محمود باشا سليمان (ح. 1834 - الثلاثاء 22 يناير سنة 1929) سياسي ورجل بر مصري. وكيل مجلس شوري القوانين،‏ ومن كبار ملاك الأراضي الزراعية في الصعيد‏، بساحل سليم بأسيوط‏، حتي حتى ابنه، محمد محمود باشا رئيس الوزراء مصر لاحقاً، قد ورث عنه‏ 1600‏ فدان. وهومؤسس حزب الأمة الليبرالي في 1907 ورئيسه. حمل شعار "أصحاب المصالح الحقيقية هم أبناء البيوتات المصرية" ولدعوة إلى مبدأ "مصر للمصريين". وهووالد محمد محمود باشا رئيس الوزراء مصر. وقد عرض عليه حتى يصبح ملك مصر لكنه رفض وذلك عقب عزل الخديوعباس حلمي عام 1914 حيث منعه الإنجليز من العودة إلي مصر من إجازته في اسطنبول حين اندلعت الحرب في صيف 1914.

وكان هذا الموقف من المواقف التي يفتخر بها محمد محمود باشا، خاصة أمام الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان، والذي كان دائماً يردد تعبير " أنا ابن من عرض عليه مُلك مصر فأبى".

يعود أصل العائلة السليمية إلى قبيلة بني سليم العربية، من أحد بطونها وهوبطن جامع مؤسس العائلة، وقد استقر مؤسس تلك العائلة في بقعة تقع على الشاطئ الشرقي للنيل عهدت فيما بعد باسم ساحل سليم في محافظة أسيوط الحالية.

سيرته من نعي محمد حسين هيكل له

كان في عهد إسماعيل باشا الخديورجلًا كاملًا مسموع الرأي نافذ الحدثة، هجر عمدية بلده ساحل سليم ونظارة القسم التي تتبعه إلى وظائف وكيل مديرية في جرجا وفي أسيوط، فلما صدر القانون النظامي بعقد مجلس النواب في عهد توفيق باشا تقدم للنيابة عن الأمة وانتخب عضوًا بمجلس النواب وألقي عليه حتى يلقي خطاب العرش، وكان له في هذا المجلس مواقف يذكرها له التاريخ.

فلما شبت نار الثورة العرابية كان من بعيدي النظر الذين قدروا ما يمكن حتى يصيب البلاد من جرائها، فتنحى عن الاشتراك فيها كما تنحى بعد ذلك عن الاشتراك في النظام الذي أعقبها، فمع هذه المكانة الكبيرة التي كانت له، ومع ما أظهر من مقدرة في مجلس النواب الذي تجاوز الثورة، ومع أنه لم يكن من أنصار الثورة وأعوانها، فإنه لم يرَ بعد فشل الثورة واحتلال الإنجليز

فإنه لم يرَ بعد فشل الثورة واحتلال الإنجليز مصر حتى يتقدم للعمل العام تحت النظام الجديد الذي سنه الإنجليز لمصر حين استصدروا من الخديوقانون مجلس الشورى والجمعية العمومية، بل تنحى عن العمل العام وهجر القاهرة إلى الصعيد، وعكف على عمله الخاص وعلى البر بالفقراء، وظل كذلك من سنة ١٨٨٢ إلى سنة ١٨٩٥ حين أخرجه ظرف محلي خاص من هذه العزلة وجعله يتقدم لعضوية مجلس الشورى، وما لبث حتى عاد إلى القاهرة وإلى العمل العام حتى انتخب وكيلًا للمجلس وحتى كانت له فيه مواقف مشهودة.

وإذا كان للتاريخ حتى يذكر السابقين إلى مطالبة الإنجليز بأن يخلوا بين مصر ووضع نظام الحكم فيها؛ فلقد كان المغفور له محمود باشا في مقدمة هؤلاء، كان في مقدمتهم منذ كان عضوًا في مجلس الشورى وحين ترأس بعد ذلك حزب الأمة.

وإذا كان للتاريخ حتى يذكر السابقين إلى الأحزاب المنظمة، فإن محمود سليمان باشا هوأول من ترأس حزبًا ذا برنامج ونظام في مصر؛ فلقد كانت الأحزاب المصرية إلى يوم تشكيل حزب الأمة تقوم على فكرة الدعوة لعمل واحد معين، فالحزب الوطني أيام عرابي باشا كانت مطالبه محصورة في الدستور وفي التسوية بين المصريين والأتراك من رجال الجيش، والأحزاب والهيئات التي اتىت بعد ذلك كانت تطلب مطلبًا واحدًا كجلاء إنجلترا عن مصرأوما من ذلك بسبيل، أما حزب الأمة فكان أول الأحزاب التي وضعت لها برنامجًا مفصلًا يتناول مرافق البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية جميعًا، وعلى نهجه سلكت الأحزاب الأخرى بعد ذلك.

ولقد تألف حزب الأمة على هذه الصورة في أخريات سنة ١٩٠٧ وسبقته الجريدة التي كانت بعد ذلك لسان حاله بشهور، وكان رئيس شركة الجريدة ورئيس حزب الأمة هوالمغفور له محمود باشا سليمان، فلما حدثت بعد ذلك بسنوات مسببات للخلاف بين المسلمين والأقباط وكان من أثرها حتى عقد الأخيرون مؤتمر أسيوط يتهمون فيه حكومات ذلك العصر بأنها تُنْئِي الأقباط عن مناصب الحكم ولا تعطيهم حظهم الكامل منها، وكانت هذه الحركة خطيرة النتائج، كان محمود سليمان باشا من الذين تقدموا للقضاء عليها ولإعادة الألفة بين العنصرين؛ ولذلك تألف المؤتمر المصري بهليوبوليس واختار رياضباشا رئيسًا له ومحمود سليمان باشا وكيلًا له، وفند مزاعم الأقباط يومئذٍ وأظهر الناس على حتى لهم من مناصب الحكم أكثر من نسبتهم العددية بكثير، ونادىهم إلى حتىقد يكونوا في وحدة الأمة صفٍّا.

واتىت الحرب الكبرى وكان محمود باشا قد جاوز الثمانين وحق له حتى يستريح من عناء العمل وأن يخلصكل نفسه لله في انتظار لقائه إياه، والحق حتى صفحات الجهاد التي كانت له في ماضيه وما قام به كأب من حسن العناية وجميل البر بأبنائه كان كافيًا وفوق الكفاية ليخط لهذا الرجل صحيفة مجد باقية، وصحت عزيمته على الاعتزال والانقطاع لله حتى لقد خرج من ماله لأبنائه في سنة ١٩١٦ واعتزم عيش الزهادة والنسك وتمام الانقطاع لله، وما أجمل هذه الشيخوخة الطاهرة المنزهة عن شوائب الهوى، والتي قامت فيما تجاوز لها من سني الحياة بما يطلب إلى الرجل من جد وبر وتقوى، تقضي في حساب النفس والقربى إلى لله وراتى مغفرته وثوابه، ما أجمل الشيخ يصل إلى قمة الحكمة بعد حتى يطوف من الحياة بشهواتها وأهوائها ومطامعها ومالها ومجدها فتدعوه الحكمة إلى حتى ينظر إلى الأهواء والمطامع والشهوات جميعًا نظرة إصغار حتى كانت لا بقاء لها ولا متاع للنفس بها، وإنما المتاع بإمعان النظر في الكون واستكناه ما فيه من خير وحق وجمال. على حتى الأقدار كانت قد احتفظت لمصر بصفحة أخرى من صفحات المجد يخطها محمود سليمان باشا، ليكُنْ لشيخوخته عليه حق، ولتكن خير خاتمة المرء أيامًا تُقضَى في العبادة والتقوى، وليكن محمود سليمان قد خرج من دنياه تاركًا إياها إلى أولاده وانبتر لنفسه ولربه، ليكن ذلك كله فإن للوطن مع ذلك عليه حقٍّا، وهولم ينسَ يومًا حق الوطن عليه؛ لذلك ما كادت الحرب العامة تضع أوزارها، ثم ما كادت الحركة الوطنية المصرية تبدأ، حتى إذا هذا الشيخ خرج مرة أخرى من عزلته واتى ينضم إلى صفوف المجاهدين لإعلاء شأن الوطن وحمل مناره وتقديس حدثته، ولئن كان قد نيَّف على الثمانين فلن تزيده سِنُّهُ ولن يزيده مجده ومقامه وعظمته إلا حرصًا على الوقوف في الصف الأول من صفوف المجاهدين، وأنقد يكون في مقدمة من يتعرض لما يصاب به من يتعرض للدفاع عن عظمة هذا الوطن واستقلاله، وكان منظرًا يبهر النفس ما فيه من مهابة وإجلال، فقد جلس محمود باشا في رياسة لجنة الوفد المركزية يوم كانت البلاد تضطرب أحشاؤها من أقصاها إلى أقصاها ويوم كانت الأحكام العهدية بالغة قسوتها أعظم مبلغ، جلس في رئاسة لجنة الوفد المركزية وجعل من داره كعبة قصاد خدمة الوطن وأقسم لا يتزحزح إلا حتى تزحزحه القوة، وأرادت القوة يومًا حتى تبتلي ثباته وعزمه فأصدرت له الأمر حتى يبرح القاهرة، فإذا به لا يبرحها حتى مضىوا إلى مضىيته وأبعدوها عن ميدان العمل السياسي على كره منه، ولقد كان في ذلك — كما كان في غيره — سباقًا إلى مثل التضحية والمكانة العلية، وكان في هذا مثلًا عاليًا من النزاهة والتضحية لخير الوطن. ولما آن للبلاد حتى ينقسم بعضها على بعضوأن تقوم بين أهلها الفتنة، اعتزل الميدان نهائيٍّا وإن لم ينسَ قديم صلاته بأصدقائه سواء منهم من كان في فريقه السياسي أومن كان في فريق مخاصم له، وعلى اشتداد الخصومة في وقت من الأوقات بين الأحرار الدستوريين وسعد زغلول باشا فإن محمود باشا سليمان كان أسبق من أوفد إلى سعد باشا على أثر عودته من جبل طارق يهنئه بسلامة مقدمه، وكذلك كان في هذه كما كان في غيرها عظيمًا ساميًا فوق شهوات الساعة، كبيرًا عن حتى يتأثر بالأهواء الطارئة. ومن يوم اختلفت الأحزاب في مصرعكف هوعلى ما كان قد اعتزم منذ سنوات من الانقطاع لله ولعبادته، وظل كذلك حتى ارتضاه لله إلى جواره يوم الثلاثاء 22 يناير سنة 1929، ارتضاه إلى جواره فخلف هذه الدنيا في أناة وتؤدة وحكمة كما عاش فيها في أناة وتؤدة وحكمة.

كان العاشر في أول قائمة مرتبة للأغنياء المصريين فقد ظهرت بعد تأسيس بنك مصر عام 1920.

أسس مدرسة محمود باشا سليمان النسيجية بنات، بأبوتيج‎، سنة 1904، كأقدم مدرسة صناعية في صعيد مصر. تخدم 3200 طالبة.

أول قائمة مرتبة للأغنياء المصريين في 1920

ظهرت بعد تأسيس بنك مصر عام 1920. وكان ترتيبها كالتالي: الأمير عمر طوسون، الأمير أحمد سيف الدين، الأمير يوسف كمال، الشواربي باشا، البدراوي باشا، علي شعراوي باشا، علي فهمي المهندس، ميشال سرسق، حبيب باشا سكاكيني، ميرزا، محمود سليمان باشا، محمود خليل باشا.

انظر أيضاً

• العائلة السليمية

الهامش