جون ميلتون

عودة للموسوعة

جون ميلتون

جون ميلتون
John Milton
پورتريه لجون ميلتون في معرض الپورتريه الوطني، لندن، ح. 1629، لفنان غير معروف.
وُلِد 9 ديسمبر 1608 (الأسلوب القديم)
بريد ستريت، چيپسايد، لندن، إنگلترة.
توفي 8 نوفمبر 1674 (عمره 65)
بنهيل، لندن، إنگلترة
مكان الدفن St Giles-without-Cripplegate
الوظيفة شاعر، نثر الجدل، موظف مدني
اللغة الإنگليزية، اللاتينية، الفرنسية، الألمانية، اليونانية، العبرية، الإيطالية، الإسپانية، الأرامية، السريانية.
العرق English
الجامعة الأم كلية المسيح، جامعة كمبردج
أبرز الأعمال الفردوس المفقود

التوقيع

جون مـِلتون (John Milton؛ عاشتسعة ديسمبر 1608 -ثمانية نوفمبر 1674) شاعر وعالم إنگليزي من القرن 17، يعهد أكثر لقصيدة "الفردوس المفقود" Paradise Lost التي خطها في عام 1667. أصيب في فترة لاحقة من حياته بالعمى، وخط حول ذلك قصيدة مكونة من 14 بيتاً شعرياً. إلى جانب جفري تشوسر ووليام شيكسپير، يعتبر جون ملتون من أبرز شعراء الأدب الإنجليزي.

ولد جون ميلتون في مدينة لندن فيتسعة ديسمبر 1608. كان مهتماً بكتابة الموضوعات والقصائد. قصيدته الأكثر شهرة، "الفردوس المفقود"، التي تعتبر من أعظم الأعمال الشعرية في اللغة الإنجليزية. تلقى جون ميلتون تعليمه في كمبردج بين عامي 1625 و1632، وهناك خط قصيدة "في صباح يوم ميلاد المسيح" (بالإنجليزية: On the Morning of Christ's Nativity). كان طيله حياته شخصية نشطة في القضايا السياسية والدينية،

وإبان الحرب الأهلية الإنجليزية أصبح في صف أوليڤر كرومويل المعارض للحكم الملكي. استطاع الفرار من عقوبات حتمية بعد رجوع الحكم الملكي في عام 1660. بعد إصابته بالعمى في عام 1652، كرس نفسه لكتابة قصيدة "الفردوس المفقود" التي تحكي سيرة الشيطان وهبوط آدم وحواء. بعد أربع سنوات نشر سيرة فوز المسيح على غواية الشيطان في "استرداد الفردوس" (Paradise Regained) والدراما "عذاب شمشون" (Samson Agonistes). تشتمل أعماله المعروفة الأخرى على المسرحية القصيرة "كومس" (1637)، و"أريوباجيتيكا" (1644). توفي فيثمانية نوفمبر 1674، في بكنگهام‌شاير.

حياته

النشأة

لافتة زرقاء في بريد ستريت، لندن، حيث وُلد ميلتون.

كان جد ملتون كاثوليكياً حكم عليه في 1601 بدفع غرامة قدرها ستون جنيهاً لتغيبه عن الصلوات الأنجليكانية، وحرم ابنه من الميراث لأنه تخلى عن الكنيسة الرومانية. أما جون ملتون، الذي تبرءوا منه وأنكروه فقد حصل على قدر لا بأس به من المال بوصفه محرراً عمومياً في لندن، صاحب قلم برع في كتابة أونسخ المخطوطات والوثائق والمستندات القانونية. وأولع بالموسيقى، ونظم القصائد الغزلية القصيرة، واحتفظ في داره بكثير من الآلات الموسيقية ومن بينها أرغن، وانتقل هذا الانعطاف نحوالموسيقى إلى الشاعر الذي من الممكن أقر بأن المرء لكي يجيد الكتابة، لابد حتى تتغلغل الموسيقى في نفسه، وأن تكون له أذن موسيقية واعية. أما الأم، سارة جفري، فكانت ابنة خياط تاجر، أنجبت لزوجها ستة أبناء كان صاحبنا جون ثالثهم. أما أخوه الأصغر فأصبح ملكياً يدين بالولاء لأسرة ستيوارت، وواحد من رجال الكنيسة التقليدية. على حين حتى جون أصبح جمهورياً بيوريتانياً من أنصار كرومول. وكان البيت في "برد سترت" مؤسسة بيوريتانية تقية مخلصة، ولكن غير متزمتة، فإن حب الجمال الذي ساد عصر النهضة، امتزج هنا بالنزوع إلى الخير والفضيلة، الذي أتى به الإصلاح الديني.

واقتنى جون الأكبر عقاراً، وأثرى، واستخدم مفهمين (بيوريتانيين) من أجل جون الأصغر، وأوفده في سن الحادية عشر إلى المدرسة إلى مدرسة سانت بول. وهناك تفهم الصبي اللاتينية واليونانية والفرنسية والإيطالية وبعض العبرية، وقرأ شكسبير ولكنه آثر عليه سبنسر. وأنا لنلحظ، عابرين، أنه تأثر كثيراً بالترجمة الإنجليزية لكتاب "الأسبوع" لمؤلفه دي بارتاس (1578)، وهوتعبير عن ملحمة تصف خلق الدنيا في سبعة أيام:

كان بي نهم شديد إلى الفهم والفهم، إلى حد أني، منذ بلغت الثانية عشر كدت لا أهجر الكتاب أبداً، ولا آوي إلى النوم قبل منتصف الليل. وهذا أدى في الأساس إلى فقد بصري. وكانت عيناي (مثل عيني أمه) ضعيفتين بطبيعتهما، وكنت عرضة للإصابة بالصداع كثيراً، ولكن هذا على أية حال لم ينقص من حبي للإطلاع، ولم يعوق تقدمي في التحصيل.

وفي سن السادسة عشرة انتقل إلى كريست كولدج في جامعة كمبردج. وهناك أدى نزاعه مع أحد المدرسين إلى التضارب والتلاكم بالأيدي. وأحس صمويل جونسون "بالخجل حين أروي ما أخشى حتىقد يكون حقيقة، وهي حتى ملتون كان من أواخر من سقطت عليهم العقوبة البدنية من طلبة الجامعتين كلتيهما". وطرد لمدة فصل دراسي واحد ثم جاز له بالعودة، وكان بالعمل ينظم شعراً جيداً. وفي 1629، وهوفي الحادية والعشرين، نظم قصيدة غنائية في الاحتفال "بصبيحة عيد الميلاد". وبعد ذلك بعام واحد، نظم قصيدة من ستة عشر بيتاً، أحياء لذكرى شكسبير ولتنقش على قبره، وقد ووفق بعد ذلك على نشرها في الطبعة الثانية لإعمال شكسبير:

ما حاجة شكسبير العزيز إلى جهد جيل في إقامة أحجار مكومة لعظامها لمكرمة، أولإخفاء رفاته المقدسة تحت هرم يشير إلى النجوم؟

أيها العزيز الذي لا يغيب عن الذاكرة، أيها العظيم سليل الشهرة، ماذا يريد من شاهد هزيل على اسمك الرنان.

وقضى ملتون في جامعة كمبردج ثمان سنوات، وحصل على درجة البكالوريوس في 1628، والماجستير 1632. ثم هجرها دون حتى يحس بالولع المعهود في المتخرجين بحضور يوم الكلية التي تخرجوا منها. وكان أبوه يتسقط حتى ينخرط في سلك الكهنوتية. ولكن الشاب المغرور أبى حتى يقسم يمين الولاء للممضى الأنجليكاني وطقوسه الدينية:

ومذ رأيت كيف من الممكن أن غزا الطغيان الكنيسة-بمعنى حتى الذي يرسم قسيساً يجب حتى يتعهد بأنقد يكون عبداً رقيقاً، وفوق ذلك يقسم اليمين الذي لولم يلتزم إلتزاماً يبعث على الضجر فإنه أما حتى يحنث في يمينه أويرائي في إيمانه-فأني وجدت من الأفضل إيثار الصمت البريء أمام الوظيفة المقدسة، وظيفة الكلام والوعظ، التي تشتري بالعبودية والقسم الكاذب.

وآوى ملتون إلى البيت والده الريفي في هورتون بالقرب من ونزر، ومن الواضح حتى والده تولى الإنفاق عليه هناك، وتابع هودراساته، القديمة بصفة أساسية، إلى حتى ألم حتى بأصغر المؤلفين اللاتينيين شأناً. وخط قصائد باللغة اللاتينية، أثنى عليها كاردينال كاثوليكي. وسرعان ما جعل دفاعه باللاتينية عن سياسة كرومول يرن صداه في أنحاء أوربا. وحتى حين خط نثراً بالإنجليزية، فأنه خط باللاتينية حيث كان يخضع الإنجليزية لتقديم وتأخير وتعقيدات والتواءات كلاسيكية، ولكنه كان يخط في لغة غريبة ساحرة رنانة.

ويحتمل أنه في هورتون وسط الحقول المورقة والخضرة في الريف الإنجليزي، خط البتر المزدوجة، التي خلدت ذكرى الابتهاج الخالي من الهم، ونوبات الكآبة في شبابه العابر، سواء بسواء. إذا جميع سطر من "Allegro" يطالب بأن يتغنى به الناس. و"لالجرو" هي "الابنة الجميلة، الممتلئة الجسم، المرحة اللطيفة، والمولودة من "زفير" الريح الغربية العليلة وهي تداعب أورورا الفجر" حتى جميع شيء في مشهد الريف يدخل الآن البهجة على قلب الشاعر: القنبرة تشق سكون الليل، الديك يختال في مشيته أمام دجاجاته، الكلاب تقفز عند سماعها بوق الصياد، شروق الشمس "في أشعة وضاءة في لون الكهرمان" (أصفر ضارب للحمرة). بائعة اللبن التي تغني والبتران التي تلوك غذاؤها، ورقص الشبان والشابات على الحشائش، والأمسيات بجوار المدفأة أوفي المسرح:

إذا مثل بن جونسون إحدى تمثيلياته الراقية أوصدح شكسبير الشاعر العذب القوي الخيال بألحان الغابة الشعبية الفطرية الموسيقى.

وتفك الأغلال التي تقيد روح التأليف والانسجام الخفية، إنك إذا استطعت أيها المرح حتى توفر لي هذه المباهج كلها، فإني أود حتى أحيا معك.

وحتى الآن لم يكن ثمة بيوريتاني متجهم عبوس مكتئب، بل شاب إنجليزي مفعم بالصحة يجري في عروقه بعض دم شعراء عصر إليزابث.

ولكن طرأ بين الحين والحين مزاج آخر، حتى بدت هذه المسرات تافهة للعقل المفكر، حين يتذكر المأساة (التراجيديا)، ويفتش عن مغزى، ولا يجد في الفلسفة إجابات، بل تساؤلات للم يحس بها من قبل. عندئذ يأتي "Penseroso" المفكر:

يسير دون حتى يراه أحد:

حيث يرى القمر المتجول، راكباً قرب الظهيرة، وكأنه رجل ضل الطريق، عبر السموات المترامية الأراتى الخالية من المسالك.

أويجلس وحيداً إلى جانب المدفأة:

حيث الجمرات المتوهجة في الغرفة تفهم الضوء كيف من الممكن أن يكتسي بالظلمة بعيداً عن أي مصدر للابتهاج والفرح، اللهم إلا صرار الليل على الموقد.

أوأنه قابع "في برج عال منعزل"، تغلبت عليه النجوم، يقلب صفحات أفلاطون، ويتساءل أين المساء.

أية عوالم وأية أقطار شاسعة تتسع لهذا العقل الخالد الذي تخلى عن قصره في زواية من جسده.

أوهويتذكر مآسي العشاق والميتات الحزينة للملوك. وخير من هذه الفلسفة الصارمة هناك "صحن الدير الذي يعج بالجهد والجد في العمل والدرس" في الكاتدرائية الكبرى، ونوافذها التي تروي مشاهد التاريخ وضوئها المظلل.

فليعهد الأرغن المجلجل، للمرتلين ذوي الأصوات الممتلئة أدناه، في أصوات عالية وترنيمات صافية، فلربما غمرتني عذوبة الأنغام في أذني بنشوة، وأبرزت جميع السموات أمام ناظري".

تلك هي المتعة والمسرات التي يجدها "الرجل المفكر"، وإذا بدت مرتبطة بالمكآبة، فإن الشاعر سيقضي حياته مع الكآبة. ففي هاتين القصيديتين البهيجتين، يكشف ملتون عن ذاته وهوفي الرابعة والعشرين، شاباً تتحرك مشاعره لكل ما في الحياة من جمال، ولا يجد حرجاً في المسرات والملذات، كما عثر التفكير المحير في الحياة والموت طريقه إلى نفسه فتأثر به، كما أحس بالصراع بين الدين والفلسفة يحتدم بين جوانبه.


الدراسة، الشعر والسفر

وحانت أول فرصة ليبرز فيها الشاعر ويذيع صيته في 1634 حين كلف بكتابه مسرحية ريفية يمثلها ممثلون مقنعون في الاحتفالات بتولية إرل يرد جووتر رئيساً "لمجلس الغرب". ولحن هنري لاوس الموسيقي التصويرية. أما شعر ملتون فكان مجهولاً أسم مؤلفه تواضعاً. وكان موضع ثناء وإطراء، إلى حد أنه حمل على الاعتراف بأنه مؤلفه. وأطراه سير هنري وتون قائلاً: في أغانيك وقصائدك رفة دورية (نسبة إلى الدوريين الذين غزواً بلاد الإغريق في القرن 12 ق.م.) لم أر لها مثيلاً في لغتنا حتى اليوم.

وكان عنوان البترة في الأصل "مسرحية في قصر لدلو" (في شروبشاير) أما اليوم فهي تسمى "كومس Comus" (المسرحية) وقد مثلها اثنان من صغار النبلاء مع شقيقتهما، وكانت فتاة في ربيعها السابع عشر، من وصيفات الملكة هنريتا ماريا. وعلى الرغم من حتى معظم المسرحيات كان شعراً مرسلاً غير مقفى، محشواً بالأساطير، فقد كانت زاخرة بالغناء العاطفي المرح والأناقة الرائعة الشجية: وتميزت ببراعة لم تتكرر في شعر ملتون فيما بعد وكانت الفكرة الرئيسية فكرة تقليدية: عذراء فاتنة، تتجول في الغابات على غير هدى، وهي تشدو: "بأغنيات من الممكن خلقت نفساً من تحت براثن الموت".

ويدنومنها الساحر "كومس" ويقرأ عليها تعويذة حتى تتخلى عن عفتها، ويتوسل إليها حتى تلهومعه، وقد تألقت نضارة وشباباً، فتدافع الفتاة، في فصاحة بالغة عن الفضيلة وضبط النفس و"الفلسفة السماوية"، وجرت جميع الأبيات على خير وجه. فيما عدا بترة من الممكن كانت مشئومة، إشارات إلى "الجمهورية"، كان من المحتمل حتى يؤدي بهذا الجمع الحاشد المسرف النفور والاستياء:

إذا كان لكل رجل منصف، يصيبه الآن الهزل والنحول تحت وطأة العوز قدر متواضع يليق به، من هذا الترف الفاخر الذي تنعم به الآن فئه قليلة في إسراف بالغ، لتوزعت جميع خيرات الطبيعية توزيعاً عادلاً في أنصبة متساوية غير زائدة عن الحاجة، ولما اختزنت الطبيعة مثنطق ذرة هذه الخيرات.

وفي 1637 اعتل مزاج الشاعر وتكدر صفوحياته بغرق صديقه الشاب ورفيقه الشاعر إدوارد كنگ. وأسهم ملتون في كتاب تذكاري عن كنج، بقصيدة رثاء " منظومة في شكل رعوي مصطنع محشوة بالآلهة الموتى، ولكنها غنية بالأبيات التي لا تزال تحلق فيها الذكرى الحبيبة.

وا أسفاه ماذا يحملنا على حتى نرهق أنفسنا بهذا الهم المقيم، في النهوض بصنعة الراعي (نظم الشعر) البسيطة المحتقرة، وللتأمل بكل ما أوتينا من قوة في ربة الشعر الجحود؟. أما كان من الخير، كما يعمل الآخرون، حتى يلهوويلعب مع الراعية أما ريللس في الظل، أويعبث بخصلات شعر "نيرا". حتى الشهرة هي الحافز الذي يثير الروح الصافية وهي آخر الوهن في (العقل الرفيع)، ليزدري بالمباهج، ويكد ويشقى طوال أيامه. ولكن حين نأمل في الحصول على الجزاء الوفاق. وتفكر في الانطلاق إلى الوهج الخاطف تأتي "الروح العمياء" (ملك الموت) بآلهتها البغيضة، لنقضي على الحياة الواهنة الخيوط.

الحرب الأهلية، النثر

يبدوحتى جون ملتون الأكبر (الوالد) أحس بأن ست سنوات من الانصراف إلى العمل في رواية وأناة في هورتون كانت جزاء وفاقاً للموهبة التي ابتدعت مثل هذه البتر الغنائية. وليكمل حسن صنيعه أوفد ابنه ليتجول في أنحاء القارة مع دفع جميع النفقات. وغادر ملتون إنجلترا في إبريل 1632 يرافقه خادم. وقضى بضعة أيام في باريس (وكانت آنذاك تحت قبضة ريشليوالعسكرية)، وأسرع إلى إيطاليا، حيث أقام شهرين في فلورنسة، زار خلالها گاليليوالكفيف نصف السجين، والتقى برجال الأدب، وجلس إلى الجامعيين، وتبادل معهم التحية في شعر باللاتينية، ونظم بالإيطالية قصائد السونيت، وكأنه نشأ وترعرع على ضفاف نهر أرنوأونهر بو. وفي ناپولي استقبله ورحب به وكرمه نفس المركيز مانسوالذي صادق وناصر تاسووماريني من قبل وقضى في روما أربعة أشهر التقى فيها ببعض الكاردينالات المثقفين وأحبهم، ولكنه أعرب بصراحة ممضىه البروتستانتي. ثم عاد إلى فلورنسة، ثم قصد إلى البندقية عبر بولونيا وفيرارا، ثم مضى إلى فينيس عبوراً بمدينة فيرونا وميلان ثم قفل راجعاً إلى لندن مروراً بجنيف وليون وباريس (أغسطس 1639).

وفي كتاباته الأخيرة دون بترتين مشهورتين عن رحلته في إيطاليا.

وخط رداً على تعريض أحد الخصوم به: "أشهد الله أنه في جميع تلك الأماكن التي لا تلقى فيها الرذيلة إلا أيسر الاستنكار والتثبيط، وترتكب في أقل خجل وأيسره، لم أحد أنا قط عن جادة الفضيلة والنزاهة". وبتذكر كيف من الممكن أن امتدح النقاد الإيطاليون شعره:

إلى غير ذلك بدأت أوافق جميع الموافقة على ما ذكره هؤلاء النقاد الإيطاليون أويقول نفر من أصدقائي هنا في بلدي، كما انصت بنفس القوة إلى اسحثاث داخلي ينموبين جوانجي جميع يوم، من أنه بالعمل الجاد والانكباب على الدرس (وهذا ما اعتبره قدري في هذه الحياة) بالإضافة إلى الميل الطبيعي، بهذا كله يمكن حتى أخلف شيئاً مكتوباً للأجيال القادمة، وقد لا يرتضون حتى يفنى (بل يبقى ويخلد على الزمن).

وبدأ ملتون الآن يخطط لملحمة تخلد ذكر وطنه وعقيدته، وتخلد اسمه على مر القرون. وكان لزاماً حتى تمضي عشرون سنة قبل حتى يتمكن من البدء فيها، وتسع وعشرون سنة قبل حتى يتمكن من نشرها. وفيما بين فترتي نظمه الشعر: الفترة الأولى (1630-1640) والثانية (1658-1668)، لعب دوراً في الثورة الكبرى، وسخر قلمه للحرب والنشر.

المُصلح

في 1639 استأجر ملتون مسكناً لرجل أعزب في "سانت بريد تشيرشيارد" في لندن، حيث تولى التدريس لأبناء أخته. وبعد سنة واحدة انتقل معهم إلى أولدرزجيت ستريت"، وهناك (1643) أستقبل عددا آخر من التلاميذ بين سن العشرة إلى سن السادسة عشرة آواهم وفهمهم،وحصل من ذلك على ولج متواضع يكمل به المبلغ الذي خصصه له والده. وفي كتاب إلى "مستر هارتلب (1644) صاغ ملتون آراءه في التعليم. فأتى لهذه اللفظة بتعريف قوي رائع:

"أقول حتى التعليم التام الواسع هوالذي يعد الإنسان لينهض، بحق ومهارة ورحابة صدر، بكل مهامه الخاصة والعامة، في السلم والحرب، سواء بسواء." وأول واجب على المفهم هوحتى يغرس الخلق القويم في نفس التلميذ، "ويصلح ما أفسده آباؤنا الأولون"-أي حتى يقهر نزعة الشر الطبيعية في الإنسان (الخطيئة الأولى)-أو(كما يجدر بنا حتى نذكر الآن) حتى يعيد تكييف الخلق القومي الذي تجاوز تشكيله وفقاً لحاجات فترة الصيد، نقول تكييفه تبعاً لمتطلبات حياة المدينة الحالية".

وأحس ملتون حتى هذا يمكن تحقيقه على خير وجه بأن نغرس في الذهن الناشئ إيماناً قوياً باله واحد بصير، وأن نعوده على ضبط النفس وفقاً لنظام واقي (التحرر من الانفعال، عدم التأثير بالفرح أوالترح، الخضوع دون تذمر لحكم الضرورة) وضرب لتلاميذه مثلاً يحتذونه: "الدراسة الشاقة والطعام اليسير". فقلما أجاز لنفسه يوماً "اللهووالمتعة وبعد الدين والأخلاق، يجب حتى تأتي الدراسات اللاتينية والإغريقية القديمة، والتي لم يستخدمها ملتون مجرد نماذج للأدب، بل وسائل لدراسة العلوم الطبيعية والجغرافيا والتاريخ والقانون والأخلاق والفسيولوجيا والطب والزراعة وهندسة العمارة، والخطابة والشعر والفلسفة واللاهوت. وإذا كان هذا التوفيق الفريد بين الفهم والإنسانيات قد أفترض حتى النزر اليسير قد أضيف إلى الفهم منذ سقوط روما، فيجب حتى نلاحظ حتى هذا حقيقي عملاً، اللهم إلا بالنسبة لـگاليليو، بل حتى كوپرنيكس نفسه كان له سلفه الإغريقي في إنسان أرستارخوس.

وفوق ذلك، اقترح ملتون تعريف تلاميذه كذلك ببعض النصوص الحديثة في العلوم والتاريخ، بل حتى ببعض النماذج الحية في الفنون العملية، وكان يأمل في حتى يستقدم إلى حجرات الدراسة صيادين وبحارين وبساتين ومشتغلين بالتشريح وصيدليين ومهندسين ومعماريين، لينتقلوا إلى التلاميذ أحدث ألوان الفهم في هذه المجالات وخصص وقتاً كافياً للموسيقى والتمثيل، وساعة ونصف الساعة يومياً للرياضة البدنية والتدريب العسكري. ويمكن حتى يطوف طلابه أراتى البلاد في جماعات على صهوات الجياد، يرافقهم أدلاء معروفون بالرزانة والحصافة، لتفهموا ويلاحظوا، "أو" يلتحقون بالبحرية بعض الوقت ليتفهموا الملاحة ومصارعة البحر، وأخيراً وبعد بلوغهم سن الثالثة والعشرين، يمكنهم حتى يسيحوا خارج إنجلترا. وهذا برنامج شاق، ليس لدينا مرشد على تطبيقه تطبيقاً كاملاً في مدرسة ملتون، وربما كان في حيز الإمكان تطبيقه أوحتى التلاميذ اقتبسوا من مفهمهم شيئاً من غيرته وجده.

وراوده أحياناً حلم إنشاء أكاديمية تنافس أكاديمية أفلاطون وأرسطو. ولكنه افتتن بأحداث العصر البارزة والشغل بها. من ذلك حتى التئام البرلمان الطويل (1640) كان نقطة تحول في حياته، بل يكادقد يكون تحولاً عنيفاً غير طبيعي عن الشعر والتعليم إلى السياسة والإصلاح. وفي 11 ديسمبر قدم حزب "الجذر والفرع" البيوريتاني الذي انتسب إليه بعض أصدقائه قدم إلى البرلمان عريضة صارخة ممهورة بخمسة عشر ألف توقيع (يحتمل حتىقد يكون من بينهم ملتون) يلتمسون فيها إقصاء الأساقفة عن الكنيسة الإنجليزية. ورد جوسف هول أسقف أكستر على العريضة "باحتجاج متواضع إلى المحكمة العليا في البرلمان" (يناير 1641)، دافع فيه عن النظام الأسقفي بأنه مأخوذ عن "عصر الرسل الأبرار بلا انقطاع...حتى العصر الحاضر" فاستل خمسة من الكهنة المشيخيين أقلامهم في "الرد على الاحتجاج المتواضع" (مارس 1641) سقطوه باسم مستعار مكون من الأحرف الأولى من أسمائهم . ورد الأسقف هول وبعض الأسقفيين الآخرين، وأقر مجلس العموم الاقتراح، ورفضه اللوردات. واشتد الجدل على المنبر وفي الصحب وفي البرلمان، وانضم ملتون إلى المعمعة بكتيب من تسعين صحيفة "إصلاح يمس نظام الكنيسة في إنجلترا (بونيه 1641).

وفي عبارات قوية لاهثة، استوعب بعضها نصف صفحة، عزا ملتون تدهور الكنيسة الرسمية إلى سببين: الإبقاء على الطقوس الكاثوليكية، واحتكار الأساقفة لسلطة تعيين القساوسة. وهزأ ملتون "بهذه الطقوس الفارغة التي لا معنى لها، والتي تحتفظ بها الكنيسة لمجرد أنها علامة خطيرة للانزلاق نحوروما، والتي لا تستخدم إلا كمجرد مسرحية تعرض أبهة الأساقفة". إذا الأساقفة-كانوا يتسللون خلسة إلى الكاثوليكية في طقوسهم-وتلك طعنة صريحة لرئيس الأساقفة لود الذي كان قد قدمت له قبعة الكاردينالية. وأنكر ملتون ما زعمه جيمس الأول وشارل الأول من حتى الأساقفة ضرورة لا زعامة لحكومة الكنيسة وللنظم الملكية. وأهاب بالاسكتلنديين المشيخيين حتى يواصلوا حربهم ضد النظام الأسقفي، وتضرع إلى الثالوث الأقدس حتى يرعى المصلحة العامة:

يا إلهي: أولِ عنايتك لكنيستك البائسة التي كادت تنهار وتلفظ أنفاسها الأخيرة، لا تهجرها هكذا فريسة لتلك الذئاب المزعجة التي تتربص وتفكر طويلاً لتلتهم قطيعك الوديع، تلك الخنازير البرية التي سطت على كرمنك، وهجرت بصمات حوافرها المدنسة على نفوس عبادك. لا تدعهم ينفذون خططهم اللعينة التي تقف الآن على مدخل الهاوية غير ذات القرار، مترقبة حتى يفتح الحارس ويطلق الجراد والعقارب الفتاكة، لتحتوينا في ظلام جهنم الدامس، حيث لن تشرق علينا شمس حقيقتك، ولن نعود نأمل في بزوغ الفجر البهيج، أونسمع زقزقة العصافير في الصباح.

واختتم هذه العبارة بإلقاء جماعة الطقوس التقليدية في الجحيم. ولكن أولئك الذين يتوقون إلى مناصب الحكم الرفيعة والارتقاء هنا في هذه الدنيا، على حساب إفساد عقيديتهم الحقة والانتقاص منها، وعلى حساب كروب بلدهم واستعباده، لابد أنهم، بعد خاتمة مزرية في هذه الحياة (التي وهبهم الله إياها)، سيلقي بهم في الدرك الأسفل من النار، وهناك يتلقاهم من سبقهم من المحكوم عليهم بالهلاك الأبدي، فيتحكمون فيهم في حقد وحسد، ويطأونهم بأقدامهم ويزدرونهم، وفي حمأة تعذيبهم، لن يجدوا الراحة إلا في ممارسة أشد ألوان الطغيان عسفاً ووحشية، معهم بوصفهم أرقاءاً وعبيداً لهم، وسيبقون على هذه الحال إلى الأبد، مخلدين في أحط وأسفل مهاوي الهلاك الأبدي وأشدها كآبة واحتقاراً واضطهاداً.

وعندما رد الأسقف هول على القساوسة الخمسة المشيخيين وهاجمهم بعنف، انبرى ملتون لنصرتهم في بيان عاصف لابد أنه أخرج الأسقف وهوفي الخامسة والستين من ردائه الكهنوتي: "نقد لاذع لدفاع المحتج على بيان المشيخيين"، ظهر، مجهولاً محرره، في يوليه 1641. واعتذر ملتون في المقدمة عن عنفه فنطق:

في الكشف عن إنسان سيء السمعة عدوللحق، ولسلام بلاده وإدانته وبخاصة إذا اغتر بأن له لساناً ذرياً منطلقاً مؤثراً، فإنه لا يتنافى مع اعتدال المسيحية وتواضعها حتى ترد على مثل هذا الرجل بأسلوب أعنف وأشد من أسلوبه، وأن تشيع غطرسته إلى مثواها مضمخة بمائه المقدس.

وأعاد الأسقف وابنه الكرة ببيان عنوانه "حجة داحضة متواضعة جديدة" (يناير 1642) هاجما فيه محرر "النقد اللاذع" بحدة تميز بها هذا العصر المغيظ المحنق. فرد ملتون كيد الأسقف في نحره ببيان عنوانه "دفاع ضد الحجة الداحضة المتواضعة" (إبريل) اعتذر فيه مرة أخرى عن سوء معاملته للأسقف هول، وشجب الفريد العريضة "التي أوردها هول" وهي اتهام ملتون بأنه طرد من كمبردج، وأكد ملتون للعالم بأسره بأن زملاءه في "كرايست كولدج" دعوه، بعد تخرجه، للإقامة معهم، وأكد من حديث طهارته التي لا مطعن فيها:

على الرغم من أني لم ألقن إلا قدراً يسيراً من المسيحية، فإن شيئاً من التحفظ والنزعة الطبيعية والقواعد الخلقية، واستقيته من أنبل فلسفة، كان كافياً ليجعلني أحتقر من ألوان الفجور ما أقل كثيراً مما يجري في المواخير. ولكني قد عهدت مبدأ الأسفار المقدسة التي تكشف عن الأسرار السامية الطاهرة...التي تقول بأن "الجسد للرب، والرب للجسد "فإني كذلك سألت نفسي: إذا كان التجرد عن العفة في المرأة التي ينعتها القديس بولص بأنها فخر الرجل، فضيحة وخزياً وعاراً، فالأمر يقيناً كذلك في الرجل الذي هوصورة الله وفخره معاً، فإنه لا بد حتىقد يكون أشد فساداً وعاراً، لأنه يقترف الإثم ضد جسده، وهوالجنس الأكمل، وضد فخره الذي يكمن في المرأة، والأنكى من ذلك ضد صورة الرب وفخره ماثلين في شخصه هو.

ومن ثم نجد ملتون يرثي لأخلاق كثير من الشعراء القدامى، ويؤثر عليهم دانتي وپترارك، اللذين لم يخطا قط إلا تكريماً وتشريفاً منهما لأولئك الذين نذرا لهم أشعارهما التي عرضا فيها أفكاراً سامية نقية، دون تأثيم وانتهاك للحرمات. ولم ألبث إلا قليلاً حتى تأكد عندي هذا الرأي: إذا هذا الذي لا يمكن حتى يخيب أمله في حتى يخط كتابة جيدة، ويجدر حتىقد يكون هونفسه قصيدة صادقة، أي مركباً مكوناً من أفضل الأمور وأشرفها، لا يقدم على حتىقد يكون قصيدة عقود مدح وثناء للرجال البطوليين أوالمدائن المشهورة، إلا إذا أوتي من التجربة والخبرة والمران على جميع ما أهل للثناء والإطراء.

وبعد هذا المثال الذي اقتبسناه، انتقل ملتون إلى الحديث عن قدمي الأسقف وجوربه الذي يبعث "برائحة منتنة إلى السماء". وإذا بدت هذه اللغة غير لائقة باللاهوت فإنه دافع عنها "بقواعد أعظم البلغاء" وبأنه يحذوحذولوثر، وذكر قراءه بأن "المسيح نفسه وهويتحدث عن التنطقيد البغيضة لا يتردد في استعمال ألفاظ مثل الغائط والمرحاض".

والآن نكتفي بهذا القدر من النزاع الكريه الكئيب، الذي سقناه لأنه يلقي ضوءاً على شخصية ملتون وعلى آداب السلوك في ذاك العصر، ولأنه وسط هذا الهراء القاسي وفوضى الأجرومية والجمل الطويلة، كانت هناك بتر نثرية ذات جرس موسيقي، مشرقة تهز المشاعر مثل شعر ملتون وفي نفس الوقت (مارس 1642)، وكان قد نشر باسمه كتيباً أكثر موضوعية: "إثارة تفكير حكومة الكنيسة في حظر السلطة الأسقفية":

"هذا النير البغيض الذي لا يمكن حتى يزدهر أي عقل حر أوموهبة ممتازة تحت وطأة ما يفرضه من غباء وعداء تعسفي وطغيان."

وسلم بالحاجة إلى نظام أخلاقي واجتماعي. والحق حتى ملتون استوعب حتى في نهوض النظام وسقوطه مفتاح ارتقاء الدول وانهيارها:

ليس في هذا العالم شيء أعظم أهمية وأشد إلحاحاً وخطراً في جميع حياة الإنسان بأسرها من النظام. وهل أنا في حاجة إلى ضرب مثل على ما أقول،يا ترى؟ إذا جميع من قرأ في تبصر وتدبر عن الأمم والدول...لابد حتى يقر على الفور بأن ازدهار المجتمعات المتحضرة واضمحلالها، وكل تحركات الأحداث البشرية وتحولاتها، إنما تروح وتجيء وكأنها على محور عجلة النظام. وأنه ليس ثمة كمال اجتماعي في هذه الدنيا، مدني أوديني، يمكن حتى يسموفوق النظام وقواعد الانضباط. لأن النظام هوالذي، بفضل أوتاره الموسيقية يحافظ على جميع أجزاء الحياة ويمسك بها متضامة بعضها إلى بعض.

ومثل هذا النظام، على أية حال يجب ألا يستقي من أية هيئة كهنوتية متسلسلة في رتب الكنيسة، بل من إدراك حتى جميع إنسان بذاته يمكن حتىقد يكون كاهناً.

وفي جميع المراحل كان ملتون يعي ويدرك جميع قدراته ومواهبه. أنه قدم للجزء الثاني من رسالته ببترة عن سيرة حياته، وأبدى فيها حزنه لأن النزاع قد باعد بينه وبين إخراج عمل عظيم شغل باله طويلاً: إذا هذا الذي أداه أعظم العباقرة وصفوتهم في أثينا وروما أوإيطاليا الحديثة، والعبرانيون القدامى، لبلادهم، يمكن حتى أقوم به أنا لبلدي، بدوري، ويقدر حظي من الحياة والعمل، هذا بالإضافة إلى أني فوق جميع شيء مسيحي(. "وروى ملتون كيف من الممكن أن أنه كان بالعمل يعد الموضوعات التي يضمنها مثل هذا الكتاب. ولكنه أراده عملاً يستطيع من خلاله "أن يصور نابضاً بالحياة وبصف...سجل الطهر والفضيلة بأسره"، و"كل ما سام ومقدس في العقيدة الدينية"، "وكأنما كان يتنبأ بأن الأعوام الستة عشر قد تنقض قبل حتى تدع له الثورة الكبرى فرصة للشروع في الكتابة: فنطق يعتذر عن تأخره:

لست أخجل من الاتفاق مع قارئ فطن ذي دراية، على أنه في بضع سنين يتعهد بدفع ديوني الحالية، لأنه عمل ليس نتاجاً لنزوة الشباب أولعب الخمر بالعقل، مثل هذا الذي يسيل به "قلم عاشق شرس" بذئ في أوقات الضياع، أوشاعر متطفل في فوره حقده. كما أنه عمل لا يمكن إنجازه بالتضرع وقراءة التعاويذ للذاكرة وبناتها المغويات (بنات الأفكار)، بل بالدعوات والصلوات المخلصة الخاشعة "للروح الأبدي الخالد الذي يستطيع إثراءنا بالتعبير والفهم، ويبعث إلينا بأحد ملائكته (وحارس عرشه) ساروفيم، مع نار مذبحة المقدسة، ليمس ويطهر شفتي من يشاء. ويجدر حتى يضاف إلى هذا، دأب على القراءة الجادة المنتقاة، ومثابرة على الملاحظة الدقيقةـ وتبصير بالفنون والمسائل العامة الجذابة والواسعة، حتى إذا تم العمل، إلى حد ما تحت مسئوليتي وبجهدي الخاص، فإني عندئذ لا أرفض حتى أزكى هذا الأمل المنشود عند كثير ممن لا ينفرون من المغامرة بالوثوق إلى هذا الحد بما أبتر على نفسي لهم من تعهدات أووعود.


زقابل وطلاقه

في "الحجة الداحضة المتواضعة" كان الأسقف هول قد اتهم ملتون بأنه يسعى لشهرة أدبية، ويعلن عن مواهبه وقدراته وتجاربه وثقافته وبيئته السابقة، أملاً في الفوز "بأرملة ذات ثراء" أوأية جائزة أخرى. وفي "الرد" عليه عمد ملتون إلى تسفيه هذه الفكرة والتنديد بها، ونطق أنه على النقيض من ذلك، "نشأ في بحبوبة من العيش" واتفق في الرأي مع "أولئك الذي يؤثرون في حكمه وتبصر وبروح طيبة، عذراء غير ذات ثراء عريض، وذات أصل كريم، على أغنى الأرامل". وبينما انساقت إنجلترا إلى الحرب الأهلية (1642)، انطلق ملتون إلى الزواج (1643).

لم ينضم ملتون إلى جيش البرلمان، وعندما اقتربت القوات الملكية من لندن (12 نوفمبر 1642) نظم قصيدة (سونيت) يشير فيها على قادتها حتى يحموا بيت الشاعر وشخصه؛ كما عمل الإسكندر الأكبر مع الشاعر بندرا من قبل، واعدا إياهم بأن ينشر على الملأ شعراً "حسن صنيعهم". على حتى القوات الملكية ردت على أعقابها. ولم يمس بيت ملتون بأذى، وبقي ليستقبل زوجته.

وكان ملتون قد التقى بماري باول في فورست هل في أكسفوردشاير، حيث كان والدها قاضي الصلح. وهذا الوالد، ريتشارد باول كان قد اعترف من قبل، في 1627، بأنه مدين لملتون، وكان آنذاك في كمبردج، بمبلغ 500 جنيه، خفف فيما بعد إلى 312، ولكن لم يسدد بعد. والظاهر حتى الشاعر قضى عند أسرة باول شهراً (مايو-يونية 1643) ولسنا ندري ليسترد الدين أويحظى بزوجة. وربما أحس جون وهوفي الرابعة والثلاثين، بأنه قد آن الأوان للزواج والنسل، وواضح حتى ماري كانت تتحلى بالعذرية التي ينشدها. وفاجأ أبناء أخته بعودته إلى لندن متأبط ذراع زوجته.

ولم تدم السعادة طويلاً لأحد. فقد كره أبناء الأخت ماري كدخيلة عليهم، وكرهت هي خط ملتون، وافتقدت أمها و"القدر الكبير من الصحبة والأنس والبهجة والرقص..." الذي كانت تنعم به في فورست هل. ويقول أوبري:

"كثيراً ما كانت تسمع أبناء الأخت هؤلاء يضربون فيتعالى صراخهم مذ رأى ملتون حتى ماري محدودة التفكير ضيقة الأفق ليس لديها سوى النزر اليسير من الأفكار، التي هي في جملتها ملكية، فإنه انصرف ثانية إلى خطه. وتحدث فيما بعد عن "شريكة حياة بكماء جامدة كئيبة لا روح فيها"، ورثى "للإنسان الذي يجد نفسه مرتبطاً بأوثق رباط بهيكل من طين وبلغم، كان يأمل منه حتىقد يكون شريك مجتمع تملؤه السعادة والبهجة والسرور."

ويعتقد بعض الباحثين في الزواج غير المتكافئ حتى ماري أبت عليه البناء بها. وبعد شهر طلبت السماح لها بزيارة والديها، فوافق ملتون، مع التفاهم بينهما على عودتهما. ولكنها مضىت ولم ترجع. وبعث إليها برسائل تجاهلها، ولما لم يجد أي متنفس آخر لمشاعره، خط ونشر دون توقيع "مبدأ الطلاق ونظامه" (أغسطس 1643)، وأهداه إلى "برلمان إنجلترا والجمعية" أي جمعية وستمنستر التي كانت تصوغ آنذاك اعترافاً بالممضى المشيخي. وتقدم إلى البرلمان براتى حتى يتحلل من أغلال التنطقيد، ويسير بالإصلاح قدماً، بإقرار أسس أوشروط أخرى للطلاق، غير الزنى، وعرض حتى يوضح:

أن التصور، وعدم الأهلية أوتنافر العقول الناشئ عن سبب طبيعي لا يتسنى تغييره، مما عوق، والأرجح أنه كثيراً ما يعوق إلى الأبد، مزايا الحياة الزوجية، وهب السلوى والبهجة والهدوء والطمأنينة، نقول حتى هذا سبب للطلاق أقوى من البرودة الزوجية الطبيعية، لا سيما إذا لم يكن هناك أطفال، وكانت هناك موافقة من الطرفين.

واقتبس ملتون القانون اليهودي القديم الذي ورد في التوراة (سفر التثنية 24-1) "إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها، فإن لم تجد نعمة في عينيه لأنه عثر فيها عيب شيء. وخط لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته". وأوضح حتى السيد المسيح رفض هذا الجزء من شريعة موسى. فقد اتى في إنجيل متي (5-31،32) "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم حتى من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني"، واحتج ملتون بأنه "المسيح لم يقصد حتى يؤخذ كلامه بمعناه الحرفي، حدثة بحدثة"، وكثيراً ما أعرب أنه لم يأت ليغير مقدار ذرة من شريعة موسى. وكافح ملتون حتى يجعل تفسيره الواسع يضم قضيته الشخصية، حتى أنه مضى إلى حد تبرير الطلاق لعدم القدرة على الإسهام في حديث مناسب معقول. "لأن عدم الصلاحية والتخلف في العقلية التي تنفر من الزواج، يمكن حتى تهبط بالزواج إلى "حالة أسوأ من حياة الوحدة الموحشة" حيث تكون النفس النابضة بالحياة مربوطة إلى مجرد جثة(59).

ونفد الكتاب الصغير بسرعة، لأنه قوبل باستنكار عام. وفي فبراير 1644 نشر ملتون طبعة مزبدة منقحة ظهر اسمه في جرأة وشجاعة. ورد على ناقديه في أسلوب العالم المتفقه، في Tetrachordon" ثم في أسلوب أخف في Colasterion (صدر كلاهما في أربعة مارس 1645)، تناولهم فيهما بأقسى القدح والألفاظ المقذعة-كتلة من الطين، خنزير، خنزير بري، ذوأنف بشع، محام له مخ الديك، حمار صفيق، بغيض، كريه الرائحة لقد استطاع ملتون في الصحيفة الواحدة حتى يقفز من مرتفعات بارناسوس إلى أحط مهاوي السفاهة والبذاءة.

وحيث أخفق في حتى يحصل من البرلمان على تعديل في قانون الطلاق، اعتزم حتى يتحدى القانون، ويتخذ زوجة ثانية، وكان يفضل مسن دافيز التي لا يعهد عنها شيئاً إلا أنها رفضته. ولما ترامت شائعات هذه الخطبة إلى مسامع ماري باول قررت حتى تستعيد زوجها ، على أي الأحوال، حلوها أومرها، قبل فوات الأوان. وذات يوم بينما كان ملتون في زيارة لصديق فاجأته ماري وجثت بين يديه وتوسلت إليه حتى يعيدها إلى مخدعه وبيته. وتردد هو، ولكن أصدقاءه ناصروا قضيتها، فقبل عودتها إليه. وانتقل الآن إلى بيت أوسع في باربيكا ستريت، ضمها كما ضم أباه وتلاميذه. وسرعان ما اتى أبواها أيضاً مع الشاعر، بعد حتى تدهورت حالهما بهزيمة الملكية، مما جعل هذا البيت أقرب ماقد يكون إلى دار للمجانين، أوالفلاسفة. وزاد الأمر ضغثاً على أبالة في 1646، مولد طفلة ملتون الأولى آن. وخفف من هذه الفوضى موت ريتشارد پاول في يولية، كما حتى جون ملتون الأكبر (الوالد) اختتم حياته المديدة الكريمة في مارس التالي. ومن ثم أصبح الشاعر وريثاً لمنزلين أوثلاثة في لندن، ولبعض المال، وربما لبعض العقارات في الريف. وفي 1647 فض ملتون مدرسته وانتقل مع زوجته وابنته واثنين من أبناء أخته إلى "هاي هلبورن ستريت" وفي 1648 ولدت له ابنته الثانية ماري.

حرية الصحافة

في 13 أغسطس 1644، تحدث القس المشيخي هربرت پالمر أمام مجلس العموم، واقترح علناً حرق رسالة ملتون عن الطلاق. ولم تحرق الرسالة؛ ولكن شكوى بالمر من الممكن أدت "بشركة المخطات" التي تضم جميع باعة الخط الإنجليز، إلى لفت نظر مجلس العموم (24 أغسطس) إلى حتى الخط والنشرات تخالف القانون الذي يحتاج تسجيلها وإجازتها بفهم الشركة. وكان هذا القانون قد صدر في عهد اليزابث، كما حتى البرلمان كان قد جدد العمل به في 14 يونيه 1643، بإصداره أمراً ينص على:

أنه لا يطبع كتاب أونشرة أوورقة، أوأي جزء من شيء من هذا القبيل، أويعرض للبيع، قبل التصديق على نسخة منه وإجازته، من أشخاص يعينهم لهذا الغرض أحد المجلسين أوكلاهما معاً، وقبل حتى يسجل في السجل المعد لذلك في شركة المخطات، طبقاً لما جرى عليه العهد من زمن بعيد.

ويعاقب أي خرق لهذا القانون بالقبض على من تولوا التأليف والطبع.

الصفحة الأولى من طبعة 1644 من كتاب أريوپاگيتيكا Areopagitica

وكان ملتون يهمل دوماً تسجيل ما ينشره نثراً. وعلى الرغم من حتى كتابه "مبدأ الطلاق ونظامه" ظهر بعد صدور الأمر سالف الذكر بشهرين، فإنه تجاهل ما يقضي به. وربما كان شاعرنا ذا حظوة لدى البرلمان لأنه ناصره في صراعه مع الملك، على حتى البرلمان على أية حال، تغاضى عنه وحده ولكن الأمر ظل سيفاً مسلطاً على رأسه وعلى رؤوس سائر المؤلفين في بريطانيا. وبدى لملتون ضرباً من المحال حتى يزدهر الأدب في ظل مثل هذه الرقابة. فماذا يجدي خلع ملك وتحطيم نظام أسقفي استبدادي قاسٍ، إذا استمر البرلمان والكنيسة على التدقيق والتحقيق في جميع حدثة يتفوه بها الإنجليز؟. وفي 24 نوفمبر 1643 أخرج درن تسجيل أوإجازة أروع أعماله النثرية "" وليس في هذا الحديث قذف ولا طعن ولا نقد لاذع، بل كان على مستوى عالٍ من اللغة والفكر وفيه يطلب إلى البرلمان بكل إجلال واحترام، حتى يعيد النظر في قانون الرقابة، من حيث أنه ينزع إلى "تثبيط الهمم في سبيل الفهم والفهم، ويعوق بل يقضي على أي إبداع واكتشاف يمكن حتى يخرج في المستقبل إلى حيز الوجود في مجال الحكمة الدينية والمدنية كليهما." ثم يستطرد في بترة مشهورة قيمة:

لست أنكر أنه من أعظم صلاحيات الكنيسة والدولة حتى ترقب بعين يقظة كيف من الممكن أن تحط الخط من قدرها ومن أقدار الناس، ومن ثم يحتجز أوتسجن أوتطبق أقصى ما تقضي به العدالة على عوامل الشر لأن الخط ليست أشباه ميتة إطلاقاً، بل حتى فيها من الفعالية والحيوية مل يجعلها نشيطة في مثل نشاط النفس التي أنتجتها. ليس هذا فحسب، بل أنها كذلك، تحفظ، وكأنما تحفظ في قنينة، أبقى عصارة ودقة مؤثرة للفكر الحي الذي نماها وأبدعها. وإني لأدرك أنها نشيطة قوية الإنتاج مثل أسنان التنين الخرافية إذا نثرت على الأرض هنا وهناك انبعث منها رجال مسلحون (هكذا تقول الخرافة). ومن جهة أخرى، فإنه إذا لم يكن ثمة حيطة وحذر، فأن اغتال الإنسان يعدل تقريباً اغتال الكتاب الجيد. إذا من يقتل رجلاً يقتل مخلوقاً عاقلاً على صورة الله، على حين حتى من يدمر الكتاب الجيد، يقتل العقل نفسه، بل يقتل صورة الله، في صميمها. وكم من إنسان يعيش حملاً ثقيلاً على الأرض، ولكن الكتاب الجيد هودم الحياة الغالي للروح السامية يصان ويختزن، قصداً لحياة وراء الحياة. حقاً حتى أي عصر لن يستطيع استعادة الحياة، وقد لاقد يكون في هذا خسارة، ولا تعوض ثورات العصور في الغالب عن فقدان حقيقة منبوذة، ساءت حال أمم بأكملها من أجل افتقارها إليها.

وينبغي لذلك حتى نكون حذرين يقظين لأي اضطهاد نصبه على الأعمال الحية لمشاهير الرجال البارزين، وكيف نبدد حياة الرجل الناضج المحفوظة المختزنة في كتاب. فإذا رأينا عملاً من أعمال القتل يرتكب على هذه الصورة، وهوفي بعض الأحيان استشهاد، إذا امتد هذا إلى جميع الإنتاج حتى ينتهي الأمر إلى مذبحة، فمن ثم لا ينتهي الإعدام عند خنق الحياة الفطرية، بل ينفذ إلى الجوهر السماوي الخامس البالغ الرقة، أي روح العقل ذاته، فيقضي على الخلود أكثر ما يقضي على مجرد حياة.

ويستشهد ملتون بالنشاط الفكري في أثينا القديمة، حيث لم تفرض الرقابة إلا على الكتابات التي تتضمن إلحاداً أوقذفاً، إلى غير ذلك حكم قضاة محكمة أريوباجوس العليا بإحراق خط بروتاجوراس، وبنفيه خارج البلاد، لمنطقة بدأها بالاعتراف بأنه لا يدري "إذا كان هناك آلهة أم لا". ويمتدح ملتون حكومة روما القديمة لإتاحتها قدراً كبيراً من الحرية للكتاب، ثم يصف نموالرقابة في روما الإمبراطورية والكنيسة الكاثوليكية. ويحس ملتون بأن قانون الرقابة هذا تشتم من رائحة "البابوية"

ما فائدة حتى تكون رجلاً، لا مجرد تلميذ في مدرسة، إذا كنا فقط هربنا عن الدرة أوالعصا لنقع تحت نير الرخصة (للطباعة)؟ إذا الحكومات ومراقبيها ليسوا معصومين من الخطأ، فليس لهم حتى يفرضوا ما يروق لهم أوما يفضلونه من آراء ومبادئ على الناس، والأولى حتى يهجروا الناس ليختاروا ويتفهموا، حتى ولوكلفتهم التجربة والخطأ أبهظ الثمن.

إني لا أستطيع حتى امتدح فضيلة مفروضة عليها الحماية والرقابة، لا يمارسها أحد ولا ينشق عبيرها أحد، لا تنطلق قط لترى خصومها، بل تتسلل بمعزل عن الناس. أعطني الحرية لأعهد وأتحدث وأناقش، بلا قيد، وفقاً لما يمليه الضمير، فوق جميع الحريات..ومع حتى جميع رياج المذاهب والمبادئ أطلقت لتهب على الأرض، حتى إذا دخلت الحقيقة إلى الميدان، أسأنا إليها بالرقابة والحظر، لنشكك في قوتها، فلنهجرها مع البهتان يتصارعان، فمن ذا الذي رأى يوماً حتى الحقيقة تنهزم في معركة حرة مفتوحة؟

ومهما يكن من أمر فإن ملتون لا يطالب بالحرية المطلقة للمطبوعات، فهويؤمن بأن الإلحاد والتشهير والفحش يجب حتى يحرمها القانون، ويرفض التسامح مع الكاثوليكية لأنها عدوللدولة، ولأنها هي نفسها موصومة بالتعصب. وفيما عدا ذلك، فإن الدولة التي تسود فيها حرية الفكر والكلام لابد حتى ترقى وتنموفيها سائر الأمور سواء بسواء.

يخيل إلي أني أرى بعين البصيرة أمة كريمة قوية تستيقظ وتنفض النوم عن جفونها، مثل رجل قوي يفيق من سباته، وتهز خصلات شعرها. ويبدولي أني أراها مثل نسر، يجدد شبابه ويفتح عينيه الحادتين في وقت الظهيرة.

ولم يلتفت البرلمان لدفع ملتون أوحجته، بل على النقيض من ذلك، سن قوانين تصاعدت صرامتها (1647، 1649، 1653) ضد إصدار مطبوعات غير مرخصة. وشكا أعضاء شركة المخطات من حتى ملتون لم يكن قد سجل "الأريوباجيتيكا". وعين مجلس اللوردات اثنين من رجال القضاء لمساءلته، ولسنا نعهد النتيجة. ولكن من الواضح أنهم لم يزعجوه، لأنه كان صوتاً ذا نفع وقيمة للبيوريتانيين المنتصرين.

وفي فبراير 1649، أي بعد إعدام تشارلز الأول بأسبوعين اثنين، نشر ملتون رسالة عن "ولاية الملوك والحكام"، ارتضى فيها نظرية العقد الاجتماعي التي تقول بأن سلطة الحكومة مستمدة من سيادة الشعب، وأنه من حق من يملكون السيادة حتى يحاسبوا أي طاغية أوملك شرير، وعزله وإعدامه، بعد إدانته إدانة عادلة". وبعد شهر واحد نادىه مجلس الدولة في الحكومة الثورية ليكون "سكرتير المجلس للغات الأجنبية". فنحي ملحمته جانباً، ليتفرغ لمدة أحد عشر عاماً، لخدمة جمهورية البيوريتانيين وحكومة "الحماية" على عهد كرومول.

سكرتير اللغة اللاتينية

كان النظام الجديد في حاجة إلى من يتقن اللغة اللاتينية، ليحرر المراسلات الأجنبية، وكان ملتون المرشح البارز لهذا العمل. حيث كان يستطيع الكتابة باللغات اللاتينية والإيطالية والفرنسية كأحد أبناء روما القديمة أوفلورنسة أوباريس، كما أنه كان قد أثبت في أشد أوقات الحرج أنه مخلص لقضية البرلمان في نزاعه ضد الأساقفة والملك. وكان مجلس الدولة لا "كرومول" هوالذي استخدمه لهذا العمل. ولم يكن له صلة وثيقة بالحاكم الجديد، ولكنه لا بد حتىقد يكون قد رآه كثيراً، وأنه قد أحس في تفكيره وفي كتاباته، بالتقارب مع هذه الشخصية المرعبة. ولم يستخدم المجلس ملتون لمجرد ترجمة رسائله الأجنبية إلى اللاتينية، بل كذلك، ليبرز للحكومات الأجنبية، في نشرات لاتينية، وجه العدالة والحق في السياسة الداخلية التي ينتهجها المجلس، كما يبرز، فوق ذلك كيف من الممكن أن كان من الحكمة وسداد الرأي الإطاحة برأس الملك.

وفي أبريل 1649، فور تقليده منصبه، انضم ملتون إلى موظفين آخرين في المجلس في وقف نشرات الملكيين وأنصاره المساواة ضد نظام الحكم الجديد. وكانت الرقابة على المطبوعات آنذاك أشد صرامة منها في أي وقت مضى في تاريخ إنجلترا، متعبة في ذلك القاعدة العامة التي تقول بأن الرقابة تشتد بتزعزع مركز الحكومة. إذا الرجل الذي كان قد دبج بأفصح بيان النداء الذي لم يكن له نظير من قبل، من أجل حرية الصحافة بات الآن ينظر إلى الرقابة من وجهة نظر السلطة الحاكمة. على أنه يجدر بنا حتى نلاحظ حتى ملتون نطق من قبل الأريوباجيتيكا: إنه من أبرز صلاحيات الكنيسة والدلوة حتى ترقب بعين يقظة كيف من الممكن أن تحط الخط من قدرها ومن أقدر الناس ومن ثم تحتجز أوتسجن أوتطبق أقصى ما تقضي به العدالة على عوامل الشر".

ومذ كان جون للبيرن بصفة خاصة محرراً مزعجاً من أنصار المساواة، فإن المجلس أصدر تعليماته إلى ملتون ليتولى الرد على كتابه المتطرف "اكتشاف أغلال جديدة". ولسنا ندري هل قام ملتون بهذه المهمة أولم يقم. ولكنه يروي هونفسه أنه "أمر" حتى يرد على "صورة الملك" وامتثل لهذا الأمر فنشر فيستة أكتوبر 1649 كتاباً من 242 صفحة تحت عنوان "محطم الصورة". وارتياباً، ولكن اعتراضاً من بأن "صورة الملك" هوما أوهم بأنه من تأليف شارل الأول نفسه، فإنه-أي ملتون تناول حجة الملكية فقرة فقرة، وانبرى لتطبيقها بكل مل أوتي من قوة ومن خلال ذلك دافع عن سياسة كرومول، وبرر إعدام الملك، وأبدى احتقاره "لتلك الشرذمة من الغوغاء المتقلبين الذين يعوزهم التفكير السليم المولعين بالصور،..قطيع ساذج عاجز تربى على الذل والخنوع....يفتتن بالطغيان".

واستبد الغيظ والحنق بشارل الثاني، وهويتجول في القارة، فاستأجر أعظم فهماء أوربا كلود سوميز ليتولى الدفاع عن الملك الميت، وسرعان ما أصدر "سالماسيوس" "دفاعه عن الملك السابق شارل الأول"، في ليدن (نوفمبر 1649)، نعت فيه كرومول وأتباعه بأنهم "أوغاد متعصبون...وأنهم العدوالمشهجر للبشرية" وأهاب بكل الملوك، من أجلهم هم أنفسهم؛ حتى يجهزوا الجيوش للقضاء على هذا الوباء...يقيناً حتى دم الملك العظيم يستصرخ جميع الملوك والأمراء في العالم المسيحي للثأر له. ولا يمكن حتى يقوموا بعمل فيه هدوء روحه وسكونها خيراً من حتى يعيدوا لوريثه الشرعي جميع حقوقه كاملة، ويستردوا له عرش أبيه....وأن يذبحوا، كضحايا على جدث الميت المقدس، هذه الوحوش البالغة الضراوة، الذين تآمروا على اغتال هذا الملك العظيم.

وخشي كرومول أن-تزيد حملات مثل هذا العالم الذائع الصيت في أوربا من الاستياء السائد في القارة ضد حكومته، فطلب إلى ملتون الرد على سالماسيوس. وجهد السكرتير اللاتيني في إنجاز هذه المهمة قرابة عام كامل، في ضوء الشموع، على الرغم من تحذير طبيبه له بأنه يفقد بصره تدريجياً، وأنه مهدد بالعمى. وكانت إحدى العينين عاطلة بالعمل، وفي 31 ديسمبر ظهر "دفاع الشعب الإنجليزي عن نفسه ضد دفاع سالماسيوس عن الملكية-لجون ملتون"، بدأ بالسخرية من سالماسيوس لبيعه خدماته لشارل الثاني، واستطرد ليظهر حتى سالماسيوس قبل أربع سنوات فقط خط يهاجم النظام الأسقفي الذي يدافع عنه الآن:

أيها العميل الفاسد المرتشي المأجور...أيها الجبان المحتقر المرتد الخارج على مبادئك...يا أشد الحمقى سذاجة وبلاهة... أنت جدير بعكازة المهرج، حين تظن أنك تغزي الملوك والأمراء بالحرب، بمثل هذه الحجج الصبيانية الواهية... هل تتخيل إذن، أيها المتلعثم المحامي الصغير الحقير، الذي لم يولد إلا لينسخ ويقلد كبار الكتاب، الذي لم يؤت أية موهبة أوذكاء أوعبقرية، أنك ستنتج شيئاً تخط له الحياة من عندياتك،يا ترى؟ صدقني أنك وكتاباتك العقيمة معاً، ستلقي في زوايا النسيان في الجيل القادم. لولا حتى "دفاعك عن الملك" سيدين ببعض الفضل للرد عليه، بمحض الصدفة، وعلى الرغم من أنه قد أغفل وطرح جانباً لبعض الوقت، فإنه لذلك سيبعث من جديد.

وهذا هوما وقع على وجه الدقة. حتى سالماسيوس كان قد أضفى على تشارلز الأول صورة مثالية. ولكن ملتون يحط من قدره. ويشتبه في حتى شارل حرض دوق بكنجهام على دس السم لوالده جيمس الأول، ويتهم الملك الميت بكل "ضروب الفساد الخلقي والإثم مع الدوق المذكور، ويتهم شارل بتقبيل النسوة في المسرح، وبمداعبته أثداء العذارى والعقيلات علناً". وكان سالماسيوس قد أطلق على ملتون أسماء كثيرة، فثأر ملتون بأن نعت سالماسيوس بأنه، غبي، خنفساء، حمار، كذاب، قذاف مغتر، مرتد، معتوه، جهول، متشرد، عبد ذليل، ويسخر من سالماسيوس لسيطرة زوجته عليه، ويعنف على أخطائه اللاتينية. ويدعوه إلى حتى يشنق نفسه، ويضمن له الدخول إلى الجحيم. ونظر توماس هويز إلى هذه الخط المتنافسة من علياء فلسفته، فأعرب أنه عاجز عن حتى يقرر أي الفريقين أقوى لغة وأيهما أضعف حجة. على حتى مجلس الدولة قدم الشكر لملتون.

تلقى سالماسيوس نسخة من "دفاع" ملتون أثناء وجوده في بلاط الملكة كريستينا في ستوكهولم، ووعد بالرد عليه، ولكنه أبطأ. وفي والوقت نفسه انصرف ملتون عن الشؤون الخارجية إلى شؤون بيته. ففي 1649 انتقل إلى دار في "شيرنج كروس" ليكون قريباً من عمله. وهناك وضعت زوجته ولداً، لم يلبث حتى مات، وفي 1652 وضعت بنتاً "دِبورا" كلفته ولادتها حياة أمها. وفي تلك السنة فقد ملتون بصره تماماً. وعندئذ نظم قصيدة من أروع قصائده (السونيت) "عندما أتدبر كيف من الممكن أن فقدت نور عيني". وأبقى عليه المجلس سكرتيراً لاتينياً، وخصص له محرراً ليدون له ما يمليه عليه.

ومني، وهورهين العمى، بخسارة أخرى، ففي عام 1653 انهارت الجمهورية التي طالما هلل لها ورحب بها، إلى "ملكية عسكرية" وأصبح فيها "حامي الحمى" كرومول، في واقع الأمر ملكاً. وراض ملتون نفسه على هذه التطورات بقوله: "أن أساليب العناية الإلهية يحوطها الغموض والإبهام". وظل على إعجابه بكرومول وامتدحه بأنه "أعظم بني الوطن وأكثرهم تألقاً وامتيازاً...أنه أبوالبلاد"، وأكد له "أن في ائتلاف المجتمع الإنساني ليس ثمة شيء أحب إلى الله، أوأكثر التئاماً مع القليل من حتى يتولى أسمى العقول السلطة العليا".

وسرعان ما طلب إليه حتى يتولى الدفاع عن "حامي الحمى" في اتهام خطير. ذلك أنه في 1652 ظهر كتاب يشكل عنوانه نفسه صيحة الحرب "صرخة الدم الملكي" إلى السموات ضد الإنجليز الذين قتلوا أباهم" وبدأ الكتاب بأن نعت ملتون بأنه "حيوان شرير بشع، قبيح المنظر، ضخم الجسم، مكفوف البصر....جلاد...يستحق الشنق". وقرن الكتاب إعدام شارل الأول بصلب المسيح، واعتبر اغتال الملك كبرى الجرائم وسخر من جهر "الغاصبين" بإيمانهم بالدين:

أن لغة وثائقهم العامة محشوة بالتقى والورع وكان لزاماً حتى يجاريها أسلوب كرومول ومن يدافعون عنه، وأنه لمما يثير الاشمئزاز، كما يثير السخرية المريرة، إلى أي حد من الوقاحة والصفاقة يخفي هؤلاء الأوغاد الخفيون واللصوص الظاهرون حقيقة شرورهم بذريعة أوستار من الدين.

وكما عمل سالماسيوس، أهاب المؤلف المجهول بدول القارة حتى تغزوإنجلترا وتعيد آل ستيوارت إلى العرش. وختم الكتاب بتوجيهه إلى الحارس القذر المتوحش، جون ملتون، المدافع عن اغتال الآباء وقتلتهم، مع الأمل في حتى يلقى وشيكاً شر الجزاء فيضرب بالسياط:

حول هذا الرأس الحانث سدد الضربات جيداً، وشوه جميع بوصة فيه بآثار العصا، إلى حتى تصبح الجثة كتلة هلامية واحدة. هل توقفت،يا ترى؟ اضرب حتى تتفجر الصفراء من كبده من خلال عينيه الداميتين.

واستحث مجلس الدولة ملتون للرد على هذا العنف، ولكنه تمهل تسقطاً لحملة من سالماسيوس، أملاً في حتى يرد على الخصمين في رسالة واحدة. ولكن سالماسيوس قضى نحبه (1653) دون حتى يتم رده. وخدع ملتون في اعتقاده بأن محرر "صرخة الدم الملكي" هوألكسندر مورس، وهوقسيس عالم في مدلبرة فطلب إلى مراسليه في المقاطعات المتحدة موافاته ببيانات عن حياة موريس العامة والخاصة. وخط أوريان أولاك، طابع الكتاب، إلى هارتاب، صديق ملتون، مؤكداً حتى موريس ليس هوالمؤلف. ولكن ملتون أبى حتى يصدق هذا، وأيده في هذا، ما يتناقله الناس في امستردام. وفي إبريل 1654 خط جون دروري إلى ملتون، محذراً إياه بأنه مخطئ في نسبه "صرخة الدم الملكي" إلى موريس، ولكن ملتون تجاهل هذا التحذير، وفي 30 مايوخط للشعب الإنجليزي"-جون ملتون.

وكان سحر البيان في هذا الكتاب الذي بلغ عدد صفحاته 173، أمراً مشهوداً، حيث أملاه باللاتينية رجل كف بصره تماماً. وعزا أعداؤه ما أصابه من عمى إلى العقاب الإلهي جزاء خطاياه الفادحة. وأجاب ملتون على هذا بأنه لا يمكن حتىقد يكون، لأن حياته كانت مثالية، وهويشعر بالفرح والابتهاج لأن الدفاع الأول:

هكذا أصاب غريمي بهزيمة ساحقة....إلى حد أنه أستسلم من فوره وقد تحطمت روحه وانهارت سمعته، وعلى مدى السنوات الثلاث التالية من حياته، ولوأنه كان يهدد ويرغى ويزيد كثيراً. فإنه لم يعد يزعجنا، فيما عدا أنه استعان بالجهد التافه لشخص جدير بكل الازدراء، حرضه بما لست أدري من الملق القبيح المسرف، على حتى يرقعا قدر الإمكان بمديحهما، ما حل بشخصه مؤخراً من دمار غير متسقط.

ثم يعرج ملتون على عدوه الجديد، فيذكر حتى "موريس" تعني بالإغريقية "مغفل" ويتهمه بالهرطقة والتهتك والزنى، وبأن خادمة سالماً سالماسيوس حملت منه سفاحاً، ثم هجرها. بل حتى طابع "صرخة الدم الملكي" نفسه يجلد بالسوط، وكل إنسان يعهد أنه غشاش مفلس سيئ السمعة.

وفي ظرف ومرح أكثر، ويستعرض ملتون أعمال كرومول، ويدافع عن حملاته في أيرلندة، وعن حل البرلمان، وعن استيلاء على السلطة، ويوجه الحديث إلى "حامي الحمى":

إننا جميعاً نقدرك حق قدرك ونقر بفضلك الذي لا يدانيه فضل، فأمض في طريقك القويم، ياكرومول، ... يا محرر بلادك، ويا من أرسى نادىئم الحرية فيها، ويا من تفوقت بأعمالك المجيدة، لا على إنجازات الملوك فحسب، بل على مغامرات أبطالنا الأسطورية أيضاً.

ولكن بعد عبارات الإجلال والإكبار هذه، لم يتردد ملتون في حتى يمحض كرومول النصح في أمر السياسة. فأشار عليه بأن يحيط نفسه برجال من أمثال فليتوود ولمبرت (وهما من المتطرفين)، وأن يدعم حرية الصحافة وأن يهجر الدين منفصلاً تمام الانفصال عن الدولة. كما ينبغي ألا تجمع أية عشور لرجال الدين، فإنهم بالعمل متخمون، (وكل ما فيهم سمين، حتى عقولهم دون استثناء". ويسترسل ملتون فيحذر كرومول من أنه "ونحن نعده، دوننا جميعاً، أعدل وأقدس وأفضل رجل" إذا أقدم على قمع الحرية التي دافع عنها، فلن تكون النتيجة إلا وبالاً ودماراً، لا لشخصه فحسب، بل كذلك لكل متطلبات الفضيلة والتقوى. ويوضح ملتون بأجلى بيان أنه لا يقصد "بالحرية" الديمقراطية، وهويسأل الناس:

لماذا يؤكد لكم أي إنسان حقكم في الاقتراع العام، أوقدرتكم على انتخاب من تريدون للبرلمان،يا ترى؟ هل من أجل حتى تتمكنوا من انتخاب رجال من حزبكم في المدن، وفي الأنطقيم، تنتخبون الرجل الذي أعطى لكم الموائد في بذخ بالغ، أوأسرف في تقديم الشراب برجال الريف والفلاحين السذج، سواء كان جديراً أوغير جدير بالانتخاب،يا ترى؟ ومن ثم لا يجتمع لنا في البرلمان أعضاء اتسموا بالحصافة والحكمة والخبرة والثقة، بل أعضاء صنعتهم الحزبية وموائد الطعام!

وبعبارة أخرى تحصل على أعضاء من تجار الخمور والباعة المتجولين، من الحانات في المدن، ومن الرعاة ومربي الماشية في الريف، فهل يجدر بأي إنسان حتى يكل أمور الجمهور لأمثال هؤلاء الذين لا يثق أحد حتى يعهد إليهم بشأن من شئونه الخاصة؟

كلا، إذا مثل هذا الاقتراع العام لا يعتبر حرية. فلأن تكون حراً، هوبالضبط حتى تكون تقياً عاقلاً عادلاً معتدلاً مكتفياً بذاتك، لا تمد يديك إلى ما بأيدي الناس، وقصارى القول، حتى تكون شهماً رحب الصدر شجاعاً. أما إذا تجردت من هذا كله أوكنت على نقيضه، فإنك لن تعدوحتى تكون عبداً رقيقاً. وقد حكم الله على الأمة التي لا تستطيع حتى تحكم نفسها وتدبر أمورها بنفسها، والتي استعبدتها شهواتها، بأنها لابد حتى تستسلم لسلطان غيرها، فتقع في ذل العبودية بإرادتها وضد إرادتها معاً.

وفي أكتوبر 1654 أعاد أولاك طبع " لملتون، في لاهاي، مع رد عليه بقلم موريس بعنوان "دليل دامغ". وفي المقدمة أكد الطابع حتى موريس ليس مؤلف "صرخة الدم الملكي"، وأنه، أي أولاك، تسلم مخطوطته من سلماسيوس الذي أبى حتى يميط اللثام عن أسم المؤلف. وأنكر مورس إنكاراً تاماً أنه المؤلف، وأكد حتى ملتون قد أبلغ بهذا الأمر مراراً وتكراراً، واتهمه بأنه قد رفض من قبل تغيير "دفاعه"، لأنه لن يتبقى من شيء يذكر إذا حذف من السباب الذي وجهه إلى موريس. وفي أغسطس 1655 أصدر ملتون كتاباً من مائتين وأربع صفحات "دفاع عن النفس" ورفض حتى يصدق إنكار مورس، وأورد من حديث عملته الشائنة مع خادمه سالماسيوس، وأضاف أنها، في شجار مشروع أوسعت مورس ضرباً وطرحته أرضاً، وكادت حتى تفقأ عينيه. ولكن تبين في خاتمة المطاف حتى أحد رجال اللاهوت البروتستانت، ومسماه پيير دي مولان، هوالذي خط "صرخة الدم الملكي"، وأن مورس هوالذي نشره وخط إهداءه. ولما دعي مورس ليكون راعياً لإحدى كنائس الإصلاح قرب باريس، أوفد شاعرنا عدة نسخ من " إلى الأبرشية لمنع تعيينه. ولكن مجلس الأبرشية عينه على الرغم من ذلك كله، وختم مورس سيرته التي اكتنفتها المضايقات (1670) وهوأنصح الوعاظ البروتستانت بياناً في باريس أوفيما حولها.

ويبدوملتون في مظهر أرق في قصيدة السونيت " (1655) . ويحتمل أنه هوالذي دون الرسائل التي أهاب فيها كرومول بدوق سافوي ليضع حداً لاضطهاد "الڤودوا Vaudois" (أتباع پيتر ڤالدو-بيوريتانيون منشقون في جنوب فرنسا)، وإلى مزران وحكام السويد والدنمرك والمقاطعات المتحدة ومقاطعات سويسرا، ليتوسطوا لدى الدوق.

وفي 1656، بعد أربع سنوات من حياة العزوبة، تزوج ملتون من كاترين وودكرك التي لم تكتحل عيناه بمرآها، بطبيعة الحال ولكنها أثبتت أنها بركة ونعمة عليه، فكانت مسقمة صابرة متجلدة لزوج مكفوف عنيف، وأما لبناته الثلاث، ولكنها قضت نحبها (1658)، أثناء وضع طفل لم يعمر. وكانت تلك سنة عصيبة على ملتون، حيث رحل عن الوجود وكرومول أيضاً، فكان لزاماً على السكرتير اللاتيني حتى يحافظ على منصبه، قدر طاقته، في غمرة فوضى الأحزاب التي انحدرت بريتشارد كرومول إلى مجرد رجل عاجز تافه محب للخير. وعلى الرغم من حتى ملتون لابد كان يدرك حتى إنجلترا سائرة في طريق استعادة ملكية آل ستيوراث، فإنه أصدر في أكتوبر 1658 طبعة جديدة من " في أسلوب يغري بالاستشهاد. وفي مقدمة رائعة وصف ملتون "الدفاع الأول" بأنه "أثر ... تتعذر إزالته بسهولة"، وزعم أنه من وحي السماء ووضعه في المرتبة التالية لمآثر كرومول، الذي أنقذ حرية إنجلترا.

وقاوم في شجاعة عمياء حركة إعادة تشارلز الثاني، وعندما وصل جيش مونك إلى لندن، وتردد البرلمان بين الجمهورية والملكية، نشر ملتون في فبراير 1660 رسالة موجهة إلى البرلمان، تقع في 18 صحيفة، ". ومهرها في جرأة وبسالة باسمه (بقلم جون ملتون) وفيها ناشد البرلمان:

ألا يلوث ويهزأ بدم آلاف الإنجليز المخلصين البواسل الذين خلفوا لنا هذه الحرية، التي اشترت بحياتنا نحن. وماذا عسى حتى يقول جيراننا عنا وعن اسم إنجلترا عامة، إلا أنهم على أحسن الفروض، سيسخرون منا، قدر السخرية بهذا الرجل الغبي، الذي أورد (مخلصنا) ذكره، والذي بدأ يبني صرحاً وعجز عن إتمام البناء،يا ترى؟ أين صرح الجمهورية الشامخ الذي تباهي الإنجليز بأنهم سيقيمونه ليتقلص ظل الملوك، وتصبح إنجلترا روما أخرى في الغرب،يا ترى؟ ... ما هذا الجنون الذي اعترى هؤلاء الذي يستطيعون في شرف وكرامة حتى يدبروا شئونها بأنفسهم، حتى يحولوا جميع هذه السلطات إلى إنسان رجل واحد! يا للجبن والنذالة حتى نحسب حتى مثل هذا الفرد هومناط حياتنا، ونعلق عليه جميع سعادتنا وأمتنا وسلامتنا وخيرنا، وبدونه لاقد يكون لنا وجود، أونكون مجرد أفراد كسالى بلداء أوأطفال! إنه ليجدر بنا حتى نعتمد على الله وحده، وعلى أنفسنا نحن، وعلى فضائلنا العملية وعملنا الجاد.

وتنبأ ملتون بأن جميع (الاعتداءات القديمة) التي ارتكبتها الملكية ضد حرية الشعب يفترض أن تعود وشيكاً بعودة الملكية. واقترح حتى يحل محل البرلمان (مجلس عام) يضم أقدر الرجال الذين ينتخبهم الشعب للعمل حتى الموت، ولا يخضعون للعزل إلا عند الإدانة بإحدى الجرائم، ويجدد المجلس بانتخابات دورية. وعلى هذا المجلس، على أية حال حتى يوفر أكبر قدر ممكن من حرية الكلام والعبادة والحكم المحلي. واختتم ملتون رسالته بقوله:

"أرجوحتى أكون تحدثت إلى حد الإقناع إلى مجموعة كبيرة من الرجال الواعين المخلصين، أوإلى بعض من قد يقيمهم الله من هذه المقاعد الحجرية ليصبحوا "أبناء الحرية"، ويوقفهم ويجمعهم على قرارات حكيمة تقيم ما أعوج من أمورنا، وتصلح ما أفسد من أحوالنا، وتعالج هذه الخلل العام المتفشي في الجمهور الذي أسيء استغلاله وأعوزه من يوجهه ويرشده".

وتجاهل البرلمان هذا الالتماس الذي ينطوي على القضاء عليه. وظهرت النشرات المطبوعة التي تهاجم ملتون، وحبذت إحداها شنقه وأصدر مجلس الدولة، وهوآنئذ ملكي النزعة، أمراً بالقبض على طابع رسالة ملتون، وفصله من منصبه (السكرتير اللاتيني للمجلس) فكان جوابه على ذلك إنه أصدر طبعة ثانية مزيدة من الرسالة "" (إبريل 1660) وحذر البرلمان من حتى الوعود التي يبترها الآن شارل من اليسير حتى تنقض بمجرد تثبيت نادىئم السلطة الملكية الجديدة. وسلم بأن غالبية الشعب ترغب في عودة تشارلز الثاني، ولكنه دفع بأن الأغلبية ليس لها الحق في استعباد الأقلية أوالتحكم فيها. إنه لمن الأعدل....إذا وصل الأمر إلى حد الفرض بالقوة، حتى ترغم الأقلية مجموعة أكبر مجموعة أكبر منها على حتى تعيد إليها حريتها. من حتى تفرض الأغلبية على أقلية من الناس من بني وطنهم حتىقد يكونوا عبيداً أرقاء لهم، بشكل يسيء إليهم أبلغ إساءة. وتكاثرت الهجمات والحملات على ملتون وناشدت إحداها الملك تشارلز الثاني، وكان آنذاك في بريداً حتى يتذكر جيداً الإهانات التي وجهها ملتون من قبل في رسالة " وغيرها، إلى والده تشارلز الأول. واقترحت حتى يضم ملتون إلى قائمة قتلة الملك العمليين، لأنه يستحق الإعدام.

وقبل حتى تصل هذه النشرة إلى تشارلز الثاني، كان قد أبحر هوبالعمل إلى إنجلترا، وفيسبعة مايو، ودع ملتون أولاده وآوى إلى مخبأ مع أحد الأصدقاء. ولكن كشف أمره وأودع السجن، وبات مصيره لمدة ثلاثة أشهر مرهوناً بما يقرره البرلمان الملكي ورأى كثير من الأعضاء أنه إذا كان ثمة من يستحق الإعدام، فهوملتون. وكان هذا متسقطاً. ولكن مارڤل دافينانت وبعض الأعضاء الآخرين توصلوا إلى البرلمان حتى يرحم شيخوخته وبصره المكفوف فاكتفى البرلمان بالأمر بإحراق بعض خط بعينها من مؤلفاته، حيثما وجدت. وأطلق سراحه في 15 ديسمبر، فاتخذ داراً في هلبورن، انتقل إليها هووأولاده، حيث انصرف-بعد أحد عشر عاماً صاخباً عصبياً مضطرباً، عن النشر، إلى الفترة الثانية من نظم الشعر، وهي فترة بالغة الروعة والعظمة.

الشاعر العجوز

جون ميلتون في أواخر أيامه.

وجد ملتون بعض السلوى والعزاء في العزف على الأرغن وفي الغناء، ويقول أوبري "كان صوته رخيماً رقيقاً" وفي 1661 انتقل إلى دار أخرى، وفي 1664 استقربه المقام نهائياً في بيت في Artillery Wolk، فيه حديقة صغيرة استطاع حتى يتسار فيها دون حتى يقوده أحد سوى يديه وقدميه. وكثيراً ما أقدم إليه أبناء أخته لزيارته ومعاونته، وقد نسوا ما كال لهم من ضرب في سابق الأيام، كما اتى إليه الأصدقاء ليقرئوا له، أويخطوا ما يمليه عليهم. وتولى بناته الثلاث خدمته بصبر نافد وجهد جهيد. وكانت كبراهن-آن-عراتى شوهاء لكناء. وكانت ديبورا تتولى له الكتابة، وتفهمت هي وأختها ماري قراءة اللاتينية واليونانية والعبرية والفرنسية والإيطالية والأسبانية، ولوأنهما لم تكونا تفهمان ما تقرآن. والحق حتى أياً منهما لم تمضى قط إلى مدرسة، ولكنهن تلقين بعض الدروس الخاصة. ولكن لم يحظين من التعاليم إلا بأقل نصيب، على أحسن الفروض وباع ملتون معظم مخطته قبل وفاته، لأن بناته لم تعنين بالخط إلا قليلاً. وشكا من أنهن بعين الخط خفية، وأنهن أهملن شأنه في وقت الحاجة والشدة، وأنهن تأمرن مع الخدم على مغالطته وسلبه عند شراء حاجيات المنزل، ولم تشعر البنات بالسعادة في هذا البيت الكئيب، مع والد قاسٍ كثير المطالب سريع الغضب. ولما سمعت ابنته ماري بأنه يرتب لزواج حديث نطقت: "ليس ثمة أنباء تستحق حتى تسمع عن زفافه، ولكن النبأ الجدير بالاستماع هونبأ وفاته"(. واتخذ ملتون في 1663، وهوآنذاك في الخامسة والخمسين، زوجة ثالثة، هي اليزابث منشول، وكانت في الرابعة والعشرين من العمر. وتولت خدمته بإخلاص وأمانة حتى آخر أيام حياته. وبعد سبع سنوات مع زوجة الأب التي وصفها أوبري بأنها "وديعة مسالمة مرحة مقبولة" هجر البنات الثلاث منزل والدهن، ليتفهمن، على نفقة ملتون بعض الحرف.

الفردوس المفقود

ملتون يملي الفردوس المفقود على بناته الثلاث، ح. 1826. بريشة اوجين دلاكروا
قصيدة الفردوس المفقود مترجمة للعربية. لقراءة القصيدة، اضغط على الصورة.

وكانت عودة الملك قد كلفته كثيراً، وكادت حتى تكلفه حياته، ولكنها مهدت الطريق لنظم "الفردوس المفقود". فلولاها من الممكن أفنى ملتون نفسه في التراشق بالنشر في المعركة، لأن "المقاتل" كان في مثل قوة "الشاعر" في شخصه. وبرغم هذا كله، لم يودع ملتون قط الأمل في حتى يخط لإنجلترا شيئاً تتغنى به لقرون قادمة. وفي 1640 أعد بياناً بموضوعات يمكن حتى تكون ملحمة أودراما، كان من بينها موضوع خطيئة آدم (خروجه من الجنة)، وأساطير الملك آرثر (ملك بريطانيا الذي يفترض أنه عاش في القرن السادس ق.م.، وبطل المائدة المستديرة) وتأرجح بين اللاتينية والإنجليزية، بأيتهما يخط، وحتى حين قر قراره على "الفردوس المفقود"، موضوعاً له، فكر في حتى يخطه على شكل مأساة إغريقية، أورواية دينية، على غرار روايات العصور الوسطى، وفي أوقات مختلفة نظم بعض أبيات أومقطوعات أدخلت فيما بعد في القصيدة. ولم يتسن له إلا بعد وفاة كرومول، حتى يجد فسحة من الوقت يومياً، ليخط الملحمة، وفي 1658 فقد بصره تماماً.

في الأيام السود، وألسن السوء، ولوأنها ولت، فقد لفنا الظلام واكتنفتنا الأخطار من جميع جانب.

وتواردت على ذهنه الأبيات، حين كان يرقد عاجزاً أرقاً، ويكاد ينفجر بها. فينادي على من يخط له قائلاً: "إنه يحتاج إلى من يحلبه". وكانت تنتابه حمى الشعر، فيملي أربعين بيتاً "في نفس واحد"، ثم يجد في تسليمها عندما تعاد تلاوتها عليه. ويحتمل ألا تكون ثمة قصيدة نظمت بمثل هذا الجد والكد والشجاعة والجراءة. وداخل ملتون شعور قوي بأنه يمثل لإنجلترا هوميروس واشعيا معاً، حيث افترض بأن الشاعر صوت الله، وأنه نبي أوحي إليه حتى يفهم الناس.

وفي 1665، حين انتشر الطاعون بلندن، اتخذ التدابير صديق سجين من الكويكرز، هوتوماس الوود، لنقل ملتون ليقيم في "كوخه المكون من عشة حجرات في "كالفونت سانت شيل في بنكجهام مشير". وهناك في هذه "المقصورة الجميلة" أكمل الشاعر "الفردوس المفقود" ولكن من ذا الذي يقدم على نشرها،يا ترى؟ لقد كانت لندن في اضطراب بالغ في 1665-1666 بسبب الحريق الذي اتى في أعقاب الطاعون، وإذا كان ثمة شيء من الفرح والمرح باق، فهوعودة الملكية في صخبها وعربدتها. وفي حالة نفسية ليس معها مجال لملحمة من 10558 بيتاً الخطيئة الأولى. لقد حصل ملتون من قبل على ألف من الجنيهات عن رسالته "دفاع الشعب الإنجليزي" أما الآن، في 27 إبريل 1667، فقد باع جميع حقوقه في "الفردوس المفقود" إلى الناشر صمويل سيمونز لقاء خمسة جنيهات نقداً، مع الاتفاق على دفعات أخرى قيمة جميع منها خمسة جنيهات، يتوقف تسديدها على ما يباع من الكتاب، فكان جميع ما حصل عليه هو18 جنيهاً. ونشرت القصيدة في أغسطس 1667. وبيع منها العامين الأولين 1300 نسخة، وفي الأحد عشر عاماً الأولى بيع 3000 نسخة. وربما لا يقبل على القراءة القصيدة بأكملها مثل هذا العدد من القراء في أية سنة من أيامنا هذه، فليس لدينا فراغ كبير، حتى لقد اخترعنا كثيراً من الأدوات التي توفر الجهد.وتشهجر "الفردوس المفقود" مع "انياذة فرجيل"، فيما أصاب كلتيهما من نكسة وتعويق، لظهورهما بعد الياذة هوميروس، فإن مشاهد المعركة والمحاربين الخارقين للطبيعة يفقدون قوتهم وسحرهم، ولكنهم تقليداً ومحاكاة. ولا ريب في حتى هوميروس قلد نماذج قديمة، ولكنا نسيناها ولم نعد نذكرها، ومضى جونسون إلى حتى "الفردوس المفقود"، بطبيعة موضوعها، تمتاز على ما عداها، بأنها ممتعة مشوقة للجميع دائماً "ولكنه

اعترف بأن" أحد لم تساوره الرغبة في حتى تكون أطل مما هي. حتى موضوع "الخطيئة الأولى للإنسان. وثمار الشجرة المحرمة التي جلب مذاقها القاتل الموت والفناء على العالم، وجلب علينا جميع الكروب والويلات"، كان موضوعاً مناسباً إلى حد كبير، لأيام شباب ملتون، حين كان يتلقى سفر التكوين على أنه تاريخ، وحين كانت الجنة والنار، والملائكة والشياطين، هي نسيج التفكير اليومي. أما اليوم فإن موضوع القصيدة أكبر عائق في سبيلها، إنها سيرة خرافية تروي للشبان في أحد عشر قسماً، وأن الاستمرار في مشاهدة مثل هذا العرض الطويل اللاهوت من البداية حتى النهاية جاف قاس عتيق، ليتطلب اليوم جهداً شاقاً متصلاً. وما كان الهراء ليسي عليه يوماً مثل السمووالحملة قط. إذا عظمة المشهد وجلاله، ومعانقة الجنة والنار والأرض، والانسياب الفخم المهيب للشعر المرسل، ومعالجة الموضوع المعقد ببراعة فائقة، والوصف الرقيق الجديد للطبيعة، والمحاولة الموفقة لإسباغ الواقعية والشخصية على آدم وحواء، وكثرة البتر الشعرية البالغة الروعة والقوة، جميع أولئك بعض الأسباب التي جعلت من "الفردوس المفقود" أعظم قصيدة في اللغة الإنجليزية.

وتبدأ السيرة في جهنم حيث الشيطان على هيئة طائر "ضخم الجسم"، ذي جناحين مبسوطين، ينصح ملائكته الهابطين بألا ييأسوا:

لم يضع جميع شيء، فإن الإرادة التي لا تقهر، وتدبر للأخذ بالثأر والكراهية التي لا يخبوا أوارها أبداً، والشجاعة التي لا تخضع ولا تستسلم، أما حتى تنثني متوسلة للرحمة، على ركبتين ضارعتين، وتعظم من سلطانه...فهذا أمر دنئ حقاً هذا خزي وعار أنكى من هذا السقوط ويبقى العقل والروح ولا سبيل إلى قهرهما.

وكأني بهذه الأبيات تردد صدى كرومول وهويتحدى شارل الأول، وصدى ملتون وهويتحدى شارل الثاني؛ وثمة عدة بتر في وصف الشيطان تذكرنا بملتون:

عقل لا يغير منه زمان أومكان، فالعقل راسخ في مكانه، يستطيع في نفسه حتى يجعل من الجنة جحيماً، ومن الجحيم جنة.

وفي الأجزاء القديمة من القصيدة نجد حتى فصاحة ملتون أغرته بأن يرسم لإبليس صورة تكاد تتسم بالود والعطف، وكأنه زعيم ثورة ضد السلطة الرسمية الاستبدادية. وتخلص الشاعر من حتى يجعل الشيطان بطل الملحمة بتصويره، فيما بعد، بأنه "أبوالأكاذيب" الذي "يجثم مثل ضفدع الطين" أوكالأفعى التي تنزلق ملتوية فوق الوحل. ولكن في هذا القسم من الملحمة نفسه ينهض الشيطان مدافعاً عن الفهم: الفهم محرمة محظورة،يا ترى؟ لما ينفس عليهما ربهما ذلك،يا ترى؟ هل تكون الفهم إثماً،يا ترى؟ أوتكون فناء،يا ترى؟ هل يعيشان (آدم وحواء) على الجهل وحده،يا ترى؟ أوحتى حالتهما السعيدة هي مرشد طاعتهما وإيمانهما،يا ترى؟ سأثير في عقليهما مزيداً من الرغبة في الفهم.

ومن ثم يحاور حواء وكأنه كنيسة عقلانية تحمل على كنيسة جامدة تعيش في ظلام الجهل، تقف عقبه كأداة في طريق انتشار الفهم:

لماذا إذن كان هذا التحريم؟. لما كان، إلا ليرهب عباده ويبقيهم على حالة من الانحطاط والجهل، إنه يفهم أنه في اليوم الذي تأكلان من تلكما الشجرة، فإن أعينكما التي تبدوالآن صافية ولكنها كليلة، يفترض أن تنفتح وتصفوتمام الانفتاح والصفاء، ومن ثم تكونان مثل الآلهة.

ويأمر روفائيل، وهوأحد الملائكة، آدم، بأن يكبت من حبه لاستطاع الكون، فليس من الحكمة حتى يتطلع الإنسان إلى فهم ما وراء نطاقه الفاني(115) فالإيمان أعقل من الفهم.

وكان لنا حتى نتسقط ألا يفسر ملتون "الخطيئة الأولى" بأنها رغبة في الفهم، بل أنها علاقة جنسية. أنه على النقيض من ذلك، ينشد تسبيحة غير بيوريتانية إطلاقاً، من أجل مشروعية اللذة الجنسية، في حدود الزواج، ويصور آدم وحواء منغمسين في مثل هذه القيم المادية، مع بقائهما على "حالة البراءة"، ولكن بعد "الخطيئة" أي أكل الفاكهة المحرمة من شجرة الفهم-بدأ يستشعران الخزي والعار في الاتصال الجنسي. وهنا ينظر آدم إلى حواء على أنها مصدر جميع الشر، "ضلع أعوج بالطبيعة" ويرثي لأن الله خلق المرأة:

لماذا خلق الله في النهاية هذه البدعة على الأرض، هذه العلة الجميلة في الطبيعة، ولم يملأ العالم على الفور، برجال مثل الملائكة، دون أثاث، أويجد طريقة أخرى لتوالد بني البشر؟

ومن ثم فإن الإنسان الأول، في تاريخ الزواج في الكتاب المقدس، سرعان ما اصطنع ذريعة ليطلق الرجل زوجته في سهولة ويسر، وهنا نجد ملتون ينسي آدم، ويكرر شعراً ما تجاوز حتى ذكره نثراً، عن خضوع المرأة خضوعاً حقيقياً تاماً للرجل. وسيعود إلى هذه اللازمة في قصيدة "Samson Agoniates". فهي حلمه الأثير الحبيب إلى نفسه. وفي رسالته السرية "العقيدة المسيحية" دافع عن إعادة "تعدد الزوجات"، ألم يجره العهد القديم. ألم يهجر العهد الجديد هذا القانون الحكيم الشجاع دون إلغاء أوتعطيل؟.

ومهما فسرت "مخالفة الإنسان الأول لأمر ربه" (الخطيئة الأولى)، فقد ثبت أنها موضوع أصغر من حتى يملأ اثني عشر قسماً، لأن الملحمة تتطلب سلسلة من الأحداث والأعمال، ولكن حيث حتى ثورة الملائكة انتهت حين بدأت السيرة. فإن المسرحية لا تدخل إلى القصيدة إلا عن طريق الذكريات أوالعودة إلى الماضي، وهوصدى آخذ في الذبول والزوال. ومشاهد المعركة موصوفة وصفاً جيداً، بما في ذلك التصارع المناسب بالسلاح، وشج الرؤوس وتقطيع الأوصال، ولكن من العسير حتى تشعر بالألم أوبنشوة الابتهاج لهذه الضربات الخيالية. وعلى غرار الكتاب المسرحيين الفرنسيين يطلق ملتون لنفسه العنان للخطابة، فالجميع ابتداء من "الله" إلى حواء يخطبون، ولم يجد الشيطان في سعير جهنم ما يحول بينه وبين البلاغة وأنه لمن المزعج حقاً حتى نفهم أنه حتى في الجحيم سنكون مضطرين إلى الاستماع إلى محاضرات".

"والرب" في هذه القصيدة ليس هوالتألق الذي يجل عن الوصف الذي تحس به في "جنة دانتي" فهوفي القصيدة فيلسوف سكولاس (فيلسوف نصراني من العصور الوسطى)، يدلي بأسباب مطولة غير مقنعة، لأنه وهوالقادر على جميع شيء، يجيز للشيطان حتى يوجد، وإن يغوي الإنسان، متنبئاً، طوال الوقت، بأن هذا الإنسان سيبذل ويخضع، ويجلب على البشرية يأسرها قروناً من الخطيئة والشقاء والتعاسة. ويحاج بأنه بدون الإثم لا تكون الفضيلة، وبدون التجربة لا توجد الحكمة والتعقل، ويرى أنه من الأفضل حتى يقابل الإنسان الإغراء ويقاومه، من عدم التعرض للإغراء إطلاقاً، دون حتى يتسقط أبداً حتى الصلوات يفترض أن تتوسل إلى الله ألا يقود الإنسان إلى الغواية والإغراء. ومن ذا الذي يطبق التعاطف مع تمرد الشيطان على هذا السادي الذي لا يصدق،يا ترى؟ (السادية: الابتهاج بالقسوة المفرطة).

وهل كان ملتون يؤمن حقاً بهذا الهول الجبري المقدر؟. من الواضح أنه كان كذلك، لأنه بسط الكلام فيه، لا في "الفردوس المفقود" فحسب، بل في رسالته السرية "العقيدة المسيحية" كذلك. أي حتى الله، قبل خلق الإنسان بزمن طويل، قدر أي الأرواح يخط لها الخلاص، وأيها قدر عليها العذاب المقيم. وانطوت هذه الرسالة، على أية حال، على شيء من الهرطقة. ولم ينشرها ملتون قط، ولم يكشف أمرها إلا في 1823، ولم تصل إلى المطبعة إلا في 1825.

إن هذه الرسالة وثيقة جديرة بالذكر، فهي تبدأ في إطار من التقوى، ودون جدل أولجاجة، بافتراض حتى جميع حدثة في الكتاب المقدس هي وحي من عند الله. وسلم ملتون بأن نصوص الكتاب المقدس قد طرأ عليها "التزييف والتشويه والتبديل" ولكنها حتى في صيغتها الراهنة، من خلق الله. وهولايجيز غير التفسير الحرفي الأمين. فإذا اتىت الأسفار بأن "الرب"، استراح، أوخاف، أوخاف، أوندم، أوكان غاضباً، أوحزينا، فإنه ينبغي حتى تؤخذ هذه الألفاظ بمعناها الظاهري، ألا تخفف على أنها مجازات، بل كذلك أجزاء الجسم والصفات الجسدية التي تنسب إلى "الله" يجب قبولها على أنها حقيقية من الوجهة المادية. ولكن "الله" بالإضافة إلى هذا الكشف الظاهري الذي اتىت به الأسفار المقدسة والذي يكشف به عن كنهه فإنه، زودنا بوحي داخلي، هوالروح القدس الذي يتحدث في داخل قلوبنا. وهذا الوحي الداخلي "الملك الخاص لكل مؤمن، أسمى بكثير...ومرشد أصدق، من الأسفار المقدسة(124). ومهما يكن من أمر، فإن ملتون يقتبس من الكتاب المقدس، ما يؤيد ما يسوق من حجج، على أنه البرهان الحاسم الدامغ.

وعلى أساس من الأسفار المقدسة، ينبذ ملتون نظرية الثالوث الأقدس التقليدية، ويؤثر عليها هرطقة آريوس (الذي بقول بأن المسيح ليس من مادة الله، بل هوخير خليقة فقط)، فالمسيح بكل معنى الحدثة، أبن الله، ولكن الأب ولده في زمن ما، ومن ثم فهوغير معاصر للأب وليس متساويا معه أبداً. فالمسيح هوالوسيط الذي خلقه الله على أنه "اللوجوس أي الحدثة" الذي سيخلق منها جميع من عداه. ولا يسلم ملتون "بالخلق من العدم"، فعالم المادة، مثل عالم الروح؛ انبثاق أوفيض سرمدي من المادة الإلهية. وحتى الروح نفسها، فهي مادة رقيقة جداً أثيرية، ولا يجوز تمييزها تمييزاً حاداً عن المادة. وفي النهاية، المادة والروح، والجسم والنفس في الإنسان، شيء واحد. وثمة شبه كبير يستحق الملاحظة بين هذه الآراء، وآراء هوبز (1588-1689) وسبينوزا (1632-1677)، وقد نرى أنهما فارقا الحياة في نفس العقد من السنين الذي توفي فيه ملتون (1608-1674). وربما أطلع ملتون على مؤلفات هوبز التي لها دوي ملحوظ في بلاط شارل الثاني.

وظلت عقيدة ملتون خليطاً غريباً من التوحيد والمادية، ومن ممضى حرية الإرادة عند جاكوب أرمينيوس (لاهوتي بروتستانتي هولندي 1506-1609)، ومن ممضى الجبرية أوالقضاء والقدر عند كلفن. ويبدوفي كتاباته أنه كان رجلاً متعمقاً في أمور الدين. ومع ذلك لم يمضى قط إلى الكنيسة حتى قبل فقد بصره، ولم يقم الشعائر الدينية في بيته. وخط دكتور جونسون:"في توزيع ساعاته لم يخصص وقتاً للصلاة، وحده، أومع أهل بيته. وحذف الصلوات العامة، لقد حذف الصلوات جميعاً". وازدرى رجال الدين، ونعني على كرومول احتفاظه بعدد من رجال الدين تدفع الدولة رواتبهم، على أنه لون من "عبادة الأوثان"، يؤذي الدولة والكنيسة معاً. وفي أحد بياناته الأخيرة "بحث في العقيدة الحقة، والهرطقة والانشقاق عن الكنيسة والتسامح، وأمثل الطرق للحيلولة دون نموالبابوية" (1633) عارض بطريق مباشر الإعلان الثاني الذي أصدره شارل الثاني عن التسامح (1672)، محذرا إنجلترا من التسامح مع الكاثوليك وأنصار التوحيد، أوأية شيعة أخرى لا تعترف بالكتاب لمقدس أساساً وحيداً لممضىها.

أن هذا الرجل الذي تفوح منه رائحة الهرطقة، عهد عنه مقاومة رجال الدين وتدخلهم في الشؤون العامة والخروج على الكنيسة، هونفس الرجل الذي أخرج للعقيدة المسيحية أكرم شرح حديث لها.

السنوات الأخيرة

احتفظ ملتون مع دخوله في العقد السابع من العمر، فيما خلا فقد البصر، بصحبة جسمه واعتداده بنفسه، وهما اللذان دعماه وسانداه في جميع الصراعات الدينية والسياسية التي خاضها. ويصفه أوبري بأنه "نحيل...متوسط القامة"...فهوجسم جميل متناسب الأجزاء، وبشرته فوق المتوسطة...سليم الجسم، لا يشكوعلة، قلما يتناول الدواء، جميع ما في الأمر حتى النقرس انتابه في أخريات أيامه (129)". وكان شعره الذي فرقه في الوسط يتدلى على كتفيه في حليقات أوعقصات. ولم تنبئ عيناه عن فقد بصره. وظلت مشيته ثابتة منتصبة. وكان إذا غادر بيته بدا على زيه شدة الحساسية والكلف بملابسه، وتمنطق بسيف، لأنه كان فخوراً ببراعته في المبارزة واللعب بالسيف(130). وأضفت عليه الثقة الزائدة عن الحد وقاراً، وعزوفاً عن المرح. ولكنه كان مع ذلك حلوالحديث إلا إذا لقي معارضة. ولم يكن بيوريتانياً بكل معنى الحدثة: كان عنده شعور البيوريتانيين بالإثم، والجحيم والإصطفاء والأسفار المقدسة التي لا تخطئ، ولكنه استساغ الجمال واستمتع بالموسيقى، وألف رواية، واحتاج إلى عدة زوجات، وتخلفت أثاره من حيوية عصر اليزابث وسطر زانته الخالية من المرح. وكان أنانياً، أوأنه كشف عن أنانيته الطبيعية إلى حد الإفراط غير المألوف. إنه كما نطق أنطوني رود: "لم يكن يجهل مواهبه(131)"، وكما نطق جونسون: "قل من الرجال من خط كثيراً وامتدح قليلاً من الناس، مثله"، وربما تطلبت العبقرية أنانية يدعمها اعتداد داخلي بالنفس، حتى تقف في ثبات في وجه الجمهور. إذا أثقل ما يمكن قبوله في ملتون هوطاقة الكراهية والبغضاء عنده، وإساءته المفرطة لمن اختلفوا عنه ومضى إلى أنه ينبغي علينا حتى نصلي من أجل أعدائنا، ولكن ينبغي أيضاً حتى نستنزل اللعنات جهاراً على أعداء الله وأعداء الكنيسة، وكذلك على الأخوان المضللين الزائفين، أومن يقترفون الآثام الفظيعة ضد الله، أوحتى ضد أنفسهم". أما الوجه الآخر لهذه العاطفة المشبوبة، فهوشجاعة النبي في استنكار زمانه، فإنه بدلاً من حتى يكمم فاه ما اقترن بعودة الملكية من شغف وصخب، هاجم في عنف، غراميات البلاط "في عهد تشارلز الثاني"، "والشهوات والاغتصاب" في القصور، و"البسمات المشتراة على شفاه بنات الهوى" و"المسرحيات الخليعة أوحفلات الرقص في منتصف الليل".

وكأنما كان ملتون يقذف بآخر سهم في جعبته تحدياً للعصر المظلم، حين نشر في يوم واحد (20 سبتمبر 1671) في غير ما شفقة ولا رحمة، اثنين من أعماله: "الفردوس المستعاد" و"شمشون المعذب". في 1665 بعد حتى انتهى توماس إلوود من قراءة ملحمة ملتون الأولى تحداه قائلاً: "لقد تحدثت هنا كثيراً عن الفردوس المفقود، فماذا عساك تقول الآن عن الفردوس الذي وجد؟"، وطرقت الفكرة ذهنه بشدة، ولكنه تسائل: كيف من الممكن أن يعرض استعادة الفردوس في أية فترة في التاريخ، فإن موت المسيح نفسه لم يطهر الإنسان من الجريمة والشهوة والحرب ولكنه فكر أنه رأى في مقاومة المسيح لإغراء الشيطان، وعداً بأن جانب الله في الإنسان لابد يوماً حتى يقهر جانب الشيطان في الإنسان نفسه، ويهيئه للحياة تحت حكم المسيح والعدالة على الأرض.

ومن ثم فإن ملتون في الأقسام الأربعة من "الفردوس المسترد"، لم يركز في حياة المسيح على الصلب، بل على "تجربة الإغراء في البرية"، حيث يقدم الشيطان للمسيح "ولداناً...أجمل من سقاة الآلهة"، ثم "الحور والعذارى الفاتنات، وسيدات من حدائق التفاح المضىي" ثم يعرض عليه المال والثراء-ولكن أولئك دون جدوى. ثم يريه الشيطان روما الإمبراطورية تحت حكم تيبريوس المنهوك المكروه الذي لم يعقب، فهلا يريد المسيح حتى يقود ثورة بعون من الشيطان، وينصب نفسه إمبراطوراً على العالم،يا ترى؟ ولما لم يرق هذا في عيني يسوع ، ولم يستهوقلبه فإن الشيطان، أراه أثينا بلد أرسطووأفلاطون، فهلا رغب في اللحاق بهما ليكون فيلسوفاً،يا ترى؟ ثم يدخل المسيح والشيطان في محادثة غريب حول مزايا الأدب اليوناني والعبري. فينحاز المسيح إلى جانب أنبياء وشعراء بني إسرائيل على أنهم أسمى بكثير من اليونانيين:

أخذت اليونان عنا هذه الفنون، ولم تحسن تقليدها.

وبعد قسمين من الملحمة استغرقهما الحوار، أقر الشيطان بهزيمته، وبسط جناحيه وطار، على حين تتجمع فرقة من الملائكة حول المسيح المنتصر، وتنشد:

الآن انتقمت لآدم المغدور به، وبالتغلب على الإغراء استعدت الفردوس المفقود.

ولم يروِ ملتون لنا السيرة بمثل الروعة الفياضة الرنانة التي تجلت في الملحمة الأولى الكبرى، ولكن بمثل براعته في الشعر، وميله إلى الحاجة، وهما أمران معهودان فيه، كما كشف في السيرة حتى حادث صلب المسيح، وربما كان مرد ذلك إلى أنه لم يتفق مع القائلين بـأن موت المسيح هوالذي فتح أبواب الجنة من جديد. فالفضيلة وضبط النفس وحدهما اللذان يجلبان السعادة. ولم يدرك ملتون قط لما رفضت إنجلترا حتى تأخذ بمأخذ الجد، إعادة كتابة الأناجيل على هذا الشكل المضحك، ومضى إلى القول بأن الملحمة الثانية ليست أقل من الملحمة الأولى، اللهم إلا من حيث مداها. وكان لا يطيق حتى يسمع حتى "الفردوس المفقود" تفضل "الفردوس المسترد".

وتألقت عبقرية ملتون لآخر مرة في "شمشون أجونست-الجبار". إنه بعد حتى تحدى هوميروس وڤرجيل ودانتي، بملحمته، نراه الآن يتحدى أخيللس وسوفوكليس برواية ارتضت جميع القيود المأساة (التراجيديا) اليونانية. وهوفي المقدمة يطلب إلى القارئ حتى يلحظ حتى المسرحية (الدراما) تخضع للوحدات التقليدية القديمة، وتتجنب "خطأ الشاعر في خلط المادة الهزلية (الكوميدية) بأحزان المأساة ووقارها ورهبتها، أوفي إدخال شخوص تافهين مبتذلين. وهنا نجد ملتون يولي ظهره لعصر اليزابث، ويشق طريقه إلى اليونان ولا يبعد كثيراً عن النماذج اليونانية. إذا شمشون الذي فارقته قوته بعد حتى حلقت دليلة سبع خصلات من شعر رأسه، وقلع من أوثقوه من الفلسطينيين عينيه، نقول حتى شمشون هذا لا يحكي فقط، أوديب المكفوف في كولونس، بل أنه يحكي ملتون نفسه يعيش في عالم بغيضاً يرى منه أثراً:

"ضريران أعداء، أواه هذا شيء أسوأ من الأغلال أوالزنزانة أوالتسول، أوالعجز بعمل الهرم، فالضياء، وهوفاتحة خلق الله، منطفئ أمامي، ولا أملك من مباهجه شيئاً. من الممكن كان يهدي من آلامي وأحزاني، آه، أنه الظلام والقتام والحكمة وسط وهج النور عند الظهيرة، ينشر كسوفاً كليلاً لا خلاص منه، دون أي أمل في بزوغ النهار".

والحق حتى الرواية كلها يمكن تفسيرها بأنها سيرة رمزية متناغمة متماسكة: فملتون هوشمشون يناضل ويتعذب في محنته، وبنوإسرائيل المقهورون هم البيوريتانيون، أي الشعب المختار حطمته عودة الملكية، والفلسطينيون هوالملكيون الوثنيون المنتصرون، وهدم هيكلهم يكادقد يكون تنبؤاً "بالثورة الجليلة" التي أطاحت بآل ستيوارت "الوثنيين" في 1788. أما دليلة فهي المرأة الخائنة ماري پاول، Powell. وتكرر فرقة الموسيقى (الكورس) حجج ملتون وناقشاته من أجل الطلاق. ويكاد ملتونقد يكون قد تخلص من غضبه وحقده بترديد تلك الحجج والناقشات على لسان شمشون الذي يتقبل نهايته التي لابد آتية:

"سوف تمضي سلالة المجد، أما سلالة الخزي والعار التي ستبقى فسألحق بها وشيكاً."

وفي يوليه 1674 أحس ملتون بأنه يضعف وتنحط قواه، ولأسباب لا نفهمها أهمل تدوين وصيته. وبدلاً من ذلك وجه إلى أخيه كريستوفر وصية "شفوية" تكاد تكون غير مسطورة، نقلها كريستوفر على وجه الآتي:

"أخي، إني أهجر نصيبي من هجرة مستر پاول Powell والد زوجتي السابقة، لأولادي العاقين، ولكني لم أتسلم شيئاً منه ووصيتي ومقصودي ألا يستولوا على أي جزء آخر من ضيعتي أكثر من الجزء المذكور، ومما ضيعت من أجلهم، غيره، لأنهم قصروا أشد التقصير في القيام بواجباتهم نحوي، أما بقية ضيعتي فأني أضعها تحت تصرف زوجتي الحبيبة إليزابث."

وأعاد ملتون هذه الوصية الشفوية على أسماع زوجته وأناس غيرها في أوقات مختلفة.

وتشبث ملتون بالحياة في عزيمة قوية. ولكن آلام النقرس اشتدت عليه يوماً بعد يوم حتى شلت يداه وقدماه. وفيثمانية نوفمبر 1674 وأنهكت الحمى قواه، وفارق الحياة في تلك الليلة. وعاش ملتون خمساً وستين سنة وسبعة أشهر. ودفن في مقبرة كنيسة الأبرشية، في سانت جيل كربلجيت، بجوار والده.

وكان القانون الإنجليزي يعترف بالوصايا الشفوية حتى 1677، ولكن المحاكم كانت تدقق قيها تدقيقاً شديداً. واعترض البنات على وصية أبيهم، ورفضها القاضي، ومنح ثلثي المال للزوجة، والثلث الباقي، وقدره 300 جنيه للبنات. أما الحصة في أموال پاول فلم يدفع منها شيء قط.

وأنا لنفهم عن ملتون أكثر كثيراً مما نفهم عن شكسبير، ولا بد من تدوين الكثير عنه حتى نخرج له صورة حقيقية أونصفه وصفاً كاملاً. ولكنا لا نزال نجهل ما يكفي للحكم عليه-إذا كان هذا ممكناً بالنسبة لأي رجل. فنحن لا نفهم، بشكل كاف، لما أثار بناته استياءه إلى هذا الحد، ولا كيف من الممكن أن عاملن زوجته الثالثة التي واسته وأراحته في سني شيخوخته، ولكنا نستطيع فقط حتى نبدي الأسف على أنه عجز عن كسب حبهم. ولسنا ندري بالتفصيل لما ارتضى حتىقد يكون رقيباً على الصحافة أيام كرومول، بعد دفاعه المجيد عن "حرية المطبوعات". ويمكن حتى نعزوكثيراً من تعسفه وبذاءته في الخصومة إلى أحول العصر ومعاييره. وقد نغتفر غروره وأنانيته باعتبارهما الركيزة التي تستند إليها العبقرية إذا لم تجد إلى القليل من ثناء الدنيا وإطرائها. ولسنا بحاجة إلى الاستماع به رجلاً. والإعجاب به شاعراً، وواحداً من أعظم الناشرين الإنجليز.

إن الذين يعتزمون قراءة الفردوس المفقود من البداية إلى النهاية، سيتولاهم الدهش إذ يجدون أنها غالباً ما تحلق في آفاق عالية من الخيال والبيان، حتى ليغتفرون إذا عاجلاً أوآجلاً، الصفحات المملة المحشوة بالنقاش أوالعلوم أوالجغرافيا، وكأنها بمثابة فترات لالتقاط الأنفاس من فرط الثأر والتحليق. وأنه لمن الحمق حتى نتسقط حتى تظل هذه التحليقات المفرطة في التناغم والعاطفة بصفة مستمرة، فقد يحدث هذا في القصائد القصيرة. وهناك في نثر ملتون وبخاصة في "الأريوباجيتيكا"، بتر، لا يسموعليها، في قوتها وروعتها، وفكرها وموسيقاها، شيء من سلسلة الأدب الدنيوي في العالم.

وأضفى عليه معاصروه شهرة يشوبها الحسد والتذمر، وفي الفترة التي صعد فيها حزبه إلى منصة الحكم، كان مناضلاً ثائراً، ونسيت قصائده الغنائية الأولى. ونشر ملتون قصائده الكبرى في عهد عودة الملكية، ذلك العهد الذي احتقر شيعته، ورضي له البقاء على قيد الحياة، على كره منه. وعندما طلب لويس الرابع عشر من سفيره في لندن حتى يعدد له أحسن الكتاب الإنجليز الأحياء، كان جواب السفير: لا يوجد منهم من يستحق الذكر إلا ملتون الذي دافع من قبل، من سوء الحظ، عن اغتال الملوك الذين كانوا آنذاك يشنقون أحياء أوأمواتاً. وحتى في هذا العصر المستهتر المشاغب، على أية حال، نجد حتى أشهر شعرائه، جون دريدن، الذي نطق عنه ملتون من قبل أنه "ناظم قواف جيد، وليس بشاعر". نقول حتى دريدن هذا، اعتبر "الفردوس المفقود" "من أعظم وأروع وأسمى ما أبدع هذا العصر وهذه الأمة من قصائد". وبعد حتى دالت دولة أسرة ستيوارت عاد إلى ملتون مجده ومكانته الرفيعة. وأطنب أديسون في مداحه في مجلة "سبكتاتور". ومنذ ذلك الوقت ازدادت صورة ملتون حملة وقداسة في ضمير بريطانيا حتى ناجاه وردزوث في 1802:

"أي ملتون، ما كنا أجدرك حتى تكون حياً بيننا في هذه الساعة..، حتى روحك مثل نجم رحل عنا بعيداً، لقد كان لك صوت يهدر كالبحر، صاف مثل السموات المكشوفة، صوت كريم حر".

أن نفسه كانت مثل أثر باق، قام بعيداً عن أقرب الناس إليه، ولكن عقله حلق مثل السموات العلى، فوق جميع هموم البشر، وصوته يدوي في الاستماع مثل "البحر المتلاطم الأمواج" عند هوميروس.

ميلتون والاستعادة

ويمكن ان نضيف الى ذلك ان ميلتون شارك الكثيرين من شعراء النهضة ـ خاصة سبنسر ـ في القدرة على استخدام الأساطير الكلاسيكية بطريقة جادة في اطار من الشعر الديني. ولاشك ان احساس ميلتون بالكرامة وايمانه بالجنس البشري بصورة عامة منعه من تصوير الكائنات البشرية كديدان أوحتى شرذمة من المخطئين خلقوا من أجل ان يخطئوا.

خط ميلتون بكتابه الكثير من الأعمال الدينية ومن أشهرها «الأعمال الالهية والأيام» والتي تعطي نبذة عن خلق العالم ومسيرة الانسان داخل هذا العالم، وكذلك يتحدث ايضا عن سقوط الانسان بسبب آثامه المتكررة.

ويختلف الصراع الداخلي في أعمال ميلتون عن ذلك الموجود في أعمال الشعراء الميتافيزيقيين والآخرين، حيث يرى ميلتون ان الصراع ينشأ نتيجة للصدام بين انسان صالح وعالم ظالم وليس نتيجة لأخطاء وذنوب هذا الانسان.

كذلك يتميز ايضا بشغفه الزائد بالشعر الرعوي الذي ينبع من ايهامه بالطبيعة من حوله وجمالها الفتان، وكانت الفترة الأولى من كتابته في هذا المجال عن وصف تقليدي منظم ولكن ما لبث ان كون فكرة جديدة عن الطبيعة مؤداها انها رمز للانسجام الكامل مع السماء ويرى بعض النقاد ان السطر الافتتاحي من الفردوس المستعاد يضع الفردوس المفقود في مصاف الشعر الرعوي حيث يرى في هذا السطر ان الفردوس المفقود ما الا قصيدة عن الحديقة السعيدة!

ربما كون هذا الوصف غريبا بعض الشيء ولكن لوتعمقنا في أحداث الفردوس المفقود نجد ان قدرا كبيرا منها يتناول حياة آدم وحواء وقد كان النمط الرعوي مرتبطا بالمراحل الأولى من تطور ميلتون كشاعر، نلاحظ ان كثيراً من الشعراء اتبعوا النهج نفسه، عملى سبيل المثال نجد حتى سپنسر بدأ قبل حتى يخط قصيدته الشهيرة «The Fair Queen».

في الفردوس المفقود يوضح ميلتون كيفية فقدان انسان للجنة وذلك بسبب طاعته، ثم بعد ذلك يعرض الأسباب التي أدت لسقوط الانسان حيث يروي سيرة آدم وحواء مع الشيطان وكيف استطاع الشيطان حتى ينجح في اغوائهما بشتى الطرق من أجل معصية الله، وذلك عن طريق تحريضهما على الأكل من الشجرة التي تعهد بشجرة الفهم، أما في قصيدته «ليسيداس» فكان ميلتون يرثي الملك إدوارد الذي تحطمت سفينته ومات غرقا في البحر الايرلندي وكان عمره لا يتعدى الخامسة والعشرين.

ويتناول ميلتون هذه الفكرة بطريقة فيها نوع من الجدة والحداثة، حيث يحاول الشاعر ان يصنع إكليلاً من الزهور لصديقه المتوفى ولكن عندما يمضى لاحضار الزهور التي يصنع منها هذا الاكليل نجد ان الزهور لم تنضج بعد وهنا يحاول ان يوجد نوعا من العلاقة بين الزهور غير الناضجة وبين صديقه الذي توفي في ريعان شبابه، كما لوكان كلاهما قد قطف قبل أوانه. هذا المعنى عبّر عنه أمل دنقل اثناء سقمه الذي توفي فيه في قصيدته عن باقة الزهور.

أما في "عذاب شمشون" فهويحكي سيرة شمشون الذي سقط في الأسر وتم ايداعه سجن غزة. وبعد ذلك يرد المحاولات المتكررة من أصدقائه وأبيه (مانيو) لاخراجه من السجن، واثناء فترة سجنه يأمره الحاكم ان يستعرض قوته أمام الشعب في أحد الاحتفالات ولكنه يتمنع في البداية، ثم لا يلبث ان يوافق على ذلك وتستمر السيرة على هذا المنوال الى ان تنتهي بموت شمشون في مشهد تراجيدي مؤثر.

كذلك هناك الكثير من قصائد الحب المؤثرة في كتابات ميلتون ومنها على سبيل المثال قصيدته «كوموس» التي تحكي سيرة حب مثيرة بعيداً عن الاثارة الجنسية التي كانت تتصف بها كتابات ذلك العصر.

قصائد منشورة

آراء دينية وفلسفية

الفلسفة

الفكر السياسي

Title page of John Milton's 1644 edition of Areopagitica

فهم اللاهوت



التسامح الديني

الانفصال

التاريخ

إرثه وتأثيره

النقد المبكر لشعره

Title page of a 1752–1761 edition of "The Poetical Works of John Milton with Notes of Various Authors by Thomas Newton" printed by J. & R. Tonson in the Strand
الصفحة الأولى من شعر ميلتون

النظرية الرومانسية

إرثه الأدبي

Statue of Milton in Temple of British Worthies, Stowe


تأثيرات ملتونية

أعمال ملحمية ودرامية

  • 1631: لالگروL'Allegro
  • 1631: المفكر Il Penseroso
  • 1634: كوموس (مسرح الأقنعة)
  • 1638: ليسيداس Lycidas
  • 1645: قصائد السيد جون ميلتون، بالإنگليزية واللاتينية
  • 1655: في المذبحة الأخيرة في پيدمونت
  • 1667: الفردوس المفقود
  • 1671: الفردوس المسترد
  • 1671: شمشون الجبار
  • 1673: Poems, &c, Upon Several Occasions

نثر سياسين فلسفي وديني

  • Of Reformation (1641)
  • Of Prelatical Episcopacy (1641)
  • Animadversions (1641)
  • The Reason of Church-Government Urged against Prelaty (1642)
  • Apology for Smectymnuus (1642)
  • مبدأ الطلاق ونظامه (1643)
  • Judgement of Martin Bucer Concerning Divorce (1644)
  • Of Education (1644)
  • أريوپاگيتيكا (1644)
  • تتراكوردون (1645)
  • كولاستريون (1645)
  • ولاية الملوك والحكام (1649)
  • Eikonoklastes (1649)
  • دفاع الشعب الإنگليزي عن نفسه [الدفاع الأول] (1651)
  • الدفاع الثاني (1654)
  • A Treatise of Civil Power (1659)
  • The Likeliest Means to Remove Hirelings from the Church (1659)
  • الطريق الممهد والسهل لتأسيس كومنولث حر (1660)
  • Brief Notes Upon a Late Sermon (1660)
  • Accedence Commenced Grammar (1669)
  • تاريخ بريطانيا (1670)
  • Artis logicae plenior institutio [Art of Logic] (1672)
  • Of True Religion (1673)
  • Epistolae Familiaries (1674)
  • Prolusiones (1674)
  • A brief History of Moscovia, and other less known Countries lying Eastward of Russia as far as Cathay, gathered from the writings of several Eye-witnesses (1682)
  • De Doctrina Christiana (1823)

الهوامش

  1. ^ ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  2. ^ "Online Library of Liberty – Titles". Oll.libertyfund.org. Retrieved 4 January 2010.
  • مسقط نخبة: أول ترجمة عربية للشاعر جون ميلتون، قام بها: أحمد سامي
  • [1]

المصادر

  • Beer, Anna. Milton: Poet, Pamphleteer, and Patriot. New York: Bloomsbury Press, 2008.
  • Campbell, Gordon and Corns, Thomas. John Milton: Life, Work, and Thought. Oxford: Oxford University Press, 2008.
  • Chaney, Edward, The Grand Tour and the Great Rebellion: Richard Lassels and 'The Voyage of Italy' in the Seventeenth Century (Geneva, CIRVI, 1985) and "Milton's Visit to Vallombrosa: A literary tradition", The Evolution of the Grand Tour, 2nd ed (Routledge, London, 2000).
  • Dexter, Raymond. The Influence of Milton on English Poetry. London: Kessinger Publishing. 1922
  • Dick, Oliver Lawson. Aubrey's Brief Lives. Harmondsworth, Middl.: Penguin Books, 1962.
  • Eliot, T. S. "Annual Lecture on a Master Mind: Milton", Proceedings of the British Academy 33 (1947).
  • Fish, Stanley. Versions of Antihumanism: Milton and Others. Cambridge: Cambridge University Press, 2012. ISBN 978-1-107-00305-7.
  • Gray, Thomas. Observations on English Metre. "The Works of Thomas Gray". ed. Mitford. London: William Pickering, 1835.
  • Hill, Christopher. Milton and the English Revolution. London: Faber, 1977.
  • Hobsbaum, Philip. "Meter, Rhythm and Verse Form". New York: Routledge, 1996.
  • Hunter, William Bridges. A Milton Encyclopedia. Lewisburg: Bucknell University Press, 1980.
  • Johnson, Samuel. "Rambler #86" 1751.
  • Johnson, Samuel. Lives of the Most Eminent English Poets. London: Dove, 1826.
  • Lewalski, Barbara K. The Life of John Milton. Oxford: Blackwells Publishers, 2003.
  • A History of the County of Oxford: Volume 5: Bullingdon Hundred. 1957. pp. 122–134.
  • Masson, David. The Life of John Milton and History of His Time, Vol. 1. Cambridge: 1859.
  • McCalman, Iain. et al., An Oxford Companion to the Romantic Age: British Culture, 1776–1832. Oxford: Oxford University Press, 2001.
  • Milner, Andrew. John Milton and the English Revolution: A Study in the Sociology of Literature. London: Macmillan, 1981.
  • Milton, John. Complete Prose Worksثمانية Vols. gen. ed. Don M. Wolfe. New Haven: Yale University Press, 1959.
  • Milton, John. The Verse, "Paradise Lost". London, 1668.
  • Peck, Francis. "New Memoirs of Milton". London, 1740.
  • Pfeiffer, Robert H. "The Teaching of Hebrew in Colonial America", The Jewish Quarterly Review (April 1955).
  • Rosenfeld, Nancy. The Human Satan in Seventeenth-Century English Literature: From Milton to Rochester. Aldershot: Ashgate, 2008.
  • Saintsbury, George. "The Peace of the Augustans: A Survey of Eighteenth Century Literature as a Place of Rest and Refreshment". London: Oxford University Press. 1946.
  • Saintsbury, George. "A History of English Prosody: From the Twelfth Century to the Present Day". London: Macmillan and Co., 1908.
  • Scott, John. "Critical Essays". London, 1785.
  • Stephen, Leslie (1902). "New Lights on Milton" . Studies of a Biographer. 4. London: Duckworth & Co. pp. 86–129.
  • Sullivan, Ceri. Literature in the Public Service: Divine Bureaucracy (2013).
  • Toland, John. Life of Milton in The Early Lives of Milton. Ed. Helen Darbishere. London: Constable, 1932.
  • von Maltzahn, Nicholas. "Milton's Readers" in The Cambridge Companion to Milton. ed. Dennis Richard Danielson, Cambridge: Cambridge University Press, 1999.
  • Watts, Isaac. "Miscellaneous Thoughts" No. lxxiii. Works 1810
  • Wedgwood, C. V. Thomas Wentworth, First Earl of Strafford 1593–1641. New York: Macmillan, 1961.
  • Wilson, A. N. The Life of John Milton. Oxford: Oxford University Press, 1983.

وصلات خارجية

Wikisource has original works written by or about:
جون ميلتون
اقرأ اقتباسات ذات علاقة بجون ميلتون، في فهم الاقتباس.
  • Many 17th century digital facsimiles of Milton's works by John Geraghty
  • " by Gilbert McInnis
  • Milton's cottage
  • أعمال من John Milton في مشروع گوتنبرگ
  • Famous quotations
  • Site dedicated to Milton
  • Books on Milton's life and works
  • Works by or about جون ميلتون in libraries (WorldCat catalog)
  • Open Milton – an open set of Milton's works, together with ancillary information and tools, in a form designed for reuse, launched on Milton's 400th Birthday by the Open Knowledge Foundation
  • Milton Reading Room – online, almost fully annotated, collection of all of Milton's poetry and selections of his prose
  • Milton-L Homepage – a scholarly website devoted to the life, literature and times of Milton. It hosts the webpage for the Milton Society of America, as well as the Milton listserv, an Internet discussion group for Milton.
  • John Milton index entry at Poets' Corner
  • Milton 400th Anniversary – lots of Milton material and details of the Milton 400th Anniversary Celebrations, from Christ's College, Cambridge, where Milton studied
  • Thomas Ellwood's Epitaph for John Milton
  • A common-place book of John Milton, and a Latin essay and Latin verses presumed to be by Milton. Cornell University Library Historical Monographs Collection. {Reprinted by Cornell University Library Digital Collections
  • "John Milton-poet or politician?" on BBC Radio 4's , featuring John Carey, Lisa Jardine, Blair Worden
  • Heroic Milton: Happy Birthday - Frank Kermode in The New York Review of Books
  • Audio: Robert Pinsky reads "Methought I Saw My Late Espoused Saint" by John Milton (via poemsoutloud.net)
  • Timeline of the Life and Works of Milton at The Online Library Of Liberty
  • (Jebb ed.) [1664]. See original text in The Online Library Of Liberty.
  • , edited after the Original Texts by the Rev. H.C. Beeching M.A. (Oxford: Clarendon Press, 1900). See original text in The Online Library Of Liberty.
  • : With a Biographical Introduction by Rufus Wilmot Griswold. In Two Volumes (Philadelphia: John W. Moore, 1847). See original text in The Online Library Of Liberty.
  • , edited with Introduction, Notes, and Glossary by Evert Mordecai Clark (New Haven: Yale University Press, 1915). See original text in The Online Library Of Liberty
  • Online exhibition at Christ's College celebrating the 400th anniversary of Milton's birth
  • , edited with Introduction and Notes by William Talbot Allison (New York: Henry Holt and Co., 1911). See original text in The Online Library Of Liberty.
  • Australian radio interview, Stephen Fallon and Nigel Smith on Milton at 400
  • Australian radio feature on John Milton at 400
  • and other John Milton's works in HTML format.

تاريخ النشر: 2020-06-04 15:02:06
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, صفحات تستخدم وسوم HTML غير صالحة, صفحات تستخدم جدول كاتب بمتغيرات غير معروفة, مواليد 1608, وفيات 1674, إنگليز من القرن 17, كتاب اللغة اللاتينية من القرن 17, خريجو جامعة كمبردج, مناهضة الكاثوليكية في إنگلترة, مكفوفون من إنگلترة, كتاب مكفوفون, جمهورية بريطانيون, Burials at St Giles-without-Cripplegate, فلاسفة مسيحيون, علماء لاهوت مسيحيون, كتاب مسيحيون, منشقون إنگليز, كتاب مقالات إنگليز, شعراء إنگليز, شعراء ملحميون, جون ميلتون, كتاب كلاسيكيون جدد, أشخاص درسوا في مكرسة سانت پول، لندن, أشخاص من مدينة لندن, شعراء اللاتينية ما بعد الإمپريالية, مؤلفو سونيتات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رسميا/ أولمبيك مارسيليا الفرنسي يعلن رحيل مدربه مارسيلينو وطاقمه

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-20 15:07:41
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

"تحولت من أحد أفراد الشرطة الإيرانية لأنضم للمتظاهرين"

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-20 15:08:18
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 92%

تونس: انتشار آلاف المهاجرين قرب صفاقس سعيا للعبور نحو إيطاليا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-20 15:08:28
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 90%

الهند تحذر رعاياها من السفر إلى كندا بعد جدال حول مقتل زعيم للسيخ

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-20 15:08:32
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

بطولة إسبانيا: بالدي يمدد عقده مع برشلونة حتى عام 2028

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-20 15:08:38
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 94%

انقطاع مفاجئ للكهرباء عن كامل المناطق في تونس لنحو ثلاث ساعات

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-20 15:08:23
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 99%

تحميل تطبيق المنصة العربية