ابن الأجدابي
ابن الأجدابي هوأبوإسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله اللواتي الأجدابي الطرابلسي (توفي بعد 463 هـ/1071م) فقيه متحدث لغوي أديب مصنف. شارك في جمهرة علوم عصره، إلا حتى الغالب عليه في تصانيفه اللغة. وأكثر التجاني في «رحلته» من وصفه بالفقه.
ينتسب إلى لواتة، وهي قبيلة من أكبر قبائل البربر، وأجدابيا بلد أسلافه لا بلده هو. وهي بلدة بين برقة وطرابلس الغرب. وقد كانت في عصر ابن الأجدابي مدينة كبيرة، وفيها حمامات وفنادق كثيرة، وأسواقها حافلة مقصودة، وأهلها ذوويسار. ثم تضاءلت مكانتها بعد ذلك، وأجدابية اليوم في ليبية، على مقربة من ساحل خليج سرت، إلى الجنوب الشرقي منه. نشأ ابن الأجدابي في طرابلس الغرب، وفيها حصل علومه، وعاش دهره كله وفيها توفي.
لا يعهد له فيما تميز به من علوم أساتذة معهدون، على ما كان معهوداً في تلك العصور، إلا أنه أقبل على من كان يجتاز بطرابلس من الفهماء فأخذ عنهم: من المشارقة المتوجهين إلى الغرب، أومن المغاربة المتوجهين إلى الشرق. وللتجاني في «الرحلة» نص طريف للغاية، يصور ما كان من أمر ابن الأجدابي في ذلك ويدل على مبلغ جده في تحصيل الفهم، نطق: «ولم تكن له «أي لابن الأجدابي» رحلة عن طرابلس إلى غيرها؛ وقد سئل: أنَّى لك هذا الفهم ولم ترتحل،يا ترى؟ فنطق اكتسبته من بابي هوارة وزناتة، وهما بابان من أبواب البلد نسبا إلى من هبط بهما في أول الزمان. يشير إلى أنه إنما استفاد ما استفاده من الفهم بلقاء من يفد على طرابلس، فيدخل من هذين البابين من المشرقين والمغربين».
ويبدوحتى ابن الأجدابي كان من ذوي اليسار، لأن التجاني نطق بعقب ذلك: «وكان له اعتناء بلقاء الوفود والقيام بضيافتهم» .
ومن دلائل يساره الذي يتيح لمثله حتى يفرغ لنفسه، وهوأيضاً من دلائل حرصه على تحصيل الفهم، عنايته بنسخ بعض تصانيف الأئمة بخطه، وكان من أحسن الناس خطاً. ذكر التجاني حتى الأمير أبا زكريا الحفصي - وكان شديد البحث عن خط ابن الأجدابي - سمع حتى بطرابلس كتابين بخطه: كتاب «الفصيح» لثعلب، وكتاب «أمثلة الغريب المصنف» لأبي الحسن الهنائي، المعروف بـكراع النمل، فأوفد في طلبهما.
وفاته
توفي ابن الأجدابي في طرابلس، وقبره خارج المدينة إلى الشمال الشرقي منها - بحسب وصف التجاني - قبر معظم، يكثر الناس من زيارته والنادىء عنده. وكانت داره في وسط المدينة لا تزال قائمة إلى السنة التي خط فيها التجاني «رحلته» (707هـ)، وكان خطه على بعض جدرانها لايزال باقياً. ولا تعهد سنة وفاته، إلا حتى هناك من القرائن ما يجعل الباحث يطمئن إلى أنها في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري: بعد سنة 456هـ، بل من الممكن بعد سنة 463هـ.
مؤلفاته
أشهر مؤلفات ابن الأجدابي كتابه المختصر في اللغة: «كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ»، انتفع به الناس دهراً طويلاً، وذاع صيته حتى كاد ابن الأجدابي ألا يُعهد إلاّ به وكتابه «الأزمنة والأنواء». ولا يعهد من آثار ابن الأجدابي إلى هذه الغاية غير هذين الكتابين، وكلاهما مطبوع.
وذكر له التجاني كتابين في العروض، أحدهما مختصر والآخر مطول، وكتاباً في الأنساب، اختصر فيه كتاب الزبير بن بكار «نسب قريش» وزاد فيه زيادات، وكتاباً في الرد على ابن مكي الصقلي في كتابه «تثقيف اللسان» وكتاباً في شرح ما آخره ياء مشددة من الأسماء، وبيان اعتلال هذه الياء، ورسالة في الحُول، وكان ابن الأجدابي أحول؛ وكان سبب تأليفها أنه جاء يوماً بطرابلس عند القاضي بها أبي محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن هانش، فحكم القاضي بحكم أخطأ فيه، فرد عليه ابن الأجدابي، فنطق له: «اسكت يا أحول، فما استُدعيت ولا استُفتيت»، فألف تلك الرسالة.
وذكر له ابن عبد المنعم في «الروض» كتاباً سماه «شحذ القريحة» ولم يذكر مضمونه؛ إلا حتى عنوانه من الممكن دل على أنه في الأدب.
المصادر
- عز الدين البدوي النجار. "الأجدابي (ابن -)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- رحلة التجاني أبي محمد عبد الله بن محمد بن أحمد. أخرجها وقدم لها: حسن حسني عبد الوهاب (الدار العربية للكتاب، ليبية، تونس 1981م).