليون (المقصود الآثار والنصب التذكارية... الخ)، وانضم ويلنجتون مع لويس 18 في حث بلوخر على الكف عن جميع ذلك، لكنه أصر، غير حتى وصول القيصر إسكندر والملك فريدريك وليم والإمبراطور فرانسيس الثاني على رأس قوات ورسية ونمساوية وبيدمونتية أدى إلى إجبار الوطني العجوز (بلوخر) على التهدئة من حدة غضبه(12). لقد بلغ إجمالي القوات الأجنبية الآن نحو800.000 لابد حتى يُطعمها الشعب الفرنسي لقاء حمايتها له (أي قيامها بدور رجال الشرطة)، وعلى وفق حساب كاسلريه فإن هذا كان يكلّف فرنسا 1.750.000 فرنك في اليوم (لإطعام الذين يحتلّون بلاده)، وبالإضافة إلى هذا كان على جميع ولاية أومنطقة أومحافظة حتى تدفع للحلفاء تعويضات حرب، وكانت هذه التعويضات باهظة. وأبلغ لويس 18 قادةَ الحلفاء أنهم إذا لم يلتزموا بإعلان 25 مارس واستمروا في معاملة رعاياه كأعداء، فإنه سيهجر فرنسا باحثاً عن ملجأ له في إسبانيا. فوافق الحلفاء على تخفيض تعويضات الحرب إلى خمسين مليون فرنك متذرّعين بأنهم راضون تماما بقوانين الحرب وبالسوابق التي رسخّها نابليون عندما غزا بروسيا والنمسا.

ووجدنا أيضا الملكيّين في بعض المدن الفرنسيّة منهمكين في إرهاب أبيض ثأرا من الإرهاب الأحمر الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من الملكيّين في عامي 1793 - 1794. ولم يكن هذا الإرهاب الأبيض دائما بغير إعدام عاجل، فعندما تظاهر فريق من الملكيّين في مارسيليا مطالبين بعودة لويس الثامن عشر إلى العرش قام بعض جنود الحامية المحلية ممن لا زالوا موالين لنابليون بإطلاق النار عليهم . وسرعان ما أوقف القائدُ إطلاق النيران وحاول حتى يقود جنوده خارج المدينة المعادية لكن في أثناء خروجهم تعرَّض مئات منهم لقذائف النيران التي أُطلقت عليهم من النوافذ ومن فوق الأسطح (25 يونيو) وفي هذا اليوم واليوم الذي تلاه راح الملكيون المسلحون يجرون حول المدينة مطلقين النار على البونابرتييِّن واليعاقبة فسقط منهم مئة ضحيّة، وكان كثيرون من هؤلاء الضحايا لا يزالون يهتفون حتى وهم يحتضرون عاش الإمبراطور وراحت النسوة الملكيات يرقصن حول جثت البونابرتييِّن واليعاقبة. وفي أفينون سجن الملكيون البونابرتيِّين وقتلوهم. وثمّة إنسان كان الملكيون يبحثون عنه على نحوخاص، إنه جولوم برونيه الذي كان متهماً بحمل رأس الأمير لامبل على سن رمحه في سنة 1792. لقد اختبأ في فندق أفينون وعثرت عليه الجماهير فأطلقت عليه النار وجرّت جثته في شوارع المدينة وراحوا يضربون جثة بنشوة حانقة، ثم ألقوها في الرون وراح الرجال والنساء يرقصون بنشوة وسعادة (2 أغسطس 1815). وشهدت مُدن نيم ومونتبلييه وتولوز مشاهد مماثلة. لقد كان لويس 18 رجلا متسامحا لا يمكن عَزوهذه البريرية له، لكنه لم يكن قادرا على التسامح مع ني الذي تجاوز حتى تعهد له (تعهد للويس 18) بإحضار نابليون حيا أوميتا لكنه تخلّى عن وعده وانضم إلى نابليون وتسبب في موت كثيرين في واترلو. لقد فرّ ني من باريس فيستة يوليووراح يتنقل متخفيا من مدينة إلى أخرى لكن تم التعهد عليه فقُبض عليه وقُدّم إلى محكمة مكونة من 161 عضوا (نبيلا) أصدرت حكمها بأنه متهم بالخيانة فتم إعدامه بإطلاق النار عليه فيسبعة ديسمبر سنة 1815 بعد حتى رفض أي خدمات دينية من القسس (رفض حتى يُلقنه القسس أصول المسيحية الكاثوليكية كما رفض الطقوس الكنسية المرتبطة بالموت).

لقد أصبح فوشيه وتاليران الآن في خدمة (وزارة) لويس 18 لقد انتصرا لكنهما لمقد يكونا سعيدين. لقد وصم الملكيون في مجلس الوزراء فوشيه بأنه ضالع في اغتال لويس 16 ونصحوا الملك بطرده، وسوّى الملك الأمر بتعيينه وزيرا له (سفيرا) في سكسونيا (15 سبتمبر) لكنه استنادىه بعد ثلاثة أشهر ونفاه من فرنسا، فراح فوشيه يتنقل من براغ إلى لينز (لينتس) إلى تريست حيث توفي في سنة 1820 عن عمر يناهز الواحد والستين عاما مارس فيها كثيرا جدا من الشرور والسلوك الطائش.

وكان تاليران يضارعه مكرا ودهاء ويفوقه تحملا وصمودا. لقد وصفه لويس 18 بسطور من كورنيل: لقد عمل معي كثيرا من الأمور الطيبة تمنعني من ذكره بشر، وألحق بي كثيرا من الأذى مما يمنعني من ذكره بخير(14) ويبدوحتى تاليران هوالذي نطق (في سنة 1796) عن البوربون: إنهم لم يتفهموا شيئا ولم ينسوا شيئا(15). لكن هذا القول لا يكاد ينطبق على لويس الثامن عشر الذي تعلّم كيف من الممكن أن يتعامل مع المجالس المنتخبة وكيف يُرحِّب بجنرالات نابليون وكيف يُبقي على كثير من التشريعات النابليونيّة. وكان الوزراء الملكيون يكرهون تاليران ليس لأنه كان شريكا في المؤامرة على اغتال الملك (لويس 16) فحسب وإنما أيضا باعتباره خائنا لطبقته، وأذعن لويس 18 لهم فطرده (24 سبتمبر 1815)، ولكن تاليَران عاد إلى منصبه، وعاش بعد لويس 18 بل وعاش بعد تنازل شارل العاشر (1830) وتم تعيينه سفيرا لفرنسا لدى بريطانيا العظمى (1830 - 1834) وهوفي السادسة والسبعين من عمره. وعندما انتقد مركِز لوندوندري السفيرَ تاليران في مجلس اللوردات دافع عنه ويلنجتون الذي كان قد تعامل مع السيد تاليران في مواقف كثيره فوجده على حد تعبير دوق ويلنجتون أكثر من عهد من الرجال حماسا ومهارة في حماية مصالح بلاده (فرنسا) وأكثر من عهد من الرجال استقامة وشرفا في تعامله مع الدول الأخرى. وعندما قرأ تاليران هذه الحدثات كاد يبكي، فلا شيء أفضل له من هذه الحدثات: إنني ممتن شديد الامتنان لدوق ويلنجتون فهورجل الدولة الوحيد في العالم الذي تحدث عني حديثا طيبا أَمَا وقد عاون في تنظيم التحالف الرباعي في سنة 1834 ومات في سنة 1838 عن عمر يناهز الرابعة والثمانين، وفاق الجميع حدة ذهن ودهاء، فإنه كاد يخدع الموتَ نفسه.

وفي 20 نوفمبر 1815 وقّع لويس الثامن عشر مع الحلفاء معاهدة باريس الثانية التي صاغت العقوبات التي كان على فرنسا حتى تتحمّلها لسماحها لنابليون بمواصلة الحكم (بعد عودته من إلبا) لقد كان على فرنسا حتى تتنازل عن السار وسافوي وأربع مدن حدودية بما في ذلك فيليبفيل ومارينبورج، وأن يعيد الأعمال الفنية التي استولى عليها جنرالاتها الغازون، وأن تدفع تعويضات حرب مقدارها 700 مليون فرنك بالإضافة إلى 240 مليون فرنك على وفق نادىوٍ (مطالبات) خاصة، وأن تظل قوات الحلفاء في الأراضي الفرنسية مدة تتراوح بين ثلاث سنوات وخمس وأن تدفع فرنسا تكاليف هذه القوات. ورفض تاليران توقيع هذه الوثيقة لكن وزير الخارجية الذي خلفه - أرمان إمانويل دي بلسِّ دوق ريشيليوسقطها محتجّا (سقطها معلنا احتجاجه عليها) وبعدها صاح: لقد لوّثتُ شرفي.

الاستسلام أربعة يوليو-ثمانية أغسطس 1815

لقد ركب نابليون من مالميزومتجها جنوبا فلحق به عند نيور أخوه جوزيف، ورفيقه في السلاح جورجو. ووصلوا إلى روشفور (جنوب شرق لا روشيل بثلاثة عشر ميلا) في وقت متأخر من الثالث من يوليوفوجدوا الفرقاطتين اللتين تسقطوا وجودهما (الفرقاطة سال والفرقاطة ميدوز) في الميناء، لكن خلف هاتين الفوقاطتين كان يوجد أسطول حربي بريطاني صغير يحاصر الميناء ويمنع فيما يظهر أي خروج منه دون تصريح.

وفي أربعة يوليوأوفد نابليون استفسارا إلى قبطان الفرقاطة سال - هل تم احتجاز مكان له ولبعض أصدقائه لرحلة إلى أمريكا، وهل يمكن للفرقاطة سال اختراق الحصار،يا ترى؟ فأتته الإجابة بأن الفرقاطة جاهزة ومستعدة للإبحار وستحاول حتى تروغ من السفن الحربية (المحاصِرة - بكسر الصاد) ليلا مع احتمال حتى تتعرَّض للتوقيف أوالقصف لكن إذا أفلتت فإن سرعتها الفائقة لن تمكن السفن الحربية من اللحاق بها. إذا نابليون الآن في مِحَن راح يقلِّبها فظل تسعة أيام مترددا يقلّب الخطط - خطط هربه، وراح يطلب النصيحة من رفيق بعد رفيق، فعرض عليه جوزيف الذي كان يشبهه في المظهر حتى يتنكر هو(أي جوزيف) متقمصا شخصية نابليون وأن يهجر نفسه ليحتجزه البريطانيون، بينما قد يُسمح لنابليون بملابسه المدنيّة بمواصلة رحلة تبدوروتينية على متن إحدى الفرقاطتين، ورفض نابليون تعريض أخيه للخطر. وقد أبحر جوزيف نفسه في وقت لاحق على إحدى الفرقاطتين إلى أمريكا. لقد نسي نابليون خمسة عشر عاما من الحرب، وراح الآن يعزف على أنغام الهوى مع إنجلترا مؤمّلا أنه إذا سلّم نفسه لها فقد تعامله كأسير مُميّز وتسمح له ببترة أرض متواضعة ليعيش فيها كمالك - بسلام. وفيعشرة يوليوأوفد لا كاس وسافاري (دوق روفيجو) ليطلب من القبطان فريدريك ميتلاند على ظهر السفينة بيلروفون التابعة للتاج البريطاني عما إذا كان قد تلقى أية جوازات سفر (تصاريح سفر) باسم نابليون يتوجه بمقتضاها إلى أمريكا. ولم يكن لدي القبطان بطبيعة الحال مثل هذه الجوازات. عندئذٍ سأله لا كاس عما إذا سلّم نابليون نفسه للبريطانيين فهل يتسقط حتى يعامله الإنجليز بالكرم المعروف عنهم، فأجاب ميتلاند أنه يسعده حتى يستقبل نابليون ويأخذه إلى إنجلترا لكنه - أي ميتلاند - غير مخوّل بتقديم أية وعود عن كيفية استقباله هناك.

وقبل هذا الحوار أوفي أثنائه أوبعده تلقى القبطان ميتلاند من رئيسه - السير هنري هوتام نائب الأدميرال (الذي كان يطوف وقتها إزاء الساحل الشمالي الغربي لفرنسا) رسالة يُخبره فيها حتى نابليون موجود في روشفور أوبالقرب منها وأنه ينوي العبور إلى أمريكا، وأضاف الأدميرال: عليك حتى تبذل قصارى جهدك لمنعه من الإبحار فوق الفرقاطات،... وإن أسعدك الحظ بالقبض عليه، ضعه تحت حراسة جيدة وتوجه به بأقصى سرعة إلى ميناء بريطاني(.

وفي 14 يوليوأَوْ نحوهذا التاريخ تلقى نابليون تحذيرا من حتى لويس الثامن عشر كان قد أمر الجنرال بونفور بالتوجه إلى روشفور للقبض عليه (على نابليون)(20) وتحرك بونفور ببطء. لقد أصبح نابليون الآن ملزما بخيار من خيارات ثلاثة: إما حتى يسلم نفسه للويس الثامن عشر الذي لديه جميع الأسباب التي تجعله كارهاله، أوحتى يخاطر بالهرب محاولا الإفلات من الحصار البريطاني أوحتى يسلم نفسه للقبطان ميتلاند على أمل حتى يحظى بمعاملة كريمة من بريطانيا. واختار نابليون الطريق الثالث، ففي 14 يوليوخط للوصي على العرش الذي كان يحكم بريطانيا آنئذ:

«يا صاحب السموالملكي

نظراً للفُرقة (الشقاق) التي استنزفت بلادي، واختلاف القوى الكبرى في أوربا قررت حتى أنهي جميع عمل لي في مجال السياسة وإنني آت - مثل تيميستوكل - لأقيم في بيت الشعب البريطاني لأنعم بالدفء بينه. إنني أضع نفسي تحت حماية قوانينكم التي أناشد سموكم الملكي باعتباركم أكثر أعدائي قوة وعزما وكرما حتى تمنحوني حمايتها.

نابليون. »

وعَهِد نابليون إلى جورجوبتسليم هذا الخطاب وطلب منه حتى يحصل على إذن لتوصيل الخطاب في القارب التالي. وقد وافق ميتلاند لكن القارب الذي استقل جورجوقد تم احتجازه طويلا في الحجر الصحي، وليس هناك ما يشير إلى حتى هذا الخطاب قد وصل إلى الوصي على العرش.

وفي 51 يوليووُضع نابليون ورفاقه على متن السفينة البريطانية بيلروفون، واستسلموا طائعين لبريطانيا العظمى. نطق نابليون لميتلاند: لقد أتيتُ على متن سفينتك لأضع نفسي تحت حماية القوانين الإنجليزية. وقد استقبلهم القبطان بمودّة ووافق على نقلهم إلى إنجلترا ولم يقل لهم شيئا عن رسالة الأدميرال هوثام لكنه حذّر نابليون من أنه لا يضمن حتى يتم استقباله بود في إنجلترا. وفي 16 يوليوأبحرت السفينة بيلروفون قاصدة إنجلترا وفي وقت لاحق أبدى ميتلاند ملاحظة طيبه عن أسيره الكبير: لقد كانت طباعة دَمثة تماما. لقد كان يشارك في جميع مناقشة، ويروي كثيرا من النوادر، ويسلك جميع السبل ليجعل الجوّ فَكِهاً مِرَحا. وكان مؤتلفاً بشكل كبير جدا مع جميع من معه.. رغم أنهم كانوا يعاملونه بكثير من الاحترام. وكان يملك - بشكل مدهش - القدرة على إحداث تأثير محبّب على من يناقشونه.

وكان طاقم السفينة مبتهجاً وعامله بأقصى درجات الاحترام. وفي أربعة يوليووصلت السفينة تيلروفون إلى خليج تور Tor Bay وهوخليج صغير في القنال الإنجليزي على ساحل ديفونشير وسرعان ما تمركزت فرقاطتان مسلحتان عند الجانب الآخر للسفينة. لقد أصبح من الواضح حتى نابليون قد غدا أسيرا، وأتى الأدميرال الفيسكونت (النبيل) كيث فوق سطح السفينة وحيّاه بمودّة متسمة بالبساطة: وبعد ذلك نطق جورجولنابليون إنه لم يستطع تسليم خطابه (خطاب نابليون) للوصي البريطاني على العرش، لكنه كان مضطراً لتسليمه إلى كيث الذي لم يعره اهتماما. وأمر كيث القبطانَ ميتلاند حتى يتجه بسفينته إلى بليموث على بعد ثلاثين ميلا حيث ظلت السفينة هناك حتى الخامس من أغسطس. وفي هذه الفترة أصبحت محط حب استطلاع البريطانيين. لقد ركب الرجال والنساء من جميع أنحاء جنوب إنجلترا إلى بلايموث وازدحموا في القوارب ليروا الغول الإمبراطوري وهويمشي الفترة المقررة له يوميا فوق متن السفينة.

وأمضت الحكومة البريطانية أياما لتقرر ما تصنعه معه. وكان الرأي السّائد هومعاملته كشخص خارج على القانون على وفق ما تجاوز للحلفاء حتى أعربوه رسميا وباعتباره شخصا خرق اتفاق فونتينبلوالمتساهِل معه، فأجبر أوربا على حرب أخرى معه كلفتها كثيرا من الأرواح والأموال. من الواضح أنه يستحق الموت، فإن سُجن فقط لكان ممتنا، لكن إذا كان لا مناص من سجنه فليكن بحيث لا يهرب ليحارب مرة أخرى. وربما كان يستحق بعض الرحمة لتسليم نفسه طوعا فوقى الحلفاء مزيدا من المتاعب، لكن هذه الرحمة لا يجب حتى تدع له طريقاً للهرب، وعلى هذا أمرت الحكومة البريطانية الأدميرال كيث حتى يخبر الأسير (السجين) أنه عليه حتى يقيم من الآن فصاعدا في جزيرة سانت هيلانا (هيلانه) على بعد نحو1200 ميل من غرب إفريقية. إنها جزيرة بعيدة، لكن كان لابد حتى يختاروا له مكانا بعيدا، كما حتى بُعدها قد يُريح السجين (نابليون) والمتحفّظين عليه مما تتطلبه المراقبة عن قرب من صرامة. وتناقش حلفاء بريطانيا ووافقوا على هذا الحكم مع احتفاظهم بحق إرسال مندوبين عنهم للجزيرة للمشاركة في الإشراف عليه (مراقبته) وكاد نابليون ينهار عندما فهم أنه قد حُكم عليه بما اعتبره موتا رغم أنه يتنفّس، فاعترض بشدة لكنه استسلم عندما رأى أنه لا جدوى من ذلك. ومُنِح عدة مزايا، فقد سُمِح له باختيار من يرغب من أصدقائه ليصحبوه، فذكر الجنرال بيرتران المارشال الكبير في القصر والكونت دي مونثولو، والكونتيسه دي مونثولو(كان هذا الكونت هومعاونه في معركة واترلو) والجنرال جورجوالمدافع المخلص عنه، كما اختار واحدا من اثنين: الكونت دي لا كاس وابنه. وسمحت السلطات لكل واحد منهم (نابليون وصحبه) حتى يصحب معه خدما ومبلغ 1600 فرنك. لقد أخذ نابليون معه عديدا من الخدم ودبّر ليأخذ معه مبلغا كبيرا من المال، فقد أخفى قلادة هورتنس الألماسية الثمينة في حزام لا كاس، وخبّأ 350.000 فرنك في عباءات خدمه. وكان مطلوبا من جميع منهم تسليم سيفه، لكن عندما تقدم الأدميرال كيث ليأخذ سيف نابليون هدده نابليون بسلّه دفاعا عن نفسه، ولم يصر كيث. وفي الرابع من أغسطس أبحرت السفينة بيلروفون من بلايموث قاصدة بورتسموث وهناك سلّمت أسيرها (نابليون) وحاشيته ومتعلّقاتهم لسفينة أكبر (نورثمبرلاند) التي أبحرت فيثمانية أغسطس قاصدة سانت هيلانا.

حملات وحروب أخرى


الحرب الناپولية

الحرب الأهلية

الحملة النمساوية

جبهة الراين

الجبهة الإيطالية

الحملة الروسية

معاهدة باريس

All the participants of the War of the Seventh Coalition. Blue: The Coalition and their colonies and allies. Green: The First French Empire, its protectorates, colonies and allies.


خط زمني

طالع أيضاً خط زمني للعصر النابليوني

التواريخ ملخص الأحداث الرئيسية
26 فبراير Napoleon I slipped away from Elba.
1 مارس Napoleon I landed near Antibes.
13 مارس The powers at the Congress of Vienna declared Napoleon I an outlaw.
14 مارس Marshal Ney, who had said that Napoleon ought to be brought to Paris in an iron cage, joined him with 6,000 men.
15 مارس After he had received word of Napoleon's escape, Joachim Murat, Napoleon's brother-in-law and the King of Naples, declared war on Austria in a bid to save his crown.
20 مارس ناپوليون يدخل باريس - بداية المائة عام.
25 مارس تعهدت المملكة المتحدة، روسيا، النمسا، وپروسيا، أعضاء التحالف السابع، بدفع 150.000 رجل في الميدان لانهاء حكم ناپوليون.
9 أبريل The high point for the Neapolitans as Murat attempted to force a crossing of the River Po. However, he is defeated at the Battle of Occhiobello and for the remainder of the war, the Neapolitans would be in full retreat.
3 مايو General Bianchi's Austrian I Corps decisively defeated Murat at the Battle of Tolentino.
20 مايو ناپوليون يسقط معاهدة كازالانزا معهد النمسا بعد فرار مورا إلى كورسيكا وطلب جنراله السلام.
23 مايو Ferdinand IV was restored to the Neapolitan throne.
15 يونيو الجيش الفرنسي يعبر شمالاً ليصل الأراضي الوطيئة المتحدة (بلجيكا حالياً).
16 يونيو ناپليون الأول يهزم بلوخر في معركة لينني. المارشال ني ودوق ولينگتون يتقاتللان معا في معركة كاتر برا التي انتهت بنصر غير واضح.
18 يونيو After the close, hard-fought Battle of Waterloo, the combined armies of Wellington and Blücher decisively defeated Napoleon I's French Army of the North. The concurrent Battle of Wavre continued until the next day when Marshal Grouchy won a hollow victory against General Johann von Thielmann.
21 يونيو ناپليون يعود إلى باريس.
22 يونيو Napoleon I abdicated in favour of his son Napoléon Francis Joseph Charles Bonaparte.
29 يونيو ناپليون يهجر باريس إلى غرب فرنسا.
7 يوليو Graf von Zieten's Prussian I Corps entered Paris.
8 يوليو لويس الثامن عشر يستعيد عرشه - نهاية المائة يوم.
15 يوليو Napoleon I surrendered to Captain Maitland of HMS Bellerophon.
13 أكتوبر Joachim Murat is executed in Pizzo after he had landed there five days earlier hoping to regain his kingdom.
20 نوفمبر توقيع معاهدة باريس.

طالع أيضاً

الهامش

  1. ^ Chandler 1966, p. 1015.
  2. ^ بالفرنسية: les Cent-Jours، أص‌د: [le sɑ̃ ʒuʁ]
  3. ^ Histories differ over the start and end dates of the Hundred Days; another popular period is from 1 March, when Napoleon I landed in France, to his defeat at Waterloo on 18 June.
  4. ^ Chisholm 1911, "Waterloo Campaign".
  5. ^ Hamilton-Williams 1996, p. 59.
  6. ^ واحدة من أشهر المعارك في التاريخ
  7. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  8. ^ Chesney 1868, p. 34.
  9. ^ Chisholm 1911, p. 371.
  10. ^ Chandler 1981, p. 180.
  11. ^ Chesney 1868, p. 35.
  12. ^ Chisholm 1911, pp. 372, 373.
  13. ^ Chisholm 1911, pp. 372.
  14. ^ Chisholm 1911, pp. 373.
  15. ^ Georg Dubislav Ludwig von Pirch: 'Pirch I', the use of Roman numerals being used in Prussian service to distinguish officers of the same name, in this case from his brother, seven years his junior, Otto Karl Lorenz 'Pirch II'

المراجع

  • Baines, Edward (1818). History of the Wars of the French Revolution, from the breaking out of the wars in 1792, to, the restoration of general peace in 1815 (in 2 volumes). 2. Longman, Rees, Orme and Brown. p. 433.
  • Barbero, Alessandro (2006). The Battle: a new history of Waterloo. Walker & Company. ISBN .
  • Bowden, Scott (1983). Armies at Waterloo: a detailed analysis of the armies that fought history's greatest Battle. Empire Games Press. ISBN .
  • Chandler, David (1966). The Campaigns of Napoleon. New York: Macmillan.
  • Chandler, David (1981) [1980]. Waterloo: The Hundred Days. Osprey Publishing.
  • Chandler, David (1999) [1979]. Dictionary of the Napoleonic Wars. Wordsworth editions. ISBN .
  • Chalfont, Lord (1979). Waterloo: Battle of Three Armies. Sidgwick and Jackson. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Chapuisat, Édouard (1921). Der Weg zur Neutralität und Unabhängigkeit 1814 und 1815. Bern: Oberkriegskommissariat. (also published as: Vers la neutralité et l'indépendance. La Suisse en 1814 et 1815, Berne: Commissariat central des guerres)
  • Chartrand, Rene (1998). British Forces in North America 1793–1815. Osprey Publishing.
  • Chesney, Charles Cornwallis (1868). Waterloo Lectures: a study of the Campaign of 1815. London: Longmans Green and Co. Text "http://archive.org/stream/cu31924024320214#page/n205/mode/2up" ignored (help)
  • Gildea, Robert (2008). Children of the Revolution: The French, 1799-1914 (reprint ed.). Penguin UK. pp. 112, 113. ISBN .
  • Glover, Michael (1973). Wellington as Military Commander. London: Sphere Books.
  • Gurwood, Lt. Colonel (1838). The Dispatches of Field Marshal the Duke of Wellington. 12. [publisher needed].
  • Hamilton-Williams, David (1996). Waterloo New Perspectives: the Great Battle Reappraised. Wiley. ISBN .
  • Hertslet, Edward, Sir, (1875). The map of Europe by treaty; showing the various political and territorial changes which have taken place since the general peace of 1814. London: Butterworths. p. 18.CS1 maint: extra punctuation (link)
  • Hibbert, Christopher (1998). . Wordsworth Editions. ISBN . Retrieved 2008. Check date values in: |accessdate= (help)
  • Hofschroer, Peter (2006). 1815 The Waterloo Campaign: Wellington, his German allies and the Battles of Ligny and Quatre Bras. 1. Greenhill Books.
  • Houssaye, Henri (2005). Napoleon and the Campaign of 1815: Waterloo. Naval & Military Press Ltd.
  • Longford, Elizabeth (1971). Wellington: the Years of the Sword. Panther.
  • Lucas, F. L. (1965). Long Lives the Emperor", an essay on The Hundred Days". The Historical Journal. Cambridge. 8 (1). Italic or bold markup not allowed in: |journal= (help)
  • Nicolle, André (December 1953). "The Problem of Reparations after the Hundred Days". The Journal of Modern History. 25 (4): 343–354.
  • Plotho, Carl von (1818). . Berlin: Karl Friedrich Umelang.
  • Ramm, Agatha (1984). Europe in the Nineteenth Century. London: Longman.
  • Schom, Alan (1992). One Hundred Days: Napoleon's road to Waterloo. New York: Atheneum. pp. 19, 152.
  • Siborne, William (1895). "Supplement section". (4th ed.). Birmingham, 34 Wheeleys Road. pp. 767–780.
  • Siborne, William. . Adamant Media Corporation. ISBN . Text "2005 " ignored (help)
  • Smith, Digby (1998). The Greenhill Napoleonic Wars Data Book. London: Greenhill Books.
  • Sørensen, Carl (1871). Kampen om Norge i Aarene 1813 og 1814. 2. Kjøbenhavn.
  • Uffindell, Andrew (2003). Great Generals of the Napoleonic Wars. Spellmount. ISBN . Text "location:Staplehurst " ignored (help)
  • Vaudoncourt, Guillaume de (1826). Histoire des Campagnes de 1814 et 1815 en France. Tome II. Paris: A. de Gastel.
  • Veve, Thomas Dwight (1992). The Duke of Wellington and the British Army of Occupation in France, 1815–1818. Westport CT: Greenwood Press. ISBN  Check |isbn= value: invalid character (help).
  • Wellesley, Arthur (1862). Supplementary Despatches, Correspondence and Memoranda of Field Marshal the Duke of Wellington. 10. London: United Services, John Murray.
  • Wit, Pierre de. "Part 5: The last Anglo-Dutch-German reinforcements and the Anglo-Dutch-German advance" (PDF). . p. 3. Retrieved Jume 2012. Check date values in: |accessdate= (help)
  • Wood, Hugh McKinnon (April 1943). "The Treaty of Paris and Turkey's Status in International Law". The American Journal of International Law. 37 (2): 262–274.
  • Zins, Ronald (2003). 1815 L'armée des Alpes et Les Cent-Jours à Lyon. Reyrieux: H. Cardon.
Attribution
  • تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.


للاستزادة

  • Alexander, Robert S. _Bonapartism and Revolutionary Tradition in France: The Federes of 1815. Cambridge: Cambridge University Press, 1991.
  • Cordingly, David, The Billy Ruffian: The Bellerophon and the Downfall of Napoleon, Bloomsbury, 2003 ISBN 1-58234-468-X
  • Hofschroer, Peter, 1815: The Waterloo Campaign (Vol.2): The German victory, from Waterloo to the fall of Napoleon, Greenhill Books, 1999 ISBN 1-85367-368-4
  • LeGallo, Emile. Les Cent-Jours. Paris: Felix Alcan, 1924.
  • Mackenzie, Norman. The Escape from Elba. Oxford: Oxford University Press, 1984.
  • Tulard, Jean. Les Vingts Jours. Paris: Fayard, 2001.
  • Waresquiel, Emmanuel de. Les Cent-Jours. Paris: Fayard, 2008.
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:41:36
التصنيفات: Articles containing non-English-language text, Pages with citations using unsupported parameters, Pages using deprecated image syntax, All articles with unsourced statements, Articles with unsourced statements from November 2009, Articles with invalid date parameter in template, Portal templates with all redlinked portals, Pages with citations using unnamed parameters, CS1 maint: extra punctuation, CS1 errors: dates, CS1 errors: markup, CS1: long volume value, CS1 errors: ISBN, مقالات مأخوذة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية, نزاعات القرن 19, الحروب الناپوليونية, نزعات 1815, 1815 في فرنسا, المائة يوم

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

«صورتك في المعرض».. ركن خاص لالتقاط الصور التذكارية بمعرض الكتاب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:20:58
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

مزراوي يتحدث عن حالته الصحية: لا أعلم موعد عودتي إلى الملاعب

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:21:00
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 53%

السيسي: طفرة ملموسة في التعاون المصري الهندي - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:20:29
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

ميتا ترفع الحظر على حسابي ترامب على فيسبوك وانستاغرام قريبا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:20:10
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 79%

في ظل انخفاض الدرهم.. توصيات المحللين لمستوردي الدولار

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:21:01
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

حملتان مصريتان ضمن أفضل حملات الترويج للسياحة في العالم خلال 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:21:04
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

الأهلي يكشف حقيقة رحيل محمد الشناوي إلى ويجان الإنجليزي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:21:00
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

بسبب نفاذ أغلبها.. السوق السوداء تُشعل أثمنة تذاكر "الموندياليتو"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-26 12:20:58
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية