أبوسلمة الخلال
أبوسَلَمة الخـلال (ت. 132 هـ/750م) هوأبوسلمة الكوفي المعروف بالخلال حفص بن سليمان، أول من لقب بالوزارة في الإسلام. مولى السبيع، من همدان، وفي رواية أخرى مولى لبني الحارث بن كعب.
النشأة
نشأ في الكوفة واتجرّ بالخل ولهذا لقبّ بالخلال وبهذه الصفة عهد، وربما اتىه هذا اللقب من سكناه بدرب الخلالين بالكوفة، وكان صيرفياً كما ورد في «سير أعلام النبلاء» للمضىي. وقد جعله عمله في التجارة ذا يسر ومال وبوّأه مكانة اجتماعية مرموقة، بدليل إنه اختير ليكون أحد النادىة السريين للدعوة العباسية ولم يكن داعية عادياً، فقد استخلفه «بكير بن ماهان» داعي نادىة الكوفة ليحًل محله، وخط بذلك إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. فوافق وولاّه أمر الدعوة بعد وفاة بكير بن ماهان.
يوصف الخلال بأنه يتمتع بقدرة كبيرة على الإقناع وكان صاحب موهبة إدارية متميزة وسياسياً محنكاً، وقد مكنته هذه الصفات من النجاح في مهمته ضد الحكم الأموي. أنفق أموالاً كثيرة في سبيل الدعوة العباسية، وكان يفد إلى الحميمة في أرض الشراة في أطراف الشام، فيحمل خط ابراهيم بن محمد المعروف «بالإمام» إلى النقباء في خراسان وقد صحبه في بعض أسفاره «أبومسلم الخراساني». ومن المعروف إنه عندما اغتال إبراهيم الإمام في سجنه على يد الأمويين زمن الخليفة مروان (127-132هـ) خاف أخواه أبوجعفر المنصور وأبوالعباس السفاح على نفسيهما فخرجا من الحميمة هاربين إلى العراق وبصحبتهما بعض رجالات العباسيين، وحين قدموا الكوفة نزلوا على أبي سلمة فأخفاهم في أحد دور الكوفة (دار الوليد بن سعد مولى بني هاشم) وكتم أمرهم نحواً من أربعين ليلة. ولما استقام الأمر لأبي العباس السَفاح استوزره، فكان الخلال أول من تقلدّ منصب الوزارة في الإسلام، لأن هذا المنصب لم يكن موجوداً عند الأمويين اعتقاداً منهم بأن الخليفة لا يحتاج إلى مؤازرة أحد، وبالطبع لم يكن هذا المنصب موجوداً زمن الراشدين.
اغتياله
كان الخلال يسمر جميع ليلة عند السفاح وهوفي الأنبار، والخليفة يأنس به لما في حديثه من إمتاع وأدب، ولما كان عليه من فهم في السياسة والتدبير، واستمَر الأمر كذلك مدة أربعة أشهر. فكثر حسّاده وحاولوا النيل منه عند السفاح فلم يفلحوا، وفي إحدى الليالي وهوفي طريق عودته إلى منزله وثب عليه عدة أشخاص كانوا قد كمنوا له في الطريق فبترّوه بسيوفهم.
وقد أشير إلى إذا أبا مسلم الخراساني كان وراء الأمر، وهناك من يرى حتى السفّاح توهم فيه الميل لآل علي أوحتى هناك من نقل مثل هذه المعلومات إليه ويشار أحياناً إلي حتى المنصور أسهم في تحريض السفاح على أبي سلمة. ومع ذلك فإن موقف السفاح من مقتل الخلال لا يزال غامضاً ففي حين يردُ على لسان أبي مسلم الخراساني حين أراد النيل منه قوله: «رجل قد بذل نفسه وماله لنا». وَيِرد في «البداية والنهاية» لابن كثير حين بلغ السفاح أمر مقتله أنه نطق: «على أي شيء منه نأسف كان ينطق له وزير آل محمد... إلى النار فليمضى ومن كان مثله».
ومع جميع هذا فإن تغيير ولائه أمر مشكوك فيه بدليل أنه حين حاول الاتصال بالإمام جعفر الصادق لم يرض الصادق بذلك وحين سُئل عن رفضه نطق: «مالي لأبي سلمة وهوشيعة لغيري»، ومهما يكن من أمر فقد كان للخلال دور كبير في إنجاح الدعوة العباسية، وقد لاقى وزراء الخلفاء العباسيين مثل هذا المصير زمن الرشيد والمأمون.
المصادر
- عبد الكريم علي. "أبوسَلَمة الخـلال". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- الطبري، تاريخ الطبري، تحقيق محمد أبوالفضل (دار سويدان، بيروت).
- ابن كثير، البداية والنهاية (مخطة المعارف، بيروت 1979).
- المسعودي، مروج المضى ومعادن الجوهر، تحقيق محمد محيي الدين (مخطة السعادة، مصر 1964).