ياسين الحاج صالح (وُلد في الرقة عام 1961)، هوهومحرر وناقد وباحث ومترجم سوري معارض، وسجين سياسي سابق. اعتقل عام 1980 بتهمة الانتماء إلى تنظيم شيوعي ديمقراطي معارض. ينشر في الكثير من الصحف والمجلات العربية، منها الحياة، السفير، الآداب وغيرها. ويعتبر من أبرز الكتاب والمنظرين السوريين في قضايا الثقافة والفهمانية والديمقراطية وقضايا الإسلام المعاصر، وله تأثير واسع في الساحة الثقافية السورية والعربية.

حياته

وُلد في الرقة عام 1961. تخرج من الثانوية ونال الدرجة الأولى على مدينة الرقة في الثانوية العامة. ولج كلية الطب البشري في جامعة حلب في العام الدراسي 1977-1978، واعتقل في السنة الثالثة حين كان عمره 19 سنة، وغاب في السجون السورية 16 سنة، ليعود إلى الكلية في أيار 1997 ويواصل دراسته للطب ويتخرج من الكلية عام 2000. لم يتخصص الحاج صالح في الطب لأنه بعد اعتنطقه حُرم من الحقوق المدنية وبالتالي من راتب الدراسات العليا الذي توفره الجامعة لمتخصصي الطب، وهولا يعمل بالطب لأنه يفضّل العمل بالثقافة، إضافة إلى عدم قدرته على امتهان الطب لعدم تخصصه.

حياته السياسية

انضم إلى الحزب الشيوعي السوري - المخط السياسي (جناح رياض الهجر) في فترة مبكرة. كان من تيار اليسار الديمقراطي وكان اعتنطقه على خلفية ذاك الانتماء. قضى في سجون السلطات السورية 16 سنة من شبابه، وبقي دون محاكمة حتى عام 1994، ثم حكمت عليه محكمة أمن الدولة بـ15 عاماً، ثم قضى عاماً إضافياً دون وجه قانوني. "تخرج" من السجن وآثر العمل في الكتابة الصحفية كمهنة. بدأ الكتابة عملياً عام 2000 وتفرّغ لها تماماً في نهاية ذلك العام. عمل مراسلاً لمجلة الآداب وخط في عدة صحف عربية مهمة.

ممنوع من السفر منذ عام 2005.

يعتبر من المثقفين العرب العضويين ومن أكثر الكتاب تواصلاً مع الشباب عبر الفيسبوك والإنترنت. ومع اندلاع أحداث الانتفاضة السورية عام 2011، اعتبر ياسين الحاج صالح من منظّري الحراك الشعبي السوري الرئيسيين، وأدلى بعدة تصريحات قوية على القنوات الفضائية ومن خلال حوارات صحفية كثيرة معه. وقد رفض الدخول في المعارضة كسياسي معارض لانشغاله بالتغطية الفكرية للثورة السورية. وهناك من يعتبره أحد الناشطين البارزين في الحراك الشعبي ولجان التنسيق المحلية من مسقطه كمواطن ومثقف. ولعل منطقاته، التي ما برح يخطها في مخبئه السرّي، مثلت فسحة للتأمل والتحليل والقراءة الهادئة لأبعاد الثورة ووقائعها. وقد أطل بها عبر الإنترنت سلاحاً وحيداً في عزلته، وبات ينتظرها كثيرون من القراء، تبعاً لما تتميز به من عمق وجرأة.

آراؤه

يعتبر ياسين الحاج صالح محرراً ليبرالياً ديمقراطياً، ذا توجهات يسارية غير أيديولوجية، وهوالأبرز من بين الناقدين للنظام السوري ومن المتناولين لشأن الإسلام السياسي.

العروبة والإسلام

يثق الحاج صالح بالثقافة العربية، ويعتقد حتى من شأن جهود تبذل في المجال الثقافي حتى تكون مثمرة أكثر مما في أي مجالات أخرى. "لدينا ثقافة تاريخية كبرى متكونة حول دين عالمي. هذه ميزة عظيمة، لكنها تحد تاريخي جسيم. أعتقد حتى نهضة متجددة لثقافتنا مشروطة بلقاءة المشكلة الدينية، أو-الغول الديني-، وبأنسنة هذا الغول. وعبر الاضطلاع بهذا التحدي الذي أرى أنه ممر إجباري نحوالتجدد الثقافي يمكن لثقافتنا حتى تحوز مطمح الإسلام العالمي، لكن على أسس دنيوية، ومع تحرير جميع أبعاد وطاقات الإنسان، الجمالية والأخلاقية والمعهدية. أعتقد حتى هذا هوصراع هذا القرن الحادي والعشرين".

يدافع الحاج صالح عن حق الإسلاميين في الحياة السياسية، ويعتبرهم أقرب إلى مجتمعاتهم من نظم الطغيان الحاكمة، ونادى إلى تطوير الفكر الإسلامي والحياة الدينية والروحية في بلاده. وهويرى حتى الإصلاح الإسلامي يضم عمليتين: داخلية وخارجية. والخارجية هي المعني بها عموم العرب والمسلمين، ولا سيما الحداثيون والفهمانيون منهم، ويرى ضرورة فصل الدين عن السيادة (وليس السياسة)، أي منعه من احتكار الولاية العامة أوممارسة الإكراه؛ بينما الإصلاح الداخلي هوالتجديد الذي يقوم به مسلمون مؤمنون من داخل المؤسسة الدينية. يدعوإلى تقوية المؤسسة الدينية بدل إضعافها لأن إضعافها حسب رأيه يعني تشتت الفتاوى وانتشار الفوضى الفكرية، بينما تقويتها ضمانة لها من حتى تتسلط عليها الدولة كما وقع في التاريخ الإسلامي. يعتبر الإسلام ظاهرة مركبة ومختلطة، فالإسلام دين وعقيدة إيمانية؛ وهوكذلك يعرّف كأمة وعالم ثقافي ورمزي واسع؛ وأيضاً هناك مقاربات للإسلام تعهده كدولة وقيادة وولاية عامة. كما أنه يفرق بين إسلام ثقافي ينتمي إلى فضائه جميع العرب والمسلمين، بما في ذلك الفهمانيين؛ وإسلام اجتماعي له عمق في المجتمعات العربية؛ وإسلام سياسي؛ إضافة إلى الإسلام الدين.

الواقع والتغيير

للحاج صالح نظرية عن "الغيلان الثلاثة" في العالم العربي المعاصر: الأنظمة العربية؛ الإسلام؛ الغرب. ويعتبر حتى العرب منقسمون بين هؤلاء الثلاثة، وأن كلاً منهم يتحمل جزءاً من مسؤولية الواقع العربي.

يحيل وفقاً لذلك إلى نموذجين للتغيير من أجل التخلص من الواقع العربي: التغيير السياسي، ويضم التخلص من الطغم الحاكمة وأنظمة الاستبداد، نحوأنظمة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وإرادات الشعوب، وتؤسس على حرية المواطنين، وهذا التغيير السياسي هوالسريع والمستعجل؛ والتغيير الثقافي، الذي يضم عمليات الإصلاح الديني ولقاءة الأصولية وترسيخ التعددية وقيم الحداثة والمساواة والديمقراطية بين المواطنين، والعمل على إنتاج ثقافي وتطوير الفكر والعقل العربيين، وهذا التغيير الثقافي بطيء ولا بد حتى يسبقه، أويدعمه، التغيير السياسي والتحول الديمقراطي. كما ينضمّ إلى التغيير السياسي الاستقلالية السياسية عن النفوذ الغربي في الشرق الأوسط والوطن العربي، كمنطقة من أكثر المناطق تدويلاً في العالم، وينضمّ إلى التغيير الثقافي الاستقلالية الفكرية عن الفكر الغربي، والكفّ عن التبعية الثقافية.

الفهمانوية

ينتقد أيضاً الأصولية الفهمانية، أوالفهمانية الشعبوية، والثقافوية، التي تتمثل في تعالي بعض المثقفين على المجتمع واتهامه بالظلامية من قبل كثير منهم، ويعتبر حتى الدين لا يمكن حتىقد يكون المعرّف الوحيد الذي يتم به تعريف مجتمعاتنا، فالظروف السياسية والاجتماعية والدولية جزء أساسي من الواقع العربي ويجب حتى يتناولها التحليل ويبرز أثرها على الحياة وعلى الدين. يعتبر حتى التمركز حول الدين، والقول بأن "الإسلام هوالمشكلة" لا يمكن حتى يفيد شيئاً، وبالتالي وقف ضد شيطنة الدين وتحميله جميع مسؤوليات التخلف واعتبره ضحية في كثير من الأحيان: "ليس الإسلام هوالحل، ولكنه ليس هوالمشكلة أيضاً".

الثورة السورية

إلا حتى عمله الأبرز كان نقده الرصين لسياسات النظام السوري الأسدي منذ بدئه في الكتابة عام 2000 وحتى اندلاع الثورة السورية عام 2011، وقد خط في الداخل السوري منطقات هامة جمع أبرزها في كتاب سوريا من الظل. وكان من أشهر ما نطقه في أحداث الثورة حتى "النظام هوالمركّب السياسي الأمني المالي، أي الرئيس وأخيه والمخابرات ورؤساء أجهزتها وكبار ضابطها، وأصحاب المليارات من أبناء المسؤولين السابقين واللصوص الرسميين ومحاسيبهم"، وأن النظام غير قادر على تقديم مبادرة سياسية تهدد قضيته الأساسية وهي "الحكم إلى الأبد"، وليس فلسطين ولا الاستقرار كما يقول عن نفسه.

أعماله

إضافة للمنطقات الأسبوعية والدراسات المتفرقة، صدر له عام 2010 دراسة بعنوان سوريا من الظل: نظرات داخل الصندوق الأسود عن دار جدار للثقافة والنشر، ويتناول فيه قضايا مستجدة في الداخل السوري معظمهما متمحور حول نمط ممارسة السلطة وحول تجديد التفكير في الشأن الوطني.

كما صدر له عام 2011 عن دار الساقي كتاب أساطير الآخرين: نقد الإسلام المعاصر ونقد نقده، الذي يساجل فيه تيارات الإسلام السياسي ويطرح أسئلة استشكالية عن جملة القضايا الفكرية والسياسية والأخلاقية التي يطرحها وضع "الإسلام" في العالم المعاصر.

وفي 2012 صدر له كتاب السيرة على قدم واحدة عن دار الآداب، وهوكتاب آخر يتناول قضايا متفرقة في الشأن السوري ويدور معظمهما حول نقد الخطاب الرسمي وممارسات نظام الأسد، إضافة إلى تاريخ سوريا ووضعها الإقليمي وواقعها الاقتصادي والاجتماعي وديمقراطيتها المنشودة وسؤال هويتها الوطنية.

وفي 2012 أيضاً صدر له عن دار الساقي كتاب بالخلاص يا شباب!، عن 16 عاماً في السجون السورية، طرح فيه تأملاته العميقة التي راودته في المعتقل وبعد المعتقل وكيف استطاع ترويض وحش السجن وتحويله إلى تجربة انعتاق حقيقية، "انعتاق عبر الصراع مع السجن ومع النفس ومع الغير، وعبر التفهم من الرفاق ومن الخط".

منطقات

من منطقاته:

• بناء القضية السورية
• عن -هامش-، وعن -بلدنا الرهيب
• خلافة داعش: تبقى، على ألا تتمدد
• المنابع الإسلامية السنية للطائفية في سورية
• الخلافة، الخليفة، و-خلافو-
• ثلاثة أشكال للطائفية في المشرق
• فراس
• تغيير المجتمع-: ثلاث تصورات وثلاث تيارات
• قضية مخطوفي دوما الأربعة ومواقف تشكيلات المعارضة السياسية
• سميرة الخليل
• القضية الأخلاقية ضد اختطاف سميرة ورزان ووائل وناظم
• حول تغطيات إعلامية غربية لما يجري في سورية
• من مثال الدولة إلى المقاومات الاجتماعية
• أبوعدنان فليطاني
• سورية تحت احتلالين، وهناك حاجة لحركة تحرر وطني جديدة/ حوار
• القاعدة - امبراطوريتنا البديلة
• تطور لا متكافئ مركب للأوضاع السورية
• مقاومة بالتذكر: جانب من سيرة دعوة -المصالحة الوطنية-
• الكتابة بالعين والكتابة بالعينين
• نظرة إلى اقتصاديات السياسة والحرب والعمل العام

تكريمه

في يوليو2012 حاز المحرر المعارض المتواري عن أنظار السلطات في دمشق منذ اندلاع الاحتجاجات في بلاده على جائزة الأمير كلاوس، إحدى أبرز الجوائز الأوروبية التي تكافئ المفكّرين والكتّاب في البلدان التي تعاني "نقصاً في فرص الحرية" وفق نظامها. وفي مخبئه السرّي، في المنفى المفروض عليه داخلياً هرباً من قمع السلطة وخوفاً من التعرّض للخطف أوالسجن والقتل، تلقّى المحرر المعارض خبرَ هذا الفوز بالجائزة الهولندية التي مُنحت سابقاً للشاعر محمود درويش وأسماء ومنظمات أخرى، عربية وعالمية. اتىت هذه الجائزة لتحمل كثيراً من الغبن الذي حلّ بهذا المحرر والمفكّر، بعدما عانى طويلاً داخل السجون السورية، واضطُهد ولوحق وعُذّب، مثله مثل سجناء الرأي، وما أكثرَهم في ظل نظام حزب البعث.

خط الحاج صالح على صفحته في فيسبوك "شكرا يا أصدقاء على التهنئة بجائزة الأمير كلاوس. الحقيقة حتى الجائزة إشارة احترام للثورة السورية وتكريم للشعب السوري. الكفاح البطولي لشعبنا من أجل الحرية هوالذي فرض على العالم حتى يلتفت إلينا ويشعر بنا ويقف معنا.. أتشرف حتى أهدي الجائزة لأرواح شهداءنا، لحمزة وهاجر وتامر وغياث وباسل ولين والمقدم حسين الهرموش...، وفوق 24 ألف شهيد آخرين، سوريين وفلسطينيين. ولأسرانا، محمد ويحيى ووائل ومازن درويش وحسين وعروة...، وعشرات ألوف الآخرين".

واعتبر بعض المثقفين حتى هذه الجائزة هي فوز لوجه ثقافي وخط ثقافي معين ضد خط آخر، فوز المثقف النقدي المنحاز لشعبه على المثقف النخبوي المتملص من شعبه. فهناك مثقف يسعى لتكريس ذاته عبر الظهور بمظهر القادم من البلاد المتخلفة ومثقف يسعى إلى تكريس شعبه عبر الالتحام به؛ مثقف يخدع العالم عبر تشويه صورة شعبه لتجميل صورته ومثقف يؤمن بشعبه ويرى صورته في صورته ونضاله من نضاله.

المصادر

وصلات خارجية

• Column archive (2004-2005), The Daily Star
• Column archive (2005) at Voltaire Network
• Column archive (2006), New Statesman
• Column archive (2010-2011) at Jadaliyya
• Drivers of U.S. Syrian Relations Under the Obama Administration, Yassin Al-Haj Saleh, Carnegie Endowment, June 2009
• The Political Culture Of Modern Syria: Its Formation, Structure & Interactions, Yasin Al-Haj Saleh, "Political Culture Case Studies", Conflict Studies Research Centre, published in Mafhoum, 2003
• A General Socio-Political View of Contemporary Syrian Society, Yassin al-Haj Saleh, Ahewar, 22 October 2010
• Prisoner of Damascus, Yassin al-Haj Saleh, The New York Times,عشرة April 2011

لقاءات

• Assad's Forgotten Man, Michael Young, Reason,خمسة May 2005
• On Syria: Interview with Yassin Al Haj Saleh, Sinan Antoon, Jadaliyya, أربعة April 2011
• interview March 2014 in the boston review

منطقات

• (Former) Communists for Liberal Democracy, As'ad AbuKhalil, MRZine, 12 April 2011
• Free Syrian Translators: a collection of articles by Yassin al-Haj Saleh translated into English