إغتراب العقل ..!!

عودة للموسوعة

إغتراب العقل ..!!

إغتراب العقل ..!!


إن نظرة أي فرد منا الى نفسه والأخرين والمحيط الخارجي والى الحياة والوجود بشكل عام تحددها مجموعة عوامل ومعطيات منها المادي والروحي والثقافي والإجتماعي والبيئي إضافة الى تفاعل الشخص مع محيطه من أصدقاء وعائلة وعلاقات عمل ونشاطات فردية اوجماعية ..

لكن العامل الأبرز واللاعب الأخطر في جملة هذه المعطيات والعوامل هوالعقل والفكر فهومن يقوم بهضم وأرشفة وتصنيف هذه العوامل والأسباب والمسببات وإعطاءها الأولوية اوالثانوية من حيث الأهمية والتأثير وبذلكقد يكون له التكوين الحقيقي للشخصية المنفردة ومدى تمايزها ودرجة الوعي في التفاعل مع المحيط الخارجي .

وبنظرة فاحصة ومتأنية لهذه الظروف والعوامل والمسببات نلاحظ التأثير الأكبر للعامل الروحي ومن بعده البيئي والإجتماعي على شخصية الفرد التي تنعكس بدورها على وجوده في المجتمع .؟؟

فالفرد منا وقبل تحوله الى إنسان له شخصية تميزه عن الأخرين ومنذ نعومة أظفارهقد يكون عجينة لينة وعقله تعبير عن لوحة فارغة وبيضاء يخط عليها السيء والجيد والرديء والمثالي من الأفكار والمعطيات والمفاهيم والأخلاق بإعتبار هذا الفرد عجينة خام وطرية تكون متأثرة ومستقبلة لكل شيء وهنا تكمن الخطورة وتتجلى الحساسية والخصوصية في هكذا موضوع .

فما يتم غرسه وغرسه من أفكار إيجابية وبنّاءة ستنعكس إيجاباً على تكوين شخصية متوازنة وفعّالة في المجتمع والحياة العامة وعلى شخصية الفرد وحياته الخاصة .

أما طالما غرس وبث أفكار سلبية ومشوهة ومغلوطة فستنعكس سلباً وتعطينا شخصية مهزوزة وكئيبة وسلبية ومهمشة ستكون عالة على الفرد والمجتمع ككل .

وأكثر هذه العوامل والأسباب تأثيراً وإعمالاً وتفعيلاً هوالعامل الديني والروحي والذي له تأثير كبير على حياة الفرد ومن وراءه المجتمع فالأفكار والعقائد المغلوطة والمتطرفة ستعمل عملها في وعي ولاوعي هذا الفرد اوذاك وستعمل عملها السلبي والتخريبي والتهديمي في الفكر .. ليشب هذا الفرد وهويحمل برنامج فيروسي خطير ويعاني من انفصام شخصي بين ما تشربه واستقبله من أفكار وعقائد سلبية ومشوهة وأُحادية الجانب وشمولية التوجه ستنعكس على سلوكه وتصرفاته وأداءه وعلى تفاعله وتعامله مع الأخرين وحياتهم ومعيشتهم ..!!

فالشخص الذي يحمّل أفكار وعقائد دينية اوأخلاقية متطرفة ومشوهة ومغلوطة سيكون بمثابة قنبلة موقوتة مستعدة وقابلة للإنفجار والإنشطار في وجه جميع من يخالف رأيه اومعتقده اوسلوكه حتى .. المشوه أصلاً وسيكون بذلك آفة وسقم إجتماعي خطير سيودي بحياة الكثيرين الى الدمار والإنهيار وستراق دماء لا ذنب لها ولا إثم .

فهذا الشخص وما يعانيه من إغتراب عقلي وفكر ظلامي تخريبي هوأداة سهلة التحكم والتوجيه والسيطرة عليها وإستغلالها في مآرب ومشاريع تخريبية هدامة لأنه وبمجرد إشتداد عوده وبلوغه سيعاني من إنفصام وإغتراب فكري وعقلي بين ما تربى ونشأ عليه وما يعيشه في خضم المجتمع والواقع وسيتولد لديه إعتقاد بأنه ولدَ في المكان والزمان الخاطىء وسيكون هدفه الذي سيسعى الى تحقيقه هوتسليم الوضع القائم والذي يعتبره خاطىءً بأساليب عنفية وقمعية وإقصائية ..

فهولن يقبل الحوار والنقاش في أمور يعتبرها بديهيات ومسلمات غرست في فكره منذ صغره وفي غفلة من الزمن لأنه لم يُربّى على تقبل ما مختلف ومغاير عنه اوعن أفكاره وسلوكه فهوفاقد للمرونة في التعاطي مع الأمور والظروف والأوضاع المتغيرة والتي هي من طبيعة البشر والحجر ..

وهنا تكمن المشكلة والطامة الكبرى فشخص كهذا يحمل أفكار وعقائد تتلائم مع عصور الجاهلية وعصور ما قبل التاريخ والتي لا تتلائم اوتتناسب بأي شكل من الأشكال مع ظروف ومعطيات هذا العصر الحديث بما فيه من تطور هائل للعلوم والمعارف والتجارب والأفكار وحتى المعتقدات والمسلمات ..والفضائل ..؟

والنتيجة ستكون أمراض خطيرة يعاني منها المجتمع ويدفع ثمن فاتورتها الناس البسطاء الأبرياء والتي لا ناقة لها ولا جمل في ذلك سوى أنها تشربت وأُشبعت بمعتقدات وأفكار تُحدثهم وتُخبرهم حتى هذا من عمل السماء وأن القدر لا بد سيعمل عمله في مصائر البشر ...!! مع حتى العمل بخيره وشره بسلبياته وإيجابياته هوعمل الإنسان بأخيه الإنسان سلباً اوإيجاباً .. بناءاً اوتهديماً .

فالمقدمات الخاطئة حتماً ستؤدي الى نتائج خاطئة وربما كارثية لا محالة هذا هومنطق الأمور والأحداث والتاريخ مليء بشواهد على ذلك لا مجال للحديث عنها ههنا ..

وبعد حتى تحولت حالة الإغتراب العقلي والفكري الديني المتطرف الى حالة جماعية وظاهرة عامة لا بد من التصدي لها بحزم وجدية .. والحل برأيي المتواضع هوإعادة النظر الى مفاهيم دينية متأصلة في وجدان المتدينين ... كمفهوم الجهاد في سبيل الله ..

لا بد من تسليط الضوء على هذه التصرفات والسلوكيات التي تُنسب الى الجهاد ومبدأ الثواب والعقاب عبر تحديث نظرة الإنسان الى الجهاد وإعتبار الجهاد هوفي سبيل الإنسان الأخر في هذه الحياة .. والجهاد الحق هوعمل ما في صالح الإنسانية والبشر ككل وهذا بدوره يتم عبر تكريس الوعي الإجتماعي والحس الأخلاقي عبر مؤسسات الدولة والمجتمع والإعلام لنشر ثقافة الوعي ونبذ التطرف بكافة أشكاله الدينية والسياسية والعقائدية كافة ..

ومراقبة دور العبادة والمناهج التربوية الدينية والعمل على إبعادها عن الحياة العامة وإبعاد وإقصاء جميع فكر تطرفي وظلامي وتخريبي يعمل عمله في الخفاء للحد من هذه الظواهر السلبية حتى نصل بالمجتمع الى حالة من الوعي الوطنيقد يكون الولاء فيه للوطن والإنسان قبل الديانة والطائفة وحتى الآلهة ... مجتمع يحترم الإنسان وحقوقه ومبادئه وحق الأخر في الإختلاف عنا والإعتقاد أيّما يكن ( عملاً لا قولاً ) والتعامل بمرونة مع الوقائع والأحداث حتى لا نصل الى فترة لا يمكن تداركها اوتحمل نتائجها الكارثية .. وبذلك نكون فقدنا وجودنا وذواتنا وشخوصنا ..


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم - www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                     www.twitter.com/ihab_1975 
                  e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
               gmail:ihabibrahem1975@gmail.com         

نص غليظ

تاريخ النشر: 2020-06-04 14:19:49
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بطولة سينسيناتي للمحترفين : أنس جابر تواجه كالينينا في الدور الثاني

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:11:18
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 66%

المتحدة تطرح برومو حفل «رس» بمهرجان العلمين - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:20:40
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 63%

نادي الهلال السعودي يتعاقد مع النجم البرازيلي نيمار

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:11:15
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

افتتاح معرض “أول مرة” بمكتبة الإسكندرية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:21:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

ثنائي الترجي يعزز صفوف اتحاد تطاوين

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:11:12
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

موعد انطلاق الموسم الجديد من الدوري المصري 2023 – 2024

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:21:25
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

وصول أكرم حسني وكريم العدل العرض الخاص لفيلم «العميل صفر» - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-08-15 21:20:34
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

تحميل تطبيق المنصة العربية