أحمد الشريف السنوسي

عودة للموسوعة

أحمد الشريف السنوسي

أحمد الشريف السنوسي


الاسم أحمد الشريف السنوسي
المهنة زعيم وطني ليبي، ومناضل ومجاهد ضد الغزوالإيطالي لليبيا
مكان وتاريخ الميلاد واحة الجغبوب، ليبيا 1873
تاريخ الوفاة 10 مارس 1933.

أحمد الشريف السنوسي مجاهد وزعيم وطني ليبي من الأسرة السنوسية. قاد الجهاد في شرق ليبيا ضد الغزوالايطالي للبلاد في بدايات القرن العشرين.


مقدمة

من ألقابه "الشيخ العالم والداعية والمجاهد السيد" أحمد الشريف السنوسي ابن العلامة السيد محمد الشريف بن محمد بن علي السنوسي وعمه العالم محمد المهدي السنوسي وجده الإمام محمد بن علي السنوسي، يصل نسبه إلى علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي. ولد في عام 1873م، بعد عام تقريباً من وفاة جده السيد محمد بن علي السنوسي في واحة الجغبوب. وهوأحد كبار المجاهدين الليبيين، جاهد وشارك وقاد معارك الجهاد في سبيل الله والنضال ضد الغزاة الفرنسيين والإنجليز والإيطاليين في تشاد والسودان ومصر وليبيا وساهم في نشر الدعوة الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي في أراتى من أفريقيا، وهوصاحب كتاب (السراج الوهاج في رحلة السيد المهدي من الجغبوب إلى التاج) الذي دوّن فيه الرحلات الدعوية التي رافق فيها عمه السيد محمد المهدي السنوسي.

نطق عنه محمد أسد في كتابه "الطريق إلى الإسلام": "ما من رجل ضحى بنفسه تضحية كاملة مجردة، عن جميع غاية في سبيل مثل أعلى، كما عمل هو. لقد وقف حياته كلها، عالما ومحاربا، على بعث المجتمع الإسلامي بعثا روحيا، وعلى نضاله في سبيل الاستقلال السياسي".

ونطق عنه شكيب أوفدان في "حاضر العالم الإسلامي": "اتحاد الحدثة على نزاهة هذا الرجل، وتجرده عن المآرب الشخصية، وعزوفه عن حظوظ الدنيا، وانصراف همه كله إلى الذب عن بيضة الإسلام بدون غرض سوى سقماة الله ورسوله، وحفظ استقلال المسلمين".


زعامة الحركة السنوسية

تزعّم السيد أحمد الشريف الحركة السنوسية في عام 1902م، خلفاً لعمه السيد محمد المهدي والد الملك إدريس السنوسي الذي كان قد بلغ الثالثة عشرة من عمره آنذاك، ويبدوحتى صفات السيد أحمد الشريف الشخصية وشجاعته التي برزت خلال قيادته لمعارك الجهاد ضد الفرنسيين في مناطق "قرو" و"ودان" السودانية قد أهلته لتولي الزعامة.

استمر السيد/ أحمد الشريف في إمارة الحركة السنوسيّة من 1902 م إلى 1916 م، حيث تنازل عنها في ذلك العام لابن عمّه محَمّد إدريس بن محَمّد المهدي السنوسي وقبل حوالي عامين من مغادرته لليبيا مرغماً على ظهر غواصة ألمانيّة بعثتها له هجريا في أغسطس 1918 م لتنقله من البريقة بليبيا ليصل لاحقا إلى النمسا ثمّ إلى الآستانة بهجريا.

جهاده ضد الغزوالايطالي

ومع بداية الغزوالإيطالي للشواطئ الليبية عام 1911م، كان السيد أحمد الشريف قد أعاد تنظيم الحركة السنوسية من خلال الزوايا التي انتشرت في بلدان كثيرة، كما سعى جاهداً لمد جسور التعاون والتناصح مع الحركات الإسلامية الأخرى وتدعيم وشائج الأخوة الإسلامية بينها، كما ارتبط أشد الارتباط بالخلافة الإسلامية التي كانت تمثلها الدولة العثمانية في هجريا، وما حتى وطأ البلاد جنود المستعمر الإيطالي حتى كان أحمد الشريف قد حوّل زوايا الحركة السنوسية إلى معسكرات لإعداد قوة عسكرية من الأهالي والأتباع بقيادة جماعات من الضباط الأتراك واتخذ التدابير اللازمة لتزويد تلك القوات بالأسلحة والعتاد بشتى الطرق.

وعندما تناهى لأسماع أحمد الشريف اعتزام هجريا إبرام الصلح مع إيطاليا، شكل وفداً من زعماء السنوسية وأهالي البلاد وبعثه إلى مدينة درنة للقاءة "أنور بك" الوالي العثماني، وسلّمه رسالة خطية اتى فيها :

"نحن والصلح على طرفي نقيض، ولا نقبل صلحاً بوجه من الوجوه، إذا كان ثمن هذا الصلح تسليم البلاد إلى العدو".

ونتيجة ذلك، وصل مبعوث الوالي العثماني السيد عزيز المصري بصفته ممثلاً للدولة العثمانية في ليبيا ومديراً للعمليات العسكرية فيها، وصل الجغبوب "مركز قيادة السنوسية" وأبلغ السيد أحمد الشريف "أن الخليفة قد منح البلاد الإستقلال وحق الدفاع عن نفسها وتقرير مصيرها"، ولكن مع تذبذب الموقف الهجري من مسألة الصلح مع إيطاليا، وتوقيع الدولة العثمانية معاهدة الصلح مع إيطاليا التي تنازلت بموجبها لإيطاليا عن ليبيا، عاد أنور باشا لطرح فكرة القبول بالصلح على السيد أحمد الشريف فكان رده أكثر حزما، قائلا "والله لا نسلمهم من أرضنا طراحة حصان".

وبعد توقيع الدولة العثمانية "معاهدة لوزان" مع إيطاليا والتي سلمت فيها هجريا ليبيا إلى إيطاليا، بادر أحمدالشريف باعلان الحكومة السنوسية لسد الفراغ المترتب على انسحاب القوات الهجرية من البلاد، وكان شعار تلك الحكومة "الجنة تحت ظلال السيوف". ثم أعرب الجهاد في منشور عممه على مشائخ الزوايا السنوسية والقبائل والأهالي وطلب من جميع فرد من سن 14 إلى سن 65، حتى يمضى إلى الميدان مزودا بمؤونته وسلاحه.

ومع توالي الهزائم الهجرية في البلقان، أصدرت القيادة الهجرية أوامرها بضرورة الانسحاب النهائي من الأراضي الليبية، ومع الانسحاب الكامل للقوات الهجرية من البلاد، قرر أحمد الشريف الانتنطق بقواته التي بلغت حينئذ السبعة آلاف مقاتل، إلى منطقة امساعد على الحدود الشرقية مع مصر، مما فرض ظروفا وأوضاعا جديدة على المنطقة وخاصة بعدما تبين ان السيد أحمد الشريف قد نجح في تحويل القوات السنوسية إلى جيش نظامي مدرب، ومستعد لخوض غمار حرب فدائية طويلة المدى ضد الطليان.

عند اشتداد معارك الجهاد وبسط إيطاليا وجودها على أجزاء من ليبيا كلف المجاهد الداعية السيد أحمد الشريف اخيه المجاهد الكبير صفي الدين السنوسي بقيادة منطقة غرب برقة والتنسيق مع قيادات طرابلس وفزان في محاربة العدوالإيطالي، وعملاً هجر السيد صفي الدين إجدابيا وتحرك مع كثير من المجاهدين إلى جهة سرت واتصل هناك بالكثير من قادة الجهاد الليبي امثال المجاهد الكبير رمضان السويحلي واحمد بك سيف النصر وغيرهم.

الحرب العالمية الاولى

بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى ، تعزز موقف السيد أحمد الشريف وقواته، حيث جعلت الاطراف المتحاربة تسارع لكسب ود السيد أحمد الشريف وقواته، هجريا وألمانيا من جهة، وبريطانيا ومصر من جهة أخرى، فالاولى رغبت ان يقوم السيد أحمد الشريف بتخفيف الضغط على إيطاليا بمهادنتها، وبفتح جبهة جديدة ضد الإنجليز في السلوم، والأخرى رغبت في مساعدة السيد أحمد الشريف للقضاء على الطليان، العدوالرئيسي للسيد أحمد الشريف آنذاك.

وبسبب الضغوط الشديدة التي مارستها الدولة العثمانية عليه، بالاضافة إلى الفوزات الألمانية ـ العثمانية على قوات الحلفاء في أوروبا، وظهور الثورات الشعبية ضد الإنجليز في الهند وأفغانستان والسودان، اختار أحمد الشريف ان يقوم بالاغارة على قوات الإنجليز في أوائل نوفمبر 1915م داخل الحدود المصرية وهزمهم في السلوم ولاحقهم حتى منطقة سيدي براني حيث اندمج بقواته مع القوات الوطنية المصرية بقيادة محمد صالح حرب، ولكن القوات البريطانية تمكنت من صد الهجوم في معركة العواقير 1916م التي اسر فيها جعفر العسكري، وهرب فيها نوري باشا وعبدالرحمن عزام ، وواصل السيد أحمد الشريف القتال من المحور الجنوبي واحتل عددا من الواحات، وسارع للاتصال بالسيد علي دينار، سلطان دارفور بالسودان، ومشائخ الصعيد في أسيوط والفيوم محاولا تكوين جبهة عريضة لقتال الإنجليز، وخاض السيد أحمد الشريف بقواته عدة معارك آخرها "معركة بئر تونس" التي اضطر فيها للتراجع والانسحاب، وذلك بسبب عدم استجابة زعماء القبائل في الفيوم والصعيد ودارفور من جهة، وفشل قوات جعفر العسكري واستسلامه من جهة اخرى، فضلا عن التباين الكبير بين القوتين، فبينما كانت قوات السيد أحمد الشريف تقاتل ببنادق عادية وعلى ظهور الخيل في ارض مكشوفة، استخدم الإنجليز المدفعية والطائرات، يضاف إلى ذلك صعوبة التموين بل وانقطاع موارده عن القوات السنوسية.

وهاجمت قوات الحركة السنوسيّة – عشرة آلاف مجاهد – بقيادة أحمد الشريف القوات الإستعماريّة البريطانيّة في الصحراء الغربيّة المصريّة عند السلّوم. واستمر القتال بين السنوسيين والبريطانيين إلى 1917م العام الذي انتصر فيه البريطانيون بقيادة الجنرال بيتون (Peyton) على قوات المجاهدين.

وكانت حملة السلوم، نهاية المطاف في صراع السيد أحمد الشريف ضد الإنجليز في ليبيا، وقد بادروا بتهديده بضرورة هجر الجغبوب فورا، تحت طائلة ضرب وتهديم ضريح قبر جده الأكبر[بحاجة لمصدر] محمد بن علي السنوسي بالطائرات واحتلال المدينة.


مغادرة الوطن

غادر السيد أحمد الشريف البلاد إلى المنفى في أوائل أغسطس 1918م على متن غواصة ألمانية من "مرسى العقيلة" ومعه كبار معاونيه وقادته منهم محمد صالح حرب ونوري باشا وصالح ابوعرقوب البرعصي وعبدالوهاب الدرسي أما باقي الاتباع في ليبيا وعلى رأسهم سيدي عمر المختار فقد انسحبوا إلى الجبل الأخضر،ومنهم من إستنادىه للحاق به مثل الشيخ القاضي محمد عزالدين الباجقني حيث كان محرراً للشيخ أحمد الشريف (( بعض الروايات تقول أنه هاجر معه بنفس الوقت )), وقد كان إبعاد السيد أحمد الشريف فوزا لكافة الاطراف المعادية لنضال الشعب الليبي. وصل السيد أحمد الشريف إلى "ميناء بولاوتريستا" ومنها إلى النمسا ثم بالقطار إلى استانبول حيث استقبل استقبالا حافلا تدعيما لمواقفه وصموده، وقلده السلطان محمد السادس السيف "علامة السلطنة" ومُنحَه وساماً مجيدياً، وأنعم عليه برتبة الوزارة.

نشاطه في المنفى

مباشرة بعد استقراره في المنفى أخذ أحمد الشريف يحرض العثمانيين على اعطاء القضية الليبية الأهمية القصوى، وقد نجح بالعمل في اقناع عزت باشا، رئيس الوزراء آنذاك في أكتوبر 1918م، بأن يسمح له بالسفر خفية إلى طرابلس بعد تزويده بالمعدات والسلاح والاموال، إلا حتى اتفاق هدنة الحرب العالمية الأولى حال دون انجاح المهمة، ومع ذلك فقد انتقل السيد أحمد الشريف ورفاقه من استانبول إلى بروسه، استعدادا للعودة إلى برقة، اذا ما اخفقت جهود السلام.

وحتى بعد حتى اضطر لمغادرة البلاد، استمر في متابعة حركة الجهاد، والعمل على تأمين ما يستطيع من احتياجات المجاهدين، ولعل المهمة التي أوكلها إلى محمد أسد هي إحدى صور هذا الجهد، الذي كان السيد أحمد يبذله من المنفى لتقديم الدعم إلى المجاهدين، ولم تنبتر مراسلاته مع المجاهدين، حتى السنوات الأخيرة من الجهاد بعد استشهاد "شيخ الشهداء" عمر المختار، وعلى احتوائها على توجيهات إلى المجاهدين، خاصة الرسالة المؤرخة في 16 جمادى الآخرة 1350هـ، التي انتدب فيها السيد أحمد، المجاهد الكبير يوسف بورحيل المسماري لتولي القيادة بعد استشهاد عمر المختار.

أدت نتائج الحرب العالمية الاولى إلى الانقسام في هجريا بين الخليفة في الاستانة، وانور بك في القوقاز، ومصطفى كمال اتاتورك في الاناضول، وحاول جميع منهم اجتذاب السيد أحمد الشريف إلى جانبه باعتباره زعيما دينيا موثوقا وذوشعبية كبيرة في هجريا، ولكن أحمد الشريف اتخذ موقف الحياد إزاء الزعماء الثلاث وإن كان يميل إلى أنور باشا في أحاديثه الخاصة، وكان الاخير قد وعده بتسهيل عودته إلى برقة بالسلاح والرجال والاموال إذا ما نجح في حسم الصراع لصالحه وكان ذلك غاية ما يتنماه السيد أحمد الشريف.

المهام والمناصب

بلغت ثقة الأتراك بالسيد أحمد الشريف حدا جعل "مجلس المبعوثان" يصدر قرارا بتعيينه ملكا على العراق في أبريل 1921م، ولكن فيصل بن الحسين، بدعم الإنجليز نجح في الوصول إلى العراق قبله، ويمضى بعض الباحثين إلى حتى مصطفى كمال اتاتورك قد عرض الخلافة على السيد أحمد الشريف ولكنه رفضها متعللا بأن احوال العالم الاسلامي آنذاك لا تشجع على اتخاذ مثل تلك المستوى.[بحاجة لمصدر]

شهدت سنتي 1921، 1922 تحركا سياسيا واسعا للسيد أحمد الشريف محاولا خلق جبهة اسلامية عريضة تضم الخديوي عباس "مصر" وعبد العزيز ال سعود "أمير نجد"، وابن الرشيد "امير حائل"، وأحمد الجابر الصباح "امير الكويت"، والحسن الادريسي "امير عسير"، وحميد الدين "امام اليمن"، هدفها تحرير العالم العربي الاسلامي من الاستعمار الايطالي والانجليزي والفرنسي، كما تدخل في الصراعات الدائرة بين قبائل شمر وعنزة وحقق الصلح بينهما، ثم انتقل إلى سوريا محاولا اثارة الشعور الديني، محرضا اهلها على العمل لطرد الفرنسيين بمساعدة الاتراك غير ان الفرنسيين كشفوا تحركاته وطردوه إلى هجريا عام 1924م.

وعلى اثر الانقلاب الذي قاده مصطفى كمال اتاتورك وإلغاء الخلافة العثمانية عام 1924 م، استوعب السيد أحمد الشريف حتى لامكان له في دولة اتاتورك الفهمانية، فانتقل إلى الحجاز بعد ان سدت في وجهه ابواب البلاد العربية الاخرى.

اقامته في الحجاز

كانت الفترة من 1924 إلى 1933م تمثل جانبا مهما في حياة السيد أحمد الشريف السنوسي في المنفى حيث اقام في الحجاز مستفيدا من العلاقة الخاصة التي كانت تربطه بعبد العزيز بن سعود، وبدا محركا وقائدا للمقاومة والجهاد في الداخل والتي كان يقودها في المنطقة الشرقية للبلاد عمر المختار ويعاونه قجة بن عبدالله السوداني، والفضيل بوعمر، ويوسف بورحيل، وحسين الجويفي، وعبدالله بوسلوم، وعبدالحميد العبار، وقد تظل من العائلة السنوسية بعد رحيل السيد ادريس السنوسي عام 1923 م إلى مصر جميع من محمد الصديق والسيد محمد الرضا والحسن الرضا.

ومن الروايات التي نقلها شكيب ارسلان في كتابه "حاضر العالم الاسلامي" عن عبدالعزيز جاويش المقرب من أحمد الشريف ان ضابطا إيطاليا برتبة عقيد طلب لقاءة السيد أحمد الشريف عندما كان في مرسى هجريا سنة 1924، وهويستعد للرحيل إلى الحجاز، ولكن السيد أحمد رفض الحديث معه بشكل قاطع عندما فهم انه يعرض عليه فكرة عقد صلح بينه وبين الحكومة الايطالية وكان جوابه "إننا لا نكره الصلح، ولكن على شرط الاستقلال الحقيقي لوطننا" وعندما فهم انه لم يكن مفوضا من قبل حكومته انهى اللقاءة معه على الفور، وحتى بعد ان تمكن العقيد الايطالي من الحصول على التفويض من حكومته رسميا حاول التفاوض مع أحمد الشريف عن طريق معاونه عبد العزيز جاويش إلا ان أحمد الشريف كان حازما في توجيهاته لمعاونه التي ختمها بقولته الشهيرة: "إن طرابلس وبرقة ليستا ملكي لأجود بهما على الطليان، بل هما ملك أهلهما".

وفي 21 أكتوبر 1926 م نجح السيد أحمد الشريف في عقد معاهدة بين امام اليمن يحي وامام عسير الحسن بن علي الادريسي وملك الحجاز عبدالعزيز آل سعود، أنهى بموجبها الخلافات والحروب الدائرة في المنطقة، وكان هدفه من ذلك القضاء على تلك الحروب الجانبية التي تستنفد الكثير من جهود المسلمين حتى يلتفتوا جميعا إلى العدو"الإنجليزي والايطالي والفرنسي" الذي كان يحتل جزء كبيرا من العالم الاسلامي.

وظل السيد أحمد الشريف طوال فترة اقامته في الحجاز متفرغا لدعم المجاهدين في الداخل، وكان يتخذ من مواسم الحج والعمرة وسيلة للاتصال بالليبيين ويستقبل الرسل الوافدة إلى مكة من قادة الجهاد، يزودهم بالتوجيهات والتعليمات وكذلك بالامدادات كما جعل من مواسم الحج منبرا اعلاميا يحث المسلمين منه على دعم القضية الليبية ويجمع التبرعات منهم.


الشريف كما رأه شكيب أوفدان

نص كتاب شكيب ارسلان "عندما قدمت إلى الآستانة في أواخر سنة 1923 م ، وهي أول مرة دخلتها بعد الحرب قررت لأجل الاستجمام من عناء الأشغال وترويح النفس بعد طول النضال، حتى أسكن ببلد صغير تتهيأ لي فيه العزلة وتسهل الرياضة، ويكون دانيا من وطني سورية لملاحظة شغلي الخاص، وتعهد أملاكي فيها، فاخترت مرسين، وألقيت مرساة غربتي فيها.

وكان السيد السنوسي بلغه قدومي إلى دار السعادة، فخط لي يرغب إليَ في سرعة المجيء ويرحب بي. فلما جئت إلى مرسين، مضىت توا لزيارته فأبى إلا حتى أنزل عنده، ريثما أكون استأجرت منزلا في البلدة، وقد رأيت في هذا السيد السند بالعيان ما كنت أتخيله عنه بالسماع، وحقَ لي والله حتى أنشد: (من البسيط).

  • كانت محادثة الركبان تخبرنا ← عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر
  • حتى التقينا فلا والله ما سمعت ← أذني بأحسن مما قد رأى بصري

رأيت في الرجل حبرا جليلا، وسيدا غطريفا، وأستاذا كبيرا، من أنبل من سقط نظري عليهم مدة حياتي، جلالة قدر، وسراوة حال ورجاحة عقل، وسجاحة خلق، وكرم مهزة وسرعة فهم، وسداد رأي، وقوة حافظة، مع الوقار الذي لا تغض من جانبه الوداعة، والورع الشديد في غير رياء ولا سمعة.

سمعت أنه لا يرقد في الليل أكثر من ثلاث ساعات، ويقضي سائر ليله في العبادة والتلاوة، والتهجد، ورأيته مرارا تنفج بين يديه السفر الفاخرة اللائقة بالملوك فيأكل الضيوف والحاشية ويجتزئ هوبطعام واحد لا يصيب منه إلا قليلا، إلى غير ذلك هي عادته.

وله مجلس جميع يوم بين صلاتي الظهر والعصر لتناول الشاي الأخضر الذي يؤثره المغاربة. فيأمر بحضور من هناك من الأضياف ورجال المعية، ويتناول جميع منهم ثلاثة أقداح شايٍ ممزوجا بالعنبر. فأما هوفيتحامى استهلك الشاي لعدم ملاءمته لصحته، وقد يتناول قدحا من النعناع.

ومن عادته أنه يوقد في مجالسه غالبا الطيب، وينبسط السيد إلى الحديث، وأكثر أحاديثه في قصص رجال الله وأحوالهم ورقائقهم وسير سلفه السيد محمد بن علي بن السنوسي، والسيد المهدي، وغيرهما من الأولياء والصالحين. وإذا تحدث في العلوم نطق قولا سديدا، سواء في فهم الظاهر والباطن.

وقد لحظت منه صبرا قلَ حتى يوجد في غيره من الرجال، وعزما شديدا تلوح سيماؤه على وجهه، فبينا هوفي تقواه من الأبدال إذا هوفي شجاعته من الأبطال. وقد بلغني أنه كان في حرب طرابلس يشهد كثيرا من الوقائع بنفسه، ويمتطي جواده بضع عشر ساعة على التوال بدون كلال وكثيرا ما كان يغامر بنفسه ولا يقتدي بالأمراء وقوَاد الجيوش الذين يتأخرون عن ميدان الحرب مسافة كافية، حتى لا تصل إليهم يد العدوفيما لوسقطت هزيمة. وفي إحدى المرار أوشك حتى يقع في أيدي الطليان، وشاع أنهم أخذوه أسيرا، وقد سألته عن تلك الواقعة فحكى لي خبرها بتفاصيله، وهوأنه كان ببرقة فبلغ الطليان بواسطة الجواسيس حتى السيد في قلة من المجاهدين، وغير بعيد عن جيش الطليان، فسرحوا إليه قوة عدة آلاف ومعها كهرباة خاصة لركوبه، إذ كان اعتقادهم أنه لا يفلت من أيديهم تلك المرة، فبلغه خبر زحفهم وكان يمكنه حتى يخيم عن اللقاء أوحتى يتحرف بنفسه إلى جهةقد يكون فيها بمنجاة من الخطر، أويهجر الحرب للعرب تصادمهم فلم يعمل، ونطق لي: ((خفت أنني إذا طلبت النجاة بنفسي أصاب المجاهدين الوهل فدارت عليهم الدائرة فثبت للطليان وهم بضعة آلاف بثلث مائة مقاتل لا غير، واستمات العرب وصدموا العدو، فلما رأى وفرة من سقط من القتلى والجرحى ارتدوا على أعقابهم، وخلصنا نحن إلى جهة وافتنا فيها جموع المجاهدين.

والسيد أحمد الشريف سريع الخاطر، سيال القلم، لا يمل الكتابة أصلا، وله عدة خط منها كتاب كبير أطلعني عليه في تاريخ السادة السنوسية، وأخبار الأعيان من مريديهم والمتصلين بهم، ينوي طبعه ونشره فيكون أحسن كتاب لفهم أخبار السنوسيين."

وفاته

توفي أحمد الشريف يوم الجمعة في منتصف ذي القعدة سنة 1351 هـ الموافقعشرة مارس 1933م بالمدينة المنورة، ودفن في مقبرة البقيع.

مراجع

تاريخ النشر: 2020-06-04 14:47:05
التصنيفات: مقالات ذات عبارات بحاجة لمصادر, سياسيون ليبيون, مواليد 1873, وفيات 1933, مجاهدون ليبيون, سنوسيون, تاريخ ليبيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

أمريكا: معدلات التضخم مرتفعة «بشكل غير عادي» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

أمين عسير يتفقد الأعمال التطويرية بقرية البسطة التراثية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:42
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

تقرير: روسيا تستخدم أسلحة هربتها إيران من العراق ضد أوكرانيا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:29
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 86%

2 مليون معتمر خلال الأيام العشر الأولى من رمضان السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:42
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

«التعليم» تحقق في عدم وجود معلم وقت «المشاجرة» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

فيل يقتل باحثا في أحد المتنزهات السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:40
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

خبراء: روسيا تستطيع تحمل حرب طويلة في أوكرانيا رغم العقوبات

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:35
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 93%

طارق صالح: ترتيبات لعودة الرئاسة والحكومة اليمنية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 67%

"لقجع" يضع شرطا أساسيا أمام "وحيد" لاستمراره مدربا للمنتخب المغربي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:23:23
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 70%

زيلينسكي: روسيا ترحل مئات الآلاف إلى «معسكرات تصفية»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:32
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 87%

العثور على جثث 6 أشخاص قتلوا بالرصاص في قبو بكييف

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:35
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 100%

ألمانيا: التضخم لأعلى مستوى منذ 32 عاما - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:40
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

الإمارات تؤكد دعم كافة جهود التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:32
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 89%

السلطات المغربية تلقي القبض على مواطنيين جزائريين متورطين في التزوير

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:23:22
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 71%

الناشط المصري علاء عبد الفتاح يحصل على الجنسية البريطانية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:28
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 100%

نصاب يؤجر خادمة بـ 5 ريالات ليسرق 10.500 ريال - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:38
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

عاصفة رملية تضرب العاصمة العراقية (صور)

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:30
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 91%

أوروبا تضاعف جهودها للتخلي عن الغاز الروسي

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:29
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 87%

مصر لـ«نقلة تنموية» في شمال سيناء بعد «دحر الإرهاب»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:35
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 93%

الدونباس: خطط المعركة الفاصلة وتوقعاتها

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-12 15:22:31
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 97%

تحميل تطبيق المنصة العربية